المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلظاهرة إسقاط الأحاديث الواردة في الفتن على وقائع معينة: - العراق في أحاديث وآثار الفتن - جـ ٢

[مشهور آل سلمان]

فهرس الكتاب

- ‌ ذكر سائر رواة الحديث عن سفيان الثوري عن عاصم وبيان حالهم:

- ‌أولاً: إسماعيل بن أبان الغنوي الخياط

- ‌ثالثاً: عبيد الله بن سفيان الغُداني

- ‌رابعاً: عبد الرزاق بن همام الصَّنعاني

- ‌شواهد حديث جرير بن عبد الله البَجَليّ:

- ‌ حديث أنس بن مالك

- ‌ حديث حذيفة بن اليمان

- ‌فصلفي العراق والملاحم والسفياني

- ‌ شواهد أخرى للأحاديث السابقة

- ‌فصلفي حسر الفرات عن جبل من ذهب في الملاحم التي تكونبين يدي ظهور المهدي وحصول مقتلة عظيمة آنذاك

- ‌ الرواة له عن سفيان، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة

- ‌ الحسين بن حفص الأصبهاني

- ‌ شهاب بن خراش

- ‌ إسماعيل بن زكريا

- ‌ يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني

- ‌ حديث أُبيّ بن كعب

- ‌أولاً: إن الفتن آخر الزمان قبل المهدي، عند الملاحم تبدأ من العراق

- ‌ثالثاً: لا تعارض بين وصف الذي أُحسر عنه بـ (جبل) ، أو (تل) ، أو

- ‌ إفاضة المال في وقت الملاحم

- ‌هور معدن الذهب وحضور شرار الخلق له في أرض بني سُليم

- ‌سابعاً: خلاصة ما مضى:

- ‌فصلفي الفوائد المستنبطة من حديث: «منعت العراق

- ‌ثالثاً: تسمية النبي صلى الله عليه وسلم مكيال كلِّ قوم باسمه

- ‌رابعاً: فيه بيان لبعض أحكام الأرضين المغنومة

- ‌الخراج بمعنى ضريبة الأرض نوعان:

- ‌سابعاً: في هذا الحديث ردٌّ على من ضعّف أحاديث توقيت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل العراق (ذات عرق)

- ‌عاشراً: يفهم بالإشارة من هذا الحديث التوصية بالوفاء لأهل الذمة لما في الجزية التي تؤخذ منهم من نفع للمسلمين

- ‌حادي عشر: استنبط كثير من الفقهاء من هذا الحديث أن الأرض المغنومة لا تقسم ولا تباع

- ‌الفرق بين العشر والخراج

- ‌خامس عشر: أن الحصار الاقتصادي لا بد أن يصيب العراق

- ‌فصلفي محاذير قراءة أحاديث الفتن لإسقاطها على الواقع

- ‌أولاً: عدم البحث عن صحتها

- ‌ثانياً: تحريف معانيها

- ‌ثالثاً: من أسوأ أنواع هذا التحريف وأخطره التعدّي على المُسَلَّمات والقواعد الكليات

- ‌ كون الظاهر منها هو المفهوم العربي، فلا تشرع الزيادة على الجريان على اللسان العربي؛ مثل: حساب الجُمَّل

- ‌ أولاً: فمعلوم أن تلك الحروف ليست موضوعة للأعداد في العربية

- ‌ ثانياً: فقد عُلم مخالفته صلى الله عليه وآله وسلم لليهود في أفعالهم وأقوالهم

- ‌ ثالثاً: فلأنهم منكرون أنه كلام الله، فهم فسروا على تسليم أنه تفسير كلام كاذب عندهم

- ‌ رابعاً: فلأنه يحتمل أن سكوته أراده لإغاظتهم وتحزينهم

- ‌ خامساً: فلأنه معلوم أن هذا ليس من لغته ولا لغة قومه

- ‌فصلفي بيان أنواع العلوم والمناهج المتبعة للوصول إلى الحقائق

- ‌فصلفي عدم تطبيق أحاديث الفتن على الواقع الذي نعيش

- ‌فصلالاستفادة من أحاديث الفتن بمنهج علمي منضبطوخطأ فرقتين جائرتين عن قصد السبيل

- ‌الأولى: تلقّت هذه الأحاديث على منهج أهل الجبر، وتعجَّلت البلاء قبل وقوعه

- ‌الفرقة الثانية: تنكّبت أحاديث الفتن، وعملت بنصوص الوحي، ولم تنتبه إلى ما يحيط بها من أمور

- ‌فصلفي ضرورة تعلم أحاديث الفتن، واليقين على ما صح فيهاعلى المقصد الذي سيقت من أجله

- ‌فصلالمراهقون وأحاديث الفتن

- ‌فصلالكذب والدجل، والوضع الجديد في الأحاديث الواردة في الفتن

- ‌فصلفتنة العراق في كتب الفتن الحديثة

- ‌فصلجولة سريعة مع «هرمجدون» ، وما هو على شاكلته،وما ذكروه عن (فتنة العراق)

- ‌ جملة من (تكهنات) صاحب «هرمجدون»

- ‌أولاً: الظنّ ليس بعلم

- ‌ثالثاً: مستنده فيما ذكره من آثار في صفة السفياني

- ‌ مع كتاب «القيامة الصغرى على الأبواب»

- ‌ مع الهواة والمقلّدين

- ‌فصلفي تفسير هذه الظاهرة مع الأدلّة

- ‌فصلفي تحليل هذه الظاهرة وتأريخها

- ‌ مظاهر عديدة تشترك في زماننا هذا مع ما ظهر قديماً من أحداث شبيهة تتنزل عليها النصوص

- ‌أولاً: أنها تنبؤات فردية وشخصية

- ‌ثانياً: هذه النبؤات ليست قائمة على أصول علمية، وقواعد مطردة

- ‌ثالثاً: كثير من هذه التنبؤات لا مستند لها من الأخبار والآثار الصحيحة

- ‌رابعاً: قد يقول قائل: ليست جميع الأحاديث التي يستدل بها هؤلاء كما زعمتَ

- ‌فصلتأريخ إسقاط النصوص على الحوادث في العصر الحديث وتقويمها

- ‌فصلظاهرة إسقاط الأحاديث الواردة في الفتن على وقائع معينة:

- ‌ أهمية المعالم والضوابط لهذه الظاهرة

- ‌ تكييف (الإسقاط) وبيان أنه من (ملح) العلم لا من (صلبه)

- ‌أولاً: عدم الاطِّراد والعموم

- ‌ثانياً: عدم الثبوت

- ‌ثالثاً: عدم الحكم والبناء عليه

- ‌ الإسقاط يعتريه خفاء وغموض، وبيان خطورته

- ‌فصلقيود وضوابط الإسقاط

- ‌أولاً: لا بُدّ من التحقق من صحة النّص

- ‌ثانياً: ترك الاستدلال باللوازم وغير الظاهر

- ‌ثالثاً: أن يبقى هذا الإسقاط في دائرة التوقّع المظنون

- ‌رابعاً: أن لا يؤثّر هذا الإسقاط، والترقّب الذي يترتب عليه، على أداء واجب الوقت

- ‌فصلرسالة شيخ الإسلام ابن تيمية إلى السلطان الملك الناصر في شأن التتار

- ‌إحداها: طمأنينة قلوب أهل البلاد حتى يعمروا ويزدرعوا

- ‌الثانية: أنّ البلاد الشمالية كحلب ونحوها فيها خيرٌ كثيرٌ

- ‌الفائدة الثالثة: أنّه يُقوِّي قلوبَ المسلمين في تلك البلاد

- ‌الفائدة الرابعة: أنهم إنْ ساروا أو بعضهم حتى يأخذوا ما في بلد الجزيرة

- ‌فصلالجهاد في زمن الفتنة

- ‌فصلكيف ينبغي أنْ نفهم أحاديث الفتن

- ‌فصلعودة إلى ظاهرة إسقاط الأحاديث على الأحداث،ودوافعها الجديدة، وبيان بعض المعالم الشرعية لها

الفصل: ‌فصلظاهرة إسقاط الأحاديث الواردة في الفتن على وقائع معينة:

إلى من لا تتعدّى همّته بطنه وفرجه، ولم ينل المسلمين أذًى وشدّة مُذ جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الوقت مثل ما دُفعوا إليه الآن» .

‌فصل

ظاهرة إسقاط الأحاديث الواردة في الفتن على وقائع معينة:

تكييفها، وضوابطها، والتحذير من عبث الخائضين فيها، وتقويم أشهر دراساتهم (1) التي ظهرت حديثاً في فتنة العراق بأزمنتها المتلاحقة

الذي رأيتُه من خلال تتبعي لظاهرة إسقاط الأحاديث على أحداث الفتن: إنّ أصوب الناس فيها أصحاب الحديث، وكلما كان الرجل إلى الحديث أقرب؛ كان تعامله مع هذه الظاهرة أصوب، وكلما كان عن الحديث أبعد؛ ازداد تورّطاً، وتخبُّطاً، وانكسافاً، وانخسافاً، ونزولاً، وتردّياً، وجهلاً.

* معنى الإسقاط ومرادنا من هذه الظاهرة

الإسقاط في اللغة مأخوذ من سقط الشيء، يسقط سقوطاً، فهو ساقط وسقوط (2)، والإسقاط تأتي بمعان عديدة؛ منها:

1-

بمعنى الخطأ في القول والحساب والكتاب: والسَّقَطُ والسَّقاطُ: الخطأ في القول والحساب والكتاب، وأسقط وسقط في كلامه وبكلامه سقوطاً: أخطأ.

وتكلم بكلام فما أسقط كلمة، وما أسقط حرفاً، وما أسقط في كلمة وما سقط بها؛ أي: ما أخطأ فيها. يقال: أسقط في كلامه، وتكلم بكلام فما سقط

(1) لا تنس ما سمّيناه منها آنفاً، واكتفينا هنا منها بأمثلة قليلة.

(2)

«لسان العرب» (7/316) ، و «معجم مقاييس اللغة» (3/86) .

ص: 714

بحرف، وما أسقط حرفاً (1) .

2-

بمعنى العثرة والزلة: والسَّقطة: العثرة والزلة، وكذلك السِّقاطُ، يقال: لا يخلو أحد من سقطة، وفلان يتتبع السقطات ويعد الفرطات، والكامل من عدت سقطاته وهو مجاز، ويقال: فلان قليل السقاط، كما يقال: قليل العثار (2) .

3-

بمعنى عثر: سقط على ضالته: عثر على موضعها ووقع فيها، كما يقع الطائر على وكره. وفي الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله عز وجل أفرحُ بتوبة عبدِه مِن أحدكم سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة» (3) ؛ معناه: يعثر على موضعه ويقع عليه؛ أي: صادفه وعثر عليه من غير قصد فظفر به (4) .

4-

بمعنى النزول: سقط القوم إليَّ سقوطاً: نزلو عليَّ وأقبلوا، ومنه حديث:«فأما أبو سَمَّال فسقط إلى جيران له» ؛ أي: أتاهم فأعاذوه وستروه.

وسقط الحَرُّ يسقُطُ سُقُوطاً: يكنى به عن النزول، قال النابغة الجعدي:

إذا الوحشُ ضمَّ الوحشَ في ظُلُلاتها

سواقطُ من حَرٍّ، وقد كان أظهرا (5)

5-

بمعنى وقع: سقط الشيء من يدي سُقوطاً بالضم، ومَسقطاً بالفتح، وقع على الأرض، وكل من وقع في مهواة يقال: وقع وسقط (6) .

(1)«لسان العرب» (7/317) ، و «تاج العروس» (19/359 - ط. الكويتية) .

(2)

«تاج العروس» (19/363) ، و «مختار الصحاح» (ص 128) .

(3)

أخرجه البخاري (6309) ، ومسلم (2747) عن أنس بن مالك.

(4)

«فتح الباري» (11/108) .

(5)

«لسان العرب» (7/317) ، و «تاج العروس» (19/355) .

(6)

«تاج العروس» (19/355) .

ص: 715

وفي المثل السائر (على الخبير سقطت) ؛ أي: على العارف به وقعت.

ويقال: سقط الشيء سقوطاً: وقع من أعلى إلى أسفل، كسقوط الإنسان من السطح، ويقال: سقط من كذا في كذا، كسقوط الشخص في حفرة حفرها الغير في طريق عام، وفي المثل:(سقط العشاءُ به على سِرحان) . يضرب للرجل يبغي البُغية فيقع في أمر يهلكه (1) .

6-

بمعنى الرفع والإزالة: أسقط اسمه من الديوان: رفعه وأزاله، ويقال: سقط عنا الحر: إذا زال وأقلع، وسقط الرجل: إذا وقع اسمه من الديوان. وقول الفقهاء: سقط الفرض؛ أي: سقط طلبه والأمر به، ومنه قولهم: سقوط الحد بالشبهة؛ أي: امتناع إقامته بسبب الشبهة (2) .

بالنظر في هذه المعاني؛ نجد أن المعنى الرابع (3) والخامس يدلان على معنى الظاهرة التي نتكلّم عنها؛ إذ مرادنا منها: إيقاع الأحاديث والآثار التي فيها إخبار عن أحداث ووقائع مستقبليّة على واحدة نازلة منها، بحيث لا يكون المراد بها إلا هذه النازلة دون سائرها، وكأن هذه النازلة رفعت وأزالت المعاني المتوقعة عن المحل الذي يُنزَّل فيه النص.

ويمكن أن نعرف هذه الظاهرة بتنزيل الأحاديث وما في حكمها، على أحداث لم تقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما وقعت بعد موته عليه الصلاة والسلام، سواء كان هذا التنزيل على حادثة تم وقوعها، أو ظهرت مخايل ذلك.

وتكون هذه (النازلة) أو (الحادثة) عامة تصيب أمّة أو قطراً، وينجم عنها آثار ظاهرة، ونتائج مهمّة، وقد تكون هذه النتائج -إن صدق التنزيل- منصوصاً

(1)«لسان العرب» (7/317) .

(2)

«لسان العرب» (7/316) .

(3)

قال ابن فارس في «معجم مقاييس اللغة» (3/86) : « (سقط) السين والقاف والطاء، أصل واحد، يدلُّ على الوقوع، وهو مطّرد» .

ص: 716