الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَدَمُ لِذَاتِهِ أَمَّا الْقَيْدُ الْأَوَّلُ فَاحْتِرَازٌ مِنْ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ شَيْءٌ إنَّمَا يُؤَثِّرُ عَدَمُهُ فِي الْعَدَمِ وَالْقَيْدُ الثَّانِي احْتِرَازٌ مِنْ الْمَانِعِ فَإِنَّ الْمَانِعَ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ شَيْءٌ إنَّمَا يُؤَثِّرُ وُجُودُهُ فِي الْعَدَمِ وَالْقَيْدُ الثَّالِثُ احْتِرَازٌ مِنْ مُقَارَنَةِ وُجُودِ السَّبَبِ عَدَمَ الشَّرْطِ أَوْ وَجَوْدَ الْمَانِعِ فَلَا يَلْزَمُ الْوُجُودُ أَوْ إخْلَافُهُ بِسَبَبٍ آخَرَ حَالَةَ عَدَمِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْعَدَمُ وَأَمَّا الشَّرْطُ فَهُوَ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ وَلَا يَشْتَمِلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ فِي ذَاتِهِ بَلْ فِي غَيْرِهِ فَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنْ الْمَانِعِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ شَيْءٌ وَالْقَيْدُ الثَّانِي احْتِرَازٌ مِنْ السَّبَبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَالْقَيْدُ الثَّالِثُ احْتِرَازٌ مِنْ مُقَارَنَةِ وُجُودِهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ فَيَلْزَمُ الْوُجُودُ وَلَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ لِذَاتِهِ بَلْ لِأَجْلِ السَّبَبِ أَوْ قِيَامِ الْمَانِعِ فَيَلْزَمُ الْعَدَمُ لِأَجْلِ الْمَانِعِ لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ وَالْقَيْدُ الرَّابِعُ احْتِرَازٌ مِنْ جُزْءِ الْعِلَّةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ غَيْرَ أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى جُزْءِ الْمُنَاسَبَةِ فَإِنَّ جُزْءَ الْمُنَاسِبِ مُنَاسَبَةٌ.
وَأَمَّا الْمَانِعُ فَهُوَ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ فَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنْ السَّبَبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَالْقَيْدُ الثَّانِي احْتِرَازٌ مِنْ الشَّرْطِ وَالْقَيْدُ الثَّالِثُ احْتِرَازٌ مِنْ مُقَارَنَةِ عَدَمِهِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ فَيَلْزَمُ الْعَدَمُ أَوْ وُجُودُ السَّبَبِ فَيَلْزَمُ الْوُجُودُ لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنْ الْمَانِعِ وُجُودُهُ وَمِنْ الشَّرْطِ عَدَمُهُ وَمِنْ السَّبَبِ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ وَالثَّلَاثَةُ تَصْلُحُ الزَّكَاةُ مِثَالًا لَهَا فَالسَّبَبُ النِّصَابُ وَالْحَوْلُ شَرْطٌ وَالدَّيْنُ مَانِعٌ إذَا ظَهَرَتْ حَقِيقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبَبِ وَالشَّرْطِ وَالْمَانِعِ يُظْهِرُ أَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الشُّرُوطِ الْعَقْلِيَّةِ كَالْحَيَاةِ مَعَ الْعِلْمِ أَوْ الشَّرْعِيَّةِ كَالطَّهَارَةِ مَعَ الصَّلَاةِ أَوْ الْعَادِيَّةِ كَالسُّلَّمِ مَعَ صُعُودِ السَّطْحِ فَإِنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا الْعَدَمُ فِي الْمَشْرُوطِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ فَقَدْ يُوجَدُ الْمَشْرُوطُ عِنْدَ وُجُودِهَا كَوُجُوبِ الزَّكَاةِ عِنْدَ دَوْرَانِ الْحَوْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ وَقَدْ يُعْدَمُ لِمُقَارَنَةِ الدَّيْنِ لَدَوْرَانِ الْحَوْلِ مَعَ وُجُودِ النِّصَابِ.
وَأَمَّا الشُّرُوطُ اللُّغَوِيَّةُ الَّتِي هِيَ التَّعَالِيقُ كَقَوْلِنَا إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَلْزَمُ مِنْ الدُّخُولِ الطَّلَاقُ وَمِنْ عَدَمِ الدُّخُولِ عَدَمُ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَخْلُفَهُ سَبَبٌ آخَرُ كَالْإِنْشَاءِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَهَذَا هُوَ شَأْنُ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَالشَّرْطُ اللُّغَوِيُّ رَبَطَهُ بِمَشْرُوطِهِ وَاضِعُ اللُّغَةِ أَيْ جَعَلَ هَذَا الرَّبْطَ اللَّفْظِيَّ دَالًّا عَلَى ارْتِبَاطِ مَعْنَى اللَّفْظِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ هَذِهِ فُرُوقٌ بَيْنَ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَاضِحَةٌ وَأَمَّا الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى اصْطِلَاحٍ أُصُولِيٍّ وَلِذَلِكَ احْتَاجَ فِي بَيَانِهِ إلَى ذِكْرِ الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالسَّبَبِ وَالْمَانِعِ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُتَّفَقٍ عَلَيْهِ فَقَدْ ذَهَبَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ إلَى خِلَافِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ رُسُومِ السَّبَبِ وَالشَّرْطِ وَالْمَانِعِ لَا بَأْسَ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الِاصْطِلَاحِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ احْتِمَالِ تَسْمِيَةِ جَمِيعِ تِلْكَ الشُّرُوطِ شُرُوطًا بِاعْتِبَارِ قَدْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا وَهُوَ تَوَقُّفُ الْوُجُودِ عَلَى الْوُجُودِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا عَدَا ذَلِكَ صَحِيحٌ ظَاهِرٌ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
لَا يَقْتَضِي وُجُودُهُ وُجُودَ الْمَشْرُوطِ بِخِلَافِ اللُّغَوِيِّ فَالْفَرْقُ بَيْنَ اللُّغَوِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ ثَلَاثَةٌ اقْتِضَاؤُهُ الْوُجُودَ وَالْبَدَلَ وَالْإِبْطَالَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَقْتَضِي الثَّلَاثَةَ وَقَدْ لَا يَقْتَضِي الْوُجُودَ وَإِنْ اقْتَضَى الْبَدَلَ وَالْإِبْطَالَ فَافْهَمْ.
[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَتًى عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَهْرٍ قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ]
(فَصْلٌ) فِي ثَمَانِيَةِ مَسَائِلَ مِنْ الشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ فِيهَا مَبَاحِثُ دَقِيقَةٌ وَأُمُورٌ غَامِضَةٌ وَإِشَارَاتٌ شَرِيفَةٌ تَتَّضِحُ بِهَا قَاعِدَةُ الشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ تَمَامَ الِاتِّضَاحِ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَنْشَدَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ:
مَا يَقُولُ الْفَقِيهُ أَيَّدَهُ
…
اللَّهُ وَلَا زَالَ عِنْدَهُ إحْسَانٌ
فِي فَتًى عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَهْرٍ
…
قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ
وَالْبَيْتُ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ بَيْتًا وَاحِدًا إلَّا أَنَّهُ مِنْ نَوَادِرِ الْأَبْيَاتِ فَإِنَّهُ مَعَ صُعُوبَةِ مَعْنَاهُ وَدِقَّةِ مَغْزَاهُ إمَّا أَنْ يُلْتَزَمُ فِيهِ صِحَّةُ الْوَزْنِ عَلَى الْقَانُونِ اللُّغَوِيِّ وَاسْتِعْمَالِ أَلْفَاظِهِ فِي حَقَائِقِهَا دُونَ مُجَازَاتِهَا فَيَكُونُ مُشْتَمِلًا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَبْيَاتٍ فِي الْإِنْشَادِ بِالتَّغْيِيرِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كُلُّ بَيْتٍ مِنْهَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَسْأَلَةٍ مِنْ الْفِقْهِ فِي التَّعَالِيقِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ وَتِلْكَ الْمَسْأَلَةُ صَعْبَةُ الْمَغْزَى وَعِرَةُ الْمُرْتَقَى وَأَمَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْمَجَازَ فِي أَلْفَاظِهِ دُونَ الْحَقَائِقِ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنْ ضَابِطِ الْوَزْنِ وَقَانُونِ الشِّعْرِ بِأَنْ يَطُولَ الْبَيْتُ نَحْوًا مِنْ ضِعْفِهِ فَيَكُونُ مُشْتَمِلًا عَلَى سَبْعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ. وَالتَّعَالِيقُ اللُّغَوِيَّةُ تَحْصُلُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثِ وَتَبْدِيلِهَا بِأَضْدَادِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا فِي مَجَازَاتِهَا وَتَنَقُّلِهَا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مُفْتَرِقَةً وَمُجْتَمِعَةً عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَاحْتَاجَ بَيَانُهُ إلَى مَقَاصِدَ (الْمَقْصِدُ الْأَوَّلُ) فِي تَقْرِيرِ الْبَيْتِ عَلَى طَرِيقَةِ الْتِزَامِ اسْتِعْمَالِ أَلْفَاظِهِ فِي حَقَائِقِهَا مَعَ صِحَّةِ الْوَزْنِ عَلَى الْقَانُونِ اللُّغَوِيِّ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ مَبَاحِثَ.
(الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ) هَذَا الْبَيْتُ ثَمَانِيَةُ أَبْيَاتٍ فِي التَّصْوِيرِ: أَحَدُهَا أَصْلٌ وَهُوَ اجْتِمَاعُ ثَلَاثِ قَبْلَاتٍ وَسَبْعٍ تَتَفَرَّعُ عَنْهُ بِأَنْ يُبَدِّلَ الْجَمِيعَ بِالْبَعْدَاتِ نَحْوَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَوْ يُبَدِّلَ مِنْ قَبْلِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ نَحْوَ قَبْلَ مَا قَبْلَ بَعْدِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَوْ يُبَدِّلَ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ دُونَ الْأَوَّلِ نَحْوَ قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ أَوْ يُبَدِّلَ مِنْ الثَّانِي فَقَطْ
السَّبَبِ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ إلَّا أَنْ يَخْلُفَهُ سَبَبٌ آخَرُ فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ دُونَ غَيْرِهَا فَإِطْلَاقُ اللَّفْظِ عَلَى الْقَاعِدَتَيْنِ أَمْكَنُ أَنْ يُقَالَ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِمَا وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ وَأَمْكَنُ أَنْ يُقَالَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ فِي أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْمَجَازَ أَرْجَحُ مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَأَمْكَنُ أَنْ يُقَالَ بِطَرِيقِ التَّوَاطُؤِ بِاعْتِبَارِ قَدْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا وَهُوَ تَوَقُّفُ الْوُجُودِ عَلَى الْوُجُودِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا عَدَا ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ الْعَقْلِيَّ وَغَيْرَهُ يَتَوَقَّفُ دُخُولُهُ فِي الْوُجُودِ عَلَى وُجُودِ شَرْطِهِ وَوُجُودُ شَرْطِهِ لَا يَقْتَضِيهِ وَالْمَشْرُوطُ اللُّغَوِيُّ يَتَوَقَّفُ وُجُودُهُ عَلَى وُجُودِ شَرْطِهِ وَوُجُودُ شَرْطِهِ يَقْتَضِيهِ ثُمَّ إنَّ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ يُمْكِنُ التَّعْوِيضُ عَنْهُ وَالْإِخْلَافُ وَالْبَدَلُ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقُولُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْإِنْشَاءِ بَدَلًا عَنْ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ وَكَقَوْلِهِ: إنْ أَتَيْتَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ هَذَا الدِّينَارُ وَلَك أَنْ تُعْطِيَهُ إيَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعَبْدِ هِبَةً فَتَخْلُفُ الْهِبَةُ اسْتِحْقَاقَهُ إيَّاهُ بِالْإِتْيَانِ بِالْعَبْدِ وَيُمْكِنُ إبْطَالُ شَرْطِيَّتِهِ كَمَا إذْ أُنْجِزَ الطَّلَاقُ فَإِنَّ التَّنْجِيزَ إبْطَالٌ لِلتَّعْلِيقِ وَكَمَا إذَا اتَّفَقْنَا عَلَى فَسْخِ الْجَعَالَةِ وَالشُّرُوطُ الْعَقْلِيَّةُ لَا يَقْتَضِي وُجُودُهَا وُجُودًا وَلَا تَقْبَلُ الْبَدَلَ وَالْإِخْلَافَ وَلَا تَقْبَلُ إبْطَالَ الشَّرْطِيَّةِ إلَّا الشَّرْعِيَّةَ خَاصَّةً فَإِنَّ الشَّرْعَ قَدْ يُبْطِلُ شَرْطِيَّةَ الطَّهَارَةِ وَالسِّتَارَةِ عِنْدَ مُعَارَضَةِ التَّعَذُّرِ أَوْ غَيْرِهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُرُوقٍ اقْتِضَاءُ الْوُجُودِ وَالْبَدَلِ وَالْإِبْطَالِ إذَا تَخَلَّصَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَتَمَيَّزَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى فَنُوَشِّحُ ذَلِكَ بِذِكْرِ مَسَائِلَ مِنْ الشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ فِيهَا مَبَاحِثُ دَقِيقَةٌ وَأُمُورٌ غَامِضَةٌ وَإِشَارَاتٌ شَرِيفَةٌ تَكُونُ الْإِحَاطَةُ بِهَا حِلْيَةً لِلْفُضَلَاءِ وَجَمَالًا لِلْعُلَمَاءِ وَلِنَقْتَصِرْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى ثَمَانِ مَسَائِلَ. .
(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) أَنْشَدَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَا يَقُولُ الْفَقِيهُ أَيَّدَهُ اللَّهُ: وَلَا زَالَ عِنْدَهُ إحْسَانٌ فِي فَتًى عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَهْرٍ قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ نَوَادِرِ الْأَبْيَاتِ وَأَشْرَفِهَا مَعْنًى وَأَدَقِّهَا فَهْمًا وَأَغْرَبِهَا اسْتِنْبَاطًا لَا يُدْرِكُ مَعْنَاهُ إلَّا الْعُقُولُ السَّلِيمَةُ وَالْأَفْهَامُ الْمُسْتَقِيمَةُ وَالْفِكَرُ الدَّقِيقَةُ مِنْ أَفْرَادِ الْأَذْكِيَاءِ وَآحَادِ الْفُضَلَاءِ وَالنُّبَلَاءِ بِسَبَبِ أَنَّهُ بَيْتٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَعَ صُعُوبَةِ مَعْنَاهُ وَدِقَّةِ مَغْزَاهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَبْيَاتٍ فِي الْإِنْشَادِ بِالتَّغْيِيرِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ بِشَرْطِ اسْتِعْمَالِ الْأَلْفَاظِ فِي حَقَائِقِهَا دُونَ مُجَازَاتِهَا مَعَ الْتِزَامِ صِحَّةِ الْوَزْنِ عَلَى الْقَانُونِ اللُّغَوِيِّ وَكُلُّ بَيْتٍ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَسْأَلَةٍ مِنْ الْفِقْهِ فِي التَّعَالِيقِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ وَتِلْكَ الْمَسْأَلَةُ صَعْبَةُ الْمَغْزَى.
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ: (ثُمَّ إنَّ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ يُمْكِنُ التَّعْوِيضُ عَنْهُ وَالْإِخْلَافُ وَالْبَدَلُ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ أَيْضًا قَالَ: (وَالشُّرُوطُ الْعَقْلِيَّةُ لَا يَقْتَضِي وُجُودُهَا وُجُودًا وَلَا تَقْبَلُ الْبَدَلَ وَالْإِخْلَافَ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ صَحِيحٌ أَيْضًا.
قَالَ: (وَلَا تَقْبَلُ إبْطَالَ الشَّرْطِيَّةِ إلَّا الشَّرْعِيَّةُ خَاصَّةً) قُلْتُ: جَمِيعُ الشُّرُوطِ تَقْبَلُ الْإِبْدَالَ وَالْإِخْلَافَ وَالْإِبْطَالَ مَا عَدَا الْعَقْلِيَّةَ خَاصَّةً فَإِنَّ مَا عَدَا الْعَقْلِيَّ مِنْ الشُّرُوطِ رَبَطَهُ بِالْوَضْعِ فَلَا يَمْتَنِعُ رَفْعُ ذَلِكَ الرَّبْطِ.
قَالَ شِهَابُ الدِّينِ: (إذَا تَخَلَّصَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَتَمَيَّزَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى فَنُوَشَّحُ ذَلِكَ بِذِكْرِ مَسَائِلَ مِنْ الشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: مَا ذَكَرَهُ فِي ذَلِكَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ بِجُمْلَتِهَا صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
دُونَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ نَحْوَ قَبْلَ مَا بَعْدَهُ قَبْلَهُ وَهَذِهِ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ أَوْ يُبَدِّلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي دُونَ الثَّالِثِ نَحْوَ بَعْدَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ السَّادِسَةُ أَوْ يُبَدِّلَ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَطْ دُونَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ نَحْوَ بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ السَّابِعَةُ أَوْ يُبَدِّلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ دُونَ الثَّانِي نَحْوَ بَعْدَ مَا قَبْلَ بَعْدِهِ.
وَهَذِهِ الصُّورَةُ الثَّامِنَةُ الْمَبْحَثُ الثَّانِي يَنْبَنِي تَفْسِيرُ الشَّهْرِ الْمُرَادِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْقَرَافِيِّ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ وَلَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ بِمِصْرَ ثُمَّ بِدِمَشْقَ عَلَى أُمُورٍ أَحَدُهَا مَا مَرَّ مِنْ الْتِزَامِ اسْتِعْمَالِ أَلْفَاظِ الْبَيْتِ فِي حَقَائِقِهَا لَا فِي مَجَازَاتِهَا الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ الْقَبْلَاتِ وَالْبَعْدَاتِ وَإِنْ كَانَتْ ظُرُوفًا زَمَانِيَّةً.
وَالْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي أَنَّ مَظْرُوفَهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَهْرًا تَامًّا وَأَنْ يَكُونَ يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ الشَّهْرِ الْمُرَادِ إذْ يَصْدُقُ عَلَى رَمَضَانَ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ لَا الْمَجَازِ اللُّغَوِيِّ أَنَّهُ قَبْلَ شَوَّالٍ وَأَنَّهُ قَبْلَ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ إلَّا أَنَّ الْمَظْرُوفَ هَا هُنَا شَهْرٌ تَامٌّ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ بَلْ ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ هَا هُنَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا صَحِبَهُ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ عَلَى الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّهْرُ شَوَّالًا لَا يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَظْرُوفِ عَلَى بَعْضِهِ كَيَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ وَحْدَهُ إلَّا عَلَى الْمَجَازِ وَالتَّفَاسِيرِ الْمُفْتَى بِهَا فِي صُوَرِ هَذَا الْبَيْتِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَمَا عَلِمْت وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَمْ يَصْحَبْهُ ضَمِيرُ الشَّهْرِ كَقَبْلِ الْمُتَوَسِّطِ فَلِأَنَّ رَمَضَانَ إذَا كَانَ قَبْلَ قَبْلِ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَتَعَيَّنَ أَنَّ مَظْرُوفَ أَحَدِ الْقَبْلَيْنِ وَهُوَ الْمُضَافُ إلَى الضَّمِيرِ شَهْرٌ تَعَيَّنَ أَنَّ مَظْرُوفَ الْقَبْلِ الْمُتَوَسِّطِ شَهْرٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ شَهْرَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الشُّهُورِ أَقَلُّ مِنْ شَهْرٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبْلَ شَهْرٍ وَبَعْدَ شَهْرٍ بَلْ لَا يُوجَدُ بَيْنَ شَهْرَيْنِ عَرَبِيِّينَ إلَّا شَهْرٌ فَتَعَيَّنَ أَنَّ مَظْرُوفَ هَذِهِ الظُّرُوفِ شُهُورٌ تَامَّةٌ وَأَمَّا الْأَشْهُرُ الْقِبْطِيَّةُ فَإِنَّ أَيَّامَ النَّسِيءِ تَتَوَسَّطُ بَيْنَ مِسْرَى وَتُوتٍ. الْأَمْرُ الثَّالِثُ أَنَّ قَاعِدَةَ الْإِضَافَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا
وَعِرَةُ الْمُرْتَقَى وَمُشْتَمِلٌ عَلَى سَبْعِمِائَةِ مَسْأَلَةٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَالتَّعَالِيقِ اللُّغَوِيَّةِ بِشَرْطِ الْتِزَامِ الْمَجَازِ فِي الْأَلْفَاظِ وَإِطْرَاحِ الْحَقَائِقِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ ضَابِطِ الْوَزْنِ وَقَانُونِ الشِّعْرِ بِأَنْ يَطُولَ الْبَيْتُ نَحْوًا مِنْ ضِعْفِهِ وَيَحْصُلُ هَذَا الْعَدَدُ الْعَظِيمُ مِنْ هَذِهِ اللَّفَظَاتِ الثَّلَاثِ وَتَبْدِيلِهَا بِأَضْدَادِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا فِي مَجَازَاتِهَا وَتَنَقُّلِهَا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مُفْتَرِقَةً وَمُجْتَمِعَةً عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ وَقَعَ هَذَا الْبَيْتُ لِشَيْخِنَا الْإِمَامِ الصَّدْرِ الْعَالِمِ جَمَالِ الْفُضَلَاءِ رَئِيسِ زَمَانِهِ فِي الْعُلُومِ وَسَيِّدِ وَقْتِهِ فِي التَّحْصِيلِ وَالْمَفْهُومِ جَمَالِ الدِّينِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو بِأَرْضِ الشَّامِ وَأَفْتَى فِيهِ وَتَفَنَّنَ وَأَبْدَعَ فِيهِ وَنَوَّعَ رحمه الله وَقَدَّسَ رُوحَهُ الْكَرِيمَةَ وَهَا أَنَا قَائِلٌ لَك لَفْظَهُ الَّذِي وَقَعَ لِي بِفَصِّهِ وَنَصِّهِ ثُمَّ أَذْكُرُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا وَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِي مِنْ فَضْلِهِ قَالَ: رحمه الله هَذَا الْبَيْتُ مِنْ الْمَعَانِي الدَّقِيقَةِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي لَا يَعْرِفُهَا فِي مِثْلِ هَذَا الزَّمَانِ أَحَدٌ وَقَدْ سُئِلَتْ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمِصْرَ وَأَجَبْت بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ ثُمَّ سُئِلَتْ عَنْهَا بِدِمَشْقَ فَقُلْت: هَذَا الْبَيْتُ يُنْشَدُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّ مَا بَعْدَ قَبْلَ الْأَوَّلِ قَدْ يَكُونُ قَبْلَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ بَعْدَيْنِ.
وَقَدْ يَكُونُ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ كُلٌّ مِنْهَا قَدْ يَكُونُ قَبْلُهُ قَبْلَ وَقَدْ يَكُونُ قَبْلُهُ بَعْدَ صَارَتْ ثَمَانِيَةً فَاذْكُرْ قَاعِدَةً يَنْبَنِي عَلَيْهَا تَفْسِيرُ الْجَمِيعِ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ قَبْلُ وَبَعْدُ فَأَلْغِهِمَا لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ حَاصِلٌ بَعْدَ مَا هُوَ قَبْلَهُ وَحَاصِلٌ قَبْلُ مَا هُوَ بَعْدَهُ فَلَا يَبْقَى حِينَئِذٍ إلَّا بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَعْبَانَ أَوْ قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَوَّالًا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَا جَمِيعُهُ قَبْلُ أَوْ جَمِيعُهُ بَعْدُ فَالْأَوَّلُ هُوَ الشَّهْرُ الرَّابِعُ مِنْ رَمَضَانَ لِأَنَّ مَعْنَى مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَهْرٌ تَقَدَّمَ رَمَضَانَ قَبْلَ شَهْرَيْنِ قَبْلَهُ وَذَلِكَ ذُو الْحِجَّةِ وَالثَّانِي هُوَ الرَّابِعُ أَيْضًا وَلَكِنْ عَلَى الْعَكْسِ لِأَنَّ مَعْنَى بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ شَهْرٌ تَأَخَّرَ رَمَضَانُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ بَعْدَهُ وَذَلِكَ جُمَادَى الْأَخِيرَةُ فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ ذُو الْحِجَّةِ وَقِيلَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ شَعْبَانُ لِأَنَّ الْمَعْنَى بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَعْبَانُ وَبَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَوَّالُ لِأَنَّ الْمَعْنَى قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَوَّالٌ وَقَبْلَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَوَّالٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَيْضًا قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَوَّالٌ فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الْأُوَلُ ثُمَّ اجْرِ الْأَرْبَعَةَ الْأُخَرَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَوَّالٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَوَّالٌ وَبَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ وَذَلِكَ جُمَادَى الْأَخِيرَةُ لِأَنَّ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ شَعْبَانُ وَبَعْدَهُ رَمَضَانُ فَهُوَ جُمَادَى الْأَخِيرَةُ وَبَعْدَ مَا قَبْلَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ شَعْبَانُ لِأَنَّ الْمَعْنَى بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَعْبَانُ وَبَعْدَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَعْبَانُ لِأَنَّ الْمَعْنَى بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَعْبَانُ قُلْت: هَذَا نَصُّ مَا وَجَدْتُهُ مَكْتُوبًا عَنْهُ رحمه الله فِي تَعْلِيقٍ عُلِّقَ عَنْهُ فِي مَسَائِلِهِ النَّادِرَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا.
وَبَقِيَتْ أُمُورٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الشَّيْخُ رحمه الله فَيَنْبَغِي زِيَادَتُهَا وَإِيضَاحُهَا لِيَتَكَمَّلَ بِذَلِكَ بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَحَدُهَا زِيَادَةُ إيضَاحِ كَوْنِ الْبَيْتِ ثَمَانِيَةً فِي التَّصْوِيرِ فَإِنَّهُ لِلْبَيْتِ أَصْلٌ وَفَرْعٌ فَأَصْلُهُ اجْتِمَاعُ ثَلَاثِ قَبْلَاتٍ وَتَفَرَّعَ سَبْعَةٌ أُخْرَى: أَحَدُهَا أَنْ يُبَدَّلَ الْجَمِيعُ بِالْبَعْدَاتِ نَحْوَ بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ. الثَّالِثَةُ أَنْ يُبَدَّلَ مِنْ قَبْلُ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ نَحْوَ قَبْلَ مَا قَبْلَ بَعْدِهِ. الرَّابِعَةُ أَنْ يُبَدَّلَ مِنْ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
أَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَقَوْلِ أَحَدِ حَامِلِي الْخَشَبَةِ خُذْ طَرَفَك فَجَعَلَ طَرَفَ الْخَشَبَةِ طَرَفًا لَهُ لِأَجْلِ الْمُلَابَسَةِ.
وَأُضِيفَ الْكَوْكَبُ لِلْخَرْقَاءِ فِي قَوْلِهِ (:
إذَا كَوْكَبُ الْخَرْقَاءِ لَاحَ بِسِحْرِهِ)
لِأَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ لِعَمَلِهَا عِنْدَ طُلُوعِهِ وَاحْتَمَلَتْ هَذِهِ الْقَبْلَاتُ وَالْبَعْدَاتُ الْمُضَافُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ ظَرْفٍ أُضِيفَ لِمُجَاوِرِهِ أَوْ لِمُجَاوِرِ مُجَاوِرِهِ أَوْ لِمُجَاوِرِ مُجَاوِرِ مُجَاوِرِهِ عَلَى رُتَبٍ ثَلَاثٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ الشَّهْرُ الَّذِي قَبْلَ رَمَضَانَ هُوَ رَبِيعٌ فَإِنْ رَبِيعًا قَبْلَ رَمَضَانَ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ بِالضَّرُورَةِ إلَّا أَنَّ الظُّرُوفَ الَّتِي فِي الْبَيْتِ حُمِلَتْ عَلَى الْمُجَاوِرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ حَقِيقَةً أَيْضًا فَهَذِهِ الْمُلَاحَظَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ الْمُفْتَى بِهَا. الْأَمْرُ الرَّابِعُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّك إذَا قُلْتُ: قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ أَوْ بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ فَالْقَبْلُ الْأَوَّلُ وَالْبَعْدُ الْأَوَّلُ هُوَ رَمَضَانُ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ فِي ذَلِكَ الظَّرْفِ وَمَتَى كَانَ الْقَبْلُ الْأَوَّلُ وَالْبُعْدُ الْأَوَّلُ هُوَ رَمَضَانُ فَالْقَبْلَانِ الْكَائِنَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَبْلُ الَّذِي هُوَ رَمَضَانُ شَهْرَانِ آخَرَانِ يَتَقَدَّمَانِ عَلَى الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَالْبَعْدَانِ الْأَخِيرَانِ شَهْرَانِ آخَرَانِ يَتَأَخَّرَانِ عَنْ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَالرُّتَبُ دَائِمًا فِي الْبَيْتِ أَرْبَعٌ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ وَثَلَاثَةُ ظُرُوفٍ لِغَيْرِهِ هَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ. الْأَمْرُ الْخَامِسُ أَنَّهُ وَإِنْ احْتَمَلَ فِيمَا إذَا قُلْنَا قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ أَوْ قُلْنَا بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الظُّرُوفُ الْمَنْطُوقُ بِهَا مُرَتَّبَةً عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ رَمَضَانُ لَا أَنَّهُ فِي الْأُولَى شَوَّالٌ وَفِي الثَّانِيَةِ شَعْبَانُ كَمَا فِي تَفَاسِيرِ صُوَرِ الْبَيْتِ الْآتِيَةِ الْمُفْتَى بِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فَرْضٌ لَهُ أَبْعَادٌ كَثِيرَةٌ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ فَهُوَ قَبْلَ جَمِيعِهَا وَكُلُّ شَيْءٍ فَرْضٌ لَهُ قَبْلَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَقَدِّمَةٌ عَنْهُ فَهُوَ بَعْدَ جَمِيعِهَا فَرَمَضَانُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبْلَ بَعْدِهِ وَبَعْدَ بَعْدِهِ وَجَمِيعُ مَا يُفْرَضُ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْأَبَدِ فَهُوَ قَبْلَ تِلْكَ الظُّرُوفِ كُلِّهَا وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَعْدَ قَبْلِهِ وَقَبْلَ قَبْلِهِ وَجَمِيعُ مَا يُفْرَضُ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْأَبَدِ فَهُوَ بَعْدَ تِلْكَ الظُّرُوفِ كُلِّهَا.
الثَّانِي وَالثَّالِثِ دُونَ الْأَوَّلِ نَحْوَ قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ. الْخَامِسَةُ أَنْ يُوَسَّطَ الْبَعْدُ بَيْنَ قَبْلَيْنِ. السَّادِسَةُ أَنْ يُعْمَدَ إلَى الْبَعْدَاتِ الثَّلَاثَةِ فَيُعْمَلُ فِيهَا كَمَا عَمِلْنَا فِي الْقَبْلَاتِ فَنَقُولُ بَعْدَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ.
السَّابِعَةُ أَنْ يُبَدَّلَ مِنْ الْبَعْدَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ دُونَ الْأَوَّلِ نَحْوَ بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ. الثَّامِنَةُ أَنْ يُوَسَّطَ الْقَبْلُ بَيْنَ الْبَعْدَيْنِ كَمَا وَسَّطْنَا الْبَعْدَ بَيْنَ الْقَبْلَيْنِ فَيَكُونُ بَعْدَ مَا قَبْلَ بَعْدِهِ فَحَدَثَ لَنَا عَنْ الْقَبْلَاتِ الثَّلَاثِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ وَعَنْ الْبَعْدَاتِ الثَّلَاثِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ بِالْإِبْدَالِ عَلَى التَّدْرِيجِ وَالتَّوَسُّطِ كَمَا تَقَدَّمَ تَمْثِيلُهُ. وَثَانِيهَا أَنَّ مَا فِي الْبَيْتِ لَمْ يَتَحَدَّثْ الشَّيْخُ رحمه الله عَلَيْهَا وَلَا عَلَى إعْرَابِهَا وَهَلْ تَخْتَلِفُ هَذِهِ الْفَتَاوَى مَعَ بَعْضِ التَّقَادِيرِ فِيهَا أَمْ لَا؟ فَأَقُولُ إنَّ مَا يَصِحُّ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً، وَمَوْصُولَةً، وَنَكِرَةً مَوْصُوفَةً، وَلَا تَخْتَلِفُ الْفَتَاوَى مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ تَبْقَى الْأَحْكَامُ عَلَى حَالِهَا فَالزَّائِدَةُ نَحْوَ قَوْلِنَا قَبْلَ قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا أَصْلًا وَتَبْقَى الْفَتَاوَى كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمَوْصُولَةُ تَقْدِيرُهَا قَبْلَ الَّذِي اسْتَقَرَّ قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ فَيَكُونُ الِاسْتِقْرَارُ الْعَامِلُ فِي قَبْلُ الَّذِي بَعْدَ مَا هُوَ صِلَتُهَا وَالْفَتَاوَى عَلَى حَالِهَا وَتَقْدِيرُ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ قَبْلَ شَيْءٍ اسْتَقَرَّ قَبْلَ قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ الِاسْتِقْرَارُ الْعَامِلُ فِي الظَّرْفِ الْكَائِنِ بَعْدَ مَا هُوَ صِفَةٌ لَهَا وَهِيَ نَكِرَةٌ مُقَدَّرَةٌ بِشَيْءٍ فَهَذَا تَقْدِيرُ مَا فِي الْبَيْتِ وَإِعْرَابُهَا.
وَثَالِثُهَا أَنَّ هَذِهِ الْقَبْلَاتِ وَالْبَعْدَاتِ ظُرُوفُ زَمَانٍ وَمَظْرُوفَاتُهَا الشُّهُور هَاهُنَا فَفِي كُلٍّ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ شَهْرٌ هُوَ الْمُسْتَقِرُّ فِيهِ مَعَ أَنَّ اللُّغَةَ تَقْبَلُ غَيْرَ هَذِهِ الْمَظْرُوفَاتِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّا إذَا قُلْنَا قَبْلَهُ رَمَضَانُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ شَوَّالًا فَإِنَّ رَمَضَانَ قَبْلَهُ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ شَوَّالٍ فَإِنَّ رَمَضَانَ قَبْلَهُ فَلَوْ قَالَ الْقَائِلُ: رَمَضَانُ قَبْلَ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ لَصَدَقَ ذَلِكَ وَكَانَ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً لَا مَجَازًا لَكِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلَ بُنِيَتْ عَلَى أَنَّ الْمَظْرُوفَ شَهْرٌ تَامٌّ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَلِضَرُورَةِ الضَّمِيرِ فِي قَبْلِهِ الْعَائِدِ عَلَى الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ شَوَّالًا وَهُوَ قَدْ قَالَ قَبْلَهُ رَمَضَانُ تَعَذَّرَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى بَعْضِ الشَّهْرِ إلَّا عَلَى الْمَجَازِ فَإِنَّ بَعْضَ الشَّهْرِ أَوْ يَوْمَ الْفِطْرِ وَحْدَهُ لَيْسَ هُوَ شَوَّالًا بَلْ بَعْضَ شَوَّالٍ فَيَلْزَمُ الْمَجَازُ لَكِنَّ الْفَتَاوَى فِي هَذَا الْبَيْتِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ هَذَا تَقْرِيرُ قَبْلِهِ الْأَخِيرِ الَّذِي صَحِبَهُ الضَّمِيرُ وَأَمَّا قَبْلَ الْمُتَوَسِّطُ فَلَيْسَ مَعَهُ ضَمِيرٌ يَضْطَرُّنَا إلَى ذَلِكَ بَلْ عَلِمْنَا أَنَّ مَظْرُوفَهُ شَهْرٌ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ لِأَنَّ رَمَضَانَ إذَا كَانَ قَبْلَ قَبْلَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَتَعَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الْقَبْلَيْنِ وَهُوَ الَّذِي أُضِيفَ إلَى الضَّمِيرِ مَظْرُوفُهُ شَهْرٌ تَعَيَّنَ أَنَّ مَظْرُوفَ الْقَبْلِ الْمُتَوَسِّطِ شَهْرٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ شَهْرَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الشُّهُورِ أَقَلُّ مِنْ شَهْرٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبْلَ شَهْرٍ وَبَعْدَ شَهْرٍ بَلْ لَا يُوجَدُ بَيْنَ شَهْرَيْنِ عَرَبِيَّيْنِ إلَّا شَهْرٌ فَلِذَلِكَ تَعَيَّنَ أَنَّ مَظْرُوفَ هَذِهِ الظُّرُوفِ شُهُورٌ تَامَّةٌ وَقَوْلِي عَرَبِيَّيْنِ احْتِرَازٌ مِنْ الْقِبْطِيَّةِ فَإِنَّ أَيَّامَ النَّسِيءِ تَتَوَسَّطُ بَيْنَ مِسْرَى وَتُوتٍ وَرَابِعُهَا أَنَّ قَاعِدَةَ الْعَرَبِ أَنَّ الْإِضَافَةَ يَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَقَوْلِ أَحَدِ حَامِلَيْ الْخَشَبَةِ مِثْلَ طَرَفَك فَجَعَلَ طَرَفَ الْخَشَبَةِ طَرَفًا لَهُ لِأَجْلِ الْمُلَابَسَةِ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُفَصَّلِ وَأَنْشَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى:
إذَا كَوْكَبُ الْخَرْقَاءِ لَاحَ بِسِحْرِهِ
فَأَضَافَ الْكَوْكَبُ إلَيْهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ لِعَمَلِهَا عِنْدَ طُلُوعِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْإِضَافَاتِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا نَكْتُمُ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
لَكِنْ بِاعْتِبَارِ إضَافَتَيْنِ لَا إضَافَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُقَالَ: اجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مُحَالٌ فَهُوَ قَبْلُ بِاعْتِبَارِ شَوَّالٍ وَبَعْدُ بِاعْتِبَارِ شَعْبَانَ إلَّا أَنَّ مُقْتَضَى اللُّغَةِ خِلَافُ هَذَا الِاحْتِمَالِ وَهُوَ أَنْ لَا تَكُونَ هَذِهِ الظُّرُوفُ الْمَنْطُوقُ بِهَا مُرَتَّبَةً عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ بَلْ تَكُونُ بَعْدَ الْأُولَى الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ قَبْلُ وَبَعْدُ فِي قَوْلِنَا قَبْلَ مَا بَعْدِ بَعْدِهِ مُتَأَخِّرَةٌ فِي الْمَعْنَى وَقَبْلَ الْمُتَقَدِّمَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الْبَعْدَيْنِ مُنْطَبِقَةٌ عَلَى بَعْدُ الْأَخِيرَةِ الَّتِي هِيَ الْأُولَى وَتَكُونُ بَعْدُ الْأَخِيرَةِ بَعْدُ وَقَبْلُ مَعًا بِالنِّسْبَةِ إلَى شَهْرَيْنِ وَاعْتِبَارَيْنِ كَمَا عَلِمْت وَيَكُونُ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ فِي قَوْلِنَا الْمَذْكُورِ شَعْبَانَ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّ شَعْبَانَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَبَعْدَ بَعْدِهِ شَوَّالٌ وَقَبْلَ مُضَافٌ إلَى الْمَعْنَى لِلْبَعْدِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ شَوَّالٌ وَمُتَأَخِّرٌ عَنْهُ وَكُلٌّ مِنْ قَبْلُ وَبَعْدُ الْأَخِيرَةِ الَّتِي هِيَ الْأَوْلَى يَصْدُقَانِ عَلَى رَمَضَانَ وَمُنْطَبِقَانِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهْرَيْنِ شَوَّالٍ وَشَعْبَانَ وَلَيْسَ لَنَا شَهْرٌ بَعْدَهُ بَعْدَ أَنَّ رَمَضَانَ قَبْلَ الْبَعْدِ الثَّانِي وَعَيَّنَ الْبَعْدَ الْأَوَّلَ إلَّا شَعْبَانَ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ إذَا قَالَتْ: غُلَامُ غُلَامِ غُلَامِي أَوْ صَاحِبُ صَاحِبِ صَاحِبِي فَالْمَبْدُوءُ بِهِ هُوَ أَبْعَدُ الثَّلَاثَةِ عَنْك وَالْأَقْرَبُ إلَيْك هُوَ الْأَخِيرُ وَالْمُتَوَسِّطُ مُتَوَسِّطٌ فَالْغُلَامُ الْأَخِيرُ هُوَ عَبْدُك الْأَوَّلُ الَّذِي مَلَكْتَهُ فَمَلَكَ هُوَ عَبْدًا آخَرَ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ وَمَلَكَ الْمُتَوَسِّطُ الْعَبْدَ الْمُقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَالْمُقَدَّمُ ذِكْرُهُ هُوَ الَّذِي مَلَكَهُ عَبْدُ عَبْدِ عَبْدِك لَا أَنَّهُ عَبْدُك وَقِسْ الْأَمْرَ السَّادِسَ مِمَّا يَنْبَنِي عَلَيْهَا تَفْسِيرُ جَمِيعِ صُوَرِ الْبَيْتِ الْمُفْتَى بِهِ. قَاعِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ قَبْلُ وَبَعْدُ فَالْغِهِمَا لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ حَاصِلٌ بَعْدَ مَا هُوَ قَبْلَهُ وَقَبْلَ مَا هُوَ بَعْدَهُ فَلَا يَبْقَى حِينَئِذٍ إلَّا بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَعْبَانُ أَوْ قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَوَّالٌ وَأَمَّا مَا جَمِيعُهُ قَبْلُ أَوْ جَمِيعُهُ بَعْدُ.
فَالْجَوَابُ فِي الْأَوَّلِ هُوَ الرَّابِعُ الَّذِي هُوَ ذُو الْحِجَّةِ لِأَنَّ مَعْنَى قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَهْرٌ تَقَدَّمَ رَمَضَانَ قَبْلَ شَهْرَيْنِ قَبْلَهُ وَفِي الثَّانِي هُوَ الرَّابِعُ أَيْضًا لَكِنْ عَلَى الْعَكْسِ وَهُوَ جُمَادَى الْآخِرَةُ لِأَنَّ مَعْنَى بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ شَهْرٌ تَأَخَّرَ رَمَضَانُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ بَعْدَهُ فَجَمِيعُ الْأَجْوِبَةِ الثَّمَانِيَةِ
شَهَادَةَ اللَّهِ} [المائدة: 106] أُضِيفَ الشَّهَادَةُ إلَيْهِ بِسَبَبِ أَنَّهُ تَعَالَى شَرَعَهَا لَا لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَلَا مَشْهُودَ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ دِينُ اللَّهِ وَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] فَالْإِضَافَةُ فِي الْجَمِيعِ مُخْتَلِفَةُ الْمَعَانِي وَهِيَ حَقِيقِيَّةٌ فِي الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى عَامٍّ وَهُوَ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُفَصَّلِ بِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ إذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَهَذِهِ الْقَبْلَاتُ وَالْبَعْدَاتُ الْمُضَافُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ تَحْتَمِلُ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ ظَرْفٍ أُضِيفَ لِمُجَاوِرِهِ أَوْ لِمُجَاوِرِ مُجَاوِرِهِ أَوْ لِمُجَاوِرِ مُجَاوِرِ مُجَاوِرِهِ عَلَى رُتَبٍ ثَلَاثٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ الشَّهْرُ الَّذِي قَبْلَ رَمَضَانَ هُوَ رَبِيعٌ فَإِنَّ رَبِيعًا قَبْلَ رَمَضَانَ بِالضَّرُورَةِ وَيَوْمَنَا هَذَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِالضَّرُورَةِ وَهُوَ كُلُّهُ حَقِيقَةٌ غَيْرَ أَنَّ الظُّرُوفَ الَّتِي فِي الْبَيْتِ حُمِلَتْ عَلَى الْمُجَاوِرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ حَقِيقَةٌ أَيْضًا فَهَذِهِ الْمُلَاحَظَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْفَتَاوَى وَخَامِسُهَا أَنْ تَعْلَمَ أَنَّك إذَا قُلْت قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ فَالْقَبْلُ الْأَوَّلُ هُوَ عَيْنُ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ فِي ذَلِكَ الظَّرْفِ وَكَذَلِكَ بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَالْبَعْدُ الْأَوَّلُ هُوَ رَمَضَانُ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ فِيهِ وَمَتَى كَانَ الْقَبْلُ الْأَوَّلُ هُوَ رَمَضَانُ فَالْقَبْلَانِ الْكَائِنَانِ بَعْدَهُ شَهْرَانِ آخَرَانِ يَتَقَدَّمَانِ عَلَى الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ.
وَكَذَلِكَ فِي بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ الْبَعْدَانِ الْأَخِيرَانِ شَهْرَانِ آخَرَانِ يَتَأَخَّرَانِ عَنْ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَالرُّتَبُ دَائِمًا فِي الْبَيْتِ أَرْبَعٌ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ وَثَلَاثَةُ ظُرُوفٍ لِغَيْرِهِ هَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ ثُمَّ هَا هُنَا نَظَرٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّا إذَا قُلْنَا: قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَهَلْ نَجْعَلُ هَذِهِ الظُّرُوفَ مُتَجَاوِرَةً عَلَى مَا نُطِقَ بِهَا فِي اللَّفْظِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ هُوَ رَمَضَانُ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ فُرِضَ لَهُ أَبْعَادٌ كَثِيرَةٌ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ فَهُوَ قَبْلَ جَمِيعِهَا فَرَمَضَانُ قَبْلَ بَعْدَهُ وَبَعْدَ بَعْدَهُ وَجَمِيعُ مَا يُفْرَضُ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْأَبَدِ فَهُوَ قَبْلَ تِلْكَ الظُّرُوفِ كُلِّهَا الْمَوْصُوفَةِ بِبَعْدُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَنَاهِيَةٍ وَكَذَلِكَ يَصْدُقُ أَيْضًا أَنَّهُ بَعْدَ قَبْلِهِ وَقَبْلَ قَبْلِهِ إلَى الْأَزَلِ وَمَا لَا يَتَنَاهَى مِنْ الْقَبْلَاتِ فَيَكُونُ رَمَضَانُ أَيْضًا وَيَبْطُلُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ رضي الله عنه فَإِنَّهُ عَيَّنَ فِي الْأَوَّلِ شَوَّالًا وَفِي الثَّانِي شَعْبَانَ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْتُهُ لَك مِنْ النَّظَرِ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ هُوَ رَمَضَانُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَوْ نَقُولُ مُقْتَضَى اللُّغَةِ خِلَافُ هَذَا التَّقْرِيرِ وَأَنْ لَا تَكُونَ هَذِهِ الظُّرُوفُ الْمَنْطُوقُ بِهَا مُرَتَّبَةً عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ بَلْ قَوْلُنَا مَا بَعْدَ بَعْدَهُ فَبَعْدَ الْأُولَى الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ قَبْلَ وَبَعْدَ مُتَأَخِّرَةٌ فِي الْمَعْنَى وَقَبْلَ الْمُتَقَدِّمَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الْبَعْدَيْنِ مُنْطَبِقَةٌ عَلَى بَعْدَ الْأَخِيرَةِ.
وَتَكُونُ بَعْدَ الْأَخِيرَةُ بَعْدَ وَقَبْلَ مَعًا وَلَيْسَ ذَلِكَ مُحَالًا لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى شَهْرَيْنِ وَاعْتِبَارَيْنِ وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ إذَا قَالَتْ: غُلَامُ غُلَامِ غُلَامِي فَهَؤُلَاءِ الْأَرِقَّاءُ مُنْعَكِسُونَ فِي الْمَعْنَى فَالْغُلَامُ الْأَوَّلُ الْمُقَدَّمُ ذِكْرُهُ هُوَ الْغُلَامُ الْأَخِيرُ الَّذِي مَلَكَهُ عَبْدُ عَبْدِ عَبْدِك لَا أَنَّهُ عَبْدُك وَالْغُلَامُ الْأَخِيرُ هُوَ عَبْدُك الْأَوَّلُ الَّذِي مَلَكْتَهُ فَمَلَكَ هُوَ عَبْدًا آخَرَ مَلَكَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْآخَرُ الْعَبْدَ الْمُقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَكَذَلِكَ إذَا قُلْت: صَاحِبُ صَاحِبِ صَاحِبِي فَالْمَبْدُوءُ بِهِ هُوَ أَبْعَدُ الثَّلَاثَةِ عَنْك وَالْأَقْرَبُ إلَيْك هُوَ الْأَخِيرُ وَالْمُتَوَسِّطُ مُتَوَسِّطٌ هَذَا هُوَ مَفْهُومُ اللُّغَةِ فِي هَذِهِ الْإِضَافَاتِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ إذَا عَرَفْت هَذَا فَنَقُولُ: قَوْلُنَا قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ هُوَ شَعْبَانُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله لِأَنَّ شَعْبَانَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَبَعْدَ بَعْدَهُ شَوَّالٌ فَقَوْلُنَا قَبْلُ مُجَاوِرٌ لِبَعْدِهِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قَبْلَ بَعْدِهِ بَلْ قَبْلَ بَعْدَ بَعْدِهِ فَجَعَلَ قَبْلَ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
مُنْحَصِرَةٌ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ طَرَفَانِ وَوَاسِطَةٌ فَالطَّرَفَانِ جُمَادَى الْأَخِيرَةُ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْوَسَطُ شَوَّالٌ وَشَعْبَانُ وَتَقْرِيبُ ضَبْطِهَا أَنَّ جَمِيعَ الْبَيْتِ إنْ كَانَ قَبْلُ فَالْجَوَابُ بِذِي الْحِجَّةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدُ فَالْجَوَابُ بِجُمَادَى الْأَخِيرَةِ وَإِنْ تَرَكَّبَ مِنْ قَبْلُ وَبَعْدُ فَمَتَى وَجَدْت فِي الْآخَرِ قَبْلَ بَعْدِهِ أَوْ بَعْدَ قَبْلِهِ فَمَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ قَبْلُ فَجَوَابُهُ شَوَّالٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَمَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ بَعْدُ فَالْجَوَابُ شَعْبَانُ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَمَتَى وَجَدْت فِي آخِرِ قَبْلَيْنِ أَوْ بَعْدَيْنِ وَقَبْلَهُمَا مُخَالِفًا لَهُمَا فَفِي الْبَعْدَيْنِ شَعْبَانُ وَفِي الْقَبْلَيْنِ شَوَّالٌ فَشَوَّالٌ ثَلَاثَةٌ وَشَعْبَانُ ثَلَاثَةٌ وَهَذِهِ السِّتَّةُ هِيَ الْوَاسِطَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ جُمَادَى الْأَخِيرَةِ وَذِي الْحِجَّةِ.
(الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ) لَفْظَةُ مَا فِي الْبَيْتِ يَصِحُّ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا بَلْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ قَبْلَ قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ مَثَلًا. وَثَانِيهَا أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً وَالتَّقْدِيرُ قَبْلَ الَّذِي اسْتَقَرَّ قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ فَيَكُونُ الِاسْتِقْرَارُ الْعَامِلَ فِي قَبْلِ الَّذِي بَعْدَ مَا هُوَ صِلَتُهَا.
وَثَالِثُهَا أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً وَالتَّقْدِيرُ قَبْلَ شَيْءٍ اسْتَقَرَّ قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ فَيَكُونُ الِاسْتِقْرَارُ الْعَامِلُ فِي الظَّرْفِ الْكَائِنِ بَعْدَ مَا الْمُقَدَّرَةِ بِشَيْءٍ هُوَ صِفَةٌ لَهَا وَلَا تَخْتَلِفُ التَّفَاسِيرُ الْمُفْتَى بِهَا الْمَذْكُورَةُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ تَبْقَى الْأَحْكَامُ عَلَى حَالِهَا الْمَقْصِدُ الثَّانِي فِي تَقْرِيرِ الْبَيْتِ عَلَى طَرِيقَةِ الْتِزَامِ الْحَقِيقَةِ فِي الْأَلْفَاظِ وَعَدَمِ النَّظْمِ بَلْ يَكُونُ الْكَلَامُ نَثْرًا اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ حِينَئِذٍ يَجْرِي عَلَى الضَّابِطِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْضًا فَإِذَا زِدْنَا عَلَى قَوْلِنَا قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ فِي لَفْظٍ بَعْدَ لَفْظَةٍ أُخْرَى مِنْهُ فَقُلْنَا: قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ رَجَبًا وَإِنْ جَعَلْنَا الْبَعْدَاتِ أَرْبَعَةً تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ جُمَادَى الْأَخِيرَةُ أَوْ خَمْسَةً تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ جُمَادَى الْأُولَى أَوْ سِتَّةً تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ رَبِيعًا الْآخَرَ وَهَكَذَا كُلَّمَا زِدْت بَعْدَ انْتَقَلَتْ إلَى شَهْرٍ قَبْلُ فَإِنَّ هَذِهِ الظُّرُوفَ شُهُورٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فَيَخْرُجُ لَك عَلَى هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ غَيْرَ الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي فِي الْبَيْتِ وَإِذَا وَصَلَتْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ظَرْفًا فَقَدْ دَارَتْ السَّنَةُ مَعَك فَرُبَّمَا عُدْت.
مُضَافًا فِي الْمَعْنَى لِبَعْدِ وَمُتَأَخِّرًا عَنْ بَعْدَ وَهُوَ الْبَعْدُ الثَّانِي فَيَكُونُ رَمَضَانُ قَبْلَ الْبَعْدِ الثَّانِي وَالْبَعْدُ الثَّانِي هُوَ شَوَّالٌ فَالْوَاقِعُ قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَلَيْسَ لَنَا شَهْرٌ بَعْدَهُ بَعْدَانِ رَمَضَانُ قَبْلَ الْبَعْدِ الْأَخِيرِ إلَّا شَعْبَانَ فَإِنْ قُلْت فَرَمَضَانُ حِينَئِذٍ هُوَ قَبْلَ الْبَعْدِ الْأَخِيرِ وَهُوَ شَوَّالٌ بِاعْتِبَارِ الْبَعْدِ الْأَوَّلِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَبَعْدَ وَهُوَ مُحَالٌ لِأَنَّ الْقَبْلَ وَالْبَعْدَ ضِدَّانِ وَاجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مُحَالٌ قُلْت: مُسَلَّمٌ أَنَّهُمَا ضِدَّانِ وَأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ رَمَضَانُ وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ إضَافَتَيْنِ فَيَكُونُ رَمَضَانُ قَبْلَ بِاعْتِبَارِ شَوَّالٍ وَبَعْدَ بِاعْتِبَارِ شَعْبَانَ كَمَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ صَدِيقًا لِلْمُؤْمِنِينَ عَدُوًّا لِلْكَافِرِينَ فَتَجْتَمِعُ فِيهِ الصَّدَاقَةُ وَالْعَدَاوَةُ بِاعْتِبَارِ فَرِيقَيْنِ وَذَلِكَ مُمْكِنٌ وَلَيْسَ بِمُحَالٍ إنَّمَا الْمُحَالُ لَوْ اتَّحَدَتْ الْإِضَافَةُ وَلَمْ تَتَّحِدْ إذَا تَقَرَّرَ لَك هَذَا فَتَيَقَّنْ أَنْ لَوْ زِدْنَا فِي لَفْظِ بَعْدَ لَفْظَةً أُخْرَى مِنْهُ فَقُلْنَا: قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ رَجَبًا وَإِنْ جَعَلْنَا الْبَعْدَاتِ أَرْبَعَةً تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ جُمَادَى الْأَخِيرَةَ أَوْ خَمْسَةً تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ جُمَادَى الْأُولَى، أَوْ سِتَّةً تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ رَبِيعًا الْآخَرَ.
وَكَذَلِكَ كُلَّمَا زِدْت بَعْدَ انْتَقَلْت إلَى شَهْرٍ قَبْلُ فَإِنَّ هَذِهِ الظُّرُوفَ شُهُورٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فَيَخْرُجُ لَك عَلَى هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ غَيْرَ الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي فِي الْبَيْتِ وَإِذَا وَصَلْت إلَى أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ظَرْفًا فَقَدْ دَارَتْ السَّنَةُ مَعَك فَرُبَّمَا عُدْت إلَى عَيْنِ الشَّهْرِ الَّذِي كُنْت قُلْتَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنْ مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْحَالُ فِي السِّنِينَ إذَا كَثُرَتْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ هَذَا كُلُّهُ إذَا قُلْنَا: قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَإِنْ عَكَسْنَا وَقُلْنَا: بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَمُقْتَضَى جَعْلِنَا الظُّرُوفَ مُتَجَاوِرَةً عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ يَكُونُ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ رَمَضَانُ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ بَعْدَ جَمِيعِ مَا هُوَ قَبْلَهُ وَبَعْدَ قَبْلَاتِهِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَالشَّيْخُ رحمه الله قَدْ قَالَ: أَنَّهُ شَوَّالٌ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّ الْقَبْلَ الْأَوَّلَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْبَعْدِ الْأَوَّلِ وَالْبَعْدُ الْأَوَّلُ مُتَوَسِّطٌ مُضَافٌ لِلْبَعْدِ الْأَخِيرِ الْمُضَافِ لِلضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَنَفْرِضُ شَهْرًا وَهُوَ شَوَّالٌ فَقَبْلَهُ رَمَضَانُ وَقَبْلَ رَمَضَانَ شَعْبَانُ وَالسَّائِلُ قَدْ قَالَ: إنَّ رَمَضَانَ بَعْدَ أَحَدِ الْقَبْلَيْنِ وَالْقَبْلُ الْآخَرُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ لَنَا شَهْرٌ قَبْلَهُ شَهْرَانِ الثَّانِي مِنْهُمَا رَمَضَانُ إلَّا شَوَّالًا فَيَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ رَمَضَانُ مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ بَعْدُ بِاعْتِبَارِ شَعْبَانَ وَبِأَنَّهُ قَبْلُ بِاعْتِبَارِ شَوَّالٍ وَلَا تَضَادَّ كَمَا تَقَدَّمَ جَوَابُهُ فَإِنْ زِدْنَا فِي لَفْظَةِ قَبْلَ لَفْظَةً أُخْرَى فَقُلْنَا: بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلَهُ رَمَضَانُ كَانَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ هُوَ ذُو الْقَعْدَةِ فَإِنَّ رَمَضَانَ أُضِيفَ لِقَبْلُ قَبْلَ قَبْلَيْنِ وَهُمَا شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ فَإِنْ جَعَلْنَا لَفْظَ قَبْلَ أَرْبَعًا كَانَ ذَا الْحِجَّةِ، أَوْ خَمْسًا كَانَ الْمُحَرَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي لَفْظِ بَعْدَ، غَيْرَ أَنَّك تَنْتَقِلُ فِي لَفْظِ بَعْدَ تَقَدُّمًا، وَفِي لَفْظِ قَبْلَ تَأَخُّرًا، فَإِنَّ بَعْدَ لِلِاسْتِقْبَالِ.
فَكُلَّمَا كَثُرَتْ كَثُرَ الِاسْتِقْبَالُ، وَرَمَضَانُ هُوَ مُضَافٌ لِلْآخَرِ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ بَعْدَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فِي الْمَاضِي حَتَّى يَتَأَخَّرَ رَمَضَانُ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَيُضَافُ لِلْبَعْدِ الْأَخِيرِ وَيَنْتَقِلُ فِي لَفْظِ قَبْلَ إذَا كَثُرَ مُتَأَخِّرًا لِأَنَّ قَبْلَ لِلْمَاضِي وَرَمَضَانُ مُضَافٌ لِلْقَبْلِ الْمُجَاوِرِ لَهُ دُونَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَيَكُونُ لِلشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ قَبْلَاتٌ كَثِيرَةُ رَمَضَانُ بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَبَقِيَّةُ الْقَبْلَاتِ بَيْنَ رَمَضَانَ وَالشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَيَتَعَيَّنُ الِانْتِقَالُ لِلِاسْتِقْبَالِ بِحَسَبِ كَثْرَةِ لَفَظَاتِ قَبْلَ وَإِذَا قُلْنَا بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ يَتَعَيَّنُ جُمَادَى الْآخِرَةُ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
إلَى عَيْنِ الشَّهْرِ الَّذِي كُنْت قُلْتُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنْ مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى وَهَكَذَا يَكُونُ الْحَالُ فِي السِّنِينَ إذَا كَثُرَتْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَإِذَا زِدْنَا عَلَى قَوْلِنَا بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ فِي لَفْظِ قَبْلَ لَفْظَةٍ أُخْرَى فَقُلْنَا بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ كَانَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ هُوَ ذُو الْقَعْدَةِ فَإِنَّ رَمَضَانَ أُضِيفَ لِقَبْلُ قَبْلَ قَبْلَيْنِ وَهُمَا شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ.
وَإِنْ جَعَلْنَا لَفْظَ قَبْلَ أَرْبَعًا كَانَ ذَا الْحِجَّةِ أَوْ خَمْسًا كَانَ الْمُحَرَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي لَفْظِ بَعْدَ غَيْرَ أَنَّك تَنْتَقِلُ فِي لَفْظِ بَعْدَ تَقَدُّمًا وَفِي لَفْظِ قَبْلَ تَأَخُّرًا فَإِنَّ بَعْدَ لِلِاسْتِقْبَالِ فَكُلَّمَا كَثُرَتْ كَثُرَ الِاسْتِقْبَالُ وَرَمَضَانُ مُضَافٌ لِلْآخَرِ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ بَعْدَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فِي الْمَاضِي حَتَّى يَتَأَخَّرَ رَمَضَانُ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَيُضَافُ لِلْبَعْدِ الْأَخِيرِ وَيَنْتَقِلُ فِي لَفْظِ قَبْلَ إذَا كَثُرَ مُتَأَخِّرًا لِأَنَّ قَبْلَ لِلْمَاضِي وَرَمَضَانُ مُضَافٌ لِلْقَبْلِ الْمُجَاوِرِ لَهُ دُونَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَيَكُونُ لِلشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ قَبْلَاتٌ كَثِيرَةٌ رَمَضَانُ بَعْدَ الْأَوَّلِ فِيهَا وَبَقِيَّةُ الْقَبْلَاتِ بَيْنَ رَمَضَانَ وَالشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَيَتَعَيَّنُ الِانْتِقَالُ لِلِاسْتِقْبَالِ بِحَسَبِ كَثْرَةِ لَفَظَاتِ قَبْلِ وَإِذَا زِدْنَا لَفْظَةَ قَبْلِ عَلَى قَوْلِنَا قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ فَقُلْنَا: قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ تَعَيَّنَ الْمُحَرَّمُ لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ نَطَقَ بِأَرْبَعٍ مِنْ لَفْظِ قَبْلَ فَقَبْلَ الْمُحَرَّمِ ذُو الْحِجَّةِ وَقَبْلَ ذِي الْحِجَّةِ ذُو الْقَعْدَةِ وَقَبْلَ ذِي الْقَعْدَةِ شَوَّالٌ وَقَبْلَ شَوَّالٍ رَمَضَانُ وَهُوَ مَا قَالَهُ السَّائِلُ وَهَكَذَا يَتَعَيَّنُ الِانْتِقَالُ لِلِاسْتِقْبَالِ بِحَسَبِ كَثْرَةِ لَفَظَاتِ قَبْلِ وَإِذَا زِدْنَا لَفْظَةَ بَعْدَ عَلَى قَوْلِنَا بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ فَقُلْنَا: بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ تَعَيَّنَ جُمَادَى الْأُولَى لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ نَطَقَ بِأَرْبَعٍ مِنْ لَفْظِ بَعْدَ فَبَعْدَ جُمَادَى الْأُولَى جُمَادَى الْأَخِيرَةِ وَبَعْدَ جُمَادَى الْأَخِيرَةِ رَجَبٌ وَبَعْدَ رَجَبٍ شَعْبَانُ وَبَعْدَ شَعْبَانَ رَمَضَانُ وَهُوَ مَا قَالَهُ السَّائِلُ وَهَكَذَا يَتَعَيَّنُ الِانْتِقَالُ لِلْمَاضِي بِحَسَبِ كَثْرَةِ لَفَظَاتِ بَعْدِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا ذَكَرَ يُعْلَمُ حُكْمُ بَاقِي الصُّوَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْمَقْصِدُ الثَّالِثُ) فِي تَقْرِيرِ الْبَيْتِ عَلَى طَرِيقَةِ الْتِزَامِ الْمَجَازِ فِي أَلْفَاظِهِ وَعَدَمِ النَّظْمِ بَلْ يَكُونُ الْكَلَامُ نَثْرًا فَتَصِيرُ الْمَسَائِلُ وَالْأَجْوِبَةُ سَبْعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةٍ وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ بِتَقْدِيمِ الْكَلَامِ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَثَلَثِمِائَةٍ.
لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ نَطَقَ بِثَلَاثِ بَعْدَاتٍ غَيْرِ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَرَجَبٌ الْبَعْدُ الْأَوَّلُ وَشَعْبَانُ الْبَعْدُ الثَّانِي وَرَمَضَانُ الْبَعْدُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ هُوَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ جُمَادَى الْآخِرَةُ وَإِذَا قُلْنَا: قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ تَعَيَّنَ ذُو الْحِجَّةِ لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ نَطَقَ بِثَلَاثٍ مِنْ لَفْظِ قَبْلَ فَقَبْلَ ذِي الْحِجَّةِ ذُو الْقَعْدَةِ وَقَبْلَ ذِي الْقَعْدَةِ شَوَّالٌ وَقَبْلَ شَوَّالٍ رَمَضَانُ وَهُوَ مَا قَالَهُ السَّائِلُ وَأَمَّا قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ أَوْ بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ هُوَ قَبْلَ مَا هُوَ بَعْدَهُ وَبَعْدَ مَا هُوَ قَبْلَهُ وَإِذَا اتَّحَدَ الْعَيْنُ صَارَ مَعْنَى الْكَلَامِ بَعْدَهُ رَمَضَانُ أَوْ قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ شَعْبَانُ فِي الْأَوَّلِ وَشَوَّالٌ فِي الثَّانِي، وَسَادِسُهَا فِي تَقْرِيبِ أَجْوِبَةِ الْمَسَائِلِ اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ الْأَجْوِبَةِ الثَّانِيَةِ مُنْحَصِرَةً فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ طَرَفَانِ وَوَاسِطَةٌ فَالطَّرَفَانِ جُمَادَى الْأَخِيرَةُ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْوَسَطُ شَوَّالٌ وَشَعْبَانُ، وَتَقْرِيبُ ضَبْطِهَا أَنَّ جَمِيعَ الْبَيْتِ إنْ كَانَ قَبْلَ فَالْجَوَابُ بِذِي الْحِجَّةِ، أَوْ بَعْدَ فَالْجَوَابُ جُمَادَى الْأَخِيرَةُ.
أَوْ تَرَكَّبَ مِنْ قَبْلَ وَبَعْدَ فَمَتَى وَجَدْت فِي الْآخَرِ قَبْلَ بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَ قَبْلَهُ فَالشَّهْرُ مُجَاوِرٌ لِرَمَضَانَ، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ هُوَ قَبْلَ بَعْدَهُ وَبَعْدَ قَبْلَهُ، فَالْكَلِمَةُ الْأُولَى إنْ كَانَتْ حِينَئِذٍ قَبْلَ فَهُوَ شَوَّالٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى قَبْلَهُ رَمَضَانُ أَوْ بَعْدَ فَهُوَ شَعْبَانُ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ هَذَا إنْ اجْتَمَعَ آخِرُ الْبَيْتِ قَبْلَ وَبَعْدَ فَإِنْ اجْتَمَعَ قَبْلَانِ أَوْ بَعْدَانِ وَقَبْلَهُمَا مُخَالِفٌ لَهُمَا فَفِي الْبَعْدَيْنِ شَعْبَانُ وَفِي الْقَبْلَيْنِ شَوَّالٌ، فَشَوَّالٌ ثَلَاثَةٌ وَشَعْبَانُ ثَلَاثَةٌ هَذِهِ السِّتَّةُ هِيَ الْوَاسِطَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ جُمَادَى وَذِي الْحِجَّةِ.
(فَصْلٌ) هَذَا تَقْرِيرُ الْبَيْتِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ الْتِزَامِ الْحَقِيقَةِ وَالْوَزْنِ، وَأَمَّا عَلَى خِلَافِهِمَا مِنْ الْتِزَامِ الْمَجَازِ وَعَدَمِ النَّظْمِ بَلْ يَكُونُ الْكَلَامُ نَثْرًا فَتَصِيرُ الْمَسَائِلُ وَالْأَجْوِبَةُ سَبْعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةٍ، وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ بِتَقْدِيمِ بَيْتٍ مِنْ الشِّعْرِ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفَ بَيْتٍ مِنْ الشِّعْرِ وَثَلَاثِمِائَةِ بَيْتٍ وَعِشْرِينَ بَيْتًا مِنْ الشِّعْرِ نَظَمَهُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْفَاضِلُ الْمُتْقِنُ الْعَلَّامَةُ زَيْنُ الدِّينِ الْمَغْرِبِيُّ وَنَبَّهَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ وَلَخَّصَ حِسَابَ عَدَدِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ:
بِقَلْبِي حَبِيبٌ مَلِيحٌ ظَرِيفٌ
…
بَدِيعٌ جَمِيلٌ رَشِيقٌ لَطِيفٌ
وَهُوَ مِنْ بَحْرِ الْمُتَقَارِبِ ثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فِي كَلِمَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يُنْطَقَ بِهَا مَكَانَ صَاحِبَتِهَا فَتُجْعَلُ كُلُّ كَلِمَةٍ فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ مِنْ الْبَيْتِ فَالْكَلِمَتَانِ الْأَوَّلِيَّانِ يُتَصَوَّرُ مِنْهُمَا صُورَتَانِ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ.
ثُمَّ تَأْخُذُ الثَّالِثَةَ فَتَحْدُثُ مِنْهَا مَعَ الْأَوَّلِيَّيْنِ سِتَّةُ أَشْكَالٍ بِأَنْ تُعْمِلَهَا قَبْلَ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَبَعْدَهُمَا ثُمَّ تَقْلِبُهُمَا وَتُعْمِلُهَا قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا ثُمَّ تُعْمِلُهَا بَيْنَهُمَا عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَتَحْدُثُ السِّتَّةُ فَيَكُونُ السِّرُّ فِيهِ أَنَّا ضَرَبْنَا الِاثْنَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فِي مَخْرَجِ الثَّالِثِ وَاثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةِ ثُمَّ تَأْخُذُ الرَّابِعَ وَتُورِدُهُ عَلَى هَذِهِ السِّتَّةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فَيَحْصُلُ مِنْ كُلِّ صُورَةٍ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ بِأَنْ تُعْمِلَ الرَّابِعَ قَبْلَ كُلِّ ثَلَاثَةٍ وَبَعْدَ أَوَّلِهَا وَبَعْدَ ثَانِيهَا وَبَعْدَ ثَالِثِهَا فَتَصِيرُ السِّتَّةُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ بِالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ إلَى الثَّامِنِ، وَمَتَى حَدَثَتْ صُورَةٌ أَضَفْنَا إلَيْهَا بَقِيَّةَ الْبَيْتِ فَتَبْقَى الْأُولَى ثَمَانِيَةً وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الصُّوَرِ فَيَأْتِي الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْآلَافِ بُيُوتًا تَامَّةً كُلُّ بَيْتٍ مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فِي مَخْرَجِ الْخَامِسِ وَهُوَ خَمْسَةٌ تَكُونُ مِائَةً
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
وَعِشْرِينَ بَيْتًا مِنْ الشِّعْرِ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا بَيْتٌ نَظَمَهُ الْفَقِيهُ الْعَلَّامَةُ زَيْنُ الدِّينِ الْمَغْرِبِيُّ وَلَخَصَّ حِسَابَ عَدَدِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ:
بِقَلْبِي حَبِيبٌ مَلِيحٌ ظَرِيفُ
…
بَدِيعٌ جَمِيلٌ رَشِيقٌ لَطِيفُ
وَهُوَ مِنْ بَحْرِ الْمُتَقَارِبِ ثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ عَلَى فَعِيلٍ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فِي كَلِمَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يُنْطَقَ بِهَا مَكَانَ صَاحِبَتِهَا فَتُجْعَلُ كُلُّ كَلِمَةٍ فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ مِنْ الْبَيْتِ فَالْكَلِمَتَانِ الْأُولَيَانِ يُتَصَوَّرُ مِنْهُمَا صُورَتَانِ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ثُمَّ تَأْخُذُ الثَّالِثَةُ فَتَحْدُثُ مِنْهَا مَعَ الْأَوَّلَيْنِ سِتَّةُ أَشْكَالٍ بِأَنْ تَعْمَلَهَا قَبْلَ الْأَوَّلَيْنِ وَبَعْدَهُمَا ثُمَّ تَقْلِبَهُمَا وَتَعْمَلَهَا قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا ثُمَّ تَعْمَلَهَا بَيْنَهُمَا عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَتَحْدُثُ السِّتَّةُ فَيَكُونُ السِّرُّ فِيهِ ضَرَبْنَا الْأَوَّلَيْنِ فِي مَخْرَجِ الثَّالِثِ وَاثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ ثُمَّ تَأْخُذُ الرَّابِعَ وَتُورِدُهُ عَلَى هَذِهِ السِّتَّةِ الصُّوَرِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ السِّتَّةِ لَهُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ يَحْصُلُ بِعَمَلِ الرَّابِعِ قَبْلَ كُلِّ ثَلَاثَةٍ وَبَعْدَ أَوَّلِهَا وَبَعْدَ ثَانِيهَا وَبَعْدَ ثَالِثِهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ فَتَصِيرُ السِّتَّةُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ بِالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ وَالسَّابِعِ وَالثَّامِنِ وَمَتَى حَدَثَتْ صُورَةٌ أَضَفْنَا إلَيْهَا بَقِيَّةَ الْبَيْتِ فَتَبْقَى الْأُولَى ثَمَانِيَةً وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الصُّوَرِ فَيَأْتِي الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْآلَافِ بُيُوتًا تَامَّةً كُلُّ بَيْتٍ فِيهَا ثَمَانِيَةٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فِي مَخْرَجِ الْخَامِسِ وَهُوَ خَمْسَةٌ تَكُونُ مِائَةً وَعِشْرِينَ تَضْرِبُهَا فِي مَخْرَجِ السَّادِسِ وَهُوَ سِتَّةٌ تَكُونُ سَبْعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ تَضْرِبُهَا فِي مَخْرَجِ السَّابِعِ وَهُوَ سَبْعَةٌ تَكُونُ خَمْسَةَ آلَافٍ وَأَرْبَعِينَ تَضْرِبُهَا فِي مَخْرَجِ الثَّامِنِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ تَكُونُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرِينَ بَيْتًا مِنْ الشِّعْرِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ مِنْ الْحِسَابِ وَالضَّرْبِ فَنَقُولُ مَعَنَا فِي الْبَيْتِ ثَلَاثَةٌ مِنْ لَفْظِ قَبْلِ وَثَلَاثَةٌ مِنْ لَفْظِ بَعْدِ فَنَجْمَعُ بَيْنَ السِّتَّةِ وَيَبْطُلُ الْوَزْنُ حِينَئِذٍ لِطُولِ الْبَيْتِ وَلِعَدَمِ صُورَةِ الشِّعْرِ فَنَقُولُ قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ ثُمَّ لَنَا أَنْ نَنْوِيَ بِكُلِّ قَبْلَ وَبِكُلِّ بَعْدَ شَهْرًا مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ أَيَّ شَهْرٍ كَانَ مِنْ غَيْرِ مُجَاوَرَةٍ وَلَا الْتِفَاتٍ إلَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ عَدَدِ الشُّهُورِ.
وَعِشْرِينَ تَضْرِبُهَا فِي مَخْرَجِ السَّادِسِ وَهُوَ سِتَّةٌ تَكُونُ سَبْعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ تَضْرِبُهَا فِي مَخْرَجِ السَّابِعِ وَهُوَ سَبْعَةٌ تَكُونُ خَمْسَةَ آلَافٍ وَأَرْبَعِينَ تَضْرِبُهَا فِي مَخْرَجِ الثَّامِنِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ تَكُونُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَثَلَاثَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ بَيْتًا مِنْ الشِّعْرِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
(مَسْأَلَةٌ) هِيَ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ يَبْحَثُ عَنْ تَرْتِيبِ الْوُضُوءِ وَتَنْكِيسِهِ وَلَا يَعْلَمُ كَمْ يَحْصُلُ مِنْ صُوَرِ الْوُضُوءِ مُرَتَّبًا وَمُنَكَّسًا وَالْمُتَحَصِّلُ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وُضُوءًا مُرَتَّبًا وَمُنَكَّسًا عَلَى سَبِيلِ الْحَصْرِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَتَقْرِيرُهُ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْبَيْتِ بِأَنْ تَقُولَ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا صُورَتَانِ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ثُمَّ تَأْخُذُ الرَّأْسَ فَيَحْدُثُ مِنْهُ مَعَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ سِتَّةُ وُضُوآتٍ بِأَنْ تُعْمِلَ الرَّأْسَ قَبْلَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَبَعْدَهُمَا ثُمَّ تَقْلِبُهُمَا وَتُعْمِلُهُ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا ثُمَّ تُعْمِلُ الرَّأْسَ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَيَحْدُثُ سِتَّةُ وُضُوآتٍ بِأَنْ تُضِيفَ لِكُلِّ صُورَةٍ تَحْدُثُ الرِّجْلَيْنِ حَتَّى يَكْمُلَ الْوُضُوءُ وَهُوَ مِنْ ضَرْبِ الِاثْنَيْنِ فِي مَخْرَجِ الثَّالِثِ وَاثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ ثُمَّ تَأْخُذُ الرِّجْلَيْنِ تَضُمُّهُمَا إلَى هَذِهِ السِّتَّةِ وُضُوآتِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَعْضَاءٍ فَتَصِيرُ كُلُّ صُورَةٍ مِنْهَا أَرْبَعَةً بِأَنْ تُعْمِلَ الرِّجْلَيْنِ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ وَبَعْدَ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ الثَّانِي وَبَعْدَ الثَّالِثِ فَتَصِيرُ السِّتَّةُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ.
وَذَلِكَ هُوَ جَمِيعُ مَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْوُضُوءِ وَصُوَرِهِ فِي الْوُجُودِ فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ مِنْ الْحِسَابِ وَالضَّرْبِ فَنَقُولُ مَعَنَا فِي الْبَيْتِ ثَلَاثَةٌ مِنْ لَفْظِ قَبْلَ وَثَلَاثَةٌ مِنْ لَفْظِ بَعْدَ فَنَجْمَعُ بَيْنَ السِّتَّةِ وَيَبْطُلُ الْوَزْنُ حِينَئِذٍ لِطُولِ الْبَيْتِ وَلِعَدَمِ صُورَةِ الشِّعْرِ فَنَقُولُ قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلَ بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ ثُمَّ لَنَا أَنْ نَنْوِيَ بِكُلِّ قَبْلَ وَبِكُلِّ بَعْدَ شَهْرًا مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ أَيَّ شَهْرٍ كَانَ مِنْ غَيْرِ مُجَاوَرَةٍ وَلَا الْتِفَاتٍ إلَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ عَدَدِ الشُّهُورِ وَيَكُونُ الْكَلَامُ مَجَازًا عَرَبِيًّا فَإِنَّ أَيَّ شَهْرٍ أَخَذْتَهُ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّهْرِ الْآخَرِ الَّذِي نَسَبْتَهُ إلَيْهِ بِالْقَبْلِيَّةِ أَوْ الْبَعْدِيَّةِ عِلَاقَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ مَعَهُ أَوْ هُوَ قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ أَوْ هُوَ شَبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ شَهْرٌ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْعَلَاقَاتِ الْمُصَحِّحَةِ لِلْمَجَازِ، ثُمَّ إنَّا نَعْمَدُ إلَى هَذِهِ السِّتَّةِ فَنَأْخُذُ مِنْهَا اثْنَيْنِ فَتَحْدُثُ مِنْهُمَا صُورَتَانِ وَنَعْتَبِرُهُمَا شَهْرَيْنِ مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ فَتَظْهَرُ نِسْبَتُهُمَا إلَى رَمَضَانَ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ ثُمَّ نُورِدُ عَلَيْهِمَا لَفْظَةً أُخْرَى مِنْ لَفْظِ قَبْلَ وَبَعْدَ إلَى آخِرِ السَّنَةِ وَمَتَى أَفْضَى الْأَمْرُ إلَى التَّدَاخُلِ بَيْنَ صُورَتَيْنِ فِي شَهْرٍ نَوَيْنَا بِهِ شَهْرًا آخَرَ مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ حَتَّى تَحْصُلَ الْمُغَايَرَةُ فَيَحْصُلُ لَنَا مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ أَلْفَاظُ مَا يَحْصُلُ لَنَا مِنْ سِتَّةِ أَجْزَاءٍ مِنْ الْبَيْتِ وَهِيَ سَبْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةٍ وَإِنْ زِدْت فِي لَفْظِ الْقَبْلِ أَوْ الْبَعْدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَسْطِ الْكَلَامِ عَلَى الْبَيْتِ وَصَلَ الْكَلَامُ إلَى أَرْبَعِينَ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ وَأَكْثَرَ عَلَى حَسَبِ الزِّيَادَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ طَرَفِ الْفَضَائِلِ وَالْفُضَلَاءِ وَنَوَادِرِ الْأَذْكِيَاءِ وَالنُّبَهَاءِ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ مِنْ تَبْصِرَتِهِ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ شِهَابُ الدِّينِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فِي كِتَابِ الظِّهَارِ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
وَيَكُونُ الْكَلَامُ مَجَازًا عَرَبِيًّا فَإِنَّ أَيَّ شَهْرٍ أَخَذَتْهُ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّهْرِ الْآخَرِ الَّذِي نَسَبْتَهُ إلَيْهِ بِالْقَبْلِيَّةِ أَوْ الْبَعْدِيَّةِ عَلَاقَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ مَعَهُ أَوْ هُوَ قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ أَوْ هُوَ بَعْدَهُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ أَوْ هُوَ شَبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ شَهْرٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْعَلَاقَاتِ الْمُصَحِّحَة لِلْمَجَازِ ثُمَّ إنَّا نَعْمَدُ إلَى هَذِهِ السِّتَّةِ فَنَأْخُذُ مِنْهَا اثْنَيْنِ فَتَحْدُثُ مِنْهَا صُورَتَانِ وَنَعْتَبِرُهُمَا شَهْرَيْنِ مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ فَتَظْهَرُ نِسْبَتُهُمَا إلَى رَمَضَانَ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ ثُمَّ نُورِدُ عَلَيْهِمَا لَفْظَةً أُخْرَى مِنْ لَفْظِ قَبْلَ وَبَعْدَ إلَى آخِرِ السَّنَةِ وَمَتَى أَفْضَى الْأَمْرُ إلَى التَّدَاخُلِ بَيْنَ صُورَتَيْنِ فِي شَهْرٍ نَوَيْنَا بِهِ شَهْرًا آخَرَ مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ حَتَّى تَحْصُلَ الْمُغَايَرَةُ فَيَحْصُلُ لَنَا مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ الْأَلْفَاظِ مَا يَحْصُلُ لَنَا مِنْ سِتَّةِ أَجْزَاءٍ مِنْ الْبَيْتِ وَهِيَ سَبْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةٍ وَإِنْ زِدْت فِي لَفْظِ الْقَبْلِ أَوْ الْبَعْدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَقْصِدِ الثَّانِي وَصَلَ الْكَلَامُ إلَى أَرْبَعِينَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى حَسَبِ الزِّيَادَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ طَرَفِ الْفَضَائِلِ وَالْفُضَلَاءِ وَنَوَادِرِ الْأَذْكِيَاءِ وَالنُّبَهَاءِ.
(خَاتِمَةٌ) فِي مُهِمَّيْنِ: الْمُهِمُّ الْأَوَّلُ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ يَبْحَثُ عَنْ تَرْتِيبِ الْوُضُوءِ وَتَنْكِيسِهِ وَلَا يُعْلَمُ كَمْ يَحْصُلُ مِنْ صُوَرِ الْوُضُوءِ مُرَتَّبًا وَمُنَكَّسًا وَالْمُتَحَصِّلُ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وُضُوءًا مُرَتَّبًا وَمُنَكَّسًا عَلَى سَبِيلِ الْحَصْرِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَتَقْرِيرُهُ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَيْتِ الْعَلَّامَةِ زَيْنِ الدِّينِ الْمَغْرِبِيِّ أَنْ تَقُولَ: الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا صُورَتَانِ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ثُمَّ تَأْخُذُ الرَّأْسَ فَيَحْدُثُ مِنْهُ مَعَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ سِتَّةُ وُضُوآتٍ بِأَنْ تَعْمَلَ الرَّأْسَ قَبْلَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَبَعْدَهُمَا ثُمَّ تَقْلِبُهُمَا وَتَعْمَلَهُ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا ثُمَّ تَعْمَلُ الرَّأْسَ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَيَحْدُثُ سِتَّةُ وُضُوآتٍ بِأَنْ تُضِيفَ لِكُلِّ صُورَةٍ تَحْدُثُ الرِّجْلَيْنِ حَتَّى يَكْمُلَ الْوُضُوءُ وَهُوَ مِنْ ضَرْبِ الِاثْنَيْنِ فِي مَخْرَجِ الثَّالِثِ وَاثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ ثُمَّ تَأْخُذُ الرِّجْلَيْنِ تَضُمُّهُمَا إلَى هَذِهِ السِّتَّةِ الْوُضُوآتِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ السِّتَّةِ لَهُ ثَلَاثُ أَعْضَاءٍ يَحْصُلُ بِعَمَلِ الرِّجْلَيْنِ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ الْأَعْضَاءِ وَبَعْدَ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ الثَّانِي وَبَعْدَ الثَّالِثِ أَرْبَعُ صُوَرٍ.
غَدًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: أَنَّ كَلِمَةَ الْيَوْمَ حِنْثٌ وَغَدًا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِكَلَامِ غَدٍ بَعْدَ إنْ كَانَتْ الْيَوْمَ زَوْجَةً يَقْتَضِي اجْتِمَاعَ الْعِصْمَةِ وَعَدَمَهَا فَإِذَا كَلَّمَهُ الْيَوْمَ اجْتَمَعَ الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ فِي ظَرْفٍ وَاحِدٍ فَيُمْكِنُ تَرَتُّبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ إنْ كَلَّمَهُ غَدًا وَيُقَدَّرُ تَقَدُّمُ الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ عَدَمِهِ فَيُمْكِنُ تَرَتُّبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخِرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا فَإِنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْغَدِ طَلُقَتْ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تَطْلُقْ لِفَوَاتِ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَيَقْدَمُ نِصْفَ النَّهَارِ تَطْلُقُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْقُدُومَ فَهُوَ تَقْدِيمُ الْحُكْمِ عَلَى شَرْطِهِ أَوْ الْيَوْمَ فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافُ أَصْلِ مَالِكٍ بَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا غَدًا كَمَا تَقَدَّمَ قُلْت: وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَشْهُورَ اللُّزُومُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ الثَّانِي أَنَّهَا تَطْلُقُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ كَمَا تَقَدَّمَ النَّقْلُ فِي الْجَوَاهِرِ فَيَتَقَدَّمُ الطَّلَاقُ عَلَى لَفْظِ التَّعْلِيقِ وَعَلَى الشَّرْطِ مَعًا هَذِهِ نُصُوصُ مَذْهَبِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ لَهُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بِالْأَمْسِ وَقَالَ: قَصَدْت إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِالْأَمْسِ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّفْظِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يَقَعُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ وُقُوعَهُ بِالْأَمْسِ يَقْتَضِي وُقُوعَهُ فِي الْحَالِ فَيَسْقُطُ الْمُتَعَذِّرُ وَيَثْبُتُ الْحَالُ وَقِيلَ: لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّفْظِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ.
وَإِنْ قَالَ: إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ إنْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ لِئَلَّا يَتَقَدَّمَ الْحُكْمُ عَلَى اللَّفْظِ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَلْزَمُ الطَّلَاقُ فِي الْمَوْتِ دُونَ الدُّخُولِ وَالْقُدُومِ قَالَ: وَهُوَ تَحَكُّمٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمُهَذَّبِ إذَا قَالَ: إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ قُدُومِهِ بِشَهْرٍ ثُمَّ خَالَعَهَا ثُمَّ قَدِمَ زَيْدٌ بَطَلَ الْخُلْعُ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّهُمْ أَرْدَفُوا ذَلِكَ بِأَنْ قَالُوا إذَا قَالَ: لَهَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِهِ بِسَنَةٍ فَقَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي عِنْدَ حُصُولِ الشَّرْطِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْ سَنَةٍ كَمَا لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ سَنَةٍ فَإِنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً وَيَقْتَضِي قَوْلُهُمْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا كَانَ يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ بِمَا أَنْفَقَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى زَعْمِهِمْ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا مَعَ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّهَا زَوْجَةٌ مُسْتَقِرَّةُ الْعِصْمَةِ مُبَاحَةُ الْوَطْءِ إلَى حِينِ قُدُومِ زَيْدٍ.
وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَرَّحَ لِي بِهِ أَعْيَانُهُمْ وَمَشَايِخُهُمْ الْمُعَاصِرُونَ فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قُلْت: وَالْحَقُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْقُدُومِ الَّذِي جُعِلَ شَرْطًا وَعَلَى لَفْظِ التَّعْلِيقِ وَزَمَانِهِ وَقَوْلُهُمْ حُكْمُ اللَّفْظِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ لَا يَتِمُّ وَقِيَاسُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
غَدًا إلَى قَوْلِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَرَّحَ لِي بِهِ أَعْيَانُهُمْ وَمَشَايِخُهُمْ الْمُعَاصِرُونَ فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) .
قُلْتُ: جَمِيعُ ذَلِكَ نَقْلٌ لَا كَلَامَ فِيهِ قَالَ: (قُلْتُ: وَالْحَقُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْقُدُومِ الَّذِي جُعِلَ شَرْطًا وَعَلَى لَفْظِ التَّعْلِيقِ فِي زَمَانِهِ وَقَوْلُهُمْ حُكْمُ اللَّفْظِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ لَا يَتِمُّ وَقِيَاسُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ السِّتَّةِ فَتَصِيرُ السِّتَّةُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَذَلِكَ هُوَ جَمِيعُ مَا يُتَصَوَّرُ فِي الْوُجُودِ لِلْوُضُوءِ مِنْ الصُّوَرِ الْمُهِمِّ الثَّانِي سَأَلَ الشَّيْخُ عُثْمَانُ الرَّاضِي الْمَكِّيُّ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْأُسْكُوبِيُّ الْمَدَنِيُّ بِقَوْلِهِ:
يَا إمَامًا لِلْعِلْمِ وَالتَّدْرِيسِ
…
وَهُمَامًا قَدْ جَلَّ عَنْ تَقْيِيسِ
ذَا الْعُلَا إبْرَاهِيمَ الْأُسْكُوبِيِّ أَوْلَى
…
مَنْ يُرْجَى لِكَشْفِ خَطْبِ عُمَيْسِ
الْبَدِيعَ النَّفِيسَ وَالْمَاهِرَ الْمُبْدِعَ
…
فِي صَنْعَةِ الْبَدِيعِ النَّفِيسِ
طِبْت غَرْسًا فِي رَوْضَةٍ هِيَ طَابَتْ
…
مِنْ حِمَى طِيبَةِ الْمَنِيعِ الْأَنِيسِ
أَنْتَ شَمْسٌ تُضِيءُ فِي كُلِّ عِلْمٍ
…
بِك تُجْلَى غَيَاهِبُ التَّلْبِيسِ
حُزْت كُلَّ الْعُلُومِ كَسْبًا وَوَهْبًا
…
وَأَجَدْت الْفُنُونَ عَنْ تَأْسِيسِ
لَك فَهْمٌ لَا يَعْتَرِيهِ سَقَامٌ
…
وَذَكَاءٌ يَدْرِي بِمَا فِي النُّفُوسِ
مَا يَقُولُ الْإِمَامُ فِي بَيْتَيْ الْحِلِّي
…
الصَّفِيِّ الْمُحْكَمَيْنِ بِالتَّجْنِيسِ
وَعُدْت فِي الْخَمِيسِ وَصْلًا وَلَكِنْ
…
شَاهَدْت حَوْلَنَا الْعِدَا كَالْخَمِيسِ
أَخْلَفْت فِي الْخَمِيسِ وَعْدِي وَجَاءَتْ
…
بَعْدَ مَا قَبْلَ بَعْدَ يَوْمِ الْخَمِيسِ
أَيُّ يَوْمٍ جَاءَتْهُ مِنْ بَعْدِ خُلْفٍ
…
فَأَبِينُوا الْمَعْقُولَ بِالْمَحْسُوسِ
فَلَقَدْ جُلْتُ فِيهِمَا سَيِّدِي مَعَ
…
أَحْمَدَ الشَّهْمِ يَا فَقِيهَ الرَّئِيسِ
وَاضْطَرَبْنَا فِي فَهْمِ مَعْنَاهُمَا حَتَّى
…
ضَرَبْنَا التَّخْمِيسَ فِي التَّسْدِيسِ
ثُمَّ دُرْنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الدُّورِ
…
فَتُهْنَا عَنْ يَوْمِهَا الْمَرْمُوسِ
وَاخْتَلَفْنَا وَمَا اتَّفَقْنَا بِرَأْيٍ
…
وَأَقَمْنَا فِي ذَاكَ حَرْبَ الْبَسُوسِ
فَارْتَضَيْنَاك آخِرَ الْأَمْرِ فِينَا
…
حَكَمًا إذْ لَا عِطْرَ بَعْدَ عَرُوسِ
ثُمَّ بَعْضُ الثِّقَاتِ فِي الْفَنِّ يَرْوِي
…
وَهُوَ فِيمَا أَظُنُّ عَنْ تَهْجِيسِ
قَبْلَ مَا بَعْدَ قَبْلَ يَوْمِ الْخَمِيسِ
…
هَكَذَا رَاحَ مُثْبَتًا فِي الطُّرُوسِ
وَهُوَ عِنْدِي لَا يُطَابِقُ مَعْنَى
…
مَا أَرَادَ الصَّفِيُّ بَعْدَ الْخَمِيسِ
فَتَأَمَّلْ فِي ذَا وَذَا غَيْرَ مَأْمُورٍ
…
وَحَقِّقْ وُقِيتَ هَمَّ الْعُكُوسِ
وَأَبِنْ لِي هَلْ ذَا صَحِيحٌ وَإِلَّا
…
بَاطِلٌ أَوْ كِلَاهُمَا بِنَفِيسِ
وَابْقَ وَأَسْلَمْ فِي يُمْنِ حَظٍّ وَأَمْنٍ
…
يَا إمَامًا لِلْعِلْمِ وَالتَّدْرِيسِ
أَمْسِ لَا يَصِحُّ وَبَيَانُ ذَلِكَ بِبَيَانِ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ:.
الْقَاعِدَةُ الْأُولَى أَنَّ الْأَسْبَابَ الشَّرْعِيَّةَ: قِسْمَانِ قِسْمٌ قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَصْلِ شَرْعِهِ وَقَدَّرَ لَهُ مُسَبَّبًا مُعَيَّنًا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ زِيَادَةٌ وَلَا نَقْصٌ كَالْهِلَالِ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ وَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَالْعِصَمِ وَالْأَمْلَاكِ فِي الرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ لِوُجُوبِ النَّفَقَاتِ وَعُقُودِ الْبِيَاعَاتِ وَالْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ لِإِنْشَاءِ الْأَمْلَاكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ. وَقِسْمٌ وَكَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِخِيَرَةِ الْمُكَلَّفِينَ.
فَإِنْ شَاءُوا جَعَلُوهُ سَبَبًا وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يَجْعَلُوهُ سَبَبًا وَحَصَرَ جَعْلَهُمْ لِذَلِكَ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّعْلِيقُ كَدُخُولِ الدَّارِ وَقُدُومِ زَيْدٍ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ ذَلِكَ سَبَبًا لِطَلَاقِ امْرَأَةِ أَحَدٍ وَلَا لِعِتْقِ عَبْدِهِ وَالْمُكَلَّفُ جَعَلَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ بِالتَّعْلِيقِ عَلَيْهِ خَاصَّةً فَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُهُ سَبَبًا مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ لَمْ يَنْفُذْ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْتَبَرْ فَهَذَا الْقِسْمُ خَيَّرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَفِي مُسَبَّبِهِ أَيَّ شَيْءٍ شَاءَ الْمُكَلَّفُ جَعَلَهُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا قَرِيبَ الزَّمَانِ أَوْ بَعِيدَهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ الْمُقَدَّرَاتُ لَا تُنَافِي الْمُحَقَّقَاتِ بَلْ يَجْتَمِعَانِ وَيَثْبُتُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوَازِمُهُ وَأَحْكَامُهُ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَسَائِلُ: أَحَدُهَا أَنَّ الْأَمَةَ إذَا اشْتَرَاهَا شِرَاءً صَحِيحًا أُبِيحَ وَطْؤُهَا بِالْإِجْمَاعِ إلَى حِينِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَالرَّدِّ بِهِ.
وَإِنْ قُلْنَا: الرَّدُّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ ارْتَفَعَتْ الْإِبَاحَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهَا وَاقِعَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ الْعَقْدُ وَاقِعٌ أَيْضًا وَرَفْعُ الْوَاقِعِ مُحَالٌ عَقْلًا وَالْمُحَالُ عَقْلًا لَا يَرِدُ الشَّرْعُ بِوُقُوعِهِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى هَذَا الِارْتِفَاعِ تَقْدِيرًا لَا تَحْقِيقًا لِأَنَّ قَاعِدَةَ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ إعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ أَوْ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَيَحْكُمُ صَاحِبُ الشَّرْعِ بِأَنَّ الْعَقْدَ الْمَوْجُودَ وَالْإِبَاحَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَيْهِ وَجَمِيعَ آثَارِهِ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَلَا تَنَافِي بَيْنَ ثُبُوتِ الشَّيْءِ حَقِيقَةً وَعَدَمِهِ حُكْمًا كَقُرُبَاتِ الْكُفَّارِ وَالْمُرْتَدِّينَ مَوْجُودَةٌ حَقِيقَةً وَمَعْدُومَةٌ حُكْمًا وَالنِّيَّةُ فِي الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهَا مَوْجُودَةٌ حُكْمًا وَمَعْدُومَةٌ حَقِيقَةً عَكْسُ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ وَالْإِخْلَاصُ وَغَيْرُهُمَا يُحْكَمُ بِوُجُودِهِمَا وَإِنْ عُدِمَا عَدَمًا حَقِيقِيًّا وَقَدْ بَسَطْت ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأُمْنِيَةِ فِي إدْرَاكِ أَحْكَامِ النِّيَّةِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ لَا تُنَافِيَ الْمُحَقَّقَاتِ.
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
أَمْسِ لَا يَصِحُّ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ عِنْدِي صَحِيحٌ لَكِنَّهُ مُنَاقِضٌ لِمَا حُكِيَ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى اسْتِمْرَارِ الْعِصْمَةِ وَإِبَاحَةِ الْوَطْءِ إلَى قُدُومِ زَيْدٍ وَاَلَّذِي أَظُنُّهُ أَنَّ ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ لَا يَصِحُّ وَأَنَّهَا لَا يُبَاحُ وَطْؤُهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الشَّرْطِ بَلْ تَحْرُمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّ قَدِمَ زَيْدٌ تَبَيَّنَ أَنَّ لَنَا تَحْرِيمَهَا لِلطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ تَبَيَّنَ أَنَّ تَحْرِيمَهَا لِلْإِشْكَالِ وَالِاحْتِمَالِ كَمَا فِي اخْتِلَاطِ الْمَنْكُوحَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ الْأَجْنَبِيَّةُ حَرَامٌ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَالْمَنْكُوحَةُ حَرَامٌ لِلِاخْتِلَاطِ.
قَالَ: (وَبَيَانُ ذَلِكَ بِبَيَانِ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى أَنَّ الْأَسْبَابَ الشَّرْعِيَّةَ قِسْمَانِ إلَى آخِرِ بَيَانِ الْقَاعِدَةِ) قُلْتُ: جَمِيعُ مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ غَيْرَ قَوْلِهِ (وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُهُ سَبَبًا مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ لَمْ يَنْفُذْ ذَلِكَ) قُلْتُ: هَذَا إنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ فِي تَعْيِينِ الْأَلْفَاظِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي عَدَمِ تَعْيِينِهَا فَلَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ لَا تُنَافِي الْمُحَقَّقَاتِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ غَيْرَ قَوْلِهِ كَقُرُبَاتِ الْكُفَّارِ وَالْمُرْتَدِّينَ مَوْجُودَةً حَقِيقَةً وَمَعْدُومَةً حُكْمًا فَإِنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ قُرُبَاتِهِمْ فِي حَالِ الْكُفْرِ وَالِارْتِدَادِ فَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ أَرَادَ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الِارْتِدَادِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ) :
يَا عَلِيمًا بِكُلِّ مَعْنًى نَفِيسِ
…
وَصَدِيقِي وَمَطْلَبِي وَأَنِيسِي
أَنْتَ مَنْ فِي رَفِيعِ مَجْدٍ وَفَضْلٍ
…
وَمَقَالٍ لَهُ مَقَامُ الرَّئِيسِ
لَك مِنْ أَسْهُمِ الْبَيَانِ الْمُعَلَّى
…
فِي شُذُوذٍ فَاوَضْتَ أَوْ فِي مَقِيسِ
وَلَك السَّابِقُ الْمُجَلَّى إذَا مَا
…
رُمْت سَبْقًا بِحَلْبَةِ التَّدْرِيسِ
مَنْ كَعُثْمَانَ رَاضِيًا رَاقِيًا أَوْ
…
جَ الْمَعَالِي بِطِيبِ خَيْمٍ وَسُوسِ
أَوْ لَمْ يَكْفِك الْجَوَاهِرُ حَتَّى
…
جِئْت بِالزَّهْرِ فِي قُيُودِ الطُّرُوسِ
أَسْفَرَتْ عَنْ لِثَامِهَا بِنْتُ فِكْرٍ
…
مِنْك رَامَتْ بِلُطْفِهَا تَأْنِيسِي
وَأَدَارَتْ عَلَى الْمَسَامِعِ مِنْهَا
…
خَمْرَ مَعْنًى أَشْهَى مِنْ الْحَنْدَرِيسِ
وَأَشَارَتْ إلَى لَطَائِفَ دَارَتْ
…
بَيْنَ خِلَّيْنِ تَزْدَرِي بِالْكُؤُوسِ
مَا عَلَى - يَا فَقِيهُ - أَحْمَدَ زَيْدٌ
…
إنَّ ذَاكَ الْجَلِيسَ خَيْرُ جَلِيسٍ
قَدْ تَسَابَقْتُمَا الْفَضَائِلَ حَتَّى
…
نِلْتُمَا أَقْصَى كُلِّ مَعْنًى نَفِيسِ
فَكِلَا الْفَاضِلَيْنِ أَحْرَزَ فَضْلًا
…
لَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ مَعْنَى الشُّمُوسِ
إنَّ بَيْتَ الصَّفِيِّ لَا شَكَّ مَبْنًى
…
لَعَمْرِي بُنِيَ عَلَى تَأْسِيسِ
بَيْدَ أَنَّ أَكْثَرَ الظُّرُوفِ لِقَصْدِ
…
رَامٍ مِنْهُ غَرَابَةَ التَّلْبِيسِ
أَوَ يَخْفَى عِيدٌ وَعِيدٌ وَعِيدٌ
…
عَمَّ بِيَوْمِ الْعَرُوبَةِ الْمَأْنُوسِ
إنَّ هَذَا الْمُرَادَ إنْ قَالَ جَاءَتْ
…
بَعْدَ مَا قَبْلَ بَعْدَ يَوْمِ الْخَمِيسِ
صَحَّ مَنْ قَالَ قَبْلَ مَا بَعْدَ لَكِنْ
…
نُكِّسَ الْيَوْمُ غَايَةَ التَّنْكِيسِ
أَيْنَ يَوْمُ الرُّبُوعِ مِنْ يَوْمِ عِيدٍ
…
مَنْ يَرُدُّ السَّعِيدَ لِلْمَنْحُوسِ
دُمْتُمَا فِي لَبُوسِ صِحَّةِ نُعْمَى
…
مِنْ أَجْلِ الْمَلْبُوسِ غَيْرِ لَبِيسِ
قُلْتُ وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يُخَالِفُ الضَّابِطَ الْمُتَقَدِّمَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ قَوْلِهِ أَوَ يَخْفَى عِيدٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ صَحَّ مَنْ قَالَ قَبْلَ مَا بَعْدَ إلَخْ أَنَّهُ عَلَى عَكْسِ مَا مَرَّ لِأَمْرَيْنِ: الْأَمْرُ الْأَوَّلُ أَنَّ الصَّفِيَّ لَمْ يَقُلْ بَعْدَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ بَلْ قَالَ بَعْدَ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَلَا شَكَّ فِي صِدْقِ الْأَوَّلِ بِيَوْمِ الرُّبُوعِ كَمَا مَرَّ وَصَدَقَ الثَّانِي بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ كَمَا قَالَ الْأُسْكُوبِيُّ الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ بَيْدَ أَنَّ أَكْثَرَ الظُّرُوفِ إلَخْ مُوَافِقٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ.