الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتجزّأ ويتبعَّضُ، ولا يَتَغايرُ ويتفاضَلُ.
وهو معنى واحدٌ، يصيرُ أمْرًا ونَهْيًا عند وجود المأمورِ المَنْهِيّ.
فالأمْرُ والنَّهيُ والخَبر عندَهم معاني محدَثةٌ.
ويقولون: الحروفُ المَنظومة قراءةُ القرآنِ، وهي عِبارةٌ عن كلام الله، وهي مخلوقةٌ.
والعِباراتُ عن كلام الله تتغايَرُ وتَخْتَلفُ، فَيُعبَّرُ عنه بالعربيَّةِ كالقرآن، والعِبْريةِ كالتَّوراةِ، والسّريانية كالإِنجيلِ، وكلُّه كلامٌ واحدٌ لا يتغايَرُ، وإنَّما تغايَرَت العبارةُ.
وقولُ الله: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} حتَّى يفهمَ كلامَ الله.
1 -
فنفَوا أن يكونَ القرآنُ العربيُّ المُنْزَلُ، المؤلّفُ من الحُروف المَنظومة كلامَ الله، وإنَّما هو عبارةٌ عنه مخلوقةٌ.
2 -
وأنكَروا أن يكونَ الرَّبُّ تعالى لَم يَزَل آمِرًا ناهيًا مُخْبِرًا، وإنَّما هذه معاني محدَثةٌ.
3 -
وأثبَتوا أنَّ صفةَ الكلامِ الثَّابتةَ لله تعالى، إنَّما هي الكلامُ النَّفْسيُّ، وهو قائمٌ به غيرُ متعلّقٍ بمَشيئتهِ وقُدْرتهِ، وهو معنى واحدٌ.
•
رابعا: الأشعرية:
وافَقوا الكُلّابيّةَ في جَميع قولِهم، لكنَّهم خالَفوهم في:
1 -
أنَّ كلامَ الله في الأزَلِ أمْرٌ وَنَهْيٌ وخَبَرٌ واستخبارٌ، والله تعالى لَمْ يَزَل آمِرًا ناهِيًا مُخْبِرًا، وأنَّ هذه صفاتٌ للكَلام لا أنواعٌ له، وكلامَ الله
القائمَ بذاتهِ (الكلام النفسيّ) هو الأمرُ بكلّ مأمورٍ، والنَّهْيُ عن كلّ مَنْهِيّ عنه، والخَبَرُ عن كلّ مُخْبَرٍ عنه.
2 -
في قول بعضهم: هو عدَّةُ مَعانٍ وليس معنًى واحدًا: الأمرُ، والنهيُ، والخَبرُ، والاستخبارُ، والنّداءُ، و ....
فلمَّا توافق قولُ الكُلّابيّة مع الأشعريةِ في الغالب، لم أفْرِدْهم بالردّ عليهم، اكتفاءً بالردّ على الأشعريةِ، وسيأتي مفصلًا في الفصل الثالث من هذا الباب.
وهناك طائفةٌ أخرى وافقت الأشعريةَ في اعتقادِها، وهم المعروفون بـ (الماتُريدية) أتباع أبي مَنْصور الماتُريديّ (8)، الذي يعدّونه الإِمام الثاني
(8) هو أبو منصور محمد بن محمد بن محمود الماتُريدي السَّمَرْقَنْدي، كانَ معدودًا في فقهاء الحنفية، ولذا تجد أكثر المنتسبين لعقيدته من الحنفية، وكانَ صاحب جدَل وكلام، ولم يكن من أهل السنن والآثار، ولم يكن له أتباع يُذكرون في عَهْده وبعدَه بمُدّة طويلة، حتى جاء مِن بعدُ من أحيا مذهبه من الحنفية، وحقَّقه وهذَّبه، وتمضي السنونَ فتظهر طائفة تدعى (الماتُريدية) قد دانت باعتقاده، وفي الزَّمن المتأخّر صارَ لها شأنٌ وأتباعٌ، وإنَّما وقع ذلك -فيما لا أرتاب فيه- بالبُعد عن السنن والجَهل بها وبأهلها، حتى وصل الحالُ إلى أنْ لا يُعرَف للأمَّة -ولأهل السنَّة خاصةً- إمامٌ يُقْتَدى به في الاعتقاد سِوى أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتُريدي.
فهذه الجامعات والمعاهدُ الكبرى في أكثر بلاد المسلمينَ لا يُدْرَسُ فيها إلَّا اعتقاد الأشعري واعتقاد الماتُريدي، فتربّى الطلَاّب والشيوخُ، وتخرّجوا علماء (!) وهم لا يعرفون إلَّا توحيد الأشعرية والماتريدية.
ولقد رأيت كتابًا للماتريدي اسمه "كتاب التوحيد" كذا سُمّي! غفرانكَ اللَّهم! وهو أحرى بأن يُسَمَّى بـ "الجدل والمنطق" فلقد أبانَ عن حقيقة الماتُريدي، وكشفَ =