المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الكلام هنا في الأشعري لا في الجميش ولا النميص قلت - الساق على الساق في ما هو الفارياق

[الشدياق]

فهرس الكتاب

- ‌تنبيه من المؤلف

- ‌فاتحة الكتاب

- ‌الكتابُ الأوَّل

- ‌إثارة رياح

- ‌انتكاسة حاقية وعمامة واقية

- ‌نوادر مختلفة

- ‌شرور وطنبور

- ‌قسيس وكيس وتحليس وتلحيس

- ‌طعام واِلتهام

- ‌حمار نهاق وسفر وإخفاق

- ‌خان وإخوان وخِوان

- ‌محاورات خانية ومناقشات حانية

- ‌إغضاب شوافن وأنشاب براثن

- ‌الطويل والعريض

- ‌أكلة وأكال

- ‌مقامة

- ‌مقامة في الفصل الثالث عشر

- ‌سرّ الاعتراف

- ‌قصة القسيس

- ‌تمام قصة القسيس

- ‌الثلج

- ‌النحس

- ‌الحس والحركة

- ‌نوح الفارياق وشكواه

- ‌عرض كاتب الحروف

- ‌الفرق بين السوقيين والخرجين

- ‌الكتاب الثاني

- ‌دحرجة جلمود

- ‌سلام وكلام

- ‌انقلاع الفارياق من الإسكندرية

- ‌منصّة دونها غصّة

- ‌وصف مصر

- ‌في لا شيء

- ‌ في وصف مصر

- ‌في أشعار أنه انتهى من وصف مصر

- ‌فيما أشرت إليه

- ‌طبيب

- ‌إنجاز ما وعدنا به

- ‌أبيات سرية

- ‌مقامة مقعدة

- ‌تفسير ما غمض من ألفاظ هذه المقامة ومعانيها

- ‌في ذلك الموضع بعينه

- ‌القسم الأول في تهبئة الجواهر

- ‌القسم الثاني في عمل الحليّ

- ‌القسم الثالث في عمل الطيب واتخاذ المشموم

- ‌القسم الرابع في عمل الآنية والأدوات والمتاع والفرش

- ‌القسم الخامس في عمل الثياب

- ‌رثاء حمار

- ‌ألوان مختلفة من المرض

- ‌دائرة هذا الكون ومركز هذا الكتاب

- ‌معجزات وكرامات

- ‌الكتاب الثالث

- ‌إضرام أتون

- ‌العشق والزواج

- ‌القصيدتان الطيخيّتان

- ‌الثانية

- ‌الأغاني

- ‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌غيره

- ‌غيره

- ‌‌‌‌‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌غيره

- ‌غيره

- ‌العدوى

- ‌التورية

- ‌سفر وتصحيح غلظ أشتهر

- ‌وليمة وأبازير متنوعة

- ‌الحرتة

- ‌الأحلام

- ‌ الحلم الثاني

- ‌التعبير

- ‌الحلم الثالث

- ‌التعبير

- ‌إصلاح البخر

- ‌سفر ومحاورة

- ‌مقامة مقيمة

- ‌جوع دَيْقوع دهقوع

- ‌السفر من الدير

- ‌النشوة

- ‌الحض على التعري

- ‌بلوعة

- ‌عجائب شتى

- ‌سرقة مطرانية

- ‌الكتاب الرابع

- ‌إطلاق بحر

- ‌وداع

- ‌استرحامات شتى

- ‌شروط الرواية

- ‌فضل النساء

- ‌وصف لندن أولندرة عن الفارياق

- ‌محاورة

- ‌الطباق والتنظير

- ‌سفر معجل وهينوم عقمي رهبل

- ‌الهيئة والأشكال

- ‌سفر وتفسير

- ‌ترجمة ونصيحة

- ‌خواطر فلسفية

- ‌مقامة ممشية

- ‌رثاء ولد

- ‌الحِداد

- ‌جود الإنكليز

- ‌وصف باريس

- ‌شكاة وشكوى

- ‌سرقة مطرانية ووقائع مختلفة

- ‌نبذة مما نظمه الفارياق من القصائد والأبيات

- ‌في باريس على ما سبقت الإشارة إليه

- ‌القصيدة التي أمتدح بها الجناب المكرم الأمير عبد القادر

- ‌بن محيي الدين المشهور بالعلم والجهاد

- ‌القصيدة التي أمتدح بها الجناب المكرم النجيب الحسيب صبحي بيك

- ‌في إسلامبول

- ‌القصيدة القمارية

- ‌الغرفيات

- ‌الفراقيات

- ‌وقال

- ‌وقال في المعنى

- ‌وقال

- ‌ذنب للكتاب

- ‌تم الذنب

الفصل: الكلام هنا في الأشعري لا في الجميش ولا النميص قلت

الكلام هنا في الأشعري لا في الجميش ولا النميص قلت المجنون المجنون ودعيني إلى المجنون فقد كدت تلحقينني به بكلامك هذا المعصود قالت متى كنت تكره العصد، وهو لك غاية القصد. أما المجنون فليس إلاّ ما قلت أنطلق به إلى المعبر ودعه هناك من غير أن تخبر به أحد. قال فانطلقت به وأدخلته في إحدى الحجر وقفلت عليه الباب. فلما جاع طفق يعالج الباب ليخرج فسمعه الخادم فأخرجه. فتوصلت زوجة صاحب المعبر في أن رجعته من حيث جاء وعزمت على السفر بزوجها إلى بلادها. وناب عنه آخر من بلاده في المصالح التعبيرية ولكن لم تطل مدته لأسباب يأتي بيانها. وقبل إيرادها ينبغي أن نختم هذا الفصل بما نظمه الفارياق حين كان رئيس المعّبر يحض على التعرّي وهو

ألا تريد صاح أن نجنّا

ونخلع اليوم الثياب عنا

ولا تنام ليلنا أن جنّا

ولا نسي بالنساء الظنّا

ولا نرى متى يجي حنا

وإن يغب نقل مريض مَنّا

وأن أتانا فاسق وزنّا

نركبه الخيل فلا يعنَّى

ونجعل الزوج له مجنّا

تقيه من كل معَنّ عنّا

ولا نبالي أن رأينا قرنا

قد طنّ في أصداغنا ورنّا

فقد رأيت العقل يضنى الطُنّا

ويحرم الحرّ الذي تمنى

ولن ينال الحظ مطمئنا

إلا الذي باح بما أكنّا

مه أيها الشيخ الذي أسنّا

ما أنت والغناء والأغنّا

تدخل في مضايق وتعنى

وما تبالي لو لقيت وهنا

ماذا لقيت من نزير جنّا

ومن طواف ههنا وهنّا

وأفيتنا في شهر نحس أخنى

على المحبين فقلنا أنّا

لم تخل دار بتّ فيها معنا

من حادث غارة سوء شنّا

يشكوك كل ذي عيال منا

أوردتهم من كل رزء فنّا

فمن مجانين أبانوا الهنّا

ومن مصاب بالحمام أطْنى

ومن عليل دنف أنا

حتى رثى الضدّ له وحنّا

قدك اتئد أوقدت فينا الحزنا

وقد شحنت المصر همّا شحنا

فاضعن هداك الله وأرحل عنا

من قبل أن تقطع عنه الطحنا

وتنضب الماء وتنفي اليمنا

عن بلد من قبل كان أمنا

وأختر بغير ذا المكان كنّا

تأوي إليه مستريحا طمْنا

فما عليك أن أصبت غبنا

ثمَّ ودَعّا أو لقيت زبْنا

أو كنت تأتي هذّرا وأقنا

وتنظر القبيح منك حسنا

بحيث لا تبصر يوماً قرنا

وكاشحا أخفى عليك ضغنا

كما أصبت ههنا خُبُنّا

أصدأ منك الضرس ثم السنّا

لو استطاع لقراك سجنا

تصبح فيه للرزايا رهنا

شيطانه عليك قد تجنى

يقول من تبغك قد أسنّا

جعلت في دار الصلوة فرنا

دخانه عمَّ وأعمى الرعنا

وقال قوم تفله أصنَّا

ولحنه يبلغ ضرّا منا

فليبغ في دار سواها خدنا

وما علينا أن سخا أو ضنّا

وأن بكى من شؤمه أو غنّى

أو أخلص الدعا لنا أو لعنا

أو خار من جوع وذلَّ وهنا

أو قال صرنا بعد ما قد كنا

أنك يا مغرور لم تعشقنا

ولم تعرّ بنا ولم تشُقنا

فلا جزاك الله خيراً عنا

‌بلوعة

ص: 197

لما فرغ الفارياق من تعبير الأحلام كلّف أن يترجم كتاباً للِجْنة في بلاد الإنكليز فترجمه لهم بلغتنا هذه العربية على ما اقتضته قواعدها. وأتفق وقتئذ أن سافر المطران أتناسيوس الحلبي التتونجي مؤلف كتاب الحكاكة في الركاكة إلى تلك البلاد في بعض مصالح ثرتمية. فتعرف باللجنة المذكورة وأفادهم أن لغة الفرياق فاسدة رأسا. وذلك لخلوها مما أشترطه على المترجمين والمعربين في كتاب المذكور. وأن النصارى يحبون الكلام المعسلط المعسطل. وأنه قد ربا في هذه الصنعة مذ عهد طويل وربى فيها كثيرين في مدرسة عين تراز وفي غيرها.

وأن لأسفار الكنيسة منهجا

يخالف أسفار الورى ويغاير

وأن لفي اللفظ الركيك يبرّكا

ويُمْنا لقوم عنهم العار ظاهر

وأن غناء اللحن في القول عندهم

لكان للحن في الإيقاع والأصل ظاهر

وإن نسبة المولى إلى الله منكرُ

ومن ولوُا الأدبار كلّ يحاذر

وأن تكاة جمع متكئ أتى

وأن مَصُونا لا مصانا لنادر

وللشعب القوم معنى مشهر

وفي ملك لا في ملاك كبائر

وأن عبيداً لا عباداً مضافةً

إلى الله أوْلى ما لذا الحكم ناكر

وأن عذاباً كالركاكات جمعه

وإن لم يرادف باقي الشيء سائر

وما واعظيها قيل بل موعظينها

ومن قال أدوّا دون ودّوا مكابر

ومن ردّ قل إن شئت صوغ اسم فاعل

مُردّ كذا قال النصارى الأواخر

ويظهر يلغيه يبان نظيره

وصرنا بنيْنَا بالتذخّر كاثر

وجمع مصَفّ للإله مسبّح

وبعد كما للعطف واو تباشر

ومن بعد إذ جزم المضارع واجب

ونعت المثنى بالذي متواتر

وإثبات باء الأمر من ناقص كما

حكاه له قس الشوير المعاصر

وإثبات نون الرفع في الفعل بعد كي

وأن مستفيض هكذا نص زاخر

ومن بعد يعطى نصب نائب فاعل

وجوباً وحذف الفاء في الشرط دائر

وطلب من اللجنة المذكورة أن يفوضوا إليه تعريب الكتاب الذي مرّ ذكره ليحظى عند النصارى بالقبول وإلاّ فلا. فلما رأوه ذا لحية ولا سيما أنه متحلّ بجلاء مطران والمطران عندهم لا يكون إلاّ علماً فاضلاً اعتقدوا فيه الفضل والعلم وفوضوا إليه العمل. ولهذا السبب خاصة بطل المعبّر ولم يبق للفارياق إلا مرتبه من وظيفة إصلاح البخر. وهنا ينبغي أن يلاحظ أن الإنكليز أشد الناس حرصاً على الألقاب. فإذا زارهم أحد من البلاد الأجنبية متصفاً بلقب أمير أو شيخ أو مطران حظي عندهم الحضوة التامة. ولا سيما إذا كان يتكلم باللغة الفرنساوية. أما لقب المطران فهو عندهم من الألقاب التي تغني صاحبها عن توصية وتنويه. إذ ترجمة هذه اللفظة تجري لديهم مجرى قولهم رئيس أساقفة. ومن حصل على هذه الدرجة منهم حصل على دخل أربعة آلاف ذهب من الليرة. فأما طول اللحية فهو عند العرب ليس بدليل على الحلم والنباهة كما يتبين من حكاية المأمون مع الفقيه علويه. ولكن عادة العجم غير عادة العرب.

ص: 198

ثم أن الفارياق لما آن وقت بطالته من إصلاح البخر وهو ثلاثة أشهر الصيف في كل سنة عزم على أن يسافر إلى تونس. فركب في سفينة رئيسها من أهل الجزيرة الذين هم بين السوقيين والخرجيين مرة. ومرة بينهم وبين الفلاسفة. وبعد سفر أثني عشر يوماً كلها خطر وعناء بلغوا حلق الواد. فكان بعض الملاحين يقول في أثناء الطريق أنه إنما وقع لهم ذلك بخلاف العادة لكون الرئيس سافر يوم الجمعة خلافاً لسائر الرّبّانيين فأنهم لا يسافرون فيه أصلاً أما احتراماً له أو تشاؤما منه. لكن الفارياق كان يعلم حقيقة السبب وهو هبوط طالعه. وأن نية سفره سواء كانت قريبة أو غير قريبة لا يبلغ إليها إلا في عدة أثني عشر يوماً. وإنما كتم ذلك عنهم. قال أما المدينة فإنها ضيقة الأسواق صغيرة الحوانيت. غير أنها طيبة الهواء والمأكول والمشروب كثيرة الفواكه. وأهلها طيبون خيرون يكرمون الضيف ويحبون الغريب. رفيها من المغنين والعازفين بآلات الطرب كثير ومعظمهم من اليهود. ونساؤهم حسان سمان بيض دعج برغم النصارى القائلين أن الله لعنهم ومسخهم بعد صلبهم سيدنا عيسى عليه السلام ونزع منهم كل حسن باطني وظاهري. غير أني أظن أن القسيسين إذا نظروا يهودية جزلة بضّة ربحلة يبدّعون صاحب هذا المذهب ويفنّدونه. وإنما يقول ذلك منهم من كان لزق النصرانيات ولم يرَ غيرهن. ومعلوم أن النفس ترغب في الحاضر الموجود عن الغائب المفقود. أو لعلهم يريدون أن المسخ إنما نزل بالرجال دون النساء فلْيُسألوا. وأن كثيراً من هؤلاء الغير الممسوخات غير بعيدات عن الغصن والهصر. ومن عادتهنّ أن يمشين غير متبرقعات مكشوفات السوق. ثم لمّا أزف رحيل الفارياق من المدينة قال له بعض معارفه من أهلها لو مدحت وإليها المعظم. فأنه أكرم من أعطى وأنعم. وأكثر الناس ارتياحاً إلى الجود والمعروف. قال قد نويت الآن السفر فلم يعدلي ممكناً غيره. ثم رجع إلى الجزيرة وكان من جملة الركاب الذين رجعوا معه رجلان نمساويان أحدهما أبن أحد التجار الأغنياء والآخر من قواد عسكر البابا. وكان هذا قد أخذ من الفارياق واحدة من هذه النبخات الدقاق فردها عليه بعد يومين. فلما استقر الفارياق بمنزله خطر بباله أن ينظم قصيدة في مدح جناب المولى المشار إليه. فأنشأ قصيدة طويلة ذكر فيها كل ما شاقه هناك من المحاسن ولكن من دون تعرّض لذكر محاسن نساء اليهود. فلم يشعر بعد أيام إلا والمولى المشار إليه بعث له بهدية من الماس تضن بها الملوك على ندمائهم. ومعها كتاب من ناموسه المعظم ووزيره المفخم مصطفى باشا خزندار. هذه صورته "المحبّ الذي رعى المودة شأنه. والكمال سجية قام بها عمله ولسانه. الأديب الأريب. الآخذ من كل فنٍّ أوفر نصيب. حسن الأخلاق. والحائز في مضمار البلاغة قصب السباق. البارع الفارياق. لا زالت محاسنه نيّرة الإشراق. وبلاغته كواكب آفاق. أما بعد نعمتنا ومولانا وسيدنا المشير أحمد باشا باي أمير الإيالة التونسية. لا زالت بوجوده محمية. بلغ لرفيع جنابه من آدابكم قصيدة تحلىّ بها شعركم. واتضح بها فخركم. ويدوم بها ذكركم. فلله در منشيها ومبدعها وموشيها. حيث ملك من البلاغة دانيها وقاصيها وألقت لديه مقاليدها ونواصيها. والمولى أيده الله حسن لديه موقع خطابكم. وأثنى عن بلاغتكم وآدابكم. روجه لكم من حضرته العليا حكة تتذكر بها وداده وإيالته وبلاده. فأقبلها من أفضاله ومن نزور نواله. والله يحرسكم بعين عنايته. ويسبل عليكم ستر عاقبته. وكتبه الفقير إلى ربه تعالى مصطفى خزنة دار الدولة التونسية في الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة 1257."

ص: 199

وفي أثناء ذلك قدم المطران التتونجي إلى الجزيرة فبلغ الفارياق قدومه ولم يكن يعرف ما افتئت عليه به عند الإنكليز فذهب ليسلم عليه وأدبه إلى وليمة أعدها له. وأقام المطران في بعض المنازل يشتغل بترجمة ذلك الكتاب الذي زاحم الفارياق عليه. وظل الفارياق ينتابه حيناً بعد حين وهو غير موجس منه شيئاً. فلما كان بعد أيام ثارت في الجو حاصب ومتشغزبة ومنسبة منشبة ونكباء وهَبُوبة وحُرجوج وخجَوْجاة ودرّوج وسَهوُج وشجوجاة وبارح وسَناخة وخِنذيذ وصَرْصضر ومشتكرة وأعاصير ومعتكرة وُهباريّة وروامس وزوابع وزُعزعان وهَيْرع وجَفجف ورفَزْاف ومسفسفة ومُسّنفة وعواصف وخَرْفا وزِحْلق وسَهْوق وحاشكة وساهكة ورَعْبَليل وطيَسْل وعَياهل وسَهام وسَفُون وَوَرْهاء وميْلاء وسافياء. ثم جاء على عقبها روائح هنبيّة صُماحية زنجية سنخية إِفاخيّة عَبَاديّة خَجرية ذفرية عدارية امدرية امذرية خُنازية طَفاسية حُطاطية عفّاطية عفَطانية شِياطية ناِضفية زَهْمَقية خبراقية صَليّة خَيْغامية صَنَمية قنمية عجانية لخنية نَجْوية مختلطة بُطْمطمانية ولخْلخانية ورُتيَّة ولغلغانية وقلقلانية وكسكسية وكشكشية. وإذا بالمطران المزبور قد غاص في بالوعة فوهاء في تعريب ذلك الكتاب. ولما كان جاهلا تصليح الطبع زيادة على جهله باللغة كان لابد من تبليغ هذه الروائح الخبيثة منزل الفارياق. فإن مدير المطبعة كان من أصحابه فكلَّفه بأن يصحح غلط الطبع من دون تعرض لتصحيح الغلط في الترجمة وحٍ عرف سبب قدوم المطران ومكايده. فصرّ بعض هبَّات كريهة من تلك الروائح وبعث بها إلى اللجنة المذكورة وأقام ينتظر الجواب.

ص: 200

ثم اتفق بعد مدة أن قدم إلى الجزيرة السيد المعظم سامي باشا المفخم المشهور بالمناقب الحميدة. وكان للفارياق دالّة عليه فسار إليه ليهنئه بقدومه. فكلفه المشار إليه بأن يمكث عنده مدة اعتزال فأخبر زوجته بذلك. فقالت له كم مرة أقول لا خير في الاعتزال. قال لا بأس به إذا كان مع أمير فإن شرف الاسم يكفي. قالت لا يغني الاسم عن الفعل شيئاً. قال فقلت بل اجتز به كثير. قالت أمع جارٍ له. قلت لا أدري. قالت لو كان الاسم يغني لكانت المرأة تكتب على موضع من جسمها لفظة أمير. قلت أعوّض ما يمضي. قالت وإلا فأمْض على العوض. قلت ما أعجل النساء. قالت وما احبَّهن للإبطاء وأن يكون صبوراً. قالت لو لم تكن النساء اصبر من الرجال ما كنَّ يعمرن في الأرض أكثر منهم على ما يلحقهن من أوجاع الحبل والولادة. قلت ليس هذا هو السبب وإنما هو أن الصالح من الناس لا تطول حياته على الأرض بخلاف الطالح. قالت هل في الرجال صلاح وما من فساد إلا والرجال مخترعوه. هل تفسد الإناث في الإناث ما تفسده الذكور في الذكور. وهل يفسد النساء غير الرجال. ومن ذا الذي يتصبّاهن ويتآلفهن ويتنقثهن ويغازلهن ويغويهن بالمال والوداد والوفاء غيرهم. حتى إذا استوثق أحدكم بأحدنا فأحرز سرّها ذهب في الحال وباح به وربما سكر مع بعض معارفه أو تساكر فأفتخر أمامهم بإفشاء ما يجب كتمانه وبهتك ما يلزم صونه. إلا وإن الرجل الرجل منكم ليعتمد على ما خصّه الله به من القوة والبأس فيعتقد أنله الفضل على المرأة في كل شيء ولو كان الفخر بالقوة لكان الفيل افضل من الإنسان. نعم إنا ليسرنا أن نرى الرجل شيظما أيَّدا ولكن لا يليق به والحالة هذه إن يأتي امرأته الضعيفة المسكنية فيعاملها بالخيعرة والدغمرة والدنقرة والزنترة والزنخرة والزمجرة والزنهرة والشنزرة والشنصرة والشنظرة والشمصرة والعجهرة والغذمرة والغثمرة والغيثرة والخزربة والخطلبة والخظلبة والدحقبة والدعربة والدنحبة والزغدبة والسقلبة والشغزبة والشهجبة والصرخبة والصعنبة والطغربة والعثلبة والعصلبة والغسلبة والقحطبة والقرطبة والنيربة. ثم إذا ذهب إلى أخرى أوهمها إنه أسيرها وعانيها وقنّها ورقيقها وقَيْنها وقَنّورها وماهنهِا وقُنْجلها ومملوكها وذليل حبّها ودنف غرامها وعميد عشقها وصريع هيامها وميت هواها وشهيد حبّها. وإن الله تعالى لم يخلقه في الدنيا إلاّ لمرضاتها. قال فقلت إذا كان الرجل مخطئا في ذلك فالمرأة غير بريئة أيضاً لتصديقها إياه وانقيادها له. قالت إنما تصدّقه من صفاء سريرتها وسلامة صدرها. فإن الصادق لا يرتاب في كلام غيره وإن الكريم ينخدع. ولو أن الناس سمعوا مثلا بأن امرأة متزوجة تحب غير زوجها لأنكروا عليها ذلك كل الإنكار. واستفظعوه غاية الاستفظاع. فتطبّل به الطبول وتزمر الزمور وتكتب الكتب. ولا يبقى في البلد أحد إلا ويروي عنها حكاية أو ترّهة. فأما إذا سمعوا عن الرجل إنه يحب غير زوجته فإنهم يحملون فعله على وجه مرضي ويعتذورن عنه بقولهم أن امرأته غير زافنة. أو أنها جُخنّة مِنفاض. أو ميراص أو منشاص. أو خذنفرة أو غبوق أو زخّاخة خقوق. أو فتقاء غقوق. أو رتقاء غفوق. أو نجّاخة فشوش. أو منخار حَضُون. أو جَخْواء أخْجَى. أو جْخراء رهَوْىَ. أو مُجْخرة ضحياء. أو ضَهْواء ضهياء. أو هَرعِة رفغاء. أو سَلَقْلق أو متكاء. أو قَشْوَرا أو مصواء. أو ناسعة شقّاء. أو مهلوسة أو لصَّاء أو لثية. أو لَخْجم. أو خَيْق ذات عَفْلقَ أو قَلْذَم. أو حمق وعَفَل أو ذقناء. أو ميقاب أوفجواء أو لَقْوة أو خَثْواء. أو قَنْشورة أو ذناء. أو قرثع أو سلتاء. أو خرُور أو قعماء. أو عائط أو شرماء. أو عنبلة أو لخواء أو مجيّأة أو رَمضة وغير ذلك من العيوب ولا يرون في فعله هذا سماجة. مع إن للمرأة أسبابا تحملها على الشطح أكثر من أسباب الرجل. قلت تفضلي بذكرها كي أجانبها. قالت أوّلها ما إذا لم يقم الرجل بوفاء حق زوجته. وهو حق الزواج الذي من أجله تترك أباها وأمها وأهلها ووطنها وبلادها وغير مرة دينها. قلت اللهم لطفك وعصمتك ثم ماذا. قالت ومنها إهماله أمورها وقلة اهتمامه بما فيه راحتها وانشراح صدرها وتطيب خاطرها. وتلهيتها وتسليتها وترويتها وتحليتها وتدفئتها وتطريتها وتأسيتها وتقويتها وتمشيتها وتغديتها وتمزيتها وتمنيتها وتمليتها وتهنئتها وتوقيتها. قلت

ص: 201

نعم وتعريتها وتمذيتها وتمريتها وتنديتها وتنفيتها وتسميتها وتنجيتها. قالت نعم كل هذا وأكثر حالة كونها أسيرة بيته طول النهار قائمة بخدمته متعهدة لأموره. وهو يطوف في البلد من مكان إلى مكان وينتقل من سوق إلى سوق. حتى إذا جاء منزله انطرح كالمغشي عليه وقال أن الشغل جهده والجهد شغله وإنه عرض له كذا وجرى عليه كذا. مع أنه هو الذي تعرض لذلك الكذا وجرى على ذلك الكذا. مع أنه هو الذي تعرض لذلك الكذا وجرى على ذلك الكذا. ومنها رقة فؤاد المرأة والشفقة التي فطرها عليها الباري تعالى. فلا يمكن لها أن تقابل رجلا عن مودته لها إلا بالوداد أو عن تملقه إليها إِلَاّ بالميل إليه والإقبال عليه. وناهيك ما في الرحم والرحمة من الاشتقاق والمجانسة. قلت وأعجب من احتجاجك بهذا الاشتقاق التناسب بين معاني الكَيس. قال في القاموس الكَيْس خلاف الحمق والجماع والطبّ والجود والعقل والغلبة بالكياسة. وبين السّر والسرور والبسط والشرح والبُضع والشعور والمشاعرة واللمج والقمط. وخصوصا بين أبي ادْراس وأبي إدريس دامت الفتهما في اللفظ والمعنى. فقهقهت وقالت شرف الله لغتنا الجامعة بين كل متناسبين ومتجانسين. قلت ولكن قد يلازم ذلك أحيانا ما يسوء أو ما لا يليق. نحو أرّ فإنه بمعنى جامع ورمى بالسلح. وجنّح رمى ببوله ومسح جاريته. ومعط جامع ونتف الشعر وحبق. وجلخ جامع وبطنه سحجه وفلانا بالسيف بضع من لحمه. بضعة. ومتخ جامع وبسلحه رمى. وملخ جامع وجذب الشيء قبضا أو عضا وتردد في الباطل. وملق جامع وضرب بالعصا وجظ جامع وطرد وصرع وبالغصة كظّة. وحج جامع وبسلحه رمى. ولخب جامع وفلانا لطمه. ومتر جامع وبسلحه رمى. وجلد جامع وفلانا ضربه بالسوط وأصاب جلده. وعصد جامع ولوى وفلانا أكرهه على الأمر. وضفن جامع وبغائطه رمى. ومحن جامع وضرب. ومشن جامع وخدش. وأسْوى احدث وخزى وفي المرأة أوعب. وكذا حشأ وحطأ وحلأ وخجأ ورطأ وزكأ ولتأ وغير ذلك مما لا يحصى. قالت كل صعب في جنب ذلك يهون. ولا بدّ لجاني العسل من أن تأبره النحل. ثم إني فهمت من فحوى كلامك أن هذه الأفعال في لغتنا الشريفة أكثر من أن تعدّ. وإن أكثر المعاني قد وضع له فيها ألفاظاً كثيرة تسميها العلماء إردافية على ما ذكرت ليسابقاً. قلت لم اقل لك هذا وإنما قلت مترادفة. وإن هذا الفعل بخصوصه له أكثر من مائتي لفظة. فكل لفظ دل على دفع أو نهز أو ضغط أو إدخال دل عليه أيضاً. قالت فهل تستطيع أن تذكر لي حرفاً يدل بالخصوص على الامتناع عن النساء عفَّةً وتقوى. قلت لم يمرّ بي حرف بهذا المعنى وإلا لحفظته فإني مُولَعُ بحب الحروف النسائية. والظاهر أن العرب لم تكن تعرف ذلك. غير إن تَبتّلَ وبَكُمَ يدلان عليه في أحد معانيهما. قالت في أحد لا يغني شيئاً. ثم استمرت تقول ومنها وهو مستفيض عند اكثر النساء إن المرأة إذا أحسّت بإعراض زوجها عنها أو بفدوره أو بالجفوة لها مع تحببها إليه وإقبالها عليه وحالة كونها له عطيفاً هلوباً بعيجاً عروباً متبعّلة رعبليباً آنسة باهشة متبشبشة متهشهشة ذات رشرشة ومشمشة ونشنشة ووشوشة مدربخة وازكة منصعة واكعة مصوصا حارقة إن لم أقل علوقا وغير عازمة مالت إلى غيره لتغيره وترده إلى قديم محبتها. فإن من الرجال الحمقى من لا يعرف قدر امرأته إلا إذا رأى الناس يحبونها. فتكون محبتها لغيره علاجاً لمحبته هو. وهذا يسمى عندنا دغدغة وزغزغة وسغسغة. فأما عيوب الرجل فهي لعمري اكثر من عيوب المرأة ولو لم يكن به غير الزمالقية لكفى. وهل والحالة هذه يجب حل عقدهما أو يجوز أو يمتنع أقوال. فالنصارى على منعه مع إنهم يقولون إن المقصود من الزواج بالذات الإنتاج وحفظ النسل. والطبائعيون والفلاسفة على وجوبه أخذاً بهذا القول عينه ومراعاة لأداء حق المرأة الواجب على الرجل وهو أمر طبيعيّ لا بد منه ولا محيص عنه. وبقي الجواز في عهده غريمي الزواج. إن شاء بقيا على ما هما عليه وإلا افترقا وهو الأصلح. ولعمري إن المرأة التي ترتضي بأن تقيم مع زوجها من دون قضاء حقها لجديرة بأن يعيّد لها عيد في رأس كل سنة. أليس أن أستاذك صاحب القاموس الذين تستشهد بكلامه في كل مشكل نسواني قد قال الرجل م والكثير الجماع. فإذا كان الزوج غير رجل فأنَّى يحل له أن يجوز عنده امرأة لا يؤدي لها حقها. أيحل لرجل أن يقني دابة إذا لم يقدر على علفها.

ص: 202

استغفر الله عن هذا التشبيه. أو لصاحب أرض أن يغادر أرضه غير محروثة ولا مزروعة ولا مسقية. أفلا يجب حٍ على الحاكم الشرعي أن يشتريها منه ويوليّ عليها من يتعهّدها ويستغلها. وإذا كان الإنتاج وحفظ النسل مشتركاً بين الرجل والمرأة بل جلّ أركانه مختص بها ومتوقف عليها فلمَ لا يكون الطلاق مشتركاً بينهما أيضاً إذا اقتضت الأسباب ذلك. إذ الطلاق عندي من غير سبب إن هو إلاّ بطر وسفه. أقبح من ذلك إن رؤساء النصارى يأذنون في مثل هذه الحال في فراق الزوجين. ولكن لا يأذنون لهما في الزواج وإِن يكن داء الرجل عضالاً لا يرجى له علاج في مدة انفصاله عن زوجته. فأي حكمة في ذلك وأي ضرر من تزوجها بغيره ليولدها البنين والبنات. فلعلما يأتي من يفوق غيره بالكسل والركاكة فيصير راهباً أو مطراناً. وعسى أن يأتي من بناتها من تتحمس بالوساوس والهواجس والأحلام فتصير راهبة. هذا وقد ورد في التوراة حكاية عن الباري تعالى أنه قال تكاثروا واملئوا الأرض على مبالغة فيه. فإن مَلء الأرض بشراً يوجب خرابها لا عمرانها. وقال مار بولس إن المرأة تخلص نفسها بتربيتها البنين الصالحين. فهل تعليق الزوج والزوجة عن الزواج مطابق لنص هذين الحكمين. انظر إلى أهل هذه الجزيرة فإنك تجد أكثر الرجال منفصلين عن أزواجهم وعائشين بالسفاح. وقسيسوهم مصرّون على أن ذلك أوفق من الزواج الشرعي. مع أن القسيسين لا يعرفون الحقوق الزوجية لأنهم غير متزوجين. أيصح ترئيس رؤساء على الجند ممن لا يحسنون صنعة الحرب والمبارزة. فقلت لله درّك من أين لك هذا كله وقد طالما اشتبه عليك الأمرد والمحلوق اللحية عند قدومنا هذه الجزيرة. قالت ربّ شرارة أضرمت أتوناً. أني كنت اعرف من نفسي أني لا البث أن أنبغ في هذا. وذلك لكثرة ما كنت أرى واسمع عن المتزوجين من الخلاف والمعاسرة. والشكو والمنافرة. لا سيما وقد رأيت الآن بلداً غير بلدي وأناساً غير ناسي. واختبرت عادات جديدة وأحوالاً غريبة. فتوهّجت تلك الشرارة التي كانت مودعة في خاطري تحت دمان الوحدة والانفراد حين هبت عليها نكباء الأحوال المتغايرة والشؤون المتباينة. ولا سيما في ليلة الرقص التي لا تنسى. ومذحٍ خطر ببالي إن أملي عليك كتاباً في حقوق الرجال والنساء ولا بد من الشروع فيه. قال سأفعل ذلك إن شاء الله ولكن الأمير ينتظر قدومي عليه في المعتزل غداً فلا بد من التوجه إليه قبل إنشاء الكتاب. قالت قد تشفّيت الآن قليلاً بما قلته فأذهب إليه وأرجو أن لا تعاودني هذه الاهتقاعة إِلا وأنت هنا. فاستغاث واستوزع. واستعاذ واسترجع. ثم ذهب إلى الأمير المشار إليه وبعد أن قضى معه مدة الاعتزال سافر معه إلى إيطاليا ثم رجع إلى الجزيرة محفوفاً بإكرام الأمير وإنعامه.

ص: 203