المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سادسا: قصة جوعه وملازمته للرسول: - السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي - جـ ١

[مصطفى السباعي]

فهرس الكتاب

- ‌تَمْهِيدٌ:

- ‌البَابُ الأَوَّلُ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: مَعْنَى السُنَّةِ وَتَعْرِيفُهَا:

- ‌وُجُوبُ طَاعَةِ الرَّسُولِ فِي حَيَاتِهِ:

- ‌وُجُوبُ طَاعَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ:

- ‌كَيْفَ كَانَ الصَّحَابَةُ يَتَلَقَّوْنَ سُنَّةَ الرَّسُولِ

- ‌لِمَاذَا لَمْ تُدَوَّنْ السُنّةُ فِي عَهْدِ الرَّسُولِ؟وَهَلْ كُتِبَ عَنْهَا شَيْءٌ فِي حَيَاتِهِ

- ‌مَوْقِفُ الصَّحَابَةِ مِنَ الحَدِيثِ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ:

- ‌هَلْ حَبَسَ عُمَرُ أَحَداً مِنَ الصَّحَابَةِ لإِكْثَارِهِ الحَدِيثَ

- ‌هَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ يَشْتَرِطُونَ لِقَبُولِ الحَدِيثِ شَيْئًا

- ‌رِحْلَةُ الصَّحَابَةِ طَلَبًا لِلْحَدِيثِ إِلَى الأَمْصَارِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي:فِي الوَضْعِ فِي الحَدِيثِ وَفِيهِ مَبَاحِثُ:

- ‌مَتَى بَدَأَ الوَضْعُ

- ‌فِي أَيِّ جِيلٍ نَشَأَ الوَضْعُ

- ‌البَوَاعِثُ التِي أَدَّتْ إِلَى الوَضْعِ وَالبِيئَاتِ التِي نَشَأَ فِيهَا:

- ‌أَوَّلاً: الخِلَافَاتُ السِّيَاسِيَّةُ:

- ‌هَلْ كَانَ الخَوَارِجُ يَكْذِبُونَ فِي الحَدِيثِ

- ‌ثَانِياً - الزَّنْدَقَةُ:

- ‌ثَالِثاً - العَصَبِيَّةُ لِلْجِنْسِ وَالقَبِيلَةِ وَاللُّغَةِ وَالبَلَدِ وَالإِمَامِ:

- ‌رَابِعاً - القِصَصُ وَالوَعْظُ:

- ‌خَامِسًا - الخِلَافَاتُ الفِقْهِيَّةُ وَالكَلَامِيَّةُ:

- ‌سَادِسًا - الجَهْلُ بِالدِّينِ مَعَ الرَّغْبَةِ فِي الخَيْرِ:

- ‌سَابِعًا - التَقَرُّبُ لِلْمُلُوكِ وَالأُمَرَاءِ بِمَا يُوَافِقُ أَهْوَاءَهُمْ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي جُهُودِ العُلَمَاءِ لِمُقَاوَمَةِ حَرَكَةِ الوَضْعِ:

- ‌المَوْضُوعُ وَعَلَامَاتُهُ:

- ‌عَلَامَاتُ الوَضْعِ فِي السَّنَدِ:

- ‌عَلَامَاتُ الوَضْعِ فِي المَتْنِ:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي ثِمَارِ هَذِهِ الجُهُودِ:

- ‌أَوَّلاً - تَدْوِينُ السُنَّةِ:

- ‌ثَانِياً - عِلْمُ مُصْطَلَحِ الحَدِيثِ:

- ‌ثَالِثًا - عِلْمُ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ:

- ‌رَابِعًا - عُلُومُ الحَدِيثِ:

- ‌خَامِسًا - كُتُبُ المَوْضُوعَاتِ وَالوَضَّاعِينَ:

- ‌سَادِسًا - كُتُبٌ فِي الأَحَادِيثِ المُشْتَهَرَةِ عَلَى الأَلْسِنَةِ:

- ‌تَمْهِيدٌ:

- ‌البَابُ الثَّانِي: فِي الشُّبَهِ الوَارِدَةِ عَلَى السُنَّةِ فِي مُخْتَلَفِ العُصُورِ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: السُنَّةُ مَعَ الشِّيعَةِ وَالخَوَارِجِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: السُنَّةُ مَعَ المُعْتَزِلَةِ وَالمُتُكُلِّمِينَ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: السُنَّةُ مَعَ مُنْكِرِي حُجِيَّتِهَا قَدِيمًا:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِعُ: السُنَّةُ مَعَ مُنْكِرِي حُجِيَّتِهَا حَدِيثًا:

- ‌الجَوَابُ عَلَى الشُبْهَةِ الأُولَى:

- ‌الجَوَابُ عَنْ الشُبْهَةِ الثَّانِيَةِ:

- ‌الجَوَابُ عَنْ الشُبْهَةِ الثَّالِثَةِ:

- ‌الجَوَابُ عَنْ الشُبْهَةِ الرَّابِعَةِ:

- ‌الفَصَْلُ الخَامِسُ: السُنَّةُ مَعَ مَنْ يُنْكِرُ حُجِيَّةَ خَبَرِ الآحَادِ:

- ‌شُبَهُ مُنْكِرِي الحُجِيَّةَ:

- ‌الجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الشُبَهِ:

- ‌أَدِلَّةُ حُجِّيَّةَ خَبَرَ الآحَادِ:

- ‌الفَصْلُ السَّادِسُ: السُنَّةُ مَعَ المُسْتَشْرِقِينَ:

- ‌خُلَاصَةُ قَوْلِ جُولْدْتْسِيهِرْ فِي السُنَّةِ وَتَشْكِيكِهِ بِهَا:

- ‌1 - مَوْقِفُ الأُمَوِيِّينَ مِنَ الدِّينِ:

- ‌2 - هَلْ كَانَ عُلَمَاءُ المَدِينَةِ وَضَّاعِينَ

- ‌3 - هَلْ اسْتَجَازَ عُلَمَاؤُنَا الكَذِبَ دِفَاعًا عَنْ الدِّينِ

- ‌4 - كَيْفَ بَدَأَ الكَذِبُ فِي الحَدِيثِ

- ‌5 - هَلْ تَدَخَّلتْ الدَّوْلَةُ الأُمَوِيَّةُ فِي وَضْعِ الأَحَادِيثِ

- ‌6 - أَسْبَابُ الاِخْتِلَافِ فِي الحَدِيثِ:

- ‌7 - هَلْ تَدَخَّلَ مُعَاوِيَةُ فِي الوَضْعِ

- ‌8 - هَلْ اِسْتَغَلَّ الأُمَوِيُّونَ الزُّهْرِيَّ لِوَضْعِ الأَحَادِيثَ

- ‌الإِمَامُ الزُّهْرِيُّ وَمَكَانَتُهُ فِي التَّارِيخِ:

- ‌اسْمُهُ وَوِلَادَتُهُ وَتَارِيخُ حَيَاتِهِ:

- ‌أَبْرَزُ أَخْلَاقِهِ وَصَفَاتِهِ:

- ‌اِشْتِهَارُهُ بِالعِلْمِ وَإِقْبَالُ النَّاسِ عَلَيْهِ:

- ‌ثَنَاءُ العُلَمَاءِ عَلَيْهِ بِسَعَةِ العِلْمِ:

- ‌مَكَانَتُهُ فِي السُنَّةِ:

- ‌آثَارُهُ فِي عِلْمِ السُنَّةِ:

- ‌آرَاءُ عُلَمَاءِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِيهِ:

- ‌مَنْ رَوَى عَنْهُ وَخَرَّجَ لَهُ:

- ‌رَدُّ الشُبَهِ الوَارِدَةِ عَلَى الزُّهْرِيِّ:

- ‌صِلَةُ الزُّهْرِيِّ بِالأُمَوِيِّينَ:

- ‌قِصَّةُ الصَّخْرَةِ وَحَدِيثُ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ

- ‌قِصَّةُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الوَلِيدِ الأُمَوِيِّ:

- ‌قَوْلُ الزُّهْرِيِّ: أَكْرَهُونَا عَلَى كِتَابَةِ أَحَادِيثَ:

- ‌ذَهَابُهُ لِلْقَصْرِ وَتَحَرُّكُهُ فِي حَاشِيَةِ السُّلْطَانِ:

- ‌حَجُّهُ مَعَ الحَجَّاِجِ:

- ‌تَرْبِيَتُهُ لأَوْلَادِ هِشَامٍ:

- ‌تَوَلِّيهِ القَضَاءَ:

- ‌9 - تَغْيِيرُ الأُمَوِيِّينَ الحَيَاةَ الدِّينِيَّةَ:

- ‌10 - كَذِبُ الصَّالِحِينَ وَتَدْلِيسُ المُحَدِّثِينَ:

- ‌11 - الاِعْتِرَافُ بِصِحَّةِ الحَدِيثِ (شَكْلِيٌّ):

- ‌12 - نَقْدُ ابْنِ عُمَرَ لأَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌13 - الصُّحُفُ المَكْتُوبَةَ:

- ‌الفَصْلُ السَّابِعُ: السُنَّةُ مَعَ بَعْضِ الكَاتِبِينَ حَدِيثًا:

- ‌خُلَاصَةُ فَصْلِ «الحَدِيثِ» فِي " فَجْرُ الإِسْلَامِ

- ‌هَلْ بَدَأَ الوَضْعُ فِي عَهْدِ الرَّسُولِ

- ‌أَحَادِيثُ التَّفْسِيرِ:

- ‌هَلْ اسْتَوْعَبَ البُخَارِيُّ كُلَّ الصَّحِيحِ فِي " جَامِعِهِ

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ وَهَلْ كَانَ مُغَفَّلاً

- ‌حَدِيثُ «سَدِّ الأَبْوَابِ»:

- ‌أَحَادِيثُ الفَضَائِلِ:

- ‌أَحَادِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ:

- ‌تَغَالِي النَّاسِ فِي الاعْتِمَاد عَلَى السُنَّةِ:

- ‌عَدَالَةُ الصَّحَابَةِ:

- ‌هَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ يكذِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا

- ‌اخْتِلَافُ العُلَمَاءِ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ:

- ‌قَوَاعِدُ النَّقْدِ فِي السَّنَدِ وَالمَتْنِ:

- ‌ قَوَاعِدُ العُلَمَاءِ فِي نَقْدِ الحَدِيثِ:

- ‌ نَقْدُ أَحَادِيثَ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ:

- ‌الحَدِيثُ الأَوَّلُ: «لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ»:

- ‌الحَدِيثُ الثَّانِي: «مَنْ اصْطَبَحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ»

- ‌الحَدِيثُ الثَّالِثِ: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ والْعَجْوَةُ مِنْ الْجَنَّةِ وَفِيهَا شِفَاءٌ مِنْ السُّمِّ»

- ‌الحَدِيثُ الرَّابِعُ: «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَاّ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ انتََقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ»

- ‌العَمَلُ بَخَبَرِ الوَاحِدِ:

- ‌حَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

- ‌1 - رَدُّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌2 - عَدَمُ كِتَابَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلْحَدِيثِ:

- ‌3 - تَحْدِيثُهُ بِغَيْرِ مَا سَمِعَهُ:

- ‌4 - إِنْكَارُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ الحَدِيثَ:

- ‌5 - تَرْكُ الحَنَفِيَّة حَدِيثَهُ أَحْيَانًا:

- ‌6 - اسْتِغْلَالُ الوُضَّاعَ كَثْرَةَ حَدِيثِهِ:

- ‌مَعَ أَبِي رَيَّةَ:

- ‌أَوَّلاً - الاخْتِلَافُ فِي اسْمِهِ:

- ‌ثَانِيًا - نَشْأَتُهُ وَأَصْلُهُ:

- ‌ثَالِثًا - أُمِّيَّتُهُ:

- ‌رَابِعًا - فَقْرُهُ:

- ‌خَامِسًا - إِسْلَامُهُ وَسَبَبُ صُحْبَتِهِ لِلْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌سَادِسًا: قِصَّةُ جُوعِهِ وَمُلَازَمَتِهِ لِلْرَّسُولِ:

- ‌سَابِعًا: مُزَاحُهُ وَهَذَرُهُ:

- ‌ثَامِنًا - التَّهَكُّمُ بِهِ:

- ‌تَاسِعًا - كَثْرَةُ أَحَادِيثِهِ:

- ‌عَاشِرًا: تَشَيُّعُهُ لِبَنِي أُمَيَّةَ:

- ‌كَلِمَةٌ مُجْمَلَةٌ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

- ‌كَلِمَةٌ مُجْمَلَةٌ فِي «أَبِي رَيَّةَ» وَكِتَابِهِ:

- ‌البَابُ الثَّالِثُ: فِي مَرْتَبَةِ السُنَّةِ فِي التَشْرِيعِ الإِسْلَامِيِّ:وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: فِي مَرْتَبَةِ السُنَّةِ مَعَ الكِتَابِ:

- ‌هَلْ تَسْتَقِلُّ السُنَّةُ بِالتَشْرِيعِ

- ‌حُجَجِ القَائِلِينَ بِالاسْتِقْلَالِ:

- ‌حُجَجُ المُنْكِرِينَ لِلاسْتِقْلَالِ:

- ‌الخِلَافُ لَفْظِيٌّ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: كَيْفَ اشْتَمَلَ القُرْآنُ عَلَى السُنَّةِ:

- ‌الطَّرِيقَةُ الأُولَى:

- ‌الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌أَمْثِلَةٌ لِلْحُكْمَيْنِ المُتَقَابِلَيْنِ:

- ‌أَمْثِلَةٌ لِمَا أُعْطِيَ حُكْمًا خَاصًّا بَيْنَ شَبَهَيْنِ:

- ‌أَمْثِلَةٌ لِلإِلْحَاقِ عَنْ طَرِيقِ القِيَاسِ:

- ‌الطَّرِيقَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌قِصَصُ السُنَّةِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي نَسْخِ السُنَّةِ بِالقُرْآنِ وَالقُرْآنُ بِالسُنَّةِ:

- ‌النَّسْخُ فِي القُرْآنِ:

- ‌ نسخ السُنَّة بالكتاب

- ‌نَسْخُ الكِتَابِ بِالسُنَّةِ:

- ‌الخَاتِمَةُ:فِي الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِ الكُتُبِ السِتَّةِ:

- ‌1 - الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ:

- ‌نَسَبُهُ وَعُمْرُهُ:

- ‌نَشْأَتُهُ وَمَدْرَسَتُهُ:

- ‌أُصُولُ مَذْهَبِهِ:

- ‌الضَجَّةُ الكُبْرَى حَوْلَهُ:

- ‌أَسْبَابُ هَذِهِ الضَجَّةِ:

- ‌مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي أَبِي حَنِيفَةَ:

- ‌نَتَائِجُ هَذِهِ الضَجَّةِ:

- ‌هَلْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ قَلِيلَ البِضَاعَةِ فِي الحَدِيثِ

- ‌هَلْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُقَدِّمُ الرَّأْيَ عَلَى الحَدِيثِ

- ‌أَمْثِلَةٌ مِنْ وِجْهَةِ نَظَرِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي بَعْضِ الأَحَادِيثِ:

- ‌حَلَقَةُ أَبِي حَنِيفَةَ العِلْمِيَّةَ:

- ‌كَلِمَةُ إِنْصَافٍ:

- ‌2 - الإِمَامُ مَالِكٍ:

- ‌حَيَاتُهُ وَمَكَانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أُصُولُ مَذْهَبِهِ:

- ‌ المُوَطَّأُ ": - مَكَانَتُهُ - رِوَايَاتُهُ وَأَحَادِيثُهُ - شُرُوحُهُ:

- ‌هَلْ " المُوَطَّأُ "، كِتَابُ فِقْهٍ أَمْ كِتَابُ حَدِيثٍ

- ‌شُبْهَةُ القَوْلِ بِأَنَّهُ كِتَابُ فِقْهٍ:

- ‌جَوَابُ الشُّبْهَةِ:

- ‌3 - الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ:

- ‌حَيَاتُهُ وَمَكَانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌دَوْرُُهُ فِي الدِّفَاعِ عَنْ السُنَّةِ:

- ‌أُصُولُ مَذْهَبِهِ:

- ‌4 - الإِمَامُ أَحْمَدُ:

- ‌حَيَاتُهُ وَمَكَانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أُصُولُ مَذْهَبِهِ:

- ‌ المُسْنَدُ ": مَرْتَبَتُهُ - أَحَادِيثُهُ:

- ‌5 - الإِمَامُ البُخَارِيُّ:

- ‌6 - الإِمَامُ مُسْلِمٌ:

- ‌7 - الإِمَامُ النَّسَائِيُّ وَ " سُنَنُهُ

- ‌8 - الإِمَامُ أَبُو دَاوُدُ وَ " سُنَنُهُ

- ‌9 - الإِمَامُ التِّرْمِذِيُّ وَ " جَامِعُهُ

- ‌10 - الإِمَامُ ابْنُ مَاجَهْ وَ " سُنَنُهُ

- ‌دَرَجَةُ " سُنَنِهِ

- ‌المَلَاحِقُ:

- ‌1 - مَتَى نَسُدُّ هَذِهِ الثَّغْرَةَ

- ‌2 - لَا…سَنُطَارِدُكَ يَا عَدُوَّ اللهِ

- ‌أَهَمُّ مَرَاجِعِ الكِتَابِ:

- ‌التفسير وعلومه:

- ‌الحديث وعلومه:

- ‌العقيدة والفرق:

- ‌الفقه وأصوله وتاريخه:

- ‌التاريخ:

- ‌الأدب:

- ‌المُحْتَوَى:

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌الباب الأول:

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثالث:

- ‌الفصل الرابع:

- ‌الباب الثاني:

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثالث:

- ‌الفصل الخامس:

- ‌الفصل السادس:

- ‌الفصل السابع:

- ‌الباب الثالث:

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌الملاحق:

- ‌أهم المراجع:

- ‌المحتوى:

الفصل: ‌سادسا: قصة جوعه وملازمته للرسول:

إسلامه إلا قصة من قصص التشرد التي تحمل الجائع على التنقل من بلد إلى بلد ليملأ بطنه! ولم ير في صحبته لرسول الله إلا ذلك الرجل المتسول الذي هَمُّهُ في الحياة أن يسد جوعه ويشبع نهمته! هل يرضى أَبُو رَيَّةَ هذه الصورة لنفسه؟ أم هل يرضاها لولده؟ أم هل يرضاها لأحد أصدقائه؟ فكيف ارتضاها لصحابي من صحابة رسول الله مهما كان رأي أَبِي رَيَّةَ فيه، فلا شك أن جمهور علماء الإسلام منذ عصر التَّابِعِينَ حتى اليوم يرونه المثل الكريم لحامل أمانة العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

‌سَادِسًا: قِصَّةُ جُوعِهِ وَمُلَازَمَتِهِ لِلْرَّسُولِ:

كَرَّرَ «أَبُو رَيَّةَ» القول عن فقر أبي هريرة وأنه لفقره اتَّخَذَ سبيله إلى الصُفَّة، فكان أشهر مَنْ أَمَّهَا ثم صار عَرِيفًا لمن كانوا يسكنونها (1).

1 -

ولعمري إن أَبَا رَيَّةَ لا يخجل من الله ولا من الناس، فلا الفقر وسكنى الصُفَّة عيباً ومهانةً عند الله ورسوله، ولا هو عيباً ومهانة عند ذوي النفوس الكريمة التي نبتت في ظلال المكرمات من الأعمال والصفات، وإنما يكون عيباً عند أَخِسَّاءِ النفوس الذين لا يرون العزة ولا الكرامة إلا في المال والوجاهة.

ويكفينا في الرد على أَبِي رَيَّةَ ما تَحَدَّثَ به القراَنُ عن طبقة الأغنياء المترفين وفجورهم ومحاربتهم لدعوات الرسل وحملة الإصلاح!.

2 -

ويقول: «إنه كان صريحاً صادقاً في الإبانة عن سبب صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، كما كان صريحاً صادقاً في الكشف عن حقيقة نشأته» (وهو أنه نشأ يتيماً كأن اليُتْمَ عيب عند أَبِي رَيَّةَ فواعجباً للذين لا يستحون) فلم يقل: إنه صَاحَبَهُ للمحبة والهداية، كما كان يصاحبه غيره من سائر المُسْلِمِينَ، وإنما قال:

«إنه صاحبه على ملء بطنه» ، (ونقل في الهامش عن ابن هشام أن " على " تأتي للتعليل).

هذا كلام لا يقوله إلا موتور! ولا يفهم معنى كلام أبي هويرة على هذا إلا من في عقله خلل، أو في صدره دغل، وإلا فكيف يسوغ لعاقل أن يفهم أن أبا

(1) ص 154.

ص: 328

هريرة يترك بلاده وقبيلته وأرضه التي نشأ فيها ويترك ذلك كله بعيداً ليأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأكل ويشرب فقط؟! أكان أبو هريرة لايجد في قبيلته ما يأكل ويشرب؟ أكانت أرض دَوْسٍ وهي قبيلة عظيمة ذات شرف ومكانة، أرضاً مجدبة قاحلة ضاقت بأبي هريرة حتى لم يجد فيها طعامه وشرابه؟ ولِمَ جاء أبو هريرة إلى المدينة؟ أما وجد في تجارتها وزراعتها ما يأكل به ويشرب كما يأكل ويشرب التجار والزُرَّاع فيها؟ وهل نجد إلا عند المتسولين العالميين أن يهاجروا من بلادهم إلى بلاد نائية ليأكلوا ويشربوا؟ بل إنَّا لنجد عند هؤلاء ليس مجرد الرغبة في الأكل والشرب، بل وجمع الأموال وأَبُو رَيَّةَ لا يتهم أبا هريرة بأنه صحب الرسول لجمع الأموال، أفليس أبو هريرة في رأي أَبِي رَيَّةَ أحط شأناً من المتسولين العالميين (النَّوَر أو الغجر)؟ أهكذا يصل عمى البصيرة والحقد الأسود بصاحبه إلى هذا الدرك؟

3 -

ثم إن الرواية الصحيحة الثابتة في صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم ليست هي كما أوردها أَبُو رَيَّةَ بل هي كما رواها " البخاري " في (كتاب البيوع): «وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي» يقول ذلك في إيضاح كثرة روايته للحديث كما سبق.

ورواها مسلم أيضاًً في " صحيحه " في (فضائل الصحابة) يقول: «كُنْتُ رَجُلاً مِسْكِينًا، أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي» .

فلا ذِكْرَ للصُحبة هنا بل الملازمة والخدمة. ولم يكن ذلك في صدد الباعث له على صحبة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كما زعم «أَبُو رَيَّةَ» بل في صدد السبب الذي من أجله كان أكثر الصحابة حَدِيثًا. لقد كان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق في التجارة، وكان الأنصار أصحاب زرع تشغلهم زراعتهم، في حين أنه هو كان يلازم النَّبِيّويخدمه أينما ذهب، فأين يأتي زعم «أَبِي رَيَّةَ» بأنه كان صريحاً صادقاً في كشف سبب صُحْبَتِهِ للنبي صلى الله عليه وسلم؟

4 -

ولم يكتف أَبُو رَيَّةَ بتحريف الكلم عن مواضعه بل زاد على ذلك أن لفظ «عَلَى مِلْءِ بَطْنِي» إنما هو للتعليل وأن ابن هشام ذكر

ص: 329

أن معاني «على» هو التعليل كقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} أي لما هداكم (1).

وهذا افتراء اَخر ودليل اَخر على أنه لا يريد الحق وإنما يريد أن يتلمس الطريق إلى الحط من شأن أبي هريرة.

إن ابن هشام رحمه الله ذكر أن «عَلَى» تأتي على تسعة معان، إحداها التعليل، فلماذا تَعَيَّنَ عند «أَبِي رَيَّةَ» أن تكون لمعنى واحد من هذه المعاني التسع، مع أنها في قول أبي هريرة تصلح لأكثر تلك المعاني؟

وقد فهمها العلماء الذين أنار الله بصائرهم وَطَهَّرَ قلوبهم من الحقد على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على حقيقها دُونَ ما فهمه «أَبُو رَيَّةَ» .

قال الإمام النووي في شرح قول أبي هريرة «" عَلَى مِلْءِ بَطْنِي " أي: ألازمه وأقنع بقوتي ولا أجمع مالاً لذخيرة ولا غيرها ولا أزيد على قوتي، والمُرَادُ من حيث حصول القوت من الوجوه المباحة، وليس هو من الخدمة بالأجرة» (2) اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر: «" عَلَى مِلْءِ بَطْنِي " أي مقتنعاً بالقوت، أي فلم تكن له غيبة عنه» (3).

وقال العلامة العَيْنِي: «" عَلَى مِلْءِ بَطْنِي ": أي مقتنعاً بالقوت» (4).

وخلاصة القول إن أَبَا رَيَّةَ قد انكشف انكشافاً فاضحاً حين أراد أن يَتَّخِذَ من قصة إسلام أبي هريرة وملازمته له مجالاً للتشكيك في صدق إسلامه وإخلاصه في صُحْبَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من حيث كانت تلك القصة وهذه الصُحْبَةُ من مفاخر أبي هريرة ومن أقوى الدلائل على حبه لله ولرسوله حباً خالصاً لا تشوبه شائبة من حب للدنيا أو رغبة في المال أو حرص على الجاه.

(1)[سورة البقرة، الآية: 185]. [" سيرة ابن هشام ": ص 154 هامش رقم 5].

(2)

" شرح النووي على مسلم ": 16/ 53.

(3)

" فتح الباري ": 4/ 231.

(4)

" عمدة القاري ": 5/ 394.

ص: 330

أما الدنيا فقد خَلَّفَهَا وراءه منذ اعتزم أن لا يتاجر في المدينة ولا يزرع ولا يكون له هَمٌّ إلا ملازمة الرسول صلى الله عليه وسلم وتلقي حديثه وحمل أمانته للمسلمين من بعد.

وأما المال فإن أَبَا رَيَّةَ - على سفهه وشططه في فهم النصوص - لم يجرؤ أن يفتري على أبي هريرة أنه كان في إسلامه راغباً في المال.

وإنا لنجد في بعض ما ذكره ابن كثير في " تاريخه " عن أبي هريرة ما يرفع شأنه وَيُعْلِي مكانته في قلوب أهل الحق. فقد أخرج بسنده إلى سعيد بن هند عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال له: «أَلَا تَسْأَلُنِي مِنْ هَذِهِ الْغَنَائِمِ الَّتِي يَسْأَلُنِي أَصْحَابُكَ؟» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَقُلْتُ: «أَسْأَلُكَ أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ» (1)، فهل بعد هذا أروع من هذا الإخلاص للحق والعلم؟

وذكر ابن كثير أيضاًً أن ابنة أبي هريرة قالت له يوماً: «يَا أَبَتِ إِنَّ البَنَاتَ يُعَيِّرْنَنِي، وَيَقُلْنَ لِي: لِمَ لَا يُحَلِّيكِ أَبُوكِ بِالذَّهَبِ؟» ، فَقَالَ:«يَا بَنَيَّةَ: قُولِي لَهُنََّّ: إِنَّ أَبِي يَخْشَى عَلَيَّ حَرَّ اللَّهَبِ» (2).!

وأما الجاه فإن الرجل الذي رضي في سبيل الهجرة إلى رسول الله أن يخدم قافلة مسافرة في الطريق ويرضى أن يسكن في الصُفَّةِ مأوى الذين لا بَيْتَ لهم ولا سكن، وأن يتحمل مَرَارَةَ الجوع في سبيل العلم، وحمل أمانته هو رجل أبعد ما يكون عن طلب الجاه.

حتى إن عمر رضي الله عنه لما استعمل أبا هريرة على البحرين، ثم قدم ببعض المال فحاسبه عليه عمر، فلم يجد فى مكسبه مدخلاً لإثم، رفض أن يلي العمل مَرَّةً ثانية لعمر. وكان مِمَّا قاله: أخشى أن أقول بغير علم وأقضي بغير حلم (3).

فهذا هو أبو هريرة في إسلامه وَصُحْبَتِهِ للنبي صلى الله عليه وسلم، فكيف استجاز أَبُو رَيَّةَ أن يقلب الحقائق، ويمسخ التاريخ الناصع، ويفتري على الأبرياء وهو الذي قال:«لعنة الله على الكَاذِبِينَ متعمدين كانوا أم غير متعمدين» ؟!

(1) و (2)" البداية والنهاية ": 8/ 111.

(3)

" البداية والنهاية ": 8/ 113.

ص: 331

5 -

وزعم أَبُو رَيَّةَ أنه كان أكولاً نهماً يطعم كل يوم في بيت النَّبِيِّ أو في بيت أحد أصحابه حتى كان بعضهم ينفر منه! .. وهذا افتراء آخر على التاريخ وتشويه لوجه الحق ..

أما أنه كان أكولاً، فهذا لم ترد به رواية صحيحة محترمة، وعلى فرض ورودها فإن ذلك لا يضير أبا هريرة في عدالته وصدقه ومكانتة، وما كانت كثرة الأكل في مذهب من المذاهب ولا في شريعة من الشرائع مسقطة للعدالة، داعية للجرح، وما حمل أَبَا رَيَّةَ على سلوك هذا المركب الخشن إلا حقده، وسوء أدبه مع صحابي جليل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما أنه كان يطعم كل يوم في بيت النَّبِيِّ أو في بيت أحد أصحابه، فهذا هو ما ذكرناه قبلاً من أنه لزم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على ملء بطنه مقتنعاً بأكله في سبيل حفظه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقله لأخباره.

وَقَدْ قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ - وَقَدْ سَأَلَ رَجُلٌ عَنْ كَثْرَةِ أَحَادِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ -: «وَاللَّهِ مَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا لَمْ نَسْمَعْ وَعَلِمَ مَا لَمْ نَعْلَمْ، إِنَّا كُنَّا قَوْمًا أَغْنِيَاءَ وَلَنَا بُيُوتَاتٌ وَأَهْلُونَ، وَكُنَّا نَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَرَفَيِ النَّهَارِ ثُمَّ نَرْجِعُ، وَكَانَ هُوَ مِسْكِينًا لَا مَالَ لَهُ وَلَا أَهْلَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ يَدُهُ مَعَ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ، فَمَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مَا لَمْ نَعْلَمْ وَسَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ» (1).

فهذا هو الحق ولكن أَبَا رَيَّةَ أبى له تحقيقه العلمي الذي لم ينسج على منواله أحدٌ إلا أن يجعل هذه الفضيلة منقصة فيجعل أبا هريرة كالشحاذ الذي يقف على أبواب البيوت فيرده هذا ويقبله ذاك - وقاتل الله الكَذَّابِينَ متعمِّدين أو غير متعمِّدين - ثم زاد بأن النَّبِيّنصحه فقال له: «زُرْ غباً تزدَدْ حُبّاً» لئلا يكثر غشيان بيوت الناس، وهذا افتراء قبيح يرده ما ذكره أَبُو رَيَّةَ نفسه من أن النَّبِيَّ قال له ذلك بعد أن سأله أين كنت أمس، فأجابه أبوهريرة بقوله:«زرتُ أناساً من (أهلي)» فأين ما زعم أن النَّبِيَّ قال له ذلك لكثرة غشيانه بيوت الناس؟

(1)" البداية والنهاية ": 8/ 109. وقال الحافظ ابن حجر: «رواه البخاري في " التاريخ " وأبو يعلى بإسناد حسن» (" فتح الباري ": 7/ 61).

ص: 332

على أن الحديث لم يصح سَنَدُهُ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وإليك ما قاله الحافظ السخاوي: قال العقيلي: هذا الحديث إنما يعرف بطلحة، وقد تابعه قوم نحوه في الضعف، وإنما يروي هذا عطاء بن عبيد بن عمير من قوله. اهـ، يشير إلى ما رواه ابن حبان في " صحيحه " عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة، فقالت لعبيد:" قد آن لك أن تزورنا "، فقال:" أقول لك يا أمَّه كما قال الأول: زُرْ غباً تزدد حبّاً "، فقالت:" دعونا من بطالتكم هذه " .. ثم قال السخاوي: والحديث مروي أيضاًً عن أنس وجابر وحبيب بن مسلمة وابن عباس وابن عمر وعلي ومعاوية بن حيدة وأبي الدرداء وأبي ذر وعائشة وآخرين، حتى قال ابن طاهر: إن ابن عدي أورده في أربعة عشر موضعاً من " كامله "، وعلَّلَهَا كلها، وبمجموعها يتقوى الحديث وإن قال البزار: إنه ليس فيه حديث صحيح، فهو لا ينافي ما قلناه (أي من أنه ورد من طرق ضعيفة يُقَوِّي بعضها بعضاً (1).

فالحديث كما ترى فيه مقال: وعلى فرض ثبوته، فلم يثبت أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فاله لأبي هريرة خاصة، بل رُوِيَ عن أكثر من عشرة من الصحابة لا يستطيع أَبُو رَيَّةَ أن يَدَّعِي أنهم كلهم كانوا ثقلاء يغشون بيوت الناس فنصحهم النَّبِيّبذلك وَأَدَّبَهُمْ!! ..

وأما ما زعمه أَبُو رَيَّةَ من أن بعضهم كان ينفر منه فهذا هو الكذب الصريح المتعمد، ونحن نَتَحدَّاهُ أن يأتينا برواية صحيحة معتمدة تثبت هذا، بل كان أبو هريرة مَحْبُوبًا عند جميع المُسْلِمِينَ استجاب الله فيه دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم كما رُوِيَ ذلك في "البخاري " وغيره من كُتُبِ السُنَّةِ.

6 -

ثم ذكر أَبُو رَيَّةَ أن أبا هريرة كان يستقرىء الرجل الَاية وهي معه كي ينقلب به فيطعمه، وكان يفعل ذلك مع جعفر بن أبي طالب ومن أجل ذلك جعل أبو هريرة جعفر بن أبي طالب أفضل من أبي بكر وعمر وعلي وعثمان وغيرهم من كبار الصحابة (2) وفي هذا عديد من الافتراء والكذب والتضليل، أما قوله:

(1)" المقاصد الحسنة ": ص 232.

(2)

ص 155.

ص: 333

إن أبا هريرة كان يستقرئ الرجل الآية وهي معه فهذا نص ما جاء في " صحيح البخاري " وهو كلام يريد منه أبو هريرة غير ما يُفْهَمُ من ظاهره، فإنه يقول:«لأَسْتَقْرِي الرَّجُلَ أَيْ أَطْلُبُ مِنْهُ الْقِرَى فَيَظُنُّ أَنِّي أَطْلُبُ مِنْهُ الْقِرَاءَةَ» ، كذلك فسر الحافظ ابن حجر كلام أبي هريرة ثم قال:«وَوَقَعَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لأَبِي نُعَيْمٍ فِي " الحِلْيَةِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ وَجَدَ عُمَرَ فَقَالَ: " أَقْرِينِي " فَظَنَّ أَنَّهُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فَأَخَذَ يُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ وَلَمْ يُطْعِمْهُ قَالَ: " وَإِنَّمَا أَرَدْتُ مِنْهُ الطَّعَامَ "» (1).

وأما مدحه لجعفر بن أبي طالب، فذلك أنه كان إذا سأله القرى أو القراءة لا يجيبه حتى يذهب به إلى بيته، يقول أبو هريرة:«كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا العُكَّةَ (ظرف السمن) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا» (رواه البخاري) ومن أجل ذلك يقول عنه أبو هريرة: «إِنَّهُ كَانَ خَيْرَ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ» ، وهذا حق، فإن كرم جعفر وسخاءه وحبه للمساكين كان مشهوراً معلوماً للنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته حتى كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يكنِّيه بأبي المساكين (2).

فهل يُلامُ أبو هريرة على مدحه لجعفر بعد أن كَنَّاهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأبي المساكين؟. وعلى هذا المعنى يحمل ما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَا احْتَذَى النِّعَالَ وَلَا رَكِبَ المَطَايَا وَلَا وَطِىءَ التُّرَابَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَفْضَلُ مِنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ» . فإنه في صدد الذين يحبون الفقراء ويعطفون على المساكين، لا في صدد التفضيل بين صحابة رسول الله على الإطلاق حتى يدعي أَبُو رَيَّةَ أن أبا هريرة جعله أفضل من أبي بكر وعمر وسائر الصحابة؟ ومتى كانت لأَبِي رَيَّةَ هذه الغيرة على صحابة رسول الله وهو الذي رماهم في كتابه بما رماهم به بعضهم بالغفلة، وبعضهم بالكذب، وبعضم بالممالاة على الباطل؟!.

ويؤيد ما قلناه من أن أبا هريرة لا يريد الإطلاق ما قاله الحافظ ابن حجر بعد

(1)" فتح الباري ": 7/ 61.

(2)

" فتح الباري ": 7/ 62.

ص: 334

أن ذكر قول أبي هريرة في جعفر: «إِنَّهُ كَانَ خَيْرَ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ» . وهذا التقييد (للمساكين) يحمل عليه المطلق الذي جاء عن عكرمة عن أبي هريرة وقال: «مَا احْتَذَى النِّعَالَ» (1). إلخ

7 -

ثم نقل أَبُو رَيَّةَ عن الثعالبي وبديع الزمان الهمذاني ما قيل في طعام يقال له: " المُضَيْرَةَ " وأن أبا هريرة كان يحبها حتى كان يُسَمَّى (شيخ المضيرة) واستشهد بعد ذلك بكلام لِعَبْدِ الحُسَيْن شَرَفَ الدِّين في أبي هريرة من أنه قال: «عَلِيٌّ أَعْلَمُ، وَمُعَاوِيَةُ أَدْسَمُ، وَالجَبَلُ أَسْلَمُ» (2).

لم يحظر الله في كتابه ولا في سُنَّةِ رسوله، ولا في قواعد شريعته أن يحب الإنسان نوعاً معيناً من أطايب الطعام، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الدباء، ويحب من اللحم ذراع الشاة، ويحب الثريد، وهو سيد الرسل وأكرم الزهاد، وأفضل من يُقْتَدَى به، ولم يعرف الإسلام رهبانية البطون، كما لم يعرف رهبانية الفروج، فأي طعن في أبي هريرة، وأي حرج يناله في دينه أو كرامته أو عدالته إذا أحب لوناً دسماً من أنواع الطعام؟

أما إنه كان يأكل المضيرة عند معاوية ويصلي وراء عَلِيٍّ ويقول ما قال، فذلك مِمَّا ترويه كتب الشيعة وكتب الأدب التي لا تُعْنَى بصحة الأخبار كالثعالبي والهمذاني.

والثابت عندنا أنه لم يشترك في الفتنة بين عَلِيٍّ ومعاوية، وقد طَهَّرَ الله منها سيفه وصفحة تاريخه، كما طَهَّرَ منها كثيراً من الصحابة وعلمائهم وَعُبَّادِهِمْ.

ولا يطعن في أبي هريرة بهذا إلا الذين اشتدوا في التعصب لمذهبهم، وَأَبُو رَيَّةَ لا يعلن عن نفسه أنه شيعي، فلماذا ينقم على أبي هريرة صنيعه ذاك - إِذَا صَحَّ - كما تنقم عليه الشيعة؟! ..

(1)" فتح الباري ": 7/ 62.

(2)

ص 156 - 157.

ص: 335

وَأَيًّا ما كان فإن تجريح صحابي جليل كأبي هريرة بمجرد أخبار تروى للنكتة والتظرف في مجالس الأدب ليس من شأن أهل الحلم والإنصاف، إلا أن يكون ذلك من أسلوب التحقيق العلمي الذي لم ينسج أحد على منواله!

8 -

ثم نقل أَبُو رَيَّةَ عن " الحلية " لأبي نعيم أن أبا هريرة كان يطوف بالبيت وهو يقول: «وَيْلٌ لِي مِنْ بَطْنِي، إِذَا أَشْبَعْتُهُ كَظَّنِي، وَإِنَّ أَجَعْتُهُ سَبَّنِي أَوْ أَضْعَفَنِي» (1).

أبو نعيم من كبار الحفاظ في عصره بلا شك، ولكنه لم يلتزم في كتابه " حلية الأولياء " ذكر الروايات الصحيحة، وكم ذكر فيه من موضوع وتالف وضعيف نَبَّهَ العلماء على ضعفه، ومنه هذا الأثر عن أبي هريرة فإن راويه فرقد السبخي وهو لم يدرك أبا هريرة. وأيضاًً فقد كان غير ثقة.

وعلى فرض صحة الأثر عن أبي هريرة فأي شيء فيه؟ ألم يقل ما هو حق في كل بطن؟ إن البطن إذا شبع بطر الإنسان، وإذا جاع ضعف وخوى

أليس كذلك بطن أَبِي رَيَّةَ أيضاًً؟ أم يزعم أن بطنه على الحالين - في الشبع والجوع - على اطمئنان ورضى وهدوء؟

9 -

ونقل عن " الحلية " أيضاًً أن أبا هريرة كان في سَفَرٍ، فلما نزلوا وضعوا السفرة وبعثوا إليه وهو يصلي، فقال: إني صائم، فلما كادوا يفرغون، جاء فجعل يأكل الطعام، فنظر القوم إلى رسولهم، فقال: ما تنظرون؟ قد واللْه أخبرنا أنه صائم، فقال أبو هريرة: صدق، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«صَوْمُ رَمَضَانَ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، صَوْمُ الدَّهْرِ وَقَدْ صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، فَأَنَا مُفْطِرٌ فِي تَخْفِيفِ اللهِ، صَائِمٌ فِي تَضْعِيفِ اللهِ» (2).

ولعمري لقد سمح أَبُو رَيَّةَ في تتبع مثالب أبي هريرة حتى لم يعد يدرك مواطن الظرف والمرح والمزاح في أحاديثه، وهل هذه الحادثة إلا دليل على ما كان يَتَحَلَّى به من روح مرحة ودعابة لطيفة جعلته مُحَبَّبًا إلى قلب كل مؤمن؟

(1) ص 157، والعبارة المذكورة هي في: 1/ 382 من "الحلية ".

(2)

ص 158 نقلاً عن "البداية والنهاية ": 8/ 112.

ص: 336