الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ سُجُودِ السَّهُو)
قال صاحبُ المشارِقِ (1): (السَّهوُ في الصَّلاةِ: النسيانُ فيها).
(يُشْرَعُ)، أي: يجبُ تارةً ويُسنُّ أُخرى على ما يأتي تفصيلُه، (لِزِيَادَةٍ) سهواً، (وَنَقْصٍ) سهواً، (وَشَكٍّ) في الجملةِ، (لَا فِي عَمْدٍ)؛ لقولِه عليه السلام:«إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ» (2)، فعلَّق السجودَ على السَّهوِ.
(فِي) صلاةِ (الفَرْضِ، وَالنَّافِلَةِ) متعلقٌ بـ (يُشْرَعُ)، سِوى صلاةِ جنازةٍ، وسجودِ تلاوةٍ، وشكرٍ، وسهوٍ.
(فَمَتَى زَادَ فِعْلاً مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ: قِيَاماً) في محلِّ قعودٍ، (أَوْ قُعُوداً) في محلِّ قيامٍ، ولو قلَّ كجلسةِ الاستراحةِ، (أَوْ رُكُوعاً، أَوْ سُجُوداً عَمْداً؛ بَطَلَتْ) صلاتُه إجماعاً، قاله في الشرحِ (3)، (وَ) إن فَعَله (سَهْواً يَسْجُدُ لَهُ)؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم في حديثِ ابنِ مسعودٍ: «فَإِذَا زَادَ
(1) مشارق الأنوار، للقاضي عياض (2/ 229).
(2)
رواه ابن خزيمة (1055)، من حديث ابن مسعود، ورواه مسلم (572)، بلفظ:«فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين» ، وروى البخاري (1222)، ومسلم (389) من حديث أبي هريرة بلفظ:«فإذا وجد ذلك أحدكم، فليسجد سجدتين وهو جالس» .
(3)
الشرح الكبير (1/ 665).
الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» رواه مسلم (1).
ولو نوى القَصْرَ فأتمَّ سهواً، ففرضُه الركعتان، ويَسجدُ للسَّهوِ استحباباً.
وإنْ قام فيها، أو سَجَد إكراماً لإنسانٍ؛ بطلت.
(وَإِنْ زَادَ رَكْعَةً)؛ كخامسةٍ في رباعيةٍ، أو رابعةٍ في مغربٍ، أو ثالثةٍ في فجرٍ، (فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا؛ سَجَدَ)؛ لما روى ابنُ مسعودٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى خَمْساً، فَلَمَّا انْفَتَلَ قَالُوا: إِنَّكَ صَلَّيْتَ خَمْساً، فَانْفَتَلَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ» متفقٌ عليه (2).
(وَإِنْ عَلِمَ) بالزيادةِ (فِيهَا)، أي: في الرَّكعةِ (جَلَسَ فِي الحَالِ) بغيرِ تكبيرٍ؛ لأنَّه لو لم يجلِسْ لزاد في الصَّلاةِ عمداً، وذلك يُبطلُها، (فَيَتَشَهَّدَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ)؛ لأنَّه ركنٌ لم يأتِ به، (وَسَجَدَ) للسَّهوِ (وَسَلَّمَ)؛ لتكملَ صلاتَه، وإن كان قد تشهَّدَ سَجَد للسَّهوِ وسلَّم، وإن كان تشهَّدَ ولم يُصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، صلَّى عليه ثم سَجَد للسَّهوِ، ثم سلَّم.
وإنْ قام إلى ثالثةٍ نهاراً، وقد نوى ركعتين نفلاً؛ رَجَع إن شاء وسَجَد للسَّهوِ، وله أن يُتمَّها أربعاً، ولا يسجدُ، وهو أفضلُ.
(1) رواه مسلم (572).
(2)
رواه البخاري (404)، ومسلم (572).
وإنْ كان ليلاً فكما لو قام إلى ثالثةٍ في الفجرِ، نصَّ عليه (1)؛ لأنَّها صلاةٌ شُرِعت ركعتين أشبهت الفجرَ.
(وَإِنْ سَبَّحَ بِهِ ثِقَتَانِ)، أي: نبَّهاه بتسبيحٍ أو غيرِه، ويَلزمُهم تنبيهُهُ؛ لَزِمه الرجوعُ إليهما، سواءٌ سبَّحَا به إلى زيادةٍ أو نقصانٍ، وسواءٌ غَلَب على ظنِّه صوابُهما أو خطؤهما، والمرأةُ كالرَّجلِ.
(فَـ) إن (أَصَرَّ) على عدمِ الرُّجوعِ، (وَلَمْ يَجْزِمْ بِصَوَابِ نَفْسِهِ؛ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ)؛ لأنَّه تَرَك الواجبَ عمداً.
وإن جَزَم بصوابِ نفسِه لم يَلزمْه الرُّجوعُ إليهما؛ لأنَّ قولَهما إنّما يُفيدُ الظَّنَّ، واليقينُ مقدَّمٌ عليه.
وإن اختلف عليه مَن يُنبَّهُه سَقَط قولُهم.
ويَرجعُ مُنفردٌ إلى ثقتين.
(وَ) بطلت (صَلَاةُ مَنْ تَبِعَهُ)، أي: تَبِعَ إماماً أبى أن يَرجِعَ حيثُ يَلزمُه الرُّجوعُ، (عَالِماً، لَا) مَن تَبِعَه (جَاهِلاً أَوْ نَاسِياً)؛ للعذرِ (2)، ولا مَن فارقَه؛ لجوازِ المفارقةِ للعذرِ، ويسلِّمُ لنفسِه.
(1) قال عبد الله بن الإمام أحمد: سألت أبي عن رجل صلَّى من الليل فنهض في الركعة الثانية وذكر بعد نهوضه، فقال:(يجلس متى ما ذكر ويسجد سجدتين قبل أن يسلم). ينظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 87.
(2)
في (ق): لعذر.
ولا يعتَدُّ مسبوقٌ بالركعةِ الزائدةِ إذا (1) تابَعَه فيها جاهِلاً.
(وَعَمَلٌ) في الصَّلاةِ متوالٍ، (مُسْتَكْثَرٌ عَادَةً، مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ)؛ كالمشي، واللُّبْسِ، ولفِّ العمامةِ؛ (يُبْطِلُهَا عَمْدُهُ، وَسَهْوُهُ)، وجهلُه، إن لم تَكُن (2) ضرورةٌ، وتقدَّم (3).
(وَلَا يُشْرَعُ لِيَسِيرِهِ)، أي: يسيرِ عملٍ من غيرِ جنسِها؛ (سُجُودٌ)، ولو سهواً.
ويُكره العملُ اليسيرُ مِن غيرِ جنسِها فيها.
ولا تَبطلُ بعملِ قلبٍ، وإطالةِ نظرٍ إلى شيءٍ، وتقدَّم (4).
(وَلَا تَبْطُلُ) الصَّلاةُ (بِيَسِيرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، سَهْواً) أو جهلاً؛ لعمومِ: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنِ الخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ» (5).
(1) في (ق): إذ.
(2)
في (ب): يكن.
(3)
انظر صفحة .....
(4)
قوله: (وتقدم) سقطت من (ب). وقوله (وتقدم) انظر صفحة .....
(5)
لم نجده بهذا اللفظ، قال ابن حجر:(تكرر هذا الحديث في كتب الفقهاء والأصوليين بلفظ: (رفع عن أمتي)، ولم نره بها في الأحاديث المتقدمة عند جميع من أخرجه، نعم رواه ابن عدي في الكامل عن الحسن عن أبي بكرة رفعه:«رفع الله عن هذه الأمة ثلاثاً: الخطأ، والنسيان، والأمر يكرهون عليه» ) ينظر: التلخيص الحبير 1/ 674.
واللفظ الوارد: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه» ، وفي بعض الألفاظ:«إن الله تجاوز عن أمتي» . رواه ابن ماجه (2045) من حديث ابن عباس، ورواه البيهقي (11454) من حديث ابن عمر، ورواه أيضاً (15096) من حديث عقبة بن عامر، وهذه الأحاديث الثلاثة قال فيها أبو حاتم:(هذه أحاديث منكرة، كأنها موضوعة)، ورواه ابن ماجه أيضاً (2043) من حديث أبي ذر، ورواه الطبراني في الكبير (4/ 346) من حديث أبي الدرداء، ورواه أيضاً (1430) من حديث ثوبان، ورواه ابن عدي (2/ 390) من حديث أبي بكرة، ورواه عبد الرزاق (11416)، وابن أبي شيبة (18036) عن الحسن مرسلاً.
وسئل الإمام أحمد عن الحديث فأنكره جداً، وقال:(ليس يُروى فيه إلا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال محمد بن نصر: (ليس له إسناد يحتج بمثله).
وصحح الحديث الحاكم، وابن حبان، والألباني، وحسنه النووي، وقال السخاوي:(ومجموع هذه الطرق يُظن للحديث أصلاً)، وحسَّن شيخ الإسلام ابن تيمية إسناد حديث ابن ماجه، ولعله أراد حديث ابن عباس. ينظر: العلل ومعرفة الرجال 1/ 561، علل الحديث 4/ 116، مجموع الفتاوى 10/ 762، جامع العلوم والحكم 2/ 361، البدر المنير 4/ 177، التلخيص الحبير 1/ 671، إرواء الغليل 1/ 123.
وعُلم منه: أنَّ الصَّلاةَ تَبطلُ بالكثيرِ عُرفاً منهما كغيرِهما.
(وَلَا) يَبطلُ (نَفْلٌ بِيَسِيرِ شُرْبٍ عَمْداً)؛ لما رُوي أنَّ ابنَ الزُّبيرِ شَرِب في التَّطوعِ (1)، ولأنَّ مَدَّ النَّفلِ وإطالتَه مستحبةٌ، فيُحتاجُ معه إلى جُرعةِ ماءٍ لدفعِ العطشِ، فسومِحَ فيه كالجلوسِ.
وظاهرُه: أنه يَبطلُ بيسيرِ الأكلِ عمداً، وأنَّ الفرضَ يَبطُلُ بيسيرِ الأكلِ والشُّربِ عمداً.
(1) رواه ابن المنذر في الأوسط (1590)، وصالح بن الإمام أحمد عن أبيه في مسائله (1057)، من طريق هشيم، أخبرنا منصور عن الحكم قال:«رأيت عبد الله بن الزبير يشرب وهو في الصلاة» . قال أبي: (أراد التطوع)، وهذا إسناده صحيح، فرواته ثقات، وهشيم مدلس، وقد صرح بالتحديث. وقال ابن المنذر:(إن ثبت ذلك عن ابن الزبير).
وبَلْعُ ذَوْبِ سُكَّرٍ ونحوِه بفمٍ كأكلٍ (1).
ولا تَبطُلُ بِبلْعِ ما بين أسنانِه بلا مضغٍ، قال في الإقناعِ (2):(إنْ جرَى به ريقٌ (3))، وفي التَّنقيحِ والمنتهى (4):(ولو لم يَجرِ به (5) ريقٌ).
(وَإنْ أَتَى بِقَوْلٍ مَشْرُوعٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ؛ كَقِرَاءَةٍ فِي سُجُودٍ) وركوعٍ (وَقُعُودٍ، وَتَشَهُّدٍ فِي قِيَامٍ، وَقِرَاءَةِ سُورَةٍ فِي) الركعتين (الأَخِيرَتَيْنِ) مِن رُباعيةٍ، أو في الثالثةِ مِن مغربٍ؛ (لَمْ تَبْطُلْ) بتعمدِه؛ لأنَّه مشروعٌ في الصَّلاةِ في الجملةِ، (وَلَمْ يَجِبْ لَهُ)، أي: لسهوِه (سُجُودٌ، بَلْ يُشْرَعُ)، أي: يسنُّ كسائرِ ما لا يُبطِلُ عمدُه الصَّلاةَ.
(وَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِهَا)، أي: إتمامِ (6) صلاتِه (عَمْداً؛ بَطَلَتْ)؛ لأنَّه تكلَّم فيها قبلَ إتمامِها.
(وَإِنْ كَانَ) السلامُ (سَهْوَاً، ثُمَّ ذَكَرَ قَرِيباً؛ أَتَّمَّهَا) وإن انحرف عن القبلةِ، أو خَرَج من المسجدِ، (وَسَجَدَ) للسَّهوِ؛ لقصةِ ذي
(1) خرم في الأصل.
(2)
(1/ 211).
(3)
قوله: (ريق) خرم في الأصل. وفي (ق): ريقه.
(4)
التنقيح (ص 97)، ومنتهى الإرادات (1/ 65).
(5)
قوله: (به) سقطت من (ق).
(6)
في (أ): تمام.
اليدين (1)، لكن إن لم يَذكرْ حتى قام؛ فعليه أنْ يجلسَ لينهضَ إلى الإتيانِ بما بقِيَ عليه عن جلوسٍ؛ لأنَّ هذا القيامَ واجبٌ للصَّلاةِ، فلزِمه الإتيانُ به مع النيَّةِ، وإنْ كان أحدث استأنَفَها.
(فَإِنْ طَالَ الفَصْلُ) عُرفاً بَطَلت؛ لتعذُّرِ البناءِ إذًا.
(أَوْ تَكَلَّمَ) في هذه الحالةِ (لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا)؛ كقولِه: يا غلامُ اسقني؛ (بَطَلَتْ) صلاتُه؛ لقولِه عليه السلام: «إِنَّ صَلَاتَنا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الآدَمِيِّينَ» رواه مسلم (2)، وقال أبو داودَ: مكانَ «لَا يَصْلُحُ» : «لَا يَحِلُّ» (3)، (كَكَلَامِهِ فِي صُلْبِهَا)، أي: في صلبِ الصَّلاةِ، فتَبطلُ به؛ للحديثِ المذكورِ، سواءٌ كان إماماً أو غيرَه، وسواءٌ كان الكلامُ عمداً أو سهواً أو جهلاً، طائعاً أو مكرهاً، أو وَجَب كتحذيرِ (4) ضريرٍ ونحوِه، وسواءٌ كان لمصلحتِها أوْ لَا، والصَّلاةُ فرضاً أو نفلاً.
(وَ) إن تكلَّم مَن سلَّم ناسياً (لِمَصْلَحَتِهَا)؛ فإن كَثُر بطَلت، و (إِنْ كَانَ يَسِيراً لَمْ تَبْطُلْ)، قال الموفَّقُ:(هذا أَوْلى)(5)، وصحَّحه في
(1) رواه البخاري (482)، ومسلم (573)، من حديث أبي هريرة.
(2)
رواه مسلم (537)، من حديث معاوية بن الحكم السلمي، بلفظ:«إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس» .
(3)
سنن أبي داود (930).
(4)
في (أ) و (ب) و (ق): لتحذير.
(5)
الكافي (1/ 276).
الشَّرحِ (1)؛ لأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمرَ وذا اليدين تكلَّموا وبنَوا على صلاتِهم (2).
وقدَّم في التَّنقيحِ، وتَبِعه في المنتهى: تَبطلُ مُطلقاً (3).
ولا بأس بالسَّلامِ على المصلِّي، ويَردُّه بالإشارةِ، فإنْ ردَّه بالكلامِ بطلت، ويردُّه بعدَها استحباباً؛ لردِّه عليه السلام على ابنِ مسعودٍ بعدَ السَّلامِ (4).
(1) الشرح الكبير (1/ 675).
(2)
تقدم تخريجه قريبا
…
(الصفحة والفقرة).
(3)
التنقيح (ص 98)، منتهى الإرادات (1/ 65).
(4)
رواه أبو داود (924)، من حديث ابن مسعود، ولفظه:(كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلمت عليه فلم يرد عليَّ السلام، فأخذني ما قدم وما حدث، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: «إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن الله جل وعز قد أحدث من أمره أن لا تكلموا في الصلاة»، فرد علي السلام)، ورواه أحمد (3944)، والنسائي (1220)، وعلقه البخاري بصيغة الجزم (9/ 152) دون موطن الشاهد وهو قوله:«فرد علي السلام» ، وقال الحافظ:(وأصل هذه القصة في الصحيحين من رواية علقمة عن ابن مسعود، لكن قال فيها: «إن في الصلاة لشغلاً»)، وليس في الصحيحين ذكر لرده السلام عليه بعد الصلاة.
والحديث حسَّن إسناده النووي، وصححه ابن حبان، وابن الملقن، وابن حجر، والألباني، . ينظر: خلاصة الأحكام 1/ 494، البدر المنير 4/ 173، فتح الباري 13/ 499، صحيح أبي داود 4/ 79.
وجاء رد السلام بعد الصلاة في حديث جابر عند الطحاوي في شرح معاني الآثار (2625)، بسند صحيح.
ولو صافح إنساناً يُريدُ السَّلامَ عليه؛ لم تَبطُلْ.
(وَقَهْقَهَةٌ)، وهي ضحكةٌ معروفةٌ؛ (كَكَلَامٍ)، فإن قال: قهْ قهْ، فالأظهرُ: أنَّها تَبطُل به وإن لم يَبِن حرفان، ذكره في المغني (1)، وقدَّمه الأكثرُ، قاله في المبدعِ (2).
ولا تَفسدُ بالتَّبسُّمِ.
(وَإِنْ نَفَخَ) فبان حرفان؛ بَطَلت، (أَوْ انْتَحَبَ)، بأن رَفَع صوتَه بالبكاءِ (مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ اللهِ تَعَالَى) فبان حرفان؛ بَطَلت؛ لأنَّه مِن جنسِ كلامِ الآدميين، لكن إذا غَلَب صاحبَه (3) لم يَضرَّه؛ لكونِه (4) غيرَ داخِلٍ في (5) وُسْعِه، وكذا إن كان مِن خَشيةِ اللهِ.
(أَوْ تَنَحْنَحَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَبَانَ حَرْفَانِ؛ بَطَلَتْ)، فإن كانت (6) لحاجةٍ لم تَبطلْ؛ لما روى أحمدُ وابنُ ماجه عن عليٍّ قال:«كَانَ لِي مَدْخَلَانِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَإِذا دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي يَتَنَحْنَحُ لِي» (7)،
(1)(2/ 39).
(2)
(1/ 461).
(3)
في (ق): على صاحبه.
(4)
في (ب): لأنه.
(5)
قوله: (في) خرم في الأصل.
(6)
في (ب): كان.
(7)
أخرجه أحمد (608)، والنسائي (1211)، وابن ماجه (3708)، من طريق عبد الله بن نُجي عن علي، وصححه ابن السكن، قال البيهقي:(حديث مختلف في إسناده ومتنه، فقيل: (سبح)، وقيل:(تنحنح)، ومداره على عبد الله بن نجي الحضرمي، قال البخاري: فيه نظر، وضعفه غيره)، وقال النووي:(وهو ضعيف مضطرب)، وقال الحافظ:(واختلف عليه فقيل: عنه عن علي، وقيل: عن أبيه عن علي، وقال يحيى بن معين: لم يسمعه عبد الله من علي، بينه وبين علي أبوه)، وأبوه ليس بقوي في الحديث كما قال الدارقطني. ينظر: السنن الكبرى 2/ 350، خلاصة الأحكام 1/ 499، التلخيص الحبير 1/ 675.