الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَوْنِهِ نَافِذًا التَّصَرُّفَ وَأَنِّي قَدْ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ ذَلِكَ فِي حَالِ صِحَّةِ التَّصَرُّفَاتِ وَالْيَوْمَ جَمِيعُ هَذَا الْمَنْزِلِ حَقِّي وَمِلْكِي بِهَذَا السَّبَبِ، وَأَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ الْمَنْزِلُ أَحْدَثَ يَدَهُ فِيهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَيَّ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (آن منزل مُلْك مِنْ است وَحَقْ مِنْ است باين مُدَّعِيهِ سَيْر دنى نيست باين سَبَب النَّجَّارِيَّةِ دعوى ميكند) فَأَحْضَرَتْ الْمُدَّعِيَةُ نَفَرًا ذَكَرَتْ أَنَّهُمْ شُهُودُهَا فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ، وَقَالَ (كواهي ميدهم كه أَيْنَ فُلَان بْن فُلَان والداين مُدَّعِيه إقْرَار كردبر حَالَ روائي إقْرَار وَكُفْتً مِنْ أَيْنَ خَانَة كه حدر دوى دَرِّينَ مَحْضَر مذكور است باين دختر خويش فُلَانَة فروخته أَمْ ووى ابْن خَانَهُ ازمن خريده است بهمين بِهَا كه دَرِّينَ مَحْضَر مذكور است بهمين تَارِيخ كه دَرِّينَ مَحْضَر مذكور است فروختني وَخُرَّ يُدَنِّي دَرَسْتُ وامرو زاين خَانَهُ فُلَانَة است باين سَبَب كه اندرين مَحْضَر يادكردده شِدَّهْ است واين مُدَّعَى عَلَيْهِ دُسَتُ نوكرده است دَرِّينَ خَانَهُ بنا حَقّ) . وَاسْتَفْتَوْا الْمُفْتِينَ فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِيهِ خَلَلًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الدَّعْوَى أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهَا بِتَارِيخِ كَذَا، وَهَكَذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِهَذَا الْبَيْعِ وَبِهَذَا التَّارِيخِ، وَهَذَا يُوجِبُ خَلَلًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ أَضَافَ الْإِقْرَارَ إلَى تَارِيخِ الْبَيْعِ فِي يَوْمِ كَذَا، وَلَعَلَّ الْإِقْرَارَ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ التَّارِيخِ، وَهَذَا الزَّعْمُ فَاسِدٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ إنْ حُمِلَ عَلَى مَا قَبْلَ الْبَيْعِ يَكُونُ بَاطِلًا، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى مَا بَعْدَهُ يَكُونُ صَحِيحًا.
وَالْأَصْلُ فِي تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ أَنْ يُصَحَّحَ لَا أَنْ يُبْطَلَ وَزَعَمَ هَذَا الزَّاعِمُ أَيْضًا أَنَّ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ خَلَلًا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَشَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ، ثُمَّ قَالُوا: وَالْيَوْمَ جَمِيعُ هَذَا الْمَنْزِلِ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَحْضَرِ، وَالسَّبَبُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَحْضَرِ الْبَيْعُ وَالْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا، وَلَا شَهَادَةَ لَهُمْ عَلَى الْبَيْعِ فَكَانَتْ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةً، وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي شَهَادَتِهِمْ وَفَسَادًا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ الْمُدَّعِيَةِ فَقَدْ ثَبَتَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ، وَلَكِنْ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ، وَالْبَيْعُ سَبَبُ الْمِلْكِ.
وَالثَّانِي - أَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ، وَلَا عِلْمَ لَنَا بِعَدَمِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْبَيْعِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَعَلَّ لَهُمْ شَهَادَةً عَلَى الْبَيْعِ لَكِنْ لَمَّا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ شَهِدُوا عَلَى الْبَيْعِ وَهُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْمَلِكِ فَلَمْ يَكُنْ فِي الشَّهَادَةِ خَلَلٌ.
[مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى ثَمَنِ الدُّهْنِ]
(مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى ثَمَنِ الدُّهْنِ) ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ كَذَا دِينَارًا نَيْسَابُورِيَّةً جَيِّدَةً حَقًّا وَاجِبًا وَدَيْنًا لَازِمًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ، وَذَكَرَ فِيهِ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ هَذَا كَذَا مِنْ دُهْنِ السِّمْسِمِ الصَّافِي وَبَيَّنَ أَوْصَافَهُ شِرَاءً صَحِيحًا، وَقَبَضَهُ مِنْهُ قَبْضًا صَحِيحًا فَوَاجِبٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا تَسْلِيمُ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَذَكَرَ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِنْكَارِ. وَذَكَرَ بَعْدَهُ شَهَادَةَ الشُّهُودِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ فِيهِ هَذَا الْمَبْلَغُ مِنْ الدُّهْنِ الصَّافِي الْمَوْصُوفِ فِيهِ
وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّهُودِ بِالْفَارِسِيَّةِ (كواهي ميدهم كه أَيْنَ مُدَّعَى عَلَيْهِ) ، وَأَشَارَ إلَيْهِ (مُقِرّ آمُدّ بِحَالٍ صَحَّتْ وروائي إقْرَار خويش بطوع وَرَغِبْتُ وَجَنِين كَفَتْ بخريدم إزين مَدْعِيٌّ) ، وَأَشَارَ إلَيْهِ (هفصد مِنْ روغن كنجدبا كيزه صَافِّي خريدني دَرَسْتُ وَقَبض كردم قبضي دَرَسْتُ) وَاسْتَفْتَوْا عَنْ صِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى، فَقِيلَ: إنَّهَا فَاسِدَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالشَّهَادَةُ غَيْرُ مُطَابِقَةٍ لِلدَّعْوَى. أَمَّا بَيَانُ أَحَدِ وَجْهَيْ فَسَادِ الدَّعْوَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَدَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ لَيْسَ بِدَعْوَى لِلْحَقِّ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي الْمَالُ دُونَ الْإِقْرَارِ، فَإِذَا ادَّعَى الْإِقْرَارَ فَقَدْ ادَّعَى مَا لَيْسَ بِحَقٍّ لَهُ.
وَالثَّانِي - أَنَّهُ ظَهَرَ وَجْهُ الْكَذِبِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْإِقْرَارِ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِوُجُوبِ الْمَالِ، إنَّمَا الْمُوجِبُ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ الْمُبَايَعَةُ وَالْإِقْرَاضُ أَوْ مَا شَاكَلَ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا لِلْمُدَّعِي بِسَبَبِهِ لَادَّعَى ذَلِكَ وَلَبَيَّنَ سَبَبَهُ فَلَمَّا أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ وَمَالَ إلَى الْإِقْرَارِ عُلِمَ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي الدَّعْوَى. الْوَجْهُ الثَّانِي لِفَسَادِ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ شِرَاءُ الدُّهْنِ لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنْ الدُّهْنِ الَّذِي يَدَّعِي بَيْعَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْبَيْعِ حَتَّى يَقَعَ الْبَيْعُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ عَدَمِ بَعْضِهِ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ مُنْعَقِدًا فِي حَقِّ الْكُلِّ أَوْ فِي حَقِّ الْبَعْضِ فَلَا يَكُونُ الثَّمَنُ وَاجِبًا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تَسْتَقِيمُ دَعْوَى الثَّمَنِ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ، وَالْبَيْعُ غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ قَبَضَهُ قَبْضًا صَحِيحًا، وَلَكِنْ هَذَا لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَوُجُوبُ الثَّمَنِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْبَيْعِ، وَلَا مَقْبُوضًا لَكِنَّ الْكَاتِبَ هَكَذَا ذَكَرَ، وَالثَّانِي - أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْبَيْعِ، ثُمَّ حَصَّلَهُ الْبَائِعُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَحْضَرِ، وَقَبَضَهُ فِي مَجْلِسِ الشِّرَاءِ أَوْ عَقِيبَ الْقِيَامِ عَنْ مَجْلِسِ الشِّرَاءِ.
وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ لَا يَنْفَعُهُ التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ حِينَئِذٍ يَقَعُ بَاطِلًا وَالتَّسْلِيمُ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْبَاطِلِ لَا يَنْفَعُ فَلَا يَكُونُ هَذَا بَيْعًا بِالتَّعَاطِي؛ لِأَنَّ هَذَا التَّسْلِيمَ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ الْبَاطِلِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ التَّسْلِيمُ بِنَاءً عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا قُلْنَا فِي الْإِجَارَةِ إذَا آجَرَ دَارِهِ أَوْ أَرْضَهُ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِمَتَاعِ الْأَجْرِ وَزَرْعِهِ، ثُمَّ فَرَّغَ وَسَلَّمَ لَا تَنْقَلِبُ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا إجَارَةٌ مُبْتَدَأَةٌ بِالتَّعَاطِي؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ حَصَلَ بِنَاءً عَلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَذَا هُنَا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَنْكَرَ وَجْهَ الْقِيَاسِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، وَذَكَرَ لِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ وَجْهَيْ الْفَسَادِ جَوَابًا. أَمَّا الْأَوَّلُ قُلْنَا: دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ إنَّمَا لَا تَصِحُّ إذَا حَصَلَ دَعْوَى الْمَالِ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ بِأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي: عَلَيْكَ كَذَا؛ لِأَنَّكَ أَقْرَرْتَ لِي بِهِ، أَوْ قَالَ: هَذِهِ الْعَيْنُ مِلْكِي؛ لِأَنَّكَ أَقْرَرْتَ لِي بِهَا، وَهُنَا دَعْوَى الْمَالِ مَا حَصَلَتْ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ بَلْ دَعْوَى الْمَالِ حَصَلَتْ مُطْلَقَةً إلَّا أَنَّهُ مَعَ دَعْوَى الْمَالِ ادَّعَى إقْرَارَهُ بِالْمَالِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ خَلَلًا.
وَقَوْلُهُ ظَهَرَ وَجْهُ الْكَذِبِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى مَمْنُوعٌ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ لَمْ يَدَّعِ السَّبَبَ قُلْنَا: إنَّمَا لَمْ يَدَّعِ السَّبَبَ لَا لِمَا قُلْتُمْ، بَلْ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى السَّبَبِ وَوُجِدَ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي قَوْلُهُ " لَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنْ الدُّهْنِ كَانَ مَوْجُودًا