الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِحَجَرٍ عَظِيمٍ أَوْ خَشَبَةٍ عَظِيمَةٍ فَهُوَ عَمْدٌ وَشِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ غَالِبًا وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَمُوجَبُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ، وَكَفَّارَتُهُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَذَا فِي الْكَافِي وَهَذَا التَّغْلِيظُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ إذَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ مِنْهَا لَا مِنْ شَيْءٍ آخَرَ، وَمِنْ مُوجَبِ شِبْهِ الْعَمْدِ أَيْضًا حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شِبْهُ الْعَمْدِ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ مَا جُعِلَ شِبْهَ عَمْدٍ فِي النَّفْسِ فَهُوَ عَمْدٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْخَطَأُ عَلَى نَوْعَيْنِ: خَطَأٌ فِي الْقَصْدِ وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ شَخْصًا يَظُنُّهُ صَيْدًا فَإِذَا هُوَ آدَمِيٌّ أَوْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَإِذَا هُوَ مُسْلِمٌ وَخَطَأٌ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ غَرَضًا فَيُصِيبَ آدَمِيًّا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَمُوجِبُ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَتَحْرِيمُ الْمِيرَاثِ وَسَوَاءٌ قَتَلَ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ، وَلَا مَأْثَمَ فِيهِ فِي الْوَجْهَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ خَطَأً فِي الْقَصْدِ، أَوْ خَطَأً فِي الْفِعْلِ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ
فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَعَمَّدْتَ شَيْئًا مِنْ إنْسَانٍ فَأَصَبْتَ شَيْئًا آخَرَ مِنْهُ سِوَى مَا تَعَمَّدْتَهُ فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ، وَإِنْ أَصَبْتَ غَيْرَهُ يَعْنِي غَيْرَ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ فَهُوَ خَطَأٌ قَالَ هِشَامٌ: تَفْسِيرُ هَذَا: رَجُلٌ تَعَمَّدَ أَنْ يَضْرِبَ يَدَ رَجُلٍ فَأَخْطَأَ، وَأَصَابَ عُنُقَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَأَبَانَ رَأْسَهُ وَقَتَلَهُ فَهُوَ عَمْدٌ، وَفِيهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ أَرَادَ يَدَ هَذَا الرَّجُلِ فَأَصَابَ عُنُقَ غَيْرِهِ فَهُوَ خَطَأٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي الْبَقَّالِيِّ: إذَا قَصَدَ رَأْسَهُ بِالْعَصَا فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ ضَرْبَهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ كَفَّ رَجُلٍ فِي قِصَاصٍ لَهُ قَبْلَهُ - فَأَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ كَفَّهُ بِالسَّيْفِ فَأَصَابَ الْيَدَ مِنْ الْمَنْكِبِ فَأَبَانَهَا فَضَمَانُهُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ، وَلَا قِصَاصَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ كَفَّهُ، وَلَوْ رَمَى قَلَنْسُوَةً عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ، فَأَصَابَ الرَّجُلَ فَهَذَا خَطَأٌ قَالَ هِشَامٌ قُلْتُ: رَجُلٌ رَمَى إنْسَانًا بِسَهْمٍ فَأَخْطَأَ فَأَصَابَ السَّهْمُ حَائِطًا ثُمَّ عَادَ السَّهْمُ فَأَصَابَ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ، وَقَتَلَهُ قَالَ: هَذَا خَطَأٌ، وَلَوْ لَوَى ثَوْبًا فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ رَجُلٍ فَشَجَّهُ مُوضِحَةً فَهُوَ عَمْدٌ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ صَارَ خَطَأً ذَكَرَهُ فِي الْعُيُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَأَمَّا مَا جَرَى مَجْرَى الْخَطَأِ فَهُوَ مِثْلُ النَّائِمِ يَنْقَلِبُ عَلَى رَجُلٍ فَيَقْتُلُهُ فَلَيْسَ هَذَا بِعَمْدٍ، وَلَا خَطَأٍ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَمَنْ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ، أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ لَبِنَةٌ، أَوْ خَشَبَةٌ، وَأَصَابَتْ إنْسَانًا وَقَتَلَتْهُ، أَوْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ فَوَطِئَتْ دَابَّتُهُ إنْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ - وَحُكْمُهُ - حُكْمُ الْخَطَأِ مِنْ سُقُوطِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَأَمَّا الْقَتْلُ بِسَبَبٍ فَمِثْلُ حَفْرِ الْبِئْرِ وَوَضْعِ الْحَجَرِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ وَطِئَتْ دَابَّتُهُ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ، وَهُوَ سَائِقُهَا، أَوْ قَائِدُهَا فَهُوَ قَتْلٌ بِسَبَبٍ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَمُوجِبُهُ إذَا تَلِفَ بِهِ آدَمِيٌّ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَا حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يُقْتَلُ قِصَاصًا وَمَنْ لَا يُقْتَلُ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يُقْتَلُ قِصَاصًا، وَمَنْ لَا يُقْتَلُ) يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ كَذَا فِي الْكَنْزِ وَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى وَالْأُنْثَى بِالذَّكَرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَيُقْتَلُ الْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ وَيُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالذِّمِّيِّ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَالذِّمِّيُّ إذَا قَتَلَ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ بِحَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يُقْتَلُ مُسْتَأْمَنٌ بِمُسْتَأْمَنٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مُسْلِمٌ قَتَلَ مُرْتَدًّا، أَوْ مُرْتَدَّةً لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمُسْلِمُ إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا، وَهُمَا دَاخِلَانِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَنَا وَلَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ أَسِيرًا مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَلَا دِيَةَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ: عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُقْتَلُ الْكَبِيرُ بِالصَّغِيرِ وَالصَّحِيحُ بِالْأَعْمَى وَبِالزَّمِنِ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ قَتَلَ آخَرَ، وَهُوَ فِي النَّزْعِ قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا قِصَاصَ فِيمَا بَيْنَ الصِّبْيَانِ وَعَمْدُ
الصَّبِيِّ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ عِنْدَنَا حَتَّى تَجِبَ الدِّيَةُ فِي الْحَالَيْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ فِي فَصْلِ الْعَمْدِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ عِنْدَنَا، وَلَا يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ عِنْدَنَا، وَالْجَوَابُ فِي الْمَعْتُوهِ وَالْمَجْنُونِ إذَا قَتَلَ فِي حَالِ جُنُونِهِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الصَّبِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُقْتَلُ الصَّحِيحُ وَسَلِيمُ الْأَطْرَافِ بِالْمَرِيضِ وَنَاقِصِ الْأَطْرَافِ صُورَةً، أَوْ مَعْنًى كَالْأَشَلِّ وَنَحْوِهِ وَالْعَاقِلُ بِالْمَجْنُونِ، وَلَا يُقْتَلُ الْمَجْنُونُ بِالْعَاقِلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْقَاضِي إذَا قَضَى بِالْقِصَاصِ عَلَى الْقَاتِلِ فَقَبْلَ أَنْ يُدْفَعَ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ جُنَّ الْقَاتِلُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَتَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ جُنَّ الْقَاتِلُ بَعْدَ مَا قُضِيَ بِالْقِصَاصِ، وَدُفِعَ إلَى الْوَلِيِّ يُقْتَلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْعُيُونِ، وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ وَلَهُ، وَلِيٌّ فَلَمَّا قَضَى الْقَاضِي بِالْقِصَاصِ قَالَ الْقَاتِلُ: لِي حُجَّةٌ ثُمَّ جُنَّ الْقَاتِلُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي الْقِيَاسِ يُقْتَلُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُؤْخَذُ مِنْهُ الدِّيَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: مَنْ يُجَنُّ وَيُفِيقُ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا فِي حَالَةِ الْإِفَاقَةِ يُقْتَلُ كَالصَّحِيحِ، فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْجُنُونُ مُطْبَقًا سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطْبِقٍ لَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا ثُمَّ عَتِهَ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِالْقَتْلِ، وَهُوَ مَعْتُوهٌ فَإِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ لَا أَقْتُلَهُ، وَأَجْعَلَ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إذَا مَاتَ سَقَطَ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَيُقْتَلُ الْوَلَدُ بِالْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ وَالْجَدِّ، وَإِنْ عَلَا وَالْجَدَّةِ، وَإِنْ عَلَتْ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ، أَوْ الْأُمَّهَاتِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِابْنِهِ وَالْجَدُّ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَإِنْ عَلَا فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، وَكَذَا الْوَالِدَةُ وَالْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ قَرُبَتْ، أَوْ بَعُدَتْ كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ الدِّيَةُ بِقَتْلِ الِابْنِ عَمْدًا فِي أَمْوَالِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ كَانَ الْوَالِدُ قَتَلَ وَلَدَهُ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَمْلُوكًا لِإِنْسَانٍ فَقَتَلَهُ أَبُوهُ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِمَوْلَاهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَانَ فِي وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَلَدُ الْقَاتِلِ، أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفُلَ بَطَلَ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا أَبَاهُمَا عَمْدًا، وَالْآخَرُ أُمَّهُمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ قَتِيلِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولَيْنِ وَارِثٌ سِوَاهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِعَبْدِهِ، وَلَا مُدَبَّرِهِ، وَلَا مُكَاتَبِهِ، وَلَا بِعَبْدِ وَلَدِهِ وَكَذَا لَا يُقْتَلُ بِعَبْدٍ مَلَكَ بَعْضَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِمَوْلَاهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ قَتَلَ عَبْدَ الْوَقْفِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكُ مَنْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ كَالْأَبِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَالْعَامِدِ وَالْخَاطِئِ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّهْذِيبِ وَكَالْأَجْنَبِيِّ إذَا شَارَكَ الزَّوْجَ فِي قَتْلِ زَوْجَتِهِ، وَلَهُ وَلَدٌ مِنْهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا اشْتَرَكَ الرَّجُلَانِ فِي قَتْلِ رَجُلٍ أَحَدُهُمَا: بِعَصًا وَالْآخَرُ بِحَدِيدَةٍ فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَجِبُ الْمَالُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ يُجْعَلُ كَالْمُنْفَرِدِ بِهِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى صَاحِبِ الْحَدِيدَةِ فِي مَالِهِ، وَنِصْفُهَا عَلَى صَاحِبِ الْعَصَا عَلَى عَاقِلَتِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.
الْقِصَاصُ وَاجِبٌ بِقَتْلِ كُلِّ مَحْقُونِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ إذَا قَتَلَ عَمْدًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إلَّا بِالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ كَذَا فِي الْكَافِي حَتَّى إنَّ مَنْ حَرَقَ رَجُلًا بِالنَّارِ، أَوْ غَرَّقَهُ بِالْمَاءِ تُضْرَبُ عِلَاوَتُهُ بِالسَّيْفِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَطَعَ طَرَفَ إنْسَانٍ وَمَاتَ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ بِالسَّيْفِ، وَلَا يُقْطَعُ طَرَفُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ شَجَّهُ هَاشِمَةً، وَمَاتَ تُقْطَعُ عِلَاوَتُهُ بِالسَّيْفِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَمَنْ شَجَّ نَفْسَهُ وَشَجَّهُ رَجُلٌ، وَعَقَرَهُ أَسَدٌ، وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ ثُلُثُ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فَحَضَرَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِينَ قُتِلَ بِجَمَاعَتِهِمْ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ غَيْرُ
ذَلِكَ، وَإِنْ حَضَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قُتِلَ لَهُ وَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا عَمْدًا تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ كَذَا فِي الْكَافِي.
مَنْ ضَرَبَ - رَجُلًا بِمَرٍّ فَقَتَلَهُ، فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْحَدِيدِ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِالْعُودِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا إذَا أَصَابَهُ بِحَدِّ الْحَدِيدِ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِظَهْرِ الْحَدِيدِ فَعِنْدَهُمَا يَجِبُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ إذَا جُرِحَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَعَلَى هَذَا الضَّرْبُ بِصَنَجَاتِ الْمِيزَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَمَنْ جَرَحَ رَجُلًا فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلًا بِإِبْرَةٍ، وَمَا يُشْبِهُهَا عَمْدًا، فَمَاتَ لَا قَوَدَ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْمِسَلَّةِ وَنَحْوِهَا الْقَوَدُ وَقِيلَ: إنْ غُرِزَ بِالْإِبْرَةِ فِي الْمَقْتَلِ قُتِلَ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ عَضَّهُ حَتَّى مَاتَ ذُكِرَ فِي الْأَجْنَاسِ كُلُّ آلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهَا الزَّكَاةُ فِي الْبَهَائِمِ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْقِصَاصُ فِي الْآدَمِيِّ، وَمَا لَا فَلَا يَعْنِي لَا يَجِبُ بِالْعَضِّ، وَلَوْ ضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ، وَوَالَى فِي الضَّرَبَاتِ حَتَّى مَاتَ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
الْعَصَا الصَّغِيرُ إذَا وَالَى بِهِ فِي الضَّرَبَاتِ حَتَّى مَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ عِنْدَنَا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.
وَمَنْ ضَرَبَ رَجُلًا مِائَةَ سَوْطٍ فَبَرَأَ مِنْ تِسْعِينَ وَمَاتَ مِنْ عَشَرَةٍ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ بِضَرْبِ التِّسْعِينَ شَيْءٌ، وَظَاهِرُ الْجَوَابِ فِي كُلِّ جِرَاحَةٍ انْدَمَلَتْ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَوْجَبَ حُكُومَةَ الْعَدْلِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَوْجَبَ قِيمَةَ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ قَالُوا: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَرَأَ مِنْ تِسْعِينَ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ أَصْلًا، فَإِنْ بَقِيَ لَهُ أَثَرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ حُكُومَةُ الْعَدْلِ لِلْأَسْوَاطِ وَدِيَةٌ لِلْقَتْلِ، وَإِنْ ضَرَبَ رَجُلًا مِائَةَ سَوْطٍ وَجَرَحَهُ وَبَرَأَ مِنْهَا وَبَقِيَ لَهُ أَثَرٌ يَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ لِبَقَاءِ الْأَثَرِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ خَنَقَ رَجُلًا لَا يُقْتَلُ إلَّا إذَا كَانَ الرَّجُلُ خَنَّاقًا مَعْرُوفًا خَنَقَ غَيْرَ وَاحِدٍ فَيُقْتَلُ سِيَاسَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، فَإِنْ تَابَ مِنْ ذَلِكَ إنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِي يَدِ الْإِمَامِ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَإِنْ تَابَ بَعْدَ مَا وَقَعَ فِي يَدِ الْإِمَامِ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَهُوَ نَظِيرُ السَّاحِرِ إذَا تَابَ.
ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ زِيَادَاتِ الْأَصْلِ أَنَّ مَنْ غَرَّقَ إنْسَانًا بِالْمَاءِ إنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا لَا يَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا وَتُرْجَى مِنْهُ النَّجَاةُ بِالسِّبَاحَةِ فِي الْغَالِبِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ خَطَأُ الْعَمْدِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ عَظِيمًا إنْ كَانَ بِحَيْثُ تُمْكِنُهُ النَّجَاةُ مِنْهُ بِالسِّبَاحَةِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مَشْدُودٍ، وَلَا مُثْقَلٍ، وَهُوَ يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَمَاتَ يَكُونُ خَطَأَ الْعَمْدِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا تُمْكِنُهُ النَّجَاةُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ خَطَأُ الْعَمْدِ، وَلَا قِصَاصَ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا: هُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ أَخَذَ رَجُلٌ رَجُلًا فَقَمَطَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرُ فَرَسَبَ فِي الْمَاءِ، وَمَاتَ ثُمَّ طَفَا مَيِّتًا لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً، وَكَذَا لَوْ غَطَّهُ فِي الْبَحْرِ، أَوْ فِي الْفُرَاتِ فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ بِهِ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا طَرَحَ رَجُلًا مِنْ سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ، أَوْ فِي دِجْلَةَ، وَهُوَ لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَرَسَبَ لَا يُقْتَلُ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ ارْتَفَعَ سَاعَةً، وَسَبَحَ ثُمَّ غَرِقَ وَمَاتَ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، وَلَا دِيَةٌ وَكَذَا جَيِّدُ السِّبَاحَةِ فَأَخَذَ يَسْبَحُ سَاعَةَ طُرِحَ فِي الْبَحْرِ لِيَتَخَلَّصَ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْبَحُ حَتَّى فَتَرَ وَغَرِقَ وَمَاتَ فَلَا قَوَدَ، وَلَا دِيَةَ، وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ طُرِحَ فِي الْمَاءِ، وَلَا يُدْرَى مَاتَ، أَوْ خَرَجَ، وَلَمْ يُرَ لَهُ أَثَرٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَلَوْ أَنَّهُ اُرْتُمِسَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا وَانْغُمِسَ وَبِهِ حَيَاةٌ، وَلَمْ يُدْرَ مَا حَالُهُ، وَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي صَنَعَ شَيْءٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا أَحْمَى تَنُّورًا فَأَلْقَى فِيهَا إنْسَانًا أَوْ أَلْقَاهُ فِي نَارٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهَا فَأَحْرَقَتْهُ النَّارُ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْإِحْمَاءَ يَكْفِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ نَارٌ قَالَ الْبَقَّالِيُّ فِي فَتَاوَاهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ أَلْقَاهُ فِي النَّارِ ثُمَّ أُخْرِجَ وَبِهِ رَمَقٌ فَمَكَثَ أَيَّامًا، وَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ يَجِيءُ، وَيَذْهَبُ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْتَلْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَمَطَ رَجُلًا ثُمَّ - أَغْلَى لَهُ مَاءً فِي قِدْرٍ ضَخْمَةٍ حَتَّى إذَا صَارَ كَأَنَّهُ نَارٌ أَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ، فَسُلِخَ سَاعَةَ أَلْقَاهُ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ حَارًّا لَا يَغْلِي غَلَيَانًا شَدِيدًا فَأَلْقَاهُ فِيهِ ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ مَاتَ وَقَدْ تَنَفَّطَ جَسَدُهُ أَيْ
صَارَ بِهِ نَفْطَةٌ، أَوْ نَضَّجَهُ الْمَاءُ قُتِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ هُوَ أُخْرِجَ مِنْ الْقِدْرِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَقَدْ انْسَلَخَ وَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ، أَوْ مِنْ يَوْمِهِ، أَوْ مَكَثَ أَيَّامًا مَضَيْنَ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ تَمَاثَلَ حَتَّى يَجِيءَ، وَيَذْهَبَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُقْتَلْ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَلْقَى رَجُلًا فِي مَاءٍ بَارِدٍ فِي يَوْمِ الشِّتَاءِ فَكُزَّ، وَيَبِسَ سَاعَةَ أَلْقَاهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَرَّدَهُ، فَجَعَلَهُ فِي سَطْحٍ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ مِنْ الْبَرْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَمَطَهُ، وَجَعَلَهُ فِي الثَّلْجِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَمَطَ رَجُلًا، أَوْ صَبِيًّا ثُمَّ وَضَعَهُ فِي الشَّمْسِ فَلَمْ يَتَخَلَّصْ حَتَّى مَاتَ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِذَا أَلْقَاهُ مِنْ سَطْحٍ، أَوْ جَبَلٍ، أَوْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا خَطَأُ الْعَمْدِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا إنْ كَانَ مَوْضِعًا تُرْجَى مِنْهُ النَّجَاةُ غَالِبًا فَهُوَ خَطَأُ الْعَمْدِ، وَإِنْ كَانَ لَا تُرْجَى مِنْهُ النَّجَاةُ، فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِهِ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا سَقَى رَجُلًا سُمًّا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَوْجَرَهُ إيجَارًا عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ، أَوْ نَاوَلَهُ ثُمَّ أَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِهِ حَتَّى شَرِبَ، أَوْ نَاوَلَهُ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَوْجَرَهُ، أَوْ نَاوَلَهُ وَأَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِهِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ، وَإِذَا نَاوَلَهُ فَشَرِبَ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، وَلَا دِيَةٌ سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّارِبُ بِكَوْنِهِ سُمًّا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيَرِثُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِآخَرَ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ طَيِّبٌ فَأَكَلَهُ، فَإِذَا هُوَ مَسْمُومٌ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ رَجُلًا، فَقَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ فِي بَيْتٍ حَتَّى مَاتَ جُوعًا فَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أُوجِعُهُ عُقُوبَةً، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَفَنَهُ فِي قَبْرٍ حَيًّا فَمَاتَ يُقْتَلُ بِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ أَدْخَلَ نَائِمًا، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ ضَمِنَ فِي الصَّبِيِّ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ دُونَ النَّائِمِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي جِنَايَاتِ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَمَّطَ رَجُلًا فَطَرَحَهُ قُدَّامَ سَبُعٍ فَقَتَلَهُ السَّبُعُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ قَوَدٌ، وَلَا دِيَةٌ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُضْرَبُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَأَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنْ يُحْبَسَ أَبَدًا حَتَّى يَمُوتَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَدْخَلَ رَجُلًا فِي بَيْتٍ، وَأَدْخَلَ مَعَهُ سَبُعًا، وَأَغْلَقَ عَلَيْهِمَا الْبَابَ فَأَخَذَ الرَّجُلَ السَّبُعُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، أَوْ لَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ أَدْخَلَ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ مَعَهُ، أَوْ كَانَتَا فِي الْبَيْتِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِصَبِيٍّ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا شَقَّ - رَجُلٌ بَطْنَ رَجُلٍ، وَأَخْرَجَ أَمْعَاءَهُ ثُمَّ ضَرَبَ رَجُلٌ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي ضَرَبَ الْعُنُقَ، وَيُقْتَصُّ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ، وَعَلَى الَّذِي شَقَّ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ الشَّقُّ نَفَذَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَثُلُثَا الدِّيَةِ هَذَا إذَا كَانَ مِمَّا يَعِيشُ بَعْدَ شَقِّ الْبَطْنِ يَوْمًا، أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، فَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ، وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الْحَيَاةُ مَعَهُ، وَلَا يَبْقَى مَعَهُ إلَّا اضْطِرَابُ الْمَوْتِ فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي شَقَّ الْبَطْنَ وَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ، وَاَلَّذِي ضَرَبَ الْعِلَاوَةَ يُعَزَّرُ، وَكَذَا لَوْ جُرِحَ رَجُلٌ جِرَاحَةً مُثْخِنَةً لَا يُتَوَهَّمُ الْعَيْشُ مَعَهَا، وَجَرَحَهُ آخَرُ جِرَاحَةً أُخْرَى فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي جَرَحَ الْجِرَاحَةَ الْمُثْخِنَةَ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَتَانِ عَلَى التَّعَاقُبِ، فَإِنْ كَانَتَا مَعًا فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ رَجُلٌ عَشْرَ جِرَاحَاتٍ، وَالْآخَرُ جَرَحَهُ جِرَاحَةً وَاحِدَةً فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَطَعَ عُنُقَ الرَّجُلِ وَبَقِيَ شَيْءٌ قَلِيلٌ مِنْ الْحُلْقُومِ، وَفِيهِ الرُّوحُ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَيِّتٌ فَلَوْ مَاتَ ابْنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَرِثَهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَرِثْ هُوَ مِنْ ابْنِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي الْمُنْتَقَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا ثُمَّ إنَّ الْمَقْطُوعَةَ يَدُهُ قَتَلَ ابْنَ الْقَاطِعِ عَمْدًا ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ مِنْ الْقَطْعِ فَعَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصُ لِوَلِيِّ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ فِيهَا الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ، فَقَالَ: الْقِيَاسُ أَنَّ عَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا قِصَاصَ