المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجواب عن الشبهة الرابعة: - السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي - جـ ١

[مصطفى السباعي]

فهرس الكتاب

- ‌تَمْهِيدٌ:

- ‌البَابُ الأَوَّلُ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: مَعْنَى السُنَّةِ وَتَعْرِيفُهَا:

- ‌وُجُوبُ طَاعَةِ الرَّسُولِ فِي حَيَاتِهِ:

- ‌وُجُوبُ طَاعَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ:

- ‌كَيْفَ كَانَ الصَّحَابَةُ يَتَلَقَّوْنَ سُنَّةَ الرَّسُولِ

- ‌لِمَاذَا لَمْ تُدَوَّنْ السُنّةُ فِي عَهْدِ الرَّسُولِ؟وَهَلْ كُتِبَ عَنْهَا شَيْءٌ فِي حَيَاتِهِ

- ‌مَوْقِفُ الصَّحَابَةِ مِنَ الحَدِيثِ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ:

- ‌هَلْ حَبَسَ عُمَرُ أَحَداً مِنَ الصَّحَابَةِ لإِكْثَارِهِ الحَدِيثَ

- ‌هَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ يَشْتَرِطُونَ لِقَبُولِ الحَدِيثِ شَيْئًا

- ‌رِحْلَةُ الصَّحَابَةِ طَلَبًا لِلْحَدِيثِ إِلَى الأَمْصَارِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي:فِي الوَضْعِ فِي الحَدِيثِ وَفِيهِ مَبَاحِثُ:

- ‌مَتَى بَدَأَ الوَضْعُ

- ‌فِي أَيِّ جِيلٍ نَشَأَ الوَضْعُ

- ‌البَوَاعِثُ التِي أَدَّتْ إِلَى الوَضْعِ وَالبِيئَاتِ التِي نَشَأَ فِيهَا:

- ‌أَوَّلاً: الخِلَافَاتُ السِّيَاسِيَّةُ:

- ‌هَلْ كَانَ الخَوَارِجُ يَكْذِبُونَ فِي الحَدِيثِ

- ‌ثَانِياً - الزَّنْدَقَةُ:

- ‌ثَالِثاً - العَصَبِيَّةُ لِلْجِنْسِ وَالقَبِيلَةِ وَاللُّغَةِ وَالبَلَدِ وَالإِمَامِ:

- ‌رَابِعاً - القِصَصُ وَالوَعْظُ:

- ‌خَامِسًا - الخِلَافَاتُ الفِقْهِيَّةُ وَالكَلَامِيَّةُ:

- ‌سَادِسًا - الجَهْلُ بِالدِّينِ مَعَ الرَّغْبَةِ فِي الخَيْرِ:

- ‌سَابِعًا - التَقَرُّبُ لِلْمُلُوكِ وَالأُمَرَاءِ بِمَا يُوَافِقُ أَهْوَاءَهُمْ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي جُهُودِ العُلَمَاءِ لِمُقَاوَمَةِ حَرَكَةِ الوَضْعِ:

- ‌المَوْضُوعُ وَعَلَامَاتُهُ:

- ‌عَلَامَاتُ الوَضْعِ فِي السَّنَدِ:

- ‌عَلَامَاتُ الوَضْعِ فِي المَتْنِ:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي ثِمَارِ هَذِهِ الجُهُودِ:

- ‌أَوَّلاً - تَدْوِينُ السُنَّةِ:

- ‌ثَانِياً - عِلْمُ مُصْطَلَحِ الحَدِيثِ:

- ‌ثَالِثًا - عِلْمُ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ:

- ‌رَابِعًا - عُلُومُ الحَدِيثِ:

- ‌خَامِسًا - كُتُبُ المَوْضُوعَاتِ وَالوَضَّاعِينَ:

- ‌سَادِسًا - كُتُبٌ فِي الأَحَادِيثِ المُشْتَهَرَةِ عَلَى الأَلْسِنَةِ:

- ‌تَمْهِيدٌ:

- ‌البَابُ الثَّانِي: فِي الشُّبَهِ الوَارِدَةِ عَلَى السُنَّةِ فِي مُخْتَلَفِ العُصُورِ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: السُنَّةُ مَعَ الشِّيعَةِ وَالخَوَارِجِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: السُنَّةُ مَعَ المُعْتَزِلَةِ وَالمُتُكُلِّمِينَ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: السُنَّةُ مَعَ مُنْكِرِي حُجِيَّتِهَا قَدِيمًا:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِعُ: السُنَّةُ مَعَ مُنْكِرِي حُجِيَّتِهَا حَدِيثًا:

- ‌الجَوَابُ عَلَى الشُبْهَةِ الأُولَى:

- ‌الجَوَابُ عَنْ الشُبْهَةِ الثَّانِيَةِ:

- ‌الجَوَابُ عَنْ الشُبْهَةِ الثَّالِثَةِ:

- ‌الجَوَابُ عَنْ الشُبْهَةِ الرَّابِعَةِ:

- ‌الفَصَْلُ الخَامِسُ: السُنَّةُ مَعَ مَنْ يُنْكِرُ حُجِيَّةَ خَبَرِ الآحَادِ:

- ‌شُبَهُ مُنْكِرِي الحُجِيَّةَ:

- ‌الجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الشُبَهِ:

- ‌أَدِلَّةُ حُجِّيَّةَ خَبَرَ الآحَادِ:

- ‌الفَصْلُ السَّادِسُ: السُنَّةُ مَعَ المُسْتَشْرِقِينَ:

- ‌خُلَاصَةُ قَوْلِ جُولْدْتْسِيهِرْ فِي السُنَّةِ وَتَشْكِيكِهِ بِهَا:

- ‌1 - مَوْقِفُ الأُمَوِيِّينَ مِنَ الدِّينِ:

- ‌2 - هَلْ كَانَ عُلَمَاءُ المَدِينَةِ وَضَّاعِينَ

- ‌3 - هَلْ اسْتَجَازَ عُلَمَاؤُنَا الكَذِبَ دِفَاعًا عَنْ الدِّينِ

- ‌4 - كَيْفَ بَدَأَ الكَذِبُ فِي الحَدِيثِ

- ‌5 - هَلْ تَدَخَّلتْ الدَّوْلَةُ الأُمَوِيَّةُ فِي وَضْعِ الأَحَادِيثِ

- ‌6 - أَسْبَابُ الاِخْتِلَافِ فِي الحَدِيثِ:

- ‌7 - هَلْ تَدَخَّلَ مُعَاوِيَةُ فِي الوَضْعِ

- ‌8 - هَلْ اِسْتَغَلَّ الأُمَوِيُّونَ الزُّهْرِيَّ لِوَضْعِ الأَحَادِيثَ

- ‌الإِمَامُ الزُّهْرِيُّ وَمَكَانَتُهُ فِي التَّارِيخِ:

- ‌اسْمُهُ وَوِلَادَتُهُ وَتَارِيخُ حَيَاتِهِ:

- ‌أَبْرَزُ أَخْلَاقِهِ وَصَفَاتِهِ:

- ‌اِشْتِهَارُهُ بِالعِلْمِ وَإِقْبَالُ النَّاسِ عَلَيْهِ:

- ‌ثَنَاءُ العُلَمَاءِ عَلَيْهِ بِسَعَةِ العِلْمِ:

- ‌مَكَانَتُهُ فِي السُنَّةِ:

- ‌آثَارُهُ فِي عِلْمِ السُنَّةِ:

- ‌آرَاءُ عُلَمَاءِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِيهِ:

- ‌مَنْ رَوَى عَنْهُ وَخَرَّجَ لَهُ:

- ‌رَدُّ الشُبَهِ الوَارِدَةِ عَلَى الزُّهْرِيِّ:

- ‌صِلَةُ الزُّهْرِيِّ بِالأُمَوِيِّينَ:

- ‌قِصَّةُ الصَّخْرَةِ وَحَدِيثُ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ

- ‌قِصَّةُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الوَلِيدِ الأُمَوِيِّ:

- ‌قَوْلُ الزُّهْرِيِّ: أَكْرَهُونَا عَلَى كِتَابَةِ أَحَادِيثَ:

- ‌ذَهَابُهُ لِلْقَصْرِ وَتَحَرُّكُهُ فِي حَاشِيَةِ السُّلْطَانِ:

- ‌حَجُّهُ مَعَ الحَجَّاِجِ:

- ‌تَرْبِيَتُهُ لأَوْلَادِ هِشَامٍ:

- ‌تَوَلِّيهِ القَضَاءَ:

- ‌9 - تَغْيِيرُ الأُمَوِيِّينَ الحَيَاةَ الدِّينِيَّةَ:

- ‌10 - كَذِبُ الصَّالِحِينَ وَتَدْلِيسُ المُحَدِّثِينَ:

- ‌11 - الاِعْتِرَافُ بِصِحَّةِ الحَدِيثِ (شَكْلِيٌّ):

- ‌12 - نَقْدُ ابْنِ عُمَرَ لأَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌13 - الصُّحُفُ المَكْتُوبَةَ:

- ‌الفَصْلُ السَّابِعُ: السُنَّةُ مَعَ بَعْضِ الكَاتِبِينَ حَدِيثًا:

- ‌خُلَاصَةُ فَصْلِ «الحَدِيثِ» فِي " فَجْرُ الإِسْلَامِ

- ‌هَلْ بَدَأَ الوَضْعُ فِي عَهْدِ الرَّسُولِ

- ‌أَحَادِيثُ التَّفْسِيرِ:

- ‌هَلْ اسْتَوْعَبَ البُخَارِيُّ كُلَّ الصَّحِيحِ فِي " جَامِعِهِ

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ وَهَلْ كَانَ مُغَفَّلاً

- ‌حَدِيثُ «سَدِّ الأَبْوَابِ»:

- ‌أَحَادِيثُ الفَضَائِلِ:

- ‌أَحَادِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ:

- ‌تَغَالِي النَّاسِ فِي الاعْتِمَاد عَلَى السُنَّةِ:

- ‌عَدَالَةُ الصَّحَابَةِ:

- ‌هَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ يكذِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا

- ‌اخْتِلَافُ العُلَمَاءِ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ:

- ‌قَوَاعِدُ النَّقْدِ فِي السَّنَدِ وَالمَتْنِ:

- ‌ قَوَاعِدُ العُلَمَاءِ فِي نَقْدِ الحَدِيثِ:

- ‌ نَقْدُ أَحَادِيثَ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ:

- ‌الحَدِيثُ الأَوَّلُ: «لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ»:

- ‌الحَدِيثُ الثَّانِي: «مَنْ اصْطَبَحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ»

- ‌الحَدِيثُ الثَّالِثِ: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ والْعَجْوَةُ مِنْ الْجَنَّةِ وَفِيهَا شِفَاءٌ مِنْ السُّمِّ»

- ‌الحَدِيثُ الرَّابِعُ: «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَاّ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ انتََقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ»

- ‌العَمَلُ بَخَبَرِ الوَاحِدِ:

- ‌حَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

- ‌1 - رَدُّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ:

- ‌2 - عَدَمُ كِتَابَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلْحَدِيثِ:

- ‌3 - تَحْدِيثُهُ بِغَيْرِ مَا سَمِعَهُ:

- ‌4 - إِنْكَارُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ الحَدِيثَ:

- ‌5 - تَرْكُ الحَنَفِيَّة حَدِيثَهُ أَحْيَانًا:

- ‌6 - اسْتِغْلَالُ الوُضَّاعَ كَثْرَةَ حَدِيثِهِ:

- ‌مَعَ أَبِي رَيَّةَ:

- ‌أَوَّلاً - الاخْتِلَافُ فِي اسْمِهِ:

- ‌ثَانِيًا - نَشْأَتُهُ وَأَصْلُهُ:

- ‌ثَالِثًا - أُمِّيَّتُهُ:

- ‌رَابِعًا - فَقْرُهُ:

- ‌خَامِسًا - إِسْلَامُهُ وَسَبَبُ صُحْبَتِهِ لِلْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌سَادِسًا: قِصَّةُ جُوعِهِ وَمُلَازَمَتِهِ لِلْرَّسُولِ:

- ‌سَابِعًا: مُزَاحُهُ وَهَذَرُهُ:

- ‌ثَامِنًا - التَّهَكُّمُ بِهِ:

- ‌تَاسِعًا - كَثْرَةُ أَحَادِيثِهِ:

- ‌عَاشِرًا: تَشَيُّعُهُ لِبَنِي أُمَيَّةَ:

- ‌كَلِمَةٌ مُجْمَلَةٌ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

- ‌كَلِمَةٌ مُجْمَلَةٌ فِي «أَبِي رَيَّةَ» وَكِتَابِهِ:

- ‌البَابُ الثَّالِثُ: فِي مَرْتَبَةِ السُنَّةِ فِي التَشْرِيعِ الإِسْلَامِيِّ:وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: فِي مَرْتَبَةِ السُنَّةِ مَعَ الكِتَابِ:

- ‌هَلْ تَسْتَقِلُّ السُنَّةُ بِالتَشْرِيعِ

- ‌حُجَجِ القَائِلِينَ بِالاسْتِقْلَالِ:

- ‌حُجَجُ المُنْكِرِينَ لِلاسْتِقْلَالِ:

- ‌الخِلَافُ لَفْظِيٌّ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: كَيْفَ اشْتَمَلَ القُرْآنُ عَلَى السُنَّةِ:

- ‌الطَّرِيقَةُ الأُولَى:

- ‌الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌أَمْثِلَةٌ لِلْحُكْمَيْنِ المُتَقَابِلَيْنِ:

- ‌أَمْثِلَةٌ لِمَا أُعْطِيَ حُكْمًا خَاصًّا بَيْنَ شَبَهَيْنِ:

- ‌أَمْثِلَةٌ لِلإِلْحَاقِ عَنْ طَرِيقِ القِيَاسِ:

- ‌الطَّرِيقَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌قِصَصُ السُنَّةِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي نَسْخِ السُنَّةِ بِالقُرْآنِ وَالقُرْآنُ بِالسُنَّةِ:

- ‌النَّسْخُ فِي القُرْآنِ:

- ‌ نسخ السُنَّة بالكتاب

- ‌نَسْخُ الكِتَابِ بِالسُنَّةِ:

- ‌الخَاتِمَةُ:فِي الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِ الكُتُبِ السِتَّةِ:

- ‌1 - الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ:

- ‌نَسَبُهُ وَعُمْرُهُ:

- ‌نَشْأَتُهُ وَمَدْرَسَتُهُ:

- ‌أُصُولُ مَذْهَبِهِ:

- ‌الضَجَّةُ الكُبْرَى حَوْلَهُ:

- ‌أَسْبَابُ هَذِهِ الضَجَّةِ:

- ‌مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي أَبِي حَنِيفَةَ:

- ‌نَتَائِجُ هَذِهِ الضَجَّةِ:

- ‌هَلْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ قَلِيلَ البِضَاعَةِ فِي الحَدِيثِ

- ‌هَلْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُقَدِّمُ الرَّأْيَ عَلَى الحَدِيثِ

- ‌أَمْثِلَةٌ مِنْ وِجْهَةِ نَظَرِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي بَعْضِ الأَحَادِيثِ:

- ‌حَلَقَةُ أَبِي حَنِيفَةَ العِلْمِيَّةَ:

- ‌كَلِمَةُ إِنْصَافٍ:

- ‌2 - الإِمَامُ مَالِكٍ:

- ‌حَيَاتُهُ وَمَكَانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أُصُولُ مَذْهَبِهِ:

- ‌ المُوَطَّأُ ": - مَكَانَتُهُ - رِوَايَاتُهُ وَأَحَادِيثُهُ - شُرُوحُهُ:

- ‌هَلْ " المُوَطَّأُ "، كِتَابُ فِقْهٍ أَمْ كِتَابُ حَدِيثٍ

- ‌شُبْهَةُ القَوْلِ بِأَنَّهُ كِتَابُ فِقْهٍ:

- ‌جَوَابُ الشُّبْهَةِ:

- ‌3 - الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ:

- ‌حَيَاتُهُ وَمَكَانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌دَوْرُُهُ فِي الدِّفَاعِ عَنْ السُنَّةِ:

- ‌أُصُولُ مَذْهَبِهِ:

- ‌4 - الإِمَامُ أَحْمَدُ:

- ‌حَيَاتُهُ وَمَكَانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أُصُولُ مَذْهَبِهِ:

- ‌ المُسْنَدُ ": مَرْتَبَتُهُ - أَحَادِيثُهُ:

- ‌5 - الإِمَامُ البُخَارِيُّ:

- ‌6 - الإِمَامُ مُسْلِمٌ:

- ‌7 - الإِمَامُ النَّسَائِيُّ وَ " سُنَنُهُ

- ‌8 - الإِمَامُ أَبُو دَاوُدُ وَ " سُنَنُهُ

- ‌9 - الإِمَامُ التِّرْمِذِيُّ وَ " جَامِعُهُ

- ‌10 - الإِمَامُ ابْنُ مَاجَهْ وَ " سُنَنُهُ

- ‌دَرَجَةُ " سُنَنِهِ

- ‌المَلَاحِقُ:

- ‌1 - مَتَى نَسُدُّ هَذِهِ الثَّغْرَةَ

- ‌2 - لَا…سَنُطَارِدُكَ يَا عَدُوَّ اللهِ

- ‌أَهَمُّ مَرَاجِعِ الكِتَابِ:

- ‌التفسير وعلومه:

- ‌الحديث وعلومه:

- ‌العقيدة والفرق:

- ‌الفقه وأصوله وتاريخه:

- ‌التاريخ:

- ‌الأدب:

- ‌المُحْتَوَى:

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌الباب الأول:

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثالث:

- ‌الفصل الرابع:

- ‌الباب الثاني:

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثالث:

- ‌الفصل الخامس:

- ‌الفصل السادس:

- ‌الفصل السابع:

- ‌الباب الثالث:

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌الملاحق:

- ‌أهم المراجع:

- ‌المحتوى:

الفصل: ‌الجواب عن الشبهة الرابعة:

علم من الدين بالضرورة، وليس كذلك بالنسبة إلى الفروع، إذ لا مانع أن تثبت عن طريق الظن، بل لا يستطيع هذا المخالف أن يَدَّعِي أنَّ أحكام الدين كلها تثبت عن طريق مقطوع به، فالأحكام التي أخذت من القرآن نفسه وهي مقطوع بها، قليلة بالنسبة لما أخدْت عن طريق الاجتهاد من نصوص القرآن، فإن في القرآن: العَامُّ وَالخَاصُّ، وَالمُطْلَقُ وَالمُقَيَّدُ، وَالمُجْمَلُ وَالمُبَيَّنُ، وكل ذلك يجعل القطع في فهم نصوصها بعيد المنال، وهذا أمر مُسَلَّمٌ به في علم الأصول، ويحسن أن نذكرك بما ألزم به الشافعي مُنكِرَ حُجِيَّةَ السُنَّةِ في عصره من العمل بالشهادة، وهي طريق ظَنِّيٌّ في ثبوت الحكم، لاحتمال كذب الشاهد: وخطئه، فهل يبقى بعد ذلك مجال للقول بِأنَّ الظَنَّ لا يصلح طريقاً لإثبات الأحكام؟

‌الجَوَابُ عَنْ الشُبْهَةِ الرَّابِعَةِ:

وهي ما ذكره من الأحاديث فإليك الجواب تفصيلياً:

أما الحديث الأول: «إنَّ الحَدِيثَ سَيَفْشُو عَنِّي

الخ» فقد قال فيه البيهقي: «رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَالِدُ مَجْهُولٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ بِصَحَابِيٍّ فَالحَدِيْثُ مُنْقَطِعٌ» (1)، وقال الشافعي «مَا رَوَى هَذَا أحدٌ يَثْبُتُ حَدِيثُهُ فِي شَيْءٍ [صَغُرَ وَلَا كَبُرَ، فيُقَالَ لَنَا: قدْ ثَبَّتُّمْ حَدِيثَ مَنْ رَوَى هَذَا فِي شَيْءٍ]، وَهَذِهِ أَيْضًا رِوايةٌ مُنْقَطِعةٌ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ، وَنَحْنُ لَا نَقْبَلُ مِثْلَ هَذِهِ الرِّوايَةِ فِي شَيْءٍ» (2) وقال ابن حزم في الحُسين بن عبد الله أحد رُوَاةِ هذا الحديث من بعض الطرق: «الحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ سَاقِطٌ مُتَّهَمٌ بِالزَّنْدَقَةِ» (3). وقال البيهقي أيضاًً: «وَالحَدِيثُ الذِي رُوِيَ فِي عَرْضِ الحَدِيثِ عَلَى القُرْآنِ بَاطِلٌ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ يَنْعَكِسُ عَلَى نَفْسِهِ بِالبُطْلَانِ فَلَيْسَ فِي القُرْآنِ دَلَالَةً عَلَى عَرْضِ الحَدِيثِ عَلَى القُرْآنِ» (4).

(1)" مفتاح الجنة ": ص15.

(2)

" الرسالة ": ص 225.

(3)

" الإحكام " لابن حزم: 2/ 76.

(4)

" مفتاح الجنة ": ص 6.

ص: 161

هذا ما قاله أهل العلم في الحديث، ولي هُنَا وقفة قصيرة، لئن كان رَدُّ الحديث من جهة السند كما ذكر أهل العلم بالحديث فلا كلام لنا فيه، ويجب أنْ نُسَلِّمَ لهم مَا قَالُوهُ، مع ملاحظة أنهم لم يَتَّفِقُوا على وضعه بل بعضهم يصفه بالضعف فقط كما رأيت من الشافعي والبيهقي، ولئن كان رَدُّهُ من جهة المتن فهذا الحديث قد رُوِيَ بألفاظ مختلفة، ففي أكثر الروايات «فَمَا وَافَقَ فَاقْبلُوهُ وَمَا خَالَفَ أَوْ لَمْ يُوَافِقْ فرُدُّوهُ» وهذا النص ليس فيه ما يقتضي الحكم بالضعف فضلاً عن أَنْ يقول فيه عبد الرحمن بن مهدي:«إِنَّهُ مِنْ وَضْعِ الخَوَارِجِ وَالزَّنَادِقَةِ» ذلك أن من المتفق عليه بين العلماء - وقد ذكرنا ذلك من قبل - أن من علائم وضع الحديث أن يكون مخالفاً للكتاب وَالسُنَّةُ القطعية .. فإذا جاءنا حديث بحكم «يخالف أو لا يوافق» ما في كتاب الله من أحكام ولا مجال للتأويل، حكمنا بوضعه باتفاق. وهل قال الحديث الذي نحن بصدده أكثر من هذا؟

نعم، لو كان نص الحديث كما في بعض الروايات «فَمَا وَجَدْتُمُوهُ فُِي كِتَابِ اللهِ فَاقْبَلُوهُ وَمَا لَمْ تَجِدُوهُ فُِي كِتَابِ اللهِ فرُدًّوهُ» لزم القول ببطلانه، لأنَّ من الأحاديث مَا أَثْبَتَتْ أَحْكَاماً ليست في كتاب الله باتفاق أهل العلم وهي صحيحة مقبولة معمول بها.

وقصارى القول أَنَّ أهل العلم مُجْمِعُونَ على أنَّ السُنَّةَ الصحيحة لا تخالف كتاب الله، فما جاء في بعض الأحاديث من أحكام تخالفه فهي مردودة باتفاق، قال ابن حزم:«لَيْسَ فِي الحَدِيثِ الذِي صَحَّ شَيْءٌ يُخَالِفُ القُرْآنَ» . وقال مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسَرَّةَ: «الحَدِيثُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: فَحَدِيثٌ مُوَافِقٌ لِمَا فِي القُرْآنِ فَالأَخْذُ بِهِ فَرْضٌ، وَحَدِيثٌ زَائِدٌ عَلَى مَا فَي القُرْآنِ فَهُوَ مُضَافٌ إِلَى مَا فِي القُرْآنِ وَالأَخْذُ بِهِ فَرْضٌ، وَحَدِيثٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي القُرْآنِ فَهُوَ مُطَّرَحٌ» . قال علي بن أحمد (يعني ابن حزم نفسه): «لَا سَبِيلَ إِلَى وُجُودِ خَبَرٍ صَحِيحٍ مُخَالِفٍ لِمَا فِي القُرْآنِ أَصْلاً، وَكُلُّ خَبَرٍ شَرِيعَة فَهُوَ إِمَّا مُضَافٌ إِلَى مَا فِي القُرْآنِ وَمَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَمُفَسِّرٌ لِجُمْلَتِهِ، وَإِمَّا مُسْتَثْنَى مِنْهُ مُبَيِّنٌ لِجُمْلَتِهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى وَجْهٍ ثَالِثٍ» (1)، وَإذا كان كذلك فلا وجه

(1)" الإحكام " لابن حزم: 2/ 80 - 82.

ص: 162

- فيما يظهر لي - للحكم على المتن بالوضع إذا كان لفظه «فَمَا لَمْ يُوَافِقْ أَوْ مَا خَالَفَ فَمَرْدُودٌ» وقد تأَيَّدَ لي هذا بما رأيته للشاطبي رحمه الله بعد كتابة ما تقدَّمَ حيث قال عند الكلام عن هذا الحديث ما خلاصته: «فَإِنَّ الْحَدِيثَ [إِمَّا] وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ [صِرْفٌ، وَإِمَّا اجْتِهَادٌ مِنَ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام مُعْتَبَرٌ بِوَحْيٍ صَحِيحٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ] لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّنَاقُضُ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ

نَعَمْ، يَجُوزُ أَنْ تَأْتِيَ السُّنَّةُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ وَلَا مُوَافَقَةٌ، بَلْ بِمَا يَكُونُ مَسْكُوتًا عَنْهُ فِي القُرْآنِ؛ إِلَاّ إِذَا قَامَ الْبُرْهَانُ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْجَائِزِ، [وَهُوَ الَّذِي تَرْجَمَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ]؛ فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ فِي كُلِّ حَدِيثٍ مِنَ الْمُوَافَقَةِ لِكِتَابِ اللَّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الحَدِيثُ الْمَذْكُورُ؛ فَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ صَحَّ سَنَدُهُ أَوْ لَا». (1)(*) فتَدَبَّرْ .. وبذلك لا يكون في الحديث حُجَّةٌ لصاحب الشُبهة أصلاً حتى ولو صَحَّ سَنَدُهُ، لأننا نقول به.

وأما الحديث الثاني: «إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنِّي حَدِيثًا تَعْرِفُونَهُ، وَلَا تُنْكِرُونَهُ، قُلْتُهُ أَوْ لَمْ أَقُلْهُ، فَصَدِّقُوا بِهِ

الخ» فرواياته ضعيفة، قال فيه أبو محمد بن حزم:«هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ وَالأَصْبَغُ مَجْهُولٌ» ، وَفِيهِ أَيْضًا مَا نَقْطَعُ بِكَذِبِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ:" فصَدِّقُوا بِهِ، قُلتُهُ أَوْ لَمْ أَقُلْهُ "، فحاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمح بالكذب عليه وهو الذي تواتر عنه قوله «مَن كَذَب عَلَيّ مُتَعَمِّدًا فَليَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِن النّارِ» ثم قال ابن حزم:«و [عبد الله بن سعيد] (* *) - أحد رُوَّاةُ الحديث - كَذَّابٌ مَشْهُورٌ، وهذا هو نسبة الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حكى عنه أنه قال: «لم أَقُلْهُ فأنا قُلتُهُ» فكيف يقول ما لم يَقُلْ؟ هل يستجِيزُ هذا إلا كَذَّابٌ زنديق كافر أحمق؟» (2) وقال البيهقي: قال ابن خزيمة في صِحَّةِ هذا الحديث مَقالٌ لأنَّا لم نَرَ في شرق الأرض ولا غربها أحداً يعرف خبر ابن أبي ذئب من غير يحيى بن آدم، ولا رأيتُ أحداً من علماء الحديث يُثْبِتُ هذا عن أبي هريرة. قال البيهقي: وهو مُختلَفٌ على يحيى بن آدم في إسناده ومَتْنِهِ اختلافاً كبيراً يوجب الاضطراب، منهم من يذكرُ أبا هريرة، ومنهم من لا يذكرُهُ ويُرْسِلُ الحديثَ (3).

(1)" الموافقات ": 4/ 21.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:

(*)[انظر " الموافقات " للشاطبي، تحقيق أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان: 4/ 335، الطبعة الأولى: 1417 هـ - 1997 م، نشر دار ابن عفان].

(* *) [هو (عَبد اللَّهِ بن سَعِيد بن أَبي سَعِيد، واسمه كيسان، المقبري، أَبُو عباد الليثي، مولاهم، المدني) وليس عبيد الله بن سعيد، قال ابن حجر: «

وفي سند الثاني منهما عبد اللَّه بن سعيد كذّاب مشهور، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الدار الدّارقطنيّ: ذاهب، وقال الفلّاس: منكر الحديث. قال ابن حزم: «وقد ذكر قوم لا يتّقون اللَّه عز وجل أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام، وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإباحة الكذب عليه ثم سرد تلك الأحاديث، وفيها هذان الحديثان، وأبطلهما ما ذكرناه، ثم قال ردّا على من أباح أن ينسب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما لم يقله: «حسبنا أنهم مقرّون على أنفسهم بأنّهم كاذبون، وقد صحّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حدّث عنّي بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» " الإصابة " لابن حجر: تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، 1/ 71، الطبعة الأولى - 1415 هـ، نشر دار الكتب العلمية. بيروت - لبنان. وانظر أيضًا " تهذيب الكمال في أسماء الرجال " للمزي، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف، 15/ 31، الطبعة الأولى: 1400 هـ - 1980 م، نشر مؤسسة الرسالة - بيروت. لبنان].

(2)

" الإحكام " لابن حزم: 2/ 78.

(3)

" مفتاح الجنة ": ص 19.

ص: 163

نعم روي هذا الحديث من طرق مقبولة ليس فيها «قُلتُهُ أَوْ َلْم أَقُلْهُ» وليس فيه دلالة على ما يريد المخالف، فكل ما يدل عليه أنَّ من أدلة صدق الحديث أن يكون وِفْقَ ما جاءت به الشريعة من المحاسن، فإن جاء على غير ذلك كان دليلاً على كذبه، ونحن نقول به، ولكن أين فيه الدلالة على عدم حُجِيَّةِ السُنَّةِ؟. وأما الحديث الثالث:«إنِّى لَا أُحِلُّ إِلَاّ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِى كِتَابِهِ وَلَا أُحَرِّمُ إِلَاّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِى كِتَابِهِ» فقد قال السيوطي: أخرجه الشافعي والبيهقي من طريق طاووس. فال الشافعي: وهذا منقطع. وكذلك صنع صلى الله عليه وسلم وبذلك أمر وافترض عليه أن يتبع ما أوحي إليه، ونشهد أن قد اتبعه، فإنما قبل بفرض الله تعالى. قال البيهقي:«وَقَوْلُهُ " فِي كِتَابِهِ ": إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ فَإِنَّمَا أَرَادَ فِيمَا أَوْحَىَ اللهُ: ثُمَّ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا وَحْيٌ يُتْلَى، وَالآخَرُ وَحْيٌ لَا يُتْلَى» (1)، وأنت ترى أنَّ االبيهقي فَسَّرَ الكتاب بما هو أعم من القراَن. وقد أطلق بهذا المعنى في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال لأبي الزاني بامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم:«وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْغَنَمُ وَالخَادمُ رَدٌّ عَلَيْكَ وَأَنَّ امْرَأَتَهُ تُرْجَمُ إِذَا اعْتَرَفَتْ» ولا مانع من إجراء الكتاب على المتبادر منه وهو القراَن، فإنَّ ما يحرمه أو يحله الرسول حلال أوحرام في كتاب الله الذي أمر بطاعته ونهى عن مخالفته.

أَمَّا رِوَايَةُ «لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَىْءٍ» فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنها من رواية طَاوُوسَ وهو حديث منقطع، ولو ثبت فمعناه أنه ليس للناس أن يقولوا كيف يُحَرِّمُ رَسُولُ اللهِ وَيُحِلُّ مَا لَيْسَ فِي القُرْآنِ؟ فَإِنَّ الرَّسُولَ مُشَرِّعٌ، وَهُوَ لَا يُحِلُّ إلَاّ مَا كَانَ حَلَالاً فِي شَرْعِ اللهِ، وَلَا يُحَرِّمُ إلَاّ مَا كَانَ حَرَامًا.

بهذا يتين لك أنَّ هذه الأحاديث التي استند إليها صاحب الشُبْهَةِ، منها ما لم يثبت لدى أهل العلم، ومنها ما ثبت ولكنه ليس فيه دليل على دعواه، كيف وقد ثبت في السُنَّةِ الصحيحة مَا يَرُدُّ على صاحب الشُبْهَةِ وأمثاله، فقد روى الشافعي

(1)" مفتاح الجنة ": ص 19.

ص: 164

عن سفيان بن عيينة عن سالم أبي النضر أنه سمع [عُبَيْدَ] اللهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ يُحَدِّثُ عن أبيه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال .. «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَةٍ يَأْتِيهِ الأَمْرُ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِى مَا وَجَدْنَا فِى كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ» (1) ورواه أبو داود وا بن ماجه والترمذي وأحمد وأخرج الحاكم بسنده إلى المقدام بن معد يكرب قال: «حَرَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَشْيَاءَ يَوْمَ خَيْبَرَ، مِنْهَا الحِمَارَ الأَهْلِيَّ وَغَيْرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يُوشِكُ أَنْ يَقْعُدَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدِّث بِحَدِيثِى فَيَقُولُ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلَالاً اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَامًا حَرَّمْنَاهُ، وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ "» قال الشافعي: «فَقَدْ ضَيَّقَ رَسُولُ اللهِ عَلَى النَّاسِِ أَنْ يَرُدُّوا أَمْرَهُ، بِفَرْضِ اللهِ عَلَيْهِمْ اتِّبَاعَ أَمْرِهِ» .

وقصارى القول أَنَّ إنكار حُجِيَّة السُنَّة والادعاء بأن الإسلام هو القرآن وحده لا يقول به مسلم يعرف دين الله وأحكام شريعته تمام المعرفة، وهو يصادم الواقع، فإنَّ أحكام الشريعة إنما ثبت أكثرها بِالسُنَّةِ، وما في القرآن من أحكام إنما هي مجملة وقواعد كلية في الغالب، وإلَاّ فأين نجد في القرآن أَنَّ الصلوات خمسة، وأين نجد ركعات الصلاة، ومقادير الزكاة، وتفاصيل شعائر الحج وسائر أحكام المعاملات والعبادات؟ قال ابن حزم رحمه الله: «وَنَسْأَلُ قَائِلَ هَذَا القَوْلِ الفَاسِدِ: فِي أَيِّ قُرْآنٍ وَجَدَ أَنَّ الظُّهْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَنَّ المَغْرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَأَنَّ الرُّكُوعَ عَلَىَ صِفَةِ كَذَا، وَالسُّجُودَ عَلَىَ صِفَةِ كَذَا، وَصِفَةِ القِرَاءَةِ وَالسَّلَامِ، وَبَيَانِ مَا يُجْتَنَبُ فِي الصَّوْمِ، وَبَيَانِ كَيْفِيَّةِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَالغَنَمِ وَالإِبِلِ وَالبَقَرِ، وَمِقْدَارُ الأَعْدَادِ الْمَأْخُوْذَةِ مِنْهَا الزَّكَاةُ، وَمِقْدَارُ الزَّكَاةِ المَأْخُوذَةَ، وَبَيَانِ أَعْمَالِ الحَجِّ مِنْ وَقْتِ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَصِفَةَ الصَّلَاةِ بِهَا وَبِمُزْدَلِفَةَ، وَرَمِيَ الجِمَارِ، وَصِفَةَ الإِحْرَامِ، وَمَا يُجْتَنِبُ فِيهِ، وَقَطْعِ السَّارِقِ، وَصِفَةَ الرَّضَاعِ المُحَرَّمِ، وَمَا يَحْرُمُ مِنَ المَأْكَلِ وَصِفَتَا الذَّبَائِحِ وَالضَّحَايَا، وَأَحْكَامَ الحُدُودِ، وَصِفَةَ وُقُوعِ الطَلَاقِ، وَأَحْكَامَ البُيُوعِ، وَبَيَانِ

(1)" الرسالة ": ص 403.

ص: 165

الربا، والأقضية والتداعي، والأيمان والأحباس، والعمرى، والصدقات، وسائر أنواع الفقه، وإنما في القرآن جمل لو تركنا وإياها لم ندر كيف نعمل فيها، وإنما المرجوع إليه في كل ذلك، النقل عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وكذلك الإجماع إنما هو على مسائل يسيرة، فلا بُدَّ من الرجوع إلى الحديث ضرورة، ولو أَنَّ امْرُءاً قال: لا نأخذ إلَاّ ما وجدنا في القرآن، لكان كافراً بإجماع الأمر، ولكان لا يلزمه إلَاّ ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل، وأخرى عند الفجر، لأنَّ ذلك هو أقل ما يقع عليه اسم صلاة، ولا حد للأكثر في ذلك، وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال، وإنما ذهب إلى هذا بعض غَالِيَةِ الرَّافِضَة مِمَّنْ قد اجتمعت الأُمَّةُ على كفرهم، ولو أنَّ امْرُءاً لا يأخذ إلا بما اجتمعت عليه الأُمَّةُ فقط، ويترك كل ما اختلفوا فيه مِمَّا قد جاءت فيه النصوص، لكان فاسقاً بإجماع الأُمَّةِ، فهاتان المُقَدَّمَتَانِ توجب بالضرورة (1) الأخذ بالنقل.

(1)" الإحكام " لابن حزم: 2/ 79 - 80.

ص: 166