الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَرْقُ الْخَامِسُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الشَّرِيعَةِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ) فِي أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ النُّطْقِ بِهِ فِي الزَّمَانِ وَيَجُوزُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَجُوزُ فِي الشَّرِيعَةِ.
وَلَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنْ يَرْفَعَ جَمِيعَ الْمَنْطُوقِ بِهِ وَيَبْطُلُ حُكْمُهُ نَحْوَ لَهُ عِنْدِي عَشْرَةٌ إلَّا عَشْرَةً بِالْإِجْمَاعِ وَيَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ الشَّرْطُ فِي كَلَامٍ يَبْطُلُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ كَقَوْلِهِ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إنْ دَخَلْتُنَّ الدَّارَ فَلَا تَدْخُلُ وَاحِدٌ مِنْهُنَّ فَيَبْطُلُ جَمِيعُ الطَّلَاقِ فِيهِنَّ وَأَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إنْ أَطَاعُوا اللَّهَ أَوْ إنْ جَاءُوك فَلَا يَجِيءُ أَحَدٌ فَيَبْطُلُ جَمِيعُ الْأَمْرِ بِسَبَبِ هَذَا الشَّرْطِ وَلَوْلَا هَذَا الشَّرْطُ لَعَمَّ الْحُكْمُ الْجَمِيعَ فَقَدْ بَايَنَ الشَّرْطُ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَيَعُمُّ جَمِيعَ الْجُمَلِ الْمَنْطُوقِ بِهَا بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى قَوْلٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى قَوْلٍ نَحْوَ أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ وَأَكْرِمْ الْقَوْمَ وَاخْلَعْ عَلَيْهِمْ فَقَدْ بَايَنَ الشَّرْطُ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَضْلَةٌ فِي الْكَلَامِ وَيَتِمُّ الْكَلَامُ دُونَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ إبْطَالُ جُمْلَةِ الْحُكْمِ فِيهِمَا تَحْقِيقًا لِمُقْتَضَى اللُّغَةِ أَوْ يَجُوزُ فِيهِمَا تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الْبَابَيْنِ لَكِنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُخْرِجُ مِنْ الْكَلَامِ مَا لَيْسَ بِمُرَادٍ عَمَّا هُوَ مُرَادٌ فَهْمُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُرَادِ وَلَعَلَّهُ لَوْ بَقِيَ مَعَ الْمُرَادِ لَمْ يَخْتَلَّ الْحُكْمُ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ: شِهَابُ الدِّينِ (الْفَرْقُ الْخَامِسُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الشَّرِيعَةِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ فِي أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ النُّطْقِ بِهِ فِي الزَّمَانِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى قَوْلٍ وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرْفَعَ جَمِيعُ الْمَنْطُوقِ بِهِ وَيَبْطُلُ حُكْمُهُ نَحْوَ لَهُ عِنْدِي عَشْرَةٌ إلَّا عَشْرَةً بِالْإِجْمَاعِ وَيَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ الشَّرْطُ فِي كَلَامٍ يَبْطُلُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ كَقَوْلِهِ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إنْ دَخَلْتُنَّ الدَّارَ فَلَا تَدْخُلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ هَذَا الْفَرْقُ) قُلْتُ: إنَّمَا نَظِيرُ عَدَمِ النُّطْقِ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَدَمُ النُّطْقِ بِالشَّرْطِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْطِقْ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَاتَ مَقْصِدٌ وَإِذَا لَمْ يَنْطِقْ بِالشَّرْطِ فَاتَ مَقْصِدٌ وَقَوْلُهُ أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَضْلَةٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَيْسَ كَوْنُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَضْلَةً يُوجِبُ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْهُمَا وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا لَمْ يَقَعْ بَطَلَ جَمِيعُ الْمَشْرُوطِ هِيَ حَقِيقَةُ الشَّرْطِ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ سَبَبٌ وَالسَّبَبُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا وَمَا هُوَ كَذَلِكَ فَشَأْنُهُ تَعْجِيلُ النُّطْقِ بِهِ يُقَالُ لَهُ وَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَأْنُهُ التَّعْجِيلَ، ثُمَّ إنَّهُ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: أَعْطِ بَنِي تَمِيمٍ عِنْدَ تَمَامِ هَذِهِ السَّنَةِ وَفِي نَفْسِهِ إنْ أَطَاعُوا، ثُمَّ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ إلَّا عِنْدَ رَأْسِ السَّنَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لَمْ يُفْتِ بِذَلِكَ مَقْصِدٌ وَكَذَلِكَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَعْطِ بَنِي تَمِيمٍ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ وَفِي نَفْسِهِ إلَّا زَيْدًا، ثُمَّ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ إلَّا عِنْدَ رَأْسِ السَّنَةِ لَمْ يُفْتِ مَقْصِدٌ وَتَكُونُ صُورَةُ النُّطْقِ بِالشَّرْطِ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا مَا أَمَرْتُك بِهِ مِنْ إعْطَاءِ بَنِي تَمِيمٍ عِنْدَ رَأْسِ السَّنَةِ إنَّمَا ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يُطِيعُوا وَصُورَةُ النُّطْقِ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَقُولَ مَثَلًا: مَا أَمَرْتُك بِهِ مِنْ إعْطَاءِ بَنِي تَمِيمٍ إنَّمَا ذَلِكَ عَلَى أَنْ تَدَعَ مِنْهُمْ زَيْدًا وَبِالْجُمْلَةِ كَلَامُهُ فِي هَذَا الْفَرْقِ لَيْسَ بِالْجَيِّدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
إذَا أُضِيفَ عَمَّ وَإِنَّمَا الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْجَمْعَ إذَا أُضِيفَ عَمَّ فَقَوْلُ الْقَائِلِ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ لَمْ يَكُنْ الْعُمُومُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ اسْمَ جِنْسٍ أُضِيفَ وَإِنَّمَا كَانَ الْعُمُومُ لِأَنَّهُ جَمْعٌ أُضِيفَ عَلَى أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْقَاعِدَةَ مَا ذَكَرَ لَا نُسَلِّمُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مُرَادُهُمْ إذَا أُضِيفَ لِغَيْرِ الْجُمَلِ وَكَانَ مِمَّا يَنْطَلِقُ مُسَمَّاهُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَالْمَاءِ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ثَالِثُهَا أَنَّ كَوْنَ صِيَغِ الْعُمُومِ إنَّمَا تَعُمُّ فِيمَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ عَلَى مَرَامِهِ بِوَجْهٍ بَلْ رُبَّمَا اقْتَضَى خِلَافَهُ وَذَلِكَ أَنَّ مَرَامَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ أَوْ أَيْنَ جَلَسْت وَأَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا فِي كَوْنِ الْعُمُومِ فِيهِمَا ثَابِتًا لِلظَّرْفِ الَّذِي هُوَ الْبِقَاعُ وَالْأَزْمِنَةُ وَهَذَا يَقْتَضِي عَدَمَهَا وَأَنَّ الْعُمُومَ فِي الْأَوَّلِ فِي الْمَظْرُوفِ وَهُوَ الْجُلُوسُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُضَافُ إلَيْهِ لَا فِي الظَّرْفِ كَمَا هُوَ فِي الثَّانِي فَافْهَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذَا الْبَلَدِ فَهِيَ طَالِقٌ]
(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) السِّرُّ فِي فَرْقِ أَصْحَابِنَا بَيْنَ قَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ قَالُوا: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلضِّيقِ بِالتَّعْمِيمِ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذِهِ الْبَلَدِ فَهِيَ طَالِقٌ قَالُوا: إنَّ الطَّلَاقَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ النِّسَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الظِّهَارِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قَالُوا: لَا يُلْغَى التَّعْمِيمُ هُنَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا مَعَ تَصْرِيحِهِ بِالْعُمُومِ فِي الْبَابَيْنِ هُوَ كَمَا فِي عبق وَالْخَرَشِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الظِّهَارَ لَهُ فِيهِ مَخْرَجٌ بِالْكَفَّارَةِ أَيْ خُرُوجٌ بِالْكَفَّارَةِ أَوْ مَخْرَجٌ مُصَوَّرٌ بِالْكَفَّارَةِ يَنْفِي عَنْهُ ضِيقَ التَّعْمِيمِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَأَنَّ الظِّهَارَ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ عَنْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ الْمُتَعَدِّدَةِ ضِمْنًا لِأَنَّ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ فِي قُوَّةِ فُلَانَةُ كَظَهْرِ أُمِّي فُلَانَةَ كَظَهْرِ أُمِّي وَهَكَذَا فَلَا تُعْطَى حُكْمُ الصَّرِيحَةِ كَمَا أَنَّ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ كَفَّارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ فَافْهَمْ وَقِيلَ: سِرُّ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّ الطَّلَاقَ حُكْمٌ يَثْبُتُ لِأَفْرَادِ الْعُمُومِ كَثُبُوتِ الْقَتْلِ لِجَمِيعِ أَفْرَادِ الْمُشْرِكِينَ وَالْحِلُّ لِجَمِيعِ أَفْرَادِ الْبَيْعِ وَأَمَّا الظِّهَارُ فَالْكَفَّارَةُ فِيهِ لِلنُّطْقِ بِالْكَلَامِ الزُّورِ عُقُوبَةٌ لِقَائِلِهِ فَإِذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَقَدْ كَذَبَ كَذْبَةً وَاحِدَةً فَتَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَلَا نَظَرَ لِلْعُمُومِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ الْقَوْلِ الْكَذِبِ فَكَمَا لَا تَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ إنَّ كُلَّ إنْسَانٍ جَمَادٌ فَإِنَّهَا كِذْبَةٌ وَاحِدَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِعُمُومٍ أَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَيْسَ فِي الدَّارِ
وَأَمَّا الشُّرُوطُ اللُّغَوِيَّةُ فَهِيَ أَسْبَابٌ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَالسَّبَبُ مُتَضَمِّنٌ لِمَقْصِدِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا نُصِّبَ شَرْطًا وَجُعِلَ عَدَمُهُ مُؤَثِّرًا فِي الْعَدَمِ فَإِذَا كَانَ مُتَضَمِّنًا لِمَقْصِدِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمَقَاصِدُ شَأْنُهَا تَعْجِيلُ النُّطْقِ وَشَأْنُهَا أَنْ تَعُمَّ جَمِيعَ الْجُمَلَ تَكْثِيرًا لِمَصْلَحَةِ ذَلِكَ الْمَقْصِدِ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ إذَا لَمْ يُعَجَّلْ بِهِ لَمْ يُفْتِ بِهِ مَقْصِدٌ بَلْ حَصَلَ مَا لَيْسَ بِمَقْصِدٍ وَذَلِكَ فَرْقٌ عَظِيمٌ وَأَمَّا إبْطَالُ جَمِيعِ الْكَلَامِ بِالشَّرْطِ فَلِأَنَّ الْإِبْطَالَ حَالَةَ النُّطْقِ بِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَيَسْتَتْبِعُ الشَّرْطَ فِي الْجَمِيعِ فَلَا يَبْطُلُ مِنْ الْكَلَامِ شَيْءٌ وَقَدْ يَفُوتُ الشَّرْطُ فِي الْجَمِيعِ فَيَبْطُلُ الْجَمِيعُ وَقَدْ يَفُوتُ فِي الْبَعْضِ فَيَبْطُلُ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ حَالَةَ النُّطْقِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ مِنْهَا الْإِبْطَالُ لَا لِلْكُلِّ وَلَا لِلْبَعْضِ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ الْوَارِدِ عَلَى جَمِيعِ الْكَلَامِ يُعَدُّ النَّاطِقُ بِهِ نَادِمًا مُقَدَّمًا عَلَى الْهَذْرِ مِنْ الْقَوْلِ وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ ذَلِكَ فِي الشَّرْطِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَهَذَا فَرْقٌ عَظِيمٌ بَيْنَهُمَا فِي الْإِبْطَالِ وَعَدَمِهِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأَحْكَامِ الْجَائِزَةِ فِي الشَّرْطِ الْمُمْتَنِعَةِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ لُغَةً وَشَرْعًا.
(الْفَرْقُ السَّادِسُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ تَوَقُّفِ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى شَرْطِهِ) فَنَقُولُ: الْحُكْمُ إذَا وَرَدَ مَعَ وَصْفَيْنِ وَمَنَعَ صَاحِبُ الشَّرْعِ مِنْ الْحُكْمِ بِدُونِهِمَا بِأَيِّ طَرِيقٍ يُعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا سَبَبٌ وَالْأُخَرُ شَرْطٌ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّوَقُّفِ عَلَيْهِمَا وَانْتِفَاءُ الْحُكْمِ عِنْدَ انْتِفَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَوُجُوبِ الزَّكَاةِ عِنْدَ النِّصَابِ وَالْحَوْلِ فَلِمَ قُلْتُمْ إنَّ النِّصَابَ سَبَبٌ وَالْحَوْلَ شَرْطٌ وَلِمَ لَا عَكَسْتُمْ أَوْ سَوَّيْتُمْ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا يُعْلِمُ بِأَنَّ الشَّرْطَ مُنَاسِبٌ فِي غَيْرِهِ وَالسَّبَبُ مُنَاسِبٌ فِي ذَاتِهِ فَإِنَّ النِّصَابَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْغِنَى وَنِعْمَةِ الْمِلْكِ فِي نَفْسِهِ وَالْحَوْلُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُكَمِّلٌ لِنِعْمَةِ الْمِلْكِ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّنْمِيَةِ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ وَنَبْسُطُ ذَلِكَ بِقَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ الشَّرْعَ إذَا رَتَّبَ الْحُكْمَ عَقِيبَ أَوْصَافٍ فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا مُنَاسِبَةً فِي ذَاتِهَا قُلْنَا: الْجَمِيعُ عِلَّةٌ وَلَا نَجْعَلُ بَعْضَهَا شَرْطًا كَوُرُودِ الْقِصَاصِ مَعَ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ، الْمَجْمُوعُ عِلَّةٌ وَسَبَبٌ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مُنَاسِبٌ فِي ذَاتِهِ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ مُنَاسِبًا فِي ذَاتِهِ دُونَ الْبَعْضِ.
قُلْنَا: الْمُنَاسِبُ فِي ذَاتِهِ هُوَ السَّبَبُ وَالْمُنَاسِبُ فِي غَيْرِهِ هُوَ الشَّرْطُ كَمَا تَقَدَّمَ مِثَالُهُ فَهَذَا ضَابِطُ الشَّرْطِ وَالسَّبَبِ وَالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَتَحْرِيرِهِ.
(الْفَرْقُ السَّابِعُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ وَالْعِلَلِ الْمُجْتَمِعَةِ) إذَا وَرَدَ الْحُكْمُ عَقِيبَ أَوْصَافٍ بِمَ يُعْلَمُ أَنَّهَا أَجْزَاءُ عِلَّةٍ أَوْ أَنَّهَا عِلَلٌ مُجْتَمِعَةٌ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحُكْمَ إذَا ثَبَتَ عَقِيبَ أَوْصَافٍ يُنْظَرُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الشَّرْعِ رَتَّبَ ذَلِكَ الْحُكْمَ مَعَ كُلِّ وَصْفٍ مِنْهَا إذَا انْفَرَدَ قُلْنَا: هِيَ عِلَلٌ مُجْتَمِعَةٌ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ: (الْفَرْقُ السَّادِسُ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِيهِ وَفِي الْفَرْقِ السَّابِعِ وَالثَّامِنِ وَالتَّاسِعِ وَالْعَاشِرِ صَحِيحٌ وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
أَحَدٌ مِنْ أُخْوَتِك فَوَجَدَ الْجَمِيعَ فِيهَا لِاتِّحَادِ الْيَمِينِ وَالْحِنْثِ كَذَلِكَ هَا هُنَا اهـ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَبْلُ مِنْ أَنَّ الظِّهَارَ خَبَرٌ لَا إنْشَاءٌ وَهُوَ مَوْضِعُ احْتِمَالٍ وَنَظَرٍ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَالسِّرُّ فِي تَفْرِقَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَبَيْنَ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ النِّسَاءِ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَكَذَا أَيْ حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ فِي كُلٍّ، وَبِتَعَدُّدِهَا فِي مِنْ، وَكَذَا أَيْ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى هُوَ مَا فِي الْبُنَانِيِّ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ عِيَاضٌ الْفَرْقُ أَنَّ أَصْلَ وَضْعِ مَنْ وَأَيِّ لِلْآحَادِ فَعَرَضَ لَهُمَا الْعُمُومُ فَعَمَّتْ الْآحَادَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا آحَادٌ وَأَصْلُ وَضْعِ كُلٍّ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَكَانَتْ كَالْيَمِينِ عَلَى فِعْلِ أَشْيَاءَ يَحْنَثُ بِفِعْلِ أَحَدِهَا فَحَاصِلُ كَلَامِ عِيَاضٍ أَنَّ مَنْ وَأَيِّ لِكُلِّ فَرْدٍ لَا بِقَيْدِ الْجَمْعِيَّةِ، وَمَدْلُولُ كُلٍّ كَذَلِكَ بِقَيْدِ الْجَمْعِيَّةِ مُنْضَمًّا إلَى التَّحْنِيثِ بِالْأَقَلِّ اهـ.
فَلَا دَلَالَةَ لِمَنْ وَأَيُّ إلَّا عَلَى مَعْنَى الْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ كُلٍّ فَإِنَّ فِيهَا مَعْنَى الْكُلِّيَّةِ وَمَعْنَى الْكُلِّ الْمَجْمُوعِي فَلِذَا وَقَعَ خِلَافُ الْأَصْحَابِ فِي قَوْلِهِ لِنِسَائِهِ: كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَقَوْلُهُ لِنِسَاءٍ أَجْنَبِيَّاتٍ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كُلَّمَا تَزَوَّجْت فَاَلَّتِي أَتَزَوَّجُهَا عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي هَلْ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ نَظَرًا لِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ أَوْ لَا تَتَعَدَّدُ نَظَرًا لِمَعْنَى الْكُلِّ الْمَجْمُوعِي.
قَالَ الْبُنَانِيُّ: وَمَا ذَكَرَهُ خَلِيلٌ مِنْ عَدَمِ التَّعَدُّدِ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعَدُّدِ فِي: كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ.
قَالَ الْبَاجِيَّ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ نَعَمْ قَدْ قِيلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِثْلُ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ فِي الْأُخْرَى فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَحْكِيَ الْخِلَافَ فِي الْفَرْعَيْنِ مَعًا أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى التَّعَدُّدِ فِيهِمَا أَوْ عَدَمِهِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُ مُشْكِلٌ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ.
وَقَالَ عبق وَمَا نَقَلَهُ عج عَنْ ق حَيْثُ قَالَ: لَا تَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَلِذَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِتَزَوُّجِ وَاحِدَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يُفِيدُهُ ق اهـ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا مَا نَقَلَهُ عَنْ الْجَلَّابِ وَأَبِي الْحَسَنِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ: كُلَّمَا تَزَوَّجْت فَاَلَّتِي أَتَزَوَّجُهَا عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا كَفَّارَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ اهـ وَقَدْ.
قَالَ عبق إذَا قَالَ لِنِسَاءٍ أَجْنَبِيَّاتٍ: إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ
كَوُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ بَالَ وَلَامَسَ وَأَمْذَى فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا إذَا انْفَرَدَ اسْتَقَلَّ بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ وَكَإِجْبَارِ الْأَبِ لِابْنَتِهِ الْبِكْرِ مُعَلَّلٌ بِالصِّغَرِ وَالْبَكَارَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ الْإِجْبَارُ وَإِنْ انْفَرَدَ الصِّغَرُ وَحْدَهُ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ وَأُجْبِرَتْ الصَّغِيرَةُ الثَّيِّبُ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَتُجْبَرُ الْبِكْرُ الْكَبِيرَةُ الْمُعَنَّسَةِ عَلَى الْخِلَافِ.
وَإِنْ وَجَدْنَا صَاحِبَ الشَّرْعِ لَا يُرَتِّبُ الْحُكْمَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا قُلْنَا: هِيَ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ تِلْكَ الْأَوْصَافِ كَالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فَبِهَذَا يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ وَهُوَ ضَابِطُهُمَا وَتَحْرِيرُهُمَا.
(الْفَرْقُ الثَّامِنُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ جُزْءِ الْعِلَّةِ وَالشَّرْطِ) فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْحُكْمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْحُكْمِ وَلَا عَدَمُهُ فَتَلْتَبِسُ قَاعِدَةُ جُزْءِ الْعِلَّةِ بِقَاعِدَةِ الشَّرْطِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ مُنَاسَبَتُهُ فِي غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْحَوْلِ فِي الزَّكَاةِ وَجُزْءُ الْعِلَّةِ مُنَاسَبَتُهُ فِي نَفْسِهِ كَجُزْءِ النِّصَابِ مُشْتَمِلٌ عَلَى جُزْءِ الْغِنَى فِي ذَاتِهِ وَكَأَحَدِ أَوْصَافِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُنَاسَبَةِ الْعُقُوبَةِ فِي ذَاتِهِ فَبِهَذَا يَعْرِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ جُزْءُ عِلَّةٍ أَوْ شَرْطٍ.
(الْفَرْقُ التَّاسِعُ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الشَّرْطِ وَالْمَانِعِ) أَنَّ الشَّرْطَ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَعَدَمُهُ يُوجِبُ الْعَدَمَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الَّتِي هُوَ فِيهَا شَرْطٌ وَأَمَّا الْمَانِعُ فَهُوَ قَدْرٌ وَقَعَ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءً الْحُكْمَ وَانْتِهَاءَهُ كَالرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ ابْتِدَاءً النِّكَاحَ وَيَقْطَعُ اسْتِمْرَارَهُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي الْمَهْدِ وَتَرْضِعَ مِنْ أُمِّهِ فَتَصِيرُ أُخْتُهُ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَالْقِسْمُ الثَّانِي يَمْنَعُ ابْتِدَاءً الْحُكْمَ دُونَ اسْتِمْرَارِهِ كَالِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ ابْتِدَاءً الْعَقْدَ عَلَى الْمُسْتَبْرَأَةِ فَإِنْ طَرَأَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَنْ تُكْرَهَ عَلَى الزِّنَى يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى الزَّوْجِ خَشْيَةَ اخْتِلَاطِ نَسَبِهِ بِالْمُتَوَلِّدِ مِنْ الزِّنَى وَلِأَنَّهُ يُلَاعِنُ حِينَئِذٍ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الزِّنَى وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْمُلَاعَنَةُ وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ فَهَذَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءً النِّكَاحَ فَقَطْ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ فَيَمْتَنِعُ فِيهِمَا أَوْ بِالثَّانِي فَلَا يَمْتَنِعُ التَّمَادِي بِخِلَافِ الْمُبَادِي وَلَهُ صُوَرٌ: الصُّورَةُ الْأُولَى وُجِدَ أَنَّ الْمَاءَ يَمْنَعُ مِنْ التَّيَمُّمِ ابْتِدَاءً عَلَى الصَّحِيحِ.
فَإِنْ طَرَأَ الْمَاءُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ فَهَلْ يُبْطِلُهَا أَمْ لَا فِيهِ؟ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الطَّوْلُ يَمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ ابْتِدَاءً عَلَى الصَّحِيحِ فَإِنْ طَرَأَ الطَّوْلُ بَعْدَ النِّكَاحِ لِلْأَمَةِ فَهَلْ يُبْطِلُهُ أَمْ لَا؟ خِلَافٌ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ يَمْنَعُ مِنْهُ الْإِحْرَامُ ابْتِدَاءً فَإِنْ تَقَدَّمَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ فِي زَمَنِ الْحِلِّ ثُمَّ طَرَأَ الْإِحْرَامُ الْمَانِعُ فَهَلْ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِمْرَارِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ؟ خِلَافٌ فَقِيلَ: يَجِبُ إرْسَالُهُ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ.
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
كَظَهْرِ أُمِّي فَتَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً لَزِمَتْهُ وَلَا يُقِرُّ بِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْبَوَاقِيَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حِنْثَ الْيَمِينِ يُسْقِطُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِنِسَائِهِ: إنْ دَخَلْتُنَّ الدَّارَ فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ الْجَمِيعُ إلَّا وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَ جَمِيعُهُنَّ.
قَالَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ: يَحْنَثُ بِوَاحِدَةٍ عَلَى قَاعِدَةِ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ وَلَعَلَّ وَجْهَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَقَوْلِ خَلِيلٍ فِي الْعِتْقِ وَإِنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُمَا فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا اهـ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّهُنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَجْنَبِيَّاتٌ وَفِي الثَّانِيَةِ نِسَاؤُهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ مِثْلَ قَوْلِهِ مَنْ تَزَوَّجْتُهَا مِنْكُنَّ بَلْ يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ لِكُلٍّ مَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ لِإِيهَامِ يَمِينِهِ وَخِطَابِ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَدْ أَوْقَعَ الظِّهَارَ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ فَأَجْزَأَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ بِتَصَرُّفٍ وَحَذْفٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَأَصْلُ مَذْهَبِنَا إلْحَاقُ الظِّهَارِ بِالْيَمِينِ بِخِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ أَصْلَهُ إلْحَاقُهُ بِالطَّلَاقِ فَفِي الرَّهُونِيِّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ تَظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ مَا نَصُّهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُنَّ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ الشَّيْخِ فَهُوَ عَلَى طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةٍ، الطَّلَاقُ طَرَفٌ وَالْيَمِينُ طَرَفٌ وَالظِّهَارُ وَهُوَ الْوَاسِطَةُ فِيهِ شَائِبَةٌ لِشَبَهِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَهُوَ اتِّحَادُ الظِّهَارِ وَشَائِبَةٌ لِشَبَهِ الطَّلَاقِ وَهُوَ تَعَدُّدُ الْمُظَاهَرِ مِنْهُمَا ابْنُ يُونُسَ وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] الْآيَةَ فَجَمِيعُ النِّسَاءِ إذَا ظَاهَرَ مِنْهُنَّ الرَّجُلُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ يُكَفَّرُ كَالْإِيلَاءِ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَفِّرْ عَنْ يَمِينِك» فَدَلَّ أَنَّهُ يَمِينٌ كَالْإِيلَاءِ الشَّيْخُ؛ وَلِأَنَّ الْمُرَاعَى قَوْلُ الْقَائِلِ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى اهـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ اهـ.
وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَالْفِقْهِ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّكْرَارِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ هُوَ الْمُوجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي فَرْقِ الْإِنْشَاءِ وَالْإِخْبَارِ لَكِنْ لَمَّا اشْتَهَرَ لَفْظُ الظِّهَارِ فِي مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ لُوحِظَتْ الْكَفَّارَةُ فِي مَقْصِدِ الْمُظَاهِرِ كَأَنَّهَا حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فَيَكُونُ قَدْ الْتَزَمَ تَكْرَارَهَا فِي كَلِمَةِ كُلَّمَا وَأَيِّ فَإِنَّهُمَا لِلْحُكْمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ وَأَشَارَ بِمَنْ فِيمَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ إلَى التَّبْعِيضِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ.