المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المسألة الثامنة أنت طالق إن كلمت زيدا إن دخلت الدار] - الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق - جـ ١

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطْبَة الْكتاب]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَوَى الْعَدْلُ الْعَبْدُ حَدِيثًا يَتَضَمَّنُ عِتْقَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَام الْإِنْشَاءُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَالَ الْقَائِلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْلَ الْقَائِلِ حَبْلُك عَلَى غَارِبِكِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْإِنْشَاءَ كَمَا يَكُونُ بِالْكَلَامِ اللِّسَانِيِّ يَكُونُ بِالْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الطَّلَاقِ بِالْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ فِي بَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ الصِّيَغِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الْإِنْشَاءُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخَبَرَوفيه مَسَائِل]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَالَ كُلُّ مَا قُلْتُهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ كَذِبٌ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ التَّمَدُّحِ بِالْوَفَاءِ فِي الْوَعْدِ وَالْعَفْوِ فِي الْوَعِيدِ وَوُجُودُ الْخَبَرِ بِدُونِ خِصِّيصَتِهِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ خَبَرٌ كَاذِبٌ مَعَ أَنَّ مُتَقَدِّمَاتِهِ صَحِيحَةٌ فَكَيْفَ يُنْتِجُ الصَّادِقُ الْخَبَرَ الْكَاذِبَ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ كَذِبُ نَتِيجَةِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ الصَّادِقَتَيْنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ الْمُنْقَسِمَ إلَى شَيْئَيْنِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ الْوَتَدُ فِي الْحَائِطِ وَالْحَائِطُ فِي الْأَرْضِ يَنْتِجُ قَوْلُهُ الْوَتَدُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ الْمُحَالُ فِي النَّتِيجَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ الْعَقْلِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ وَالْعَادِيَّةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَتًى عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَهْرٍ قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا غَدًا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَالَ إنْ بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَهَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الطَّلَاقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ إنْ وَلَوْ الشَّرْطِيَّتَيْنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِيسَى إنْ كُنْت قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ لَوْ إذَا دَخَلَتْ عَلَى ثُبُوتَيْنِ عَادَا نَفْيَيْنِ أَوْ عَلَى نَفْيَيْنِ عَادَا ثُبُوتَيْنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إنْ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهَا إلَّا مَشْكُوكٌ فِيهِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَمْرٍ مَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ حَيْثُ وَأَيْنَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذَا الْبَلَدِ فَهِيَ طَالِقٌ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ الشَّرْطُ يَنْقَسِمُ إلَى مَا لَا يَقَعُ إلَّا دَفْعَةً كَالنِّيَّةِ وَإِلَى مَا لَا يَقَعُ إلَّا مُتَدَرِّجًا كَالْحَوْلِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ اشْتِرَاطِ الْمَشِيئَةِ عِنْدَ النُّطْقِ بِالْأَفْعَالِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ ذِكْر الشَّرْطُ لِلتَّعْلِيلِ دُونَ التَّعْلِيقِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَ قَوْلُهُ تَعَالَى يَا نِسَاءُ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَ حَذْفُ جَوَابِ الشَّرْطِ إنْ كَانَ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَ حَمْلِ الْعُمُومِ عَلَى عُمُومِهِ دُونَ سَبَبِهِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الشَّرِيعَةِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ تَوَقُّفِ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى شَرْطِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ وَالْعِلَلِ الْمُجْتَمِعَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ جُزْءِ الْعِلَّةِ وَالشَّرْطِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الشَّرْطِ وَالْمَانِعِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الشَّرْطِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ تَوَالِي أَجْزَاءِ الْمَشْرُوطِ مَعَ الشَّرْطِ وَبَيْنَ تَوَالِي الْمُسَبِّبَاتِ مَعَ الْأَسْبَابِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ التَّرْتِيبِ بِالْأَدَوَاتِ اللَّفْظِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ بِالْحَقِيقَةِ الزَّمَانِيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَفَرْضِ الْعَيْنِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الْمَشَقَّةِ الْمُسْقِطَةِ لِلْعِبَادَةِ وَالْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا تُسْقِطُهَا]

- ‌[ضَابِطُ الْمَشَقَّةِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي التَّخْفِيفِ مِنْ غَيْرِهَا]

- ‌[مَا لَا ضَابِطَ لَهُ وَلَا تَحْدِيدَ وَقَعَ فِي الشَّرْعِ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[ضَابِطُ قَاعِدَةِ الْإِصْرَارِ الْمُصَيِّرِ الصَّغِيرَةَ كَبِيرَةً]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى السُّجُودَ لِلصَّنَمِ عَلَى وَجْهِ التَّذَلُّلِ وَالتَّعْظِيمِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ نِسْبَةُ الْأَفْعَالِ إلَى الْكَوَاكِبِ فِيهَا أَقْسَامٌ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ وَقَاعِدَةِ مُطْلَقِ الْأَمْرِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَدِلَّةِ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ أَدِلَّةِ وُقُوعِ الْأَحْكَامِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَدِلَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْحِجَاجِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُنْوَى قُرْبَةً وَقَاعِدَةِ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُنْوَى قُرْبَةً]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْإِنْسَانَ لَا يَنْوِي إلَّا فِعْلَ نَفْسِهِ وَمَا هُوَ مُكْتَسَبٌ لَهُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الَّذِي نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ وَشَكَّ فِي عَيْنِهَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ النِّيَّةُ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ حُكْم دُخُول السنن فِي نِيَّة صَلَاة الْفَرْض]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ مَا تُشْرَعُ فِيهِ الْبَسْمَلَةُ وَمَا لَا تُشْرَعُ فِيهِ الْبَسْمَلَةُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الصَّوْمِ وَقَاعِدَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَمْلِ عَلَى أَوَّلِ جُزْئِيَّاتِ الْمَعْنَى وَقَاعِدَةِ الْحَمْلِ عَلَى أَوَّلِ أَجْزَائِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ حُقُوقِ اللَّهِ وَقَاعِدَةِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَاجِبِ لِلْآدَمِيِّينَ عَلَى الْآدَمِيِّينَ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَاجِبِ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى الْأَوْلَادِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا تُؤَثِّرُ فِيهِ الْجَهَالَاتُ وَالْغَرَرُ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ النَّهْيِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[الْفَرَق بَيْنَ قَاعِدَة خِطَابِ التَّكْلِيف وَقَاعِدَة خِطَاب الْوَضْع]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَوَاقِيتِ الزَّمَانِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَوَاقِيتِ الْمَكَانِيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْعُرْفِ الْفِعْلِيِّ]

- ‌[الْفَرْقُ فِي الْفَرْق بَيْنَ قَاعِدَة النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ النِّيَّةِ الْمُؤَكِّدَةِ]

- ‌[الْفَرْق بَيْن قَاعِدَة تَمْلِيك الِانْتِفَاع وَبَيْن قَاعِدَة تَمْلِيك الْمَنْفَعَة]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْن قَاعِدَة حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْكُلِّيِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْكُلِّيَّةِ]

- ‌[الْفَرْق بَيْن قَاعِدَةِ الْإِذْنِ الْعَام مِنْ قِبَل صَاحِب الشَّرْعِ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَبَيْنَ إذْنِ الْمَالِكِ الْآدَمِيِّ فِي التَّصَرُّفَات]

- ‌[الْفَرْق بَيْنَ قَاعِدَة تَقَدُّم الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ دُون شَرْطِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْفِعْلِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَعَانِي الْحُكْمِيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ وَقَاعِدَةِ الْأَسْبَابِ الْقَوْلِيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَصَرُّفِهِ بِالْقَضَاءِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَصَرُّفِهِ بِالْفَتْوَى]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَعْلِيقِ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى الْمَشِيئَةِ وَقَاعِدَةِ تَعْلِيقِ سَبَبِيَّةِ الْأَسْبَابِ عَلَى الْمَشِيئَة]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ النَّهْيِ الْخَاصِّ وَبَيْنَ قَاعِدَة النَّهْيِ الْعَام]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الزَّوَاجِرِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْجَوَابِر]

- ‌[الْفَرْق بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُسْكِرَاتِ وَقَاعِدَةِ الْمُرْقِدَاتِ وَقَاعِدَةِ الْمُفْسِدَات]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْن قَاعِدَةِ كَوْنِ الزَّمَانِ ظَرْفَ التَّكْلِيفِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْن قَاعِدَةِ كَوْنِ الزَّمَانِ ظَرْفًا لِإِيقَاعِ الْمُكَلَّفِ بِهِ فَقَطْ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ كَوْنِ الزَّمَانِ ظَرْفًا لِلْإِيقَاعِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اللُّزُومِ الْجُزْئِيِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ اللُّزُومِ الْكُلِّيِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ السَّبَبِ فِي الشَّكِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ قَبُولِ الشَّرْطِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ قَبُولِ التَّعْلِيقِ عَلَى الشَّرْطِ]

الفصل: ‌[المسألة الثامنة أنت طالق إن كلمت زيدا إن دخلت الدار]

بَيْنَ عَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِ الْإِرْثِ لَيْسَ بِحَقٍّ فَمَقْصُودُك قَطْعُ رَبْطِ كَلَامِهِ لَا ارْتِبَاطُ كَلَامِك وَتَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ عَالِمًا لَأَكْرَمَ أَيْ لِشَجَاعَتِهِ جَوَابًا لِسُؤَالِ سَائِلٍ تَتَوَهَّمُهُ أَوْ سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لَمْ يُكْرَمْ فَيَرْبِطُ بَيْنَ عَدَمِ الْعِلْمِ وَعَدَمِ الْإِكْرَامِ فَتَقْطَعُ أَنْتَ ذَلِكَ الرَّبْطَ وَلَيْسَ مَقْصُودُك أَنْ تَرْبِطَ بَيْنَ عَدَمِ الْعِلْمِ وَالْإِكْرَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ وَلَا مِنْ أَغْرَاضِ الْعُقَلَاءِ وَلَا يُتَّجَهُ كَلَامُك إلَّا عَلَى عَدَمِ الرَّبْطِ كَذَلِكَ الْحَدِيثُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَرْتَبِطَ عِصْيَانُهُمْ بِعَدَمِ خَوْفِهِمْ وَأَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَوْهَامِ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُنَا الرَّبْطَ وَقَالَ: «لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ» وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الْأَوْهَامِ أَنَّ الشَّجَرَ كُلَّهَا إذَا صَارَتْ أَقْلَامًا وَالْبَحْرَ الْمَالِحَ مَعَ غَيْرِهِ مِدَادًا يُكْتَبُ بِهِ يَقُولُ الْوَهْمُ مَا يُكْتَبُ بِهَذَا شَيْءٌ إلَّا نَفِدَ وَمَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ قَطْعُ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا الرَّبْطَ وَقَالَ مَا نَفِدَتْ وَهَذَا الْجَوَابُ أَصْلَحُ مِنْ الْأَجْوِبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا شُمُولُهُ لِهَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ وَبَعْضُهَا لَمْ يَشْمَلْ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَثَانِيهمَا أَنَّ لَوْ بِمَعْنَى أَنَّ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمُخَالِفٌ لِلْعُرْفِ وَادِّعَاءُ النَّقْلِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ وَحَذْفُ الْجَوَابِ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ الْجَوَابِ لَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْعُرْفِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ يَسْتَعْمِلُونَ مَا ذَكَرْتُهُ وَلَا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

بَيْنَ عَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِ الْإِرْثِ لَيْسَ بِحَقٍّ فَمَقْصُودُك قَطْعُ رَبْطِ كَلَامِهِ كَذَلِكَ الْحَدِيثُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَرْتَبِطَ عِصْيَانُهُمْ بِعَدَمِ خَوْفِهِمْ وَأَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَوْهَامِ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الرَّبْطَ وَقَالَ: «لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ» وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الْأَوْهَامِ أَنَّ الشَّجَرَ كُلَّهَا إذَا صَارَتْ أَقْلَامًا وَالْبَحْرَ الْمَالِحَ مَعَ غَيْرِهِ مِدَادًا يُكْتَبُ بِهِ يَقُولُ الْوَهْمُ مَا يُكْتَبُ بِهَذَا شَيْءٌ إلَّا نَفِدَ وَمَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ قَطَعَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الرَّبْطَ وَقَالَ: مَا نَفِدَتْ) .

قُلْتُ: جَوَابُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ عُصْفُورٍ يَقْتَضِي أَنَّهَا مَجَازٌ فِي الْحَدِيثِ وَالْمَجَازُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَا يُدَّعَى إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَأَمَّا جَوَابُ شَمْسِ الدِّينِ فَهُوَ الصَّحِيحُ غَيْرَ قَوْلِهِ إنَّمَا اشْتَهَرَتْ فِي الْعُرْفِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعُرْفَ الَّذِي ادَّعَاهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ اللُّغَةِ وَلَا عَنْ الشَّرْعِ فَهُوَ عُرْفٌ لِغَيْرِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلِغَيْرِ أَهْلِ الشَّرْعِ وَلَا حُجَّةَ فِي عُرْفِ غَيْرِهِمَا وَلَا اعْتِبَارَ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا.

وَأَمَّا جَوَابُ عِزِّ الدِّينِ فَغَايَتُهُ إنْ أَبْدَى وَجْهًا لِمُطْلَقِ الرَّبْطِ وَارْتِفَاعِ تَوَهُّمِ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ وَأَمَّا جَوَابُ مَنْ قَالَ بِحَذْفِ الْجَوَابِ فَحَذْفُ الْمَحْذُوفِ لَا يَثْبُتُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا وَأَمَّا جَوَابُهُ هُوَ فَمُحْوِجٌ إلَى تَكَلُّفِ سَبْقِ كَلَامٍ يَكُونُ هَذَا جَوَابًا لَهُ وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فِي الْآيَةِ أَمَّا سَبْقُ كَلَامٍ يَكُونُ هَذَا جَوَابًا لَهُ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَزَلِ مَنْ يَكُونُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى جَوَابًا لَهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى جَوَابًا لَهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَقْدِيرِ سَبْقِ كَلَامٍ فَإِنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ إنَّمَا مَعْنَاهُ احْتِمَالُ سَبْقِ كَلَامِ اللَّهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ مِثْلِ هَذَا الِاحْتِمَالِ إذْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ الْعَالِمُ بِمَا كَانَ وَبِمَا يَكُونُ وَبِمَا لَمْ يَكُنْ وَلَا يَكُونُ فَإِنْ قِيلَ: جَازَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ مِنْ تَوَهُّمِ مَنْ يَسْمَعُ وَالْآيَةُ كَذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ يُغْنِي عَنْهُ أَنَّهَا لِمُطْلَقِ الرَّبْطِ.

قَالَ: (وَهَذَا الْجَوَابُ أَصْلَحُ مِنْ الْأَجْوِبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَى آخَرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَصْلَحَ وَفِيهِ دَعْوَى سَبْقِ كَلَامٍ يَكُونُ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

فُلَانٌ يَبْغُضُنِي فَيَقُولُ: أَنَا أُحِبُّك وَيَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَّقَهُ وَلَا يَدْرِي حَقِيقَةَ ذَلِكَ وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَفِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ، وَصُورَةُ الْوَجْهِ الْخَامِسِ أَنْ يَقُولَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ كَانَ أَمْسِ كَذَا وَكَذَا لِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَلَا طَرِيقَ إلَى اسْتِعْلَامِهِ وَأَنْ يَشُكَّ فِي أَيِّ امْرَأَةٍ مِنْ امْرَأَتَيْهِ طَلَّقَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى فِرَاقِهِمَا جَمِيعًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَالشَّكُّ فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ قَبِيلِ هَذَا الْوَجْهِ الْخَامِسِ كَمَا لَا يَخْفَى فَانْظُرْ كَيْفَ يَتَأَتَّى فِيهِ جَرَيَانُ أَصْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ إلْغَاءِ الشَّكِّ وَاسْتِصْحَابِ الْعِصْمَةِ مَعَ حِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ الِاتِّفَاقَ فِيهِ عَلَى الْجَبْرِ عَلَى الطَّلَاقِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ بِإِنْصَافٍ وَحَرِّرْ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ]

(الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) لِتَعَدُّدِ الشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ مَعَ اتِّحَادِ الْجَوَابِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ تَعَدُّدُهُ كَذَلِكَ بِدُونِ عَطْفٍ مَعَ تَكَرُّرِ حَرْفِ الشَّرْطِ وَيُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ وَالنُّحَاةُ اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ وَقَدْ أُفْرِدَ بِالتَّأْلِيفِ نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَهُوَ يَحْتَمِلُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنْ يُجْعَلَ الْجَوَابُ لَهُمَا مَعًا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ اجْتِمَاعِ عَامِلَيْنِ عَلَى مَعْمُولٍ وَاحِدٍ، الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ لَا يُجْعَلَ جَوَابًا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِمَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَتَرْكِ مَا لَهُ دَخْلٌ وَهُوَ عَبَثٌ، الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يُجْعَلَ جَوَابًا لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي وَجَوَابُهُ جَوَابًا لِلْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ الرَّابِطَةِ وَلَا فَاءَ، الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلْأَوَّلِ وَهُوَ وَجَوَابُهُ دَلِيلُ جَوَابِ الثَّانِي وَهُوَ رَأْيُ الْفَرَّاءِ وَاقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي وَابْنُ مَالِكٍ فِي التَّسْهِيلِ عَلَيْهِ.

وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ النَّحْوِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَلْفِيَّةِ عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ سَأَلَ الْفُقَهَاءَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَطْلُقُ إلَّا بِوُقُوعِ الشَّرْطَيْنِ مَرَّتَيْنِ كَتَرْتِيبِهِمَا فِي الذِّكْرِ وَقِيلَ بِشَرْطِ انْعِكَاسِ التَّرْتِيبِ وَقِيلَ: تَطْلُقُ بِهِمَا مُطْلَقًا وَقِيلَ بِوُقُوعِ أَيِّ شَرْطٍ كَانَ وَاخْتَارَ الْفَرَّاءُ الثَّانِيَ وَوَجَّهَهُ بِالْوَجْهِ

ص: 91

يَفْهَمُونَ غَيْرَهُ فِي تِلْكَ الْمَوَارِدِ وَيَعُمُّ هَذَا الْجَوَابُ الْوَاجِبَ لِذَاتِهِ كَصِفَاتِ اللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَالْمُمْكِنُ الْقَابِلُ لِلتَّعْلِيلِ كَطَاعَةِ صُهَيْبٍ رضي الله عنه.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) أَنَّ النُّحَاةَ وَالْأُصُولِيِّينَ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ إنْ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهَا إلَّا مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا نَقُولُ: إنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَأْتِينِي بَلْ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَإِذَا يُعَلَّقُ عَلَيْهَا الْمَشْكُوكُ وَالْمَعْلُومُ فَتَقُولُ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يَتَعَذَّرَ وُرُودُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مُضَافَةً إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ مَعَ أَنَّهَا وَرَدَتْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ - وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: 114 - 23] وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ وَهُوَ كَثِيرٌ جِدًّا مَعَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى إنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ خِطَابٌ مَعَ أَهْلِ الْكُفْرِ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ أَنَّهُمْ فِي رَيْبٍ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وَيَجْزِمُونَ أَنَّهُمْ فِي رَيْبٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّعْلِيقُ حَسَنٌ.

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ أَنَّ الْخَصَائِصَ الْإِلَهِيَّةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْأَوْضَاعِ الْعَرَبِيَّةِ بَلْ الْأَوْضَاعُ الْعَرَبِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى خَصَائِصِ الْخَلْقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ الْقُرْآنَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَعَلَى مِنْوَالِهِمْ فَكُلُّ مَا كَانَ فِي عَادَةِ الْعَرَبِ حَسَنًا أُنْزِلَ فِي الْقُرْآنِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ أَوْ قَبِيحًا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لَمْ يَنْزِلْ فِي الْقُرْآنِ تَوْفِيَةً بِكَوْنِ الْقُرْآنِ عَرَبِيًّا وَتَحْقِيقًا لِذَلِكَ فَيَكُونُ الضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَادَةِ مَشْكُوكًا فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ حَسُنَ تَعْلِيقُهُ بِإِنْ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ قِبَلِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَعْلُومًا لِلْمُتَكَلِّمِ أَوْ لِلسَّامِعِ أَوْ لَا وَلِذَلِكَ يَحْسُنُ مِنْ الْوَاحِدِ مِنَّا أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَكْرِمْهُ مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِي الدَّارِ لِأَنَّ حُصُولَ زَيْدٍ فِي الدَّارِ شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَادَةِ مَشْكُوكًا فِيهِ فَهَذَا هُوَ الضَّابِطُ لِمَا يُعَلَّقُ عَلَى إنْ، فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ مَا يَرِدُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عز وجل فِي كِتَابِهِ وَبَيْنَ مَا يَرِدُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ فَإِنْ قُلْت: فَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَصِحَّ قَوْلُنَا أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ نِصْفَ الْعَشَرَةِ فَالْعَشَرَةُ اثْنَانِ وَإِنْ يَكُنْ نِصْفَ الْخَمْسَةِ فَالْخَمْسَةُ زَوْجٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا يُشَكُّ فِيهَا عَادَةً بَلْ تُقْطَعُ بِأَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ وَلَا يَكُونُ نِصْفَ الْخَمْسَةِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ عَرَبِيٌّ وَمُلَازَمَتُهُ صَحِيحَةٌ وَمَعْنًى مُعْتَبَرٌ قُلْت: كَوْنُ الْوَاحِدِ نِصْفَ الْعَشَرَةِ أَمْرٌ لَيْسَ فِي الْوَاقِعِ بَلْ أَمْرُ يَفْرِضُهُ الْعَقْلُ وَيُقَدِّرُهُ الْوَهْمُ وَمَعْنَاهُ مَتَى فُرِضَ الْوَاحِدُ نِصْفَ الْعَشَرَةِ أَوْ نِصْفَ الْخَمْسَةِ كَانَ اللَّازِمُ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ الْمُحَالِ هَذَا اللَّازِمُ الْمُحَالُ فَإِنَّ فَرْضَ الْمُحَالِ وَاقِعٌ جَائِزٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْمُحَالُ وَإِذَا كَانَ التَّعْلِيقُ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَمْرٍ مَفْرُوضٍ وَالْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ لَيْسَ أَمْرًا لَازِمًا فِي الْوَاقِعِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ وَأَنْ لَا يَقَعَ فَصَارَ مِنْ قَبِيلِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ حَسُنَ تَعْلِيقُهُ بِإِنْ فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ فَإِنَّهَا فِي بَادِئِ الرَّأْيِ مُشْكِلَةٌ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

هَذَا جَوَابًا لَهُ أَوْ تَقْدِيرَ سَبْقِ كَلَامٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ.

قَالَ شِهَابُ الدِّينِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّ النُّحَاةَ وَالْأُصُولِيِّينَ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ إنْ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهَا إلَّا مَشْكُوكٌ فِيهِ آخِرَ الْمَسْأَلَةِ)

قُلْتُ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ بَلْ هِيَ لِمُطْلَقِ الرَّبْطِ سَوَاءً كَانَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ مَشْكُوكًا فِيهِ أَوْ غَيْرَ مَشْكُوكٍ غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِظَرْفٍ وَإِذَا ظَرْفٌ وَقَدْ آلَ كَلَامُهُ فِي جَوَابِهِ عَنْ الْإِشْكَالِ وَجَوَابُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ السُّؤَالِ إلَى أَنَّهَا

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الرَّابِعِ الَّذِي رَآهُ وَالْحَقُّ أَنَّ الْوَجْهَ الرَّابِعَ يَصْلُحُ تَوْجِيهًا لِكُلٍّ مَنْ الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْقَوْلِ الثَّالِثِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ زَمَنِ الثَّانِي لَتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ وَمَذْهَبُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَ كُلٍّ مِنْ الْفِعْلَيْنِ بِاعْتِبَارِ زَمَنِ التَّكَلُّمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى الثَّانِي إنَّمَا هُوَ لُزُومُ حُكْمِ التَّعْلِيقِ لَا الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبُنَانِيِّ عَلَى عبق.

وَضَابِطُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الشُّرُوطَ إنْ وَقَعَتْ كَمَا نُطِقَ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ وَأَنَّ عَكْسَهَا الْمُتَقَدِّمُ مُتَأَخِّرٌ وَالْمُتَأَخِّرُ مُتَقَدِّمٌ طَلُقَتْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمُهَذَّبِ فِي الْمِثَالِ الْمَارِّ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ كَلَّمْت زَيْدًا طَلُقَتْ وَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوَّلًا ثُمَّ دَخَلْت الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ جَعَلَ دُخُولَ الدَّارِ شَرْطًا فِي كَلَامِ زَيْدٍ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلَتْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يُوجَدَ السُّؤَالُ ثُمَّ الْوَعْدُ ثُمَّ الْعَطَاءُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوَعْدِ الْعَطِيَّةُ وَشَرْطٌ فِي الْعَطِيَّةِ السُّؤَالُ وَكَانَ مَعْنَاهُ إنْ سَأَلَتْنِي فَوَعَدْتُك فَأَعْطَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَافَقَهُ الْغَزَالِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْوَسِيطِ وَلَمْ يَحْكِيَا خِلَافًا وَعَلَيْهِ إذَا نَسَقَ هَذَا النَّسَقَ عَشْرَةُ شُرُوطٍ فَأَكْثَرُ فَلَا بُدَّ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنْ يَقَعَ الْعَاشِرُ أَوَّلًا ثُمَّ التَّاسِعُ إلَى الْأَوَّلِ فَيَقَعُ آخِرًا لِأَنَّ الْعَاشِرَ سَبَبٌ فِي التَّاسِعِ فَيَقَعُ قَبْلَهُ وَهَكَذَا وَمَتَى اخْتَلَّ ذَلِكَ فِي الْوُقُوعِ اخْتَلَّ الْمَشْرُوطُ فَلَا يَقَعُ وَمُدْرِكُهُمْ قَاعِدَتَانِ الْأُولَى أَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهَا الْعَدَمُ.

وَالْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ تَقَدُّمَ الْمُسَبَّبِ عَلَى سَبَبِهِ لَا يُعْتَبَرُ كَالصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِذَا قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَمَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ أَنِّي جَعَلْت كَلَامَ زَيْدٍ سَبَبَ طَلَاقِك وَشَرْطُهُ اللُّغَوِيُّ غَيْرُ أَنِّي قَدْ جَعَلْت سَبَبَ اعْتِبَارِهِ وَالشَّرْطُ فِيهِ دُخُولُ الدَّارِ فَإِنْ وَقَعَ الْكَلَامُ أَوَّلًا فَلَا تَطْلُقُ بِهِ لِأَنَّهُ وَقَعَ قَبْلَ سَبَبِ اعْتِبَارِهِ فَيَلْغَى كَالصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِهِ بَعْدَ دُخُولِ الدَّارِ حَتَّى يَقَعَ بَعْدَ سَبَبِهِ فَيُعْتَبَرُ كَالصَّلَاةِ بَعْدَ الزَّوَالِ.

وَيَشْهَدُ لِمَذْهَبِهِمْ مِنْ الْقُرْآنِ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ هُودٍ {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [هود: 34]

ص: 92

يَنْحَلُّ إشْكَالُهَا بِمَا قَرَّرْنَاهُ.

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَمْرٍ مَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلٍ وَأَنَّ جَزَاءَهُ أَيْضًا كَذَلِكَ وَأَنَّهَا أُمُورٌ عَشَرَةٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ أَنْ لَا يَصِحَّ تَعْلِيقُ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى نَحْوَ عِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْأَزَلِ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ وَقَدَّرَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْأَزَلِ مِنْ جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُمْكِنَاتِ وَالْمَعْدُومَاتِ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَأَخَّرَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَنْ الْأَزَلِ فَيَسْتَحِيلُ تَعْلِيقُهُ حِينَئِذٍ وَجَعَلَهُ شَرْطًا لَكِنَّهُ وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مُعَلَّقًا عَلَى الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ عز وجل {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ} [الزخرف: 60]{وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13]{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40]{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} [الإسراء: 16] وَ {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} [النساء: 133] وَ {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 70] وَفِي السُّنَّةِ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» وَمَنْ هَا هُنَا شَرْطِيَّةٌ فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ تُورِدُ السُّؤَالَ بِلَوْ مَعَ أَنَّك قَدْ قَدَّمْت أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهَا أَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي فَلَا يَكُونُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهَا لَازِمًا حَتَّى يَرِدَ بِهَا السُّؤَالُ؟ قُلْت مِنْ خَصَائِصِهَا أَنَّهَا قَدْ تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي وَلَكِنْ لَا يُمْنَعُ دُخُولُهَا عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ.

وَنَحْنُ نَعْلَمُ هَا هُنَا أَنَّهَا إنَّمَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِعِ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَوْ شَاءَ جَعَلَنَا مَلَائِكَةً لَكِنَّا مَلَائِكَةً لَكِنَّا لَسْنَا مَلَائِكَةً فَعَلِمْنَا أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَاضِيًا وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْآيَاتِ فَالسُّؤَالُ بِهَا لَازِمٌ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ تَعَلُّقَ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِلْمِهِ بِالْأَشْيَاءِ قِسْمَانِ: قِسْمٌ وَاقِعٌ وَقِسْمٌ مُقَدَّرٌ مَفْرُوضٌ لَيْسَ وَاقِعًا فَالْوَاقِعُ هُوَ أَزَلِيٌّ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ شَيْءٍ مِنْهُ شَرْطًا أَلْبَتَّةَ وَالْمُقَدَّرُ هُوَ الَّذِي جُعِلَ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَشْكُوكِ وَغَيْرِ الْمَشْكُوكِ وَدَعْوَى الْمَجَازِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ.

قَالَ: (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَمْرٍ مَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلٍ وَأَنَّ جَزَاءَهُ أَيْضًا كَذَلِكَ إلَى آخِرِ الْأُمُورِ الْمُشْتَرَطَةِ الَّتِي أَوْرَدَهَا)

قُلْتُ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حُرُوفَ الشَّرْطِ تَدْخُلُ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ سَائِرِ مَا ذَكَرَ مَعَ الشَّرْطِ.

قَالَ: (فَإِنْ قُلْتُ: كَيْفَ تُورِدُ السُّؤَالَ بِلَوْ مَعَ أَنَّك قَدْ قَدَّمْت أَنْ مِنْ خَصَائِصِهَا أَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي فَلَا يَكُونُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهَا لَازِمًا حَتَّى يَرِدَ بِهَا السُّؤَالُ قَالَ: قُلْتُ: مِنْ خَصَائِصِهَا أَنَّهَا قَدْ تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُ دُخُولُهَا عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ هَا هُنَا أَنَّهَا إنَّمَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِعِ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَوْ شَاءَ جَعَلَنَا مَلَائِكَةً لَكُنَّا مَلَائِكَةً لَكِنَّا لَسْنَا مَلَائِكَةً فَعَلِمْنَا أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَاضِيًا) قُلْتُ: جَوَابُهُ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ حَادِثَةً وَإِنَّمَا دَخَلَتْ لَوْ عَلَى مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبَلًا وَحَمْلُ الْمَشِيئَةِ عَلَى وُقُوعِ مُتَعَلِّقِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ الْحَادِثُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَالسُّؤَالُ وَارِدٌ.

قَالَ: (وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ تَعَلُّقَ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِلْمِهِ بِالْأَشْيَاءِ قِسْمَانِ: قِسْمٌ وَاقِعٌ وَقِسْمٌ مُقَدَّرٌ مَفْرُوضٌ لَيْسَ وَاقِعًا فَالْوَاقِعُ هُوَ أَزَلِيٌّ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ شَيْءٍ مِنْهُ شَرْطًا أَلْبَتَّةَ) .

قُلْتُ: مَا قَالَهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ يُمْكِنُ جَعْلُ الْأَزَلِيِّ شَرْطًا وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى مَا قَالَهُ دَعْوَاهُ أَنَّ إنْ لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُهَا عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهَا لِمُطْلَقِ الرَّبْطِ وَقَدْ سَبَقَ مِنْ كَلَامِهِ مَا يُشْعِرُ بِتَسْلِيمِهِ أَنَّهَا لِمُطْلَقِ الرَّبْطِ.

قَالَ: (وَالْمُقَدَّرُ هُوَ الَّذِي جُعِلَ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

فَإِنَّ إرَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْبَشَرِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَالْمُتَقَدِّمُ لَفْظًا مُتَأَخِّرٌ وُقُوعًا وَلَا يُمْكِنُ خِلَافُ ذَلِكَ وَمِنْ الشِّعْرِ قَوْلُ ابْنِ دُرَيْدٍ:

فَإِنْ عَثَرَتْ بَعْدَهَا إنْ وَالَتْ

نَفْسِي مِنْ هَاتَا فَقُولَا لَا لَعَا

وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

إنْ تَسْتَغِيثُوا بِنَا إنْ تَذْعَرُوا تَجِدُوا

مِنَّا مَعَاقِلَ عَزٍّ زَانَهَا كَرَمُ

إذْ مَعْلُومٌ أَنَّ الْعُثُورَ مَرَّةً ثَانِيَةً إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْخُلُوصِ مِنْ الْأَوَّلِ فَالْمُتَقَدِّمُ لَفْظًا مُتَأَخِّرٌ وُقُوعًا وَأَنَّ الِاسْتِغَاثَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الذُّعْرِ فَالْمُتَقَدِّمُ لَفْظًا مُتَأَخِّرٌ مَعْنًى وَضَابِطُ مَذْهَبِنَا وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ الشُّرُوطَ إذَا وَقَعَتْ مَعًا عَلَى تَرْتِيبِهَا فِي التَّعْلِيقِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ طَلُقَتْ قَالَ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَإِنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت إنْ دَخَلْت لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِهِمَا قَالَ عبق أَيْ مَعًا عَلَى تَرْتِيبِهِمَا فِي التَّعْلِيقِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ اهـ فَإِذَا قَالَ: إنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلَتْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِوُجُودِ الثَّلَاثَةِ عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ وَإِذَا نَسَقَ هَذَا النَّسَقَ عَشَرَةُ شُرُوطٍ فَأَكْثَرُ طَلُقَتْ بِوُقُوعِ الْجَمِيعِ عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ وَمُدْرِكُ أَصْحَابِنَا وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِالْوَاوِ يَسْتَوِي الْحَالُ فِيهِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعْطِفُ الْكَلَامَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ وَيَكُونُ فِي مَعْنَى حَرْفِ الْعَطْفِ كَقَوْلِنَا جَاءَ زَيْدٌ جَاءَ عَمْرٌو وَأَنَّ الرَّبْطَ بَيْنَ الشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ وَمَشْرُوطَاتِهَا وَضْعِيٌّ كَمَا سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَصِفَةُ الرَّبْطِ مِنْ تَقَدُّمٍ أَوْ تَأَخُّرٍ أَوْ مَعِيَّةٍ كَذَلِكَ وَضْعِيٌّ وَالْأُمُورُ الْوَضْعِيَّةُ يَجُوزُ تَبَدُّلُهَا وَتَبَدُّلُ أَوْصَافِهَا بِحَسَبِ قَصْدِ الْوَاضِعِ لَهَا فَافْهَمْ. قَالُوا: وَمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ لَا حُجَّةَ فِيهِ إذْ لَيْسَ كَوْنُ الْمُتَأَخِّرِ فِي الْآيَةِ وَالْبَيْتَيْنِ مُتَقَدِّمًا مِنْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ بَلْ هُوَ مِنْ ضَرُورَةِ الْوُجُودِ أَلَا تَرَى أَنَّ كَوْنَ الذُّعْرِ سَبَبًا فِي الِاسْتِغَاثَةِ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فَغَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ جَوَازُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ مَا هُوَ مُتَأَخِّرٌ فِي الْوُجُودِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي قَوْله تَعَالَى

ص: 93

شَرْطًا وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا أَنْ نَرُدَّكُمْ مَلَائِكَةً كُنْتُمْ مَلَائِكَةً وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا لِهِدَايَةِ نَفْسٍ اهْتَدَتْ وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتِنَا لِكَوْنِ شَيْءٍ كَانَ وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا لِإِهْلَاكِ قَرْيَةٍ وَكَانَ السَّبَبُ فِي إهْلَاكِهَا أَمْرُ مُتْرَفِيهَا فَيَفْسُقُونَ وَمَتَى فُرِضَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ فِيكُمْ خَيْرًا آتَاكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ هَذِهِ النَّظَائِرِ فَجَمِيعُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ تَعَلُّقِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا هُوَ مَفْرُوضٌ مُقَدَّرٌ لَا أَنَّهُ وَاقِعٌ وَالْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ أَمْرٌ مُتَوَقَّعٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ أَزَلِيًّا فَلِذَلِكَ حَسُنَ التَّعْلِيقُ فِيهِ عَلَى الشَّرْطِ فَإِنْ قُلْت بَلْ هَذَا التَّقْدِيرُ أَزَلِيٌّ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ فِي الْأَزَلِ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَجَعَلْنَا مَلَائِكَةً وَلَوْ شَاءَ هِدَايَةَ نَفْسٍ لَاهْتَدَتْ وَالْعِلْمُ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ فَيَكُونُ الْعِلْمُ بِهَذَا التَّقْدِيرِ فَرْعُ تَحَقُّقِ التَّقْدِيرِ لَكِنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ أَزَلِيٌّ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَزَلِيًّا فَيَمْتَنِعُ تَعْلِيقُهُ قُلْت: الْوَاقِعُ فِي الْأَزَلِ هُوَ الْعِلْمُ بِارْتِبَاطِ الْهِدَايَةِ وَالْعِلْمُ بِارْتِبَاطِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَ ذَيْنِكَ الشَّيْئَيْنِ وَلَا أَحَدِهِمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ فِي الْأَزَلِ ارْتِبَاطَ الرِّيِّ بِالشُّرْبِ وَالشِّبَعِ بِالْأَكْلِ فَعِلْمُهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَزَلِيٌّ.

وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ حَادِثَةٌ كَذَلِكَ هَا هُنَا يَعْلَمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْأَزَلِ ارْتِبَاطَ الْهِدَايَةِ بِفَرْضِ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا فَيَكُونُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ قَدِيمًا وَالْمَعْلُومُ وَهُوَ هَذَانِ الْأَمْرَانِ حَادِثَانِ وَمَعْنَى قَوْلِنَا الْعِلْمُ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ أَيْ تَابِعٌ لِتَقْدِيرِهِ فِي زَمَانِهِ مَاضِيًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا فَنَعْلَمُ أَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ فَعِلْمُنَا حَاضِرٌ وَمَعْلُومُنَا مُسْتَقْبَلٌ لَكِنَّ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى عِلْمِنَا بِالرُّتْبَةِ الْعَقْلِيَّةِ هُوَ تَقْدِيرُ الْمَعْلُومِ فِي زَمَانِهِ لَا ذَاتُ الْمَعْلُومِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَأَثْبِتْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِمْ الْخَبَرُ تَابِعٌ لِلْمُخْبَرِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ فَإِنْ قُلْت: الِارْتِبَاطُ بَيَّنَ إرَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى الْهِدَايَةَ وَالْهِدَايَةُ أَزَلِيٌّ فَإِنَّ هَذَا الِارْتِبَاطَ وَاجِبٌ عَقْلًا وَالْوَاجِبَاتُ الْعَقْلِيَّةُ لَا تَقْبَلُ الْعَدَمَ وَمَا لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ أَزَلِيٌّ فَالِارْتِبَاطُ أَزَلِيٌّ وَقَدْ جُعِلَ شَرْطًا مَعَ أَنَّهُ أَزَلِيٌّ قُلْت: لَمْ يُجْعَلْ الِارْتِبَاطُ شَرْطًا بَلْ الْمُرْتَبَطُ بِهِ خَاصَّةً وَهُوَ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

شَرْطًا وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا أَنْ نَرُدَّكُمْ مَلَائِكَةً كُنْتُمْ مَلَائِكَةً وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا لِهِدَايَةِ نَفْسٍ اهْتَدَتْ وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا لِكَوْنِ شَيْءٍ كَانَ وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا لِإِهْلَاكِ قَرْيَةٍ كَانَ السَّبَبُ فِي إهْلَاكِهَا أَمْرَ مُتْرَفِيهَا فَيَفْسُقُونَ. وَمَتَى فُرِضَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ فِيكُمْ خَيْرًا آتَاكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ هَذِهِ النَّظَائِرِ فَجَمِيعُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ تَعَلُّقِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا هُوَ مَفْرُوضٌ مُقَدَّرٌ لَا أَنَّهُ وَاقِعٌ وَالْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ أَمْرٌ مُتَوَقَّعٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ أَزَلِيًّا فَلِذَلِكَ حَسُنَ التَّعْلِيقُ فِيهِ عَلَى الشَّرْطِ) قُلْتُ: هَذَا الْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ الَّذِي زَعَمَ لَا يَخْلُو أَنْ يُرِيدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ فَارِضُ ذَلِكَ الْفَرْضِ أَوْ يُرِيدَ أَنَّ غَيْرَهُ هُوَ فَارِضُ ذَلِكَ الْفَرْضِ فَإِنَّ أَرَادَ الْأَوَّلَ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ بِالْوَاقِعِ وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ فَلَا يَصِحُّ تَأْوِيلُ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَكَلَامُهُ هُنَا خَطَأٌ صُرَاحٌ.

قَالَ: (فَإِنْ قُلْتَ: بَلْ هَذَا التَّقْدِيرُ أَزَلِيٌّ إلَى آخِرِ جَوَابِهِ) قُلْتُ: وَهَذَا السُّؤَالُ مِنِّي عَلَى جَوَازِ مِثْلِ هَذَا التَّقْدِيرِ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَالسُّؤَالُ سَاقِطٌ وَجَوَابُهُ كَذَلِكَ.

قَالَ: (فَإِنْ قُلْتَ: الِارْتِبَاطُ بَيْنَ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى الْهِدَايَةَ وَالْهِدَايَةُ أَزَلِيٌّ إلَى آخِرِ السُّؤَالِ) قُلْتُ: السُّؤَالُ وَارِدٌ قَالَ: (قُلْتَ: لَمْ يَجْعَلْ الِارْتِبَاطَ شَرْطًا بَلْ الْمُرْتَبَطُ بِهِ خَاصَّةً وَهُوَ الْمَشِيئَةُ الْمَفْرُوضَةُ أَمَّا الِارْتِبَاطُ بِهَا فَلَمْ يُجْعَلْ شَرْطًا أَصْلًا) .

قُلْتُ:

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: 50] أَنَّ مِثْلَ هَذَا يَجِيءُ فِي الْمُحْتَمَلِ لِلتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَأَيْضًا لَا مَانِعَ مِنْ تَسْوِيغِ قَوْلِ الْقَائِلِ إنْ طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّ نِكَاحُهَا وَقَوْلُهُ إنْ تَتَّجِرَ إنْ تَرْبَحْ فِي تِجَارَتِك تَصَدَّقْ بِدِينَارٍ وَأَنَّهُ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ مَعَ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي اللَّفْظِ مُتَقَدِّمٌ فِي الْوُقُوعِ فَظَهَرَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا سَائِغٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْمَالِكِيَّةِ قَالَ الْأَمِيرُ فِي شَرْحِ مَجْمُوعِهِ وَضَوْءِ شُمُوعِهِ فَإِنَّ الِاتِّصَافَ احْتِمَالُ الْعَكْسِ أَيْ إنْ كَلَّمْت فَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَالْحَالِفُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُرَاعِيَ الْعَرَبِيَّةَ وَيَأْتِي بِالْفَاءِ عَلَى أَنَّ الْفَاءَ قَدْ تُحْذَفُ فَاحْتِيطَ أَيْ بِأَعْمَالِ كُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْقِسْمُ الثَّانِي تَعَدُّدُ الشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ كَذَلِكَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ مَعَ تَكَرُّرِ حَرْفِ الشَّرْطِ أَوْ مَعَ عَدَمِ تَكَرُّرِهِ فَفِي نَحْوِ إنْ أَكَلْت وَإِنْ لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا وَقَعَ كُلٌّ مِنْ الْأَكْلِ أَوْ اللُّبْسِ قَبْلَ صَاحِبِهِ أَوْ مَعَهُ بَلْ وَلَوْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ تَكَرُّرَ حَرْفِ الشَّرْطِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلِّ وَاحِدٍ بِالشَّرْطِيَّةِ وَحَرْفُ الشَّرْطِ وَإِنْ تَكَرَّرَ مَعَ الْفِعْلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ فَتَطْلُقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلْقَةً كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمُهَذَّبِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ التَّشْرِيكَ بِالْعَاطِفِ أَصْلُ الْمَعْنَى دُونَ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَظُرُوفِهِ وَأَحْوَالِهِ.

فَإِذَا قُلْتُ: مَرَرْت بِزَيْدٍ قَائِمًا أَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ أَمَامَك وَعَمْرُو لَمْ يَلْزَمْ تَشْرِيكُ عَمْرٍو إلَّا فِي أَصْلِ الْمُرُورِ وَإِذَا قُلْتُ: اشْتَرَيْت هَذَا الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ وَالْفَرَسَ لَمْ يَلْزَمْ الِاشْتِرَاكُ فِي الدِّرْهَمِ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بَلْ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ التَّشْرِيكَ هُنَا فِي أَصْلِ الشَّرْطِيَّةِ دُونَ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُتَعَلِّقَاتِ فَالْتِزَامُ التَّشْرِيكِ فِي الْجَمِيعِ الْتِزَامٌ لِمَا لَا يَلْزَمُ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ قَصْدُ تَعَدُّدِ الْجَوَابِ وَاخْتِصَارُهُ لَفْظًا فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ فِي الْعَدَدِ فَيُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ احْتِيَاطًا وَفِي نَحْوِ إنْ أَكَلْت وَلَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إلَّا بِمَجْمُوعِ الْفِعْلَيْنِ بِلَا تَرْتِيبٍ بَيْنَهُمَا بِاتِّفَاقِ الْفَرْقِ بَلْ أَيُّهُمَا وَقَعَ قَبْلَ صَاحِبِهِ اُعْتُبِرَ وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الْآخَرِ

ص: 94

الْمَشِيئَةُ الْمَفْرُوضَةُ أَمَّا الِارْتِبَاطُ بِهَا فَلَمْ يُجْعَلْ شَرْطًا أَصْلًا وَلَا تَنَافِي بَيْنَ قِدَمِ الِارْتِبَاطِ وَحُدُوثِ الْمُرْتَبِطِ وَالْمُرْتَبَطِ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الِارْتِبَاطَ وَاقِعٌ بَيْنَ الْأَجْسَامِ وَالْأَكْوَانِ الَّتِي هِيَ الْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ وَالِاجْتِمَاعُ وَالِافْتِرَاقُ وَأَنَّ هَذَا الِارْتِبَاطَ وَاجِبٌ عَقْلًا لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَجْسَامُ وَالْأَعْرَاضُ حَادِثَةٌ وَسِرُّهُ أَنَّ الِارْتِبَاطَ حُكْمٌ وَنِسْبَةٌ وَإِضَافَةٌ لَا تَقْبَلُ الْوُجُودَ الْخَارِجِيَّ بَلْ الذِّهْنِيَّ فَقَطْ كَالْإِمْكَانِ وَالِاسْتِحَالَةِ حُكْمَانِ أَزَلِيَّانِ وَالْمُمْكِنَاتُ حَادِثَةٌ.

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) نَصَّ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ حَيْثُ وَأَيْنَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهَا: حَيْثُ وَجَدْتُك أَوْ أَيْنَ وَجَدْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَجَدَهَا طَلُقَتْ ثُمَّ وَجَدَهَا فِي عِدَّتِهَا مِرَارًا أَنْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا لِأَجْلِ الْعُمُومِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي مَتَى وَلَا يَلْزَمُ بِهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ مُقْتَضَى نَصِّهِمْ عَلَى الْعُمُومِ التَّكْرِيرُ تَحْقِيقًا لِلْعُمُومِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْعَامِّ فَإِنَّ الْمُطْلَقَ هُوَ الَّذِي يُقْتَصَرُ مِنْهُ عَلَى فَرْدٍ أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّمَا لَمَّا كَانَتْ لِلْعُمُومِ تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَكَرَّرَ دُخُولُهَا فِي عِدَّتِهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعُمُومِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَتَى مَا وَكُلَّمَا وَمَا مَعْنَى مَا فِيهِمَا؟ .

وَالْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ التَّعْلِيقَ يَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: عَامٍّ عَلَى عَامٍّ وَمُطْلَقٍ عَلَى مُطْلَقٍ وَمُطْلَقٍ عَلَى عَامٍّ وَعَامٍّ عَلَى مُطْلَقٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ تَعْلِيقُ عَامٍّ عَلَى عَامٍّ فَهُوَ نَحْوُ كُلَّمَا دَخَلْت

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

الْمَشِيئَةُ الْمَفْرُوضَةُ لَا تَصِحُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَجَوَابُهُ بَاطِلٌ.

قَالَ: (وَلَا تَنَافِي بَيْنَ قِدَمِ الِارْتِبَاطِ وَحُدُوثِ الْمُرْتَبِطِ وَالْمُرْتَبِطَةِ) قُلْتُ: بَلْ ذَلِكَ مُتَنَافٍ فَإِنَّ الْحَادِثَ لَا يَتَّصِفُ بِالْقَدِيمِ كَمَا أَنَّ الْقَدِيمَ لَا يَتَّصِفُ بِالْحَادِثِ.

قَالَ: (أَلَا تَرَى أَنَّ الِارْتِبَاطَ وَاقِعٌ بَيْنَ الْأَجْسَامِ وَالْأَكْوَانِ الَّتِي هِيَ الْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ وَالِاجْتِمَاعُ وَالِافْتِرَاقُ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ وَأَنَّهُ غَيْرُ الْعِلْمِ وَهُوَ مِنْ الْأُمُورِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا وَقَوْلُهُ كَالْإِمْكَانِ وَالِاسْتِحَالَةِ حُكْمَانِ أَزَلِيَّانِ لَا يَصِحُّ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَا ذِهْنِيَّيْنِ أَوْ خَارِجِيَّيْنِ فَإِنْ كَانَا ذِهْنِيَّيْنِ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا أَزَلِيَّيْنِ وَلَا ذِهْنَ فِي الْأَزَلِ وَإِنْ أَرَادَ خَارِجِيَّيْنِ فَكَيْفَ يَصِحُّ وَالْمُسْتَحِيلُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا فَوَصْفُهُ كَذَلِكَ وَالْإِمْكَانُ لَيْسَ بِأَزَلِيٍّ فَوَصْفُهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُمَا مَعْلُومَانِ لِلَّهِ فَيَعُودُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُمَا مُتَعَلِّقَانِ لِعِلْمِهِ تَعَالَى وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ شِهَابُ الدِّينِ (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ نَصَّ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ حَيْثُ وَأَيْنَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا إذَا قَالَ: لَهَا حَيْثُ وَجَدْتُك أَوْ أَيْنَ وَجَدْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَجَدَهَا فَطَلُقَتْ، ثُمَّ وَجَدَهَا فِي عِدَّتِهَا مِرَارًا أَنْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا لِأَجْلِ الْعُمُومِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي مَتَى مَا لِلْعُمُومِ وَلَا يَلْزَمُ بِهَا إلَّا طَلْقَةُ وَاحِدَةٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَى آخِرِ تَقْرِيرِهِ السُّؤَالَ) قُلْتُ: وَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْوَاقِعَةِ لِي مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مَتَى مَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَتَى دُونَ مَا كَحَيْثُ وَأَيْنَ وَقَدْ قَالَ: فِي آخِرِ إيرَادِ السُّؤَالِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ كُلَّمَا وَمَتَى مَا وَمَا مَعْنَى مَا فِيهِمَا فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ تَمْثِيلَهُ بِمَتَى إنَّمَا هُوَ بِإِثْبَاتِ مَا.

قَالَ: (وَالْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ التَّعْلِيقَ يَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: تَعْلِيقُ عَامٍّ عَلَى عَامٍّ وَمُطْلَقٍ عَلَى مُطْلَقٍ وَمُطْلَقٍ عَلَى عَامٍّ وَعَامٍّ عَلَى مُطْلَقٍ فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَهُوَ نَحْوُ كُلَّمَا دَخَلْت

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

بَعْدَهُ فَإِنَّهُمَا مَعًا جُعِلَا شَرْطَيْنِ فِي الطَّلَاقِ وَلَمْ يُجْعَلْ أَحَدُهُمَا شَرْطًا فِي الْآخَرِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ تَعَدُّدُ الشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ كَذَلِكَ بِالْعَطْفِ بِغَيْرِ الْوَاوِ وَمَعَ عَدَمِ تَكَرُّرِ حَرْفِ الشَّرْطِ فِي الْفَاءِ وَثُمَّ وَأَوْ وَمَعَ تَكَرُّرِهِ فِي حَتَّى وَبَلْ وَلَا وَلَكِنْ وَأَمَّا فَفِي نَحْوِ إنْ أَكَلْت فَلَبِسْت أَوْ ثُمَّ لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِفِعْلِهِمَا عَلَى تَرْتِيبِهِمَا فِي اللَّفْظِ وَكَذَلِكَ فِي إنْ أَكَلْت حَتَّى لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ يَقْتَضِي اللَّفْظُ تَأْخِيرَ اللُّبْسِ مَعَ تَكَرُّرِ الْأَكْلِ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمُغَيَّا لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ قَبْلَ الْغَايَةِ وَيَتَكَرَّرُ إلَيْهَا وَفِي نَحْوِ: إنْ أَكَلْت بَلْ إنْ لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إلَّا بِاللُّبْسِ لِأَنَّهُ هُوَ الشَّرْطُ وَحْدَهُ.

وَأَمَّا الْأَكْلُ فَقَدْ أُلْغِيَتْ شَرْطِيَّتُهُ بِالْإِضْرَابِ عَنْهُ بِبَلْ وَكَذَلِكَ فِي نَحْوِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي لَكِنْ إنْ لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ الشَّرْطُ هُوَ الثَّانِي وَحْدَهُ.

وَقَدْ أُلْغِيَ الْأَوَّلُ بِلَكِنْ لِأَنَّهَا لِلِاسْتِدْرَاكِ وَفِي نَحْوِ إنْ أَكَلْت لَا إنْ لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ هُوَ الشَّرْطُ وَحْدَهُ لِأَنَّ لَا لِإِبْطَالِ الثَّانِي وَفِي نَحْوِ إنْ أَكَلْت أَوْ لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمَّا إنْ أَكَلْت وَأَمَّا إنْ لَبِسْت يَلْزَمُ الطَّلَاقُ بِوُقُوعِ أَيُّهُمَا لِأَنَّ الشَّرْطَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ إلَّا أَمْ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهَا لِلِاسْتِفْهَامِ وَالْمُسْتَفْهِمُ غَيْرُ جَازِمٍ بِشَيْءٍ وَالْمُعَلِّقُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَازِمًا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَالٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمُرَاعَاةِ التَّعْقِيبِ فِي الْفَاءِ وَالتَّرَاخِي فِي ثُمَّ بِأَنْ يَقُولُوا: إنْ لَمْ يَقَعْ الثَّانِي عَقِيبَ الْأَوَّلِ فِي صُورَةِ الْفَاءِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا إنْ لَمْ يَتَرَاخَ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ فِي صُورَةٍ ثُمَّ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ مُقْتَضَى اللُّغَةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمَّا أَلْغَتْهُ وَأَمْرُ الْأَيْمَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَوَائِدِ لَمْ يَعْتَبِرُوا ذَلِكَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(الْفَرْقُ الرَّابِعُ) بَيْنَ قَاعِدَتَيْ إنْ وَلَوْ الشَّرْطِيَّتَيْنِ الْأَكْثَرُ فِي أَنَّ إنْ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِمَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ تَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي لَفْظًا وَمَعْنًى قِيَاسًا مُطَّرِدًا.

ص: 95

الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَّقَ جَمِيعَ الطَّلَقَاتِ عَلَى جَمِيعِ الدَّخَلَاتِ عَلَى وَجْهِ التَّفْرِيقِ لِإِفْرَادِ الطَّلَاقِ عَلَى إفْرَادِ الدُّخُولِ لَا عَلَى وَجْهِ اجْتِمَاعِ أَفْرَادِ الطَّلَاقِ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ إفْرَادِ الدُّخُولِ فَلَا جُرْمَ لَزِمَ بِكُلِّ دَخْلَةٍ طَلْقَةٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي تَعْلِيقُ مُطْلَقٍ عَلَى مُطْلَقٍ نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَّقَ مُطْلَقَ الطَّلَاقِ عَلَى مُطْلَقِ الدُّخُولِ فَإِذَا وَجَدَ مُطْلَقَ الدُّخُولِ لَزِمَ مُطْلَقُ الطَّلَاقِ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَإِنْ وَإِذَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ وَهُوَ أَنَّ إذَا تَدُلُّ عَلَى الزَّمَانِ مُطَابَقَةً وَالشَّرْطُ يَعْرِضُ لَهَا فَيَلْزَمُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَقَدْ تُعَرَّى عَنْ الشَّرْطِ وَتُسْتَعْمَلُ ظَرْفًا مُجَرَّدًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1]{وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل: 2] فَهِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَمَعْنَاهُ أُقْسِمُ بِاللَّيْلِ حَالَةَ غَشَيَانِهِ وَبِالنَّهَارِ حَالَةَ تَجَلِّيهِ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ الْحَالَاتِ وَالْقَسَمُ تَعْظِيمٌ لِلْمُقْسَمِ بِهِ وَتَعْظِيمُ الشَّيْءِ فِي أَعْظَمِ حَالَاتِهِ مُنَاسِبٌ وَأَمَّا إنْ فَتَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِ مُطَابَقَةً وَعَلَى الزَّمَانِ الْتِزَامًا عَكْسُ إذَا فَإِنَّ الدُّخُولَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ زَمَانٍ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ فَهُمَا مُتَعَاكِسَانِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِطْلَاقِ وَبَقِيَتْ أُمُورٌ أُخَرُ تَخْتَصُّ بِهَا إذَا نَحْوَ الْأَسْمِيَةِ وَغَيْرِهَا لَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهَا هُنَا.

(الْقِسْمُ الثَّالِثُ) تَعْلِيقُ مُطْلَقٍ عَلَى عَامٍّ نَحْوَ مَتَى وَأَيْنَ وَحَيْثُ فَهَذِهِ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ أَوْ فِي جَمِيعِ الْبِقَاعِ طَلْقَةً وَاحِدَةً كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ أَوْ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَهَذِهِ الصِّيَغُ هِيَ أَبْلَغُ صِيَغِ الْعُمُومِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ صَرَّحَ بِهَا لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَى آخِرِ مَا قَالَ فِي هَذَا الْقِسْمِ) قُلْتُ: إنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْمُعَلِّقِ بِلَفْظٍ عَامٍّ مِثْلَ فَأَنْتِ طَالِقٌ جَمِيعَ أَفْرَادِ الطَّلَاقِ أَوْ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الطَّلَاقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَيْسَ بِعَامٍّ وَكَيْفَ وَهُوَ أَتَى بِهِ بَعْدُ فِي مِثَالِ تَعْلِيقِ مُطْلَقٍ عَلَى مُطْلَقٍ قَالَ:

(وَالْقِسْمُ الثَّانِي تَعْلِيقُ مُطْلَقٍ عَلَى مُطْلَقٍ نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَى آخِرِ مَا قَالَ: فِي هَذَا الْقِسْمِ) قُلْتُ: قَدْ نَقَصَ قَوْلُهُ أَنَّ إذَا لِلْإِطْلَاقِ بَعْدَ هَذَا وَقَالَ: إنَّهَا لِلْعُمُومِ وَقَوْلُهُ فِي أَنَّ إنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الزَّمَانِ الْتِزَامًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الزَّمَانِ وَإِنَّمَا الدَّالُّ الْفِعْلُ الَّذِي تَدْخُلُ عَلَيْهِ.

قَالَ: (الْقِسْمُ الثَّالِثُ تَعْلِيقُ مُطْلَقٍ عَلَى عَامٍّ نَحْوَ مَتَى وَأَيْنَ إلَى آخِرِ قَوْلِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ صَرَّحَ بِهَا لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ) قُلْتُ: زَعْمُهُ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ أَوْ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ طَلْقَةً وَاحِدَةً مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَأَنَّهُ مِنْ أَبْلَغِ صِيَغِهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ كُلَّ إذَا أُضِيفَتْ إلَى الْمُعَرَّفِ لَا تَكُونُ لِلْعُمُومِ وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي مَعْنَى جَمِيعٍ وَجَمِيعٌ لَا تُضَافُ إلَّا إلَى الْمُعَرَّفِ فَلَا يُقَالُ جَمِيعُ رَجُلٍ فِي مَعْنَى كُلُّ رَجُلٍ فَجَمِيعُ الْأَيَّامِ وَكُلُّ الْأَيَّامِ لَيْسَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَإِنَّمَا لَفْظُ الْعُمُومُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ أَنْتِ فِيهِ طَالِقٌ، ثُمَّ إنَّهُ أَرَادَ تَمْثِيلَ تَعْلِيقِ مُطْلَقٍ عَلَى عَامٍّ فَلَمْ يَأْتِ بِعَامٍّ وَلَا مُطْلَقٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ كَمَا تَبَيَّنَ.

وَقَوْلُهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ قَيَّدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

مَعَ كَانَ نَحْوَ {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23] إذْ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ فِيمَا مَضَى وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ.

ص: 96

وَكَمَا تَقُولُ: الْحَجُّ وَاجِبٌ فِي كُلِّ الْعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَتُصَرِّحُ بِالْعُمُومِ فِي الْعُمُرِ وَتُرِيدُهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَمَظْرُوفُهُ حُجَّةٌ وَاحِدَةٌ.

وَهُوَ مُطْلَقُ الْحَجِّ فَكَمَا أَنَّهُ إذَا حَجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً فِي عُمُرِهِ يَبْقَى بَقِيَّةَ عُمُرِهِ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا حَجٌّ كَذَلِكَ إذَا لَزِمَهُ بِزَمَانٍ وَاحِدٍ فِي مَتَى وَأَيْنَ أَوْ فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حَيْثُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَتَبْقَى بَقِيَّةُ الْأَزْمِنَةِ وَالْبِقَاعِ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا طَلَاقٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ لِلْعُمُومِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ قُلْت: فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ بِإِذَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا فِي مَتَى إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَيْفَ يَظْهَرُ أَثَرُ الْعُمُومِ وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ الْعُمُومِ كَيْفَ يُقْضَى بِهِ وَنَحْنُ إنَّمَا قَضَيْنَا بِالْعُمُومِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ مَثَلًا مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ إلَّا بِظُهُورِ أَثَرِ ذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ يَسْتَحِقُّ وَمَنْ أَحْرَمَ اسْتَحَقَّ مَانِعُهُ الذَّمَّ فَإِذَا ذَهَبَتْ هَذِهِ الْآثَارُ وَاتَّحَدَتْ الْأَحْكَامُ بَيْنَ الْمُطْلَقَاتِ وَالْعُمُومَاتِ وَكَانَ الطَّلَاقُ فِي زَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ فِي الْقِسْمَيْنِ وَأَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فِيهِمَا كَانَ الْقَوْلُ بِالْعُمُومِ فِي أَحَدِهِمَا وَالْإِطْلَاقُ فِي الْآخَرِ تَحَكُّمًا مَحْضًا وَالتَّحَكُّمُ الْمَحْضُ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَالْعُلَمَاءُ بُرَآءُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ أَيْنَ فَهِمَ الْعُلَمَاءُ الْعُمُومَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَعَادَ الْإِشْكَالُ؟ قُلْت سُؤَالٌ حَسَنٌ قَوِيٌّ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا الْأَمْرُ بِقَتْلِهِمْ فِي جَمِيعِ الْبِقَاعِ وَثَانِيهَا قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [النساء: 91] لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ وَثَالِثُهَا قَوْله تَعَالَى {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] مَعْنَاهُ فِي أَيِّ بُقْعَةٍ كُنْتُمْ وَرَابِعُهَا قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] مَعْنَاهُ عِلْمُهُ سبحانه وتعالى مُحِيطٌ بِالْخَلَائِقِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

طَلْقَةً، ثُمَّ أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ وَاحِدَةً.

قَالَ: (وَكَمَا نَقُولُ الْحَجُّ وَاجِبٌ فِي كُلِّ الْعُمُرِ مَرَّةً إلَى قَوْلِهِ يَبْقَى بَقِيَّةَ عُمُرِهِ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا حَجٌّ) قُلْتُ: جَمِيعُ مَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ لَفْظَ كُلِّ الْعُمُرِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَلَفْظُ مَرَّةً وَاحِدَةً لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِطْلَاقِ.

قَالَ: (كَذَلِكَ إذَا لَزِمَهُ بِزَمَانٍ وَاحِدٍ فِي مَتَى وَأَيْنَ أَوْ فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حَيْثُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَى آخِرِ قَوْلِهِ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ لِلْعُمُومِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ) قُلْتُ: مَسَاقُ أَيْنَ مَعَ مَتَى يَقْتَضِي أَنَّهَا عِنْدَهُ لِلزَّمَانِ وَهَذَا غَايَةُ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، وَمَا أَرَاهُ فَهِمَ كَلَامَهُمْ وَلَا عَرَفَ مَرَامَهُمْ أَلْبَتَّةَ.

قَالَ: (فَإِنْ قُلْتُ: إلَى آخِرِ مَا جَعَلَهُ جَوَابًا لِهَذَا السُّؤَالِ) قُلْتُ: السُّؤَالُ وَارِدٌ لَازِمٌ وَمَا جَعَلَهُ جَوَابًا لَيْسَ بِجَوَابٍ وَلَكِنَّهُ احْتِجَاجٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الرَّيْبُ لِوَقْتِ الْخِطَابِ فَأْتُوا بِسُورَةٍ أَيْ فَأَنْتُمْ مُطَالَبُونَ بِمَا يُزِيلُهُ وَهُوَ الْمُعَارَضَةُ الْمُفِيدَةُ لِلْجَزْمِ وَبَعْدَ الْوَاوِ فِي مَقَامِ التَّأْكِيدِ فِي نَحْوِ زَيْدٌ وَإِنْ كَثُرَ مَالُهُ بَخِيلٌ حَيْثُ اُعْتُبِرَ كَوْنُ الْوَاوِ لِلْعَطْفِ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ إنْ لَمْ يُكْثِرْ مَالُهُ وَإِنْ كَثُرَ مَالُهُ وَكَوْنُ إنْ شَرْطِيَّةً وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ لَهَا جَوَابٌ إذْ قَوْلُهُمْ إنْ الشَّرْطِيَّةُ لَهَا شَرْطٌ وَجَزَاءٌ غَالِبِيٌّ لَا كُلِّيٌّ وَقَلِيلًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَقَوْلِ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ:

فَيَا وَطَنِي إنْ فَاتَنِي بِك سَابِقٌ

مِنْ الدَّهْرِ فَلْيَنْعَمْ لِسَاكِنِك الْبَالُ

أَيْ إنْ كَانَ زَمَنٌ سَابِقٌ فَوَّتَ عَلَيَّ الْإِقَامَةَ وَالسُّكْنَى فِي وَطَنِي وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لِي الْإِقَامَةُ فِيهِ وَتَوَلَّاهُ غَيْرِي فَلَا لَوْمَ عَلَيَّ لِأَنِّي تَرَكْتُهُ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلْتَطِبْ نَفْسُ ذَلِكَ السَّاكِنِ وَلْيَنْعَمْ بَالُهُ وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ إظْهَارُ التَّحَسُّرِ وَالتَّحَزُّنِ عَلَى مُفَارَقَةِ الْوَطَنِ وَالشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ إنْ فَاتَنِي فَإِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَاضِي لَفْظًا وَمَعْنًى وَأَمَّا لَوْ فَتَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي قَالَ السَّعْدُ: وَمَذْهَبُ الْمُبَرِّدِ أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ اسْتِعْمَالَ إنْ وَهُوَ مَعَ قِلَّتِهِ ثَابِتٌ اهـ.

قَالَ الدُّسُوقِيُّ نَحْوَ قَوْلِهِ:

وَلَوْ تَلْتَقِي أَصْدَاؤُنَا بَعْدَ مَوْتِنَا

وَمِنْ دُونِ رَمْسِينَا مِنْ الْأَرْضِ سَبْسَبٌ

لَظَلَّ صَدَى صَوْتِي وَإِنْ كُنْت رِمَّةً

لِصَوْتِ صَدَى لَيْلَى يَهَشُّ وَيَطْرَبُ

وَلَوْ شَرْطِيَّةٌ مَعَ الْمَاضِي وَلَهَا ثَلَاثُ اسْتِعْمَالَاتٍ: أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ لِلتَّرْتِيبِ

ص: 97

فِي أَيِّ بُقْعَةٍ كَانُوا وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ وَإِذَا كَانَ لَا يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ إلَّا الْعُمُومُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى وَضْعِهَا لَهُ.

(الْوَجْهُ الثَّانِي) الدَّالُّ عَلَى كَوْنِهَا لِلْعُمُومِ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي جَمِيعِ صِيَغِ الْعُمُومِ أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ نَحْوَ قَوْلِهِ عليه السلام «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا الْحُكْمُ بِالطَّهُورِيَّةِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الْمَاءِ وَجَمِيعِ أَفْرَادِ الْمَيْتَةِ وَأَيْنَ وَحَيْثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْمُ جِنْسِ الْمَكَانِ وَهُمَا مُضَافَانِ لِمَا بَعْدَهُمَا بَلْ الْإِضَافَةُ لَازِمَةٌ لَهُمَا فَيَكُونَانِ لِلْعُمُومِ فَإِنْ قُلْتَ: ذَلِكَ يَبْطُلُ بِإِذَا وَإِذْ وَعِنْدَ وَوَرَاءَ وَقُدَّامَ وَبَقِيَّةِ الْجِهَاتِ السِّتِّ وَغَيْرِ وَسِوَى وَشِبْهِ وَمِثْلِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَكَادُ يُسْتَعْمَلُ إلَّا مُضَافًا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لِلْعُمُومِ مَعَ وُجُودِ الْإِضَافَةِ الَّتِي هِيَ فِي حَيْثُ وَأَيْنَ قُلْتُ: الْتَزَمَ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْعُمُومِ.

وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ كُلَّ الَّذِي هُوَ أَقْوَى صِيَغِ الْعُمُومِ إنَّمَا يَعُمُّ فِيمَا أُضِيفَ إلَيْهِ خَاصَّةً فَإِذَا قُلْتَ: كُلُّ رِجْلٍ لَهُ دِرْهَمٌ إنَّمَا يَعُمُّ الرِّجَالَ وَلَوْ قُلْتَ: كُلُّ حَيَوَانٍ إنَّمَا عَمَّ الْحَيَوَانَاتِ كُلَّهَا وَلَوْ قُلْنَا: كُلُّ نَبِيٍّ اخْتَصَّ بِالْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يَتَعَدَّى الْعُمُومُ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ: إذَا قَالَ الْقَائِلُ: إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتَ حُرٌّ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي زَمَنِ الزَّوَالِ خَاصَّةً وَلَا مَانِعَ مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لِلْعُمُومِ وَكَذَلِكَ إذَا قُلْت: آتِيك إذَا جَاءَ زَيْدٌ عَامٌّ فِي جَمِيعِ زَمَانِ مَجِيءِ زَيْدٍ وَكَذَلِكَ عِنْدَك مَالٌ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ حَوْزَتِك وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: 96] عَامٌّ فِي جَمِيعِ بِقَاعِنَا الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَمْوَالِنَا وَمَمْلُوكَاتِنَا وَكَذَلِكَ وَرَاءَكَ وَأَمَامَكَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْبِقَاعِ الَّتِي هِيَ وَرَاءَكَ وَأَمَامَكَ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ وَلَا نِهَايَةٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ حَدٍّ أُشِيرَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَانَ اللَّفْظُ فِيهِ حَقِيقَةً وَكَانَ اللَّفْظُ مُتَنَاوِلًا لَهُ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْجِهَاتِ السِّتِّ عَامَّةٌ فِي مُسَمَّيَاتِهَا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ فَمَا جَعَلَهُ جَوَابًا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عَاضِدٌ لِلسُّؤَالِ.

قَالَ: (فَإِنْ قُلْتَ: ذَلِكَ يَبْطُلُ بِإِذَا وَإِذْ وَعِنْدَ وَوَرَاءَ وَقُدَّامَ وَبَقِيَّةِ الْجِهَاتِ السِّتِّ وَغَيْرِ وَسِوَى وَشِبْهِ وَمِثْلِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَكَادُ يُسْتَعْمَلُ إلَّا مُضَافًا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لِلْعُمُومِ إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَتَعَدَّى الْعُمُومُ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ) قُلْتُ: الْتِزَامُهُ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْعُمُومِ فِيهِ نَظَرٌ وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَمَا الْتَزَمَ وَمَا جَعَلَهُ تَقْرِيرًا لِمَا الْتَزَمَهُ مِنْ أَنَّ صِيَغَ الْعُمُومِ إنَّمَا تَعُمُّ فِيمَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَا حَاجَةَ لَهُ فِيهِ عَلَى مَرَامِهِ بِوَجْهٍ.

قَالَ: (إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ إذَا قَالَ الْقَائِلُ: إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتَ حُرٌّ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي زَمَنِ الزَّوَالِ خَاصَّةً وَلَا مَانِعَ مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لِلْعُمُومِ) قُلْتُ: بَلْ لَا مُوجِبَ لِلْقَوْلِ بِالْعُمُومِ.

قَالَ: (وَكَذَلِكَ إذَا قُلْتَ: آتِيك إذَا جَاءَ زَيْدٌ عَامٌّ فِي جَمِيعِ زَمَانِ مَجِيءِ زَيْدٍ وَكَذَلِكَ عِنْدَك مَالٌ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ حَوْزَتِك) قُلْتُ: قَوْلُهُ أَنَّ ذَلِكَ لِلْعُمُومِ دَعْوَى بِغَيْرِ حُجَّةٍ.

قَالَ: (وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: 96] عَامٌّ فِي جَمِيعِ بِقَاعِنَا الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَمْوَالِنَا) قُلْتُ: الْعُمُومُ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ مَا.

قَالَ: (وَكَذَلِكَ وَرَاءَك وَأَمَامَك إلَى قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْجِهَاتِ السِّتِّ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ مُسَمَّيَاتِهَا) قُلْتُ: كُلُّ مَا قَالَهُ دَعْوَى لَمْ يَأْتِ عَلَيْهَا بِحُجَّةٍ وَجَمِيعُ مَا ادَّعَاهُ عُمُومًا إنَّمَا هُوَ عُمُومُ الْحَقِيقَةِ لَا عُمُومُ الِاسْتِغْرَاقِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْخَارِجِيِّ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ انْتِفَاءِ الْجَزَاءِ فِي الْخَارِجِ وَهِيَ انْتِفَاءُ مَضْمُونُ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إلَى أَنَّ عِلَّةَ الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ الْجَزَاءِ مَا هِيَ فَمَعْنَى لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَهَدَاكُمْ أَنَّ انْتِفَاءَ الْهِدَايَةِ إنَّمَا هُوَ سَبَبُ انْتِفَاءِ الْمَشِيئَةِ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْمَشِيئَةِ عِلَّةٌ فِي انْتِفَاءِ الْهِدَايَةِ فِي الْخَارِجِ وَهَذَا هُوَ الِاسْتِعْمَالُ الْغَالِبُ فَلِذَا قَالَ سِيبَوَيْهِ لَوْ حَرْفٌ لِمَا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ أَيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَوَابَ كَانَ يَقَعُ فِيمَا مَضَى لَوْ وَقَعَ الشَّرْطُ وَقَالَ غَيْرُهُ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُعْرِبُونَ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعِ أَيْ امْتِنَاعُ الْجَوَابِ لِامْتِنَاعِ الشَّرْطِ فَافْهَمْ.

وَالثَّانِي كَوْنُهَا لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى انْتِفَاءِ الْمَلْزُومِ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ بِانْتِفَاءِ اللَّازِمِ الَّذِي هُوَ الْجَزَاءُ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إلَى أَنَّ عَلَى الْجَزَاءِ فِي الْخَارِجِ مَا هِيَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] فَإِنَّ الْقَصْدَ بِهِ تَعْلِيمُ الْخَلْقِ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ بِأَنْ يَسْتَدِلُّوا بِالتَّصْدِيقِ بِانْتِفَاءِ الْفَسَادِ عَلَى الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ التَّعَدُّدِ وَلَيْسَ الْقَصْدُ بِهِ بَيَانَ أَنَّ عِلَّةَ انْتِفَاءِ الْفَسَادِ فِي الْخَارِجِ انْتِفَاءُ التَّعَدُّدِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا نَظَرًا لِلْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُ نَظَرًا لِمَقَامِ الِاسْتِدْلَالِ إلَّا ظَهَرَ الْقَصْدُ الْأَوَّلُ أَيْ الِاسْتِعْمَالُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى انْتِفَاءِ التَّعَدُّدِ بِانْتِفَاءِ الْفَسَادِ.

وَالثَّالِثُ كَوْنُهَا لِلدَّلَالَةِ عَلَى اسْتِمْرَارِ شَيْءٍ بِرَبْطِهِ إمَّا بِأَبْعَدَ النَّقِيضَيْنِ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام أَوْ قَوْلِ عُمَرَ عَلَى مَا قِيلَ «نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ» فَالْخَوْفُ وَعَدَمُهُ نَقِيضَانِ وَعَدَمُهُ أَبْعَدُ لِعَدَمِ الْعِصْيَانِ مِنْهُ فَعَلَّقَ عَدَمَ الْعِصْيَانِ عَلَى الْأَبْعَدِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عَدَمَ الْعِصْيَانِ مِنْ صُهَيْبٍ مُسْتَمِرٌّ وَأَنَّ الْعِصْيَانَ لَا يَقَعُ مِنْهُ أَصْلًا وَأَمَّا بِالْمُسَاوِي كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي «دُرَّةَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ أَيْ هِنْدٍ لَمَّا بَلَغَهُ تَحَدُّثُ النِّسَاءِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَهَا أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي إنَّهَا لِابْنَةِ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ حَيْثُ رَتَّبَ عَدَمَ حِلِّهَا عَلَى عَدَمِ كَوْنِهَا رَبِيبَةً الْمُبَيَّنُ بِكَوْنِهَا ابْنَةَ أَخِي الرَّضَاعِ الْمُنَاسِبُ هُوَ لَهُ شَرْعًا فَيَتَرَتَّبُ أَيْضًا فِي قَصْدِ الْمُرَتَّبِ عَلَى كَوْنِهَا رَبِيبَةً الْمُفَادُ بِلَوْ الْمُنَاسِبُ هُوَ لَهُ شَرْعًا كَمُنَاسَبَتِهِ لِلْأَوَّلِ سَوَاءٌ لِمُسَاوَاةِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ لِحُرْمَةِ الرَّضَاعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي أَصْلًا لِأَنَّ بِهَا وَصْفَيْنِ لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُرِّمَتْ لَهُ كَوْنَهَا رَبِيبَةً وَكَوْنَهَا ابْنَةَ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ وَأَمَّا بِالْأَقْرَبِ كَقَوْلِك فِيمَنْ عَرَضَ عَلَيْك نِكَاحَهَا لَوْ انْتَفَتْ أُخُوَّةُ

ص: 98

وَأَمَّا غَيْرُ وَشِبْهُ وَسِوَى وَمِثْلُ فَإِنَّهَا لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ النُّحَاةُ وَمَا لَا يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ كَانَ وُجُودُ الْإِضَافَةِ فِيهِ كَعَدَمِهَا فَلِذَلِكَ لَمْ يَعُمَّ بِخِلَافِ أَيْنَ وَحَيْثُ فَإِنْ قُلْت: لَمْ نَجِدْ أَحَدًا عَدَّ هَذِهِ الصِّيَغَ كُلَّهَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَكُتُبِ النَّحْوِ.

(قُلْت) : كَفَاهُمْ فِي التَّنْبِيهِ عَلَيْهَا قَوْلُهُمْ اسْمُ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ حَيْثُ وَأَيْنَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَيَصِيرُ مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ جَلَسْت مِثْلَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي جَمِيعِ الْبِقَاعِ أَوْ فِي كُلِّ الْبِقَاعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَلَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَكُونُ الْعُمُومُ ثَابِتًا لِلظَّرْفِ وَكَذَلِكَ هَا هُنَا فَصَحَّ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ حَيْثُ وَأَيْنَ لِلْعُمُومِ وَأَنَّ اللَّازِمَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَتَنَافَى ذَلِكَ وَلَا يَتَنَاقَضُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

وَالْحُكْمُ لَا يَلْزَمُ شُمُولُهُ لِلْأَفْرَادِ إلَّا فِي الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْعُمُومِ الِاسْتِغْرَاقِيِّ كَمَا إذَا قُلْتُ: كُلُّ رَجُلٍ فَلَهُ دِرْهَمٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّجَالِ يَسْتَحِقُّ دِرْهَمًا وَأَمَّا إذَا قُلْتُ: الرَّجُلُ لَهُ دِرْهَمٌ وَأَرَدْت بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْعَهْدَ فِي الْجِنْسِ وَلَمْ تُرِدْ بِهَا الْعَهْدَ فِي الشَّخْصِ وَلَا الْعُمُومَ الْاسْتِغْرَاقِيَّ عَلَى مَنْ قَالَ بِذَلِكَ فَلَا يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّجَالِ دِرْهَمًا وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ الْجِنْسَ كُلَّهُ دِرْهَمًا خَاصَّةً.

قَالَ: (وَأَمَّا غَيْرُ وَسِوَى وَشِبْهُ وَمِثْلُ إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ أَيْنَ وَحَيْثُ) قُلْتُ: قَوْلُهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَعُمَّ إمَّا أَنْ يُرِيدَ فَلِكَوْنِ هَذِهِ الْإِضَافَةِ وُجُودَهَا كَعَدَمِهَا أَوْ لِكَوْنِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ أَوْ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَكْرِمْ حِسَانَ الْوُجُوهِ يَعُمُّ مَعَ أَنَّ إضَافَتَهُ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْضًا لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ كُلُّ رَجُلٍ لَهُ دِرْهَمٌ يَعُمُّ مَعَ أَنَّ لَفْظَ كُلٍّ لَا يَتَعَرَّفُ بِهَذِهِ الْإِضَافَةِ وَإِنْ أَرَادَ الثَّالِثَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْمَجْمُوعِ إلَّا كَوْنُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا وَالْمُرَادُ بِأَنَّ وُجُودَهَا كَعَدَمِهَا كَوْنُ الْمُضَافِ لَا يَتَعَرَّفُ بِهَا فَآلَ الْأَمْرُ إلَى الثَّانِي وَقَدْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ.

قَالَ: (فَإِنْ قُلْتَ: لَمْ نَجِدْ أَحَدًا عَدَّ هَذِهِ الصِّيَغَ كُلَّهَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَكُتُبِ النَّحْوِ قُلْتُ: كَفَاهُمْ فِي التَّنْبِيهِ عَلَيْهَا قَوْلُهُمْ اسْمُ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ) قُلْتُ: لَعَلَّ مُرَادَهُمْ إذَا أُضِيفَ لِغَيْرِ الْجُمَلِ وَكَانَ مِمَّا يَنْطَلِقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مُسَمَّاهُ كَالْمَالِ وَنَحْوِهِ لَا كَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ نَظَرٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَعُمُّ مِثْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ عَبْدِي حُرٌّ لَا يَصِحُّ فِيهِ دَعْوَى الْعُمُومِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي إضَافَةِ الْجَمْعِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ فَلَمْ يَكُنْ الْعُمُومُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ اسْمَ جِنْسٍ أُضِيفَ وَإِنَّمَا كَانَ الْعُمُومُ لِأَنَّهُ جَمْعٌ أُضِيفَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: (إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ حَيْثُ وَأَيْنَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَتَنَافَى ذَلِكَ وَلَا يَتَنَاقَضُ) قُلْتُ: لَمْ يَتَقَرَّرْ ذَلِكَ وَلَوْ تَقَرَّرَ لَكَانَ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ حَيْثُ جَلَسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ مَكَان جَلَسْت فِيهِ فَإِذَا جَلَسْت فِي أَمَاكِنَ عِدَّةٍ اقْتَضَى اللَّفْظُ لُزُومَ الطَّلَاقِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ أَيَّ عَدَدٍ كَانَتْ غَيْرَ أَنَّ الشَّرْعَ قَصَرَ الطَّلَاقَ عَلَى الثَّلَاثِ وَقَطَعَ الْعِصْمَةَ بِهَا فَالزَّائِدُ عَلَيْهَا لَغْوٌ.

وَإِذَا لَمْ يَتَقَرَّرْ ذَلِكَ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الرَّضَاع لَمَا حَلَّتْ لِلنَّسَبِ حَيْثُ رَتَّبَتْ عَدَمَ حِلِّهَا عَلَى عَدَمِ أُخُوَّتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ الْمُبَيَّنِ بِأُخُوَّتِهَا مِنْ النَّسَبِ الْمُنَاسِبِ هُوَ لَهَا شَرْعًا فَيَتَرَتَّبُ أَيْضًا فِي قَصْدِك عَلَى أُخُوَّتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ الْمُفَادِ بِلَوْ الْمُنَاسِبُ هُوَ لَهَا شَرْعًا لَكِنْ دُونَ مُنَاسَبَتِهِ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ أَدْوَنُ مِنْ حُرْمَةِ النَّسَبِ وَالْمَعْنَى لَا تَحِلُّ لِي أَصْلًا لِأَنَّ بِهَا وَصْفَيْنِ لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُرِّمَتْ لَهُ أُخُوَّتُهَا مِنْ النَّسَبِ وَأُخُوَّتُهَا مِنْ الرَّضَاعِ.

وَقَدْ أَشَارَ الْعَلَّامَةُ السُّبْكِيُّ لِهَذِهِ الِاسْتِعْمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ:

مَدْلُولُ لَوْ رَبْطُ وُجُودٍ ثَانٍ

بِأَوَّلٍ فِي سَابِقِ الْأَزْمَانِ

مَعَ انْتِفَاءِ ذَلِكَ الْمُقَدَّمِ

حَقًّا بِلَا رَيْبٍ وَلَا تَوَهُّمٍ

أَمَّا الْجَوَابُ إنْ يَكُنْ مُنَاسِبًا

وَلَيْسَ غَيْرُ شَرْطِهِ مُصَاحِبًا

فَاحْكُمْ لَهُ بِالنَّفْيِ أَيْضًا وَاعْلَمْ

بِأَنَّ كُلًّا دَاخِلٌ فِي الْعَدَمِ

أَوْ لَمْ يَكُنْ مُنَاسِبًا فَوَاجِبٌ

مِنْ بَابِ أَوْلَى ذَاكَ حُكْمٌ لَازِبٌ

وَفِي مُنَاسِبٍ لَهُ إذْ يُفْقَدُ

مُنَاسِبٌ سِوَاهُ قَدْ لَا يُوجَدُ

هَذَا جَوَابُ لَوْ بِتَقْسِيمٍ حَصَلْ

مُمْتَنِعٌ وَوَاجِبٌ وَمُحْتَمِلْ

وَمُعْظَمُ الْمَقْصُودِ فِيمَا يَجِبُ

إثْبَاتُهُ فِي كُلِّ حَالٍ يُطْلَبُ

مِثَالُهُ نِعْمَ الَّذِي لَوْ لَمْ يَخَفْ

لَمَا عَصَى إلَهَهُ وَلَا اقْتَرَفْ

وَمُعْظَمُ الْمَقْصُودِ فِي الْمُمْتَنِعِ

بَيَانُ نَفْيِ شَرْطِهِ الَّذِي ادَّعَى

كَلَوْ يَكُونُ فِيهِمَا شَرِيكٌ

لَامْتَنَعَا فَالْوَاحِدُ الْمَلِيكُ

أَوْ أَنَّ ذَاكَ النَّفْيَ حَقًّا أَثَّرَا

فِي عَدَمِ الَّذِي يَلِي بِلَا مِرَا

كَلَوْ أَتَيْتَنِي لَكُنْت تُكْرَمُ

كَرَامَتِي لِمَنْ قَلَانِي تُعْدَمُ

وَقَدْ تَخْرُجُ عَنْ الشَّرْطِيَّةِ فَتَكُونُ وَصْلَةً لِلرَّبْطِ مَعَ وَاوِ الْحَالِ فِي الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ فِي نَحْوِ زَيْدٌ وَلَوْ كَثُرَ مَالُهُ بَخِيلٌ وَتَكُونُ لِلتَّمَنِّي وَالْمَصْدَرِيَّةِ فِي نَحْوِ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ فَاسْتِعْمَالَاته اسِتَّةٌ اهـ.

بِتَوْضِيحٍ مِنْ مُخْتَصَرِ السَّعْدِ عَلَى التَّلْخِيصِ وَفِي حَاشِيَةِ الشِّرْبِينِيِّ عَلَى حَوَاشِي مُحَلَّى جَمْعِ الْجَوَامِعِ نَقْلًا عَنْ عَبْدِ الْحَكِيمِ عَنْ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْقَوْلَ بِالِاشْتِرَاكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الْأَمْرُ فِي لَفْظَتَيْ إنْ وَلَوْ إلَى حَدِّ أَنْ يَكُونَ مَا كَثُرَ فِيهِ هُوَ السَّابِقُ مِنْهُمَا إلَى الْفَهْمِ حَتَّى يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيمَا كَثُرَ فِيهِ وَمَجَازًا عُرْفِيًّا فِيمَا قَلَّ فِيهِ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ وَعُرْفِيَّةٌ فِيمَا كَثُرَ أَوْ قَلَّ فِيهِ أَوْ الْقَوْلُ بِالْحَقِيقَةِ أَوْ الْمَجَازِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بَلَغَ الْأَمْرُ فِي لَفْظَيْهِمَا إلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ وَلَمَّا كَانَ الْأَصْلُ يَنْفِي كُلًّا مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي الْقَاضِيَ الْبَيْضَاوِيَّ عَنْ الْمَشْهُورِ.

وَقَالَ: لَوْ مِنْ

ص: 99

(الْقِسْمُ الرَّابِعُ) الَّذِي بَقِيَ مِنْ التَّقْسِيمِ فِي الْقَاعِدَةِ وَهُوَ تَعْلِيقُ عَامٌّ عَلَى مُطْلَقٍ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ الْتِزَامَ جَمِيعِ الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ فَرْدٍ فَهَذَا الْقِسْمُ الْحُكْمُ فِيهِ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ ثَلَاثٌ وَيَسْقُطُ مَا عَدَاهَا كَمَا لَوْ قَالَ: لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَاتٍ لَا نِهَايَةَ لَهَا فِي الْعَدَدِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ صَرَّحَ بِالْعُمُومِ مَعَ الْإِطْلَاقِ فِي الزَّمَانِ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي فَهَذَا الْقِسْمُ مَوْجُودٌ فِي اللُّغَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُرَكَّبَةِ وَلَمْ أَجِدْهُ بِلَفْظٍ مُفْرَدٍ كَمَا هُوَ فِي كُلَّمَا وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ كُلَّمَا وَمَتَى وَأَيْنَمَا وَحَيْثُمَا أَنَّ مَا فِي الْجَمِيعِ زَمَانِيَّةٌ فَمَعْنَى قَوْلِهِ كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ زَمَانٍ تَدْخُلِينَ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَجَعَلَ جَمِيعَ الْأَزْمِنَةِ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهَا ظَرْفًا لِحُصُولِ طَلْقَةٍ فَيَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ فِي تِلْكَ الظُّرُوفِ تَوْفِيَةً بِاللَّفْظِ.

وَمُقْتَضَاهُ حَتَّى يَحْصُلَ فِي كُلِّ زَمَانٍ طَلْقَةٌ أَمَّا مَتَى مَا فَمَتَى لِلزَّمَانِ الْمُبْهَمِ لَا لِلْمُعَيَّنِ حَتَّى نَصَّ النُّحَاةُ عَلَى مَنْعِ قَوْلِنَا مَتَى تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَإِنَّ زَمَنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مُتَعَيِّنٌ فَيَمْتَنِعُ السُّؤَالُ عَنْهُ بِمَتَى بِخِلَافِ قَوْلِك مَتَى يَقْدَمُ زَيْدٌ فَإِنَّ زَمَنَ قُدُومِ زَيْدٍ مُبْهَمٌ وَإِذَا كَانَ مَعْنَاهَا الزَّمَانَ الْمُبْهَمَ وَمَا أَيْضًا مَعْنَاهَا الزَّمَانُ فَيَصِيرُ مَعْنَى الْكَلَامِ زَمَانَ زَمَانَ تَدْخُلِينَ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهَذَا لَكَانَ فِي مَعْنَى إعَادَةِ اللَّفْظِ وَأَنَّ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ زَمَانَ تَدْخُلِينَ الدَّارَ أَنْتِ فِيهِ طَالِقٌ بِخِلَافِ قَوْلِك كُلَّمَا فَإِنَّهَا تَقْتَضِي الْإِحَاطَةَ وَالشُّمُولَ لِجَمِيعِ أَفْرَادِ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَالتَّكْرَارُ فِيهِ كَقَوْلِك كُلَّمَا أَكْرَمْت زَيْدًا أَكْرَمَنِي أَيْ إكْرَامُهُ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ إكْرَامِي وَأَمَّا حَيْثُمَا وَأَيْنَمَا فَهُوَ مَكَانٌ أُضِيفَ إلَى زَمَانٍ وَتَقْدِيرُهُ مَكَانَ زَمَانَ دُخُولِكِ الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ فِيهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

فَكَوْنُ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَتَنَافَ وَلَمْ يَتَنَاقَضْ لَيْسَ لِمَا ذَكَرَ بَلْ لِكَوْنِ تِلْكَ الصِّيَغِ لَيْسَتْ لِلْعُمُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: (الْقِسْمُ الرَّابِعُ الَّذِي بَقِيَ مِنْ التَّقْسِيمِ فِي الْقَاعِدَةِ تَعْلِيقُ عَامٍّ عَلَى مُطْلَقٍ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ الْتِزَامَ جَمِيعِ الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ فَرْدٍ) قُلْتُ: قَوْلُهُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ الْتِزَامَ جَمِيعِ الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ فَرْدٍ إنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ مَا يَقْتَضِي زَمَنًا فَرْدًا لَيْسَ بِمُطْلَقٍ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ فِيهِ الْفَرْدُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْمُمْكِنِ لَا لِأَنَّ لَفْظَ الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِيهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَلْزَمُ لِأَنَّهُ أَقَلَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فِي ضَرُورَةِ الْوُجُودِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ.

(قَالَ: فَهَذَا الْقِسْمُ الْحُكْمُ فِيهِ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ الثَّلَاثِ وَيَسْقُطُ مَا عَدَاهَا كَمَا لَوْ قَالَ: لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَاتٍ لَا نِهَايَةَ لَهَا فِي الْعَدَدِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَى قَوْلِهِ كَمَا هُوَ فِي كُلَّمَا) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ.

قَالَ: (وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ كُلَّمَا وَمَتَى وَمَا وَأَيْنَمَا وَحَيْثُمَا إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ كُلَّمَا وَمَتَى مَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَقِيضٌ قَوْلُهُ قَبْلَ أَنَّ مَتَى لِلْعُمُومِ وَيَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ مَا لِلزَّمَانِ أَنَّهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ اسْمٌ وَمَا أَرَى ذَلِكَ قَوْلًا لِأَحَدٍ مِنْ النُّحَاةِ، ثُمَّ بَنَى عَلَى ذَلِكَ أَنَّ حَيْثُمَا مَعْنَاهَا مَكَانٌ وَزَمَانٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ وَقَوْلُهُ أَنَّ بَحْثَهُ ذَلِكَ هُوَ الْبَحْثُ الْكَاشِفُ عَنْ هَذِهِ الْحَقَائِقِ لَيْسَ كَمَا قَالَ: بَلْ هُوَ الْمُخَلِّطُ لِهَذِهِ الْحَقَائِقِ وَقَوْلُهُ فَبِذَلِكَ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

حُرُوفِ الشَّرْطِ وَظَاهِرُهَا الدَّلَالَةُ عَلَى انْتِفَاءِ الْأَوَّلِ لِانْتِفَاءِ الثَّانِي أَيْ إنَّ سَائِرَ حُرُوفِ الشَّرْطِ كَمَا أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِمُجَرَّدِ تَعْلِيقٍ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى انْتِفَاءٍ وَثُبُوتٍ فَكَذَلِكَ كَلِمَةُ لَوْ مَوْضُوعَةٌ لِمُجَرَّدِ تَعْلِيقِ حُصُولِ أَمْرٍ فِي الْمَاضِي بِحُصُولِ أَمْرٍ آخَرَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى انْتِفَاءِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَوْ عَلَى اسْتِمْرَارِ الْجَزَاءِ بَلْ جَمِيعُ هَذِهِ الْأُمُورِ خَارِجَةٌ عَنْ مَفْهُومِهَا مُسْتَفَادَةٌ بِمَعُونَةِ الْقَرَائِنِ كَيْ لَا يَلْزَمَ الْقَوْلُ بِالِاشْتِرَاكِ أَوْ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا إلَخْ إلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ الشَّيْخِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ لَوْ حَرْفٌ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ تَالٍ يَلْزَمُ لِثُبُوتِهِ ثُبُوتُ تَالِيَةٍ أَيْ فِي الْمَاضِي وَتَزْيِيفُ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهَا حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَوْ مِنْ حُرُوفِ الشَّرْطِ وَمَعْنَاهَا مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ فَاللَّازِمُ لِمَفْهُومِهَا هُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى انْتِفَاءِ الْأَوَّلِ بِانْتِفَاءِ الثَّانِي وَكَوْنُ هَذَا الْقَوْلِ لَازِمًا لِمَفْهُومِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِرَادَةَ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهَا فَإِنَّ الدَّلَالَةَ غَيْرُ الْإِرَادَةِ وَوَجْهُ تَزْيِيفِ الْمَشْهُورِ هُوَ أَنَّهُ مَعَ تَوَقُّفِهِ عَلَى كَوْنِ انْتِفَاءِ الْأَوَّلِ مَأْخُوذًا فِي مَدْلُولِ لَوْ الْمُسْتَلْزِمِ خِلَافَ الْأَصْلِ كَمَا عَرَفْت يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ التَّعْلِيقِ عَلَى أَمْرٍ مَفْرُوضِ الْحُصُولِ إبْدَاءُ الْمَانِعِ مِنْ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ فِي الْمَاضِي وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ إلَى حَدِّ الْوُجُودِ وَبَقِيَ عَلَى حَالِهِ لِارْتِبَاطِ وُجُودِهِ بِأَمْرٍ مَعْدُومٍ وَأَمَّا أَنَّ انْتِفَاءَهُ بِسَبَبٍ لِانْتِفَائِهِ فِي الْخَارِجِ فَلَا كَيْفَ وَالشَّرْطُ النَّحْوِيُّ قَدْ يَكُونُ مُسَبَّبًا نَحْوَ لَوْ كَانَ الْعَالَمُ مُضِيئًا لَكَانَتْ الشَّمْسُ طَالِعَةً وَقَدْ يَكُونُ مُضَافًا نَحْوَ لَوْ كَانَ زَيْدٌ أَبًا لِعَمْرٍو لَكَانَ عَمْرٌو ابْنًا لَهُ.

وَقَدْ يَكُونُ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ مَعْلُولَيْنِ لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ لَوْ كَانَ النَّهَارُ مَوْجُودًا لَكَانَ الْعَالَمُ مُضِيئًا نَعَمْ انْتِفَاءُ الشَّرْطِ الِاصْطِلَاحِيِّ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الْمَشْرُوطِ فِي الْخَارِجِ وَمِنْ هَذَا ظَهَرَ جَوَابُ مَا قَالَهُ السَّعْدُ مِنْ أَنَّهُ يَدُلُّك عَلَى أَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ لِإِفَادَةِ السَّبَبِيَّةِ الْخَارِجِيَّةِ قَوْلُ أَبِي الْعَلَاءِ:

وَلَوْ دَامَتْ الدَّوْلَاتُ كَانُوا كَغَيْرِهِمْ

رَعَايَا وَلَكِنْ مَا لَهُنَّ دَوَامٌ

وَقَوْلُ الْخَمَّاسِيِّ:

وَلَوْ طَارَدَ ذُو حَافِرٍ قَبْلَهَا

لَطَارَتْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَطِرْ

لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمُقَدَّمِ لَا يُنْتَجُ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّازِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا لِلِاسْتِدْلَالِ بِانْتِفَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى انْتِفَاءِ الثَّانِي وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا تَكُونَ مُسْتَعْمَلَةً لِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ لِإِفَادَةِ إبْدَاءِ الْمَانِعِ مَعَ قِيَامِ

ص: 100