الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال جرير بن عبد الحميد الضبي: «كان مغيرة لا يعبأ بحديثه» ، وقال عمرو بن علي:«ما سمعت عبد الرحمن ولا يحيى حدثا عنه بشيء قط» . نقلهما ابن عدي في «الكامل» (1/398) . وقال أبو بكر بن عياش: «الأصبغ ابن نباتة وهيثم؛ هؤلاء الكذابين» (1) . وقال ابن معين: «ليس يساوي حديثه شيئاً» (2) . وقال -أيضاً-: «ليس بثقة» (3) . وقال مرة: «ليس حديثه بشيء» (4) .
وقال النسائي في «ضعفائه» (286) : متروك الحديث. وقال مرة: ليس بثقة (5) . وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/174) : «فتن بحب علي بن أبي طالب، فأتى بالطامات في الروايات؛ فاستحق من أجلها الترك» .
وضعفه أبو حاتم، وابن سعد، وأبو داود، وأبو أحمد الحاكم، والبزار، والدارقطني، والساجي، وابن عدي، والعقيلي، والفسوي، ومحمد بن عمار، والبرقاني، وأبو العرب، وابن شاهين، وآخرون (6) .
ونستفيدُ مما مضَى من أحاديثَ في هذا الباب:
أولاً: إن الفتن آخر الزمان قبل المهدي، عند الملاحم تبدأ من العراق
، وهذا سبب غير مباشر لها، والسبب المباشر رفع الصليب في الشام بعد غدر
(1)«تهذيب الكمال» (3/309) .
(2)
«الضعفاء الكبير» (1/129) ، «تهذيب الكمال» (3/309) .
(3)
«تاريخ الدوري» (2/42) .
(4)
كذا في «تاريخ الدارمي» (ص 71/رقم 147) ، وكذا قال معاوية بن صالح عن ابن معين، كما في «الكامل» (1/398) ، و «الضعفاء الكبير» (1/129) ، وكذا نقله جعفر بن أبان عنه، كما في «المجروحين» (1/174) .
(5)
«تهذيب الكمال» (3/310) .
(6)
انظر: «طبقات ابن سعد» (6/157) ، «الجرح والتعديل» (2/319) ، «المعرفة والتاريخ» (3/39، 66) ، «سؤالات الآجري» (87) ، «الميزان» (1/271) ، «تهذيب الكمال» (3/308-311) ، «إكمال تهذيب الكمال» (2/252) ، «نهاية السول» (2/135-137) .
الروم في ملحمة يأتي تفصيلها -إن شاء الله- في الكتاب الخاص عن (الملاحم) .
ثانياً: إن الفرات ينحسر (1) عن (جبل) ، أو (كنز) ، أو (تل)، أو (جزيرة) من ذهب؛ أي:«ينكشف لذهاب مائه» (2) ، أو «يكشف عن الأرض وعن قراره» (3)، أو «نضب عن الساحل» (4) ؛ والمراد: انشكاف نهر الفرات وانحساره، ويظهر في محله جبل من ذهب، ولازم الانحسار جفاف الماء منه (5) ،
وقد يكون بسبب تحول مجراه، «وتَبْني الدولةُ التركيةُ من سنوات على
(1) أي: يكشف، ومنه حسرت المرأة عن وجهها؛ أي: كشفت، والحاسر: الذي لا سلاح عليه. انظر: «المفهم» (7/228) ، و «إكمال المعلم» (8/433) ، و «تحفة الباري» (12/109) لزكريا الأنصاري، و «إرشاد الساري» (10/204) ، و «شرح الطيبي على المشكاة» (10/94) ، و «التوشيح» (9/4147) ، و «التنقيح» (3/858) للزركشي، و «درجات مرقاة الصعود» (185) ، و «عون المعبود» (11/436) .
(تنبيه) : ذكر السخاوي في «القناعة» (ص 101) هذا الحديث، وأورد على إثره شرحاً للحديث الذي قبله، فاقتضى التنويه والتنبيه.
(2)
«شرح النووي على صحيح مسلم» (18/26) ، «عمدة القاري» (24/213) ، و «الديباج» (6/221) ، و «تحفة الأحوذي» (7/291) .
(3)
«إكمال المعلم» (8/433) .
(4)
«المجموع المغيث» (1/445) .
(5)
قال السهارنفوري في «بذل المجهود» (17/234) : «يحسر: أي: يزول وينكشف، فيظهر ذلك الكنز؛ أي: جبل منه» ، وفي هامشه:«أي: ينشق الماء، فيظهر الجبل» ، وفي «المرقاة» (5/173) :«أي: يظهر ويكشف نفسه عن كنز، ففيه إشارة إلى أن (حسر) متعد، وقال الخلخالي -أحد شراح «المصابيح» - أي: سيظهر فرات عن نفسه كنزاً، ففيه إيماء إلى أنه وقع القلب في الكلام، فهو من باب (عرضت الناقة على الحوض،
…
فالمعنى: يقرب الفرات أن ينكشف عن كنز؛ أي: انكشافاً صادراً عن كنز عظيم من ذهب كثير» ونحوه في «مجمع بحار الأنوار» (1/512) .
قلت: ويتأكد هذا المعنى بلفظ: «جزيرة» ، وهو لفظ حنبل في «جزئه» ، كما تقدم.
نهر الفرات سدّاً عظيماً باسم الهالك (أتاتورك) ، وهو من أضخم السدود في العالم، ولعلها تهدد بعض الدول بقطع المياه عنها، وفي هذا إرهاص لانحسار مياه هذا النهر، والله أعلم» (1) .
(1)«أشراط الساعة في مسند الإمام أحمد وزوائد الصحيحين» (1/177 - هامش 1) .
ومما ينبغي أن يذكر هنا:
أولاً: أن نهر الفرات يبلغ طوله (2990) كم، يمتد منها (1220) كم عبر الأراضي التركية؛ أي: حوالي (40.8) في المئة من طول النهر، و (710) كم عبر الأراضي السورية؛ أي: حوالي (23.7) في المئة، و (1060) كم عبر الأراضي العراقية؛ أي: حوالي (30.4) في المئة.
ثانياً: لمياه الفرات ميزة وخاصيّة تندر أن توجد في غيره، واعتنى العلماء بذكر مَخْرَجِه ومعرفةِ من حضَرَه، وما وَرَد في فضله، وتفضيله على غيره من المياه، واعتنى بهذا كله ابنُ العديم في «بغية الطلب» (1/357-371) ، ومما قال (ص 364) ، وأسنده إلى محمد بن جعفر بن النجار، قال:«وقالت الأطباء: كلُّ ماءٍ في نهرٍ فطيرٌ إلا ماء فرات فإنه خمير؛ لكثرة اختلاط الأهوية به، وتكسير المهذرانات له، وهذه المهذرانات عملت لتكسير حدة الماء» ، ثم قال:
«قلت: وإلى زمننا هذا يُختار ماء الفرات للخلفاء على ماء دجلة، فإن دجلة تمر ببغداد بدور الخليفة، ويحمل الماء لشرب الخليفة من نهر عيسى، وهو نهر يأتي من الفرات، ويصب في دجلة، حتى أن السقائين ببغداد يُمنعون أن يستقوا للعامة من نهر عيسى، فلا يُمَكَّن من الشرب منه إلا أهل الدور التي هي على نهر عيسى، وما يقاربها.
وقرأت فيما علقته من الفوائد: وقيل إن الفرس تسمي نهر الفرات عندهم: نهر شير؛ وهو نهر الملك، وكانوا يرون سقيَ الفرات وثمارَه أفضلَ من سقي دجلة وأحلى وأجود» .
قال أبو عبيدة: ولا يُنسَى في هذا المقام: ما أخرجه مسلم في «صحيحه» (2839) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيحان، وجيحان، والفرات، والنيل؛ كلٌّ من أنهار الجنّة» .
وذكره شيخنا الألباني رحمه الله في «السلسلة الصحيحة» (رقم 110، 111)، وذكر فيها برقم (3111) حديث أبي هريرة -أيضاً-:«ليس في الأرض من الجنة إلا ثلاثة أشياء: غَرْسُ العجوة، وأواق تنزلُ في الفرات كلَّ يوم من بركة الجنة، والحجر» . وكان قد ذكره في «السلسلة الضعيفة» (1600) ؛ لعدم وقوفه على طريق آخر له، ولكن بقيت النكرة في هذا اللفظ، فقوله:«إلا ثلاثة أشياء» نفي لما عداها، وفي الحديث المتقدم عند مسلم خلاف ذلك؛ فتأمل!
ثالثاً: قامت تركيا بإنشاء عدة سدود، مما جعل لها أثراً مباشراً على تقليل مياه الفرات؛ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مثل: سد كيبان، وسد كارا كايا عام 1976م، وأضخمها سد أتاتورك، أنشأ سنة 1990م، وفي أثناء إقامته خططت لاحتجاز (48.5) بليون متر مكعب من المياه، وهو سادس أكبر سد في العالم، وسد بيريسيك، وسد كاركاميس، والسدان المقامان وراء الخليج، ومع هذا فهي تقوم بإنشاء سدود أخرى على دجلة، وإن كانت لا تقوم بأي استخدام لمياهه.
رابعاً: لهذه السدود مزايا وأغراض متعددة، وأُبرمت معاهدات واتفاقيات عديدة بشأن مياه الفرات بين تركيا والعراق، وتركيا وسورية، تهدف إلى تنظيم تدفق المياه منه إلى هذه البلدان، وفي اتفاقية سنة 1946 لم تقبل العراق أن المنطقة المناسبة لبناء السد وتنظيم مياه نهر الفرات هي المنطقة الممتدة ضمن حدود الأراضي التركية، ولكنها -أيضاً- وافقت على الإسهام في نفقات الإنشاءات لتنظيم المياه، إذ كانت ستعود بالفائدة على العراق -أيضاً-، إذ لا توجد مناطق في العراق أو سورية ملائمة لإنشاء خزان لتكوين احتياطي؛ لأسباب جغرافية ومناخية وهيدروجرافية وجيولوجية، كما أقرت بذلك الحكومة العراقية في الاتفاقية المذكورة، وأبرمت معاهدة في 17/يوليو/سنة 1987م، تعهدت تركيا فيها للعراق بتوفير ما لا يقل عن (500) متر مكعب في المتوسط سنوياً خلال فترة احتجازها للمياه لإنشاء (سد أتاتورك) ، وحتى الوصول إلى اتفاق نهائي بينهما مع سورية لتخصيص مياه نهر الفرات.
خامساً: هنالك صراعات مستمرة تظهر وتختفي بين دول المصبّ ودول المنبع (تركيا) بشأن المياة وكمياتها التي سوف تستخدم، مما له تعلق بالمصالح المادية، ولما له من آثار إيجابية على النظام الاقتصادي في الدول المعنية، ولا سيما أن هناك عجزاً مائياً مستمراً يصل إلى (5.80) بليون متر مكعب سنوياً من نهر الفرات، وهذا يهدد النهر بالجفاف والنشاف، وأخبرني غير واحد من إخواننا العراقيين أنهم باستطاعتهم قطع نهر الفرات في بعض المناطق مشياً على أرجلهم من قلة مائه، مما يؤذن بانحساره، ولله في خلقه شؤون. وانظر:«لمعة البيان في أحداث آخر الزمان» (ص 79) .
سادساً: مما ينبغي معرفته أخيراً -على ضوء القوانين الأرضية المحدثة- أن نهرا دجلة والفرات ليسا مياهاً دوليّاً، ولكنهما ممرات مائية دولية عابرة للحدود، وهذا ناجم عن اتفاقية سنة 1997، وهو يتفق مع مواثيق القانون الدولي (!!) مثل: اتفاقية الأمم المتحدة (!!) 1992 لحماية استخدام الممرات العابرة للحدود والبحيرات.
وانظر كلاماً عن (الفرات) و (منابعه) وما جرى عليه من تغيير في «ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها» (1/15-20)، ومن الجدير بالذكر أن بعضهم يرجع تسمية (الفرات) إلى الفعل العبري (فيرات) أو (فرات) الذي يعني: يخصب أو يلقّح، وانظر مقالة جمال بابان بعنوان:(أصول أسماء العراق وأنهاره الرئيسة) المنشورة في مجلة «آفاق عربية» ، عدد آذار، سنة 1980م (ص 98-111) .