الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ)
وهم: المريضُ، والمسافرُ، والخائفُ.
(تَلْزَمُ المَرِيضَ الصَّلَاةُ) المكتوبةُ (قَائِماً)، ولو كراكعٍ، أو معتمداً، أو مستنداً إلى شيءٍ.
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) بأن عَجَز عن القيامِ، أو شقَّ عليه لضررٍ، أو زيادةِ مرضٍ؛ (فَقَاعِداً)، متربِّعاً ندباً، ويَثني رجليْه في ركوعٍ وسجودٍ.
(فَإِنْ عَجَزَ (1)، أو شقَّ عليه القعودُ كما تقدَّم؛ (فَعَلَى جَنْبِهِ)، والأيمنُ أفضلُ.
(فَإِنْ صَلَّى مُسْتَلْقِياً وَرِجْلَاهُ إِلَى القِبْلَةِ؛ صَحَّ)، وكُره مع قدرةٍ (2) على جنَبْهِ، وإلا تعيَّن.
(وَيُومِئُ رَاكِعاً وَسَاجِداً) ما أمكنه، (وَيَخْفِضُهُ)، أي: السُّجودَ (عَنْ الرُّكُوعِ)؛ لحديثِ عليٍّ مرفوعاً: «يُصَلِّي المَرِيضُ قَائِماً، فَإِنْ
(1) قال في المطلع (ص 130): (عَجَزَ: بفتح الجيم، هو المشهور في اللغة، والأفصح، وهو الذي حكاه ثعلب وغيره، يعجِز -بكسرها-، وحُكي عن الأصمعي: عجِز -بكسر الجيم-، يعجَز -بفتحها-).
(2)
في (أ) و (ب): قدرته.
لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى قَاعِداً، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ أَوْمَأَ وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِداً صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى مُسْتَلْقِياً، رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي القِبْلَةَ» رواه الدارقطني (1).
(فَإِنْ عَجَزَ) عن الإيماءِ (أَوْمَأَ بِعَيْنِهِ)؛ لقولِه عليه السلام: «فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْمَأَ بِطَرْفِهِ (2)» رواه زكريا الساجي بسندِه عن الحسينِ بنِ علي بنِ أبي طالبٍ (3)، ويَنوي الفعلَ عندَ إيمائه له، والقولُ كالفعلِ يَستحضِرُه بقلبِه إنْ عَجَز عنه بلفظِه، وكذا أسيرٌ خائفٌ.
ولا تَسقطُ الصَّلاةُ ما دام العقلُ ثابتاً.
ولا يَنقصُ أجرُ المريضِ إذا صلَّى - ولو بالإيماءِ - عن أجرِ الصَّحيحِ المصلِّي قائماً.
ولا بأس بالسُّجودِ على وِسَادةٍ ونحوِها،
(1) رواه الدارقطني (1706)، والبيهقي (3678)، وضعفه الأشبيلي، وابن القطان، والنووي، وابن الملقن، والألباني، وقال الذهبي:(وهو حديث منكر)، قال ابن حجر:(وفي إسناده حسين بن زيد، ضعفه ابن المديني، والحسن بن الحسين العرني وهو متروك). ينظر: بيان الوهم 3/ 157، خلاصة الأحكام 1/ 341، البدر المنير 3/ 524، التلخيص الحبير 1/ 554، إرواء الغليل 2/ 344.
(2)
الطَرْف: بفتح الطاء، وسكون الراء، أي: العين. ينظر: المطلع ص 130.
(3)
لم نجده بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث والتخريج، ويظهر من صنيع ابن الجوزي أنه من ألفاظ الحديث السابق عن علي، وهو ظاهر صنيع ابن الملقن.
وإن رُفِعَ له شيءٌ عن الأرضِ فَسَجَد عليه ما أمكنَه؛ صحَّ وكُره.
(فَإِنْ قَدَرَ (1) المريضُ في أثناءِ الصَّلاةِ على قيامِ، (أَوْ عَجَزَ) عنه (فِي أَثْنَائِهَا؛ انْتَقَلَ إِلَى الآخَرِ)، فيَنتقلُ إلى القيامِ مَن قَدِر عليه، وإلى الجلوسِ مَن عَجَز عن القيامِ، ويَركعُ بلا قراءةٍ مَن كان قرأ، وإلا قرأ.
وتُجزئُ الفاتحةُ مَن عَجَز فأتمَّها في انحطاطِه، لا مَن صحَّ فأتمَّها في ارتفاعِه.
(وَإِنْ قَدَرَ عَلَى قِيَامٍ وَقُعُودٍ دُونَ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ؛ أَوْمَأَ بِرُكُوعٍ قَائِماً)؛ لأنَّ الراكِعَ كالقائمِ في نَصْبِ رجليه، (و) أومأ (بِسُجُودٍ قَاعِداً)؛ لأنَّ الساجِدَ كالجالسِ في جَمْعِ رجليه.
ومَن قَدَر أن يَحنِيَ رقبتَه دونَ ظهرِه حناها، وإذا سَجَد قَرَّب وجهَه من الأرضِ ما أمكنه.
ومَن قَدَر أن يقومَ مُنفرداً ويجلِسَ في جماعةٍ؛ خُيِّر.
(وَلِمَرِيضٍ الصَّلَاةُ مُسْتَلْقِياً مَعَ القُدْرَةِ عَلَى القِيَامِ لِمُدَاوَاةٍ بِقَوْلِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ) ثقةٍ، وله الفطرُ بقولِه: إن الصومَ مما يُمَكِّنُ العلةَ (2).
(1) قَدَرَ: بفتح الدال، وبكسرها لغة فيه. ينظر: المطلع ص 130.
(2)
زاد في (أ) و (ب) و (ق) من متن الزاد: (ولا تصح صلاته قاعداً في السفينة وهو قادر على القيام).
(وَيَصِحُّ الفَرْضُ عَلَى الرَّاحِلَةِ) واقفةً أو سائرةً (خَشْيَةَ التَّأَذِّي) بِوَحَلٍ، أو مطرٍ ونحوِه؛ لقولِ يعلى بنِ أميةَ:«انْتَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَضِيقٍ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَالبِلَّةُ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَمَرَ المُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهِمْ - يعني: إيماءً- يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ» رواه أحمدُ، والترمذي، وقال:(العملُ عليه عندَ أهلِ العلمِ)(1).
وكذا إنْ خاف انقطاعاً عن رُفْقةٍ (2) بنزولِه، أو على نفسِه، أو عَجْزاً (3) عن ركوبٍ إن نزل، وعليه الاستقبالُ وما يَقدِرُ عليه.
(1) رواه أحمد (17573)، والترمذي (411)، من طريق عمرو بن عثمان بن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده. صحح إسناده عبد الحق الإشبيلي، وجود إسناده النووي.
وضعفه الترمذي، والبيهقي، وابن العربي، وابن القطان، والألباني، وعلَّته: جهالة عمرو بن عثمان وأبيه، قال ابن القطان:(وعمرو بن عثمان، لا تعرف حاله، وكذلك أبوه عثمان).
قال الترمذي: (روي عن أنس بن مالك: أنه صلى في ماء وطين على دابته، والعمل على هذا عند أهل العلم)، رواه ابن أبي شيبة (4965)، والطبراني (680)، عن أنس بن سيرين، قال: أقبلنا مع أنس من الكوفة، حتى إذا كنا بأَطَط أصبحنا والأرض طين وماء، فصلى المكتوبة على دابته، ثم قال:«ما صليت المكتوبة قط على دابتي قبل اليوم» وإسناده صحيح. ينظر: بيان الوهم 4/ 179، خلاصة الأحكام 1/ 289، التلخيص الحبير 1/ 522، إرواء الغليل 2/ 347.
(2)
في (ب) و (ق): رفقته.
(3)
في (ق): عجز.