الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ)
(تُسَنُّ زِيَارَةُ القُبُورِ)، وحكاه النووي إجماعاً (1)؛ لقولِه عليه السلام:«كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوهَا» رواه مسلم (2)، والترمذي وزاد:«فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ» (3).
وسُنَّ أنْ يقِفَ زائرٌ أمامَه قريباً منه، كزيارتِه في حياتِه.
(إِلَّا لِنِسَاءٍ (4)؛ فتُكرهُ لهُنَّ زيارتُها غيرَ قبرِه صلى الله عليه وسلم وقبرِ صاحِبيْهِ رضي الله عنهما؛ روى أحمد، والترمذي وصحَّحه عن أبي هريرة:«أَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ زَوَّارَاتِ القُبُورِ» (5).
= من حديث عبد الرزاق، لا أعلم أحداً رواه عن ثابت غير معمر)، وقال الدارقطني:(تفرّد به معمر عن ثابت عنه). ينظر: العلل الكبير ص 263، علل الحديث 3/ 572، أطراف الأفراد والغرائب 2/ 53، شرح علل الترمذي 2/ 691، المجموع 8/ 446، السلسلة الصحيحة 5/ 564، أحاديث معلة ظاهرها الصحة للوادعي ص 37.
(1)
شرح النووي على صحيح مسلم (7/ 46).
(2)
رواه مسلم (977)، من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه.
(3)
رواه الترمذي (1054)، وقال:(حديث بريدة حديث حسن صحيح)، وصححها الألباني. ينظر: إرواء الغليل 3/ 224.
(4)
في (أ) و (ع): للنساء. وفي (ب) و (ق): النساء.
(5)
رواه أحمد (8449)، والترمذي (1056)، وابن ماجه (1576)، وابن حبان (3178)، من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة. صحّحه الترمذي، وابن حبان، وابن تيمية، والألباني، وحسّنه ابن القطان، وأجاب ابن القطان وابن تيمية عمّن تكلّم في عمر بن أبي سلمة: بأن جماعة من الحفاظ كأحمد وابن معين وغيرهما وثَّقوه. ينظر: بيان الوهم 5/ 512، مجموع الفتاوى 24/ 349، أحكام الجنائز ص 185.
(وَ) يُسنُّ أنْ (يَقُولَ إِذَا زَارَهَا أَوْ مَرَّ بِهَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ، يَرْحَمُ (1) اللهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالمُسْتَأْخِرِينَ، نَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ)؛ للأخبارِ الواردةِ بذلك (2).
وقولُه: (إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ) استثناءٌ للتبرُّكِ، أو راجعٌ
(1) في (أ) و (ع): ويرحم.
(2)
من تلك الأخبار:
حديث أبي هريرة عند مسلم (249): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة، فقال:«السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» .
حديث عائشة عند مسلم (974)، وفيه:«قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون» .
حديث بريدة عند مسلم (975)، ولفظه:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية» .
حديث عائشة عند أحمد (24425)، وأبو داود (3201)، وابن ماجه (1546)، وفيه:«اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم»
للُّحوقِ لا للموتِ، أو إلى البقاعِ.
ويَسمعُ الميتُ الكلامَ، ويَعرِفُ زائرَه يومَ الجمعةِ بعدَ الفجرِ قبلَ طلوعِ الشمسِ، وفي الغنيةِ:(يَعرفُه كلَّ وقتٍ، وهذا الوقتُ آكدُ)(1).
وتُباحُ زيارةُ قبرِ كافرٍ.
(وَتُسَنُّ تَعْزِيَةُ) المسلمِ (المُصَابِ بِالمَيِّتِ) ولو صغيراً، قبلَ الدفنِ وبعدَه؛ لما روى ابنُ ماجه وإسنادُه ثقاتٌ عن عمرو بنِ حزمٍ مرفوعاً:«مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللهُ مِنْ حُلَلِ الكَرَامَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ» (2).
ولا تعزيةَ بعدَ ثلاثٍ.
(1) ينظر: الفروع (3/ 415). ولم نقف عليه في الغنية.
(2)
رواه ابن ماجه (1601)، من طريق قيس أبو عمارة، قال: سمعت عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، يحدث عن أبيه، عن جده مرفوعاً. حسّنه النووي، وأقره المناوي، وحسنه الألباني بشواهده، وقال البيهقي:(هو أصح شيء في الباب).
وأعلّه ابن عبد الهادي بعلتين: الأولى: الإرسال، فإن محمد بن عمرو بن حزم ولد في السنة العاشرة من الهجرة. والثانية: قيس أبو عمارة، فقد قال فيه البخاري:(فيه نظر)، وهي من أشد عبارات الجرح عنده، وقال فيه الحافظ:(فيه لين)، وأقره البوصيري على إعلاله بهذه العلة. ينظر: الكامل في الضعفاء 7/ 171، شعب الإيمان 11/ 465، خلاصة الأحكام 2/ 1046، تنقيح التحقيق 2/ 682، تقريب التهذيب ص 458، مصباح الزجاجة 2/ 50، إرواء الغليل 3/ 216.
فيُقالُ لمصابٍ بمسلمٍ: (أعظَمَ اللهُ أجرَك، وأحسنَ عزاكَ (1)، وغفرَ لميتِك).
وبكافرٍ: (أعظَمَ اللهُ أجرَكَ، وأحسنَ عزاكَ).
وتحرُمُ تعزيةُ كافرٍ.
وكُرِهَ تكرارُها.
ويَرُدُّ معزَّى: بـ: استجابَ اللهُ دعاك، ورحِمَنا وإياك، وإذا جاءتْهُ التَّعزيةُ في كتابٍ ردَّها على الرسولِ لفظاً.
(وَيَجُوزُ البُكَاءُ (2) عَلَى المَيِّتِ)؛ لقولِ أنسٍ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ» (3)، وقال:«إنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إلَى لِسَانِهِ- أَوْ يَرْحَمُ» متفق عليه (4).
ويُسَنُّ الصبرُ، والرضى، والاسترجاعُ؛ فيقولُ:«إِنَّا للهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أجُرْنِي (5) فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا» (6).
(1) سائر النسخ (عزاك)، وفي كتب اللغة: عزاء كسماء. ممدود هل هذا من الرسم أو خطأ؟
(2)
قال في الصحاح (6/ 2284): (البُكا: يُمَدُّ ويُقْصَرُ، فإذا مددت أردت الصوتَ الذي يكون مع البكاء، وإذا قَصَرْتَ أردت الدموعَ وخروجها).
(3)
رواه البخاري (1246).
(4)
رواه البخاري (1304)، ومسلم (924)، من حديث ابن عمر.
(5)
قال القاضي عياض: (رويناه بالمد للهمزة وكسر الجيم، وبالقصر وتسهيل الهمزة أو تسكينها وضم الجيم). ينظر: مشارق الأنوار 1/ 19.
(6)
رواه مسلم (918)، من حديث أم سلمة، أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:«ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: (إنا لله وإنا إليه راجعون)، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها» .
ولا يلزمُ الرِّضى بمرضٍ، وفقرٍ، وعاهةٍ، ويحرُمُ بفعلِ المعصيةِ.
وكُرِهَ لمصابٍ تغييرُ حالِه، وتعطيلُ معاشِه، لا جَعْلُ علامةٍ عليه ليُعْرَفَ فيُعَزَّى، وهجرُه للزينةِ، وحَسَنِ الثِّيابِ ثلاثةَ أيامٍ.
(وَيَحْرُمُ النَّدْبُ)، أي: تعدادُ محاسنِ الميتِ، كقولِ: واسيِّداهُ، وانقطاعَ ظهراهُ، (وَالنِّيَاحَةُ) وهي: رَفْعُ الصوتِ بالنَّدبِ، (وَشَقُّ الثَّوْبِ، وَلَطْمُ الخَدِّ، وَنَحْوُهُ)؛ كصراخٍ، ونتفِ شعرٍ، ونَشْرِهِ، وتسوِيدِ وجهٍ، وخَمْشِهِ؛ لما في الصحيحين: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» (1)، وفيهما:«أَنَّهُ (2) صلى الله عليه وسلم بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ، وَالحَالِقَةِ، وَالشَّاقَّةِ» (3)(4)، والصالقةُ: التي ترفعُ صوتَها عند المصيبةِ، وفي
(1) رواه البخاري (1294)، ومسلم (103)، من حديث ابن مسعود.
(2)
في (ب): أن النبي.
(3)
رواه البخاري (1296)، ومسلم (104)، من حديث أبي موسى الأشعري.
(4)
قال النووي في شرح مسلم (2/ 110): (الصالقة: وقعت في الأصول بالصاد، وسلق بالسين، وهما صحيحان، وهما لغتان: السلق والصلق، وسلق وصلق، وهي صالقة وسالقة، وهي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة، هذا هو المشهور الظاهر المعروف، وحكى القاضي عياض عن ابن الأعرابي أنه قال: الصلق: ضرب الوجه).
صحيحِ مسلمٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ النَّائِحَةَ وَالمُسْتَمِعَةَ» (1).
(1) لم نجده في صحيح مسلم، وقد جاء عن جماعة من الصحابة:
1 -
أبو سعيد الخدري عند أحمد (11622)، وأبو داود (3128)، قال أبو حاتم:(هذا حديث منكر، ومحمد بن الحسن بن عطية وأبوه وجده ضعفاء الحديث)، وضعفه النووي، وابن الملقن، وابن حجر.
2 -
ابن عمر عند ابن حبان في المجروحين (2/ 198)، والبيهقي (7114)، وفيه عفير بن معدان، قال أحمد:(منكر الحديث، ضعيف)، وضعَّفه ابن الملقن وابن حجر.
3 -
أبو هريرة عند ابن عدي (6/ 54)، من طريق عمر بن يزيد، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال ابن طاهر:(عمرو هذا قال ابن عدي فيه: إنه منكر الحديث، والحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئاً، والحديث غير محفوظ)، وضعَّفه ابن الملقن، وابن حجر.
4 -
ابن عباس عند الطبراني (11309)، وفيه الصباح أبو عبد الله الفراء، قال الهيثمى:(ولم أجد من ذكره)، وضعَّف الألباني الأحاديث الأربعة كلها. ينظر: علل الحديث 3/ 570، الكامل في الضعفاء 6/ 54، ميزان الاعتدال 3/ 83، الخلاصة 2/ 1053، مجمع الزوائد 3/ 13، البدر المنير 5/ 362، التلخيص الحبير 2/ 319، الإرواء 3/ 222.