الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي ذَلِكَ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ عَمْدًا فَشُلَّتْ الْكَفُّ فَلَا قِصَاصَ فِي الْأُصْبُعِ، وَفِي الْيَدِ دِيَةٌ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ مَفْصِلًا مِنْ أُصْبُعِ رَجُلٍ فَشُلَّتْ الْكَفُّ فَفِيمَا شُلَّ مِنْ ذَلِكَ دِيَةٌ، وَلَا قِصَاصَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَشُلَّتْ بِجَنْبِهَا أُخْرَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْأُصْبُعَيْنِ وَقَالَا: يُقْتَصُّ مِنْ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ أَرْشُهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَنْ قَطَعَ أُصْبُعَ إنْسَانٍ فَسَقَطَ أُصْبُعٌ أُخْرَى بِجَنْبِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَجِبُ دِيَةُ الْأُصْبُعَيْنِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأُصْبُعِ الْأُولَى، وَالدِّيَةُ فِي الْأُصْبُعِ الثَّانِيَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأُصْبُعَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا قَطَعَ الرَّجُلُ أُصْبُعَ إنْسَانٍ عَمْدًا فَانْسَلَّ السِّكِّينُ إلَى أُصْبُعٍ أُخْرَى يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأُصْبُعِ الْأُولَى، وَالدِّيَةُ فِي الْأُصْبُعِ الثَّانِيَةِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَطَعَ مَفْصِلًا مِنْ السَّبَّابَةِ فَسَقَطَتْ الْوُسْطَى مِنْ الضَّرْبَةِ قُطِعَتْ الْوُسْطَى، وَالْمَفْصِلُ مِنْ السَّبَّابَةِ، وَلَوْ شُلَّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّبَّابَةِ، وَسَقَطَتْ الْوُسْطَى فَإِنِّي أَقْطَعُ الْوُسْطَى، وَلَا أُقْتَصُّ مِنْ السَّبَّابَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فَاقْتُصَّ لَهُ فَمَاتَ الْمَقْطُوعُ الْأَوَّلُ قُتِلَ الْمَقْطُوعُ الثَّانِي بِهِ، وَهُوَ الْقَاطِعُ الْأَوَّلُ قِصَاصًا، وَلَوْ مَاتَ الْمُقْتَصُّ، وَهُوَ الْمَقْطُوعُ قِصَاصًا مِنْ الْقَطْعِ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُقْتَصِّ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
مَنْ قَطَعَ يَدَهُ فَقَتَلَهُ أُخِذَ بِهِمَا سَوَاءٌ كَانَا عَمْدَيْنِ، أَوْ خَطَأَيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ تَخَلَّلَ بَرْءٌ، أَوْ لَا إلَّا فِي خَطَأَيْنِ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَرْءٌ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ كَانَ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا قَبْلَ أَنْ تَبْرَأَ يَدُهُ، فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَالَ: اقْطَعُوهُ ثُمَّ اُقْتُلُوهُ، وَإِنْ شَاءَ قَالَ: اُقْتُلُوهُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يُقْتَلُ، وَلَا يُقْطَعُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِنْ جَنَى جِنَايَتَيْنِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ اتَّحِدَا جِنْسًا بِأَنْ كَانَا عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَمَاتَ اُعْتُبِرَتَا وَاحِدَةً، وَإِنْ تَخَلَّلَ الْبَرْءُ أَوْ اخْتَلَفَا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَمْدًا، وَالْآخَرُ خَطَأً وَالْجَانِي وَاحِدٌ، أَوْ اثْنَانِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمُ نَفْسِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
لَوْ قَطَعَ أُصْبُعَهُ، أَوْ يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ الْآخَرُ مَا بَقِيَ مِنْ الْيَدِ فَمَاتَ كَانَ الْقِصَاصُ عَلَى الثَّانِي فِي النَّفْسِ دُونَ الْأَوَّلِ وَيَقْطَعُ أُصْبُعَ الْأَوَّلِ، أَوْ يَدَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْكُتُبِ الظَّاهِرَةِ أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ فِي قَطْعِ الْأُنْثَيَيْنِ الْقِصَاصُ حَالَةَ الْعَمْدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا قَطَعَ الْحَشَفَةَ كُلَّهَا عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهَا فَلَا قِصَاصَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الذَّكَرِ فَلَا قِصَاصَ، وَلَوْ قَطَعَ كُلَّ الذَّكَرِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِيهِ الْقِصَاصَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ قَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا قَطَعَ ذَكَرَ مَوْلُودٍ، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ بِأَنْ قَدْ تَحَرَّكَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ إذَا قَطَعَهُ مِنْ الْحَشَفَةِ، وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ كَمَلًا وَأَرَادَ بِالتَّحَرُّكِ التَّحَرُّكَ لِلْبَوْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ فَعَلَيْهِ حُكُومَةُ الْعَدْلِ كَمَا فِي آلَةِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ]
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ وَتَصْدِيقِ الْقَاتِلِ الْمُدَّعِي وَلِيَّ الْجِنَايَةِ أَوْ تَكْذِيبِهِ) إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ بِالْعَمْدِ حُبِسَ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْهُمَا، فَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ حَبَسَهُ أَيْضًا أَيَّامًا، فَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ آخَرَ، وَإِلَّا خُلِّيَ سَبِيلُهُ، الْعَمْدُ فِي ذَلِكَ وَالْخَطَأُ وَشِبْهُ الْعَمْدِ سَوَاءٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً، وَادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً حَاضِرَةً فِي الْمِصْرِ وَطَلَبَ أَخْذَ الْكَفِيلِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: شُهُودِي غُيَّبٌ وَطَلَبَ أَخْذَ الْكَفِيلِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالشُّهُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجِيبُهُ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ، فَإِنْ ادَّعَى الْعَمْدَ وَأَرَادَ أَخْذَ الْكَفِيلِ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي
لَا قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَا بَعْدَهَا إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يُلَازِمُهُ وَبَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَحْبِسُهُ الْقَاضِي زَجْرًا ثُمَّ إذَا عُدِّلَتْ الشُّهُودُ وَشَهِدُوا بِقَتْلٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ يَقْضِي الْقَاضِي بِالْقِصَاصِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ، فَأَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَتْلِ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ، وَلَمْ يُقْتَلْ وَلَكِنْ يُحْبَسُ الْقَاتِلُ، فَإِذَا قَدِمَ الْأَخُ الْغَائِبُ كُلِّفَ أَنْ يُعِيدَ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا لَا يُعِيدُ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً، أَوْ كَانَ دَيْنٌ لِأَبِيهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَمْ يُعِدْ بِالْإِجْمَاعِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ يُحْبَسُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْقِصَاصِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ وَكَذَلِكَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قُتِلَ عَمْدًا، وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَهُوَ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا حَضَرَتْ الْوَرَثَةُ جَمِيعًا فَادَّعَوْا دَمَ أَبِيهِمْ عَلَى رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ، وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا بِالْقَتْلِ عَمْدًا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْحَاضِرِ، وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ، وَيُقْتَلُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَائِبِ، وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَائِبِ، فَإِذَا حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْقَتْلَ يَحْتَاجُ الْوَرَثَةُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلًا بِالسَّيْفِ فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشُّهُودَ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ . لَا فِي الْعَمْدِ، وَلَا فِي الْخَطَأِ وَلَكِنَّهُمْ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُبْطِلْ شَهَادَتَهُمْ، وَجَازَتْ إذَا كَانُوا عُدُولًا، وَإِذَا شَهِدَا أَنَّهُ ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَزِيدَا عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا عَمْدٌ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ إنْ سَأَلَهُمَا أَتَعَمَّدَ ذَلِكَ؟ فَهُوَ أَوْثَقُ وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ أَنَّهُ طَعَنَهُ بِرُمْحٍ، أَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ، أَوْ نُشَّابَةٍ فَهَذَا كُلُّهُ عَمْدٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ قَالَا قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ خَطَأً تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ قَالَا: لَا نَدْرِي قَتَلَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّهَادَةَ مَقْبُولَةٌ جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَتْلِ خَطَأً وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ فَهَذَا بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى الْقَتْلِ، وَاخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ، أَوْ الْمَكَانِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِ زِيَادَاتِ الْأَصْلِ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَكَانِ، وَالْمَكَانَانِ مُتَقَارِبَانِ كَبَيْتٍ صَغِيرٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَآهُ قَتَلَهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ مِنْ بَدَنِهِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، وَالْآخَرُ شَهِدَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْحَجَرِ حَتَّى اخْتَلَفَتْ الْآلَةُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسِّكِّينِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْحَجَرِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْعَصَا لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا بِالسَّيْفِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا بِالسِّكِّينِ، وَقَالَ الْمُدَّعِي: أُقِرُّ بِمَا قَالَا إلَّا أَنَّهُ مَا قَتَلَهُ إلَّا طَعْنًا بِالرُّمْحِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ، وَاقْتُصَّ مِنْ الْقَاتِلِ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالْعَصَا، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَلَا أَدْرِي بِمَاذَا قَتَلَهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِذَا شَهِدَ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَقَالَا: لَا نَدْرِي بِمَاذَا قَتَلَهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ، وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَلَا يُقْضَى بِالْقِصَاصِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا قَتَلَا رَجُلًا أَحَدُهُمَا بِسَيْفٍ، وَالْآخَرُ بِعَصًا، وَلَا يَدْرِيَانِ أَيُّهُمَا صَاحِبُ الْعَصَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ بِقَطْعِ أُصْبُعٍ، وَعَلَى آخَرَ بِقَطْعِ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْيَدِ، وَلَا يُمَيِّزَانِ قَاطِعَ هَذِهِ الْأُصْبُعِ مِنْ قَاطِعِ الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا بِالْخَطَأِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا مِنْ الْمَفْصِلِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَطَعَ رِجْلَهُ مِنْ الْمَفْصِلِ ثُمَّ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ وَالْوَلِيُّ يَدَّعِي ذَلِكَ كُلَّهُ عَمْدًا فَإِنِّي أَقْضِي عَلَى الْقَاتِلِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَى الرَّجُلِ شَاهِدَانِ فَلَمْ يُزَكِّيَا وَلَوْ زَكَّى أَحَدُ شَاهِدَيْ الْيَدِ وَأَحَدُ شَاهِدَيْ الرِّجْلِ لَمْ يُؤْخَذْ الْقَاتِلُ بِشَيْءٍ وَإِنْ زَكَّوْا جَمِيعًا قَضَيْتُ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ، فَإِنْ طَلَبِ الْوَلِيُّ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ الْيَدِ وَالرِّجْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ الْمَفْصِلِ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا كَانَ لِوَارِثِهِ
أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ يَقْتُلَهُ فَإِنْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي اُقْتُلْهُ، وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ يَدِهِ فَذَلِكَ حَسَنٌ أَيْضًا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَأْمُرُهُ بِقَتْلِهِ، وَلَا يَجْعَلُ لَهُ الْقِصَاصَ فِي يَدِهِ، وَلَوْ كَانَ إحْدَى الْجِنَايَتَيْنِ خَطَأً، وَالْأُخْرَى عَمْدًا أُخِذَ بِهِمَا، فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى خَطَأً فَإِنَّهُ تَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَيُقْتَلُ قِصَاصًا، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ خَطَأً فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي النَّفْسِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِقَتْلِهِ خَطَأً وَحُكِمَ بِالدِّيَةِ فَجَاءَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَلِلْعَاقِلَةِ أَنْ يُضَمِّنُوا الْوَلِيَّ، أَوْ الشُّهُودَ ثُمَّ يَرْجِعُوا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَقُتِلَ بِهِ ثُمَّ جَاءَ حَيًّا تُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْوَلِيِّ الدِّيَةَ، أَوْ الشُّهُودِ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الشُّهُودَ لَمْ يَرْجِعُوا عَلَى الْوَلِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْوَلِيِّ كَمَا فِي الْخَطَأِ كَذَا فِي الْكَافِي
وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي الْخَطَأِ، وَفِي الْعَمْدِ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ ثُمَّ جَاءَ حَيًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى قَتْلِ الْخَطَأِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْفُرُوعِ، وَلَكِنْ يَرُدُّ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَوْ جَاءَ الشَّاهِدَانِ الْأَصْلَانِ وَأَنْكَرَا الْإِشْهَادَ لَمْ يَصِحَّ إنْكَارُهُمَا فِي حَقِّ الْفَرْعَيْنِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصْلَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ: قَدْ أَشْهَدْنَاهُمَا بِبَاطِلٍ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ أَنَّا كَاذِبُونَ قَالَ: لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَاقِلَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْأُصُولَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الْأَصْلَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ ضَمَّنُوا الْوَلِيَّ لَمْ يَرْجِعْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ شَجَّ وَلِيَّهُ مُوضِحَةً وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْمُوضِحَةِ وَالْبُرْءِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيُقْضَى بِالْقِصَاصِ فِي الْمُوضِحَةِ وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالسِّرَايَةِ، وَالْآخَرُ بِالْبُرْءِ تُقْبَلُ عَلَى الشَّجَّةِ لِاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْبُرْءَ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ الَّتِي شَهِدَتْ بِالسِّرَايَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
وَلَوْ كَانَتْ الشَّجَّةُ شَيْئًا دُونَ الْمُوضِحَةِ لَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ إلَّا بِاتِّصَالِ السِّرَايَةِ بِهَا نَحْوُ السِّمْحَاقِ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ مِنْهَا وَلِيُّ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا كَمَا ادَّعَى الْمُدَّعِي، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّجَّةِ، وَقُضِيَ بِأَرْشِهَا فِي مَالِ الْجَانِي، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ عَبْدًا لِرَجُلٍ فَادَّعَى مَوْلَاهُ أَنَّ الشَّاجَّ شَجَّهُ مُوضِحَةً عَمْدًا وَمَاتَ مِنْهَا، وَأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ الْقَوَدَ، وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا كَمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَرَأَ مِنْهَا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِأَرْشِ الشَّجَّةِ فِي مَالِ الْجَانِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ قُتِلَ، وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَيْهِ، وَعَلَى آخَرَ أَنَّهُمَا قَتَلَا أَبَاهُ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ وَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَقَامَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا وَأَقَامَ الِابْنُ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِمُدَّعِي الْعَمْدِ نِصْفُ الدِّيَةُ فِي مَالِ مَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلِمُدَّعِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَمُوصًى لَهُ فَادَّعَى أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ فُلَانًا بِعَيْنِهِ، أَوْ رَجُلًا آخَرَ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فَالْمُوصَى لَهُ إنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ يُقْضَى لِمُدَّعِي الْخَطَأِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَيُقْضَى لِمُدَّعِي الْعَمْدِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ الَّذِي يَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَمْدَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ صَدَّقَ الْمُوصَى لَهُ مُدَّعِيَ الْعَمْدِ فَلِمُدَّعِي الْخَطَأِ ثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَثُلُثُ النِّصْفِ لِلْمُوصَى لَهُ وَثُلُثَا النِّصْفِ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا الْمُوصَى لَهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَلِكَ إذَا صَدَّقَهُمَا، وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي قُتِلَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ حَتَّى لَوْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ
يُقْضَى لَهُ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُوصَى لَهُ ابْنٌ ثَالِثٌ فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ الِابْنَ الثَّالِثَ إذَا صَدَّقَ مُدَّعِي الْعَمْدِ يُقْضَى لَهُمَا بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُوصَى لَهُ كَانَ يُقْضَى لَهُمَا بِنِصْفِ الدِّيَةِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قُضِيَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلِلْآخَرِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لَوْ تَوَى مَالُ أَحَدِهِمَا، وَخَرَجَ مَالُ الْآخَرِ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ الَّذِي تَوَى حَقُّهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا خَرَجَ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ أَقَامَ الْأَكْبَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَصْغَرِ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ، وَأَقَامَ الْأَصْغَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَنَّهُ قَتَلَهُ قُضِيَ لِلْأَكْبَرِ عَلَى الْأَصْغَرِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَلِلْأَصْغَرِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْأَكْبَرِ عَلَى الْأَصْغَرِ بِالدِّيَةِ إنْ كَانَ خَطَأً وَبِالْقِصَاصِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ عَلَى أَخِيهِ قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَإِرْثُهُ لَهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ الْبَنُونَ ثَلَاثَةً فَأَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بَيِّنَةً عَلَى زَيْدٍ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ وَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَهَاهُنَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَاتُ عَلَى الِاتِّفَاقِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا عِنْدَهُمَا أَيْضًا.
وَلَوْ أَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَنَّهُمَا قَتَلَا أَبَاهُمْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَأَقَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَهُمَا وَبَقِيَتْ الْوِرَاثَةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِنِصْفِ الدِّيَةِ فِي مَالِهِمَا إنْ كَانَ عَمْدًا، أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إنْ كَانَ خَطَأً، وَيُقْضَى لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي مَالِ عَبْدِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْمِيرَاثُ يَكُونُ نِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ، وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَلَوْ أَقَامَ عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ وَأَقَامَ زَيْدٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ وَلَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِعَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا فَبَعْدَ هَذَا الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَمَّا إنْ ادَّعَى عَبْدُ اللَّهِ الْقَتْلَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، أَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ: لَمْ يَقْتُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِمَا بِأَنْ قَالَ: هُمَا قَتَلَاهُ.
فَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، وَهُوَ عَمْرٌو فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى عَلَى عَمْرٍو بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ زَيْدٍ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ نِصْفَيْنِ إنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَفِي مَالِ عَمْرٍو، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ عَمْرٍو وَيُقْضَى لِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ بِرُبُعِ الدِّيَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِ زَيْدٍ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَنِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ مَا وَجَبَ لِزَيْدٍ يُضَمُّ إلَى مَا وَجَبَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَيُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَمْرٍو بِالْقَوَدِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ عَمْرٍو إنْ كَانَ خَطَأً وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ نِصْفَيْنِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ عَبْدُ اللَّهِ الْقَتْلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ: لَمْ يَقْتُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.
فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو بِرُبُعِ الدِّيَةِ وَلِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ بِرُبُعِ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي مَالِهِمَا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا، وَلَا شَيْءَ لِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى هَاهُنَا بِشَيْءٍ لَا بِالدِّيَةِ، وَلَا بِالْقِصَاصِ، وَكَانَ الْمِيرَاثُ أَثْلَاثًا، وَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَيْهِمَا بِأَنْ قَالَ أَنْتُمَا قَتَلْتُمَا فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُقْضَى لِعَبْدِ اللَّهِ بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ وَيُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ الدِّيَةِ، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَنِصْفُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ وَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ تَهَاتَرَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَا يَدَّعِي فَلَا يُقْضَى بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ، وَالْمِيرَاثُ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَأَخًا وَادَّعَى كُلٌّ عَلَى صَاحِبِهِ لَغَتْ بَيِّنَةُ الْأَخِ وَقُضِيَ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ، وَصَدَّقَ الْأَخُ أَحَدَهُمَا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي
فَإِنْ أَقَامَ الْأَخُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الِابْنَيْنِ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ بَعْدَ أَنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ الْبَيِّنَةَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ هُوَ الْقَاتِلُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأَخِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ لَهُ وَيُقْتَلُ الِابْنَانِ إنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا الدِّيَةُ، وَلَمْ يُذْكَرْ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ عِنْدَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ وَيَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ فَأَقَامَ اثْنَانِ مِنْهُمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الثَّالِثِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُمْ وَأَقَامَ الثَّالِثُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بَيِّنَةُ الِابْنَيْنِ أَوْلَى وَيُقْضَى بِالْقِصَاصِ عَلَى الثَّالِثِ لِلْأَخَوَيْنِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَبِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً، وَلَا يَرِثُ الِابْنُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَتَرَجَّحْ بَيِّنَةُ الِابْنَيْنِ عَلَى بَيِّنَةِ الثَّالِثِ وَيُقْضَى لِلِابْنَيْنِ عَلَى الثَّالِثِ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَيُقْضَى لِلثَّالِثِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِثُلُثِ الدِّيَةِ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ، وَتَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ، فَأَقَامَ الْأَكْبَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَوْسَطِ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ، وَأَقَامَ الْأَوْسَطُ عَلَى الْأَصْغَرِ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَتَلَ الْأَبَ، وَأَقَامَ الْأَصْغَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِذَلِكَ فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِثُلُثِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى لِلْأَكْبَرِ عَلَى الْأَوْسَطِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَلِلْأَوْسَطِ عَلَى الْأَصْغَرِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَلَا يُقْضَى لِلْأَصْغَرِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِشَيْءٍ، وَالْمِيرَاثُ بَيْنَ الْأَكْبَرِ وَالْأَوْسَطِ نِصْفَانِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَصْغَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا، وَقَالَ الْوَلِيُّ: قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعًا فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمَا، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُونَ عَلَى الْآخَرِ بِقَتْلِهِ، وَقَالَ الْوَلِيُّ: قَتَلْتُمُوهُ جَمِيعًا بَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَنَا قَتَلْتُ وَلِيَّكَ عَمْدًا فَصَدَّقَهُ وَقَتَلَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، وَقَالَ: أَنَا قَتَلْتُهُ عَمْدًا فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ أَيْضًا فَلَوْ أَنَّ الْأَوَّلَ حِينَ مَا قَالَ قَالَ لَهُ: أَنْتَ قَتَلْتَهُ عَمْدًا وَحْدَكَ وَقَتَلَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، وَقَالَ: بَلْ أَنَا قَتَلْتُهُ وَحْدِي وَصَدَّقَهُ الْوَلِيُّ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الَّذِي قَتَلَهُ، وَلَهُ عَلَى الْآخَرِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ قُتِلَ خَطَأً، وَادَّعَى وَلِيُّهُ الْعَمْدَ فَلَهُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَقَرَّ الْقَاتِلُ بِالْعَمْدِ، وَادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْخَطَأَ لَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَلَوْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَاتِلَ، وَقَالَ: إنَّكَ قَتَلْتَهُ عَمْدًا فَلَهُ الدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا قَتَلَا وَلِيَّهُ عَمْدًا بِحَدِيدَةٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِقَتْلِهِ وَحْدَهُ عَمْدًا وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا وَحْدَهُ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَعَلَى الْمُقِرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ وَحْدَهُ عَمْدًا، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الْقَتْلَ، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ عَمْدًا فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالْخَطَأِ، وَالْآخَرُ بِالْعَمْدِ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُمَا قَتَلَا وَلِيَّهُ عَمْدًا بِحَدِيدَةٍ وَلَهُ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: صَدَقْتَ، وَقَالَ الْآخَرُ: ضَرَبْتُهُ أَنَا خَطَأً بِالْعَصَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ عَلَيْهِمَا بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِمَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ هَاهُنَا اسْتِحْسَانٌ، وَإِذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْخَطَأَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَأَقَرَّا بِالْعَمْدِ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ، وَإِذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْخَطَأَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَقَرَّ بِالْخَطَأِ كَمَا ادَّعَى تَجِبُ الدِّيَةُ، وَلَوْ ادَّعَى الْخَطَأَ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالْعَمْدِ، وَالْآخَرُ بِالْخَطَأِ فَالْجَوَابُ فِيهِ، وَالْجَوَابُ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِالْخَطَأِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ ادَّعَى الْعَمْدَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: قَتَلْنَاهُ عَمْدًا وَجَحَدَ الْآخَرُ الْقَتْلَ أَصْلًا يُقْتَلُ الْمُقِرُّ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْخَطَأَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
لَوْ قَالَ رَجُلٌ أَنَا قَتَلْتُ وَفُلَانٌ وَلِيَّكَ عَمْدًا وَقَالَ فُلَانٌ: قَتَلْنَاهُ خَطَأً وَقَالَ الْوَلِيُّ لِلْمُقِرِّ بِالْعَمْدِ: قَتَلْتَهُ وَحْدَكَ عَمْدًا فَإِنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ عَمْدًا، وَإِنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الْخَطَأَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ