الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناقد بطلانه، فقد يحقق وجود الخلل وإذا لم يوجد سبب له إلا تلك العلة، فالظاهر أنها هي السبب، وأن ذلك من النادر الذي يجيء الخلل من جهتها، وبهذا يتبين أن ما وقع ممن دونهم من التعقب بأن تلك العلة غير قادحة، وأنهم قد صححوا ما لا يحصى من الأحاديث مع وجودها فيها، إنما هو غفلة عما تقدم من الفرق، اللهم إلا أن يثبت المتعقب أن الخبر غير منكر» (1) .
*
شواهد أخرى للأحاديث السابقة
.
قال الإمام القرطبي في «تفسيره» (16/2) في أوائل تفسير (سورة الشورى) :
(1) مقدمة «الفوائد المجموعة» (ص 8، 9) .
ثم وجدتُ نحوه في تفاسير (الرافضة) عن أبي جعفر الباقر قوله، فلعل كذاباً سرقه، وأبهم الوليد اسمه. انظر:«تأويل الآيات» (2/42 رقم 2) ، و «البرهان في تفسير القرآن» (7/64-65 رقم 4) للبحراني، وقارنه بما في «الفتن» لنعيم بن حماد (1/304- رقم 884) .
«ونظير هذا التفسير (1) ، ما روى جرير بن عبد الله البَجَلي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تُبنَى مدينة بين دجلة ودُجيل وقُطْرَبُّل والصَّراة، يجتمع فيها جبابرة الأرض
…
إلخ» .
قال أبو عبيدة:
أثر ابن عباس وحذيفة السابق، أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (25/11) -وعنه القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا في «الجليس الصالح» ومن طريقه الثعلبي في «الكشف والبيان» (8/302) -، قال: حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج.
وأخرجه نعيم بن حماد في «الفتن» (1/305 رقم 886) -ومن طريقه الطبراني وعنه أبو نعيم ومن طريقهم الخطيب في «تاريخ بغداد» (1/341-342 - ط. دار الغرب) - حدثنا عبد القدوس، عن أرطاة بن المنذر، وزاد نعيم: «عمن حدثه، عن ابن عباس أنه أتاه رجل وعنده حذيفة،
…
» بنحوه.
وزاد الخطيب عقبه: «قال أرطاة عن كعب: إذا بُنيت مدينة على شاطئ الفُرات، ثم أتتكم العواضل (2) والقواصم، وإذا بُنيت مدينة بين النهيرين بأرض منقطعة من أرض العراق أتتكم الدّهيماء» (3) .
(1) ووجدتُ قوله: «ونظير هذا التفسير» من كلام الثعلبي في تفسيره «الكشف والبيان» (8/302) ، وهو متقدم على القرطبي بما يزيد على مئتي سنة، وقولهم هذا يؤكّد أن المراد بالمدينة في الأثر السابق -إن صح- هي بغداد، وأن (عبد الله) أو (عبد الإله) القرشي ينزل بغداد ويحتلها، وحينئذ يقع الخسف، وهو على خلاف ما يتبادر إلى كثير من قرائّه، من أن النهر (نهر الأردن) ! كما سمعته من غير سائل، والله الهادي.
(2)
أي: الشدائد.
(3)
أخرج نعيم بن حماد في «الفتن» (1/307 رقم 891) : حدثنا ابن حميد، عن أرطاة، قال: إذا بنيت مدينة على الفرات، فهو النّفق والنفاق، وإذا بنيت مدينة على ستة أميال من دمشق، فتحزّموا للملاحم» .
والأثر في «تفسير ابن أبي حاتم» (10/3274 رقم 18464) -دون إسناد (1) - نقلاً عن «الدر المنثور» (7/335) .
وإسناده ضعيف، إما لإرساله؛ كما في إسناد الطبري، وإما للمبهم الذي فيه؛ كما عند نعيم بن حماد. وقال ابن كثير في «تفسيره» (12/253 -
…
ط. أولاد الشيخ) قبل إيراد إسناد ابن جرير: «غريب عجيب منكر» .
وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعاً.
أخرج الدارقطني في «غرائب مالك» -كما في «اللسان» ترجمة (جعفر ابن محمد الخراساني)(2/471-472 - ط. أبو غدة) -، والخطيب البغدادي في «رواة مالك» -كما في «اللآلئ المصنوعة» (2) (1/477) - من طريق أحمد بن يحيى الصَّدَفي: حدثنا جعفر بن محمد الخراساني، حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُبنى مدينة بين جدولين عظيمين، لهي أسرع انكفاءً بأهلها من القِدر بما في أسفلها» .
قال الذهبي في «الميزان» (1/415) : «هذا باطل، قال أبو بكر الخطيب: الحمل فيه على جعفر وهو مجهول» .
وقال ابن حجر في «اللسان» (2/472) : «أورده الخطيب في «الرواة عن مالك» بسندٍ قوي إلى جعفر، وقال: «هذا حديث منكر، والحمل فيه
…
» .
وورد نحوه عن جمع بأسانيد فيها مقال، وهذا التفصيل:
(1) الأصول الخطية للتفسير المطبوع ناقصة، وأتمه المحقق من تفسيري «ابن كثير» و «الدر المنثور» ، وليته توسع، فنظر في الكتب التي تسند من طريقه، لاستطاع أن يجمع كثيراً من المفقود بالأسانيد.
(2)
تحرف في مطبوعه إلى «رواية مالك» . وهو خطأ، ووقع على الجادة في «تنزيه الشريعة» (2/52) .
أخرج نعيم بن حماد في «الفتن» (1/305 رقم 887) : حدثنا غير واحد، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم (1)، قال:
تُوشكُ أمتان أن تقعدان على ثفال رَحا يطحنان، يُخسف بأحدهما، والأخرى تنظر، وسيكون حيان متجاوران، يشقُّ بينهما نهر يسقيان منه جميعاً، يقتبس بعضُهم من بعض، فيصبحان يوماً من الأيام قد خُسف بإحداهما، والأخرى تنظر.
وأخرج نعيم بن حماد في «الفتن» (1/305-306 رقم 888) -ومن طريقه الطبراني وعنه أبو نعيم وعنه الخطيب في «تاريخ بغداد» (1/342 - ط. دار الغرب) -، قال: حدثنا نوح بن أبي مريم، عن مقاتل بن سليمان، عن عطاء، عن عُبيد بن عمير، عن حذيفة أنه سُئل عن:{حم. عسق} [الشورى: 1-2] ، وعمر وعلي وابن مسعود وأُبي بن كعب وابن عباس وعدةٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حُضورٌ، فقال حذيفة: العين: عذاب، والسين: السَّنَةُ والمجاعة، والقاف: قوم يقذفون في آخر الزمان. فقال له عمر: ممن هم؟ قال: من ولد العباس في مدينة يقال لها: الزَّوراء، ويُقتل فيها مَقتلة عظيمة وعليهم تقوم الساعة. قال ابن عباس: ليس ذلك فينا. ولكن القاف: قذفٌ وخسفٌ يكون. قال عمر لحذيفة: أما أنت فقد أصبتَ التفسير، وأصاب ابن عباس المعنى. فأصابت ابن عباس الحُمَّى حتى عاده عمر وعدةٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مما سمع من حذيفة.
وإسناده موضوع، نوح بن أبي مريم، أبو عصمة المروزي، القرشي مولاهم، مشهور بكنيته، ويعرف بـ (الجامع) ؛ لجمعه العلوم، لكن كذّبوه في الحديث، وقال ابن المبارك: كان يضع. كذا في «التقريب» (ص 567/رقم
(1) مختلف في صحبته، وذكره العجلي في كبار ثقات التابعين.
7210) .
ومقاتل بن سليمان، أبو الحسن البلخي، كذّبوه وهجروه، كما في «التقريب» (ص 545/رقم 6868) -أيضاً-.
قال الخطيب (1) بعد أن أورد جلّ ما ذكرناه في هذا الفصل: «قلت: وكل هذه الأحاديث التي ذكرناها، واهيةُ الأسانيد عند أهل العلم والمعرفة بالنقل، لا يثبت بأمثالها حجة، وأما متونُها فإنها غير محفوظة؛ إلا عن هذه الطرق الفاسدة، وأمرها إلى الله العالِمِ بها، لا معقب لأمره، ولا رادَّ لحكمه، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد» .
وأورد جلَّها -كما مضى- ابن الجوزي في «الموضوعات» ، وتعقبه السيوطي في «اللآلئ» بأنها ضعيفة لتعدد طرقها.
والذي أُراه أن المرفوع واهٍ جدّاً، بينما مجموع ما ورد في الأحاديث يدلّل على أن (العراق) أرضُ الفتن، ستقع فيها قلاقل ومحن، وكان هذا الأمر مقرراً في أذهان السلف (2) .
أخرج الخطيب في «تاريخ بغداد» (1/342 - ط. دار الغرب) إلى سفيان بن عيينة، قال: رآني قيس بن الربيع على قنطرة الصَّراة، فقال: النجاء النجاء، فإنا كنا نتحدث أنّ هذا المكان الذي يُخسف به. قال سفيان: ورآني أبو بكر الهُذَلي ببغداد، فقال: بأي ذنب دخلت بغداد؟!
وأخرج ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (2/215) بسنده إلى كعب
(1) في «تاريخ بغداد» (1/343 - ط. دار الغرب) ـ، ثم أخذ بعد ذلك بسرد مناقب بغداد، واعترض عليه ابن مفلح في «الفروع» بقوله:«هكذا قال! مع أنه احتج في فضل العراق بأشياء من جنسها، والله أعلم» . ونقله ابن عرَّاق في «تنزيه الشريعة» (2/52) .
(2)
لا تنس ما قدمناه عن جماعة من الصحابة في هذا الباب، وخاصة عن بريدة وابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهم أجمعين-.