المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحض على التعري - الساق على الساق في ما هو الفارياق

[الشدياق]

فهرس الكتاب

- ‌تنبيه من المؤلف

- ‌فاتحة الكتاب

- ‌الكتابُ الأوَّل

- ‌إثارة رياح

- ‌انتكاسة حاقية وعمامة واقية

- ‌نوادر مختلفة

- ‌شرور وطنبور

- ‌قسيس وكيس وتحليس وتلحيس

- ‌طعام واِلتهام

- ‌حمار نهاق وسفر وإخفاق

- ‌خان وإخوان وخِوان

- ‌محاورات خانية ومناقشات حانية

- ‌إغضاب شوافن وأنشاب براثن

- ‌الطويل والعريض

- ‌أكلة وأكال

- ‌مقامة

- ‌مقامة في الفصل الثالث عشر

- ‌سرّ الاعتراف

- ‌قصة القسيس

- ‌تمام قصة القسيس

- ‌الثلج

- ‌النحس

- ‌الحس والحركة

- ‌نوح الفارياق وشكواه

- ‌عرض كاتب الحروف

- ‌الفرق بين السوقيين والخرجين

- ‌الكتاب الثاني

- ‌دحرجة جلمود

- ‌سلام وكلام

- ‌انقلاع الفارياق من الإسكندرية

- ‌منصّة دونها غصّة

- ‌وصف مصر

- ‌في لا شيء

- ‌ في وصف مصر

- ‌في أشعار أنه انتهى من وصف مصر

- ‌فيما أشرت إليه

- ‌طبيب

- ‌إنجاز ما وعدنا به

- ‌أبيات سرية

- ‌مقامة مقعدة

- ‌تفسير ما غمض من ألفاظ هذه المقامة ومعانيها

- ‌في ذلك الموضع بعينه

- ‌القسم الأول في تهبئة الجواهر

- ‌القسم الثاني في عمل الحليّ

- ‌القسم الثالث في عمل الطيب واتخاذ المشموم

- ‌القسم الرابع في عمل الآنية والأدوات والمتاع والفرش

- ‌القسم الخامس في عمل الثياب

- ‌رثاء حمار

- ‌ألوان مختلفة من المرض

- ‌دائرة هذا الكون ومركز هذا الكتاب

- ‌معجزات وكرامات

- ‌الكتاب الثالث

- ‌إضرام أتون

- ‌العشق والزواج

- ‌القصيدتان الطيخيّتان

- ‌الثانية

- ‌الأغاني

- ‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌غيره

- ‌غيره

- ‌‌‌‌‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌‌‌غيره

- ‌‌‌غيره

- ‌غيره

- ‌العدوى

- ‌التورية

- ‌سفر وتصحيح غلظ أشتهر

- ‌وليمة وأبازير متنوعة

- ‌الحرتة

- ‌الأحلام

- ‌ الحلم الثاني

- ‌التعبير

- ‌الحلم الثالث

- ‌التعبير

- ‌إصلاح البخر

- ‌سفر ومحاورة

- ‌مقامة مقيمة

- ‌جوع دَيْقوع دهقوع

- ‌السفر من الدير

- ‌النشوة

- ‌الحض على التعري

- ‌بلوعة

- ‌عجائب شتى

- ‌سرقة مطرانية

- ‌الكتاب الرابع

- ‌إطلاق بحر

- ‌وداع

- ‌استرحامات شتى

- ‌شروط الرواية

- ‌فضل النساء

- ‌وصف لندن أولندرة عن الفارياق

- ‌محاورة

- ‌الطباق والتنظير

- ‌سفر معجل وهينوم عقمي رهبل

- ‌الهيئة والأشكال

- ‌سفر وتفسير

- ‌ترجمة ونصيحة

- ‌خواطر فلسفية

- ‌مقامة ممشية

- ‌رثاء ولد

- ‌الحِداد

- ‌جود الإنكليز

- ‌وصف باريس

- ‌شكاة وشكوى

- ‌سرقة مطرانية ووقائع مختلفة

- ‌نبذة مما نظمه الفارياق من القصائد والأبيات

- ‌في باريس على ما سبقت الإشارة إليه

- ‌القصيدة التي أمتدح بها الجناب المكرم الأمير عبد القادر

- ‌بن محيي الدين المشهور بالعلم والجهاد

- ‌القصيدة التي أمتدح بها الجناب المكرم النجيب الحسيب صبحي بيك

- ‌في إسلامبول

- ‌القصيدة القمارية

- ‌الغرفيات

- ‌الفراقيات

- ‌وقال

- ‌وقال في المعنى

- ‌وقال

- ‌ذنب للكتاب

- ‌تم الذنب

الفصل: ‌الحض على التعري

قال دخلت دمشق وبي حّمى صحبتني من بعلبك. وما كدت انقه حتى سافرت منها فلا أستطيع وصف نسائها إلا وصفاً سقيماً. فإن رضيتم به أقول. أني لما دخلتها نزلت في خان يسمى خانفارس. فعّين لي صاحب الخان عجوزاً لخدمتي فلحظت من طبّها وشَمْظها أي خلطها الكلام الليّن بالشديد. إن للعجائز يداً طويلة في المعاملات النسائية. أعني أنهن يدخلن الديار بحيلة أنهن يبعن للنساء ثياباً ليكتسين بها. فيخرجن من عندهن وقد تعاهدن على تعريتهن رأساً فهن السبب الأقرب والذريعة الوثقى في الجمع بين العاشق والمعشوق. فأما نساء المسلمين فقد ظهر في بادئ الرأي أنهن أجمل من نساء النصارى. كما أن الرجال من المسلمين أجمل من النصارى وأفصح لهجة وكذا هم في سائر البلاد الإسلامية. ولون النساء عموماً البياض المشرب بالحمرة. والغالب عليهن الطول والشطاط. غير أن هذا الإزار الأبيض الذي يتزرن به عند خروجهن من ديارهن لا يحلو للعين كحبر نساء مصر. وكلاهما مخفٍ لمحاسن القد ولعلهن يلبسن ذلك عمداً لتأمن الرجال فتنتهن فلهنّ الشكر عليه. ولكن ما هذه المغازلة والاتلاع. وما هذا التبهكن والتبدح. أفليس للقلب عينان يبصر بهما ما وراء ذلك؟ أيخفي الشمس غيم وهي لولاه لم يمكن لعين أن تراها. فأما زيهن في الديار فأشوق وأفتن ما يكون. قال وقد ظهر لي أيضاً وأنا موعوك بالحمّى بعد أن خرجت من الخان وشممت رائحة الزائرات من النصارى إنهن مؤانسات حلوات الحديث والشمائل مناطيق. حتى اعتقدت أن شفاي يكون بذلك. ولولا أني خشيت من التبخيل بالاستغناء عن الطبيب ولا سيما إن أبي كان قد توفي بدمشق فألقى في روعي إني ألحق به لما احتجت إلى علاج آس. وحين كنت أسارق النظر إليهن وأنا على الوسادة كنت المح في صدورهن حين يتنفسن شيئاً يربو ويشبو. ثم رأيت بعض أعيان المسلمين يزورون رب الدار وينبسطون معه في الكلام. وهم من الهيبة والوقار بمكان. فلا أدري ما الذي حسّن للمطران جرمانوس فرحات حتى قال في ديوانه:

فكأنني حلب برقة طبعها

وكان طبعك بالغلاطة جلّق

ولهذا القائل الأحمق أن يقول الحلبي شلبي. والشامي شومي. مع أن أهل الشام أرق طبعاً من أهل حلب وأزكى أخلاقاً وأطلق لساناً ويداً ومحيا وأوفر سخاء وكرما. والدليل على ذلك أن دمشق مع كون النبي شرفها بقدمه وكانت مثوى لبعض الصحابة واصبحت وصيداً للكعبة ومازالت من ذلك العهد منزلا للحجاج. فإن النصارى فيها يتبوءون داخلها الديار الرحيبة والمنازل الفسيحة. بخلاف النصارى في حلب فإنهم لا يمكنون من السكنى إلا بخارج المدينة ولا يدخلونها إلا للبيع والشراء. هذا وقد حرس الله قطر الشام عن الزلازل التي يكثر وقوعها بحلب. وعن هذه الحبّة المشئومة المتسببة عن مائها. حتى إنها كثيراً ما تشوه وجه من يصاب بها. فهل مراد المطران أن يقول أن نصارى حلب وحدهم ارق طبعاً. أم يصح أن نبخس الناس حقوقهم لأجل السجع والتجنيس. فيقال مثلا الجاثليق هَندليق. والمطران قَطران والقسيس لهيس والراهب ناهب. والسوقي بوقي. والخرجي دُرجي. فأما اللغة فليس لعمري من مناسبة بين فصاحة أهل دمشق وركاكة أهل حلب. لأن حلب لما كانت متاخمة لبلاد الترك دخل في كلام أهلها كثير من الألفاظ العجمية. كقولهم أنجق بيكفي يخرجون الجيم في أنجق مخرج الجيم التركية ويتقلنّه أي يستعمله وخوش خيو وما أشبه ذلك ما عدا لكنتهم ولخلختهم فينطق الألفاظ العربية.

ثم أن الفارياق سافر هو وصاحبه إلى بيروت ومنها إلى يافا. فدعاهما وربان السفينة نائب قنصل الإنكليز بها "هو غير الخواجا أسعد الخياط اللبيب البارع" ليشربوا عنده الماء بالسكر المعروف بالشربات مما اشتهر أيضاً بهذا الاسم عند المؤلفين من الإفرنج واستعملوه في كتبهم لا في ديارهم فساروا معه فاحضر لكل منهم كأساً تليق به بحسب ضخامة جثته. فلما فرغت الدعوة اقلعوا إلى الإسكندرية ثم إلى الجزيرة وأقاموا في معتزلها. فبعث الفارياق إلى زوجته يخبرها بوصوله ويستدعيها للاعتزال معه. أنا لا أحب الاعتزال ولا الكسل. ثم وافت بعد ذلك ولما استراح الفارياق من ألم السفر استروح منها رائحة النساء.

‌النشوة

هي رائحة أمّ دَفار. استوى فيها ما دبّ وطار. وسلك في البحار. وتفضيلها في العنوان فهل أنت ذو استذكار.

‌الحض على التعري

ص: 195

ثم دخلا البلد ورجع الفارياق إلى التعبير وإصلاح البخر. وبعد مدة وجيزة قدم على صاحب المعبَر رجل من العجم قيل أنه كان مسلما ثم تنصّر وإنه شاعر مفلق ذو شهرة بين علماء فارس. فسار ومعه الفارياق ليسلما عليه في المعتزل وإذا به جحشوش حتروش حزقّة ألحَي. فلما دخل البلد أقام في المعبّر فرأى الرئيس بادئ أن يحلق لحيته. فجيء بالحلاق واعمل فيها الموسى فلما انتهى إلى شاربيه سترهما بيديه فأقبل إليه صاحب المعبر وبيده كتاب ليحجّه منه على لزوم حلق الشوارب. فدار بينهما البحث والجدال حتى رضي الرئيس بنصف الشعائر. فلما كان ذات يوم من الأيام المشئومة ذهب الفارياق إلى المعبر فوجد الرئيس قد تعرّى من ثيابه بالكلية وجعل يطوف الدار على هذه الحالة ويحض الناس على الاقتداء به. ويقول يا أيها الناس ما جعلت الثياب إلا لستر العورة. ولا عورة لمن كان طاهراً بريئاً من الذنوب والمعاصي. فأن آدم لما كان في الفردوس في حالة العصمة والبراءة لم يكن له حاجة بالثياب فلما انتهى إلى زوجته ليغريها بالتعرّي قالت له إن النساء لا عصمة لهن إلا في الليل فلا بدّ لهن من الستر نهاراً. فرآه العجمي على تلك الحالة فسأل الفارياق قائلاً ما بال صاحبنا قد غيّر اليوم زيّه الأسود وتردّى بهذا الزيّ الأحمر. قال هو من جنود الخرج والجند هنا يلبسون اللباس الأحمر. ثم اشتد اللمم بكل منهما واستحكم. فخافت الزوجة أن يتلاقيا في مأزق وينشب ما بينهما الجدال أو الجلاد. فرغبت إلى الفارياق في أن يضم إليه العجمي. وكان الغصن قد قدم إليها في أثناء ذلك من الديار الشامية وهو مترجم عن جني شهي، وجذع قوي. فبوّأته عندها مقاماً كريماً. وحاولت أن يخلو لها معه المعبر خلوّاً مستديماً. ولو بدوام لمم بعلها. وفقد أهلها فأقام الغصن في أرغد عيش وأهنأ حال. وظلت هي معه أشغل من ذات النحيين في أصفى بال وظل زوجها يحض على التعري. وأنه من شعار المتزكي المتبرّي. ولبث العجمي في منزل الفارياق. وإنما قبله عنده لدمامته وضعفه ولغلبة السكوت عليه. فلما كان ذات ليلة وقد رأى عند زوجة الفارياق نساء حساناً أنحلت عقدة لسانه ونطق بكلام دل على أنه لم يتنصر عن هدى وإنما أضطره إلى ذلك أبو عمرة ثم بات تلك الليلة وقد أضطرم الغرام في قلبه فخرج ليلاً يقصد غرفة الفارياقية. فأحسّ به زوجها فبادره بحبل وهو لا يستطيع دفاعاً عن نفسه فلما كان الغد شاور زوجته في أمره. فقالت أظن أن هذا العجمي إنما جنّ لعدم الزواج وكذا سائر المجانين. إلا ترى أنه رأى البنات عندنا البارحة تهلل وجهه وتكلم؟ فقلت ما أرى الحق معك هذه المرة فإن صاحبنا الخرجي جنّ من بعد الزواج قالت لكن عقله كان قبل ذلك مختلاّ بأحلام. ولما تزوج لم يؤد الزواج حقه فأقتصّ الحق منه فلأعتبر به غيره. قلت من أين علمت هذا؟ قالت أن المتزوج لا ينبغي له أن يكون فضولياً يتعرض لغير ما هو فيه. قلت هذا تعطيل المصالح الخلق. قالت لا تعطيل فإني لا أمنعهم عن العمل بل عن فضول الكلام. واللهج بالأحلام. فأن التمحّل لعلم خرق العادات، أجهد من التحمّل لعمل عادات الخرق. ألاّ ولو كان الأمر ألي لداويت المجانين كلهم بالنساء ومن النساء وعن النساء. قلت أكل حروف الجرّ للنساء. قالت نعم كل الجرّ في النساء. قلت قد حذفت الحروف قالت بل هي باقية قلت دعيني من المطارحة وافقيني في أمر هذا المجنون. قالت ردّه إلى المعَّبر وإني أكره طول مكثه عندنا مخافة أن أحبل فيأتي الولد على شكله. قلت ما مدخل الجنون في الجنين. قالت أو ليس الأولاد يأتون بيضاً صباحاً ووالدهم قباح. فلو لم يكن لعين الأم من فاعلية عند توّحمها لما كان ذلك. قلت هذا رأي يؤدي إلى الكفر والمحال أما الكفر فلأنك تزعمين أن المرأة مشاركة في خلق الإنسان. وأما المحال فلانّ المرأة لو كان لها فاعلية في ذلك لأشبهت الأولاد آباءهم أو لجاءوا كلهم صباحاً. قالت أما جواب الكفر فلا ينكر أن يكون الله عز وجل قد خلق هذه الخاصية في المرأة وهو مسبب الأسباب. بمعنى أن القوة الوحمية التي أودعها فيها الخالق القدير تكون مؤثرة في كونية الولد. وأما جواب المحال فلأن المرأة أبداً تشتهي أن يأتي ولدها على غير هيئة أبيه. وما تراه منهم مشبهاً أباه فالغالب أنه البكر. قلت كثر الله من أمثالك ما كأنك قرأت الكلام إلا على الأشعري قالت نعم

ص: 196