الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الجَنَائِزِ)
بفتحِ الجيمِ: جمعُ جنازةٍ - بالكسرِ، والفتحُ لغةٌ -: اسمٌ للميتِ أو (1) للنَعْشِ عليه ميتٌ، فإنْ لم يكنْ عليه ميتٌ فلا يُقالُ: نَعشٌ ولا جنازةٌ، بل سريرٌ، قاله الجوهري (2).
واشتقاقُه مِنْ جَنَزَ: إذا سَتَرَ.
وذكره هنا؛ لأنَّ أهمَّ ما يُفعل بالميتِ الصلاةُ.
ويُسنُّ الإكثارُ من ذِكرِ الموتِ، والاستعدادُ له؛ لقولِه عليه السلام:«أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَاتِ» (3)،
هو بالذال المعجمة.
(1) في (ب): و.
(2)
ينظر: الصحاح 3/ 870.
(3)
رواه أحمد (7925)، والترمذي (2307)، والنسائي (1824)، وابن ماجه (4258)، وابن حبان (2992)، والحاكم (7909)، من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، وصحّحه ابن حبان، والحاكم، وابن السكن، وابن طاهر، والذهبي، والنووي، وابن الملقن، والألباني.
وأعلّه الدارقطني بأنَّ أبا أسامة وغيره روَوْهُ عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة مرسلاً، وصوَّب المرسل، وأجيب: بأن الذين رووه موصولاً عن محمد بن عمرو جماعة، منهم: الفضل بن موسى، وعبد العزيز بن مسلم، ومحمد بن إبراهيم، ويزيد بن هارون، فيصح الموصول إذاً.
وأعلَّه ابن الجوزي بقوله: (هذا حديث لا يثبت، ومداره على محمد بن عمرو الليثي، قال يحيى بن معين: ما زال الناس يتقون حديثه)، قال الحافظ:(روى له البخاري مقروناً بغيره، ومسلم في المتابعات) وقال في التقريب: (صدوق له أوهام). ينظر: علل الدارقطني 8/ 39، العلل المتناهية 2/ 401، البدر المنير 5/ 181، التلخيص الحبير 2/ 235، تقريب التهذيب ص 499، إرواء الغليل 3/ 145.
ويُكرهُ الأَنينُ، وتمنِّي الموتَ.
ويُباحُ التداوي بمباحٍ، وترْكهُ أفضلُ، (ويحرُمُ بمُحرَّمٍ مأكولٍ وغيرِه مِنْ صَوتِ مَلْهَاةٍ وغيرِه، ويجوز بِبَوْلِ إبلٍ فقط)، قاله في المبدع (1).
ويُكره أنْ يستَطِبَّ مسلمٌ ذميًّا لغيرِ ضرورةٍ، وأنْ يأخذَ مِنه (2) دواءً لم يُبَيِّن مفرداتِه المباحةَ.
و(تُسَنُّ عِيَادَةُ المَرِيضِ)، والسؤالُ عن حالِه؛ للأخبار (3)، ويُغِبُّ بها، وتكون بُكرةً أو عشياً، ويأخذُ بيدِه ويقولُ:«لَا بَأْسَ، طَهُوراً (4) إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى» ؛ لفعلِه عليه السلام (5)، ويُنَفِّسَ له في أجلِه؛ لخبرٍ رواه ابن ماجه عن أبي سعيد (6)، فإنَّ ذلك لا يرُدُّ شيئاً،
(1)(2/ 217).
(2)
في (أ) و (ع): عنه.
(3)
من ذلك: ما رواه البخاري (1239)، ومسلم (2066)، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال:«أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبعٍ، ونهانا عن سبعٍ: أمرنا باتباع الجنائز، وعيادة المريض» الحديث.
(4)
في باقي النسخ: طهور.
(5)
رواه البخاري (3616)، من حديث ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال: «لا بأس، طهور إن شاء الله» .
(6)
رواه ابن ماجه (1438)، ورواه الترمذي (2087)، من طريق موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي سعيد مرفوعاً بلفظ:«إذا دخلتم على المريض، فنَفِّسوا له في الأجل، فإن ذلك لا يرد شيئاً، وهو يطيب بنفس المريض» ، قال الترمذي:(حديث غريب)، وضعَّفه ابن الجوزي والنووي، وأنكره الذهبي، وقال الألباني:(ضعيف جداً)، وعلته: موسى المذكور، قال البخاري:(عنده مناكير)، وقال الدارقطني:(متروك). ينظر: العلل المتناهية 2/ 388، ميزان الاعتدال 4/ 218، خلاصة الأحكام 2/ 916، السلسلة الضعيفة 1/ 336.
ويدعو له بما ورَد.
(وَ) يُسنُّ (تَذْكِيرُهُ التَّوْبَةَ)؛ لأنَّها واجبةٌ على كلِّ حالٍ، وهو أحوجُ إليها مِنْ غيرِه، (وَالْوَصِيَّةَ)؛ لقوله عليه السلام:«مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي بِهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» متفق عليه عن ابن عمر (1).
(وَإِذَا نُزِلَ بِهِ)، أي: نَزَل به الملَكُ لقبضِ روحِه (سُنَّ):
(تَعَاهُدُ) أرفَقِ أهلِه وأتقاهُم لِرَبِّه (بَلُّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وَنَدَّى شَفَتَيْهِ)(2)؛ لأنَّ ذلك يُطْفِئُ ما نَزَل به مِنَ الشدَّةِ، ويُسهِّلُ عليه النَّطقَ بالشهادةِ.
(وَلَقَّنَهُ (3) إِلهَ إِلَّا اللهُ)؛ لقوله عليه السلام: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» رواه مسلم عن أبي سعيد (4)، (مَرَّةً، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثٍ)؛ لئلَّا
(1) رواه البخاري (2738)، ومسلم (1627).
(2)
زاد في (أ) و (ب) و (ح) و (ع): بقطنة.
(3)
في (ب): وتلقينه.
(4)
رواه مسلم (916).
يُضْجِرَهُ، (إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ، فَيُعِيدُ تَلْقِينَهُ)؛ ليكونَ آخرُ كلامِه: لا إله إلا الله، ويكونُ (بِرِفْقٍ)، أي: بلطفٍ ومداراةٍ؛ لأنَّه مطلوبُ في كلِّ موضعٍ، فهنا أَوْلَى.
(وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ) سورةَ («يَس»)؛ لقوله عليه السلام: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ سُورَةَ يَس» رواه أبو داود (1)،
ولأنَّه يُسهِّلُ خروجَ الرُّوحِ، ويقرأُ عنده أيضاً الفاتحةَ.
(وَيُوَجِّهُهُ إِلَى القِبْلَةِ)؛ لقوله عليه السلام عن البيتِ الحرامِ: «قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً» رواه أبو داود (2)، وعلى جنْبِهِ الأيمنِ أفضلُ إنْ كان
(1) رواه أبو داود (3121)، ورواه أحمد (20301)، وابن ماجه (1448)، وابن حبان (3002)، والحاكم (2074)، من طريق أبي عثمان - وليس النهدي -، عن أبيه، عن معقل بن يسار، والحديث صحَّحه ابن حبان والحاكم، وقال عبد الغني المقدسي:(حديث حسن غريب).
وضعَّفه ابن القطان، ونقل ابن العربي عن الدارقطني تضعيفه، وضعَّفه النووي، وابن الملقن، والألباني، قال ابن الملقن:(وأُعلَّ هذا الحديث بالوقف، وبالجهالة، وبالاضطراب)، وأبو عثمان وأبوه مجهولان كما قال ابن المديني وغيره. ينظر: بيان الوهم 5/ 49، خلاصة الأحكام 2/ 925، البدر المنير 5/ 193، تهذيب التهذيب 12/ 163، إرواء الغليل 3/ 150.
(2)
رواه أبو داود (2875)، والحاكم (197)، من طريق عبد الحميد بن سنان، عن عبيد بن عمير بن قتادة، عن أبيه، والحديث صحَّحه الحاكم، ووافقه الذهبي، وصحَّحه الألباني بشاهد ابن عمر، وأُعل الحديث بعبد الحميد بن سنان، قال البخاري:(روى عن عبيد بن عمير، في حديثه نظر)، وبيَّن العقيلي أن مراد البخاري هذا الحديث.
وله شاهد عند البيهقي (6724)، من حديث ابن عمر، قال ابن حجر:(ومداره على أيوب بن عتبة، وهو ضعيف، وقد اختلف عليه فيه). ينظر: الضعفاء للعقيلي 3/ 44، التلخيص الحبير 2/ 237، إرواء الغليل 3/ 154.
المكانُ واسعاً، وإلا فعلى ظهرِه مستلقياً ورِجلاه إلى القبلةِ، ويرفعُ رأسَهُ قليلاً ليصيرَ وجهُه إلى القبلةِ.
(فَإِذَا مَاتَ سُنَّ):
(تَغْمِيضُهُ)؛ لأنه عليه السلام أَغْمَضَ أبا سلمةَ، وقال:«إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» رواه مسلم (1)، ويقولُ: بِسمِ اللهِ، وعلى وفاةِ رسولِ اللهِ، ويُغْمِضُ ذاتَ مَحْرَمٍ وتُغْمِضُه.
وكُره مِن حائضٍ وجنبٍ، وأنْ يَقرَباه.
ويُغْمِضُ (2) الأنثى مثلُها أو صبِيٌّ.
(وَشَدُّ لَحْيَيْهِ)؛ لئلَّا يدخلَه الهوامُّ.
(وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ)؛ ليَسهُلَ تغسيلُه، فيَرُدَّ ذراعَيْه إلى عَضُدَيْهْ، ثم يَرُدُّهُما إلى جَنْبِه ثم يَرُدُّهُما، ويرُدُّ ساقَيْه إلى فَخِذَيْهِ، وهما إلى بطنِه ثم يَرُدُّهُما، ويكونُ ذلك عَقِبَ موتِه قَبْل قسوتِها، فإنْ شقَّ ذلك تَرَكَه.
(وَخَلْعُ ثِيَابِهِ)؛ لئلَّا يَحْمَى جسدُه فيُسرِعَ إليه الفسادُ.
(وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ)؛ لما روتْ عائشةُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ
(1) رواه مسلم (920)، من حديث أم سلمة.
(2)
في (ق): وتغمض.
سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ (1)» متفق عليه (2)، وينْبَغي أنْ يَعْطِفَ فاضلَ الثوبِ عند رأسِه ورِجليْهِ؛ لئلَّا يَرتفعَ بالرِّيحَ.
(وَوَضْعُ حَدِيدَةٍ) أو نحوِها (عَلَى بَطْنِهِ)؛ لقولِ أنسٍ: «ضَعُوا عَلَى بَطْنِهِ شَيْئاً مِنْ حَدِيدٍ» (3)، و (4) لئلَّا يَنْتفخَ بطنُه.
(وَوَضْعُهُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ)؛ لأنَّه يُبعدُ عن الهوامِ، (مُتَوَجِّهاً) إلى القبلةِ على جنبِه الأيمنِ، (مُنْحَدِراً نَحْوَ رِجْلَيْهِ)، أي: يكونُ رأسُه أعْلَى مِنْ رِجْلَيْه؛ ليَنْصَبَّ عنه الماءُ وما يخرُجُ منه.
(وَإِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ إِنْ مَاتَ غَيْرَ فَجْأَةٍ)؛ لقولِه عليه السلام: «لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ» رواه أبو داود (5).
(1) قال في النهاية (1/ 328): (برد حِبَرَة: بوزن عِنَبَة: على الوصف والإضافة، وهو برد يمان، والجمع حبر وحبرات).
(2)
رواه البخاري (5814)، ومسلم (942).
(3)
رواه ابن حبان في الثقات (4/ 28)، وفي إسناده أيوب بن سليمان، قال أبو حاتم:(مجهول)، ورواه البيهقي (6610) بإسناد آخر، وفيه محمد بن عقبة، وهو ابن هرم السدودسي، صدوق يخطئ كثيراً، وعبد الله بن آدم راوي الأثر، لم أجد له ترجمة. ينظر: تهذيب التهذيب 1/ 404، تقريب التهذيب ص 496.
(4)
الواو غير موجود في (ب).
(5)
رواه أبو داود (3159)، من طريق عروة بن سعيد الأنصاري، عن أبيه، عن الحصين بن وحوح، وأُعلَّ بعروة وأبيه، فكلاهما مجهول كما في التقريب لابن حجر، ولذا ضعَّف الحديث عبد الحق الأشبيلي، وابن القطان، وابن كثير، والألباني، واستغرب إسناده ابن كثير. ينظر: بيان الوهم 2/ 556، إرشاد الفقيه 1/ 219، أحكام الجنائز ص 13.
ولا بأسَ أن ينْتظرَ به من يحضُرُه مِنْ وَلِيِّه وغيرِه إنْ كان قريباً ولم يُخْشَ (1) أو يشقَّ على الحاضرين.
فإنْ ماتَ فجأةً، أو شُكَّ في موتِه؛ انْتُظِرَ به حتى يُعلمَ موتُه بانخسافِ صُدْغَيْهِ (2)، ومَيْلِ أنفِه، وانفصالِ كفَّيْهِ، واسترخاءِ رِجْلَيْهِ.
(وَإِنْفَاذُ وَصِيَّتِهِ)؛ لما فيه مِنْ تعجيلِ الأجرِ.
(وَيَجِبُ) الإسراعُ (فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ)، سواءٌ كان للهِ تعالى أو لآدميٍّ؛ لما روى الشافعي، وأحمد، والترمذي وحسَّنه عن أبي هريرةَ مرفوعاً:«نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» (3).
ولا بأسَ بتقبيلِه والنظرِ إليه، ولو بعدَ تكفينِه.
(1) زاد في (أ) و (ب) و (ق): عليه.
(2)
قال في الصحاح (4/ 1323): (الصُدْغُ: ما بين العين والأذن، ويسمَّى أيضاً الشعر المتدلِّي عليها صُدْغاً).
(3)
رواه الشافعي في مسنده (ص 361)، وأحمد (9679)، والترمذي (1078)، وابن ماجه (2413)، وابن حبان (3061)، والحاكم (2219)، قال ابن عبد البر:(سئل يحيى بن سعيد عن هذا الحديث فقال: هو صحيح)، وصحَّحه ابن حبان، والحاكم، والنووي، والذهبي، والألباني، وحسَّنه الترمذي والبغوي. ينظر: التمهيد 23/ 236، شرح السنة للبغوي 8/ 202، خلاصة الأحكام 2/ 930، التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان للألباني 5/ 66.