الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مَحْضَرٌ فِيهِ اسْتِحْقَاقُ جَارِيَةٍ اسْمُهَا دلبر) فَحِينَ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُثْبِتَ الِاسْتِحْقَاقَ عِنْدَ الْقَاضِي لِيَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ ذَكَرَ اسْمَ الْجَارِيَةِ (بنفشه) فَقَالَ الْبَائِعُ: مَا بِعْتُ مِنْكَ جَارِيَةً اسْمِهَا (بنفشه) وَإِنَّمَا بِعْتُ جَارِيَةً اسْمَهَا (دلبر) فَقَدْ قِيلَ: الْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي، وَلَا يُمَكِّنُهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُنْكِرُ بَيْعَ الْجَارِيَةِ بِالِاسْمِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، وَقَدْ قِيلَ الْقَاضِي يَسْمَعُ دَعْوَاهُ، إذَا قَالَ: أَرْجِعُ عَلَيْكَ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْك لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهَا اسْمَانِ (بنفشه) وَ (دلبر)، وَلَوْ كَانَ قَالَ: أَرْجِعُ عَلَيْكَ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْكَ وَاسْتُحِقَّتْ عَلَيَّ يَسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَإِذَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقَضَى لَهُ بِالثَّمَنِ.
[مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ]
(مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ) وَصُورَةُ ذَلِكَ جَرَى الْحُكْمُ مِنْ الْقَاضِي فُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِاسْتِحْقَاقِ حِمَارٍ كَانَ اشْتَرَاهُ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ كَانَ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ أَوْ بِالْمِلْكِ بِسَبَبٍ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى إقْرَارِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى نَفْسِ الدَّعْوَى وَالْحُكْمُ يَخْتَلِفُ.
[مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى ثَمَنِ عَيْنٍ مُسَمَّاةٍ]
(مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى ثَمَنِ عَيْنٍ مُسَمَّاةٍ) وَكَانَ الْمَذْكُورُ فِي آخِرِ الدَّعْوَى فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِتَصِحَّ دَعْوَى الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ.
وَلَا يَبْقَى الثَّمَنُ وَاجِبًا عَلَى الْمُشْتَرِي. وَالثَّانِي - أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي آخِرِ الدَّعْوَى فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَالثَّمَنُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الْبَيْعِ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي الْأَمَانَاتِ وَالْوَدَائِعِ الْوَاجِبُ هُوَ التَّخْلِيَةُ دُونَ التَّسْلِيمِ وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي فَاسِدٌ غَايَةَ الْفَسَادِ. أَمَّا الْأَوَّلُ - فَلِأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ بِالدَّرَاهِمِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي يُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا. وَأَمَّا الثَّانِي - فَلِأَنَّ الثَّمَنَ وَاجِبٌ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَالْوَاجِبُ فِي الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ أَمَانَةً، وَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا الْقَوْلُ، وَأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ جَمِيعُ مَالِ الْمُشْتَرِي لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الثَّمَنُ.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) فِيهِ دَعْوَى دَنَانِيرَ نَيْسَابُورِيَّةٍ جَيِّدَةٍ حَمْرَاءَ ثَمَنَ دُهْنِ مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ اشْتَرَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَبَضَ الدُّهْنَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ وَذَكَرُوا قَبْضَ الدُّهْنِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ جَمِيعًا (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ فِي دَعْوَاهُ وَالشُّهُودَ فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الدُّهْنِ هَلْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَلَا يَجِبُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهَذَا لَيْسَ بِخَلَلٍ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا دَعْوَى الدَّيْنِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الدُّهْنَ مَقْبُوضٌ، أَلَا يُرَى أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَذْكُرُوا مِقْدَارَ الدُّهْنِ تَصِحُّ الدَّعْوَى، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا قَبْضَهُ فَإِنَّمَا تَصِحُّ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ دَعْوَى الدَّيْنِ.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَ مِنِّي كَذَا كَذَا حِنْطَةً بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَشَهِدَ الْآخِرُ بِالْبَيْعِ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، فَقِيلَ: الشَّهَادَةُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِيهَا، وَقِيلَ: لَوْ صَحَّتْ الدَّعْوَى كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ مَقْبُولَةً؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْعِشْرِينَ لَفْظًا وَمَعْنَى، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَ بِعَقْدٍ غَيْرِ الْعَقْدِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ صَاحِبُهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ غَيْرُ الْعَقْدِ بِعِشْرِينَ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَتَحَالَفَانِ.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ كَذَا كَذَا أَقْفِزَةً حِنْطَةً، وَقَالَ فِي دَعْوَاهُ (واين مُدَّعَى عَلَيْهِ اززمين مُسْتَأْجَر مِنْ أَيْنَ مبلغ كندم بِرِدِّهِ است بنا حَقّ) فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيَّ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الدَّعْوَى (أَيْنَ مبلغ كندم يرده است ازمزرعه مِنْ يَا ازمزرعه مَزَارِع مِنْ) وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ لِتَصِحَّ مِنْهُ دَعْوَى الْمُطَالَبَةِ بِالتَّسْلِيمِ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الزَّرْعُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ لَا لِهَذَا الْمُدَّعِي، وَإِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ مَزْرُوعٌ مُزَارَعَةً، هَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْمُزَارِعِ وَنَسَبِهِ؟ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ عُرِضَ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى أَرْبَعَةِ آلَافِ دِينَارٍ وَالْمَكْتُوبُ فِي لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ ظَاهِرَةٌ، فَقِيلَ: نَسِيَ (هزار) فَقَالَ: إذَا نَسِيَ فَقَدْ فَسَدَ الْمَكْتُوبُ، وَقِيلَ: يَجِبُ أَنْ تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَقَدْ مَرَّ جِنْسُ هَذَا.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ) ، وَذَكَرَ قِيمَتَهَا جُمْلَةً، وَلَمْ يُبَيِّنْ قِيمَةَ كُلِّ عَيْنٍ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ اكْتَفَى بِالْإِجْمَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ التَّفْصِيلَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاصِلِ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ قَائِمَةً، أَوْ مُسْتَهْلَكَةً، فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِحْضَارِ عِنْدَ الدَّعْوَى، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ الْقِيمَةِ، وَقَدْ مَرَّ جِنْسُ هَذَا، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ قِيمَةَ كُلِّ عَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ بِاسْتِهْلَاكِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَعْيَانِ وَيُنْكِرُ الْبَعْضَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ الْقَاضِي أَنَّهُ بِأَيِّ قَدْرٍ يَقْضِي مَعَ هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ خَلَلًا فِي الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى دَيْنًا وَبَيَّنَ قَدْرَهُ.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى النَّاقَةِ) وَالْمَكْتُوبُ فِي الْمَحْضَرِ الْجَمَلُ، وَأَنَّهُ يُوجِبُ الْفَسَادَ لِمَكَانِ التَّجْهِيلِ فِي الْوَصْفِ، وَلِذَلِكَ لَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي نَاقَةٍ وَجَمَلٍ وَكَتَبَ فِي الْمَحْضَرِ نَاقَتَيْنِ أَوْ جَمَلَيْنِ يُرَدُّ الْمَحْضَرُ لِمَا قُلْنَا، وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ تَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ، وَعِنْدَ الْإِشَارَةِ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الْأَوْصَافِ
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ ادَّعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَنَّهُ قَطَعَ مِنْ أَشْجَارِ كَرْمِهِ كَذَا كَذَا وِقْرًا مِنْ الْحَطَبِ قِيمَتُهَا كَذَا وَغَصَبَ مِنْ كَرْمِهِ كَذَا كَذَا وِقْرًا مِنْ الْأَعْنَابِ (فَرُدَّ الْمَحْضَرُ) بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ نَوْعٍ الْعِنَبِ وَالْحَطَبِ، فَقِيلَ: هَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ فِي الْعِنَبِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي الْحَطَبِ؛ لِأَنَّ الْحَطَبَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَيُبَيِّنُ مِقْدَارَ قِيمَةِ الْحَطَبِ وَيَكْتَفِي بِهِ، وَقِيلَ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَوْزِ وَالْفِرْصَادِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْخِلَافِ، وَكَذَلِكَ قِيمَةُ الْيَابِسِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الرَّطْبِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ نَوْعَ الْحَطَبِ مَعَ مِقْدَارِ الْقِيمَةِ حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ هُوَ صَادِقٌ فِي تَعْيِينِ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْقِيمَةِ.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى امْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا) وَصُورَتُهُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهَا كَذَا كَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ قَبْضًا يُوجِبُ عَلَيْهِ الرَّدَّ عَلَيْهَا وَأَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْهَا إقْرَارًا صَحِيحًا، وَهُوَ طَائِعٌ غَيْرُ مُكْرَهٍ، وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ ذِكْرِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا ذَكَرَ أَنَّهُ قَبَضَ قَبْضًا يُوجِبُ عَلَيْهِ الرَّدَّ عَلَيْهَا.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ
السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَدَارُ الْأَمْرِ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ، وَلَيْسَ فِيهِ إضَافَةُ إقْرَارِهِ إلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَوْ نَحْوِهِ حَتَّى يَنْصَرِفَ ذَلِكَ إلَى الْأَوَّلِ بَلْ هُوَ إقْرَارٌ مُسْتَأْنَفٌ مُطْلَقٌ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ لَا مَحَالَةَ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى، قِيلَ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ الدَّعْوَى، وَهُوَ الْأَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ الْمُطْلَقَ سَبَبٌ لِضَمَانِ الرَّدِّ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا فَصَارَ وُجُوبُ الرَّدِّ كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ الْمُطْلَقِ، أَلَا يُرَى إلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: غَصَبْتَنِي هَذَا الثَّوْبَ، وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: أَخَذْتُهُ مِنْكَ وَدِيعَةً أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَالْمُقِرُّ ضَامِنٌ مَعَ أَنَّ الْمُقِرَّ هُنَاكَ نَصَّ عَلَى الْأَخْذِ وَدِيعَةً فَهُنَا أَوْلَى.
(عُرِضَ مَحْضَرٌ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) وَصُورَةُ ذَلِكَ ادَّعَى رَجُلٌ أَعْيَانًا مِنْ الْأَمْوَالِ عَلَى رَجُلٍ وَمِنْهَا قَمِيصٌ قَدْ كَانُوا بَيَّنُوا جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ وَصِفَتَهُ وَقِيمَتُهُ وَسَرَاوِيلُ بَيَّنُوا نَوْعَهَا وَجِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَقِيمَتُهَا قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ (مرداته) أَوْ (زنانه وازخر دوكلان)، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَائِمَةً لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهَا مَجْلِسَ الدَّعْوَى لِلْإِشَارَةِ إلَيْهَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ ذِكْرِ الْقِيمَةِ
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى النُّحَاسِ الْمُكَسَّرِ) وَكَانَ الْغَاصِبُ فِي بِلْدَةِ مَرْوَ وَالدَّعْوَى بِبُخَارَى فَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَنَوْعٌ هُوَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَكُلُّ نَوْعٍ عَلَى نَوْعَيْنِ أَيْضًا نَوْعٌ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَنَوْعٌ لَا حَمْلَ لَهُ، وَلَا مُؤْنَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَغْصُوبُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ.
نَحْوُ الدَّابَّةِ وَالْخَادِمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَقِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَالْمَغْصُوبُ قَائِمٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ مِثْلَ الْقِيمَةِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَأْخُذُ عَيْنَ مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْغَاصِبَ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ عَيْنُ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَالْمَغْصُوب مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ بِهِ حَتَّى يَذْهَبَ الْغَاصِبُ بِالْمَغْصُوبِ إلَى بَلْدَةِ الْغَصْبِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ، وَهَذَا لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْعَيْنَ فَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ عَيْنُ مِلْكِهِ مَعَ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ مِنْ قِبَلِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْأَشْيَاءِ مُتَفَاوِتَةٌ بِتَفَاوُتِ الْأَمْكِنَةِ، وَهَذَا التَّفَاوُتُ إنَّمَا حَصَلَ بِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ، وَهُوَ نَقْلُهُ إلَى هَذَا الْمَكَانِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَلْتَزِمَ الضَّرَرَ بِأَخْذِ الْعَيْنِ وَلَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ الضَّرَرَ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ يَنْتَظِرَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَقِيَهُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ، وَقَدْ انْتَقَصَ السِّعْرُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ مَا حَصَلَ بِفِعْلٍ مُضَافٍ إلَى الْغَاصِبِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنًى رَاجِعٍ إلَى رَغَبَاتِ النَّاسِ فَلَا يَضْمَنُ أَمَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخِرَ فَهَذَا النُّقْصَانُ حَصَلَ مُسْتَنِدًا إلَى فِعْلِ الْغَاصِبِ، وَهُوَ النَّقْلُ فَأَمْكَنَ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَقِيَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي بَلْدَةِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ فَالْغَاصِبُ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ إلَّا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ.
وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَلَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ كَالْكُرِّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ
وَكَالنُّحَاسِ الْمُكَسَّرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَقِيَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ مِثْلَ السِّعْرِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَقَلَّ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ مِثْلَ السِّعْرِ فِي بَلْدَةِ الْخُصُومَةِ فَالْغَاصِبُ يَبْرَأُ بِرَدِّ الْمِثْلِ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَيْضًا يُطَالِبُهُ بِرَدِّ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِرَدِّ الْمِثْلِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بِقِيمَتِهِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ.
وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ فَلِلْغَاصِبِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِثْلَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ إلَّا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَلَوْ أَلْزَمْنَا الْغَاصِبَ تَسْلِيمَ الْمِثْلِ عَلَى التَّعْيِينِ يَسْتَضِرُّ بِهِ الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ قِيمَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَخَيَّرْنَاهُ بَيْنَ إعْطَاءِ الْمِثْلِ فِي الْحَالِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الْقِيمَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ لِلْحَالِ، إذَا عَرَفْتَ جَوَابَ هَذِهِ الْفُصُولِ خَرَجَ جَوَابُ الْمَحْضَرِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النُّحَاسِ بِبُخَارَى مِثْلَ قِيمَةِ النُّحَاسِ بِمَرْوَ فَحَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي ذَلِكَ النُّحَاسِ، فَإِنْ ادَّعَى الْمِثْلَ صَحَّ دَعْوَاهُ وَمَا لَا فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النُّحَاسِ بِمَرْوَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِبُخَارَى فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِقِيمَتِهِ بِمَرْوَ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فَأَيُّ ذَلِكَ شَاءَ وَعَيَّنَهُ وَادَّعَاهُ يَصِحُّ دَعْوَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِبُخَارَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِمَرْوَ وَيُطَالِبُ الْغَاصِبَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ الْغَاصِبُ وَيَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: أَدِّ أَيَّهُمَا شِئْتَ، إمَّا قِيمَتَهُ بِمَرْوَ وَإِمَّا مِثْلَهُ فِي الْحَالِ.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْجَدِّ فَأُجِيبَ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ، وَفِي الْحَاضِرِ الْإِشَارَةُ تَكْفِي، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الِاسْمِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْجَدِّ، وَأَمَّا فِي الْغَائِبِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الصَّحِيحُ.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى وَرَثَةِ زَوْجِهَا بَقِيَّةَ مَهْرِهَا الَّذِي كَانَ لَهَا، وَأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ لَهَا بِذَلِكَ طَائِعًا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَهَا ذَلِكَ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَزِيَادَةٌ، وَفِيهِ جَوَابُ الْإِمَامِ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْفَسَادِ بِعِلَّةِ أَنَّهَا لَمْ تُبَيِّنْ أَعْيَانَ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ وَتَعْرِيفِهَا بِمَا يَقَعُ بِهِ الْمَعْرِفَةُ نَحْوُ ذِكْرِ الْحُدُودِ فِي الْمَحْدُودَاتِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْضُهُمْ شَرَطُوا بَيَانَ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْحَاكِمُ أَحْمَدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي شُرُوطِهِ ذَكَرَ فِي سِجِلِّ إثْبَاتِ الدَّيْنِ، إنْ أَجْمَلَ كَانَ كَافِيًا، وَإِنْ بَيَّنَ وَفَسَّرَ كَانَ أَحْوَطَ، وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَشْتَرِطْ بَيَانَ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْوَفَاءِ بِالدَّيْنِ وَالْخَصَّافُ ذَكَرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ مِثْلَ مَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ لِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ وَالْقَضَاءِ بِهِ، وَلَكِنْ إنَّمَا يَأْمُرُ الْقَاضِي الْوَارِثَ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ إذَا ثَبَتَ وُصُولُ التَّرِكَةِ إلَيْهِمْ، وَعِنْدَ إنْكَارِهِمْ وُصُولُ التَّرِكَةِ إلَيْهِمْ لَا يُمْكِنُ لِلْمُدَّعِي إثْبَاتُهُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ وَهَكَذَا حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) فِيهِ ذِكْرُ إقْرَارٍ بِمَالٍ فَرَدَّهُ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِطَوْعٍ