الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَكُونَ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الزَّوْجِ بِالْفُرْقَةِ؛ لِأَنَّهَا ادَّعَتْ عَلَى الْكَفِيلِ أَمْرًا لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ أَمْرٍ آخَرَ عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ جَعْلُ الْأَمْرِ بِيَدِهَا وَتَطْلِيقُهَا نَفْسَهَا بِحُكْمِ ذَلِكَ الْأَمْرِ عِنْدَ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ فَيَنْتَصِبُ الْكَفِيلُ خَصْمًا عَنْ الزَّوْجِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا أَصْلٌ مُمَهَّدٌ فِي قَوَاعِدِ الشَّرْعِ، وَلَكِنَّ هَذَا مُشْكِلٌ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى شَيْئَانِ الْفُرْقَةُ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمَالُ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ بَلْ هُوَ شَرْطُهُ، وَفِي مِثْلِ هَذَا لَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، عَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْمَالِ، وَلَا يَقْضِيَ بِالْفُرْقَةِ عَلَى الزَّوْجِ.
[مَحْضَر فِي دعوى مَلَكِيَّة أَرْض عَلَى رَجُل فِي يَده بَعْض تِلْكَ الْأَرْض]
(مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى مِلْكِيَّةِ أَرْضٍ عَلَى رَجُلٍ فِي يَدِهِ بَعْضُ تِلْكَ الْأَرْضِ) وَصُورَتُهُ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَرْضًا فِي يَدِهِ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ بَعْدَ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ وَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي بِالْأَرْضِ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْأَرْضَ الْمُدَّعَى بِهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ، قِيلَ: الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ ظَهَرَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي ظَهَرَ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ بِإِقْرَارِهِ أَكْذَبَ شُهُودَهُ فِي بَعْضِ مَا شَهِدُوا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَتَكْذِيبُ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ فِي بَعْضِ مَا شَهِدُوا بَعْدَ الْقَضَاءِ يُوجِبُ بُطْلَانَ الْقَضَاءِ عَلَى مَا عَلَيْهِ إشَارَاتُ الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ. فَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الدَّارَ الْمُدَّعَى بِهَا كَانَتْ فِي يَدَيَّ وَفِي يَدِ فُلَانٍ وَقْتَ الدَّعْوَى لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَنْفِي كَوْنَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِهِ بَعْدَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا يَظْهَرُ بِهِ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى نَصِيبٍ شَائِعٍ مِنْ الْأَرْضِ]
(مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى نَصِيبٍ شَائِعٍ مِنْ الْأَرْضِ) بِأَنْ ادَّعَى كَذَا سَهْمًا مِنْ كَذَا سَهْمًا مِنْ الْأَرْضِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّعِي وَالشُّهُودُ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ أَجَابُوا بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا كَوْنَ جَمِيعِ الْأَرْضِ فِي يَدِهِ وَمَا لَمْ يُثْبِتْ كَوْنَ جَمِيعِ الْأَرْضِ فِي يَدِهِ لَا يَثْبُتُ كَوْنُ الْبَعْضِ فِي يَدِهِ فِي دَعْوَى الْمُشَاعِ، وَبَعْضُهُمْ أَفْتَوْا بِالصِّحَّةِ إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى بَعْضِ الشَّيْءِ شَائِعًا إثْبَاتُهَا عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ غَصْبَ نِصْفِ الْعَيْنِ شَائِعًا لَا يُتَصَوَّرُ، وَهَكَذَا ذَكَرَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إشَارَاتِهِ، وَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُشِيرُ إلَى أَنَّ غَصْبَ نِصْفِ الْعَيْنِ شَائِعًا يُتَصَوَّرُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ غَصْبُ الْعَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ يَعْنِي: غَصَبَ رَجُلَانِ عَيْنًا، وَعِنْدَ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِيرُ غَاصِبًا نِصْفَ الْعَيْنِ مُشَاعًا.
أَلَا يَرَى أَنَّ الرَّجُلَيْنِ إذَا اسْتَأْجَرَا دَارًا أَوْ اشْتَرَيَاهَا وَشَغَلَاهَا بِأَمْتِعَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُثْبِتًا يَدَهُ عَلَى نِصْفِهَا شَائِعًا، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ فِي مَوَاضِعَ عَلَى تَصَوُّرِ غَصْبِ نِصْفِ الْعَيْنِ شَائِعًا كَذَا فِي فُصُولِ الأستروشني.
[مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى شِرَاءِ الْمَحْدُودِ مِنْ وَالِدِ صَاحِبِ الْيَدِ]
(مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى شِرَاءِ الْمَحْدُودِ مِنْ وَالِدِ صَاحِبِ الْيَدِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ الْمَنْزِلَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ حُدُودُهُ كَذَا وَمَوْضِعُهُ كَذَا كَانَ مِلْكًا لِوَالِدِهِ فُلَانٍ وَحَقًّا لَهُ، وَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنِّي فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَنَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِ بِكَذَا فِي يَوْمِ كَذَا فِي شَهْرِ هَذَا، وَهَكَذَا أَقَرَّ لِي فِي حَيَاتِهِ بِبَيْعِ هَذَا الْمَحْدُودِ بِهَذَا التَّارِيخِ وَجَاءَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ وَالِدِهِ فُلَانٍ بِهَذَا الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ.
وَقَالُوا: وَالْيَوْمَ هَذَا الْمَنْزِلُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ، وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَزَعَمَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ أَنَّ فِي الْمَحْضَرِ خَلَلًا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ الْمَذْكُورِ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَالْمَذْكُورُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي إقْرَارُ الْبَائِعِ مُضَافًا إلَى تَارِيخِ الْبَيْعِ وَهُوَ يَوْمُ كَذَا، وَلَعَلَّ هَذَا الْإِقْرَارَ كَانَ فِي يَوْمِ كَذَا، وَلَكِنْ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ بِتَارِيخِ الْبَيْعِ، وَلَكِنْ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ قَبْلَ الْبَيْعِ بَاطِلٌ فَالشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ قَبْلَ الْبَيْعِ تَكُونُ بَاطِلَةً أَيْضًا، وَلِأَنَّ الشُّهُودَ فِي شَهَادَتِهِمْ قَالُوا: الْيَوْمَ هَذَا الْمَنْزِلُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ، وَالسَّبَبُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْمَحْضَرِ الْبَيْعُ لَا الْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَصْلُحُ بِسَبَبِ
مِلْكٍ، وَلَا شَهَادَةَ لَهُمْ عَلَى الْبَيْعِ، إنَّمَا شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ، وَلَكِنَّ هَذَا الزَّعْمَ فَاسِدٌ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ مُطْلَقَ كَلَامِ الْعَاقِلِ وَتَصَرُّفِهِ يُحْمَلُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ بِقَضِيَّةِ الْأَصْلِ، وَذَلِكَ هَاهُنَا فِي أَنْ يُحْمَلَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ بِذَلِكَ التَّارِيخِ عَلَى دَعْوَاهُ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الْبَيْعِ بِذَلِكَ التَّارِيخِ، وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الثَّانِي أَنَّ مُطْلَقَ كَلَامِ الْعَاقِلِ يُحْمَلُ عَلَى الْمُعْتَادِ، وَالنَّاسُ فِي عَادَتِهِمْ يُرِيدُونَ بِهَذَا الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الْبَيْعِ بِذَلِكَ التَّارِيخِ. وَأَمَّا الثَّانِي - قُلْنَا هَذَا شَهَادَةٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ، وَالْبَيْعُ سَبَبُ الْمِلْكِ فَتَكُونُ هَذِهِ شَهَادَةً عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ، وَأَنَّهُ صَحِيحٌ.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْجَارِيَةِ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ جَارِيَةً وَادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِلْكُهُ وَالْجَارِيَةُ مُنْكِرَةٌ فَجَاءَ الَّذِي حَضَرَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ (روزى مردى بيامد واين جَارِيَة حَاضِر آورده راباين حَاضِر آمده بفر وخت ببهاء مَعْلُوم وبوى تَسْلِيم كرد) فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُدَّعِي بِطَرِيقِ الِانْتِقَالِ مِنْ بَائِعِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ لِيَثْبُتَ الِانْتِقَالُ إلَى الْمُدَّعِي.
وَلَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لِكَوْنِ الْبَائِعِ مَجْهُولًا، وَإِثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْمَجْهُولِ لَا يَتَحَقَّقُ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ كَيْفَ يَثْبُتُ الِانْتِقَالُ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعِي بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَائِعُ مَعْلُومًا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيَقْضِي بِالْجَارِيَةِ لِلْمُدَّعِي، وَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ - أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا أَنَّ رَجُلًا بَاعَهَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهَا، وَيَجُوزُ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ بَاعَهَا إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَشْتَرِهَا وَبِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ بِدُونِ الشِّرَاءِ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ، وَلَكِنَّ الْعِلَّةَ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَيْعِ يَتَضَمَّنُ الشِّرَاءَ وَذِكْرَ الشِّرَاءِ يَتَضَمَّنُ الْبَيْعَ، أَلَا يُرَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنِّي بِعْتُ مِنْكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِكَذَا وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ كَانَتْ دَعْوَاهُ الْبَيْعَ صَحِيحَةً، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ اشْتَرَى، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ بَاعَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنِّي كَانَتْ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: وَأَنَا اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ، ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْجَارِيَةِ أَيْضًا) حَضَرَ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ جَارِيَةً وَادَّعَى أَنَّهَا جَارِيَتُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ فَطَاعَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا وَالْجَارِيَةُ تُنْكِرُ دَعْوَاهُ فَجَاءَ الَّذِي حَضَرَ بِشُهُودٍ شَهِدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ فَاخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِصِحَّةِ الدَّعْوَى فِي حَقِّ الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ لَا فِي حَقِّ وُجُوبِ الطَّاعَةِ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ بِتَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا إلَيْهِ وَتَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ نَقْدِ الثَّمَنِ، وَالْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ لَمْ يَذْكُرْ نَقْدَ الثَّمَنِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى أَصْلًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ مَا شَهِدُوا بِمِلْكِ الْبَائِعِ لَا نَصًّا وَلَا دَلَالَةً وَبِدُونِ ذَلِكَ لَا يَقْضِي بِالْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي وَهِيَ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ) رَجُلٌ مَاتَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الْمَيِّتَ عَتِيقُ وَالِدِي فُلَانٍ كَانَ أَعْتَقَهُ وَالِدِي فِي حَيَاتِهِ وَمِيرَاثُهُ لِي لِأَنِّي ابْنُ مُعْتِقِهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي فَأَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِفَسَادِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالصِّحَّةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَقُلْ فِي دَعْوَاهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَالْإِعْتَاقُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ بَاطِلٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي دَعْوَى الْأَصْلِ فِي بَابِ دَعْوَى الْعِتْقِ إذَا أَقَامَ عَبْدٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ أَوْ يُقِرُّ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ عَبْدُهُ قَضَى الْقَاضِي لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّ شُهُودَ الْعِتْقِ شَهِدُوا بِعِتْقٍ بَاطِلٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ وَفُلَانٌ يَمْلِكُهُ وَالْمِلْكُ لَا يَثْبُتُ لِفُلَانٍ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ وَالْعِتْقُ بِلَا مِلْكٍ بَاطِلٌ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِعِتْقٍ بَاطِلٍ فَصَارَ وُجُودُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ، وَلَوْ عَدِمَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَكَانَ يَقْضِي لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ كَذَا هَاهُنَا. وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شُهُودُ الْعَبْدِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ يَقْضِي لِلَّذِي شَهِدُوا أَنَّهُ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْإِعْتَاقِ تَعْتَمِدُ الْمِلْكَ دُونَ
الْيَدِ وَالشُّهُودُ لَمْ يَشْهَدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ الْعَبْدِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَشَهِدَ شُهُودُ الْآخَرِ أَنَّهُ عَبْدُهُ قَضَى بِبَيِّنَةِ الْعِتْقِ.
لِأَنَّ إثْبَاتَ الْعَبْدِ الْمِلْكَ لِمُعْتِقِهِ كَإِثْبَاتِ الْمُعْتِقِ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُعْتِقَ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ أَعْتَقَهُ قَضَى بِبَيِّنَةِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ اسْتَوَتَا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ، وَفِي إحْدَاهُمَا زِيَادَةُ إثْبَاتِ الْعِتْقِ كَذَا هَاهُنَا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي دَعْوَى الْعِتْقِ مِنْ جِهَةِ الْغَيْرِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مِلْكِ ذَلِكَ الْغَيْرِ.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الدَّفْعِ) صُورَتُهُ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرٍ كَذَا مِنْ سَنَةٍ كَذَا وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى وَتَوَجَّهَ الْحُكْمُ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي ادَّعَيْتَ تَلَقِّ الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ أَقَرَّ قَبْلَ تَارِيخِ شِرَائِكَ بِسَنَةٍ طَائِعًا أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ أَخِيهِ فُلَانٍ وَحَقُّهُ وَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ وَأَنَا اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ أَخِيهِ ذَلِكَ الْمُقَرِّ لَهُ فَدَعْوَاكَ عَلَيَّ بَاطِلَةٌ بِهَذَا السَّبَبِ فَاتَّفَقَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ أَنَّ هَذَا الدَّفْعَ صَحِيحٌ، ثُمَّ اسْتَفْتَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الدَّفْعُ لَوْ طُلِبَ مِنْ مُدَّعِي الدَّفْعِ بَيَانٌ وُقِّتَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ، وَفِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ؛ فَالْقَاضِي، هَلْ يُكَلِّفُهُ عَلَيْهِ فَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَيْضًا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُكَلِّفُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ مَرَّةً بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ قَبْلَ تَارِيخِ شِرَائِكَ أَوْ قَالَ قَبْلَ شِرَائِك. .
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الْمِيرَاثِ) صُورَتُهُ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانَةُ كُلُّهُمْ أَوْلَادُ فُلَانٍ فَادَّعَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَضَرُوا مَحْدُودًا عَلَى رَجُلٍ أَحْضَرُوهُ مَعَهُمْ مِيرَاثًا عَنْ وَالِدَتِهِمْ فُلَانَةَ وَكَانَ الْمَكْتُوبُ فِي الْمَحْضَرِ وَكَانَ هَذَا الْمَحْدُودُ مِلْكَ فُلَانَةَ وَالِدَةِ هَذَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ وَحَقَّهَا (ودردست وى بود تا بروز مرك وى بمرد وميراث ماند فرزندان خويش را) فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّ الْمَكْتُوبَ فِيهِ وَالِدَةُ هَذَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ وَالِدَةُ هَؤُلَاءِ الْمُدَّعِينَ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْمَكْتُوبَ فِيهِ (مرد وميراث ماند فر زندان خويش را) ، وَلَيْسَ فِيهِ (جه جيز مِيرَاث ماندفر زندان را) وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ (وميراث مانداين محدود فرزندان را) أَوْ يُكْتَبَ.
(مِيرَاث ماندش) حَتَّى يَصِيرَ الْمَتْرُوكُ مَذْكُورًا إمَّا بِالصَّرِيحِ أَوْ بِالْكِنَايَةِ أَمَّا بِدُونِ ذِكْرِهِ لَا بِالصَّرِيحِ وَلَا بِالْكِنَايَةِ لَا يَتِمُّ جَرُّ الْمِيرَاثِ فِيمَا تَقَعُ فِيهِ الدَّعْوَى وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ نَجْمِ الدِّينِ عُمَرَ النَّسَفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ كَتَبْتُ الْفَتْوَى فِي جَرِّ الْمِيرَاثِ وَبَالَغْتُ فِي شَرَائِطِ صِحَّتِهِ غَيْرَ أَنِّي تَرَكْتُ الْهَاءَ عِنْدَ قَوْلِي وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا وَكَتَبْتُ، وَتَرَكَ مِيرَاثًا فَلَمْ يُفْتِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيُّ بْنُ عَطَاءِ بْنِ حَمْزَةَ السُّغْدِيِّ بِصِحَّتِهِ، وَقَالَ لِي: أَلْحِقْ بِهِ الْهَاءَ وَاجْعَلْهُ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا حَتَّى أَفَتَى بِالصِّحَّةِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عُرِضَ عَلَيَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى رَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَرْضًا أَنَّهَا مِلْكُهُ وَحَقُّهُ، وَأَنَّ مُوَرِّثَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فُلَانٌ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ إلَى أَنْ مَاتَ، وَفِي يَدِ وَارِثِهِ هَذَا أَيْضًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهَا وَتَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَاهُ: إنَّ مُوَرِّثَنَا فُلَانًا كَانَ اشْتَرَى هَذَا الْمَحْدُودَ مِنْ مُوَرِّثِ هَذَا الْمُدَّعِي بَيْعًا بَاتًّا وَجَرَى التَّقَابُضُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَكَانَ فِي يَدِهِ بِحَقٍّ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، ثُمَّ صَارَ مِيرَاثًا عَنْهُ لِي بِحَقٍّ فَقَالَ الْمُدَّعِي فِي دَفْعِ هَذَا الدَّفْعِ: إنَّ مُوَرِّثَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَرْضَ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا بَيْعَ وَفَاءٍ، فَإِذَا رَدَّ عَلَيَّ الثَّمَنَ كَانَ عَلَيَّ رَدُّ الْأَرْضِ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً هَلْ يَصِحُّ دَفْعُ الدَّفْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، قَالَ نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَقَدْ كَانَ قَاضِي الْقُضَاةِ عِمَادُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَعْرُوفُ بِعُلَا بَدْرٍ أَجَابَا بِالصِّحَّةِ وَأَنَا أَجَبْتُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ.
فَإِذَا أَقَرَّ بِبَيْعِ الْوَفَاءِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ فِي يَدِهِ بِحَقٍّ، وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ تَصِحَّ دَعْوَى الدَّفْعِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ لِبَيْعِ الْوَفَاءِ حُكْمَ