الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ أَنْ يُسَرَّحَ بِهِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ يُبْنَى فِيهِ أَوْ يُغْزَى بِهِ التُّرْكَ أَوْ الدَّيْلَمَ وَالْمُوصِي مِنْ النَّصَارَى فَالْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلنَّائِحَاتِ أَوْ لِلْمُغَنِّيَاتِ فَإِنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ كَانَتْ صَحِيحَةً وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ تَمْلِيكًا لَهُمْ وَإِنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَانَتْ بَاطِلَةً، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يُبْنَى بِهِ مَسْجِدٌ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَتُعْتَبَرُ تَمْلِيكًا لَهُمْ وَكَانُوا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا حَجُّوا بِهِ وَبَنَوْا الْمَسْجِدَ وَإِنْ شَاءُوا لَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ.
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ يُبْنَى بِهِ بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً فَعَلَى قَوْلِهِمَا: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ إلَّا إذَا حَصَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَيَكُونُ ذَلِكَ تَمْلِيكًا مِنْهُمْ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفِي مِثْلِ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى الِاخْتِلَافِ. وَقَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَوْصَى بِهِ فِي الْقُرَى أَمَّا إذَا أَوْصَى بِهِ فِي الْأَمْصَارِ فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا أَوْصَى لِلْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ يَصِحُّ فِي الْجُمْلَةِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ دَخَلَ وَارِثُهُ مَعَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وُقِفَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى إجَازَةِ وَارِثِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَصْلًا تَصِحُّ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ لَكِنَّهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ.
وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ، وَلَوْ أَوْصَى الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِوَصِيَّةٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ أَوْ صَارُوا ذِمَّةً، ثُمَّ اخْتَصَمَا إلَى الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا أَجَزْتهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ اُسْتُهْلِكَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَبْطَلْتهَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ لَوْ أَوْصَى مِنْ مَعْصُومٍ بِبَعْضِ مَالِهِ يُدْفَعُ الْبَاقِي إلَى وَرَثَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ عَبْدَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ صَحَّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الثُّلُثِ، وَلَوْ أَوْصَى ذِمِّيٌّ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ لَمْ يَصِحَّ كَالْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَوْصَى لِخِلَافِ مِلَّتِهِ صَحَّ كَالْإِرْثِ وَلَوْ أَوْصَى لِحَرْبِيٍّ غَيْرِ مُسْتَأْمَنٍ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَوْصَى ذِمِّيٌّ لِحَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ ارْتَدَّ مُسْلِمٌ إلَى الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةِ، ثُمَّ أَوْصَى بِبَعْضِ هَذِهِ الْوَصَايَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَوَقَّفُ مَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ مِنْ وَصَايَاهُ وَيَبْطُلُ مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَعِنْدَهُمَا تَصَرُّفَاتُ الْمُرْتَدِّ نَافِذَةٌ لِلْحَالِ فَيَصِحُّ مِنْهُ مَا يَصِحُّ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَهُمْ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا وَكَانَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمَا. وَأَمَّا الْمُرْتَدَّةُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ وَصَايَاهَا مَا يَصِحُّ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ. قَالَ فِي الْكِتَابِ: إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَهِيَ مَا إذَا أَوْصَتْ بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَهُمْ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا بِأَنْ أَوْصَتْ بِبِنَاءِ الْبِيعَةِ أَوْ الْكَنِيسَةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِقَوْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَإِنِّي لَا أَحْفَظُ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَيْئًا، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَصَاحِبُ الْهَوَى إنْ كَانَ لَا يَكْفُرُ فَهُوَ فِي حَقِّ الْوَصِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ ظَاهِرًا وَإِذَا كَانَ يَكْفُرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَدِّ فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَصَرُّفَاتِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا صَنَعَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ مِيرَاثٌ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
[مَسَائِلَ شَتَّى]
(مَسَائِلَ شَتَّى) رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُوصِيَ وَصِيَّةً فَوَهَبَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَوْ اشْتَرَى ابْنًا لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى عَتَقَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا، وَلَوْ وَهَبَ شَيْئًا لِوَارِثِهِ فِي مَرَضِهِ وَأَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ وَأَمَرَ بِتَنْفِيذِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: كِلَاهُمَا بَاطِلَانِ، فَإِنْ أَجَازَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مَا فَعَلَ وَقَالُوا: أَجَزْنَا مَا أَمَرَ بِهِ الْمَيِّتُ تَنْصَرِفُ الْإِجَازَةُ إلَى الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ لَا إلَى الْهِبَةِ وَلَوْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ: أَجَزْنَا مَا فَعَلَهُ الْمَيِّتُ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ جَمِيعًا.
مَرِيضٌ أَوْصَى بِوَصَايَا ثُمَّ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَعَاشَ سِنِينَ، ثُمَّ مَرِضَ فَوَصَايَاهُ بَاقِيَةٌ إنْ لَمْ
يَقُلْ: إنْ مِتَّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَبْرَأْ مِنْ مَرَضِي فَقَدْ أَوْصَيْت بِكَذَا أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: (اكرمزا ازين بيمارى مَرَّك آيَد) أَوْ قَالَ: (اكرازين بيمارى بميرم) فَحِينَئِذٍ إذَا بَرَأَ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ أَوْصَى وَقَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَغِلْمَانِي أَحْرَارٌ وَيُعْطَى فُلَانٌ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا وَيَحُجُّ عَنِّي، ثُمَّ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ، ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا، وَقَالَ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى أَوْ لِغَيْرِهِمْ: اشْهَدُوا أَنِّي عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَمَّا فِي الْقِيَاسِ هَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ الْأُولَى حِينَ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ فَنُجِيزُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَتَحَاصُّونَ فِي الثُّلُثِ، وَهَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ إذَا قَالَ: أَوْصَيْت لِعَبْدِ اللَّهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلِلْمَسَاكِينِ بِمِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَغِلْمَانِي أَحْرَارٌ، ثُمَّ بَرَأَ، ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَوْصَى بِوَصَايَا، وَكَتَبَ بِهَا صَكًّا، ثُمَّ مَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَوْصَى بِوَصَايَا أَيْضًا وَكَتَبَ صَكًّا إنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي الصَّكِّ الثَّانِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى يُعْمَلْ بِهِمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ، ثُمَّ أَخَذَهُ الْوَسْوَاسُ فَصَارَ مَعْتُوهًا فَمَكَثَ كَذَلِكَ زَمَانًا، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ.
مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ لِضَعْفِهِ إلَّا أَنَّهُ عَاقِلٌ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ بِوَصِيَّةٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ بِإِشَارَتِهِ وَأَصْحَابُنَا لَمْ يُجَوِّزُوا، وَقَالَ النَّاطِفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
ذَكَرَ فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ رَجُلٌ أَصَابَهُ فَالِجٌ فَذَهَبَ لِسَانُهُ وَعَجَزَ عَنْ الْكَلَامِ لِمَرَضٍ فَأَشَارَ أَوْ كَتَبَ فَطَالَ ذَلِكَ وَتَقَادَمَ الْعَهْدُ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَكُونُ حُكْمَ الْأَخْرَسِ.
وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفًا، وَقَالَ: هَذَا الْأَلْفُ لِفُلَانٍ، فَإِذَا مِتُّ أَنَا فَادْفَعْهُ إلَيْهِ فَمَاتَ يَدْفَعُهُ الْمَأْمُورُ إلَى فُلَانٍ كَمَا أَمَرَهُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ: هُوَ لِفُلَانٍ وَلَكِنْ قَالَ: ادْفَعْهُ إلَيْهِ فَمَاتَ الْآمِرُ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ لَا يَدْفَعُهُ إلَى فُلَانٍ.
وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرِيضٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ، وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهَا إلَى أَخِي أَوْ قَالَ: إلَى ابْنِي، ثُمَّ مَاتَ وَعَلَى الْمَيِّتِ دُيُونٌ قَالَ: إنْ قَالَ: ادْفَعْهَا إلَى أَخِي، أَوْ قَالَ: إلَى ابْنِي، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَدْفَعُ الْأَلْفَ إلَى غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ.
وَعَنْ نُصَيْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ: ادْفَعُوا هَذِهِ الدَّرَاهِمَ أَوْ هَذِهِ الثِّيَابَ إلَى فُلَانٍ، وَلَمْ يَقُلْ هِيَ لَهُ وَلَا قَالَ: هِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ قَالَ: هَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَا وَصِيَّةٍ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصَايَا وَأَنْفَذُوا وَصَايَاهُ بِالدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ وَالرَّدِيئَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَرَضُوا بِذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ جَازَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصَايَا وَالنُّقُودُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَصَايَاهُ بِمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْبَيَّاعَاتِ.
مَرِيضٌ أَوْصَى بِأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ وَدَرَاهِمُهُ صِحَاحٌ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى بِدَرَاهِمِهِ الصِّحَاحِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُبَاعُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِالدَّرَاهِمِ الْمُكَسَّرَةِ وَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ.
مَرِيضٌ قَالُوا لَهُ: لِمَ لَا تُوصِي، فَقَالَ: أَوْصَيْت بِأَنْ يُخْرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِي فَيُتَصَدَّقُ بِأَلْفٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَزِدْ حَتَّى مَاتَ فَإِذَا ثُلُثُ مَالِهِ أَلْفَانِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُتَصَدَّقُ إلَّا بِالْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: أَوْصَيْت بِأَنْ يُخْرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِي، وَلَمْ يَزِدْ قَالَ: يُتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
مَرِيضٌ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِي وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا الثُّلُثُ أَكْثَرُ قَالَ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ الثُّلُثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِنَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَهُوَ الثُّلُثُ فَإِذَا نَصِيبُهُ النِّصْفُ قَالَ: هُوَ لَهُ إنْ كَانَ يَخْرُجُ النِّصْفُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ عُشْرُ مَالِي لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ الْأَلْفُ الْعُشْرَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ لِفُلَانٍ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا فِيهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ كَانَ لَهُ مَا فِي الْكِيسِ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَكَذَا لَوْ وُجِدَ فِي الْكِيسِ دَنَانِيرُ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ جَمِيعُ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَلْفُ
دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ مِمَّا فِي هَذَا الْكِيسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ نِصْفُ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ، فَإِذَا فِي الْكِيسِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ كَانَ لَهُ الْأَلْفُ وَإِنْ كَانَ فِي الْكِيسِ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ إلَّا خَمْسُمِائَةٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَا غَيْرُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْكِيسِ دَنَانِيرُ أَوْ جَوَاهِرُ لَا شَيْءَ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ مِقْدَارُ أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ وَهُوَ كُرُّ طَعَامٍ فَوُجِدَ فِيهِ أَكْرَارَ أَوْ وُجِدَ حِنْطَةٌ وَشَعِيرٌ، فَالْكُلُّ لَهُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ هَذَا الْكِيسِ وَأَوْصَيْت لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ هَذَا الْكِيسِ يَعْنِي كِيسًا آخَرَ فَهُوَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقُوا عَنْهُ بِالْحِنْطَةِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حِنْطَةً لَكِنْ سَقَطَ ذَلِكَ عَنْ السُّؤَالِ فَقِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ مَوْجُودَةً فَأَعْطَى قِيمَةَ الْحِنْطَةِ دَرَاهِمَ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَوْصَى بِالدَّرَاهِمِ فَأَعْطَى حِنْطَةً لَمْ يَجُزْ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَقَدْ قِيلَ: بِأَنَّهُ يَجُوزُ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ هَذَا الْعَبْدُ وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِنَفْسِ الْعَبْدِ.
وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَتَصَدَّقْ بِهَا، فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَوْصَى بِصَدَقَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا فَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ مَكَانَهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، جَازَ وَإِنْ هَلَكَتْ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَهَا وَعَنْهُ أَيْضًا، لَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهِ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ فَهَلَكَ الْأَلْفُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْحَاجِّ، هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ؟ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجُوزُ ذَلِكَ. كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَى فُقَرَاءِ مَكَّةَ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَغَصَبَ رَجُلٌ الْمَالَ مِنْ الْوَصِيِّ وَاسْتَهْلَكَهُ فَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ صَدَقَةً عَلَى الْغَاصِبِ وَالْغَاصِبُ مُعْسِرٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: يَجُوزُ ذَلِكَ.
رَجُلٌ أَصَابَ مَتَاعًا حَرَامًا وَأَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ عَنْ صَاحِبِ الْمَتَاعِ قَالَ: إنْ عَرَفَ صَاحِبَ الْمَتَاعِ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَتَصَدَّقْ بِهِ فَإِنْ كَذَّبَتْ الْوَرَثَةُ مُوَرِّثَهُمْ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ يُتَصَدَّقُ مِنْ ذَلِكَ بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ.
امْرَأَةٌ قَالَتْ فِي وَصِيَّتِهَا (خويشان مراياد كارهست ازمال مِنْ) قَالَ: تُصْرَفُ الْوَصِيَّةُ إلَى قَرِيبٍ لَهَا لَا يَرِثُ مِنْهَا وَالتَّقْدِيرُ فِي ذَلِكَ لِمَنْ خَاطَبَتْهُ بِالْكَلَامِ يُعْطَى مِنْ مَالِهَا قَدْرَ مَا يَشَاءُ أَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ التَّذْكِرَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا أَوْصَى بِأَفْضَلِ عَبِيدِهِ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ بِخَيْرِ عَبِيدِهِ وَأَنْ يُبَاعَ وَيُجْعَلَ ثَمَنُهُ فِي الْمَسَاكِينِ يُنْظَرُ إلَى أَفْضَلِهِمْ وَخَيْرِهِمْ قِيمَةً، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِخَيْرِ عَبِيدِي أَوْ لِأَفْضَلِ عَبِيدِي بِثُلُثِ مَالِي فَثُلُثُ مَالِهِ لِأَفْضَلِهِمْ فِي الدِّينِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْمَسَاكِينِ وَهُوَ فِي بَلَدٍ وَوَطَنُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ قَالَ: إنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ يُصْرَفُ ذَلِكَ إلَى فُقَرَاءِ هَذَا الْبَلَدِ وَمَا كَانَ فِي وَطَنِهِ يُصْرَفُ إلَى فُقَرَاءِ وَطَنِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ بَلْخٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصْرَفَ إلَيْهِمْ وَإِنْ أَعْطَى غَيْرَهُمْ جَازَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَجُوزُ.
وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَتُصُدِّقَ فِي يَوْمٍ جَازَ وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْطَى كُلُّ فَقِيرٍ دِرْهَمًا فَأَعْطَى الْوَصِيُّ فَقِيرًا نِصْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَعْطَاهُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْفَقِيرُ النِّصْفَ الْأَوَّلَ أَرْجُو أَنْ لَا يُضَمَّنَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
أَوْصَى بِأَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ عَشَرَةُ مَسَاكِينَ عَنْ كَفَّارَةٍ فَغَدَّى الْوَصِيُّ عَشَرَةً فَمَاتُوا يُغَدِّي وَيُعَشِّي غَيْرَهُمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: أَطْعِمُوا عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ غَدَاءً وَعَشَاءً وَلَمْ يُسَمِّ كَفَّارَةً،
فَغَدَّى عَشَرَةً فَمَاتُوا عَشَّى عَشَرَةً سِوَاهُمْ وَقِيلَ فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ: إنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَيُغَدِّي عَشَرَةً سِوَاهُمْ وَيُعَشِّيهِمْ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِثَلَثِمِائَةِ قَفِيزٍ حِنْطَةً بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَفَرَّقَ مِائَتَيْ قَفِيزٍ حِنْطَةً فِي حَيَاةِ الْمُوصِي قَالَ أَبُو النَّصْرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَغْرَمُ الْوَصِيُّ مَا فَرَّقَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي قَالَ وَيُفَرِّقُهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ. قِيلَ لَهُ: فَإِنْ فَرَّقَ بِأَمْرِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ؟ قَالَ: إنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ لَا يَجُوزُ أَمْرُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَ أَمْرُهُمْ وَإِذَا فَرَّقَ يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ قَالَ: رضي الله عنه وَيَصِحُّ أَمْرُ الْكِبَارِ فِي حِصَّتِهِمْ وَلَا يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الصِّغَارِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَوْصَى فِي مَرَضِهِ، وَقَالَ: إنِّي كُنْت جَامَعْت أَهْلِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَاسْأَلُوا الْفُقَهَاءَ مَاذَا يَجِبُ عَلَيَّ فِي الْحُكْمِ فَافْعَلُوهُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مَعَ سَائِرِ وَصَايَاهُ أُعْتِقَتْ عَنْهُ رَقَبَتُهُ وَأُطْعِمَ عَنْهُ أَيْضًا نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ الْإِجَازَةَ أُطْعِمَ عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكَيْنَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ وَمُدَّانِ لِمِسْكِينٍ إنْ خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى حِنْطَةً وَخُبْزًا وَيُتَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَعَلَى مَنْ يَجِبُ أَجْرُ الْحَمَّالِينَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْحِنْطَةَ وَالْخُبْزَ قَالُوا: إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِحَمْلِ ذَلِكَ إلَى مَوْضِعٍ يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمَنْ يَحْمِلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ، ثُمَّ يَدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ إلَى الْمَسَاجِدِ فَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ.
أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَلَوْ وَضَعَ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ دَفَعَ إلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ أَوْ الصَّغِيرِ الَّذِي يَعْقِلُ الْقَبْضَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ لَمْ يَجُزْ عَامِلُ السُّلْطَانِ.
إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ لَا يَحِلُّ أَخْذُهُ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مُخْتَلَطٌ بِمَالِهِ جَازَ أَخْذُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ جَازَ أَيْضًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَالُ غَيْرِهِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَ مُخْتَلَطًا لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ فَلَا وَجْهَ إلَّا الرَّدُّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْلِكُهُ بِالْخَلْطِ فَيَجُوزُ أَخْذُهُ إذَا كَانَ فِي بَقِيَّةِ مَالِ الْمَيِّتِ وَفَاءٌ بِمِقْدَارِ مَا يُرْضِي خُصَمَاءَهُ.
وَفِي الْجَامِعِ إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْمَسَاكِينِ يُتَصَدَّقُ مِنْهُ كُلَّ سَنَةٍ بِثَمَانِيَةِ دَرَاهِمَ.
أَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِأَنْ يُتَصَدَّقَ مِنْ ثُلُثِي كُلَّ سَنَةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْوَصِيُّ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَلَا يُوَزِّعُ عَلَى السَّنَةِ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُعْفَى عَنْ قَاتِلِهِ وَالْقَتْلُ عَمْدًا كَانَ بَاطِلًا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ أَوْصَى بِسُدُسِ مَالِهِ، ثُمَّ بِسُدُسِ مَالِهِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَأَشْهَدَ عَلَى وَاحِدٍ شَاهِدَيْنِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا سُدُسُ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ أَكْثَرَ أَوْ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْأُخْرَى فَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ فَيُعْطَى الْأَكْثَرُ وَسَقَطَ حُكْمُ الْبَاقِي، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَأَعْطَى الْوَصِيُّ الْأَغْنِيَاءَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُجْزِئُهُ وَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ لِلْفُقَرَاءِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا كَانَ رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ الدَّيْنِ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنُ مِائَةٌ اقْتَسَمَا ثُلُثَ مَالِ الْعَيْنِ نِصْفَيْنِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُونَ ضُمَّ إلَى الْعَيْنِ، وَكَانَ ثُلُثُ جَمِيعِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ لِرَجُلٍ وَبِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ لِآخَرَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ اقْتَسَمَا ثُلُثَ الْعَيْنِ نِصْفَيْنِ فَإِنْ تَعَيَّنَ مِنْ الدُّيُونِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا ضُمَّ ذَلِكَ إلَى الْعَيْنِ فَكَانَ لِصَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ ثُلُثُ ذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الثُّلُثُ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ فِي الْعَيْنِ وَالثُّلُثَانِ