الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك أنهم قد توطنوا بالمدينة (1) .
ووصفُهم بكونِهم فقراءَ مجازاً، لا يُشعِرُ بزوالِ ملكيتهم عن ديارهم وأموالهم، بل يفيد ثبوتَها لهم، بقرينة إضافتها إليهم، ولأن في إطلاق هذه الكلمة عليهم، إثارةً للتعطف الداعي إلى رعايتهم، وتدبير مصالحهم، والاهتمام بشؤونهم؛ تخفيفاً لوطأة الظلم عنهم، وتحقيقاً لما تقتضيه الأخوّة نحوهم» .
قلت: ونصر هذا الاختيار ابن القيم (2) ، ومن قبله ابنُ حزم (3) ، وابن تيمية (4) -رحم الله الجميع-.
سابعاً: في هذا الحديث ردٌّ على من ضعّف أحاديث توقيت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل العراق (ذات عرق)
، وقال: إن العراق لم تكن فُتِحَت يومئذٍ! وجواب هذا الاعتراض:
«أن ذلك صَدَر منه صلى الله عليه وسلم مصدَرَ التعليم لأمّةِ الإسلام إلى يوم القيامة، فليس من الضروري أن تكون العراق قد فتحت يومئذٍ، فهي في هذا كبلاد الشام سواء، فلم تكن قد فتحت -أيضاً- كما هو معلوم، ولذلك قال الحافظ ابن عبد البر (5) :
«هذه غفلة من قائل هذا القول؛ لأنه عليه السلام هو الذي وقَّتَ
(1) انظر: «كشف الأسرار» (1/69) ، «حاشية الإزميري على المرآة» (2/76) .
(2)
انظر: «أحكام أهل الذمة» (1/291) .
(3)
انظر: «المحلى» (7/301) .
(4)
انظر: «الاختيارات الفقهية» (ص 312)، وراجع في المسألة:«فتح الباري» (6/183) ، «الفيء والغنيمة» (161-165) وأدلتها في «نصب الراية» (3/433-435) .
(5)
كلامه في «التمهيد» (15/141) ، و «الاستذكار» (11/78) ، ونحوه عند الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/120) ، وسبق نقل كلامهم بطوله.
لأهل العراق ذاتَ عرق، كما وقت لأهل الشام الجحفة، والشام يومئذٍ دار كفر كالعراق، فوقت المواقيت لأهل النواحي؛ لأنه علم أن الله سيفتح على أمته الشام والعراق وغيرهما، ولم يفتح الشام والعراق إلا على عهد عمر بلا خلاف، وقد قال عليه السلام: «منعت العراق درهمها وقفيزها
…
» . الحديث معناه عند أهل العلم: ستمنع» .
ونقله ابن التركماني في «الجوهر» (5/28-29) » . قاله شيخنا الألباني في «حجة النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 48) .
ثامناً: قد يقال: ثبت في «صحيح البخاري» (1) أن عمر بن الخطاب
…
رضي الله عنه هو الذي وقت ذات عرق لأهل العراق، وهذا ينافي ما تقدم، فالجواب:
يمكن أن يكون ذلك من جملة (الموافقات) التي وافق عمر الشرع فيها (2) ، ولم يذكر هذا السيوطي في رسالته «قطف الثمر» (3) ، فلتستدرك عليه.
تاسعاً: دل هذا الحديث على رِضَى اللهِ عن عمر رضي الله عنه ما
(1) أخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب الحج (باب ذات عِرق لأهل العراق)(رقم 1531) .
(2)
اعتنى بها عنايةً قوية: ابن عساكر في ترجمة (عمر) من «تاريخ دمشق» ، وأفردها بالتصنيف جماعة؛ منهم: العمادي في «الدر المستطاب» ، ولأبي عبد الله محمد بن إبراهيم المقدسي:«نزهة ذوي الألباب» ، ولمحمود الأنكوسي:«فيض الوهاب» ، ولابن طولون:«سلك الدرر» ، ولعمر الغزي:«نظم الدرر» ، ولابن علان:«إتحاف الثقات في الموافقات» ، ولابن الشحنة:«الموافقات العمرية» ، وللجراعي:«نفائس الدرر» ، ولعمر البعلي:«اقتطاف الثمر» ، وللبياني:«فتح الوهاب» ، وللسيوطي «قطف الثمر» مطبوع على حدة، وضمن «الحاوي» (1/ 377-378) .
وطبع منها -أيضاً-: «الكوكب الأغر على قطف الثمر في موافقات عمر» لعبد الفتاح بن حسين راوه. وانظر كتابنا «الإشارات» (رقم 808) .
(3)
«حجة النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 48) .