المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب صلاة الجماعة) - الروض المربع بشرح زاد المستقنع - ط ركائز - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة صاحب زاد المستقنع

- ‌ اسمه:

- ‌ مولده ونشأته:

- ‌ فضائله وثناء العلماء عليه:

- ‌ مشايخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ وفاته:

- ‌ترجمة صاحب الروض المربع

- ‌ اسمه:

- ‌ صفاته وأخلاقه:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ وفاته:

- ‌توثيق اسم الكتاب

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌ نسخة المكتبة العباسية في البصرة:

- ‌ مجموع النسخ المعتمدة في هذه التحقيق ست نسخ، وهي كالتالي:

- ‌الأولى: النسخة المقروءة على المؤلف:

- ‌الثانية: نسخة الشيخ محمد بن إبراهيم بن سيف رحمه الله:

- ‌الثالثة: نسخة أحمد بن محمد اليونين البعلي رحمه الله:

- ‌الرابعة: نسخة الشيخ ابن سعدي رحمه الله:

- ‌الخامسة: نسخة الشيخ أبا الخيل رحمه الله:

- ‌السادسة: نسخة الشيخ ابن عايض رحمه الله:

- ‌منهج التحقيق والتخريج

- ‌نماذج من النسخ الخطية

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌(بَابُ الآنِيَةِ)

- ‌(بَابُ الاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ وسُنَنِ الوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ فُرُوضِ الوُضُوءِ وصِفَتِهِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الخُفَّيْنِ) وغيرِهما مِن الحوائلِ

- ‌(بَابُ نَواقِضِ الوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ الغُسْلِ)

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ) الحُكْمِيَّةِ

- ‌(بَابُ الحَيْضِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاة)

- ‌(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهُو)

- ‌(فَصْلٌ) في الكلامِ على السُّجودِ لنَقْصٍ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ التَّطوُّعِ)، وأوقاتِ النَّهي

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أحكامِ الإمامةِ

- ‌(فَصْلٌ) في موقفِ الإمامِ والمأمومين

- ‌(فَصْلٌ) في أحكامِ الاقتداءِ

- ‌(فَصْلٌ) في الأعذارِ المسقطةِ للجمعةِ والجماعةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)في قصر المسافر الصلاة

- ‌(فَصْلٌ)في الجمعِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الجُمُعَةِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ صَلَاةُ العِيدَيْنِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الكُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ) في الكفن

- ‌(فَصْلٌ) في الصلاة على الميت

- ‌(فَصْلٌ) في حملِ الميِّتِ ودفنِه

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)

- ‌(فَصْلٌ) في زكاةِ البَقَرِ

- ‌(فَصْلٌ) في زكاةِ الغَنمِ

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الحُبُوبِ وَالثِّمَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقدَينِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ العُرُوضِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الفِطْرِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ أَهْلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

الفصل: ‌(باب صلاة الجماعة)

(بَابُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

شُرِعَت لأجلِ التواصُلِ والتوادُدِ، وعدمِ التقاطعِ.

(تَلْزَمُ الرِّجَالَ)، الأحرارَ، القادرين، ولو سفَراً في شدةِ خوفٍ، (لِلصَّلَوَاتِ الخَمْسِ) المؤداةِ وجوبَ عينٍ؛ لقولِه تعالى:(وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) الآيةَ [النساء: 102]، فأمر بالجماعةِ حالَ الخوفِ ففي غيرِه أَوْلى، ولحديثِ أبي هريرةَ المتفقِ عليه:«أَثْقَلُ صَلَاةٍ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ والفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» (1).

(لا شَرْطٌ)، أي: ليست الجماعةُ شرطاً لصحَّةِ الصَّلاةِ، فتصحُّ صلاةُ المنفرِدِ بلا عذرٍ، وفي صلاتِه فضلٌ.

وصلاةُ الجماعةِ أفضلُ بسبعٍ وعشرين درجةً؛ لحديثِ ابنِ عمرَ المتفقِ عليه (2).

(1) رواه البخاري (657)، ومسلم (651).

(2)

رواه البخاري (645)، ومسلم (650)، ولفظ البخاري:«صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» .

ص: 333

وتَنعقدُ باثنين، ولو بأنثى وعبدٍ، في غيرِ جمعةٍ وعيدٍ، لا بصبي في فرضٍ.

(وَلَهُ فِعْلُهَا)، أي: الجماعةِ (فِي بَيْتِهِ)؛ لعمومِ حديثِ: «جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً» (1)، وفعلُها في المسجدِ هو السُّنةُ.

وتُسنُّ لنساءٍ (2) منفرداتٍ، ويُكره لحسناءَ حضورُها مع رجالٍ، ويُباحُ لغيرِها، ومجالسُ الوعظِ كذلك وأَوْلَى.

(وَتُسْتَحَبُّ صَلَاةُ أَهْلِ الثَّغْرِ)، أي: موضِعِ المخافةِ (فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ)؛ لأنَّه أعلى للكلمةِ، وأوقعُ للهيبةِ.

(وَالأَفْضَلُ لِغَيْرِهِمْ)، أي: غيرِ أهلِ الثَّغرِ الصَّلاةِ (فِي المَسْجِدِ الَّذِي لَا تُقَامُ فِيهِ الجَمَاعةُ إِلَّا بِحُضُورِهِ)؛ لأنَّه يحصلُ بذلك ثوابُ عمارةِ المسجدِ، وتحصيلُ الجماعةُ لمن يصلِّي فيه، (ثُمَّ مَا كَانَ أَكْثَرَ جَمَاعَةً)، ذَكَره في الكافي والمقنعِ وغيرِهما (3)، وفي الشَّرحِ:(أنَّه الأَوْلى)(4)؛ لحديثِ أُبي بنِ كعبٍ: «وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلى اللهِ» رواه أحمدُ، وأبو داودَ، وصحَّحه ابنُ حبانٍ (5)، (ثُمَّ

(1) رواه البخاري (335)، ومسلم (521)، من حديث جابر.

(2)

في (أ): للنساء.

(3)

الكافي (1/ 287)، والمقنع (ص 60)، والمغني (2/ 132).

(4)

الشرح الكبير (2/ 5).

(5)

رواه أحمد (21265)، وأبو داود (554)، وابن حبان (2056)، من طريق عبد الله بن أبي بصير عن أبي بن كعب مرفوعاً، وصححه ابن المديني، وابن السكن، والعقيلي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن الملقن، وحسّنه الألباني. ينظر: البدر المنير 4/ 385، التلخيص الحبير 2/ 64، صحيح أبي داود 3/ 74.

ص: 334

المَسْجِدُ العَتِيْقُ)؛ لأنَّ الطاعةَ فيه أسبقُ، قال في المبدعِ:(والمذهبُ: أنَّه مُقدمٌ على الأكثرِ جماعةً)(1)، وقال في الإنصافِ:(الصحيحُ مِن المذهبِ: أنَّ المسجد العتيق أفضل من الأكثر جماعة)(2)، وجَزَم به في الإقناعِ والمنتهى (3).

(وَأَبْعَدُ) المسجدين (أَوْلَى مِنْ أَقْرَبِـ) ـهما إذا كانَا حديثين (4) أو قديمين، اختلفَا في كثرةِ الجمعِ وقِلَّتِه أو استويَا؛ لقولِه عليه السلام:«أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْراً فِي الصَّلَاةِ؛ أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشى» رواه الشيخان (5).

وتُقدَّمُ الجماعةُ مطلقاً على أوَّلِ الوقتِ.

(ويَحْرُمُ أَنْ يَؤُمَّ فِي مَسْجِدٍ قَبْلَ إِمَامِهِ الرَّاتِبِ إِلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ عُذْرِهِ)؛ لأنَّ الراتِبَ كصاحبِ البيتِ، وهو أحقُّ بها؛ لقولِه عليه السلام:«لَا يُؤَمَّنَّ الرَجُلُ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» (6)، ولأنَّه يُؤدي إلى التَّنْفيرِ عنه، ومع الإذْنِ

(1)(2/ 51).

(2)

(2/ 215).

(3)

الإقناع (1/ 246)، منتهى الإرادات (1/ 75).

(4)

في (أ) و (ب) و (ق): جديدين.

(5)

رواه البخاري (651)، ومسلم (662)، من حديث أبي موسى الأشعري.

(6)

رواه مسلم (673)، من حديث أبي مسعود الأنصاري.

ص: 335

هو نائِبٌ عنه، قال في التَّنقيحِ:(وظاهرُ كلامِهم: لا تصحُّ)، وجزم به في المنتهى (1)، وقدَّم في الرِّعايةِ:(تصحُّ)(2)، وجزم به ابنُ عبدِ القوي في الجنائزِ.

وأمَّا مع عُذْرِه، فإنْ تأَخَّر وضاق الوقتُ صلَّوا؛ لفعلِ الصِّدِّيقِ (3)، وعبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ حينَ غاب صلى الله عليه وسلم، فقال:«أَحْسَنْتُمْ» (4).

ويراسَلُ إن غاب عن وقتِه المعتادِ مع قربِ محلِّه وعدمِ مشقَّةٍ.

وإن بَعُدَ محلُّه، أو لم يُظَنَّ حضورُه، أو ظُنَّ ولا يَكره ذلك؛ صلَّوا.

(وَمَنْ صَلَّى) ولو في جماعةٍ (ثُمَّ أُقِيمَ)، أي: أقامَ المؤذِّنُ لـ (فَرْضٍ؛ سُنَّ أَنْ يُعِيدَهَا) إذا كان في المسجدِ، أو جاء غيرَ وقتِ نهيٍ ولم يَقصِدْ الإعادةَ، ولا فَرَق بين إعادتِها مع إمامِ الحي أو غيرِه؛ لحديثِ أبي ذرٍ:«صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أُقِيمَتْ وَأَنْتَ فِي المَسْجِدِ فَصَلِّ، وَلَا تَقُلْ: إِنِّي صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي» رواه أحمدُ، ومسلمٌ (5).

(1)(1/ 75).

(2)

الإنصاف (2/ 217).

(3)

رواه البخاري (684)، ومسلم (421)، من حديث سهل بن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي للناس فأقيم؟ قال: «نعم» ، فصلى أبو بكر.

(4)

رواه مسلم (274)، من حديث المغيرة بن شعبة، وهو حديث طويل.

(5)

رواه أحمد (21478)، ومسلم (648).

ص: 336

(إِلَّا المَغْرِبَ)، فلا تُسنُّ (1) إعادتُها ولو كان صلَّاها وحدَه؛ لأنَّ المعادةَ تطوُّعٌ، والتَّطوعُ لا يكونُ بوترٍ.

ولا تُكره إعادةُ الجماعةِ في مسجدٍ له إمامٌ راتبٌ؛ كغيرِه.

وكُرِه قصدُ مسجدٍ للإعادةِ.

(وَلَا تُكْرَهُ إِعَادَةُ جَمَاعَةٍ (2) فِي غَيْرِ مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالمَدِينَة)، ولا فيهما لعذرٍ، وتُكره فيهما لغيرِ عذرٍ؛ لئلا يَتوانَى الناسُ في حضورِ الجماعةِ مع الإمامِ الراتِبِ.

(وَإِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا المَكْتُوبَةَ)، رواه مسلمٌ مِن حديثِ أبي هريرةَ مرفوعاً (3)، وكان عمرُ يَضرِبُ على صلاةٍ بعدَ الإقامةِ (4)، فلا تَنعقِدُ النَّافلةُ بعدَ إقامةِ الفريضةِ التي يُريدُ أنْ يفعلَها مع ذلك الإمامِ الذي أُقيمت له.

ويصحُّ قضاءُ الفائتةِ، بل يجبُ (5) مع سعةِ الوقتِ، ولا يَسقُطُ التَّرتيبُ بخشيةِ فوتِ الجماعةِ.

(1) في (ق): يسن.

(2)

في (أ) و (ب): الجماعة.

(3)

رواه مسلم (710)، ولفظه:«إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» .

(4)

رواه عبد الرزاق (3988)، عن طريق الحسن بن مسافر، عن سويد بن غفلة قال:«كان عمر بن الخطاب يضرب على الصلاة بعد الإقامة» ، والحسن هذا لم نجد له ترجمة.

(5)

في (ق): تجب.

ص: 337

(فَإِنْ) أقيمت و (كَانَ) يصلِّي (فِي نَافِلَةٍ؛ أَتَمَّهَا) خفيفةً، (إِلَّا أَنْ يَخْشَى فَوَاتَ الجَمَاعَةِ فَيَقْطَعَهَا)؛ لأنَّ الفرضَ أهمُّ.

(وَمَن كَبَّرَ) مأموماً (قَبْلَ سَلَامِ إِمَامِهِ) الأُولَى؛ (لَحِقَ الجَمَاعَةَ)؛ لأنَّه أَدْرك جزءاً مِن صلاةِ الإمامِ، فأشبه ما لو أدرك ركعةً.

(وَإِنْ لَحِقَهُ) المسبوقُ (رَاكِعاً دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ)؛ لقولِه عليه السلام: «مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ» رواه أبو داودَ (1)، فيُدرِكُ الرَّكعةَ إذا اجتمع مع الإمامِ في الرُّكوعِ، بحيثُ يَنتهي إلى

(1) لم نجده بهذا اللفظ في سنن أبي داود ولا في شيء من كتب الحديث، والذي في سنن أبي داود (1121)، من طريق مالك وغيره عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، إنما ورد بلفظ:«من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة» ، ورواه مسلم بهذا اللفظ (607).

ولعل المؤلف أراد المعنى، فقد جاء عند الدارقطني (1313)، والعقيلي (4/ 398)، والبيهقي (2575)، من طريق يحيى بن حميد، عن قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب بالإسناد السابق، بلفظ:«من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه» ، قال العقيلي:(ولم يذكر أحد منهم هذا اللفظ: «قبل أن يقيم الإمام صلبه»، ولعل هذا من كلام الزهري فأدخله يحيى بن حميد في الحديث ولم يبينه)، ويحيى هذا قال فيه البخاري:(يحيى بن حميد عن قرة، لا يتابع).

والحديث له شاهد عند البيهقي: (2576)، عن رجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسنده قوي لولا هذا الرجل المبهم، وهو إسناد صالح للاستشهاد، وقد جاء ذلك عن عدد من الصحابة: كابن مسعود عند البيهقي (2578)، بلفظ:«من لم يدرك الإمام راكعاً لم يدرك تلك الركعة» ، وابن عمر عند البيهقي أيضاً (2580)، وزيد بن ثابت عند الطحاوي (2326)، وأسانيدها صحاح.

ص: 338

قَدْرِ الإجزاءِ قبلَ أن يزولَ الإمامُ عنه، ويأتي بالتكبيرةِ كلِّها قائماً كما تقدَّم ولو لم يَطمئنَّ، ثم يَطمئنُّ ويُتابِعُ.

(وَأَجْزَأَتْهُ التَّحْرِيمَةُ) عن تكبيرةِ الركوعِ، والأفضلُ أن يأتيَ بتكبيرتين، فإن نواهما بتكبيرةٍ، أو نوى به الركوعَ؛ لم يُجْزِئه؛ لأنَّ تكبيرةَ الإحرامِ ركنٌ ولم يأتِ بها.

ويُستحبُّ دخولُه معه حيثُ أدْرَكَه، وينحَطُّ معه في غيرِ ركوعٍ بلا تكبيرٍ.

ويقومُ مسبوقٌ به، وإن قام قبلَ سلامِ الثانيةِ ولم يَرجِعْ؛ انقلبت نفلاً.

(وَلَا قِرَاءَةَ عَلَى مَأْمُومٍ)، أي: يَتحمَّلُ الإمامُ عنه قراءةَ الفاتحةِ؛ لقولِه عليه السلام: «مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَةٌ» رواه أحمدُ (1).

(1) رواه أحمد (14643)، وابن ماجه (850)، من حديث جابر مرفوعاً، وضعف المرفوع: الدارقطني، والبيهقي، والنووي، وابن القيم، قال البيهقي:(الصحيح عن جابر من قوله غير مرفوع)، وكذا قال الدارقطني، وابن القيم.

وللحديث شواهد كلها معلولة كما قال ابن حجر والألباني، وقد خرَّجها البيهقي في كتابه (القراءة خلف الإمام)، وأعلَّها كلها، كحديث ابن عمر، وابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عباس، وأبي الدرداء، وعلي، ومرسل الشعبي.

وحسَّن الألباني الحديثَ مرفوعاً بمرسل عبد الله بن شداد عند الدارقطني (1237)، وهو مرسل صحيح الإسناد، وجعل بعض طرق الأحاديث المذكورة شاهدة لمرسل ابن شداد.

قال شيخ الإسلام: (وهذا الحديث روي مرسلاً ومسنداً، لكن أكثر الأئمة الثقات رووه مرسلاً عن عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأسنده بعضهم، ورواه ابن ماجه مسنداً، وهذا المرسل قد عضده ظاهر القرآن والسنة، وقال به جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومرسِله من أكابر التابعين، ومثل هذا المرسل يحتج به باتفاق الأئمة الأربعة).

وقال أبو موسى الرازي الحافظ عن الحديث المروي فيما نقله عنه الحاكم: (لم يصح فيه عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، إنما اعتمد مشايخنا فيه الروايات عن علي، وعبد الله بن مسعود، والصحابة). ينظر: معرفة السنن والآثار 3/ 79، الفتاوى الكبرى 2/ 289، نصب الراية 2/ 6، إرواء الغليل 2/ 268.

ص: 339

(وَيُسْتَحَبُّ) للمأمومِ أن يقرأَ (فِي إِسْرَارِ إِمَامِهِ)، أي: فيما لا يَجهرُ فيه الإمامُ، (وَ) في (سُكُوتِهِ)، أي: سكتاتِ الإمامِ، وهي: قبلَ الفاتحةِ، وبعدَها بقدرِها، وبعدَ فراغِ القراءةِ، وكذا لو سَكَت لتنفسٍ، (وَ) فيما (إِذَا لَمْ يَسْمَعْهُ لِبُعْدٍ) عنه، (لا) إذا لم يَسمعْه (لِطَرَشٍ)، فلا يَقرأُ إن أشغلَ غيرَه عن الاستماعِ، وإن لم يَشغَلْ أحداً قرأ.

(وَيَسْتَفْتِحُ) المأمومُ (وَيَتَعَوَّذُ (1) فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ إِمَامُهُ)؛ كالسرِّيةِ، قال في الشَّرحِ وغيرِه: ما لم يَسمعْ قراءةَ إمامِه (2).

وما أدرك المسبوقُ مع الإمامِ فهو آخِرَ صلاتِه، وما يقضيه أولها، يَستفتحُ له (3) ويتعوذُ ويقرأُ سورةً، لكن لو أدرك ركعةً من

(1) في (أ) و (ب): ويستعيذ.

(2)

الشرح الكبير (2/ 13)، والمغني (1/ 405)، والمحرر (1/ 60)، والمبدع (2/ 61).

(3)

في ح (له) مكررة.

ص: 340

رباعيةٍ أو مغربٍ تشهَّدَ عقِب أخرى، ويَتَوَرَّكُ معه.

(وَمَنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ) أو رَفَع منهما (قَبْلَ إِمَامِهِ؛ فَعَلَيهِ أَنْ يَرْفَعَ)، أي: يرجعَ (لِيَأْتِي بِهِ)، أي: بما سَبَق به الإمامَ (بَعْدَهُ)؛ لتحصُلَ المتابعةُ الواجبةُ، ويحرمُ سبْقُ الإمامِ عمداً؛ لقولِه عليه السلام:«أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ» متفقٌ عليه (1).

والأَوْلَى أن يَشْرَعَ في أفعالِ الصَّلاةِ بعدَ الإمامِ.

وإنْ كبَّر معه لإحرامٍ لم تَنعقِدْ.

وإن سلَّم معه كُرِه وصحَّت، وقبلَه عمداً بلا عذرٍ (2) بَطَلت، وسهواً يُعيدُه بعدَه، وإلا بَطَلت.

(فإِنْ لَمْ يَفْعَلْ)، أي: لم يَعُدْ (عَمْداً) حتى لحِقَه الإمامُ فيه؛ (بَطَلَتْ) صلاتُه؛ لأنَّه تَرَك الواجبَ عمداً، وإن كان سهواً أو جهلاً فصلاتُه صحيحةٌ، ويَعْتَدُّ به.

(وَإِنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِ إِمَامِهِ عَالِماً عَمْداً؛ بَطَلَتْ) صلاتُه؛ لأنَّه سَبَقَه بمعظمِ الرَّكعةِ، (وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً أَوْ نَاسِياً) وجوبَ المتابعةِ؛ (بَطَلَتِ الرَّكْعَةُ) التي وَقَع السَّبْقُ فيها (فَقَطْ)، فيعيدُها،

(1) رواه البخاري (691)، ومسلم (427)، من حديث أبي هريرة.

(2)

ساقطة من (ب).

ص: 341

وتصحُّ صلاتُه للعذرِ.

(وَإِنْ) سبقه مأمومٌ بركنين، بأن (رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِهِ، ثُمَّ سَجَدَ قَبْلَ رَفْعِهِ)، أي: رَفْعِ إمامِه مِن الرُّكوعِ؛ (بَطَلَتْ) صلاتُه؛ لأنَّه لم يَقْتَدِ بإمامِه في أكثرِ الرَّكعةِ، (إِلَّا الجَاهِلَ وَالنَّاسِيَ)، فتصحُّ صلاتُهما؛ للعذرِ، (وَيُصَلِّي) الجاهلُ والناسي (1)(تِلْكَ الرَّكْعَةَ قَضَاءً) لبطلانِها؛ لأنَّه لم يَقْتَدِ بإمامِه فيها، ومحلُّه إذا لم يأتِ بذلك مع إمامِه.

ولا تبطلُ بسبقٍ بركنٍ واحدٍ غيرِ ركوعٍ.

والتَّخلُّفُ عنه كسبقِه على ما تقدَّم.

(وَيُسَنُّ لإِمَامٍ التَّخْفِيفُ مَعَ الإِتْمَامِ)؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ» (2)، قال في المبدعِ (3):(ومعناه: أنْ يَقتصِرَ على أدنى الكمالِ مِن التَّسبيحِ وسائرِ أجزاءِ الصَّلاةِ، إلا أن يُؤثِرَ المأمومُ التطويلَ وعددُهم يَنحصِرُ، وهو عامٌّ في كلِّ الصلواتِ، مع أنَّه سَبَقَ أنَّه يُستحبُّ أن يَقرأَ في الفجرِ بطِوالِ المفصَّلِ، وتُكره سرعةٌ تَمنعُ المأمومَ فِعلَ ما يُسنُّ).

(وَ) يُسنُّ (تَطْوِيلُ الرَّكْعَةِ الأُولَى أَكْثَرَ مِنَ الثَّانِيَةِ)؛ لقولِ أبي

(1) في (أ): أو الناسي.

(2)

رواه البخاري (703)، ومسلم (467)، من حديث أبي هريرة.

(3)

(2/ 65).

ص: 342

قتادةَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى» متفقٌ عليه (1)، إلا في صلاةِ خوفٍ في الوجهِ الثاني، وبيسيرٍ كسَبِّح والغاشيةِ.

(وَيُسْتَحَبُّ) للإمامِ (انْتِظَارُ دَاخِلٍ إِنْ (2) لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأْمُومٍ)؛ لأنَّ حُرمةَ الذي معه أعظمُ مِن حُرمةِ الذي لم يَدخُلْ معه.

(وَإِذَا اسْتَأْذَنَتِ المَرْأَةُ) الحرُّةُ أو الأَمَةُ (إِلَى المَسْجِدِ؛ كُرِهَ مَنْعُهَا)؛ لقولِه عليه السلام: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ» رواه أحمدُ، وأبو داودَ (3)، وتخرجُ غيرَ مطيبةٍ، ولَا لابسَةٍ ثيابَ زينةٍ، (وَبَيْتُهَا خَيْرٌ لَهَا)؛ لما تقدَّم.

ولأبٍ، ثم أخٍ ونحوِه مَنْعُ مَوْلِيَّتِهِ مِن الخروجِ إنْ خَشِيَ فِتْنَةً أو ضرراً، ومِن الانفرادِ.

(1) رواه البخاري (779)، ومسلم (451).

(2)

في (ب): ما.

(3)

رواه أحمد (6318)، وأبو داود (565)، من حديث ابن عمر بلفظ:«لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن» ، وصححه ابن خزيمة، والحاكم، والذهبي، والنووي، والعراقي، والألباني.

ورواه أحمد (9645)، وأبو داود (567)، من حديث أبي هريرة بلفظ:«لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات» ، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والنووي، وابن الملقن، والألباني.

وصَدْر الحديث رواه البخاري (900)، ومسلم (442)، من حديث ابن عمر.

ص: 343