الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث (صادم)(1) ،
…
وما أشبهه.
سادساً: ومن زلات ذلك الصنيع -أيضاً-: الهجوم بجرأة متناهية على أمور الغيب الوارد ذكرُها في نصوص الوحي وربطها بأحداث واقعيّة أو متوقّعة، دون أية أمارة أو إشارة إلى صحة هذا الربط، كما صنع غير واحد
…
-مثلاً- من ربط (مثلث برمودا) بالدجال، والجزم بذلك، وغيرُه ممن هو على شاكلته كثير (2) .
فصل
في بيان أنواع العلوم والمناهج المتبعة للوصول إلى الحقائق
والواجب على كل باحث عن الحقيقة أن يخطَّ إليها منهجاً علميّاً لا يشوبه الظن والوهم، وأن يلتزم بالقواعد المسلوكة الموصلة إليها، واندفاع المسلم إلى ذلك مصحوب بشعور منه بأن ذلك واجب شرعي عليه، ولا سيما إذا كان فيما له تعلق بالآيات والأحاديث، وموضوع أي بحث إما أن يكون (خبراً) منقولاً، أو (دعوى) مزعومة (3) ، فالمنهج العلمي يقضي في (الخبر المنقول) بحصر تحقيق صحة نسبته إلى قائله، وإزاحة ما يمكن أن يكون مثاراً للدخيلة والاحتمال عنه، فإن زال ذلك، ترتب عليه حقيقة علمية معينة، وأما مع وجود الاحتمال والظن، فإنه لا يرقى أن يكون حقيقة مسلّمة أو مقبولة، كما هو شأن المستدلين بما سبق التنويه عليه قريباً.
(1) كذا زعموا! وفي الأصول التي نقلوا عنها هذا الباطل (صارم) -بالراء لا بالصاد- في سياق نعت سيف علي.
(2)
سيأتيك بالتفصيل خبرهم، وبيان مراهقتهم، وسيظهر لك اعوجاج مسلكهم، ومقدار عبثهم وخوضهم، ولله في خلقه شؤون.
(3)
القاعدة عند العلماء في ذلك: (إنْ كنت ناقلاً؛ فالصحة، أو مدّعياً؛ فالدليل) .
والمنهج العلمي يقضي -أيضاً- فيما هو (دعوى) بالتوجه إلى (نوع الدليل) الذي يناسبها، فالدعاوى المتعلّقة بطبائع الأشياء المادية وجوهرها تحتاج إلى دليل علمي تجريبي محسوس، والدعاوى المتعلقة بالمجردات؛ كالأرقام، والنفس، والمنطق، تحتاج إلى براهينها القانونية المسلَّمة، والدعاوى المتعلقة بالحقوق والأمور القضائية فيما يقع فيه خلاف بين المتنازعين لا ينفع معها إلا البيّنات والحجج المتفق على ضرورة ارتباطها معها، وهكذا لا تصبح الدعاوى حقائق علمية ثابتة إلا بعد أن يقترن بها الدليل الذي يناسبها، فالدليل في غير هذا الحال ليس له أية قيمة علمية.
ورحم الله ابن تيمية؛ فإنه قال في كتابه «الاستغاثة والرد على البكري» (2/628-629) بعد كلام:
«وقد قيل: (إنّما يُفسد الناسَ نصفُ متكلم، ونصفُ فقيه، ونصفُ نَحْوِيّ، ونصفُ طبيب؛ هذا يُفسد الأديان، وهذا يُفسد البلدان، وهذا يُفسد اللسان، وهذا يُفسد الأبدان) ، لا سيما إذا خاض هذا في مسألة لم يسبق إليها عالم ولا معه فيها نقل عن أحد، ولا هي من مسائل النزاع بين العلماء فيختار أحد القولين، بل هجم فيها على ما يخالف دين الإسلام المعلوم بالضرورة
(1) يشمل -أيضاً- صنيع الخائضين العابثين، وسيأتيك الكثير من هذيانهم، وبيان صحة الأوصاف المذكورة في تتمة كلام ابن تيمية عليهم!