الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ صَلَاةِ الجُمُعَةِ
(1)
سُمَّيت بذلك: لجمْعِها الخلقَ الكثيرَ.
ويومُها أفضلُ أيَّامِ الأسبوعِ.
وصلاةُ الجمعةِ مستقلةٌ، وأفضلُ مِن الظُّهرِ، وفرضُ الوقتِ، فلو صلَّى الظُّهرَ أهلُ بلدٍ مع بقاءِ وقتِ الجمعةِ لم تصحَّ.
وتُؤخرُ فائتةٌ لخوفِ فوتِها.
والظُّهرُ بَدَلٌ عنها إذا فاتت.
(تَلْزَمُ) الجمعةُ: (كُلَّ):
(ذَكَرٍ)، ذَكَره ابنُ المنذرِ إجماعاً (2)؛ لأنَّ المرأةَ ليست مِن أهلِ الحضورِ في مجامعِ الرِّجالِ.
(حُرٍّ)؛ لأنَّ العبدَ محبوسٌ على سيدِه.
(مُكَلَّفٍ، مُسْلِمٍ)؛ لأنَّ الإسلامَ والعقلَ شرطان للتكليفِ وصحَّةِ العبادةِ، فلا تجبُ على مجنونٍ ولا صبيٍّ؛ لما روى طارقُ بنِ شهابٍ
(1) قال في المطلع (ص 134): (الجُمُعَة: بضم الجيم والميم، ويجوز سكون الميم وفتحها، حكى الثلاث ابن سيدة).
(2)
الأوسط (4/ 16).
مرفوعاً: «الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ (1)» رواه أبو داودَ (2).
(مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ) معتادٍ، ولو كان فراسِخَ، من حَجَرٍ أو قَصَبٍ ونحوِه، لا يَرتحِلُ عنه شتاءً ولا صيفاً، (اسْمُهُ)، أي: البناءُ (وَاحِدٌ، وَلَوْ تَفَرَّقَ) البناءُ حيثَ شمِلَه (3) اسمٌ واحدٌ، كما تقدَّم.
(لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَسْجِدِ) إذا كان خارِجاً عن المِصْرِ (أَكْثَرُ مِنْ
(1) في (ب): وامرأة وصبي ومريض.
(2)
رواه أبو داود (1067)، من طريق قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب مرفوعاً. وصححه الحاكم، والنووي، والذهبي، وابن الملقن، والألباني، قال النووي:(بإسناد على شرط الصحيحين)، وقال الحافظ:(وصححه غير واحد).
وأعله الخطابي بقوله: (ليس إسناد هذا الحديث بذاك، وطارق لا يصح له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم. وأجاب عنه النووي، وابن الملقن، وابن التركماني، والألباني، قال ابن الملقن: (وعلى تقدير عدم سماعه البتة لا يقدح ذلك في صحة الحديث؛ لأن نهايته أنه مرسل صحابي، وهو حجة بالإجماع إلا من شذ)، وقال:(وقد عده من الصحابة: أبو نعيم، وابن منده، وابن عبد البر، وابن حبان، والحاكم، وصاحب الكمال وغيرهم)، وقال الذهبي:(طارق بن شهاب له رؤية ورواية). ينظر: المستدرك 1/ 425، معالم السنن 1/ 244، خلاصة الأحكام 2/ 757، البدر المنير 4/ 636، التلخيص الحبير 2/ 160، صحيح أبي داود 4/ 232.
(3)
قال في المطلع (ص 135): (شَمِلَها اسم واحِد: بكسر الميم في الماضي، وفتحها في المضارع، وهو الأشهر عند أهل اللغة، وحكى يعقوب وغيره: فتح الميم في الماضي، وضمها في المضارع، ومعنى شمل: عم).
فَرْسَخٍ) تقريباً، فتلزمُه بغيرِه، كمن بخيامٍ ونحوِها، ولم تَنعقِدْ به، ولم يَجُزْ أن يَؤمَّ فيها.
وأمَّا مَنْ كان في البلدِ فيَجبُ عليه السَّعْيُ إليها، قَرُبَ أو بَعُدَ، سَمِعَ النِّداءِ أو لم يَسمعْه؛ لأنَّ البلدَ كالشيءِ الواحدِ.
(وَلَا تَجِبُ) الجمعةُ (عَلَى مُسَافِرٍ سَفَرَ قَصْرٍ)؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابَه كانوا يسافرون في الحجِّ وغيرِه، فلم يُصّلِّ أحدٌ منهم الجمعةَ فيه مع اجتماعِ الخلقِ (1).
وكما لا تلزمُه بنفسِه لا تلزمُه بغيرِه، فإنْ كان عاصياً بسفرِه، أو كان سفرُه فوقَ فرسَخٍ دونَ (2) المسافةِ، أو أقام ما يَمنعُ القصرُ ولم ينوِ استيطاناً؛ لزِمته بغيرِه.
(وَلَا) تجبُ الجمعةُ على (عَبْدٍ)، ومبعضٍ، (وَامْرَأَةٍ)؛ لما تقدَّم، ولا خنثى؛ لأنَّه لم (3) يُعلَمْ كونُه رجلاً.
(وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ أَجْزَأَتْهُ)؛ لأنَّ إسقاطَها عنهم تخفيفاً (4)، (وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ)؛ لأنَّه ليس مِن أهلِ الوجوبِ، وإنما صحَّت منه تَبَعاً، (وَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا)؛ لئلا يَصيرَ التابِعُ متبوعاً.
(1) في (أ) و (ع): الخلق الكثير.
(2)
في (أ) و (ع) و (ق): ودون.
(3)
في (أ) و (ب) و (ع) و (ق): لا.
(4)
في (ق): تخفيف.
(وَمَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ لِعُذْرٍ (1)؛ كمرضٍ وخوفٍ، إذا حَضَرها (وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَانْعَقَدَتْ بِهِ)، وجاز أن يَؤم فيها؛ لأنَّ سقوطَها لمشقةِ السعي وقد زالت.
(وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ) وهو (مِمَّنْ) يجبُ (عَلَيْهِ حُضُورُ الجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الإِمَامِ)، أي: قبلَ أن تُقامَ الجمعةُ، أو مع الشكِّ فيه؛ (لَمْ تَصِحَّ) ظُهْرُه؛ لأنَّه صلَّى ما لم يخاطَبْ به وتَرَك ما خُوطِب به.
وإذا ظنَّ أنه يُدركُ الجمعةَ سَعى إليها؛ لأنَّها فرضُه، وإلَّا انتظر حتى يَتيقنَ أنَّهم صلَّوا الجمعةَ، فيصلِّي الظهرَ.
(وَتَصِحُّ) الظُّهرُ (مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ) الجمعةُ لمرضٍ ونحوِه، ولو زال عذرُه قبلَ تَجميعِ الإمامِ، إلا الصبيَّ إذا بَلَغ، (وَالأَفْضَلُ) تأخيرُ الظُّهرِ (حَتَّى يُصَلِّيَ الإِمَامُ) الجمعةَ.
وحُضورُها لمن اختُلِف في وجوبِها عليه كعبدٍ أفضلُ.
ونُدِبَ تصدقٌ بدينارٍ أو نصفِه لتاركِها بلا عذرٍ.
(وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَلْزَمُهُ) الجمعةُ (السَّفَرُ فِي يومِهَا بَعْدَ الزَّوَالِ) حتى يصلِّي؛ إن لم يخَفْ فَوْتَ رُفقتِه.
وقبلَ الزَّوالِ يُكره؛ إن لم يأتِ بها في طريقِه.
(1) في (أ) و (ب) و (ق): لعذر غير سفر.