الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ لِعَدَمِ الشَّرْطِيَّةِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ فَالشَّرْطُ وَاللَّازِمُ فِي هَذَا الْبَابِ سَوَاءٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.
(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ السَّبَبِ فِي الشَّكِّ) أُشْكِلَ عَلَى جَمْعٍ مِنْ الْفُضَلَاءِ وَانْبَنَى عَلَى عَدَمِ تَحْرِيرِ هَذَا الْفَرْقِ الْإِشْكَالُ فِي مَوَاضِعَ وَمَسَائِلَ حَتَّى خَرَقَ بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ فِيهَا فَعَمَدَ إلَى النَّظَرِ الْأَوَّلِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ بِوُجُودِ الصَّانِعِ قَالَ يُمْكِنُ فِيهِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ مَعَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَعَذُّرِ ذَلِكَ فِيهِ كَمَا حَكَاهُ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ فَأَنْكَرَ الْإِجْمَاعَ وَقَالَ كَيْفَ يُحْكَى الْإِجْمَاعُ فِي تَعَذُّرِ هَذَا وَهُوَ وَاقِعٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي عِدَّةِ صُوَرٍ فَإِنَّ غَايَةَ هَذَا النَّاظِرِ قَبْلَ أَنْ يَنْظُرَ أَنْ يَجُوزَ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَانِعٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَأَنْ يَكُونَ هَذَا النَّظَرُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ قَصْدَ التَّقَرُّبِ بِدَلِيلِ مَا وَقَعَ فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ صَلَّى أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَنْوِيَ التَّقَرُّبَ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا وَكَذَلِكَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ فَإِنَّهُ يَنْوِي التَّقَرُّبَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ تِلْكَ الْخَمْسِ مَعَ شَكِّهِ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ مَنْ شَكَّ هَلْ تَطَهَّرَ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَتَطَهَّرُ وَيَنْوِي بِذَلِكَ الْوُضُوءِ التَّقَرُّبَ وَمَنْ شَكَّ هَلْ صَامَ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَصُومُ وَيَنْوِي التَّقَرُّبَ بِذَلِكَ الصِّيَامِ وَمَنْ شَكَّ هَلْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَيَنْوِي التَّقَرُّبَ بِهَا وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَإِذَا وَقَعَ فِي الشَّرِيعَةِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ جَازَ شَكُّهُ فِي النَّظَرِ الْأَوَّلِ وَتَكُونُ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ فِي تَعَذُّرِهِ خَطَأً بَلْ يُمْكِنُ قَصْدُ التَّقَرُّبِ بِهِ قِيلَ لَهُ فَإِنَّ الشَّكَّ فِي صُورَةِ النَّظَرِ الْأَوَّلِ فِي الْمُوجِبِ وَالشَّكُّ هَاهُنَا فِي الْوَاجِبِ فَافْتَرَقَا فَقَالَ بَلْ كَمَا لَا يُمْنَعُ الشَّكُّ فِي الْوَاجِبِ وَهُوَ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ فِي الْآخَرِ لِأَنَّ غَايَةَ الشَّكِّ فِي الْمُوجِبِ أَنْ يُفْضِيَ إلَى الشَّكِّ فِي الْوَاجِبِ وَهَذَا لَا يُمْنَعُ فَذَاكَ لَا يُمْنَعُ وَالْجَوَابُ الْحَقُّ فِي هَذَا السُّؤَالِ أَنَّ الشَّارِعَ شَرَعَ الْأَحْكَامَ وَشَرَعَ لَهَا أَسْبَابًا وَجَعَلَ مِنْ جُمْلَةِ مَا شَرَعَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّكَّ فَشَرَعَهُ فِي عِدَّةٍ مِنْ الصُّوَرِ حَيْثُ شَاءَ فَإِذَا شَكَّ فِي الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ وَالْمَيْتَةِ حَرُمَتَا مَعًا وَسَبَبُ التَّحْرِيمِ هُوَ الشَّكُّ وَإِذَا شَكَّ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ حَرُمَتَا مَعًا وَسَبَبُ التَّحْرِيمِ هُوَ الشَّكُّ وَإِذَا شَكَّ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ وَجَبَ عَلَيْهِ خَمْسُ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
لِوُجُودِ التَّكْلِيفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ سَبَبًا لِلتَّكْلِيفِ بِالْكَفَّارَةِ أَوْ النَّذْرِ بَلْ سَبَبُ الْكَفَّارَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ يَمِينٍ أَوْ غَيْرِهِ وَسَبَبُ لُزُومِ النَّذْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِالْتِزَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)
شُهُورُ الْعِدَدِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ كَشُهُورِ قَضَاءِ رَمَضَانَ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ السَّبَبِيَّةِ فَهِيَ ظُرُوفٌ لِلتَّكْلِيفِ بِالْعِدَّةِ لِوُجُودِهِ فِيهَا وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا سَبَبًا لِلتَّكْلِيفِ بِالْعِدَّةِ بَلْ سَبَبُ لُزُومِ الْعِدَّةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَفَاةِ أَوْ الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّ شُهُورَ الْعِدَدِ تُفَارِقُ شُهُورَ قَضَاءِ رَمَضَانَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّكْلِيفَ فِيهَا مُضَيَّقٌ وَالْوُجُوبُ فِي شُهُورِ قَضَاءِ رَمَضَانَ مُوَسَّعٌ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ الَّتِي تَحْتَمِلُهُمَا فَهِيَ أَنَّ فِي وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ أَيَّامِ رَمَضَانَ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ الْفِطْرِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا أَوْ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ أَيَّامِ رَمَضَانَ أَوْ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ أَوْ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ أَقْوَالٌ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَإِنَّمَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ بَعْدَ الْغُرُوبِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْقَائِلِ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ يَوْمَ الْفِطْرِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَقُولُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ هَذَا الزَّمَانِ مِنْ الْغُرُوبِ إلَى الْغُرُوبِ ظَرْفٌ لِلتَّكْلِيفِ وَسَبَبٌ لَهُ وَالْقَائِلُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ مُقَابِلِهِ يَقُولُ غُرُوبُ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الصَّوْمِ سَبَبٌ وَمَا بَعْدَهُ ظَرْفٌ لِلتَّكْلِيفِ فَقَطْ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَجْزَائِهِ سَبَبًا لِلتَّكْلِيفِ فَهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي التَّوْسِعَةِ إلَّا أَنَّ التَّوْسِعَةَ فِي الْأَوَّلِ كَتَوْسِعَةِ صَلَاةِ الظُّهْرِ تَسْتَمِرُّ فِيهَا السَّبَبِيَّةُ وَفِي الثَّانِي كَتَوْسِعَةِ قَضَاءِ رَمَضَانَ لَا تَسْتَمِرُّ فِيهَا السَّبَبِيَّةُ.
وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ بَلَغَ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَوْ عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَاَلَّذِي يَبْلُغُ فِي أَثْنَاءِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَلَا يُتَّجَهُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ مُقَابِلِهِ كَمَنْ بَلَغَ فِي شُهُورِ قَضَاءِ الصَّوْمِ فَافْهَمْ هَذِهِ الْفُرُوقَ تَنْفَعْك وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اللُّزُومِ الْجُزْئِيِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ اللُّزُومِ الْكُلِّيِّ]
(الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ اللُّزُومِ الْجُزْئِيِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ اللُّزُومِ الْكُلِّيِّ) .
وَذَلِكَ أَنَّ ضَابِطَ اللُّزُومِ الْكُلِّيِّ الْعَامِّ أَنْ يَكُونَ الرَّبْطُ بَيْنَهُمَا وَاقِعًا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمِنَةِ وَعَلَى جَمِيعِ التَّقَادِيرِ الْمُمْكِنَةِ وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ بِاللُّزُومِ الْبَيِّنِ أَمَّا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ تَصَوُّرِ الْمَلْزُومِ تَصَوُّرُ اللَّازِمِ كَلُزُومِ الزَّوْجِيَّةِ لِلْعِشْرَةِ وَأَمَّا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ تَصَوُّرِ الْمَلْزُومِ وَاللَّازِمِ مَعًا الْجَزْمُ بِاللُّزُومِ سَوَاءٌ كَفَى تَصَوُّرُ الْمَلْزُومِ فِي تَصَوُّرِ اللَّازِمِ أَوْ لَمْ يَكْفِ تَصَوُّرُهُ فِي تَصَوُّرِهِ بَلْ لَا بُدَّ فِي الْجَزْمِ بِاللُّزُومِ مِنْ تَصَوُّرِهِمَا مَعًا كَلُزُومِ قَبُولِ الْعِلْمِ وَصَنْعَةِ الْكِتَابَةِ لِلْإِنْسَانِ ثُمَّ إنَّ اللُّزُومَ الْكُلِّيَّ الْعَامَّ يَكُونُ لِلْمَاهِيَّةِ كَمَا ذُكِرَ وَقَدْ يَكُونُ لِلشَّخْصِ الْوَاحِدِ فِي حَالَةٍ مِنْ أَحْوَالِهِ كَلُزُومِ حَرَكَةِ الْيَدِ لِزَيْدٍ فِي حَالَةِ كِتَابَتِهِ فَكُلَّمَا كَانَ زَيْدٌ يَكْتُبُ فَهُوَ يُحَرِّكُ يَدَهُ أَيْ مَا مِنْ حَالَةٍ تَعْرِضُ وَلَا زَمَانٍ مَا يُشَارُ إلَيْهِ وَزَيْدٌ يَكْتُبُ إلَّا وَهُوَ يُحَرِّكُ يَدَهُ فَاللُّزُومُ بَيْنَ كِتَابَتِهِ وَحَرَكَةِ يَدِهِ فِي جَمِيعِ
صَلَوَاتٍ وَسَبَبُ وُجُوبِ الْخَمْسِ هُوَ الشَّكُّ وَإِذَا شَكَّ هَلْ تَطَهَّرَ أَمْ لَا وَجَبَ الْوُضُوءُ وَسَبَبُ وُجُوبِهِ الشَّكُّ.
وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ النَّظَائِرِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَالْمُتَقَرِّبُ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الصُّوَرِ جَازِمٌ بِوُجُودِ الْمُوجِبِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَسَبَبُ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ الشَّكُّ وَالْوَاجِبُ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ وَدَلِيلُ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ الْإِجْمَاعُ أَوْ النَّصُّ فَالْجَمِيعُ مَعْلُومٌ وَفِي صُورَةِ النَّظَرِ لَا شَيْءَ مِنْهَا بِمَعْلُومٍ بَلْ الْجَمِيعُ مَجْهُولٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَالشَّكُّ فِي السَّبَبِ غَيْرُ السَّبَبِ فِي الشَّكِّ فَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ التَّقَرُّبَ وَلَا يَتَقَرَّرُ مَعَهُ حُكْمٌ وَالثَّانِي لَا يَمْنَعُ التَّقَرُّبَ وَتَتَقَرَّرُ مَعَهُ الْأَحْكَامُ كَمَا رَأَيْت فِي هَذِهِ النَّظَائِرِ فَانْدَفَعَ سُؤَالُ هَذَا السَّائِلِ وَصَحَّ الْإِجْمَاعُ وَنَقَلَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَمَا أَوْرَدَهُ مِنْ النُّقُوضِ عَلَيْهِمْ لَا يَرِدُ وَلَا نَدَّعِي أَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ نَصَبَ الشَّكَّ سَبَبًا فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ بَلْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ بِحَسَبِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ أَوْ النَّصُّ وَقَدْ يُلْغِي صَاحِبُ الشَّرْعِ الشَّكَّ فَلَا يَجْعَلُ فِيهِ شَيْئًا كَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالشَّكُّ لَغْوٌ وَمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ هَلْ سَهَا أَمْ لَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالشَّكُّ لَغْوٌ فَهَذِهِ صُوَرٌ مِنْ الشَّكِّ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِيهَا كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى اعْتِبَارِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ تِلْكَ الصُّوَرِ وَقِسْمٌ ثَالِثٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَصْبِهِ سَبَبًا كَمَنْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا فَاعْتَبَرَهُ مَالِكٌ دُونَ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَمْ اثْنَتَيْنِ أَلْزَمَهُ مَالِكٌ الطَّلْقَةَ الْمَشْكُوكَ فِيهَا دُونَ الشَّافِعِيِّ.
وَمَنْ حَلَفَ يَمِينًا وَشَكَّ مَا هِيَ أَلْزَمَهُ مَالِكٌ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ فَقَدْ انْقَسَمَ الشَّكُّ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ مُجْمَعٌ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَمُجْمَعٌ عَلَى إلْغَائِهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَيَتَّضِحُ لَك الْفَرْقُ أَيْضًا بَيْنَ الشَّكِّ فِي الْأَسْبَابِ وَبَيْنَ الْأَسْبَابِ فِي الشَّكِّ بِذِكْرِ ثَلَاثِ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إذَا نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي خَمْسًا وَتَصِحُّ نِيَّتُهُ مَعَ التَّرَدُّدِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَصِحُّ مَعَ التَّرَدُّدِ وَاسْتُثْنِيَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ لِتَعَذُّرِ جَزْمِ النِّيَّةِ فِيهَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالُوا بَلْ الْمُصَلِّي جَازِمٌ بِوُجُوبِ الْخَمْسِ عَلَيْهِ لِوُجُودِ سَبَبِ وُجُوبِهَا وَهُوَ الشَّكُّ وَإِذَا وُجِدَ سَبَبُ الْوُجُوبِ جَزَمَ الْمُكَلِّفُ بِالْوُجُوبِ وَكَانَتْ نِيَّتُهُ جَازِمَةً لَا مُتَرَدِّدَةً وَكَذَلِكَ مَنْ شَكَّ فِي جِهَةِ الْكَعْبَةِ وَقُلْنَا يُصَلِّي أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ جَزَمْنَا بِوُجُوبِ أَرْبَعٍ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الشَّكِّ وَيُصَلِّي الْأَرْبَعَ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ وَكَذَلِكَ مَنْ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْأَجْنَبِيَّةُ بِأُخْتِهِ أَوْ الْمُذَكَّاةِ بِالْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ جَازِمٌ بِالتَّحْرِيمِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ الشَّكُّ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ وَضَابِطُ اللُّزُومِ الْجُزْئِيِّ أَنْ يَكُونَ لُزُومُ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ بَعْضٍ أَوْ بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ دُونَ بَعْضٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِاللُّزُومِ فِي الْجُمْلَةِ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ فِي الْمَجَازِ وَالْكِنَايَةِ كَلُزُومِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى لِلطَّهَارَةِ الْكُبْرَى الَّتِي هِيَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ مَثَلًا بِمَعْنَى أَنَّ الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى إذَا حَصَلَتْ أَغْنَتْ عَنْ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى الَّتِي هِيَ الْوُضُوءُ وَجَازَتْ بِهَا الصَّلَاةُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ وُضُوءٍ كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ لَكِنْ لَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ الْمَذْكُورِ أَمَّا مُخَالَفَةُ الْقَاعِدَةِ الْعَقْلِيَّةِ وَهِيَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ اللَّازِمِ انْتِفَاءُ الْمَلْزُومِ بِأَنْ لَا يَلْزَمَ مِنْ انْتِفَاءِ اللَّازِمِ انْتِفَاءُ الْمَلْزُومِ أَنْ أَبْقَوْا الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى بَعْدَ انْتِفَاءِ الصُّغْرَى إذَا أَحْدَثَ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ وَأَمَّا مُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ الْمُنْعَقِدِ بِعَدَمِ انْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ انْتِفَاءِ الصُّغْرَى إذَا أَحْدَثَ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ إنْ أَوْجَبُوا الْغُسْلَ بِخُرُوجِ الرِّيحِ أَوْ الْغَائِطِ أَوْ الْمُلَامَسَةِ.
وَكِلْتَا الْقَاعِدَتَيْنِ لَا سَبِيلَ إلَى مُخَالَفَتِهِمَا فَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى لِلطَّهَارَةِ الْكُبْرَى بَلْ مُرَادُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ لُزُومَ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى لِلطَّهَارَةِ الْكُبْرَى مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُغْتَسِلِ نَاقِضٌ فِي أَثْنَاءِ غُسْلِهِ بِمَعْنَى أَنَّ لُزُومَ الْوُضُوءِ لِلْغُسْلِ فِي الِابْتِدَاءِ فَقَطْ دُونَ الدَّوَامِ فَاللُّزُومُ بَيْنَهُمَا بِهَذَا الشَّرْطِ وَهُوَ عَدَمُ طَرَءَانِ النَّاقِضِ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ فَهُوَ فِي حَالَةٍ خَاصَّةٍ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْوَالِ وَلَا يَحْصُلُ فِي حَالَةِ دَوَامِ الْغُسْلِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْوَالِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ اللَّازِمِ انْتِفَاءُ الْمَلْزُومِ إلَّا فِي الْحَالَةِ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا اللُّزُومُ فَلَا جَرَمَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْقَائِلِينَ بِاللُّزُومِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِبَقَاءِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى دُونَ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى بَلْ إنَّمَا قَالَ بِهِ فِي حَالَةِ الدَّوَامِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا لُزُومٌ فَانْتِفَاءُ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَقْدَحُ إذْ لَا يَقْدَحُ الِانْتِفَاءُ مَا هُوَ لَازِمٌ وَالطَّهَارَةُ الصُّغْرَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَتْ لَازِمَةً فَلَا يَضُرُّ انْتِفَاؤُهَا وَمِنْ أَمْثِلَةِ اللُّزُومِ الْجُزْئِيِّ أَيْضًا لُزُومُ الْمُؤَثِّرِ لِأَثَرِهِ زَمَنَ حُدُوثِ ذَلِكَ الْأَثَرِ دُونَ مَا بَعْدَ زَمَنِ الْحُدُوثِ فَكُلُّ بِنَاءٍ يَلْزَمُهُ الْبِنَاءُ حَالَةَ الْبِنَاءِ دُونَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ يَمُوتُ الْبِنَاءُ وَيَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ النَّاسِجُ مِنْ نَسْجِهِ فَعَدَمُ اللُّزُومِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْحُدُوثِ لَا يَقْدَحُ إذْ لَمْ يُرِيدُوا بِقَوْلِهِمْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اللَّازِمِ عَدَمُ الْمَلْزُومِ إلَّا حَيْثُ قُضِيَ بِاللُّزُومِ إمَّا عَامًّا وَإِمَّا خَاصًّا أَمَّا فِي الصُّورَةِ الَّتِي لَمْ يُقْضَ فِيهَا بِاللُّزُومِ فَلَا كَمَا أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا شَرْطٌ.
أَمَّا لَوْ كَانَ شَرْطًا فِي حَالَةٍ دُونَ حَالَةٍ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِهِ فِي صُورَةِ مَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهَا عَدَمُ الْمَشْرُوطِ كَالطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي صُورَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ وَعَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَلَا جَرَمَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ فِي صُورَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ الَّذِي هُوَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ الشَّرْطِيَّةِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ.
فَالشَّرْطُ وَاللَّازِمُ فِي هَذَا الْبَابِ سَوَاءٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ