المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ولهذا يقال في المثل السائر عند الفرنساوية أن باريس نعيم - الساق على الساق في ما هو الفارياق

[الشدياق]

فهرس الكتاب

- ‌تنبيه من المؤلف

- ‌فاتحة الكتاب

- ‌الكتابُ الأوَّل

- ‌إثارة رياح

- ‌انتكاسة حاقية وعمامة واقية

- ‌نوادر مختلفة

- ‌شرور وطنبور

- ‌قسيس وكيس وتحليس وتلحيس

- ‌طعام واِلتهام

- ‌حمار نهاق وسفر وإخفاق

- ‌خان وإخوان وخِوان

- ‌محاورات خانية ومناقشات حانية

- ‌إغضاب شوافن وأنشاب براثن

- ‌الطويل والعريض

- ‌أكلة وأكال

- ‌مقامة

- ‌مقامة في الفصل الثالث عشر

- ‌سرّ الاعتراف

- ‌قصة القسيس

- ‌تمام قصة القسيس

- ‌الثلج

- ‌النحس

- ‌الحس والحركة

- ‌نوح الفارياق وشكواه

- ‌عرض كاتب الحروف

- ‌الفرق بين السوقيين والخرجين

- ‌الكتاب الثاني

- ‌دحرجة جلمود

- ‌سلام وكلام

- ‌انقلاع الفارياق من الإسكندرية

- ‌منصّة دونها غصّة

- ‌وصف مصر

- ‌في لا شيء

- ‌ في وصف مصر

- ‌في أشعار أنه انتهى من وصف مصر

- ‌فيما أشرت إليه

- ‌طبيب

- ‌إنجاز ما وعدنا به

- ‌أبيات سرية

- ‌مقامة مقعدة

- ‌تفسير ما غمض من ألفاظ هذه المقامة ومعانيها

- ‌في ذلك الموضع بعينه

- ‌القسم الأول في تهبئة الجواهر

- ‌القسم الثاني في عمل الحليّ

- ‌القسم الثالث في عمل الطيب واتخاذ المشموم

- ‌القسم الرابع في عمل الآنية والأدوات والمتاع والفرش

- ‌القسم الخامس في عمل الثياب

- ‌رثاء حمار

- ‌ألوان مختلفة من المرض

- ‌دائرة هذا الكون ومركز هذا الكتاب

- ‌معجزات وكرامات

- ‌الكتاب الثالث

- ‌إضرام أتون

- ‌العشق والزواج

- ‌القصيدتان الطيخيّتان

- ‌الثانية

- ‌الأغاني

- ‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌غيره

- ‌غيره

- ‌‌‌‌‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌غيره

- ‌غيره

- ‌العدوى

- ‌التورية

- ‌سفر وتصحيح غلظ أشتهر

- ‌وليمة وأبازير متنوعة

- ‌الحرتة

- ‌الأحلام

- ‌ الحلم الثاني

- ‌التعبير

- ‌الحلم الثالث

- ‌التعبير

- ‌إصلاح البخر

- ‌سفر ومحاورة

- ‌مقامة مقيمة

- ‌جوع دَيْقوع دهقوع

- ‌السفر من الدير

- ‌النشوة

- ‌الحض على التعري

- ‌بلوعة

- ‌عجائب شتى

- ‌سرقة مطرانية

- ‌الكتاب الرابع

- ‌إطلاق بحر

- ‌وداع

- ‌استرحامات شتى

- ‌شروط الرواية

- ‌فضل النساء

- ‌وصف لندن أولندرة عن الفارياق

- ‌محاورة

- ‌الطباق والتنظير

- ‌سفر معجل وهينوم عقمي رهبل

- ‌الهيئة والأشكال

- ‌سفر وتفسير

- ‌ترجمة ونصيحة

- ‌خواطر فلسفية

- ‌مقامة ممشية

- ‌رثاء ولد

- ‌الحِداد

- ‌جود الإنكليز

- ‌وصف باريس

- ‌شكاة وشكوى

- ‌سرقة مطرانية ووقائع مختلفة

- ‌نبذة مما نظمه الفارياق من القصائد والأبيات

- ‌في باريس على ما سبقت الإشارة إليه

- ‌القصيدة التي أمتدح بها الجناب المكرم الأمير عبد القادر

- ‌بن محيي الدين المشهور بالعلم والجهاد

- ‌القصيدة التي أمتدح بها الجناب المكرم النجيب الحسيب صبحي بيك

- ‌في إسلامبول

- ‌القصيدة القمارية

- ‌الغرفيات

- ‌الفراقيات

- ‌وقال

- ‌وقال في المعنى

- ‌وقال

- ‌ذنب للكتاب

- ‌تم الذنب

الفصل: ولهذا يقال في المثل السائر عند الفرنساوية أن باريس نعيم

ولهذا يقال في المثل السائر عند الفرنساوية أن باريس نعيم النساء ومطهر الرجال وجحيم الخيل. ولما كانت حالة الرجال مع النساء هكذا كان ثلاثة أرباع سكان باريس مسافحين. ونصف الربع الأخير متزوجين زواجاً شرعياً والباقي منقطعون عن النكاح. كذا أخبرني من يوثق بكلامه. ثم أن المومسة من الإنكليز تعرف نفسها أنها حرة أيضاً أن الناس يعرفونها كذلك. فلا تكلفهم احترامها. ولا تسومهم إعظامها. فإما البغي من الفرنسيس فعندها إن مجرد استبضاعها للبضع يؤهلها لأن يكرمها الناس ويداروها. ويجلوها ويسانوها. وذلك لعدم استغنائهم عنها. وجرّهم النفع منها. وقد تقدم أن الفرنساوية لا يفرقون بين الحرة والبغي وبقي هنا أن نقول أنهم أشد الناس شبقاً إلى البعال. وأقرمهم إلى السفاح. وناهيك إنهم في الفتنة الكبيرة التي حدثت في سنة 1793 أقاموا امرأة عريانة على مذبح إحدى الكنائس وسجدوا لها. فصوّر لخاطرك أيها القارئ كيف تكون الرجال والنساء في هذه المدينة في ليالي الشتاء البارد الطويلة وكم من ملهى يغص بهم وبهن وكم من مآب. وكم من مائدة تميد لهم بالطعام والشراب. وكم من سرر تهتزّ. ومضاجع تأزّ. وأجناب تلزّ. وأوطاب تمزّ. وأوتار تنزّ. أنشدني الفارياق لنفسه في وصف باريس وأجازني روايته:

وفي باريس لذات كما في

جنان الخلد جير وحور عين

ولكن شأنهن دوام طمث

لكل أربعون من القرين

وقال في الراقصات

لله در الراقصات لنا على

نغم المثاني حيث تجلى الكوب

لو كان يوماً وطؤهن عليّ لم

تثقل لديَّ من الزمان خطوب

وقال في رامج

ذي الباريزية طلعتها

كالصبح بها قلبي مغرم

في الليل أربد تحيتها

فأقول لها بُن جُوْر مادم

قال وكما أن الغريب المسكين ينشرح صدره وينجلي بصره بمشاهدة تلكم الحكاكات للأعتاب في لندرة على الصفة التي تقدم ذكرها. كذلك تقر عينه أمثالهن في باريس طائفات في الشوارع والأسواق من دون غطاء على رؤوسهن ولا ساتر لخصورهن وما يليها. بخلاف عادة النساء في لندرة فإنهن لا يخرجن إلا ملتحفات. قال وعندي إن هاتين الخلتين وهما حك الأعتاب والخروج من دون التحاف هما السبب في قلة وجود العميان في هاتين المدينتين السعيدتين. وقلما ترى في رجالها احول أو أزور أو أحوص أو أخوص أو أرمص أو أكمس أو أعشى أو أخفش أو أعفش أو أعمش أو أعبش أو أغمش أو أرمش أو امتش أو ذادوش أو مدش أو طخش أوغطش أو غفش أو طفنشئاً أو غطمَّشاً أو مغطرشاً. أو مطغمشاً أو مطرفشاً أو مطفرفشاً أو مطنفشاً أو مدنفشاً أو مدنقشاً. فعلى كل من كان في بلادنا أعمش ذا عين أن يقصد هذه البلاد ليجلو بصره بهذه المناظر الأنيقة. وليستصحب معه أيضاً لهذه الجلاء جلاء أي لقباً يبني عن شرف وسيادة. فإن القوم يعظمون هذه الزنمة ولا يرون للإنسان فضلاً بغيرها. وعلى فرض تحرجه من الانتحال والتزوير فإن غناه يكسبه إياها من عندهم. لأنه متى كان غنياً وجعل دأبة أن يتردد على مواضع اللهو والحظ لم يلبث ان يتعرف بزمرة من الكبراء السعداء وإن يزورهم في مغانيهم. وحٍ يسمونه بسمة شرف تشريفاً له وتشرّفاً به إذ لا يزورهم إلا الشريف مثلهم. فأما حرص النساء على هذه الزنمة وخصوصاً نساء الإنكليز فهو أوسع من أن يحصر في هذا الكتاب.

‌شكاة وشكوى

ثم رام الفارياق أن يستأجر شقة دار يسكنها هو وأهله فرأوا عدة أماكن لم تخل من عيوب. وكانت الفارياق في خلال ذلك تتمعص من ارتقاء الدرج فإن بعضها كان يشتمل على مائة وعشرين درجة فأكثر. حتى إذا تبوءوا محلاّ وجدوا موقده رديئاً. فلم يمض على ذلك أيام حتى طفقت تشكو وتقول:

ص: 266

يا للعجب كيف تنخدع أحياناً بشيء وتنوه به دون تحقق معرفة حاله. ومتى يستقر ببالهم وجوده على حال من الأحوال يعد تغيير وهمهم عنه محالاً. حتى أن تغيير الوهم من الخاطر يكون أصعب من تغيير القين. لأن من تيقّن شيئاً فإنما يتيقنه عن علم ومن طبع العالم أن ينظر دائماً في الحقائق وأضدادها ولا يزال باحثاً عن الصحيح والأصح. فأما الوهم فلا يدخل إلا رأس الجاهل. ومتى دخل فلا يكاد يخرج منه مثال ذلك وهم الناس أن مدينة باريس هي أجمل مدينة في الدنيا. مع أني رأيت فيها من العيوب ما لم أره في غيرها. أنظر إلى طرقها وإلى ما يجري فيها من الدم والنجاسة ومن المياه المتنوعة الألوان. فمن بين أخضر كماء الطحلب واصفر كماء الكركم واسود كماء الفحم.

ص: 267

ويتلاحق بها جميع أقذار المطابخ والمرافق. ورائحتها ولا سيما في الصيف أشد أذى من رؤيتها. فهلا جعل لها مثاعب تحت الأرض أو أبيات تنف منها إلى نهر أو غيره كما في لندن. وأنظر إلى مبلطّ هذه الطرق حيث تجري المراكب والعجلات. فإنك ترى حجارته قد اختلت وتباعد بعضها عن بعض حتى عاد سير العجلات عليها كطلوع عقبة أو درج فهي لا تزال تهتز واضطرب. وسبب ذلك أن البلاط هنا يفرش فرشاً غير مرصوص ولا منظم بعضه إلى بعض فإذا أتت عليه السنون زاد تباعداً وتخلخلاً. فأما في لندن فإنه يرص بعضه على بعض قائماً فتسير عليه العجلات سيراً سريعاً سهلاً بل قرقعة ولا اضطراب. وأنظر أيضاً إلى برازيق الطرق هنا أي حيث تمشي الناس. فما أضيقها وأقذرها وأقل جدواها. ففي كثير من الحارات لا يمكن لأثنين أن يمشيا معاً على حافة واحدة منها. بل هي لا توجد رأساً في كثير من الطرق أو توجد غير كاملة من الأول إلى الآخر فتراها قد تعطلت في موضع واختلت في آخر. وأنظر إلى هذه الأنوار القليلة في الأسواق وإلى فوانيسها البارزة من الحيطان وإلى بعد المسافة ما بينهما. فقد يمشي الإنسان في أكثر الطرق من فانوس إلى آخر أكثر من من مائة وعشرين خطوة. وانظر إلى صغر هذه الحوانيت وقلة أنوارها وبؤس أهلها وشحّهم. فقلما تجد عند أحدهم ناراً. مع أن هذا الشهر هو من أبرد الشهور. وتأمل هذه الديار وعلو طبقاتها وكثرة درجها ووسخها وفساد ترتيب مرافقها ومراحيضها. فقد تجد في الدار الواحدة عدة مراحيض بجانب المساكن وعدَّة مصاب للماء والأقذار. وناهيك ما يخرج منها صباحا من الروائح الخبيثة. ومع كون هذه المراحيض قذرة نجسة خالية عن لوالب الماء فليس لها مزاليج من داخل ليأمن الإنسان في حال خلوته من انبعاق أحد عليه. فكثيراً ما يدمق عليه دامق ولما يكن أتى على آخر ما عنده فيلحقه بالبدغ والأمدر أو الماصع أو الجازم أو الراطم المزرم وقد سألت عن سبب ذلك فقيل لي أن صاحب الدار إذا كان متورعاً يتحرج من وضع المزاليج خفية أن يدخل بعض الساكنين والساكنات معاً ويتحصنوا بها. ومن أقذر ما يرى في حيطانها آثار أصابع مختلفة فكأن الفرنساوية يستطيبون الاستطابة بأصابعهم. وحين ينظفونها ليلاً تخرج رائحتها الخبيثة وتنتشر في الحارة كلها. فلا يمكن للإنسان أن يبيت إلا مسدود المنخرين. ثم أن هذه الديار ماعدا كونها تشتمل على ست طبقات فأكثر. وعن ذلك وعن ذلك وعن فساد التبليط يسمع لمرور العجلات قرقعة زائدة كما لا يخفي. وما عدا كونها تحوي سكاناً كثيرين مابين فاجر فاجر وفاجرة ومستهتر ومستهترة. فإن كثيراً من مساكنها لا يصلح للسكني لخلوه من النور والهواء. ولا يكاد الإنسان يستريح في محل منها. فإنه أما أن يجده قريباً من المرحاض. أو يجد موقده رديئاً. أو يجدي فيه فأراً أو جرذاناً. أو يجد جاره ذا صخب ووقاحة يغني النهار والليل أو يعزف بآلة طرب. أو يخلو بالمومسات على هرج ومرج وقرقرة وكركرة. وإن من داخلها ما يضحك ويبكي. فالمضحك ما يرى من الخلل في هندمة الأبواب والشبابيك وفرش المبلط بالآجر واتصال بعض المساكن ببعض. والمبكي رؤية هذه المواقد فإنها مبنية على شبه القبور وذلك أول ما يخطر ببال الداخل إلى مسكنه. فهي جديرة والحالة هذه بأن تكون صوامع للرهبان المتبتلين لا مضاجع للناس المتزوجين. وأغرب من ذلك أن أبواب الديار لا تزال مفتوحة. وإن البوابين يتعاطون الحرف والصنائع في كنّ لهم يلزمونه ليلاً ونهاراً. فمنهم من يشتغل بالخياطة ومنهم بحذو النعال ونقلها أو غير ذلك. بحيث أن كل إنسان يمكنه ارتقاء الدرج بلا مانع. وقل أن يبصر البواب من كنه أحداً لأن عينيه أبداً ملازمتان للإبرة أو الأشفى. ولذلك كانت دواعي الفساد في باريس أكثر منها في لندن. وما يرى هنا من الديار البهية والطرق الواسعة الحسنة فإنما هو حديث عهد. فكيف كان لباريس شهرة في الزمن القديم وديارها العتيقة وطرقها العهيدة مما ينبو عنه الطرف وتقذره النفس فأين هذا من شوارع لندن الرحيبة الوضيئة ومن دكاكينها الواسعة الظريفة المزجّجة بأحسن الزجاج وأنفسه. ومن ديارها النظيفة المهندمة. قال فقلت ومن حكاكات أعتابها. فقالت ومن أعتاب حكاكاتها. ثم استمرت تقول ومن مساكنها الأنيقة ومن دراجاتها الحسنة التي لا تزال مكسوة بالزرابي الفاخرة. أيم الله أن صعود خمسين

ص: 268

درجة منها لأهون على من صعود عشر درجات هنا. وأين تلك المواقد البهية المصفحة بالحديد اللماع المجلو في صباح كل يوم. وتلك الشبابيك والطيقان المحكمة التزجيج. وأين تلك المطابخ التي لا يزال فيها نور الغاز متوقداً والماء الساخن عتيداً للسكان. وكم فيها من وصائف خُرَّد يتمنى أعظم المخدومين عندنا أن يكون لإحداهن خادماً أو طبّاخاً. قلت بل لامجاً. قالت أو لاحساً.

إلا وأين حسن نهر تامس وما فيه من سفن النار التي تسير إلى ضواحي لندن في الصيف وفيها آلات الطرب. فتراها ملائة بالرجال والنساء والأولاد فكإنما هي رياض مزينة بالأزهار. وأين تلك الحدائق الكثير وجودها في كل جهة في المدينة وهي التي يسمونها ترابيع. ومن يسكن في غرفة مطلة عليها يخيل له إنه مريف. فإذا مشى بعض خطوات ورآها رأى الناس وازدحامهم إقبالا وادباراً. ثم أين تلك الأنوار المتوقدة. في كل من الطرق والدكاكين بحيث انك إذ كنت في أول الشارع وسرحت نظرك إلى آخره أدهشك حسنها وازدهارها. وظننت أنها نسق كواكب قد نظمت في سلك واحد وإنما يمدح باريس من لم يكن قد رأى لندن أو من رآها بعض أيام ولم يعرف لسان أهلها. ثم أين ملاطفة مكريات المساكن ورفقهن بالنازل عندهنَّ غريباً كان أو لا. فإن الغريب إذا تبوأ منزلاً عندهن يصبح وقد صار واحداً من أهل البيت. لأن كلاّ من صاحبة المنزل ومن الخادمة وما أدراك ما الخادمة. تلاطفه وتؤانسه وتقوم بخدمته وتطبخ له وتشتري له ما شاء من السوق. وتطلع إليه كل يوم بالماء السخن وتضرم له النار وتمسح نعاله. لعمري أن النازل عندهن يمكنه أن يتعلم اللغة الإنكليزية بمحاورته معهن في أقصر مدة. فأما في باريس فإن النازل في أحد المساكن قد يموت في ليلته ولا يعلم به أحد. فإن بينه وبين البواب بعداً باعداً. وفي أكثر المساكن هنا لا يجد الإنسان جرساً ليطنّه فيتحرك له البواب. ثم أين استقامة تجار لندن وصدقهم في البيع والشراء وتودّدهم إلى الشاري وأناتهم معه من تجار باريس الذين لو قدروا على سلخ جلد المشتري ولا سيما إذا كان غريباً لما تأخروا. وإنهم قد حاكوا تجار لندن في وضعهم بطاقة الثمن على البياعات. ولكن هيهات. فإن من سعر حاجة بمائة فرنك مثلاً يبيعها بثمانين. وقد يضعون في وجوه الحوانيت أصنافاً من البضاعة مسعرة فإذا أردت أن تشتري شيئاً من ذلك الصنف جاءك بصنف دونه في الجودة. وحلف لك إنه من عين ذلك الراموز ولا يزال بك مبربراً مثرثراً وحالفاً وحانثاً حتى تشتريه حياء أو خصما للنزاع. وغير مرة يعطون الشاري فلوساً أو دراهم زائفة. فأما باعة المأكولات والمشروبات فإنهم أكثر غشاً وشططاً في هذه المدينة من سائر الناس. ولهم في الوزن لباقة لم أرها عند غيرهم. وذلك أن من باعك شيئاً موزوناً يطرحه في كفة الميزان. وأول ما تميل به الكفة يرفعه بلباقة ويسلمه لك. ولو أرسلت إليه خادمك أو أبنك لباعه نفاية ما عنده وكان على السنجة اشد غضباً. هذا ما عدا غشهم المأكول والمشروب وتغييرهم الأسعار بتغيير الأوقات والأحوال. وهذه اللباقة معروفة أيضاً عند باعة الأصناف كيلاً وذرعاً.

ص: 269

فأما ما يقال في مواضع التنزه والحظ في باريس وذلك كحديقة قصر الملك وما يليها فلعمري إن من رأى حدائق كريمون وفكس هال ورجفيل التي في ضواحي لندن ماعدا Cremorne Gardens Vauxhall Rosherville حدائق كثيرة في حاراتها فلا يطاوعه لسانه بعدها على ذكر غيرها. نعم إن حديقة القصر هنا حسنة على صغرها لكونها في قلب البلد وتلك منحازة عن الوسط. ولكن آه من قلب هذا البلد. كم من فاسدين وفاسدات تجمع هذه الحديقة في كل يوم فهي عبارة عن حابور. لأن النساء ينتبنها ليتصيدن منها الرجال. إذ تجلس المرأة على كرسي بجنب ممن أعجبها وهي لا تعرفه. ويكون بيده كتاب يطالعه وبيدها منديل تخيطه أو نحو ذلك. فيطفق هو يقرأ في الكتاب كلمة وينظر إليها نظرة وهي كذلك تملّ ملة وتهجل هجلة فلا يقومان إلا وهما متعاشقان. حتى إذا كان اليوم القابل تبدّل كل منهما مقامة وعشقه. أما الجمال فليس من مناسبة بين جمال نساء باريس ونساء لندن فالذأبة أو الخفوت هناك تعد هنا عبهراً ولعزة الجمال هنا صار عزيزاً فإن الشيء متى عزّعزّ فكان كلف الناس به اكثر وتنافسهم فيه أشد. ومن أعجب العجب عندي أن الجملة الرائعة في لندن تطوف بأخلاق من الثياب. والدميمة الشوهاء في باريس ترفل بالحرير والكشميري فإما مواضع الرقص فإنها في لندن تفتح كل ليلة وفي باريس ثلاث مرات في الجمعة لا غير. وفي أكثر شوارع لندن تسمع الغناء من جواري حسان وآلات الطرب ليلاً ونهاراً من دون غرامة ولا كلفة. وليس كذلك في باريس إلا ما ندر.

وغاية ما يقال في التنويه بباريس وفي تفصيلها أن فيها مواضع للشراب والقهوة ظريفة يجلس داخلها وخارجها الرجال والنساء متقابلين ومتدابرين. فهل لمجرد القعود على كرسي يحكم لها بالفضل وتشهر عند الخاصة والعامة من أعصر متعددة بأنها أجمل مدينة في العالم. ثم أين حشمة فتيان الإنكليز وتأديبهم مع النساء سواء كانوا في البيوت والشوارع من فتيان الفرنساوية هؤلاء الهصاهيص الذين يهصهصون في النساء حرائر كن أو بغايا. ومتى ينظروا امرأة مكّبة لربط شراك نعلها يطيفوا بها فيصيروا لحلقتها حلقة ولحِتارها حتاراً. ولا سيما حين يأتون إلى هذه المناصع ويبدون فيها منادفهم- قال فقلت استمري في الحديث وقولي ما شئت بحيث لا تقفين على المنادف. قالت أتغار علي أيضاً من الوقوف بالكلام. وإنما وقفت بُهْراً من هذه الدنيا المبينة على النادفية والمندوفية. لا جرم لو إني كنت في مقام ملك أو أمير لما أكلت مّما مستّه أيدي الرجال شيئاً.

وبينما هما في الكلام إذا برجل يطرق الباب ففتح له الفارياق وهو مستعيذ من حوله على ذكر المنادف. وإذا به يقول. قد سمعت بقدومك فأتيتك رغبة في أن أقرأ عليك في العربية شيئاً وأعطيك في مقابلة ذلك خمسة عشر أفرنكاً في الشهر. فلما سمعت الفارياقية أغربت في الضحك على عادتها وقالت لزوجها. دونك أوّل دليل على كرم أصحابنا هؤلاء الذين طبّل بذكرهم العالم ورمّز. فقال له الفارياق ما أريد منك مالاً وإنما تبادلني الدرس في لغتك عن لغتي. فرضي بذلك. ثم زاره أحد علماء باريس بعد أيام وقال له قد بلغني قدومك وإنك مُوْلَع بالنظم. فلو أبياتاً على باريس وذكرت ما فيها من المحاسن لقام ذلك عند أهلها مقام توصية بك. لأن الناس هنا يحبون الإطراء والتمليق أي يحبون أن الدخيل فيهم يطرّيهم بالإطراء. وإذا كانوا هم دخلاء في غير بلادهم أطرأوا على حكام تلك البلاد ونالوا عندهم الوجاهة والمكانة. فأجابه الفارياق إلى ذلك ونظم قصيدة طويلة في مدح باريس وأهلها سماها الهرفية لأنه مدحهم مجازفة من قبل أن يعرفهم. وسيأتي مع نقيضتها الحرفية ومع نبذة مما نظمه بباريس في الفصل العشرين. فلما وقف العالم الموما إليه على معانيها أستحسنها جداً وترجمها إلى لغته. وتوصل في أن طبع الترجمة في إحدى الصحف الأخبارية وجاء بنسخة منها إلى الفارياق وهو يقول. قد طبعت ترجمة قصيدتك في الصحيفة وقد وعدتني جمعية العلم الآسياوية "نسبة لآسيا" بأن تطبع الأصل العربي في صحفهم العلمية. لكونك أول شاعر مدح باريس باللغة العربية. فشكره الفارياق على ذلك وقال له إني أريد نسخة من هذه الترجمة. قال أنها في مكان كذا بنحو ثلثي أفرنك فسار وأشترى نسخة.

ص: 270

ثم قدم عليه بعد أيام بعض من قرأ تلك الصحيفة وهو يقول. قد قرأت ترجمة قصيدتك وأعجبتني. فهل لك في أن تبادلني الدرس؟ قال هو كما أريد. فأستمرّ يتردد عليه أياماً في خلالها عرّفه بالعالم المشهور مسيو كترمير Quatremere وهذا العالم عرّفه بمدرّس اللغة العربية مسيو كسّان دُبرسُفال Caussin De Perceval ثم تعرف أيضاً بالمدرّس الثاني مسيو رينو Reineaud ولكن كانت معرفته بهم كأداة التعريف في قولك أذهب إلى السوق وأشترِ اللحم. ثم زاره أيضاً أحد الأعيان الذين يتقدم أسماءهم أداة دُ وهي علامة النبالة والشرف وهو مسيو دُ بوفورت De Beaufort وكان له أخت في دارها مدرسة تعلم فيها بنات الكبراء. فلما حان وقت امتحانهن في العلم صنعت مأدبة في بعض الليالي وأدبت إليها الفارياقية وزوجها. فقال الفارياق لزوجته. هاك مثالاً على كرم القوم فقد مضى عليك مدة وأنت تشكين من الوحدة ومن بخل من تعرّفت بهم وتقولين أنهم لم يؤدبوك قط. وقد كان يؤدبك في بلاد الإنكليز من كان يعرفك ومن لم يعرفك، حتى أنك كثيراً ما كنت تتضجرين من ذلك. لما أنه كان يلزمك له تغيير زيك ووقت غذائك وحرمانك من الدخان. فأبشري الآن أن أصحابنا بالخير قمينون حريون. قلت كل منهم قمين حريّ. ثم سهرا تلك الليلة عند أخت "ألدّ" الموما إليه على أحسن حال وأصفى بال. فرجعت الفارياقية إلى منزلها بقلب آخر وهي تقول. نعم لقد تفضل بوفورت وأحسن كل الإحسان. وقد رأيت من نساء الفرنساوية من البشاشة والطلاقة ما لم أكن أصدقه. نعم ويعجبني منهن هذه الغنة والخنة التي تكثر في كلامهن وهذا هو الذي جعل اللغة الفرنساوية فيما أظن مستحبة. وهي من الأولاد أشجى وأطرب. فقلت الظاهر أن العرب أيضاً تحب هذه الخنخنة. فقد قال سيدي صاحب القاموس نخِم وتنخّم دفع بشيء من صدره أو أنفه. ونخَم لعب وغنى أجود الغناء. فضحكت وقالت أظن صاحبك كان يهوى مخنخنة وإني أشفق من أنك لا تلبث أن تسري إليك عدواه. سلمت بان الغنة بل اللثغة بل اللدغة تستحب من الغلمان والجواري. ولكن هل يطيق فتى أن يسمع عجوزاً خفخافه تخنخن عليه في أنفه. وهل تطيق شابة خُنّة شيخ هرم في خياشمها.

نعم ويعجبنيمن العامة في باريس أنهم لا يسخرون من الغريب إذا رأوه مخالفهم لهم في زيه وأطواره بخلاف سفلة لندن فأنهم يسلقونه بالكلام. ربما تكلف الواحد منهم أن يناديه من مكان بعيد حتى يبح وما ذلك إلا ليقول له أنك يا غريب دموي ملعون. ولعلي في ذلك مخطئة. قال فقلت بل مصيبة فإن جميع الناس يثنون على أدب الفعلة وسائر العامة في باريس وعلى حسن كلامهم. لبثا مدة وهما يقابلان محاسن باريس بمحاسن لندن. فمما كرهت الفارياقية في باريس غاية الكراهة هو إن النساء يرخَّص لهن في دخول الديار مهما يكن من تخالف أنواعهما. وزعمت أن ترتيب الديار في لندن بهذا الاعتبار أحسن. فقال لها الفارياق لا ينكر أن ديار لندن أحسن ترتيباً باعتبار أن درجها قليل وإن سكانها قليلون ملازمون للسكون. وإن أعتابها تحك في كل يوم. وإن في مطابخها ربلات قديمة وإن داخلها مهندم مفروش بالبسط الجيدة إلا أنها بلون النار. فأما ديار باريس فأنها أبقى على الأحوال ومنظرها في الخارج أزهى. فأما مع المومسات عن دخول تلك وترخيصهن في دخول هذه فهو في دليل على أتصاف المومسات في باريس بالأدب. بخلاف مومسات لندرة فإنهن يتهتكن في الشرب والمومس. ولذلك منعن من الدخول إلى السكان. وهناك سبب آخر وهو أن بغايا باريس معروفات في ديوان البوليس وأسماؤهن مقيَّدة فيه. فلا يتجرأن على التفاحش والتهتك وإن كن فواحش. فأما بغايا لندره فقد خُلّين وطباعهن.

ص: 271

ثم مضت مدة على الفارياقية وهي تقاسي من الخفقان ألما مبرّحاً. فكان يلازمها أياماً متوالية ثم يخف عنها. وفي خلال ذلك أدبت مرة أخرى عند أخت "ألدّ"، فسارت معزوجها وهما متعجبان من هذا التكرم الذي لم يجدا له في باريس نظيراً. ثم أشتد بالفارياقية المرض ولزمت الفراش فأحضر لها طبيبين من النمساوية فعالجها مدة حتى أفاقت قليلاً. وكانت أخت ألدّ قد تزوجت برجل اسمه Ledos فلما جاء أخوها ذات يوم إلى الفارياق على عادته وجد الفارياقية تءن وتشكو من بلوغ الألم منها. فقال لزوجها لو استوصفت صهري دواء لزوجتك فأنه خبير بخصائص النبات وقد أبرأ كثيرين من هذا الداء. فسار إليه الفارياقية وسأله أن يأتي معه ليرى زوجته. فقال له أني غير مرخص لي من الديوان في مداواة المرضى ولكني لا آبي أن آتى معك رجاء أن يحصل شفا امرأتك على يدي. ثم أتى ووصف للفارياقية أن تشرب ماء بعض أعشاب تغلى وبعث لها من ذلك بستة قراطيس. فلما فرغت وطلب الفارياق غيرها جاءت أخت ألدّ أعني زوجة المتطبب تقول. أن زوجي يتقاضاكم خمسين أفرنكاً ثمن القراطيس. فلما سمعت الفارياقية ذلك تراجع إليها نشاطها وبادرتها أجمع وقالت لها. أما تستحبين أن تطلبي هذا المبلغ على ستة قراطيس من العشب وزوجك ليس بطبيب. فقال لها زوجها ولكن اذكري أن المرأة أدبتنا إلى شرب القهوة والشاي مرتين وقد تخللناهما بأشياء من الحلواء والكعك فلا ينبغي مقابحتها. ثم جدال طويل ونزاع وبيل رضيت أخت ألدّ بأن تأخذ نصف المبلغ المذكور فأقبضها إياه الفارياق فولت وهي مدمدمة وأنقطع أخوها عن الزيارة. ومن هؤلاء المتطببين من إذا رأى غريباً بش في وجهه واحتفى به ودعاه إلى منزله وواصل زيارته إلى أن يراه يشكو من سعال أو غيره فيصف له دواء. ثم يتقاضاه غرامة رابية على كل زيارة جرت بينهما من أول تعارفهما. ويأتي بجيرة المحل شهوداً على الرجل في إنه كثير التردد على منزله وأدعى أن مرضه كان مزمناً. وحامل لواء هذه الزمرة اللئيمة هو دَلْكس Dalex المتطبب المقيم في لندرة في Beners Street No 61 Oxford Street ثم رجع الطبيب النمساوي إلى مداواة الفارياقية فلما نفهت شار عليها بالسفر من باريس فأستقر الرأي على تسفيرها إلى مرسيلية. فقالت لزوجها قد طاب الآن لي السير من أرض ما فيها خير. هؤلاء معارقك الذين أتيتهم بكتب توصية من لندن والذين تعرقت بهم بعد ذلك هنا بوسيلة علمك لم يدعك أحد منهم إلى باريس على كرسي في بيته. وهذا لامرتين الذي أبلغته كتاب توصية من الشيخ مرعي الدحداح في مرسيلية كتبت إليه تسأله عن أمر فلم يجبك. مع أنك لو كتبت إلى الصدر الأعظم في دولة الإنكليز لأجابك لا محالة سواء بالسلب أو الإيجاب. وهذا المتطبب صهر ألدَّ غرّمنا على ستة قراطيس خمسة وعشرين أفرنكاً مع إن هذا الطبيب النمساوي وصاحبه قد عالجني مدة وعنيا بي ولم يتقاضياك شيئاً. وكذلك تفعل أطباء لندن جزاهم الله خيراً. أفكل الناس يكرمون الغريب ويرفقون به إلا أهل باريس. لقد كنت أسمع أنه يوجد في الدنيا جيل ملاذون وملاّثون ملاّقون ولاّذون ولثّيون محّاحون مرامقون ّملقيون مماذقون غملجيون مبذلخون مطرطرون مطرمذون خيتعوريون مبهلقون مرامقون مذّاعون طرفون خيدعيون قشعون مقطاعيون اعفكيون مجذاميون جذامريون كموصيون هملعيون منبجيون تلماظيون بذلاخيون وما كنت أدري أي جيل هم.

ص: 272

فالان أغنى الخبر عن الخبر. وتحققت أن هذه الصفات التي كنت استكثرها إن هي إلاّ بعض ما يقال في أهل هذه المدينة. فإن مودتهم يقطينية أي تنبت سريعاً كاليقطين ولا تلبث أن تذوي. ومواعيدهم عرقوبية طالما وعدوا فأخلفوا. ومنوا فأزهفوا. وحالفوا فحنثوا. وعاهدوا أفنكثوا يبشون بالمغتر بهم ويهشون. ثم هو إن لازمهم ملوه. وإن غاب عنهم نسوه. وما ينجزه غيرهم بنعم ولا فهم يرتبكون فيه أياماً وليالي يبدءونه بأساطير طويلة. ويختمونه بتهاتر وبيلة. فأما بخلهم على غير المراقص فيضرب به المثل. وناهيك إن نارهم في الشتاء كنار الحباحب. ولو أنهم أوقدوا ناراً كنار الإنكليز لرأيت جوهم أكثر دجنة ودكنة من جو أولئك. وإنهم في الصيف لا يستسرجون وما عندهم غير هذين الفصلين من فصول السنة فأما بردعارم وأما اغتم ملازم. إلا وإن أحدهم لينزل إلا فرنك أجرة من يعمل له منزلة الدينار عند الإنكليز. على أن بلدهم أغلى أسعاراً من لندن في لوازم المعيشة أو مثلها. أرأيت إنكليزياً يعمل لحسابه بالفلس كما يعمل أهل باريس حسابهم بالصنتيم؟ بل أن كثيراً من الإنكليز لا يعلمون كم في صلديهم من فلس. نعم وإن "أي أهل باريس" ليكتب إليك مكتوباً في شأن مصلحة تقضيها له ولا يدفع جعله. ولقد يضحكني من فخرهم أنهم يأكلون ابشع المأكول ولا تزال أمعاؤهم ملئا من شحم الخنزير. ثم هم إذا خرجوا إلى المحافل والمثابات بالغوا في التفخل والرفلان غاية ما يمكن وإن كثيراً منهم يغلقون في الصيف كواهم وشبابيكهم ولا يفتحونها أبداً. يوهمون الناس إنهم قد ساروا إلى بعض منازه الريف ليصيفوا فيه كما تفعل كبراؤهم. وإن كثيراً منهم ليتقوتون بالخبز والجبن نهاراً ليبدوا في الملاهي والملاعب ليلاً. وإن أشرافهم وذوي ألدّ منهم يأكلون مرتين في اليوم ويفطرون على محار البحر. والناس كلهم يأكلون ثلاث مرات والإنكليز أربع مرات.

ولكن معاذ الله أن تكون الفرنساوية كلهم كاهل باريس. وإلا فيخسر ما ضاع الثناء عليهم كما ضاع ماء الورد في غسل مرحاض.

ص: 273