الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن الرسول صلى الله عليه وسلم» .
وبناءً عليه؛ فإن ربط الأحاديث بأحداث على طريقة لا انسجام بينهما، ولا تعلق للدليل بالحادثة أو القضية المبحوثة إلا الاحتمال والظن رجم بالغيب، ولعب على العقول، وخروج عن المنهج العلمي الصحيح، وهذا الذي نقوله بكل طمأنينة عن الأبحاث والنشرات (1) والكتب (2) التي فيها إثارة ولفت نظر من خلال عناوين براقة جذابة، تصادف رغبة مركوزة في النفس لاستشراف شيء من الغيب بمعرفة ما سيحصل، ولا سيما عند حصول الآلام والنكبات والأزمات بمستقبل بلدٍ أو شعب ما.
وما لم نحرص على المنهج العلمي الذي نوّهنا به سابقاً؛ فإننا سنبقى في تخبُّط، ونعرِّض نصوص الوحي إلى التكذيب، أو الاستهزاء، أو الانتقاص، أو التغيير والتبديل.
فصل
في عدم تطبيق أحاديث الفتن على الواقع الذي نعيش
ويعجبني بهذا الصدد ما قاله الشيخ العلامة المتفنِّن صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في كتابه «الضوابط الشرعية لموقف المسلم من الفتن» (ص 52-53) في آخر تلك (الضوابط والقواعد) :
«أن لا تطبق -أيها المسلم- أحاديث الفتن على الواقع الذي تعيش فيه؛ فإنه يحلو للناس عند ظهور الفتن مراجعة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن، ويكثر
(1) لصاحب هذه السطور دراسة مفردة عن (النشرات) التي توزع بين الناس، كتب منها قسماً، يسر الله تتمته ونشره بخير وعافية.
(2)
ولا سيما تلك التي ظهرت في وقت الأحداث التي جرت في العقد الأخير في العراق وما قاربه.
في مجالسهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا؛ هذا وقتها، هذه هي الفتنة! ونحو ذلك.
والسلف علمونا أن أحاديث الفتن لا تنزّل على واقع حاضر، وإنما يظهر صدق النبي صلى الله عليه وسلم بما أخبر به من حدوث الفتن بعد حدوثها وانقضائها، مع الحذر من الفتن جميعاً.
فمثلاً: بعضهم فسر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الفتنة في آخر الزمان تكون من تحت رجل من أهل بيتي» ؛ بأنه فلان ابن فلان، أو أن قول النبي صلى الله عليه وسلم:«حتى يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع» ؛ بأن المقصود به فلان ابن فلان، أو أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يكون بينكم وبين الروم صلح آمن
…
» إلى آخر الحديث وما يحصل بعد ذلك؛ أنه في هذا الوقت.
وهذا التطبيق لأحاديث الفتن على الواقع، وبث ذلك في المسلمين، ليس من منهج أهل السنة والجماعة.
وإنما أهل السنة والجماعة يذكرون الفتن وأحاديث الفتن؛ محذِّرين منها، مباعدين للمسلمين عن غشيانها أو عن القرب منها؛ لأجل أن لا يحصل بالمسلمين فتنة، ولأجل أن يعتقدوا صحة ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم» (1) .
(1) ذكر الأستاذ عبد الله بن إبراهيم الرميح في مجلة «البيان» (العدد 39) ، ذو القعدة، 1411هـ، (ص 94-95) هذا الكلام عن الشيخ، وقال على إثره:
«ولقد قابلت الشيخ وسألته عن مراجع هذه النقطة وأدلتها، فذكر منها «الفتاوى» لابن تيمية عند حديثه عن الخوارج.
أما الأدلة فهو ما حصل لعلي رضي الله عنه أنه ما طبق معاملة الخوارج إلا حين ظهرت العلامة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي ذو الثدية، وكذلك قتل عمار قبل الفئة الباغية.
وكذلك ذكر أن تطبيق أحاديث الفتن قبل وقوعها منهج غير سديد، لذلك أحببت التنبيه، وأطلب أن يقوم أحد العلماء المتخصصين في العقيدة ومنهج أهل السنة بدراسة هذا الموضوع دراسة قوية وتبيين أقوال العلماء فيها» .
وانظر بخصوص الأمثلة المذكورة ما سيأتي قريباً، والله الهادي.