الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السادس
(أنواع البشر الذين يوجه إليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكيفية علاجهم
، ومراتب إنكار المنكر)
1 -
أركان الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر: معرفة أنواع البشَر
أنواع البشَر الذين يُوجَّه إليهم الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر وكيفيّة علاجهم
لقد خلَق الله البشَر مختلِفين في الإيمان والكفر، والطاعة والمعصية، متفاوتين في الذكاء والإدراك، متمايزين في النظرة للأمور والحُكم على الأشياء، قال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (هود:118، 119).
هذا التباين والاختلاف يوجب على مَن يقوم بواجب الدّعوة إلى الله ويباشر مهامّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أن يتعرّف على أنواع البشر، ومدى إقبالهم على فعل الطاعات، ومدى إقدامهم على اقتراف السيئات.
وهل ما يرتكبونه من المعاصي يدخل في نطاق الكبائر أم الصغائر؟
وهل يوجد عناد وإصرار على إتيان الفواحش، أم هم من الذين قال الله تعالى فيهم:{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (التوبة:102).
فإذا ما درس الدّاعي أحوال مَن يأمرهم وينهاهم، استطاع أن يوجّه لكلّ نوع ما يناسبه من التذكرة والموعظة، ودرجة ما يخاطبهم به من الوعد والوعيد، ونجح في استمالة القلوب والتأثير على العقول، وإصلاح النفوس وتهذيب السلوك.
وسوف نتناول في هذه المحاضرة: أصناف البشَر وأنواع الخلائق، ومدى درجة كلّ نوع في القرب والبعد عن الطاعة أو المعصية، وذلك وَفْق العناصر التالية:
الصنف الأول:
صنف لا يعرف شيئاً عن دينه، وذهنهُ خالٍ عن كلّ ما أمَر الله به أو نهى عنه، كمن نشأ في بيئة جاهلية، أو تربى في مجتمع بعيد عن دار الإسلام، كبعض المسلمين الذين وُلدوا ونشؤوا في دول الغرب، أو كشأن الكثير من عوام المسلمين الذي يُعتبرُ دينُهم عادة لا عبادة، لأنهم لا يعرفون عن الإسلام إلاّ اسمه، ومع ذلك فهم متطلِّعون لِمن يأخذ بأيديهم ويرشدهم إلى الصراط المستقيم، ويبيّن لهم الحلال من الحرام، ويفقِّههم في أمور دينهم. ويتم ذلك معهم بأناةٍ ورِفْق وحِلم وصبر؛ فيجب على الداعي إلى الله الآمِر بالمعروف والناهي عن المنكر: أن يتعرّف على هذا الصنف من البشر، فيسعى إليهم ويتقرب منهم، ويُفسح صدره فيشرح أحكام الإٍسلام شرحاً مُبسّطاً مُيسّراً، ويجمعهم على الطاعة بالترغيب فيها وبيان آثارها في الدنيا وثوابها في الآخرة، وينفِّرهم من المعصية، ويبيِّن عواقبها في الدنيا والآخرة.
هذا الصنف من الناس يكثر تواجده في عوام المسلمين من الفقراء والكادحين الذين شغَلهم السعْي على المعاش وطلب الرزق لإعالة الأهل والأبناء عن معرفة الإسلام معرفة حقة. ويُلحق بهؤلاء الكثير من الناشئين من الفتيان والفتيات الذين أهمل الوالدان تربيتهم تربية إسلامية صحيحة، وتأثّروا بما حولهم من إعلام فاسد يدعو للرذيلة ويُشجِّع على الفاحشة ويحثّ على العنف. هذا بجانب إهمال المجتمع بهيئاته ومؤسّساته لواجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، والانصراف عن ذلك بتشجيع مظاهر اللهو والعبث والترف، ممّا جعَل الدِّين عند هؤلاء أمراً ثانوياً وشعوراً هامشياً؛ فهُم قد حُرموا من لذّة الطاعة، ولم يشعروا بنعمة
الإسلام. هؤلاء الفتيان والفتيات تشملهم شريحة كبيرة من شرائح المجتمع، وهُمُ الذين ينبغي أن تتوجّه إليهم جهودُ الدّعاة، كما أمَر الله في قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هَِيَ أَحْسَنُ} (النحل:125).
فهُم تربة صالحة ومناخ ملائمن يتقبّل التوجيه ويُسرع إلى الإذعان. ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُعالج هذا الصّنف من الناس معالجة طيِّبة تَحملهم على ترْك المعاصي وتحبِّب إليهم الطاعة.
فقد روى أبو أمامة رضي الله عنه: أنّ غلاماً شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله. تأذن لي في الزِّنى؟ فصاح الناس به. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أتُحبُّه لأمِّك؟)). قال: لا. جعلني الله فداك. قال صلى الله عليه وسلم: ((كذَلِك الناسُ لا يُحبّونه لأمَّهاتِهم. أتُحِبّه لابنتِك؟)). قال: لا. جعلني الله فداك. قال: ((كذلك الناسُ لا يُحبّونه لبَناتِهم. أتُحِبّه لأختك؟)). قال: لا. جعلني الله فداك. وزاد ابن عوف، حتى ذكَر العمّة والخالة، وهو يقول: في كلّ واحدة لا، جعلني الله فداك، وهو صلى الله عليه وسلم يقول:((كذلك الناس لا يُحبونه)). وقالا جيمعاً في حديثيهما -أعني: ابن عوف وأبو أمامة-: ((فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال: اللهم طهِّرْ قلبَه، واغفرْ ذنبه، وحصِّن فرْجَه. فلم يكن شيء أبغض إليه منه -يعني: الزنى-)). رواه أحمد بإسناد جيد.
وهؤلاء الذين ارتكبوا المعاصي عن جهل، أو تقاعسوا عن أداء العبادات كسلاً، يجب أن تُفتح لهم أبواب الأمل في رحمة الله، وأن يُدفع عن قلوبهم اليأس والقنوط. قال تعالى:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزُّمَر:53).
الصنف الثاني:
أناس جمعوا مع الجهل بالدِّين: قسوة القلب، وظلمة النفس، وضلال العقل، وضعف العقيدة. لا يعرفون عن دينهم شيئاً، ولا يريدون أن يتعلّموا. قد جرفتْهم الحياة الدنيا بلهْوها ولعبها، وكدِّها وتعبها، وتكاثرها والاشتغال بها. فهم لا يفكِّرون في الخالِق، ولا يلتفتون لشؤون الآخِرة، ولا يهتمّون بمسائل البعث والحشر والثواب والعقاب. وهؤلاء تحدّث القرآن عنهم كثيراً. وأوجزُ وصف وأشملُه: قول الله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (الحشر:19).
فإنّ أخطر شيء على الإنسان: أن ينسى الله في كلّ أحواله، فيُنسيه الله نفسَه، فيهيم على وجهه في هذا الحياة، بلا هدف يُرجى، ولا أمل يُطلب. قال تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (الأعراف:179).
وأمثال هؤلاء يتأفّفون من الموعظة، ويضيقون ذرعاً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وربما يُلْحِقون الأذى بمَن يدْعونهم، ولا سيما إذا كانوا من أصحاب السطوة والنفوذ، الذين تتمعّر وجوههم غضباً، وتُلوى أعناقهم علواً واستكباراً لِمجرّد النصيحة:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} (البقرة:204 - 26).
وقال تعالى عنهم: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَاّ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} (الفرقان:43، 44).
وهؤلاء نفر قليل من جماعة المسلمين، إلاّ أن صوتهم عالٍ وكلمتهم مسموعةٌ، وذلك لسيطرة البعض منهم على وسائل الإعلام، وتقديمهم إلى المجتمعات الإسلامية على أنّهم رواد النهضة وزعماء الإصلاح، مع أنهم في كتاباتهم وأحاديثهم يمرُقون من الدِّين كما يمرق السهم من الرمية، ويستخفُّون بأحكامه ويسخرون من ثوابته. وهم يمكن حصرهم في الفئات التالية:
أولاً: العلمانيّون: الذين تربوا على موائد الاستشراق والتبشير والاحتلال، وانبهروا بحضارة الغرب العلميّة والمادية، وأعجِبوا بموقف أوروبا من الدِّين الذي يقوم على تجاهله وإغفاله وفصْله عن الحياة الاجتماعية سياسياً واقتصادياً وتربوياً. واعتقدوا -ألا ساء ما يعتقدون- أنّ ما وصلت إليه دولُ الغرب وشعوبه مِن تقدّم في العلوم والمخترعات، وترف مادي وأنظمة اجتماعية تُحقّق العدل والمساواة لشعوبهم، هو بسبب هجْر الدِّين، ولن يستطيع العالَم الإسلامي السّير على منوالهم واقتباس نظمهم وشرائعهم وقوانينهم إلاّ بإبعاد الإسلام عقيدة وشريعة عن توجيه المجتمع، ودفْعه إلى دائرة العبادات لا يتعدّاها إلى غيرها؛ فانطلقت أفئدتهم وألسنتهم تهمز الإسلام وتلمز شرائعه، واستخفوا بما أمَر الله به أو نهى عنه. وقد انكشفت سوأتهم وفُضحتْ نواياهم، وتبيّن حقدهم الأسود وغلّهم الدّفين في هذه الأيام التي ظهرت فيها هيمنة غير المسلمين على ديار الإسلام وغطرستهم على شعوبه، ولقد بسطوا حمايتهم لهؤلاء البوم والغربان
الذين ينعقون باسم الاحتلال صباح مساء، ويطلّون بوجوههم القبيحة عبر وسائل الإعلام والقنوات والفضائية، يسبِّحون باسم المستعمرين ويحمدون فعلهم ويهتفون لمقدمهم ويستبشرون بغزوهم لديار الإسلام. فنراهم الآن ينكرون ما عُلم من الدِّين بالضرورة كالجهاد، ويستخفُّون بثوابت الأمّة في العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق. وُجهتهم: دهاليز المخابرات الأجنبية، وقِبلتهم: مواخير الخنا والفسق ودور الفساد. قال تعالى مخاطباً هؤلاء ومَن كان على شاكلتهم من العصاة مُقترفي السّيّئات: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (الحج:46).
ثانياً: بعض المترفين من أبناء هذه الأمّة، الذين فتح الله عليهم الدنيا، ومكّن لهم بالثراء في الأرض، فانتفخت جيوبهم وتضخّمت ثرواتهم، وكثرت عقاراتهم وأموالهم.
وقد كان من الواجب عليهم أن يتوجهوا إلى الله بالحمد، وتلهج ألسنتهم بالشّكر على النعماء، وينفقون من هذا المال في مصارفه الشرعية على أنفسهم وعلى ذويهم ثم على المجتمع. قال تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (النحل:114).
غير أنّ هؤلاء المُترفين قد أبطرتهم النِّعم، وأفسدهم كثرة المال، فطغَوْا وبغًوْا، كما قال تعالى:{كَلَاّ إِنَّ الأِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (العلق:6).
فاتّجهوا نحو الملذّات ينغمسون فيها، ويتفنّنون في تحصيل سبل التّلذّذ بها، فتشرّبت قلوبهم المعصية، وغرقت نفوسهم في الشهوات فاقترفوها، وغفلت عن الطاعة فابتعدوا عنها.
وأصبح إتيان المُنكَر جزءاً من حياتهم وجوهر سلوكهم، وتحالف معهم الشيطان يزيِّن لهم الكبائر ويحثهم على اقتراف الرذائل، فأشاعوا الفاحشة في المجتمع، كبعض الفنّانين من الممثِّلين والممثِّلات والمطربين والمطربات. وهؤلاء وأمثالهم أطلق عليهم القرآن الكريم:{أَصْحَاب الشِّمَال} ، قال تعالى:{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} (الواقعة:41 - 45).
وهم بأفعالهم القبيحة قد دمّروا ثوابت المجتمع، قال تعالى:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} (الإسراء:16).
هؤلاء وأمثالهم لا يُتركون للشيطان يُغويهم، ولا للمعاصي تُغريهم، ولا للمنكرات تستحوذ عليهم، بل ينبغي أن يسارع لهم الدّعاة لأمْرهم بالمعروف ونهْيهم عن المنكر، ولا يسأمون من دعْوتهم، ولا يقنطون من إصلاحهم، ولا يكُفّون عن إبداء النّصح لهم.
ومعالجة هؤلاء وغيرهم من العلمانيِّين تكون على النحو التالي:
أ- العلمانيّون:
تجب ملاحقة أفكارهم، وتفنيدُ مزاعمِهم، وفضْح عمالتهم لأعداء الدِّين، وكشف خيانتهم لعقيدة الأمّة وثوابتها، وذلك بالوسائل التالية:
1 -
بالكلمة المسموعة والمرئيّة.
2 -
بالمقالات الصحفية.
3 -
بنشر مواقع على "الإنترنت" لكشْف حقيقتهم.
4 -
بالكتاب المطبوع والنشرات المطوية الموجزة.
5 -
بإقامة المناظرات معهم لتعْريَتهم أمام الأمّة، وإلقاء المحاضرات والندوات في الأندية الأدبية والمنتديات الثقافية.
6 -
إقامة المؤتمرات بين الحين والحين لِرصْد أعمالهم ومناقشة سموم أفكارهم.
7 -
على وليِّ الأمر أن يحظر نشر سمومهم وأفكارهم على الأمّة، إذ إنّ من واجبه أن يحافظ على معتقداتها، ويصون ثوابتها؛ وليس هذا مصادرة لحريّة الفكر، ولا حَجْراً على الرأي، ولكن حماية للمسلمين من بذور الفتنة وعوامل الانحراف.
ب- المترفون الذين أبطرتْهم النِّعم وتمكّنتْ منهم السيئات:
فيتم أمْرهم بالمعروف ونهْيهم عن المنكر بالأساليب التالية:
1 -
استغلال أوقات فراغهم من شواغل الدنيا، وبثّ الموعظة إليهم برفْق ولين، كما أمر الله موسى وهارون بكيفية خطاب فرعون رغم عتوِّه واستبداده وعناده، قال تعالى:{اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه:43، 44).
2 -
تذكير هؤلاء العصاة بأمور الآخِرة من أهوال البعث والحشر، والثواب والعقاب، والجنّة وما فيها من نعيم، والنار وما فيها من جحيم.
3 -
استغلال ما يقع فيه هؤلاء المُترفون المفسدون في الأرض لِما يحلّ بهم من كوارث مالية، أو أمراض بدنيّة، أو ظروف نفسيّة، ممّا يتعرض له الإنسان في حياته كموت عزيزٍ أو فقدان صاحب أو ضياع مال
…
إلخ.
فهذه الأزمات والكوارث توقظ الإنسان من غفلته، وتعيده إلى فطرته، وتُذكِّره بخالِقه. فإذا ما أحسن الداعية استغلال هذا الظرف الصعب الذي يحيط بهذا العاصي، وانتهز ما يعانيه من آلام نفسية وبدنية، وبيّن له نتائج الطاعة وما أعدّه الله للطائعين من نعيم مقيم وجنة خالدة، وذكَر له عواقب المعصية وما ينتظر العاصين من نار تلظّى لا يصلاها إلا الأشقياء العصاة مرتكبو الكبائر والمصرّون عليها حتى الموت
…
وهكذا تتضمّن موعظة هذا الصنف الوعد والوعيد، والأمر والنهي، والترغيب والترهيب.
3 -
يجب على الدّعاة أن يكتبوا لهؤلاء العصاة على مؤسّساتهم أو منازلهم بالبريد أو بالفاكس، خطابات يتناولون فيها ما يرتكبه كلّ إنسان منهم من معصية، وما يقترفه من منكرات. وتتّسم تلك الخطابات بمخاطبة العاصي برفق، وأدب حديث وحسن بيان، شارحاً له بالأدلة الشرعية عواقب ما يرتكبه من أفعال، ويخاطب نفسه، ويحرّك مشاعره نحو التزام الطاعة، والخوف من عقاب الله. ويذكر له أنّ ما حَمَله على الكتابة هو: حبُّه له، وحرْصُهُ عليه، وإبراءٌ للذِّمة، ووفاء وامتثال لقوله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة:71).
والآيات والأحاديث في هذا الشأن كثيرة جداً.
4 -
إن لم تُجْدِ أيُ وسيلة من الوسائل الآنفة الذِّكْر، ولم ينفع الوعد والوعيد والترغيب والترهيب، وأصرّ العاصي على اقتراف المعاصي والجهْر بها