الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا مُسَبَّبِهِ أَنْ يَجْرَحَهُ بِخَشَبٍ عَظِيمٍ، فَيَمُوتَ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
صَبِيٌّ عَاقِلٌ أَشْلَى كَلْبًا عَلَى غَنَمِ آخَرَ فَنَفَرَتْ وَذَهَبَتْ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلَانِ مَدَّا شَجَرَةً فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمَا فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَخَلَتْ دَابَّتُهُ زَرْعَ غَيْرِهِ تُفْسِدُهُ فَلَوْ دَخَلَ لِيَخْرُجَهَا يُفْسِدُهُ أَيْضًا لَكِنْ أَقَلَّ مِنْ الدَّابَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَ، وَلَوْ كَانَتْ دَابَّةُ غَيْرِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخْرَجَهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ رَأَى حِمَارَهُ يَأْكُلُ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ حَتَّى أَكَلَهَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ بَعَثَ غُلَامًا لِإِنْسَانٍ فِي حَاجَةٍ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ إنَّ الْغُلَامَ رَأَى صِبْيَانًا يَلْعَبُونَ فَانْتَهَى إلَيْهِمْ وَارْتَقَى فَوْقَ بَيْتٍ فَوَقَعَ مِنْهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْسِلِ لِأَنَّهُ بِاسْتِعْمَالِ الْعَبْدِ صَارَ غَاصِبًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ ضَرَبَ أُنْثَى رَجُلٍ فَانْتَفَحَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ غَصَبَ مِرْبَطًا وَشَدَّ فِيهِ دَوَابَّهُ فَأَخْرَجَهَا مَالُك الْمِرْبَط صَارَ ضَامِنًا.
وَفِي الْعُيُونِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَهْلَكَ رَجُلٌ حِمَارَ غَيْرِهِ أَوْ بَغْلَهُ بِقَطْعِ يَدِهِ أَوْ بِذَبْحِهِ إنْ شَاءَ صَاحِبُهُ ضَمَّنَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُ وَلَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْوَصَايَا وَفِيهِ عَشَرَة أَبْوَابٍ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير الْوَصِيَّة وَشَرْط جِوَازهَا وَحُكْمهَا]
(كِتَابُ الْوَصَايَا)
(وَفِيهِ عَشَرَة أَبْوَابٍ)
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرْطِ جَوَازِهَا وَحُكْمِهَا وَمَنْ تَجُوزُ لَهُ الْوَصِيَّةُ وَمَنْ لَا تَجُوزُ وَمَا يَكُونُ رُجُوعًا عَنْهَا) الْإِيصَاءُ فِي الشَّرْعِ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ يَعْنِي بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً، كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَمَّا رُكْنُهَا فَقَوْلُهُ أَوْصَيْت بِكَذَا لِفُلَانٍ وَأَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْوَصِيَّةُ مُسْتَحَبَّةٌ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ أَوْ الصِّيَامِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الصَّلَاةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا فَهِيَ وَاجِبَةٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ الْقَبُولُ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً وَذَلِكَ بِأَنْ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الرَّدِّ وَالْقَبُولِ فَيَكُونُ مَوْتُهُ قَبُولًا فَتَرِثُهَا وَرَثَتُهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ قَبِلَهَا فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوصِي أَوْ رَدَّهَا فَذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَهُ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ كَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ لِوَرَثَتِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ كَقَبُولِهِ بِالْقَوْلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْمُوصِي أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ وَالْمُوصَى لَهُ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ وَالْمُوصَى بِهِ بَعْدَ الْمُوصِي مَالًا قَابِلًا لِلتَّمْلِيكِ
وَحُكْمُهَا أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُوصَى لَهُ مِلْكًا جَدِيدًا كَمَا يَمْلِكُ بِالْهِبَةِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُوصِيَ الْإِنْسَانُ بِدُونِ الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَرَثَةُ أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ لَهُ مَالٌ قَلِيلٌ أَنْ لَا يُوصِيَ إذَا كَانَتْ لَهُ وَرَثَةٌ وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ عَنْ الثُّلُثِ فِيمَا لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَالْمُوصَى بِهِ يُمْلَكُ بِالْقَبُولِ فَإِنْ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ فِي الْمُوصَى بِهِ قَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَإِنْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بَطَلَتْ بِرَدِّهِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْكَافِي.
ثُمَّ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تَجُوزُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُمْ كِبَارٌ وَلَا مُعْتَبَرَ بِإِجَازَتِهِمْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ بَيْتِ الْمَالِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ، وَلَوْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ صَحَّ فِي حِصَّةِ الْأَجْنَبِيِّ وَيَتَوَقَّفُ فِي حِصَّةِ الْوَارِثِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ إنْ أَجَازُوا جَازَ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا بَطَلَ وَلَا تُعْتَبَرُ إجَازَتُهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي حَتَّى كَانَ لَهُمْ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ وُلِدَ
لَهُ ابْنٌ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ، وَلَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَكُلُّ مَا جَازَ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ الْمُجَازُ لَهُ مِنْ قِبَلِ الْمُوصِي عِنْدَنَا حَتَّى يَتِمَّ بِغَيْرِ قَبْضٍ، وَلَا يَمْنَعُ الشُّيُوعُ صِحَّةَ الْإِجَازَةِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ الْمُجِيزُ مَرِيضًا وَهُوَ بَالِغٌ إنْ بَرَأَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ صَحَّتْ إجَازَتُهُ وَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّ إجَازَتَهُ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ الْوَصِيَّةِ، حَتَّى إنَّ الْمُوصَى لَهُ لَوْ كَانَ وَارِثًا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ وَرَثَةُ الْمَرِيضِ، وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا يَجُوزُ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَجَازَ الْبَعْضُ وَرَدَّ الْبَعْضُ يَجُوزُ عَلَى الْمُجِيزِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَبَطَلَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُحْتَاجُ إلَى الْإِجَازَةِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمُجِيزُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ نَحْوُ مَا إذَا أَجَازَهُ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ صَحِيحٌ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِذَا أَوْصَى لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ أَوْ لِمُكَاتَبِ عَبْدِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَا تَجُوزُ لِلْقَاتِلِ عَامِدًا كَانَ أَوْ خَاطِئًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُبَاشِرًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُ قَبْلَ الْجِرَاحَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ جَازَتْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا جَازَتْ لَهُ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ.
وَلَوْ أَوْصَى لِقَاتِلِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ سِوَى الْقَاتِلِ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -.
وَلَوْ أَوْصَى لِمُكَاتَبِ قَاتِلِهِ أَوْ لِمُدَبِّرِ قَاتِلِهِ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِ قَاتِلِهِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا ضَرَبَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ بِحَدِيدَةٍ أَوْ بِغَيْرِ حَدِيدَةٍ فَأَوْصَى لَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا وَصِيَّةَ، وَإِنَّمَا لَهَا مِقْدَارُ صَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ الْمُسَمَّى وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْوَصِيَّةِ فَيَبْطُلُ بِالْقَتْلِ.
وَلَوْ اشْتَرَكَ عَشَرَةٌ فِي قَتْلِ رَجُلٍ أَحَدُهُمْ عَبْدُهُ وَأَوْصَى لِبَعْضِهِمْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَأَعْتَقَ عَبْدَهُ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَمَا نَفَذَ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ فَيَكُونُ الرَّدُّ بِإِيجَابِ السِّعَايَةِ عَلَيْهِ فِي قِيمَتِهِ وَالْعَفْوُ عَنْ الْقَاتِلِ فِي دَمِ الْعَمْدِ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ خَطَأً فَعَفَا عَنْهُ كَانَ هَذَا مِنْهُ وَصِيَّةً لِعَاقِلَتِهِ فَيَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ فَإِنْ قَتَلَهُ الْعَبْدُ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُعْتَقُ وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ. وَعَلَى هَذَا الْمُدَبَّرُ إذَا قَتَلَ مَوْلَاهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِرَدِّ الْوَصِيَّةِ وَعَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةٍ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَاتِلٌ وَصَدَّقَهُمْ بِذَلِكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَكَذَّبَهُمْ بَعْضُهُمْ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الَّذِينَ كَذَّبُوا مِنْ الدِّيَةِ وَيَجُوزُ وَصِيَّتُهُ فِي حِصَّتِهِمْ مِنْ الثُّلُثِ وَيَلْزَمُهُ حِصَّةُ الَّذِينَ صَدَّقُوا مِنْ الدِّيَةِ وَيَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ فِي حِصَّتِهِمْ مِنْ الثُّلُثِ.
وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلَيْنِ بِوَصِيَّةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِ الْمُوصَى لَهُمَا أَنَّهُ قَتَلَ صَاحِبَهُمَا خَطَأً كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ آلَافٍ لِلَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ فِي حِصَّةِ الَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالْقَتْلِ وَتَجُوزُ لَهُ الْوَصِيَّةُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بِالْحِسَابِ.
وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثُّلُثِ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِعَبْدٍ فَشَهِدَ الْمُوصَى لَهُمَا بِالثُّلُثِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ أَنَّهُ قَاتِلٌ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى وَارِثٍ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً.
وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ صَبِيًّا صَغِيرًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ قَتَلَ الصَّبِيُّ مَوْلَاهُ عَمْدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتَيْنِ يُرْفَعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثِ وَصِيَّتُهُ وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا فَقَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً سَعَى فِي قِيمَتَيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَهُمَا عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ لِرَدِّ الْوَصِيَّةِ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ
وَلَوْ أَوْصَى لِابْنِ وَارِثِهِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ أَوْ لِمُدَبَّرِ نَفْسِهِ جَازَ الْكُلُّ اسْتِحْسَانًا.
وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِوَالِدِ قَاتِلِهِ وَإِنْ عَلَوْا، وَكَذَلِكَ لِوَلَدِ قَاتِلِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَلِمُكَاتَبِ هَؤُلَاءِ وَعَبِيدِهِمْ وَمُدَبَّرِيهِمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا أَوْصَى لِمَمْلُوكِ رَجُلٍ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: تَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ وَيَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ. وَإِنْ صَالَحَ مَوْلَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَجَازَ الْعَبْدُ جَازَ وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدَ ثُمَّ أَجَازَ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ.
وَلَوْ أَوْصَى لِفَرَسِ فُلَانٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةً فَالْوَصِيَّةُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ فَلَوْ نَفَقَ أَوْ بَاعَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ الْمُسْلِمُ لِلذِّمِّيِّ وَبِالْعَكْسِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَا تَصِحُّ.
الْوَصِيَّةُ لِحَرْبِيٍّ غَيْرِ مُسْتَأْمَنٍ مِنْ ذِمِّيٍّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أَوْصَى مُسْلِمٌ لِحَرْبِيٍّ وَالْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنْ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ الْمُوصَى لَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَأَرَادَ أَخْذَ وَصِيَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْمُوصِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُوصَى لَهُ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُوصِي فِي دَارِ الْحَرْبِ أَيْضًا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَوْصَى لِلْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ذَكَرَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ هَكَذَا ذَكَرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ الْمُسْلِمِ لِلْمُرْتَدِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ أَوْصَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ لَمْ تَجُزْ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يُبَرِّئَهُ الْغُرَمَاءُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ فَلَا تَصِحُّ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى الْمَجْنُونُ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ حَالَةَ الْمُبَاشَرَةِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَصِيَّةُ الْمُكَاتَبِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ، وَقِسْمٌ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ مَا إذَا أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إلَى مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِأَنْ قَالَ: إذَا عَتَقَتْ فَثُلُثُ مَالِي وَصِيَّةٌ لِفُلَانٍ، حَتَّى لَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْمَوْتِ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَالِهِ، وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ، ثُمَّ عَتَقَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا جَائِزَةٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ عِنْدَنَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا وَكَذَا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ أَوْ مَحْجُورًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ أَوْ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ أَدْرَكْت فَثُلُثِي لِفُلَانٍ وَصِيَّةً لَا تَصِحُّ؛ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ فَلَا يُمْكِنُ تَنْجِيزًا وَلَا تَعْلِيقًا.
وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ إذَا أَضَافَاهَا إلَى مَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا تَصِحُّ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْهَازِلِ وَالْمُكْرَهِ وَالْخَاطِئِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَصِيَّةُ الْحُرِّ الْعَاقِلِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً جَائِزَةٌ وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ الَّذِي بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ قِيَاسًا وَتَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَوَصِيَّةُ ابْنِ السَّبِيلِ الَّذِي هُوَ غَائِبٌ عَنْ مَالِهِ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَوْصَى الصَّبِيُّ أَوْ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ أُعْتِقَ وَأَجَازَ تَصِحُّ بِطَرِيقِ الِابْتِدَاءِ.
وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ وَبِالْحَمْلِ إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ وَمَنْ أَوْصَى بِأَمَةٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ ثُمَّ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِشَهْرٍ وَلَدًا مَيِّتًا فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ مِنْ الثُّلُثِ وَتَكُونُ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا حَيٌّ وَالْآخَرُ مَيِّتٌ فَالْوَصِيَّةُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا، وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا حَيَّيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُمَا نِصْفَانِ وَحِصَّةُ الَّذِي مَاتَ مِنْهُمَا مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ، كَمَا فِي الْمِيرَاثِ.
وَإِذَا أَوْصَى فَقَالَ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِ فُلَانَةَ جَارِيَةٌ فَلَهَا وَصِيَّةٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ فَلَهُ وَصِيَّةٌ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَوَلَدَتْ جَارِيَةً لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا وَوَلَدَتْ غُلَامًا بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ؛ فَالْوَصِيَّةُ بِهِمَا جَمِيعًا مِنْ الثُّلُثِ. فَرَقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ: إنْ كَانَ الَّذِي فِي بَطْنِك غُلَامًا فَلَهُ أَلْفَانِ وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَلَهَا أَلْفٌ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ - لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ. ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ وَجَارِيَتَيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَرَثَةُ يُعْطُونَ أَيَّ الْغُلَامَيْنِ وَأَيَّةَ الْجَارِيَتَيْنِ شَاءُوا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَصِحُّ لِلْمُوصِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ الرُّجُوعُ قَدْ يَثْبُتُ صَرِيحًا وَقَدْ يَثْبُتُ دَلَالَةً فَالْأَوَّلُ بِأَنْ يَقُولَ: رَجَعْت أَوْ نَحْوَهُ وَالثَّانِي بِأَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ، ثُمَّ كُلُّ فِعْلٍ لَوْ فَعَلَهُ الْإِنْسَانُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ فَإِذَا فَعَلَهُ الْمُوصِي كَانَ رُجُوعًا، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْمُوصَى بِهِ وَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِهَا فَهُوَ رُجُوعٌ إذَا فَعَلَهُ، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ أَوْجَبَ زَوَالَ مِلْكِ الْمُوصِي فَهُوَ رُجُوعٌ إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إذَا أَوْصَى بِثَوْبٍ ثُمَّ
قَطَعَهُ وَخَاطَهُ أَوْ بِقُطْنٍ فَغَزَلَهُ أَوْ بِغَزْلٍ فَنَسَجَهُ أَوْ بِحَدِيدٍ فَاتَّخَذَهُ إنَاءً فَهُوَ رُجُوعٌ. وَلَوْ أَوْصَى بِسَوِيقِ فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ أَوْ بِدَارٍ فَبَنَى فِيهَا أَوْ بِقُطْنٍ فَحَشَا بِهِ أَوْ بِبِطَانَةٍ فَبَطَّنَ بِهَا قَبَاءً أَوْ بِظِهَارَةٍ فَظَهَّرَ بِهَا ثَوْبًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَالْوَصِيَّةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: فِي وَجْهٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ جَمِيعًا، وَفِي وَجْهٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ، وَفِي وَجْهٍ يَحْتَمِلُ مِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ دُونَ الْقَوْلِ، وَفِي وَجْهٍ لَا يَحْتَمِلُهُ بِهِمَا جَمِيعًا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِالْعَيْنِ لِرَجُلٍ فَسْخُهَا مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ أَنْ يَقُولَ: فَسَخْت الْوَصِيَّةَ أَوْ رَجَعْت وَمِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يُعْتِقَهُ أَوْ يُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَاَلَّذِي لَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ بِهِمَا هُوَ التَّدْبِيرُ الْمُطْلَقُ، وَاَلَّذِي يَجُوزُ بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ بِرُبُعِهِ لَوْ رَجَعَ عَنْهُ يَجُوزُ. وَلَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَتَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي، وَاَلَّذِي يَجُوزُ مِنْ جِهَةِ الْفِعْلِ دُونَ الْقَوْلِ هُوَ التَّدْبِيرُ الْمُقَيَّدُ لَوْ رَجَعَ بِالْفِعْلِ يَصِحُّ بِأَنْ يَبِيعَهُ وَلَا يَصِحُّ بِالْقَوْلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِذَا أَوْصَى بِتِبْرِ فِضَّةٍ ثُمَّ صَاغَ مِنْهُ قَلْبًا أَوْ خَاتَمًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ كَانَ رُجُوعًا، وَهَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - ظَاهِرٌ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ رُجُوعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمُوصَى بِهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ.
وَذَبْحُ الشَّاةِ الْمُوصَى بِهَا رُجُوعٌ وَغَسْلُ الثَّوْبِ الْمُوصَى بِهِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا.
وَمَنْ جَحَدَ الْوَصِيَّةَ لَمْ يَكُنْ جُحُودُهُ رُجُوعًا كَذَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ رُجُوعٌ قِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْجُحُودَ كَانَ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُوصَى لَهُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْجُحُودَ كَانَ عِنْدَ حَضْرَةِ الْمُوصَى لَهُ وَعِنْدَ حَضْرَتِهِ يَكُونُ رُجُوعًا، وَقِيلَ: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَلَوْ قَالَ: كُلُّ وَصِيَّةٍ أَوْصَيْتُ بِهَا لِفُلَانٍ فَهِيَ حَرَامٌ أَوْ رِبًا؛ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: فَهِيَ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ فَقِيلَ لَهُ: إنَّك تَبْرَأُ فَأَخِّرْ الْوَصِيَّةَ فَقَالَ: أَخَّرْتُهَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: اُتْرُكْهَا، فَقَالَ: تَرَكْتهَا - كَانَ رُجُوعًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ فَهُوَ رُجُوعٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: فَهُوَ لِفُلَانٍ وَارِثِي فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى وَتَكُونُ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ ثُمَّ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا أَجَازُوا وَإِنْ شَاءُوا رَدُّوا، وَلَوْ كَانَ فُلَانٌ الْآخَرُ مَيِّتًا حِينَ أَوْصَى فَالْوَصِيَّةُ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا، وَلَوْ كَانَ فُلَانٌ حِينَ قَالَ ذَلِكَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ قَبْل مَوْتِ الْمُوصِي فَهُوَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّتَيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ يَكُونُ رُجُوعًا، وَلَوْ آجَرَهُ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِحَدِيدَةٍ ثُمَّ اتَّخَذَهَا سَيْفًا أَوْ دِرْعًا كَانَ رُجُوعًا، وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ رُجُوعًا حَتَّى لَوْ عَادَ إلَى مِلْكِهِ لَا يَكُونُ وَصِيَّةً، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: الَّذِي أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ وَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَقَدْ أَوْصَيْت بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ: الثُّلُثُ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ قَدْ أَوْصَيْتُ بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ، أَوْ قَالَ: فَقَدْ أَوْصَيْت بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ لَا يَكُونُ رُجُوعًا بِنِصْفِهِ عَنْ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: الثُّلُثُ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ وَقَدْ أَوْصَيْتُ بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ كَانَ لِلْآخَرِ ثُلُثٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ قَالَ: مَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ فَقَدْ أَوْصَيْت بِنِصْفِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ يَصِيرُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ رُجُوعًا عَنْ نِصْفِهِ، وَلَوْ أَوْصَى لِلْإِنْسَانِ بِجَارِيَةٍ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ فَطَحَنَهَا أَوْ أَوْصَى بِدَقِيقٍ فَخَبَزَهُ يَكُونُ رُجُوعًا.
وَلَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ: أَوْصَيْتَ بِعَبْدِك فُلَانٍ لِفُلَانٍ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ أَوْصَيْت لَهُ بِأَمَتِي فُلَانَةَ؛ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّة بِالْعَبْدِ
وَلَوْ أَوْصَى بِدَارٍ فَجَصَّصَهَا أَوْ هَدَمَهَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَإِنْ طَيَّنَهَا يَكُونُ رُجُوعًا إذَا كَانَ كَثِيرًا.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَرْضٍ، ثُمَّ زَرَعَ فِيهَا رَطْبَةً لَا يَكُونُ رُجُوعًا وَإِنْ غَرَسَ الْكَرْمَ أَوْ الشَّجَرَةَ كَانَ رُجُوعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ أَوْصَى بِمَا فِي نَخِيلِهِ مِنْ