المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المسألة الأولى: - العقيدة السلفية فى كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌مدخل

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌التنبيه على مسائل يحتاج إليها قبل الشروع في المقصود

- ‌ المسألة الأولى:

- ‌ المسألة الثانية:

- ‌ المسألة الثالثة:

- ‌ المسألة الرابعة:

- ‌ المسألة الخامسة:

- ‌مجمل خطة تأليف الكتاب

- ‌الباب الأول: العقيدة السلفية في كلام رب البرية

- ‌الفصل الأول: بيان حقيقة الكلام

- ‌المبحث الأول: حقيقة الكلام

- ‌المبحث الثاني: حقيقة المتكلم

- ‌المبحث الثالث: أنواع الكلام

- ‌ الأول: الخبر:

- ‌ والثاني: الإنشاء:

- ‌الفصل الثاني: عقيدة السلف في إثبات الصفات

- ‌قاعدة جلية في الاعتقاد

- ‌الفصل الثالث: شرح اعتقاد السلف فى كلام الله تعالى

- ‌المبحث الأول: جملة اعتقاد أهل السنة في كلام الله تعالى

- ‌المبحث الثاني: الأدلة المثبتة لصفة الكلام

- ‌المبحث الثالث: التكليم في الدنيا

- ‌المبحث الرابع: التكليم في الآخرة

- ‌المبحث الخامس: كلام الله تعالى غير مخلوق

- ‌المبحث السادس: الوقف في القرآن

- ‌المبحث السابع: كلام الله تعالى بحرف وصوت

- ‌المبحث الثامن: كلام الله تعالى بمشيئته واختياره

- ‌المبحث التاسع: تفاضل كلام الله تعالى

- ‌المبحث العاشر: كلام الله تعالى منزل منه ، منه بدأ وإليه يعود

- ‌الباب الثاني: توضيح مسألة اللفظ بالقرآن ورفع ما وقع بسببها من الاشكال

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: تفسير الألفاظ المجملة التي وقع بسببها الاشكال

- ‌المبحث الأول: بيان هل اللفظ هو الملفوظ؟ أم غيره

- ‌المبحث الثاني: تبيين المراد بقوله تعالى {إنه لقول رسول كريم}

- ‌الفصل الثاني: مسألة اللفظ وموقف أهل السنة

- ‌المبحث الأول: جملة اختلاف الناس في مسألة اللفظ

- ‌المبحث الثاني: اللفظية النافية جهمية

- ‌المبحث الثالث: إقامة الحجة على بطلان اعتقاد اللفظية النافية

- ‌المبحث الرابع: بيان غلط اللفظية النافية على الامامين أحمد والبخاري

- ‌المبحث الخامس: اللفظية المثبتة مبتدعة

- ‌الباب الثالثعقائد الطوائف المبتدعة في كلام الله تعالى وكشف أباطيلهاوفيه تمهيد وثلاثة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولذكر جملة أقوال طوائف أهل البدع

- ‌ أولا: المتفلسفة وبعض غلاة الصوفية:

- ‌ ثانيا: الجهمية من المعتزلة وغيرهم:

- ‌ ثالثا: الكلابية:

- ‌ رابعا: الأشعرية:

- ‌ خامسا: السالمية ومن وافقهم من أهل الكلام والحديث:

- ‌ سادسا: الكرامية:

- ‌الفصل الثانيكشف تلبيس الجهمية المعتزلة في كلام الله تعالى وحكم السلف والأئمة فيهم

- ‌المبحث الأول: ذكر شبه المعتزلة ونقضها

- ‌المبحث الثاني: ذكر ما حرفت المعتزلة من معاني التنزيل لابطال صفة الكلام

- ‌المبحث الثالث: المعتزلة فى الميدان

- ‌الفصل الثالثكشف تلبيس الأشعريةفي إثبات صفة الكلام لله تعالى

- ‌المبحث الأول: تعريف الكلام عند الأشعرية

- ‌المبحث الثاني: إبطال كون كلام الله تعالى معنى مجرداً

- ‌المبحث الثالث: القرآن العربي عند الأشعرية

- ‌المبحث الرابع: أسماء الله تعالى عند الأشعرية

- ‌المبحث الخامس: وجه التوافق بين قولي المعتزلة والأشعرية في القرآن

- ‌المبحث السادس: الأشعرية وأهل السنة في مسألة القرآن

- ‌خاتمة

الفصل: ‌ المسألة الأولى:

‌التنبيه على مسائل يحتاج إليها قبل الشروع في المقصود

•‌

‌ المسألة الأولى:

من أصُولِ أهْلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ: أنَّ العقلَ المجرَّدَ ليسَ له إثباتُ شَيْء من العقائِدِ والأحكام، وإنَّما مَرْجِعُ ذلك إلى السَّمعِ الذي هو المنقولُ عن الله تعالى ورسولِهِ صلى الله عليه وسلم، والعقلُ آلة الفهْم.

قال الإِمام أبو المظفّر السَّمْعانيُّ: "اعلَمْ أنَّ مَذْهَبَ أهْل السُّنَّةِ أنَّ العقلَ لا يوجِبٌ شيئاً على أحدٍ، ولا يرفعُ شيئاً عنه، ولا حَظَّ له في تحليلٍ أو تَحريمٍ، ولا تَحسينٍ ولا تَقبيحٍ، ولَوْ لم يَرِد السَّمْعُ ما وجبَ على أحَدٍ شَيْءٌ، ولا دخَلوا في ثَوابٍ ولا عِقابٍ"(10).

وقالَ: "أهلُ السُّنَّةِ قالوا: الأصْلُ في الدِّينِ الاتِّباعُ، والمَعْقولُ تَبَعٌ، ولو كانَ أسَاسُ الدِّينِ على المَعْقُولِ؛ لاسْتَغْنَى الخَلقُ عن الوَحْي وعن الأنبياءِ ولبَطَلَ معنى الأمرِ والنَّهيِ، ولقالَ مَنْ شاءَ ما شاءَ"(11).

(10) ذكره عنه تلميذه إسماعيل بن الفضل في "الحجة" ق 82/ ب.

(11)

"الحجة" ق 85/ أ.

ص: 35

واعْلَمْ أنَّ مِنَ السَّمْع ما هو معقولٌ يمكنُ للعباد أن يُحيطوا به عِلماً، ومنه ما ليس بمَعقول لا يمكنُهم أن يُحيطوا به عِلماً، والاتِّباع والتسليمُ في جميعهِ واجبٌ؛ لأنَّهُ العلْمُ الذي لا يَرِدُ عليه الباطلٌ، وليسَ للشيطانِ عليه من سَبيل.

عن عَبْد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما؛ قال: لقد جلَسْتُ أنا وأخي مجلساً ما أحِبُّ أنَّ لي به حُمْرَ النَّعمِ، أقبلتُ أنا وأخي، وإذا مشيخَةٌ من صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جلوسٌ عند بابٍ من أبوابه، فكَرِهْنا أنْ نُفَرِّقَ بينَهم، فجلَسْنا حَجْرَةً؛ إذْ ذكَروا آيةً من القرآنِ، فتمارَوْا فيها، حتى ارتفعَتْ أصواتُهم، فخرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُغْضَباً، قدِ احمرَّ وَجْهُهُ، يَرْميهم بالتُّرابِ، ويقولُ:"مَهْلاً يا قوم! بهذا أهْلِكَتِ الأمَمُ من قَبْلِكم، باختِلافهم على أنْبيائِهم، وضَرْبِهم الكتُبَ بعضَها بِبَعْضٍ، إنَّ القرآنَ لَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّب بعضُه بَعْضاً، بَلْ يُصَدِّقُ بعضُه بَعْضاً، فَما عَرَفْتُم منه؛ فاعمَلوا به، وَما جَهِلْتم منه؛ فرُدُّوهُ إلى عالِمِهِ"(12).

قال الإِمام أحمدُ: "ونردُّ القرآنَ إلى عالِمِه تبارك وتعالى، إلى الله، فهو أعلَمُ به"(13).

(12) حديث جيد الإسناد.

أخرجه أحمد رقم (6702) من طريق أبي حازم عن عمرو بن شعب عن أبيه عن جدّه به.

وإسناده جيد، وأبو حازم هو سلمة بن دينار ثقة.

وقد رواه أحمد وغيره من غير هذا الحجه عن عمرو بن شعب، وهذا السياق أتمّ.

(13)

رواه في بن إسحاق في "المحنة" ص: 45 عن أحمد.

ص: 36

وهذه العقيدةُ السَّلَفيَّةُ خِلافُ طَريقةِ أهْل البِدَع؛ فإنَّ عقولَهم عندَهم هي التي تُثْبتُ وَتَنْفي، والسَّمْعُ مَعروضٌ عليها، فإنْ وافقَها قُبِلَ، وإنْ عارضَها رُدَّ وَطُرِحَ، وهذا أعْظَمُ أسْبَابِ الضَّلالِ التي دخَلَتْ على هذهِ الأمَّة.

وصَدقَ السَّمْعانيُّ حينَ قالَ: "فقد جَعلوا عُقولَهم دُعاةً إلى الله، ووَضعوها مَوْضِعَ الرُّسُل فيما بَيْنهم، ولو قالَ قائلٌ: لا الهَ إلَاّ الله، عَقْلي رَسولُ الله، لم يكن مُسْتَنْكراً عنْدَ المتكلِّمينَ من جهَةِ المَعنى"(14).

قُلْتُ: وما كَثُرَت البدَعُ في هذه الأمَّةِ وفَشَتْ إلَاّ بتقديم العُقول على ما جاءَ به الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم، وريُّنا تبارك وتعالى أتَمَّ دينه وأكمَله، ولم يَدَع نَقْصاً لِيُتمَّمَه أصحابُ المعقولات (!) كما قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]؛ فمَنِ استدركَ بعقلِهِ على الشَّرع؛ فإنَّما يَسْتَدْرِكُ على ربِّهِ، والله تعالى يقول:{وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: 41]، ويقول:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص: 68].

فإذا استقرَّ العلمُ بهذا في قُلوبِ أهْل الإِيمان؛ عَقَلوا أنَّهم قَدْ كُفُوا، فَلَمْ يَدَع لهم الشَّرْعُ ما يتكلَّفونَ لإِثباته، وما هو إلَاّ الاتِّباعُ وتركُ البِدَع؛ كَما يقول عبدُ الله بن مسعود:"اتَّبعوا وَلا تَبْتَدِعوا فقد كُفيتم، وَكل بدعةٍ ضَلالة"(15).

(14)"الحجة" ق 83/ أ.

(15)

أثر صحيح.

أخرجه أحمد في "الزهد" ص: 162 ووكيع في "الزهد" أيضاً رقم (315) =

ص: 37