الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى الدّعاة إلى الله: أن يُخلصوا النّية، وأن يجعلوا ما يَحصلون عليه من راتب هو وسيلة لتحقيق العيش الكريم، وعوناً على حُسن القيام بالدّعوة إلى الله وليس غاية في حدّ ذاته. قال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فُصِّلَت:33).
2 -
القاسم المشترَك بين الرّسل والأنبياء جميعاً
القاسم المشترَك بين الأنبياء جميعاً
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
فقد تناولنا في المحاضرة السابقة: الآثار السيِّئة التي نجمت عن تقاعس المسلمين عن واجب تبليغ الدّعوة إلى الله.
ولقد أثَرْنا بين ثنايا المحاضرة سُؤالاً حول: هل الدعوة إلى الله وظيفة أم رسالة؟ وذكرنا آراء العلماء في حُكم تعاطي الأجْر في مقابل الدّعوة إلى الله، ثم ذكرنا طرفاً من خصائص دعوة الإسلام، وأنها وثيقة الصلة بجميع الرسالات السابقة، وسُقنا الأدلة من القرآن والسُّنة على ذلك. واليوم نتناول في هذه المحاضرة: الأمور التي يشترك فيها الأنبياء جميعاً؛ ومن هذه الأمور ما يلي:
أولاً: نظرية تلقِّيهم عن الله واحدة؛ قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً} (النساء:163).
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الشورى:51).
ثانياً: المُوحَى به واحد في أصوله؛ قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (الشورى:13).
ثالثاً: أنّ مُسمَّى دينهم واحد، قال تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الأِسْلامُ} (آل عمران:19).
رابعاً: أسلوبهم في الدّعوة إلى الله واحد؛ قال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} (النساء:165).
خامساً: الغاية التي بُعثوا بها جميعاً واحدة؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل:36).
سادساً: دلائل صِدْقهم وأمارات نبوّتهم واحدة، رغم اختلاف الزمان والمكان؛ فهي تتجمّع في الأمور التالية:
أ- مكارم الأخلاق التي اتّصف بها جميع الأنبياء والمرسلين قبل البعثة وبعدها واحدة، ممّا يُقيم الأدلة والبراهين على أهليّتهم لشرف النبوة والرسالة.
ب- جميعهم -عليهم الصلاة والسلام- أيّدهم الله بالمعجزات، تصديقاً لهم، وتحدِّياً لأعدائهم، كما أنّ نزول الكتب والصّحف والألواح قاسم مشترك بين الأنبياء جميعاً.
ج- أنّ كلّ ما جاؤوا به من تشريعات تتلاءم مع الفطرة السليمة، ولا تتعارض مع غرائز الإنسان السّويّة.
د- مقاومة المعارضين لهم، شأن مشترَك بينهم جميعاً.
هـ- إجماع الأنبياء على الإعراض عن الدنيا والزهد فيها، وعدم تعاطي أجْر على دعْوتهم، وصبرهم على الأذى.
كلّ هذه العوامل مجتمعة، تدل على اتّفاق المنهج، ووحدة الهدف لجميع الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.