الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ إذَا لَمْ تَكُنْ لِقَاتِلِ الْخَطَأِ عَاقِلَةٌ]
(فَصْلٌ) إذَا لَمْ تَكُنْ لِقَاتِلِ الْخَطَأِ عَاقِلَةٌ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَكَذَا الْعَمْدُ الْمَحْضُ إذَا أَوْجَبَ الدِّيَةَ يَجِبُ فِي مَالِهِ فِي النَّفْسِ، وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَالْخَطَأُ فِيهِمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَشِبْهُ الْعَمْدِ فِي النَّفْسِ يُوجِبُ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ بَلَغَ دِيَةً تَامَّةً كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.، وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَتَتَحَمَّلُ نِصْفَ الْعُشْرِ، فَصَاعِدًا كَذَا فِي الْكَافِي.
وَمَا وَجَبَ بِالْعَمْدِ الَّذِي تَمَكَّنَ فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ بِالصُّلْحِ مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالٍ أَوْ بِالْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَتْلِ خَطَأً أَوْ مَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ أَوْ مَا يَجِبُ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بَلْ يَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَفِي الْعَبْدِ عَلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. .
وَلَا تَعْقِلُ عَاقِلَةُ الْمَوْلَى شَيْئًا مِنْ جِنَايَةِ الْعَبْدِ، وَالْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ مَا لَزِمَ بِاعْتِرَافِ الْجَانِي إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوا هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
، وَأَمَّا حُكُومَةُ الْعَدْلِ إنْ كَانَتْ دُونَ أَرْشٍ الْمُوضِحَةِ أَوْ مِثْلَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ لَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِيَقِينٍ، فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الصَّحِيحُ أَنْ لَا تَتَحَمَّلَهَا الْعَاقِلَةُ، وَأَمَّا الْمُفَصَّلُ، فَلَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكُلُّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ فِي الْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ عَمْدٍ دَخَلَهُ شُبْهَةٌ، فَهُوَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ الثُّلُثُ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ خَطَأٍ كَانَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَوْ صُولِحَ مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالٍ، فَهُوَ فِي مَالِ الْجَانِي حَالًّا إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْأَجَلُ قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ الدِّيَةِ وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْجَانِي، فَذَلِكَ الْجُزْءُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ الثُّلُثُ، وَذَلِكَ كَعَشَرَةٍ قَتَلُوا رَجُلًا خَطَأً، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَمَّدُوا، وَلَكِنَّ أَحَدَهُمْ أَبُو الْمَقْتُولِ، فَفِي مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ عُشْرُ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِذَا كَانَ الْوَاجِبُ بِالْفِعْلِ ثُلُثَ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ أَقَلَّ كَانَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]
(الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قُتِلَ، فَجَاءَ رَجُلٌ، وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدَهُ، فَأَعْتَقَهُ، وَهُوَ حُرٌّ الْيَوْمَ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ قُضِيَ لِوَارِثِهِ بِالْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ، وَبِالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، فَلِمَوْلَاهُ قِيمَتُهُ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا جَرَحَ الرَّجُلُ عَمْدًا ثُمَّ أَشْهَدَ الْمَجْرُوحُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَجْرَحْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْ ذَلِكَ هَلْ يَصِحُّ هَذَا الْإِشْهَادُ قَالُوا: هَذَا عَلَى، وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ تَكُونَ جِرَاحَةُ فُلَانٍ مَعْلُومَةً عِنْدَ النَّاسِ وَالْقَاضِي، أَوْ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً، فَهَذَا الْإِشْهَادُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ، فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ جِرَاحَةُ فُلَانٍ مَعْلُومَةً مَعْرُوفَةً عِنْدَ الْقَاضِي، وَالنَّاسِ كَانَ الْإِشْهَادُ صَحِيحًا، فَإِنْ أَقَامَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ جُرِحَ، فَقَالَ: قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ، فَأَقَامَتْ وَرَثَتُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ رَجُلٌ جُرِحَ، فَقَالَ فُلَانٌ: جَرَحَنِي ثُمَّ مَاتَ، فَأَقَامَ ابْنُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنٍ لَهُ آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ خَطَأً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ، وَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَإِنْ كَانَا خَطَأً، فَإِنْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ صَاحِبِهِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ، فَلَا شَيْءَ لِأَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ عَبْدًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ، فَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ، وَيَبْطُلُ حَقُّ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ عَمَّا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ عَبْدًا، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَعَلَى الْعَبْدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ فِي رَقَبَتِهِ، فَإِذَا مَاتَ، فَقَدْ هَلَكَ، وَأَخْلَفَ بَدَلًا عَنْ نِصْفِهِ، وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ
فَيَسْتَوْفِي وَلِيُّ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ مِنْ عَاقِلَةِ الْحُرِّ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ قَدْرَ نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَيَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الزِّيَادَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَا مَاشِيَيْنِ، فَاصْطَدَمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ.
وَلَوْ جَاءَ رَاكِبٌ خَلْفَ سَائِرِ، فَصَدَمَهُ، فَعَطِبَ الْجَانِي لَا ضَمَانَ عَلَى السَّائِرِ، وَلَوْ عَطِبَ السَّائِرُ، فَضَمَانُهُ عَلَى مَنْ جَاءَ خَلْفَهُ، وَكَذَلِكَ فِي السَّفِينَتَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَارِسَانِ اصْطَدَمَا أَحَدُهُمَا يَسِيرُ، وَالْآخَرُ وَاقِفٌ وَكَذَلِكَ الْمَاشِي، وَالْوَاقِفُ اصْطَدَمَا، فَعَلَى السَّائِرِ وَالْمَاشِي الْكَفَّارَةُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْوَاقِفِ، وَيَرِثُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ اصْطَدَمَتْ السَّفِينَتَانِ إنْ كَانَ بِفِعْلِ الرَّاكِبِ، وَالْمَلَّاحِ ضُمِّنَ، وَلَا ضَمَانَ فِي الْأَنْفُسِ، وَفِي الْمَالِ يَضْمَنُ الْمَلَّاحُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ مَدَّا حَبْلًا، فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ، فَسَقَطَا، وَمَاتَا قَالَ: إنْ سَقَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْقَفَا هُدِرَ دَمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ سَقَطَا عَلَى الْوَجْهِ، وَمَاتَا يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ صَاحِبِهِ، وَإِنْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَفَا، وَالْآخَرُ عَلَى الْوَجْهِ، فَإِنَّهُ يُهْدَرُ دَمُ الَّذِي سَقَطَ عَلَى الْقَفَا، وَوَجَبَ عَلَى عَاقِلَتِهِ دَمُ الَّذِي سَقَطَ عَلَى الْوَجْهِ، وَإِنْ جَاءَ أَجْنَبِيٌّ، وَقَطَعَ الْحَبْلَ حَتَّى سَقَطَا، وَمَاتَا يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ دِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُرٌّ مَعَهُ سَيْفٌ، وَعَبْدٌ مَعَهُ عَصًا، فَالْتَقَيَا، وَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ حَتَّى قُتِلَ فَمَاتَا، وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمَا بَدَأَ بِالضَّرْبِ فَلَيْسَ عَلَى، وَرَثَةِ الْحُرِّ، وَلَا عَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ السَّيْفُ بِيَدِ الْعَبْدِ، وَالْعَصَا بِيَدِ الْحُرِّ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَلَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ عَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَصًا، وَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَشَجَّهُ مُوضِحَةً ثُمَّ مَاتَا، وَلَا يُدْرَى مَنْ الَّذِي بَدَأَ بِالضَّرْبِ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ قِيمَةُ الْعَبْدِ صَحِيحًا لِمَوْلَاهُ ثُمَّ يُقَالُ لِمَوْلَاهُ: ادْفَعْ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةَ الشَّجَّةِ إلَى وَلِيِّ الْحُرِّ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ، فَجَذَبَ الرَّجُلُ يَدَهُ، فَانْفَلَتَتْ يَدُهُ إنْ كَانَ أَخَذَ يَدَهُ لِلْمُصَافَحَةِ، فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ مِنْ الْيَدِ، وَإِنْ كَانَ غَمَزَهَا، فَتَأَذَّى فَجَذَبَهَا، فَأَصَابَهُ ذَلِكَ ضَمِنَ أَرْشَ الْيَدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ، فَجَذَبَ الْآخَرُ يَدَهُ، فَسَقَطَ الْجَاذِبُ، فَمَاتَ نَظَرْتُ إنْ كَانَ أَخَذَهَا لِيُصَافِحَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِيَعْصِرَهَا، فَآذَاهُ، فَجَذَبَهَا ضَمِنَ الْمُمْسِكُ لَهَا دِيَتَهُ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ يَدُ الْمُمْسِكِ لَمْ يَضْمَنْ الْجَاذِبُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمْسَكَ رَجُلًا حَتَّى قَتَلَهُ رَجُلٌ قُتِلَ الَّذِي وَلِيَ الْقَتْلَ، وَحُبِسَ الْمُمْسِكُ فِي السِّجْنِ، وَعُوقِبَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمَنْ أَمْسَكَ رَجُلًا حَتَّى جَاءَ آخَرُ، وَأَخَذَ دَرَاهِمَهُ فَضَمَانُ الدَّرَاهِمِ عَلَى الْآخِذِ عِنْدَنَا لَا عَلَى الْمُمْسِكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ، فَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ، فَانْشَقَّ ثَوْبُهُ مِنْ جُلُوسِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نِصْفَ الثَّوْبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ، فَأَذِنَ لَهُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى وِسَادَةٍ، فَجَلَسَ عَلَيْهَا، فَإِذَا بِجَنْبِهَا قَارُورَةٌ، وَفِيهَا دُهْنٌ لَا يَعْلَمُ، فَانْدَقَّتْ، وَذَهَبَ الدُّهْنُ ضَمِنَ الْجَالِسُ الدُّهْنَ، وَمَا تَخَرَّقَ مِنْ الْوِسَادَةِ وَفَسَدَ، وَلَوْ كَانَتْ الْقَارُورَةُ تَحْتَ مُلَاءَةٍ قَدْ غَطَّاهَا، فَأَذِنَ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِالْجُلُوسِ عَلَى سَطْحٍ، فَانْخَسَفَ بِهِ، فَوَقَعَ عَلَى مَمْلُوكِ الْآذِنِ ضَمِنَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ فِي الْوِسَادَةِ كَمَا فِي الْمُلَاءَةِ قَالَ: هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ، وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي إجَارَاتِ الْقُدُورِيِّ إذَا دَعَا الرَّجُلُ قَوْمًا إلَى مَنْزِلِهِ، فَمَشَوْا عَلَى بِسَاطِهِ أَوْ جَلَسُوا عَلَى وِسَادَتِهِ، فَتَخَرَّقَ لَمْ يَضْمَنُوا، وَلَوْ وَطِئُوا آنِيَةً، وَثَوْبًا لَا يُبْسَطُ مِثْلُهُ ضَمِنُوا، وَلَوْ قَلَبُوا إنَاءً بِأَيْدِيهِمْ، فَانْكَسَرَ لَمْ يَضْمَنُوا، وَلَوْ كَانَ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا، فَخَرَقَ السَّيْفُ الْوِسَادَةَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي مُتَفَرِّقَاتِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ فِيمَنْ حَضَرَهُ ضَيْفٌ، فَأَمَرَ الضَّيْفَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى وِسَادَةٍ، فَجَلَسَ، فَإِذَا تَحْتَ الْوِسَادَةِ صَبِيٌّ صَغِيرٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ، فَمَاتَ بِقُعُودِهِ فَإِنَّ الضَّيْفَ يَضْمَنُ دِيَتَهُ، وَلَوْ كَانَ تَحْتَ الْوِسَادَةِ مَمْلُوكٌ صَغِيرٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ تَحْتَ الْوِسَادَةِ إنَاءٌ مِنْ زُجَاجٍ لِغَيْرِهِ، فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الصَّبِيِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فَصَدَ غَيْرَهُ، وَهُوَ نَائِمٌ، فَسَالَ مِنْهُ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
فِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ قَالَ قَتَلْتُ فُلَانًا، وَلَمْ يُسَمِّ عَمْدًا، وَلَا خَطَأً قَالَ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَجْعَلَ دِيَتَهُ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي الْفَتَاوَى عَنْ خَلَفٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَسَدَ بْنَ عَمْرٍو عَمَّنْ ضَرَبَ
آخَرَ بِيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ، وَمَاتَ مِنْهُ قَالَ: هَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ، وَقَالَ الْحَسَنُ كَذَلِكَ إذَا أَلَحَّ فِي الضَّرْبِ حَتَّى مَاتَ، فَأَمَّا لَوْ ضَرَبَهُ بِزَاجِرِهِ لَا يَخَافُ عَنْ مِثْلِهِ الْمَوْتَ، وَمَعَ هَذَا مَاتَ، فَهُوَ خَطَأٌ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْكَبِيرُ قَوْلُ أَسَدٍ أَحَبُّ إلَيَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي رَجُلٍ قَصَدَ أَنْ يَضْرِبَ آخَرَ بِالسَّيْفِ، فَأَخَذَ الْمَضْرُوبُ السَّيْفَ بِيَدِهِ، فَجَذَبَ صَاحِبُ السَّيْفِ السَّيْفَ عَنْ يَدِهِ، فَقَطَعَ السَّيْفُ أَصَابِعَ الرَّجُلِ قَالَ: إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَفَاصِلِ، فَعَلَى الْجَاذِبِ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَفَاصِلِ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ قَتَلَ عَبْدَ رَجُلٍ عَمْدًا، فَقَالَ السَّيِّدُ: أَبْرَأْتُكَ عَنْ عَبْدِي لَا يَكُونُ مُبْرِئًا لَهُ عَنْ قِيمَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ أَمَرَ رَجُلًا بِنَزْعِ سِنِّهِ لِوَجَعٍ أَصَابَهُ، وَعَيَّنَ السِّنَّ، وَالْمَأْمُورُ نَزَعَ سِنًّا آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ، فَإِذَا حَلَفَ، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ عَامِدٌ، وَسَقَطَ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
جِنَايَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى مُكَاتَبِ نَفْسِهِ تَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَلَا تَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ صَارَتْ نَفْسًا أَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى مُكَاتَبِ الْغَيْرِ مَتَى صَارَتْ نَفْسًا تَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ تَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي كَمَا فِي الْقِنِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
كَسَرَ رَجُلَانِ سِنَّ رَجُلٍ خَطَأً فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِمَا؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِذَا جَنَى عَلَى مُكَاتَبِ إنْسَانٍ ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبُ، فَعَتَقَ لَا يُهْدَرُ السِّرَايَةَ، وَكَانَ عَلَى الْجَانِي قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ لَا الدِّيَةُ، وَإِنْ مَاتَ حُرًّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَوْقَدَ نَارًا فِي بَيْتِهِ، فَاحْتَرَقَتْ دَارُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ إنْ أَوْقَدَ نَارًا يُوقَدُ مِثْلُهَا هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا أَلْقَى فِي التَّنُّورِ مِنْ الْحَطَبِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ التَّنُّورُ، فَأَحْرَقَ بَيْتَهُ، وَتَعَدَّى إلَى بُيُوتِ غَيْرِهِ، فَأَحْرَقَهَا ضَمِنَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَمَرَ ابْنَهُ لِيُوقِدَ لَهُ نَارًا فِي أَرْضِهِ، فَفَعَلَ، وَتَعَدَّتْ إلَى أَرْضِ جَارِهِ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا يَضْمَنُ الْأَبُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ صَحَّ، فَانْتَقَلَ فِعْلُ الِابْنِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ الْأَبُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
قَالَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ شَهِدَ لَهُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُل أَنَّهُ قَتَلَ ابْنَ هَذَا فُلَانًا، وَشَهِدَ آخَرَانِ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَيْضًا أَنَّهُ قَتَلَ ابْنَ هَذَا فُلَانًا سَمَّيَا ابْنًا آخَرَ لَهُ غَيْرَ الَّذِي سَمَّيَاهُ الْأَوَّلَ، فَزَكَّى الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ، وَلَمْ يُزَكِّ الْفَرِيقَ الثَّانِيَ، فَدَفَعَ عَلَيْهِ إلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ: أَنَا أَقْتُلُكَ بِابْنِي الَّذِي لَمْ يُزَكِّ الشُّهُودُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَا أَقْتُلُكَ بِابْنِي الَّذِي زَكَّى الشُّهُودُ عَلَى قَتْلِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: مَا قَتَلْتُ ابْنِي الَّذِي زَكَّى الشُّهُودُ عَلَى قَتْلِهِ، وَإِنَّمَا قَتَلْتُ ابْنًا آخَرَ لِي، وَقَتَلَهُ كَانَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي كَنْزِ الرُّءُوسِ إذَا نَظَرَ فِي بَابِ دَارِ إنْسَانٍ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ صَاحِبُ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَنْحِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ فَقْءِ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ يَضْمَنُهُ، وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَرَمَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
فِي الْمُنْتَقَى رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَخَوَيْنِ لِأَبٍ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ مِنْ سَنَةِ كَذَا، وَادَّعَى الْآخَرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِكُوفَةَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَإِنَّهُ يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَكَزَ أَرْبَعَةٌ رَجُلًا فَسَقَطَ بِضَرْبِهِمْ سِنُّ الْمَضْرُوبِ، وَانْكَسَرَ سِنٌّ آخَرُ مِنْهُ فَلَوْ عُرِفَ آخِرُهُمْ ضَرْبًا تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جَارِيَةٍ قَتَلَتْ ابْنَ رَجُلٍ عَمْدًا، فَدَفَعَهَا الْمَوْلَى إلَى أَبِي الْمَقْتُولِ، فَوَطِئَهَا أَبُو الْمَقْتُولِ، فَوَلَدَتْ، فَقَالَ مَوْلَى الْجَارِيَةِ دَفَعْتُهَا إلَيْكَ لِتَقْتُلَهَا، وَقَالَ أَبُو الْمَقْتُولِ لَا بَلْ صَالَحْتَنِي عَلَيْهَا مِنْ الدَّمِ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَعُقْرَهَا، وَالْوَلَدُ عَبْدٌ، وَلَا سَبِيلَ لِأَبِي الْمَقْتُولِ عَلَى الْجَارِيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا لَوَى ثَوْبًا، فَضَرَبَ عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ، فَأَوْضَحَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ هَذَا مَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي سَبَبِهِ دُونَ مُسَبَّبِهِ وَعَلَى عَكْسِهِ مَا لَا يَجِبُ فِي سَبَبِهِ، وَيَجِبُ فِي مُسَبَّبِهِ أَنْ يُهَشِّمَهُ بِالْحَدِيدِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي سَبَبِهِ، وَمُسَبَّبِهِ أَنْ يَشُجَّهُ مُوضِحَةً بِحَدِيدَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَعَلَى عَكْسِهِ مَا لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي سَبَبِهِ