الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّأْيَ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَيِّمِ يُعْطِي مِنْ شَاءَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَأَيَّ قَدْرٍ شَاءَ وَسَلَّمَ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَى فُلَانٍ بَعْدَ مَا جَعَلَهُ مُتَوَلِّيًا فِي ذَلِكَ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ.
[وَقْفِ الْعَقَارَاتِ]
(نَوْعٌ آخَرُ فِي وَقْفِ الْعَقَارَاتِ) وَأَنَّهُ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ فَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ فِي حَيَاتِهِ وَبِهِ بَدَأَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي بَابِ الْوَقْفِ فِي شُرُوطِ الْأَصْلِ قَالَ قُلْت: أَرَأَيْت إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ فِي حَيَاتِهِ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ هَلْ يَجُوزُ قَالَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ مَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ يَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَقْفُ حَبْسُ الْأَصْلِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ وَالثَّمَرَةِ وَمَنْفَعَةِ الدَّارِ وَالْأَرْضِ فَكَانَ كَالْعَارِيَّةِ وَالْعَارِيَّةُ جَائِزَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَوْ مَاتَ الْمُعِيرُ تَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ فَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ قُلْت فَهَلْ فِي ذَلِكَ حِيلَةٌ حَتَّى تَجُوزَ هَذِهِ الصَّدَقَةُ وَلَا يَكُونَ لِأَحَدٍ نَقْضُهَا قَالَ إنْ نَقَضَ السُّلْطَانُ أَوْ وَارِثٌ هَذِهِ الصَّدَقَةَ فَهِيَ وَصِيَّةٌ مِنْ ثُلُثَيْنِ يُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَيَحْصُلُ الصِّيَانَةُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُرِيدُ إبْطَالَهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهَذَا الْإِبْطَالِ شَيْئًا فَلَا يُبْطِلُهَا، ثُمَّ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي تَعْلِيمِ الْحِيلَةِ يَقُولُ فَهِيَ وَصِيَّةٌ مِنْ ثُلُثٍ يُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَقُلْ يَقُولُ فَهِيَ وَقْفٌ وَصَدَقَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ الْمُضَافُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ جَائِزًا لَازِمًا عِنْدَهُ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ.
كَانَ الْوَقْفُ الْمُضَافُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فِي مَعْنَى الْوَصِيَّةِ وَمِنْ مَذْهَبِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُبْطِلُهَا فَقَالَ مَا قَالَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِهِ قُلْت: فَكَيْفَ يَكْتُبُ؟ قَالَ: يَكْتُبُ هَذَا مَا عَهِدَ فُلَانٌ فِي حَيَاتِهِ عَهِدَ أَنَّهُ جَعَلَ دَارِهِ الَّتِي فِي بَنِي فُلَانٍ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ عز وجل هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَا يَكْتُبَانِ هَذَا مَا تَصَدَّقَ بِهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ فُلَانًا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ دَارِهِ، وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ كَانَ يَكْتُبُ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَانُوا يَكْتُبُونَ هَذَا مَا وَقَفَ وَتَصَدَّقَ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَحَسَنٌ، وَلَمْ يَصِفْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدَّارَ بِكَوْنِهَا فَارِغَةً وَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَا يَكْتُبَانِ وَهِيَ دَارٌ فَارِغَةٌ وَإِنَّهُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ شَغْلَ الدَّارِ يَمْنَعُ جَوَازَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي شَرْطًا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لِيَقَعَ التَّحَرُّزُ عَنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ قَالَ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ عز وجل، إنَّمَا قَالَ هَذَا حَتَّى تَمْتَازَ هَذِهِ الصَّدَقَةُ عَنْ الصَّدَقَةِ الْمُقَيَّدَةِ.
وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَكْتُبَانِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ عز وجل مُؤَبَّدَةً مُحَرَّمَةً مُحْتَبَسَةً بَتَّةً بَتَلَةً لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ وَلَا تُمْلَكُ بِوَجْهِ مِلْكٍ وَلَا تُتْلَفُ بِوَجْهِ تَلَفٍ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا مَحْفُوظَةً عَلَى شُرُوطِهَا مُسْبَلَةً عَلَى سُبُلِهَا الْمُسَمَّاةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يَرِثَهَا اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي لَهُ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ.
ثُمَّ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا تُؤَاجَرَ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِغَلَّتِهَا وَالتَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْإِجَارَةِ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْإِجَارَةَ مُطْلَقَةً.
وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا الْإِطْلَاقُ إذَا أَرَادَ الْمُتَصَدِّقُ الْإِطْلَاقَ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يُؤَاجِرَ سَنَةً فَسَنَةً يَذْكُرُ فِي الصَّكِّ عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَ سَنَةً فَسَنَةً وَلَا يُؤَاجِرَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا انْقَضَتْ سَنَةٌ يُؤَاجِرُ سَنَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَكْتُبُ وَيُتَصَدَّقُ بِغَلَّتِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَبَدًا؛ لِأَنَّ التَّأْيِيدَ شَرْطُ صِحَّةِ الْوَقْفِ إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ يُتَصَدَّقُ
بِغَلَّتِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ مُجِيزِي الْوَقْفِ وَعَلَى قَوْلِ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ الصَّدَقَةِ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ جَمِيعَ الْمَسَاكِينِ فَالتَّصَدُّقُ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ جَائِزٌ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ، وَعِنْدَ عَامَّةِ مُجِيزِي الْوَقْفِ لَفْظَةُ الصَّدَقَةِ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ جِنْسِ الْمَسَاكِينِ حَيْثُ أَطْلَقَ وَلَمْ يُعَيَّنْ وَاحِدًا فَصَارَ كَأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْمَسَاكِينِ لِيَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الِاخْتِلَافِ.
وَإِنْ أَرَادَ الْمُتَصَدِّقُ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِغَلَّتِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْمَسَاكِينِ وَمَسَاكِينِهِمْ يَكْتُبُ وَيُتَصَدَّقُ بِغَلَّتِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَاكِينِهِمْ وَأَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ أَبَدًا عَلَى مَا يَرَى وَالِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ الَّذِي يَلِي يَوْمَئِذٍ مِنْ تَسْوِيَةِ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَمِنْ تَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ بِوَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ بَعْدَ أَنْ يَتَوَخَّى أَيْ أَنْ يَبْتَغِيَ وَيَطْلُبَ أَفْضَلَ ذَلِكَ مَوْضِعًا وَأَعْظَمَهُ أَجْرًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْدَأُ أَوَّلًا بِمَا يُحَصَّلُ مِنْ غَلَّتِهَا بِمَرَمَّتِهَا وَعِمَارَتِهَا وَإِصْلَاحِهَا بِمَا فِيهَا مِنْ الْمُسْتَزَادِ فِي غَلَّاتِهَا وَأُجُورِ الْقَوَّامِينَ وَجَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، ثُمَّ مَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَعَامَّةِ أَهْلِ الشُّرُوطِ يَكْتُبُونَ يَبْدَأُ أَوَّلًا بِمَا حُصِّلَ مِنْ غَلَّتِهَا بِمَرَمَّتِهَا وَعِمَارَتِهَا وَإِصْلَاحِهَا وَمَا فِيهِ مِنْ الْمُسْتَزَادِ مِنْ غَلَّتِهَا وَأُجُورِ الْقَوَّامِ عَلَيْهَا، ثُمَّ مَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يُصْرَفُ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَاكِينِهِمْ أَبَدًا إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ اقْتِضَاءً فَإِنَّهُ قَالَ: يُتَصَدَّقُ بِغَلَّتِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَبَدًا وَلَا يُمْكِنُ التَّصَدُّقُ بِغَلَّتِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَبَدًا إلَّا بَعْدَ عِمَارَتِهَا وَمَرَمَّتِهَا وَالثَّابِتُ اقْتِضَاءً وَالثَّابِتُ نَصًّا سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ الشُّرُوطِ كَانُوا يَقُولُونَ: الثَّابِتُ نَصًّا أَقْوَى مِنْ الثَّابِتِ اقْتِضَاءً.
وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ يَكْتُبُونَ فِي الْأَرْضِ وَالْكَرْمِ وَأَدَاءَ خَرَاجِهَا وَمُؤْنَتِهَا الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْلَالَ بِدُونِهِ لَا يُمْكِنُ وَفِي الدَّارِ وَالْحَوَانِيتِ يَكْتُبُونَ وَأَدَاءَ مُؤْنَتِهَا وَالنَّوَائِبِ السُّلْطَانِيَّةِ الْمُوَظَّفَةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْخَرَاجِ، ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَرُدَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ.
وَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَزِيدَانِ عَلَى ذَلِكَ لِلتَّأْكِيدِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ أَحَدٍ مِنْ عَرَضِ النَّاسِ أَنْ يُغَيِّرَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَنْ يُبَدِّلَهَا وَأَنْ يُبْطِلَهَا وَأَنْ يُعِينَ أَحَدًا عَلَى نَقْضِهَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ بَاءَ بِإِثْمِهِ وَأَجْرُ فُلَانٍ يَعْنِي الْمُتَصَدِّقَ فِيمَا نَوَى مِنْ ذَلِكَ وَاحْتَسَبَ عَلَى اللَّهِ عز وجل.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْتُبُ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَرُدَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ؛ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ نَقْضُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَلَوْ نُقِضَتْ عَادَتْ إلَى مِلْكِ الْمَالِكِ كَمَا كَانَتْ وَلَا يَكُونُ آثِمًا فَتَكُونُ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ كَذِبًا عَلَى قَوْلِهِ وَيَبْطُلُ بِهِ الْوَقْفُ لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ، ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَدَفَعَ فُلَانٌ الْمُتَصَدِّقُ هَذِهِ الدَّارَ إلَى فُلَانٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ بَعْدَ مَا جَعَلَهُ فِيهَا مُتَوَلِّيًا لِأُمُورِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَقَبَضَ فُلَانٌ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي شَرْطُ صِحَّةِ الْوَقْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمْ يَكْتُبْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ عَلَى أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ يَسْتَبْدِلُ بِهِمْ مَنْ شَاءَ وَأَحَبَّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ وَلَا الْمُتَوَلِّي أَنْ يُؤَكِّلَ غَيْرَهُ إلَّا إذَا فُوِّضَ ذَلِكَ إلَيْهِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَإِذَا فُوِّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَوَكَّلَ غَيْرَهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ إلَّا إذَا فُوِّضَ إلَيْهِ الْعَزْلُ قَالَ، ثُمَّ يَكْتُبُ فَإِنْ رَدَّ سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ طَعَنَ فِيهَا طَاعِنٌ فَهِيَ وَصِيَّةٌ مِنْ ثُلُثِ فُلَانٍ يُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ هَذَا صِيَانَةً لِهَذَا الْوَقْفِ عَنْ النَّقْضِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَإِنْ أُلْحِقَ بِآخِرِ هَذَا الْكِتَابِ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِصِحَّةِ هَذَا
الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا قَبْلَ هَذَا تَحْصُلُ بِهِ الصِّيَانَةُ أَيْضًا.
(صَدَرَ صَكُّ الْوَقْفِ مِنْ إنْشَاءِ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) هَذَا مَا وَقَفَ وَتَصَدَّقَ بِهِ الْعَبْدُ الْمُسْرِفُ فِي الذَّنْبِ الْحَسَنُ الظَّنِّ بِعَفْوِ الرَّبِّ فُلَانٌ ابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِثَوَابِهِ وَتَحَرِّيًا لِمَرْضَاتِهِ وَهَرَبًا مِنْ أَلِيمِ عَذَابِهِ وَشَدِيدِ عِقَابِهِ حِينَ رَأَى نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ مُتَوَافِرَةً وَآلَاءَهُ لَدَيْهِ مُتَظَاهِرَةً وَقَدْ اخْتَصَّهُ بِمَا حُرِمَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَشْكَالِهِ وَنُظَرَائِهِ وَأَتَاهُ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ أَمْثَالِهِ وَقُرَنَائِهِ مِنْ أَجْنَاسِ خَلْقِهِ أَنْشَأَهُ فِي عِزٍّ وَوَجَاهَةٍ وَعَمَّرَهُ فِي رَخَاءِ عَيْشٍ وَرَفَاهَةٍ وَارْتِفَاعِ ذِكْرٍ وَتَمْكِينٍ وَشَرَفِ قَدْرٍ وَاتِّسَاعِ يَمِينٍ، ثُمَّ رَأَى نَفْسَهُ فِي انْتِقَاصٍ وَحَوَاسَّهُ فِي كَلَالٍ وَانْتِقَاصٍ قَدْ ذَهَبَتْ قُوَاهَا وَانْتَقَضَتْ عُرَاهَا وَقَلَّ كَرَاهَا وَكَثُرَ شَكْوَاهَا وَابْيَضَّ مِنْهُ الشَّعْرُ وَانْحَنَى لَهُ الظَّهْرُ قَدْ قَارَبَ الزَّوَالَ وَأَشْرَفَ عَلَى الِارْتِحَالِ، وَأَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ وَيَتَزَوَّدَ مِنْ أُولَاهُ لِعَاقِبَتِهِ وَيُقَدِّمَ فِي يَوْمِهِ لِغَدِهِ مِنْ أَطْيَبِ ذَاتِ يَدِهِ ذُخْرًا لِوَقْتِ حَاجَتِهِ وَعُدَّةً لِفَقْرِهِ وَفَاقَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وَلِمَا بَلَغَهُ مِنْ الْآثَارِ وَنُقِلَ فِي الْأَخْبَارِ، مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ: الْأَوَّلُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَالثَّانِي: أُمَّةٌ مُذْنِبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ. وَالثَّالِثُ: وَجَدْنَا مَا عَمِلْنَا وَرَبِحْنَا مَا قَدَّمْنَا وَخَسِرْنَا مَا خَلَّفْنَا.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي وَهَلْ لَك مِنْ مَالِك إلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ» وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «ظِلُّ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَدَقَتُهُ» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ» فَأَنْفَقَ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رِضَاهُ عَاجِلًا رَاجِيًا نَفَقَتَهُ آجِلًا رَغْبَةً فِي مَوْعُودِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ «خَيْرُ مَا يَخْلُفُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلَاثَةٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٌ جَارِيَةٌ يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، وَعِلْمٌ يُعْمَلُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ» فَأَحَبَّ أَنْ يَنْدَرِجَ فِي جُمْلَةِ مَنْ لَا يَنْقَطِعُ عَمَلُهُ إذَا دَنَا أَجَلُهُ فَوَقَفَ وَتَصَدَّقَ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَطَيِّبِ كَسْبِهِ بِكَذَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(صَكٌّ قَدِيمٌ طَوِيلٌ فِي اتِّخَاذِ الْمَدْرَسَةِ وَالْوَقْفِ عَلَيْهَا) هَذَا مَا احْتَسَبَ بِإِنْفَاقِهِ وَتَصَدَّقَ بِهِ الْخَاقَانُ الْأَجَلُّ السَّيِّدُ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ الْمُؤَيَّدُ الْعَدْلُ عِمَادُ الدَّوْلَةِ وَتَاجُ الْمِلَّةِ طمغاج يغراقراخان أَبُو إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ سَيْفُ خَلِيفَةُ اللَّهِ تَعَالَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَى اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهُ وَأَعَزَّ نَصْرَهُ تَقَرُّبًا إلَى الرَّبِّ الْجَلِيلِ وَطَلَبًا لِلثَّوَابِ الْجَزِيلِ وَهَرَبًا مِنْ الْعَذَابِ وَالتَّنْكِيلِ وَرَغْبَةً فِي وَعْدِهِ الْجَمِيلِ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ مُحْكَمُ التَّنْزِيلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عز وجل {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20] وَرُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ الْأَبْرَارِ وَصَحْبِهِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَصَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، وَعِلْمٌ يَعْمَلُ بِهِ النَّاسُ» وَأَحَبَّ أَنْ يَتَدَرَّجَ فِي عِدَادِ مَنْ لَا يَنْقَطِعُ عَمَلُهُ وَأَنْ يُقَدِّمَ لِنَفْسِهِ خَيْرًا يَكُونُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ وَزَادًا لِلْمَعَادِ وَذَخِيرَةً بَاقِيَةً لِيَوْمِ التَّنَادِّ {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [آل عمران: 30] الْآيَةَ فَأَمَرَ بِاِتِّخَاذِ مَدْرَسَةٍ تَكُونُ مَجْمَعًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مُتَّصِلَةً بِالْمَشْهَدِ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَسْجِدٍ وَمَوَاضِعَ لِدَرْسِ الْعِلْمِ وَمَكْتَبَةٍ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَمَجْلِسِ مُقْرِئٍ يُقْرِئُ النَّاسَ الْقُرْآنَ وَمَجْلِسِ مُؤَدِّبٍ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْأَدَبَ وَدُوَيْرَاتٍ وَسَاحَةٍ وَبُسْتَانٍ وَجَمَعَ فِي ذَلِكَ شَرَائِطَ الصِّحَّةِ عَلَى مَا اقْتَضَى الْعِلْمُ صِحَّةَ تِلْكَ الصَّدَقَاتِ عَلَى وُجُوهِهَا الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا، وَجَمِيعُ ذَلِكَ دَاخِلُ مَدِينَةِ سَمَرْقَنْدَ بِمُوضَعٍ مِنْهَا يُعْرَفُ مِنْهَا بِالْبَابِ الْجَدِيدِ وَأَحَدُ حُدُودِ جَوَانِبِهَا لَزِيقُ الشَّارِعِ
وَالثَّانِي لَزِيقُ سَاحَةٍ مَنْسُوبَةٍ إلَى الْخَاتُونِ الْمَلِكَةِ بِنْتِ الطَّرْخَانِ بِك وَلَزِيقُ فارقين وَقْفٌ عَلَى مَشْهَدِهِمْ وَالثَّالِثُ لَزِيقُ مَنْزِلٍ وَقْفٍ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَلَزِيقُ مَنْزِلِ أَحْمَدَ الْمُقَصِّصِ وَلَزِيقُ مَنْزِلِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْعَطَاءِ وَيَتَّصِلُ بِخَانٍ يُنْسَبُ إلَى الْخَاتُونِ الْمَلِكَةِ وَالرَّابِعُ لَزِيقُ مَنْزِلٍ مَنْسُوبٍ إلَى حَاوِلِي الخيلتاشي وَلَزِيقُ خَانِقَاهُ مَنْسُوبٍ إلَى الْأَمِيرِ نِظَامِ الدَّوْلَةِ وَلَزِيقُ مَنْزِلٍ مَنْسُوبٍ إلَى الْخَاتُونِ الْمَلِكَةِ تركان خَاتُونَ وَلَزِيقُ الطَّرِيقِ وَإِلَيْهِ مَدْخَلُهَا، ثُمَّ أَحَبَّ أَنْ يَدُومَ ذَلِكَ الْخَيْرُ عَلَى مُرُورِ الْأَيَّامِ وَكُرُورِ الْأَعْوَامِ بِأَوْقَافٍ صَحِيحَةٍ عَلَيْهَا، وَعَلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ وَأَبْوَابِ الْبِرِّ فِيهَا فَيَبْقَى عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ نِيَّتُهُ وَاشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ طَوِيَّتُهُ فَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ بِكُلِّ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا الْمَحْدُودَةِ الْمَوْصُوفَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ لِإِقَامَةِ أَعْمَالِ الْبِرِّ فِيهَا وَبِجَمِيعِ الْخَانِ الْخَالِصِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الدِّيَاتِ وَالْإِصْطَبْلَاتِ وَالْمَتْبَنِ وَالْأَوَارِي وَالْحُجُرَاتِ وَالْغُرَفِ وَالْحَوَانِيتِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهَا عَلَى يَسَارِ الدَّاخِلِ فِي هَذَا الْخَانِ وَوَاحِدٍ عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ فِيهِ، وَهَذَا الْخَانُ مَعْرُوفٌ (بِنِيمِ بَلَاس) بِسُوقِ سَعْدٍ سَمَرْقَنْدَ فِي مَحَلَّةِ (زركوبان) فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا يُعْرَفُ (بكوجة مُفْلِس) وَبِجَمِيعِ الْخَانِ الْخَالِصِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الدُّوَيْرَاتِ الْخَمْسِ وَالْحُجُرَاتِ الثَّلَاثَةِ وَالْغُرُفَاتِ الثَّلَاثِ وَبُيُوتِ الْأَهْوَاءِ الْخَمْسَةِ وَالْحَوَانِيتِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَلَازِقَةِ عَلَى بَابِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ يَمِينًا بِسُوقِ سَعْدٍ سَمَرْقَنْدَ بِمَحَلَّةِ رَأْسِ الطَّاقِ فِي زُقَاقٍ يُعْرَفُ بِزُقَاقِ (شير فروشان) .
وَبِجَمِيعِ الْخَانِ الْخَالِصِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الدُّوَيْرَاتِ الثَّمَانِ وَالدُّوَيْرَاتِ الْكَبِيرَةِ وَالْغُرُفَاتِ الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ وَبُيُوتِ الْأَهْوَاءِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَبَيْتَيْ الْخَلَاءِ وَالْحَوَانِيتِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَلَازِقَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهَذَا الْخَانِ الَّذِي هُوَ بِسُوقِ سَمَرْقَنْدَ بِمَحَلَّةِ رَأْسِ الطَّاقِ فِي سِكَّةِ عَبَّادٍ وَبِجَمِيعِ الدُّوَيْرَةِ الْكَبِيرَةِ مَسْفَلِهَا وَعُلُوِّهَا فِي الْخَانِ الْمَعْرُوفِ بِخَانِ الساماني الْكَبِيرَةِ بِسُوقِ سَعْدٍ سَمَرْقَنْدَ بِرَأْسِ الطَّاقِ فِي شَارِعِ دَرْبِ مَنَارَةٍ، وَهَذِهِ الدُّوَيْرَةُ فِي الزَّاوِيَةِ فِي يَمِينِ الدَّاخِلِ فِي هَذَا الْخَانِ وَبِجَمِيعِ الْحُجُرَاتِ عَلَى عُلُوِّهَا وَالْحُجُرَاتِ الْخَمْسِ الْبَكْدَرِيَّةِ فِي خِلَالِهَا الْمُتَلَازِقَةِ بِهَذَا الْخَانِ وَبِجَمِيعِ الْحُجْرَةِ الْكَبِيرَةِ الْبَكْدَرِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهَا فِي هَذَا الْخَانِ عَنْ يَسَارِ الصَّاعِدِ فِي عُلُوِّهِ وَبِجَمِيعِ الْحَمَّامِ الْمَعْرُوفِ بِحَمَّامِ الرِّجَالِ بِسُوقِ سَعْدٍ سَمَرْقَنْدَ بِمَحَلَّةِ رَأْسِ قَنْطَرَةِ عَاهِرَةٍ فِي سِكَّةِ حَمَّادٍ وَبِجَمِيعِ بُيُوتِ الْأُكْرَةِ وَبَيْتِ الطِّرَازِ وَالْكَرْمِ وَالْمَنَابِرِ وَالْمَزَارِعِ وَالْمَدَاسَاتِ الَّتِي هِيَ بِقَرْيَةِ جرمعد مِنْ قُرَى (أَنْبَارْكَرْ) مِنْ رُسْتَاقِ سَمَرْقَنْدَ، وَبِجَمِيعِ الْأَرَاضِيِ الَّتِي هِيَ فِي التِّلَالِ الْمُتَّصِلَةِ بِمَزْرَعَةِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَهِيَ جَمِيعُهَا مِنْ نَوَاحِي (أَنْبَارْكَرْ) مِنْ رُسْتَاقِ سَمَرْقَنْدَ فَأَحَدُ حُدُودِ الْخَانِ الْمَعْرُوفُ (بِنِيمِ بَلَاس) .
وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ أَحَدُ حُدُودِ كَذَا إلَى آخِرِ هَذِهِ الْمَحْدُودَاتِ فَتَصَدَّقَ الْخَانُ إلَى آخِرِ الْقَابِ هَذَا الْمُتَصَدِّقِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْمَحْدُودَاتِ الْمَذْكُورَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَجَمِيعِ حُقُوقِهَا وَأَرَاضِيِ الْخَانَاتِ وَالْحَوَانِيتِ وَالتَّوَابِيتِ الْمُرَكَّبَةِ، وَبُيُوتِ الْأَهْوَاءِ وَبُيُوتِ الْخَلَاءِ وَالدُّوَيْرَاتِ وَالْحُجُرَاتِ وَالْغُرُفَاتِ وَأَبْنِيَتِهَا وَخَشَبِهَا وَحِيطَانِهَا وَسُفُلِهَا وَعُلُوِّهَا وَسُقُوفِهَا وَجُذُوعِهَا وَعَوَارِضِهَا وَأُسْطُوَانَتِهَا وَأَبْوَابِهَا وَآجُرَّاتِهَا وَأَرْضِ الْحَمَّامِ وَبُيُوتِهِ وَسُقُوفِهِ وَخَشَبِهِ وَحِيطَانِهِ وَآجُرَّاتِهِ وَقُدُرِ مَائِهِ وَأُنْبُوبِهِ وَمُلْقَى رَمَادِهِ وَمَجْمَعِ زِبْلِهِ وَمَصَبِّ مَائِهِ وَحَوْضِهِ وَمَجَارِي مِيَاهِهِ فِي حُقُوقِهِ وَأَرَاضِيِ بُيُوتِ الْأُكْرَةِ وَأَبْنِيَتِهَا وَالْأَشْجَارِ الْقَائِمَةِ فِي الْعَقَارَاتِ وَالزَّرَاجِين وَالْعُرُشِ وَأَنْهَارِهَا وَسَوَاقِيهَا وَشُرُبِهَا بِمَجَارِيهِ
فِي حُقُوقِهَا وَمَدَاسَتِهَا الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهَا فِي حُقُوقِهَا وَمَجَارِي مِيَاهِهَا فِي حُقُوقِهَا.
وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْمَحْدُودَاتِ وَمَنْسُوبٍ إلَيْهَا مِنْ حُقُوقِهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَخَارِجٌ مِنْهَا صَدَقَةً صَحِيحَةً نَافِذَةً وَاجِبَةً بَتَّةً بَتَلَةً مُؤَبَّدَةً مُحَرَّمَةً مُحْبَسَةً لِلَّهِ عز وجل لَا رَجْعَةَ لِهَذَا الْمُتَصَدِّقِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ وَلَا تُرْهَنُ وَلَا تُتَمَلَّكُ وَلَا تُتْلَفُ بِوَجْهٍ تَلَفَ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا جَارِيَةً عَلَى سُبُلِهَا الْمُسَمَّاةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ إلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ.
عَلَى أَنْ يُسْتَغَلَّ جَمِيعُ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الصَّدَقَةُ الْمَوْصُوفَةُ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِوُجُوهِ غَلَّاتِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ وَفِي كُلِّ سَنَةٍ إجَارَةً وَمُقَاطَعَةً وَمُزَارَعَةً وَمُسَاقَاةً بَعْدَ أَنْ لَا يُؤَاجَرَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُعْقَدُ مُزَارَعَةٌ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا لَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَا فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَا يُعْقَدُ عَلَيْهَا عَقْدٌ جَدِيدٌ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا كَذَلِكَ يَجْرِي أَمْرُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ، وَلَا يُؤَاجَرُ قَطُّ مِنْ ذِي حِشْمَةٍ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ إبْطَالِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَتَغْيِيرِهَا عَنْ وُجُوهِهَا الْمَشْرُوطَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَلَّاتِهَا وَأَدَاءِ مُؤَنِهَا يُبْدَأُ بِأَنْوَاعِ عِمَارَتِهَا وَرَمِّ مَا اسْتَرَمَّ مِنْهَا وَالْمُسْتَزَادُ فِي غَلَّاتِهَا وَأَدَاءِ مُؤَنِهَا وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ الْجُدُدِ فِي عَقَارَاتِهَا عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَبِشِرَاءِ الْبَوَارِي وَالْحُصُرِ فِي الصَّيْفِ وَالْحَشِيشِ فِي الشِّتَاءِ لِهَذِهِ الْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى قَدْرِ مَا تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ، وَيُقْطَعُ مِنْ أَشْجَارِ هَذِهِ الْعَقَارَاتِ الدَّاخِلَةِ فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي عِمَارَةِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَحْدُودَاتِ الدَّاخِلَةِ فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِهَا وَيُبَاعُ مَا يَبِسَ مِنْ أَشْجَارِهَا وَأَشْرَفَ عَلَى الْفَسَادِ فَيَكُونُ سَبِيلُ ثَمَنِ ذَلِكَ سَبِيلَ سَائِرِ غَلَّاتِهَا إلَى كُلِّ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَا دِرْهَمٍ مُؤَيَّدِيَّةً عَدْلِيَّةً رَسْمِيَّةً نَقْدَ كُورَةِ سَمَرْقَنْدَ يَوْمَ وَقَعَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ فِيهِ وَيُصْرَفُ إلَى الْفَقِيهِ الَّذِي يَجْلِسُ لِلتَّدْرِيسِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَعْتَقِدَهُ وَيُدَرِّسُ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَسِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ.
وَيُصْرَفُ إلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ الْمُقْتَبِسِينَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْكِتَابِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ يُجْرَى عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ مِنْ هَذَا الْمَالِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، يُوَزَّعُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا يَرَاهُ الْمُدَرِّسُ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ أَوْ تَفْضِيلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْ إعْطَاءِ الْبَعْضِ وَحِرْمَانِ الْبَعْضِ بَعْدَ أَنْ لَا يَزِيدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا مِنْ هَذَا النَّقْدِ وَيُصْرَفُ إلَى الَّذِي يَتَوَلَّى تَفْرِقَةَ هَذَا الْمَالِ الْمُسَمَّى لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ عَلَيْهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا مِنْ ذَلِكَ.
وَيُصْرَفُ إلَى مُؤَدِّبٍ مَرْضِيٍّ يَجْلِسُ فِي هَذَا الْمَدْرَسَةِ وَيُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا الْأَدَبَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَيُصْرَفُ إلَى مُعَلِّمٍ يَجْلِسُ فِي مَكْتَبِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ.
وَيُصْرَفُ إلَى مُقْرِئٍ عَالَمٍ بِالْقِرَاءَاتِ وَالرِّوَايَاتِ يُقْرِئُ النَّاسَ الْقُرْآنَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَيُصْرَفُ إلَى الْأَرْبَعَةِ مِمَّنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي هَذَا الْمَشْهَدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَيُصْرَفُ إلَى ثَمَنِ دُهْنِ السُّرُجِ لِإِسْرَاجِ السُّرُجِ وَالْقَنَادِيلِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَشْهَدِ وَالْمَسْجِدِ وَدُوَيْرَاتِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَبَيْتِ الْخَلَاءِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيُصْرَفُ إلَى ثَمَنِ الْجَمْدِ لِسِقَايَةِ هَذَا الْمَدْرَسَةِ فِي كُلِّ صَيْفٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيُصْرَفُ إلَى ثَمَنِ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْحَوَائِجِ لِاِتِّخَاذِ الضِّيَافَةِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ فِي لَيَالِيِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَيُصْرَفُ إلَى ثَمَنِ الشُّمُوعِ وَالْبَخُورِ لَيْلَةَ الْخَتْمِ فِي كُلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ مِنْ هَذَا النَّقْدِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، وَيُصْرَفُ إلَى ثَمَنِ الْأَضَاحِيِّ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ شِرَاؤُهُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَيُشْتَرَى بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْبَقَرِ الَّتِي تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ شِرَاؤُهُ بِذَلِكَ فَيُضَحَّى بِهَا يُنْوَى بِذَلِكَ عَنْ هَذَا الْمُتَصَدِّقِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَيُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَيُشْتَرَى بِالْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْأَغْنَامِ الَّتِي تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ شِرَاؤُهُ بِذَلِكَ فَيُضَحَّى بِهَا فَيُنْوَى بِهَا عَنْ أَبَوَيْ هَذَا الْمُتَصَدِّقِ وَيُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.
وَيُصْرَفُ فِي كُلِّ عَاشُورَاءَ مِنْ هَذَا النَّقْدِ إلَى كِسْوَةِ خَمْسِينَ نَفَرًا مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَإِلَى أَثْمَانِ هَذَا الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْحَوَائِجِ لِاِتِّخَاذِ الضِّيَافَةِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ عَشِيَّةَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَلْفُ دِرْهَمٍ.
وَيُصْرَفُ إلَى رَجُلَيْنِ مُوَكَّلَيْنِ بِخِدْمَةِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَسْجِدِ وَالْمَشْهَدِ يَفْتَحَانِ الْأَبْوَابَ وَيُغْلِقَانِهَا وَيَكْنُسَانِ وَيَكْبِسَانِ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَبْسِ وَيَفْرِشَانِ الْحُصُرَ وَالْبَوَارِيَ وَيَطْوِيَانِ وَيُلْقِيَانِ الْحَشِيشَ وَيَرْفَعَانِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الرَّفْعِ وَيُنَظِّفَانِ بَيْتَ الْخَلَاءِ وَيُوقِدَانِ السُّرُجَ وَالْقَنَادِيلَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِيهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ ذَلِكَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ.
وَيُصْرَفُ إلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ يَخْتَارُهُ الْمُدَرِّسُ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ فَيُفَوِّضُ إلَيْهِ مُرَاعَاةَ مَصَالِحِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَشْهَدِ فَيَسْكُنُ فِيهَا وَيَحْفَظُ بَيْتَ الْكُتُبِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَيَطَّلِعُ أَحْوَالَهَا وَيُرَاعِي أُمُورَهَا وَيُعَيَّنُ بِأَمْرِ مَنْ يُوَكَّلُ بِخِدْمَةِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَشْهَدِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ هَذَا النَّقْدِ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَإِنْ رَأَى الْمُدَرِّسُ فِي هَذَا الْمَدْرَسَةِ الصَّلَاحَ فِي أَنْ يُفَوِّضَ هَذَا الْأَمْرَ إلَى رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ يَسْكُنَانِ هَذِهِ الْمَدْرَسَةَ يَتَوَلَّى أَحَدُهُمَا أَمْرَ بَيْتِ الْكُتُبِ فِيهَا وَيَتَوَلَّى الْآخَرُ سَائِرَ مَصَالِحِهَا فَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى الْمُدَرِّسِ فِيهَا، وَتَكُونُ هَذِهِ الْوَظِيفَةُ الْمُسَمَّاةُ وَهِيَ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ مَصْرُوفَةً إلَيْهِمَا عَلَى مَا يَرَاهُ الْمُدَرِّسُ فِيهَا وَيَسْتَصْوِبُهُ وَقِيمَةُ هَذَا النَّقْدِ الَّذِي سُمِّيَ فِيهِ يَوْمَ وَقَعَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ لِكُلِّ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا مِثْقَالٌ وَاحِدٌ مِنْ الذَّهَبِ الْإِبْرِيزِ الْخَالِصِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ النَّقْدُ فِي زَمَانٍ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ ذَلِكَ النَّقْدِ الْحَدِيثِ فَيُصْرَفُ إلَى كُلِّ وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الْحَدِيثَةِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ مِنْ هَذَا النَّقْدِ الَّذِي كَانَ بِسَمَرْقَنْدَ يَوْمَ وَقَعَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَضْلٌ مِنْ الْغَلَّاتِ اشْتَرَى الْقَائِمُ بِأَمْرِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بِذَلِكَ الْفَضْلِ زِيَادَةَ أَسْبَابٍ مِنْ الضِّيَاعِ وَالْمُسْتَغِلُّ إنْ اسْتَصْوَبَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ سَبِيلُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ الْمُشْتَرَاةِ فِيمَا يُحَصَّلُ مِنْ غَلَّاتِهَا سَبِيلَ أَصْلِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فِي وُجُوهِ مَصَارِفِ ارْتِفَاعَاتِهَا، وَإِنْ تَقَاصَرَتْ الْغَلَّةُ عَنْ الْوُجُوهِ فِي سَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ قُسِّطَ النُّقْصَانُ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ بِحِصَصِهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَعْضُ مَنْ سُمِّيَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِيهِ بَعْدَ مَا اسْتَقْصَى فِي الطَّلَبِ كَانَ مَا سُمِّيَ لَهُ مَصْرُوفًا إلَى سَائِرِ الْوُجُوهِ الْمُسَمَّاةِ فِيهِ، وَإِنْ رَأَى الْقَائِمُ صَرْفَ ذَلِكَ إلَى تَحْصِيلِ زِيَادَةِ أَسْبَابٍ يَجْرِي ارْتِفَاعُهَا مَجْرَى أَصْلِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ فَعَلَ ذَلِكَ.
كَذَلِكَ يَجْرِي أَمْرُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ