الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَوْصَى لِآخَرَ بِالثُّلُثِ فَثُلُثُ مَالِهِ يُقَسَّمُ عَلَى الثُّلُثِ وَعَلَى أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ قِيمَةِ النَّسَمَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ نَسَمَةً بِمِائَةٍ وَثُلُثُهُ أَقَلُّ مِنْ مِائَةٍ لَمْ يُعْتِقْ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا يُعْتِقُ عَنْهُ بِالشَّكِّ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَفَعَلَ الْوَصِيُّ، ثُمَّ لَحِقَ دَيْنٌ اسْتَوْعَبَ الثُّلُثَيْنِ فَالْعِتْقُ عَنْ الْمُوصِي، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ وَصِيًّا نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَبِمِثْلِهِ لَوْ كَانَ الْقَاضِي فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ أَمِينُهُ ثُمَّ ظَهَرَ الدَّيْنُ بَطَلَ الْعِتْقُ وَلَا يَكُونُ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ فُلَانٍ فَيُعْتَقُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ صَاحِبُهُ مِنْ الْبَيْعِ بِالثُّلُثِ أُوقِفَ الثُّلُثُ حَتَّى يَبِيعَهُ صَاحِبُهُ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فَقَدْ انْقَطَعَ رَجَاءُ تَنْفِيذِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا فَيَرْجِعُ إلَى الْوَارِثِ، ذَلِكَ إنْ كَانَ سَمَّى مَا يُشْتَرَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ.
وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نَسَمَةً بِهَذِهِ الْمِائَةِ بِعَيْنِهَا فَيُعْتِقُهَا مِنْ الثُّلُثِ عَنْهُ فَاشْتَرَى بِهَا نَسَمَةً فَأَعْتَقَهَا عَنْهُ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ تِلْكَ الْمِائَةَ أَوْ بَعْضَهَا أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ تَكُونُ الْمِائَةُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ لِتِلْكَ الْمِائَةِ، فَإِنْ خَرَجَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ يَكُونُ ثَمَنُ النَّسَمَةِ الثُّلُثَ مِنْ ذَلِكَ بَرِئَ الْوَصِيُّ مِنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ عَبْدُهُ فَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدٌ يُعْتَقُ عَنْهُ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ وَجَدَ بِالْأَوَّلِ عَيْبًا فَرَدَّ عَلَى الْوَصِيِّ ضَمِنَ الثَّمَنَ، فَإِذَا بَاعَهُ ثَانِيًا مِنْ آخَرَ فَإِنْ بَاعَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ جَازَ الْعِتْقُ عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ بَاعَ بِأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ كَانَ الْعِتْقُ عَنْ الْوَصِيِّ وَيُعْتِقُ عَنْ الْمَيِّتِ عَتِيقًا آخَرَ بِثَمَنِهِ، وَهَذَا إذَا رُدَّ الْعَبْدُ بِالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ فَعَادَ الْعَبْدُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالتَّرَاضِي شِرَاءٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ لِنَفْسِهِ شِرَاءً جَدِيدًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَمْ يُرَدَّ الْعَبْدُ بِالْعَيْبِ وَلَكِنْ اُسْتُحِقَّ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي نَصِيبِهِمْ بِشَيْءٍ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَشْتَرِي مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ نَسَمَةً فَتُعْتَقُ عَنْهُ وَمَالُهُ ثَلَثُمِائَةٍ فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ بِمِائَةٍ نَسَمَةً فَأَعْتَقَهَا وَأَعْطَى الْوَرَثَةَ مِائَتَيْنِ فَاسْتُحِقَّتْ النَّسَمَةُ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ وَقَبَضَ الْوَصِيُّ الْمِائَةَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا نَسَمَةً أُخْرَى فَتَلِفَ مِنْهُ الْمِائَةُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِثُلُثِ مَا أَخَذُوا لِيَشْتَرِيَ بِهَا نَسَمَةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ بَاطِلٌ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْمُوصِي وَفِي قَوْلِهِمَا مُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ الْوَرَثَةَ جَائِزَةٌ وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا أَصَابَ الْوَرَثَةُ بِشَيْءٍ وَقَدْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ.
وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِي لَهُ نَسَمَةً بِعَيْنِهَا فَتُعْتَقُ عَنْهُ فَاشْتَرَاهَا الْوَصِيُّ، ثُمَّ مَاتَتْ فَقَدْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَتْ جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ فَدُفِعَتْ بِهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَوْ فَدَاهَا الْوَرَثَةُ كَانُوا مُتَطَوِّعِينَ فِي الْفِدَاءِ وَيُعْتَقُ عَنْ الْمَيِّتِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَةٍ لَهُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ كَانَ حَالُهَا كَذَلِكَ، فَإِنْ وَلَدَتْ النَّسَمَةُ أَوْ الْأَمَةُ قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ النَّسَمَةُ أَوْ الْأَمَةُ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَرَثَةِ لَمْ تُعْتَقْ بِذَلِكَ حَتَّى تُعْتَقَ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ نَفْسِهِ كَانَ الْعِتْقُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، أَوْ قَالَ: بَعْدَ مَوْتِي - لَمْ تَكُنْ مُدَبَّرَةً وَلَكِنَّهَا تُعْتَقُ عَنْ الْمَيِّتِ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ مَاتَ الْقَائِلُ. وَلَوْ قَالَ لَهَا الْوَارِثُ: أَنْتِ حُرَّةٌ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ قَبِلْتِ؛ فَقَبِلَتْ فَهِيَ حُرَّةٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ.
وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُعْتِقَ نَسَمَةً عَنْ شَيْءٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ مِنْ ظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ كَالتَّطَوُّعَاتِ، وَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ فَاشْتُرِيَتْ لَهُ أَوْ بِعِتْقِ أَمَةٍ لَهُ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَجَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً فَالْأَرْشُ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ زَوَّجُوهَا لَمْ يَجُزْ.
وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِبَيْعِ عَبْدِهِ هَذَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرَّةً يَقُولُ: يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: يَرْجِعُ الْوَصِيُّ بِمَا يَضْمَنُ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
[فَصْلٌ الْوَصَايَا إذَا اجْتَمَعَتْ]
الْوَصَايَا إذَا اجْتَمَعَتْ فَالثُّلُثُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَسَعَ كُلَّ الْوَصَايَا أَوْ لَا يَسَعُ الْكُلَّ فَإِنْ كَانَ يَسَعُ الْكُلَّ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ فِي الْكُلِّ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصَايَا لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْقُرْبِ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ
الْفَرْضِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّلَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنُّذُورِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَصَوْمِ التَّطَوُّعِ وَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَإِعْتَاقِ النَّسَمَةِ وَذَبْحِ الْبَدَنَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ كَانَتْ لِلْعِبَادِ كَالْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ وَبَكْرٍ وَخَالِدٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثُّلُثُ لَا يَسَعُ الْكُلَّ لَكِنَّ الْوَرَثَةَ أَجَازَتْ فَأَمَّا إذَا كَانَ الثُّلُثُ لَا يَسَعُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالْوَصَايَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَهِيَ الْوَصِيَّةُ بِالْقُرْبِ، أَوْ كَانَ بَعْضُهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَالْبَعْضُ لِلْعِبَادِ أَوْ كَانَ الْكُلُّ لِلْعِبَادِ فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ فَرَائِضَ أَوْ وَاجِبَاتٍ أَوْ نَوَافِلَ، أَوْ اجْتَمَعَ فِي الْوَصَايَا مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالتَّطَوُّعَاتِ، فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فَرَائِضَ مُتَسَاوِيَةً يَبْدَأُ بِمَا قَدَّمَهُ الْمُوصِي، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِذَا أَوْصَى بِالْحَجِّ مَعَ الزَّكَاةِ يَبْدَأُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَخَّرَ الْحَجَّ فِي الْوَصِيَّةِ لَفْظًا وَفِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مَعَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الْمَيِّتُ بِهِ، وَفِي عِتْقِ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ يَبْدَأُ بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَقَالُوا فِي الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ: إنَّهُمَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الْكَفَّارَاتِ الْكَفَّارَاتُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُضْحِيَّةُ أَيْضًا وَاجِبَةً عِنْدَنَا لَكِنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مُتَّفَقٌ عَلَى وُجُوبِهَا وَالْأُضْحِيَّةُ وُجُوبُهَا مَحَلُّ الِاجْتِهَادِ فَالْمُتَّفَقُ عَلَى الْوُجُوبِ أَقْوَى فَكَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِهَا أَوْلَى، وَكَذَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى كَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَقَالُوا: إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ تُقَدَّمُ عَلَى الْمَنْذُورِ بِهِ وَالْمَنْذُورُ بِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَالْأُضْحِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّوَافِلِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَصَايَا إعْتَاقٌ مُنَجَّزٌ أَوْ إعْتَاقٌ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ إعْتَاقٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ فَإِنْ كَانَ يُقَدِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ الْمُنَجَّزَ وَالْمُعَلَّقَ بِالْمَوْتِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَكَانَ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ أَوْصَى بِحَجَّةٍ وَوُجُوهِ الْقُرَبِ وَمَصَالِحِ مَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ وَأَوْصَى بِوَصَايَا أُخَرَ لِأَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى الْوَصَايَا كُلِّهَا فَمَا أَصَابَ الْأَعْيَانُ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَخُصُّهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا أَصَابَ الْقُرَبُ وَلَيْسَ فِيهَا وَاجِبٌ غَيْرُ الْحَجِّ بُدِئَ بِالْحَجِّ فَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْحَجُّ جَمِيعَ ذَلِكَ بَطَلَ مَا سِوَاهُ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْحَجِّ شَيْءٌ بُدِئَ بِاَلَّذِي بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ بَدَأَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَزَّعَ عَلَيْهَا بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْإِعْتَاقِ فَإِنْ كَانَ إعْتَاقًا وَاجِبًا فِي كَفَّارَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْكَفَّارَاتِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْوَصَايَا الْمُتَنَفَّلِ بِهَا مِنْ الصَّدَقَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَتْ الْوَصَايَا بَعْضُهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَبَعْضُهَا لِلْعِبَادِ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ يَتَضَارَبُونَ بِوَصَايَاهُمْ فِي الثُّلُثِ، ثُمَّ مَا أَصَابَ الْعِبَادُ فَهُوَ لَهُمْ لَا يَتَقَدَّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَمَا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى يَجْمَعُ ذَلِكَ فَيَبْدَأُ مِنْهَا بِالْفَرَائِضِ ثُمَّ بِالْوَاجِبَاتِ، ثُمَّ بِالنَّوَافِلِ.
وَإِنْ كَانَ مَعَ الْوَصَايَا لِلَّهِ تَعَالَى وَصِيَّةٌ لِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ يَضْرِبُ بِمَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ مَعَ الْوَصَايَا بِالْقُرَبِ وَيَجْعَلُ كُلَّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرَبِ مُنْفَرِدَةً بِالضَّرْبِ.
فَإِنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي فِي الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَلِزَيْدٍ فَإِنَّ الثُّلُثَ يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ، وَسَهْمٌ لِلْحَجِّ، وَسَهْمٌ لِلزَّكَاةِ، وَسَهْمٌ لِلْكَفَّارَاتِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ سَنَةً بِمِائَةٍ أَحَجُّوا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ عِتْقُ النَّسَمَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَصَايَا كُلُّهَا لِلْعِبَادِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى وَلَا يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ حَتَّى قِيلَ: لَوْ كَانَ مِنْ الْوَصَايَا عِتْقٌ مُنْفَذٌ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْوَصَايَا، فَأَمَّا إذَا اسْتَوَتْ فِي الْقُوَّةِ فَإِنَّهُمْ يَتَحَاصُّونَ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَضْرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَقِّهِ فِي الثُّلُثِ وَلَا يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الْمَيِّتُ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا نَوَافِلَ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا عَيْنًا بِأَنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ تَطَوُّعًا أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ نَسَمَةً وَلَمْ يُعَيِّنْهَا تَطَوُّعًا أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا بِأَعْيَانِهِمْ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ، نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِ النَّسَمَةِ لَا بِعَيْنِهَا صَحَّتْ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْعَبْدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُعْطِيَ مِائَةَ دِرْهَمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَمِائَةً لِلْأَقْرِبَاءِ وَأَنْ يُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ لِمَا تَرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ فَمَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةُ شَهْرٍ وَثُلُثُ مَالِهِ لَا يَبْلُغُ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى مِائَةٍ لِلْفُقَرَاءِ وَمِائَةٍ