الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتعالى عنه، وافتقاره هو إليه وفي كل شأنه حتى في أنفاسه التي يرددها؛ فبالله تعالى حياته، وعليه وحده توكله واعتماده، إذ هو محض رجائه إذا طمع، ومأمن خوفه إذا خاف بحبه يحب، وببغضه يبغض، هو مولاه الذي لا مولى له غيره، ومعبوده الذي لا معبود له سواه، لا يرى ربوبية غيره ولا يعتقد ألوهية سواه.
وعقيدة المؤمن تقوم على أركان ستة، معلومة من الدين بالضرورة؛ وهي: الإيمان بالله، وملائكة، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر كله خيره وشره حلوه ومره، من الله تعالى يقول الله سبحانه وتعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} (البقرة: 177) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (النساء: 136) وفي حديث عمر رضي الله عنه المشهور في سؤال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى)).
الركن الأول: الإيمان بالله
فالركن الأول من أركان الإيمان هو: الإيمان بالله عز وجل:
والإيمان بالله سبحانه وتعالى على أربع مراتب؛ هي: الإيمان بوجوده، والإيمان بربوبيته، والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته. أما الإيمان بوجود الله تعالى؛ فإن العلماء استدلوا عليه بأربعة أنواع من الأدلة هي: العقل والشرع والفطرة والحس. أما الاستدلال بالعقل والشرع؛ فإن الناظر في ملكوت السموات والأرض يرى فيهما الكثير والكثير من الآيات الدالة على
وجود الله تعالى؛ فهذه السموات بارتفاعها وشدة بنائها، وما فيها من كواكب ونجوم تسير بانتظام، بلا خلل ولا صدام، كل في فلك يسبحون.
هذه السموات بارتفاعها وإمساكها عن الوقوع على الأرض تدل على أن لهذا الكون مدبرًا؛ لأن العقل السليم يحيل أن توجد هذه السموات وما فيها بنفسها، كما تحيل أن توجد من غير موجد؛ وهذا هو ما قرره ربنا سبحانه وتعالى بقوله:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ} (الطور: 35، 36) هذه الأرض وما فيها وما عليها، هذه الأرض باتساعها وطولها وما عليها من جبال، وما يجري فيها من بحار وأنهار، وما يخرج منها من زروع وثمار؛ كل ذلك من صنع من؟ صنع ربي {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء} (النمل: 88).
والمتأمل في كتاب ربنا سبحانه يجد الرب عز وجل كثير ما يشير إلى هذه الآيات ويأمر بالنظر المتأمل فيها يقول سبحانه: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (البقرة: 28، 29) ويقول سبحانه: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} (النازعات: 27 - 33) ويقول سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} (الملك: 1 - 4).
ويقول سبحانه: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} (الغاشية: 17 - 20) أفلا ينظرون
ويتأملون ويتدبرون، فيعلمون أن لهذا الكون إله؛ فبهذا كان العرب قديمًا يستدلون على الله سبحانه وتعالى حتى قيل لبعضهم: بم عرفت ربك؟ فقال: إن البعر يدل على البعير، وإن الأثر يدل على المسير؛ فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج؛ أفلا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير.
وأما الاستدلال بالفطرة والحس على جود الله عز وجل: فإن كل إنسان إذا نزلت به نازلة وعجز عن دفعها، وجد نفسه مندفعًا إلى النداء والاستغاثة بالله وحده دون سواه؛ فيقول مضطرًا: يا الله يا الله؛ فإذا به يجاب إلى ما سأل، فيكشف عنه ما سأل كشفه، أو يعطى ما طلبه. وهذا شيء محسوس ومجرب دعت إليه الفطرة التي فطر الناس عليها، وهو دليل على وجود الله السميع البصير، اللطيف الخبير وفي ذلك يقول ربنا سبحانه:{أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} (النمل: 62).
أما المرتبة الثانية من مراتب الإيمان بالله عز وجل فهي: الإيمان بربوبيته سبحانه وتعالى:
ومعنى الإيمان بالربوبية: الإيمان بأن الله وحده هو الخالق الرازق المحي المميت مالك الملك ومدبر الأمر كما قال سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (الملك: 1) وقال عز وجل: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (يس: 83) وقال سبحانه: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (آل عمران: 26، 27).
فالله سبحانه وحده هو خالق الخلق، ومالك الملك لا خالق غيره، ولا مالك سواه، وهو سبحانه وتعالى هو الذي يُدبر أمر كل شيء فما شاء كان، وإن لم يشأ العباد،
وما لم يشأ لم يكن وإن شاء العباد، وبهذا استدل عقلاء العرب على ربوبية الله سبحانه، قيل لأعرابي: بم عرفت ربك؟ قال: بنقض العزائم وصرف الهمم.
المرتبة الثالثة: الإيمان بألوهية الله عز وجل:
ومعناه: الاعتقاد والإقرار بأن الله وحده هو المستحق للعبادة دون غيره؛ فكما خلق وحده يجب أن يُعبد وحده ولذلك قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 21، 22) وقال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (الروم: 40).
وبالدعوة إلى ألوهية الله عز وجل وإفراده وحده بالعبادة أرسل الله الرسل وأنزل الكتب قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 25) وقال سبحانه: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} (النحل: 2) ولذلك اتفقت كلمة الأنبياء على: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه} (الأعراف: 59). وهذا التوحيد هو سبب النجاة من النار، والفوز بالجنة وتركه هو سبب الهلاك والعذاب، قال الله تعالى:{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} (النساء: 172، 173). وعن جابر قال: "أتى
النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله، ما الموجبتان؟ فقال:((من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار)).
أما المرتبة الرابعة من مراتب الإيمان بالله عز وجل فهي: الإيمان بأسماء الله تعالى الحسنى، وصفاته العلا:
فالله سبحانه وتعالى ذات وكل ذات لا بد لها من أسماء وصفات، وأسماء الله وصفاته توقيفية لا يجوز لأحد أن يُسمي الله تعالى أو يصفه إلا بما سمى الله به نفسه أو سماه به رسله، وكل ما سمى الله به نفسه، وجب الإيمان به من غير تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تحريف وقوفًا عند قوله سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: 11).
هذه العقيدة: عقيدة الإيمان بالله عز وجل وتوحيده سبحانه لها آثارها العظيمة في حياة الإنسان؛ فالله سبحانه وتعالى بَيّن أن المؤمن الموحد إنسان مطمئن البال، مُستقرٌ في حياته، لا يصيبه القلق ولا الضجر؛ لأنه أسلم وجهه لله سبحانه وتعالى وحده، ودان له بالسمع والطاعة؛ فهو لا يتلقى الأمر إلا منه، ولا يتلقى النهي إلا منه وقد فرق الله سبحانه وتعالى بين المؤمن الموحد الذي يدين لله -تعالى- وحده بالسمع والطاعة، وبين المشركين الذين يعبدون آلهة كثيرة فقال عز وجل:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (الزمر: 29) فشبه الله تعالى النفس الموحدة لربها، بالعبد الذي يملكه رجل واحد؛ فجميع تصرفات هذا العبد تأتي حسب رغبة سيده، وبهذا تهدئ نفسه وتستقيم حياته، وتنسجم تصرفاته، وفق نظام معين وعلى نسق واحد.
أما العبد الذي يملكه عدة شركاء متشاكسين، لا يؤمن أن يتصرف اليوم على نمط يعاكس تصرفاته بالأمس، وتبقى نفسه نهبًا للمخاوف والهواجس، كذلك العبد
المشرك الذي يعلم بفطرته عظمة الله، ويشرك مع الله آلهة أخرى؛ فتراه تارة ينافق الناس، وتارة يتخذ إلهه هواه، وتارة يستعبده المال، وتارة يتعلق بالحياة؛ فينخلع قلبه من الموت أو المرض، وهو في كل ذلك قلق لا يطمئن على نفسه ولا على ماله وعلى شيء من ملذاته؛ لأنه لا يؤمن بمصير معين، ولا يخضع لإلهٍ واحد، بيده كل شيء، وهو على كل شيء قدير.
كما أن عقيدة التوحيد والإيمان بالله عز وجل تُربي عقل الإنسان على سعة النظر، وحب الاطلاع على أسرار الكون، والطموح إلى معرفة ما وراء الحس؛ فكل ما في الكون مما نرى وما لا نرى من السموات والكرسي والعرش والملائكة، كل ذلك من ملك الله، وكل كائن صغير أو كبير يسبح بحمد الله ويشهد بعظمته، وقد أمرنا القرآن الكريم أن نتأمل ذلك كله، نتأمل خلق السموات والأرض والبحار والأنهار والإبل والدواب والنحل، وبين لنا أن ما من شيء إلا والله يعلمه صغيرًا كان أو كبيرًا، قال سبحانه:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (الأنعام: 59).
وبالتوحيد وإفراد الله تعالى بكل صفات الألوهية يبتعد الإنسان عن التعلل بالآمال الكاذبة؛ فلا تنفع عند الله شفاعة الشافعين، إلا لم يأذن له الله ويرضى، وما من أحد يفيده قربه من الله إلا عن طريق العمل الصالح؛ فليس إليه قرابة رحم ولا صلة أبوة، ولا صحبة سابقة لأحد من العالمين؛ الكل عباده والكل محاسبون مجزيون بأعمالهم خيرها وشرها، ويتسلح الإنسان إذا آمن بالله حق الإيمان بالطمأنينة والرجاء، مع السعي والتوكل على الله، وعدم التواكل.
فالمؤمن الموحد مطمئن بعد أن عرف أن الله قريب، يجب دعوة الداعين، ويتوب على التائبين وينصف المظلومين، وقد وسعت رحمته كل شيء؛ فضلًا من الله ونعمة.