الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: آتنا في الدنيا حسنة إلى آخره. في حسنة الدنيا سبعة أقوال: أحدها: المرأة الصالحة، وقيل: العبادة، وقيل: العلم والعبادة، وقيل: المال، وقيل: العافية، وقيل: الرزق الواسع، وقيل: النعمة.
وفي حسنة الآخرة ثلاثة أقوال: الحور العين، وقيل: الجنة، وقيل: العفو والمعافاة. انتهى.
الصلاة في الحرير والمغصوب، لا تصح ولو جهل الحكم. وفي "شرح المنتهى" لمؤلفه عبارة لم نرها في غيره، وعزاها "للإنصاف" ولم نرها في شئ من نسخ "الانصاف". والذي تحرر لنا عدم الصحة مطلقاً، وهذه صفة عبارته، وعلم مما تقدم أنه لو كان جاهلاً أو ناسيا كونه غصباً، أو حريراً، أو محرماً، أنها تصح، قال في "الانصاف": على الصحيح من المذهب، وذكره المجد إجماعا، وعنه: لا تصح، . انتهى. وعبارة "الانصاف" قوله: ومن صلى في ثوب حرير، أو غصب، لم تصح صلاته، هذا المذهب بلا ريب مطلقاً، وعليه جماهير الأصحاب، وهو من المفردات، وعنه: تصح مع التحريم، اختارها الخلال، وابن عقيل، قال ابن رزين: وهو أظهر، وعنه: لا تصح عالم بالنهي، وتصح من غيره
…
إلى أن قال: فائدة:
لو لبس عمامة منهياً عنها، أو تكة وصلى فيها، صحت صلاته على الصحيح من المذهب. ولو صلى وفي يده خاتم ذهب، أو دملج، أو في رجله خف حرير، لم تبطل صلاته على الصحيح من المذهب
…
إلى أن قال:
فوائد:
منها لو جهل أو نسي كونه غصباً أو حريراً، أو حبس بمكان غصب، صحت صلاته على الصحيح من المذهب، وذكره المجد إجماعا، وعنه: لا تصح، انتهى. هذه عبارة النسخ التي رأينا في "الانصاف" هكذا حتى في مبيضة المصنف ومسودته بخط يده، وغيرهما، فلعل قول الشارح: أو محرم، سبقة قلم، من تحرير شيخنا.
مكروه. هذا إن لم يكن وقت نهي، لتحريمه. ومن اعتدل قبل التسميع، أو هوى قبل التحميد، لم يجز له الرجوع، ويسجد للسهو، من تقرير شيخنا.
قال في "الإنصاف" في اجتناب النجاسة: مراد المصنف بقوله: أو جهلها أي جهل عبنها، هل هي نجاسة أم لا حتى فرغ منها؟ أو جهل أنها كانت عليه، ثم تحقق أنها كانت عليه بقرائن؟ فأما إن علم أنها نجاسة، وجهل حكمها، فعليه الإعادة عند الجمهور وقطعوا به. انتهى.
ومن "الآداب الكبرى": أول ما يجب على الرجل من تعليم القرآن، فاتحة الكتاب وسورتان، كذا وجدته، ولعله وسورة، وإلا فلا أدري ما وجهه، مع أنه إنما يجب حفظ ما بلغ أن يجزئه في صلاته، وهو الفاتحة خاصة في الأشهر. وقد قال ابن حزم: اتفقوا على أنه إذا حفظ أم القرآن، بسم الله الرحمن الرحيم وسورة معها، فقد أدى فرض الحفظ وأنه لا يلزمه أكثر من ذلك. انتهى.
لا يكفر أحد بترك الصلاة، إلا إن دعاه الإمام، أو نائبه، ولو ضاق وقت الثانية.
وإعادة المغرب مكروهة، لكن إذا فاتت الجماعة شخصا، فلم يجد إماماً، فأعاد معه آخر، وصار إماما للمعبد، ربما زالت الكراهة لأن الجماعة واجبة على هذا، ولا تقوم إلا بمن يصلي معه.
والتمطي: هو التمغط، لقوله: يكره تمطي الرجل عند غير أمة أو زوجة، من تقرير شيخنا.
من "الكوكب المنير": من قال حين يسمع الأذان: أشهد أم لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، ورضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً، غفر له ذنبه. انتهى.
ومن "جمع الجوامع": ويتوجه في تفضيل الإمامة على الإقامة
احتمالان، والأولى تفضيل الامامة. ويستحب إقامة من أذن. انتهى.
ومن خط الحجاوي على "الإقناع": وقت الفجر يتبع الليل، فيكون في الشتاء أطول من الصيف، والعشاء على العكس. وسورتا الاخلاص: قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون، قاله ابن القيم.
قوله: الأتقى. التقوى: ترك الشرك، والفواحش، والكبائر.
قوله: إلا ضاد المغضوب، والضالين بظاء، أي سواء علم الفرق بينهما لفظاً ومعنى، أو لا.
وإذا سمع الرعد، ورأى البرق قال: سبحان من يسبح الرعد بحمده، قاله في "المبدع". انتهى من خطه.
قوله: يكره التقدم إلى صدر المسجد في السحر. وقفت عليها بخط مؤلفه، لئلا يؤذي الملائكة بوقوفه في صدره، لأنهم يكونون في الصف المقدم إذا خلا المسجد، وشوهد ذلك. انتهى.
قال شيخنا: وكذلك وضع شئ فيه من عصى ونحوها، بجامع الايذاء.
ومن خط المؤلف: اللكز: إذا ضربه بجميع كفه، وقيل: هو الوكز. انتهى.
قوله في قضاء الفوائت: لضرر في بدنه. أي فيسقط عنه القضاء على الفور، لضرر من مرض أو نصب، أو إعياء، وهو أقل من النصب، لأن النصب هو التعب، قاله شيخنا.
قوله: إلا ضاد المغضوب والضالين بظاء. ظاهر كلام "حاشية المنتهى": إن كان عاجزاً، وإلا لم تصح، وظاهر كلام غيره: ولو لم يعجز، قاله شيخنا.
ومن "الإنصاف" في سجود السهو: الرابعة طول الفصل وقصره، مرجعه إلى العرف على الصحيح من المذهب. وقيل: طول الفصل، قدر ركعة طويلة، قاله القاضي، وتمامه فيه.
من "الفروع": وإن استقبل المصلين في مكان ضيق، أقيم. وفي "الفنون": إن آثر، يعني بمكانه، ذا هيئة بعلم ودين، جاز، وليس إيثاراً حقيقة، بل اتباعاً للسنة. انتهى.
قوله: تحية مسجد. إنه إن كان في صحراء، أنه لا يصلي تحية مسجد، قاله شيخنا.
قال في "جمع الجوامع" في الحج: ولو جمعها، وصلى لها ركعتين ينوي بها عن الكل، لم يجزئه عن صلاة الكل، بل عن واحد، في ظاهر كلام أصحابنا، ويتوجه إجزاء ركعتين عن تحية المسجد، وسنة الصلاة، وصلاة الضحى. انتهى.
إذا لزم المصلي سجود أفضليته قبل السلام، فسلم على اليمين سهواً، ثم سجد للسهو قبل سلامه على الأيسر. فقال البلباني: إن كان تشهد قبل السجود، سلم في الحال من غير تشهد، وهو أولى من سجوده بعد السلام على اليسرى، لأنه لم يخرج من االصلاة بعد.
والصحيح من مذهب الحنفية أن محل سجود السهو، بعد أن يسلم على يمينه، وقبل السلام على يساره، ثم يعيد السلام على اليمين، ثم اليسرى بعده. انتهى.
من "جمع الجوامع": لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة، هل يدخل في ذلك ما على الدنانير القبارصة؟ قلت: هو داخل في الحديث، وليس ثم مانع من الدخول. قال أبو المعالي: يكره نثر الدراهم والدنانير على الركب، لوقوعها تحت أرجل الدواب. انتهى.
الظاهر إن كان ما على الدنانير صورة حيوان، دخل في الحديث، وإن كان صورة جماد، كشجر، فلا، قاله شيخنا.
قوله في ستر العورة: سترها شرط لصحة الصلاة، حتى عن نفسه
إلى آخره، فلو أدخل رأسه في جيبه في الصلاة، فنظر إلى عورته، بطلت صلاته، قاله شيخنا.
قوله: ومن صلى، ثم أقيمت صلاة، سن له إعادتها إلى آخره.
لها صور: إحداها: أن تقام الصلاة وهو في المسجد فيسن له الاعادة مطلقاً. الثانية: أن يكون في المسجد وهو جاء لقصد الاعادة ففيه تفصيل: إن كان وقت نهي، لم تجز الإعادة وإلا جازت. الثالثة:
إذا أقيمت وهو خارج المسجد، فلا يسن له الدخول، فإن دخل ودخل معهم صحت إن لم يكن وقت نهي، ولا يستحب له ذلك، وعند الشافعية: تسن الاعادة مطلقاً، من تقرير شيخنا.
قوله في "حاشية المنتهى": الظاهر أن المراد بمثله إلى آخره.
أي بأن يكون مسبوقاً بمثل ما سبق به الآخر، فلو ائتم أحد المسبوقين بصاحبه في قضاء ما فاتهما، وأحدهما فاتته ركعتان، والآخر لم يفته إلا ركعة، لم يصح ائتمام أحدهما بصاحبه. وأما إذا صحت إمامته لصاحبه بعد سلام الامام، ثم دخل معهم غيرهم، فالظاهر صحة صلاة الداخل، لأنه والحالة هذه كان إماما مستقلا بنفسه. وإن كان بين أحد المسبوقين الأولين اللذين ائتم أحدهما بصاحبه أقل من ركعة، ففيها تردد، والأقرب الصحة، لأنه لا عبرة بما دون الركعة فيمن صلى وحده، كما صرحوا به. وهل تشترط نية كل منهما عند دخولهما مع الإمام العادل، بأن أحدهما إمام بعد المفارقة، والآخر مأموم، أو لا يشترط ذلك إلا بعد فراغ الإمام الأول وسلامه عند قيامهما لقضاء ما فاتهما؟ فيه تردد، والراجح لا تشترط النية أولا، بل تكفي عند مفارقة الإمام ودخولهما في القضاء، لأنها مستثناة من قولهم: تشترط نية إمام ومأموم حالة أولاً إلا كذا. وإذا ائتم أحدهما بصاحبه بعد مفارقة الإمام، فصليا ركعة أو أكثر، ثم دخل معهما غيرهما من أول
صلاته، فالظاهر جواز ذلك، وصحة اقتدائه بذلك الامام، من تقرير شيخنا.
قوله: ومن نام حتى فاتته الصلاة انتقل من مكانه الخ. الظاهر: وكذا من نام حتى فاته ورده، سن له التحول منه، أي من منامه إلى غيره، لأنه موضع معصية، قاله شيخنا.
ولو زحم عن الصف، فنوى الانفراد، ثم زال الزحام، أو جاء آخر فوقف معه ونوى أنه مأموم، صح.
وإذا بنى الخليفة على الظن في قراءة الامام، ثم تبين أنه لم يقرأ جميع الفاتح، بطلت صلاته، كمن خلقه، قاله شيخنا.
إذا جلس المسبوق مع الإمام في التشهد، فهو بالخيار إن شاء قرأ، وإن شاء سكت، بخلاف ما إذا وافق موضع تشهد المسبوق، فيلزمه، قاله شيخنا.
قوله: ويسجد مسبوق فيما انفرد به إلى آخره. وكذا لو سها مع الإمام لأنه لا ينتحل إلا عمن دخل معه من أولها، لكن إن كان على الإمام سجود سهو، فسجد معه المسبوق، أجزأه، ما لم يسه ثانياً بعد مفارقته الإمام، فيسجد ثانياً.
وإذا ترك سجود سهو، أفضليته قبل السلام عمداً، بطلت صلاته.
ومن دخل مع الإمام ولو نفلاً، لم يجز له مفارقته إلا لعذر، وإلا بطلت. ومن وجد إماماً في آخر صلاته، ويعلم أن وراءه جماعة ثانية، فالأفضل عدم الدخول مع هذا، ويتأخر للثاني إن لم يخف فوت الوقت ولو للاختيار، لاسيما إن كان يصلح إماماً، ودخوله معه يؤدي إلى انفراد غيره. وإن دخل معه بنية أنها نفل، لم تصح، بخلاف دخوله بنية الفرض، ثم قلبها نفلاً، وهو صلاته في جماعة من أولها، وإدراكه تكبيرة إحرام، وإذا سلم الإمام ومعه مسبوق، فقام لقضاء ما فاته،
فلما صلى منه ركعة، ذكر الإمام أن عليه سجود سهو، فسجد الإمام، فإنه يسجد بعد فراغه من صلاته. وأما إن كان الإمام ذكر أنه سلم قبل إتمامها، وقام ليتمها بأن لم يقع منه مبطل بعد سلامه، فنوى المسبوق الدخول معه، فالظاهر الصحة، ويلزمه السجود. ولو لم يدخل معه المسبوق في تمام ما سها عنه الإمام، فالظاهر صحة صلاته أيضا، وعليه سجود سهو، لسهو إمامه الذي صلى معه بعض صلاته، من تقرير شيخنا.
قال في "الفروع": ويستحب انتظار الصلاة بعد الصلاة. ذكره جماعة، منهم صاحب "المغني" و "المحرر". وجلوسه بعد فجر وعصر إلى طلوعها وغروبها، لا في بقية الأوقات، نص عليه. واقتصر صاحب "المغني" و "المحرر" على الفجر، لأنه صلى الله عليه وسلم "كان لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح، حتى تطلع الشمس حسناً" رواه مسلم عن جابر، وإن قام وجلس بمكان فيه، فلا بأس، لقول الأصحاب: لا يجوز الخروج من معتكفه، وصرحوا بالمسجد، والأول أفضل وأولى. انتهى.
قال في "جمع الجوامع" لابن عبد الهادي: وذهب بعض الفقهاء إلى أن المراد بالصف الأول، أول من يدخل المسجد للصلاة فيه. قال ابن عبد البر: لا أعلم خلافاً بين العلماء أن من بكر وانتظر الصلاة وإن لم يصل في الصف الأول، أفضل ممن تأخر ثم تخطى الصفوف إلى الصف الأول. قال: وفي هذا ما يوضح أن معنى فضل الصف الأول ورد من أجل البكور إليه والتقدم.
قال ابن رجب: وحمل أحاديث الصف الأول على البكور إلى المسجد خاصة، لا يصح
…
إلى أن قال: ويضع الإمام نعليه عن يساره، والمأموم بين يديه، لئلا يؤذي غيره، قاله في "المستوعب". قلت:
هذا إن خاف عليه، أو لم يكن ثم موضع لوضع النعال، أو ليس ثم خوف، لم يضعه بين يديه، ولا عن يساره. انتهى.
قوله: أو كانت الجماعة كثيرة كره انتظاره. أي الداخل.
الظاهر: إن خاف بعدم انتظاره عداوة من الداخل، أو حدوث فتنة، لم يكره، قاله شيخنا.
قال في "الفروع": وفي رواية: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير، ثم قال: ويتوجه تخريج واحتمال يجهر، لقصد التعليم فقط، وفاقا للشافعي، وحمل خبر ابن عباس على هذا. ومنه أيضا: قبل أن يتكلم أي الكلام الذي كان ممنوعاً منه في الصلاة، أو يكون المراد قبل أن يتكلم مع غيره. انتهى.
قال في "الرعاية": ويكره أن يؤم أحد قوماً يكرهه أكثرهم ديانة، فإن صلى بهم، صحت الصلاة بشرطها. انتهى. فظهر أن العبرة بالأكثر من أهل الدين، لا بالأكثر من الجماعة، ويحتمل أن يكرهه أكثرهم ديناً، أي لأجل الدين، من تقرير شيخنا.
قوله: أو عاجز عن ركوع أو سجود إلى آخره. الظاهر: أن الذي يمد رجله عند سجوده، أو لا يقدر على السجود بشئ من الأعضاء السبعة، لا تصح إمامته إلا بمثله، إلا إمام الحي المرجو زوال علته.
قوله: فإن جهله هو والمأموم حتى انقضت الصلاة إلى آخره.
فإن انقضت صلاته فقط، وذكرها قبل انقضاء صلاة المأموم، أو انقضت صلاة بعض المأمومين مع الإمام، وذكر قبل انقضاء الباقي، هل تبطل صلاتهم كلهم أم لا؟ فيها تردد، والأقرب إلى الفهم مع عدم الجزم: إن كان ذكره بعد انقضاء صلاته، وقبل انقضاء صلاة جميع المأمومين، بطلت، وبعد انقضاء صلاة بعضهم معه، وبعض بعده، ففيها إشكال، من تقرير شيخنا.
قال في "الإنصاف": قوله: وأن يؤم نساء أجانب لا رجل معهن. يعني يكره، هذا المذهب مطلقاً.
ثم قال: فائدة: قال في "الفروع": كذا ذكروا هذه المسألة.
وظاهره كراهة تنزيه، فيكون هذا في موضع لا خلوة فيه، فلا وجه، إذ الاعتبار بكونه نسبياً محرماً، مع أنهم احتجوا، أو بعضهم، بالنهي عن الخلوة بالأجنبية، فيلزم منه التحريم، والرجل الأجنبي لا يمنع تحريمها، على خلاف ما يأتي آخر العدد، والأول أظهر، للعرف والعادة في إطلاقهم الكراهة. انتهى.
قوله: وإن كان لجهل، أو نسيان، أو آفة، لم تبطل، ولم يمنع إمامته، يعني في السورة، وإلا فالفاتحة اللحن فيها مبطل مطلقاً.
قوله: لخلل في دينه، أو فضله. الظاهر أنه إذا فعل ما يسقط مروءته مما ذكروا في الشهادات، أو صار به بخل مفرط، بأن يكون غنياً ويقصر عن فعله مثله عرفا، في مثل حباية السائل ونحوه، كره، وتكون الكراهة في حقه، من تقرير شيخنا.
ذكر ابن رجب في "الطبقات" في ترجمة أبي الفتح نصر الله ابن عبدوس الحراني، أنه صنف كتابا في تعليم العوام السلام، لما قدم أبو المعالي بن المنجا قاضياً على حران، فأمر المؤذنين بالجهر بالتسليمتين في الصلاة، وكانوا إنما يجهرون بالأولى خاصة، فرد عليه أبو الفتح، وبين أن المذهب إنما هو الجهر بالأولى خاصة، وذكر نصوص أحمد وأصحابه في ذلك، وتمامه فيه. فيؤخذ منه أن الحكم المأموم المبلغ، حكم الإمام فيما يجهر ويسر، وإلا فهم مصرحون بأن المأموم يسر، بالتسليمتين، قاله شيخنا.
من "الفتاوى المصرية": سئل عن إمام ليس من أهل العدالة، وفي البلد من يكره الصلاة خلفه، يعتقد أنه لا يصحح الفاتحة، وفي البلد أفقه منه وأقرأ؟
الجواب: أما كونه لا يصحح الفاتحة، فهذا بعيد جداً، فإن عامة الخلق من العامة والخاصة يقرؤون الفاتحة قراءة تجزئ بها الصلاة، فإن اللحن الخفي، واللحن الذي لا يحيل المعنى، لا يبطل الصلاة. وفي الفاتحة قراءات كثيرة قد قرئ بها، فلو قرأ عليهم وعليهم وعليهموا، وقرأ الصراط والسراط والزراط، فهذه قراءة مشهورة. ولو قرأ الحمد لله أو الحمد لله، أو قرأ رب العالمين، أو رب العالمين، أو قرأ نستعين بالكسر ونحو ذلك، لكانت قراءة قد قرئ بها، وتصح الصلاة خلف من قرأ بها. ولو قرأ رب العالمين بالضم، ومالك يوم الدين بالفتح، لكان هذا لحناً لا يحيل المعنى، ولا يبطل الصلاة.
وإن كان إماما راتباً، وفي البلد من هو أقرأ منه، صلى خلفه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ولا يؤمن الرجل في سلطانه". وإن كان متظاهرا بالفسق، وليس هناك من يقيم الجماعة غيره، صلى خلفه ولم يترك. لكن إن أمكن أن يصلي الجماعة خلف غير الفاسق، فعل ذلك، فإن لم يمكن أن يفعل إلا خلفه، صليت ولم تترك الجماعة.
ومن أصر على ترك الجماعة فهو آثم، ومخالف الكتاب والسنة، كما كان عليه سلف الأمة. انتهى.
ومن "جوامع الجوامع": يعذر من أكل ثوماً ونحوه. انتهى.
قال الرملي: ومن الأعذار في ترك الجمعة والجماعة، أكل ذي الريح الكريهة نيئاً. انتهى.
ومن إملاء الحجاوي على قوله: ويستحب الفصل بين الفرض والسنة، قال: الفصل يقع بقول: سبحان لله والجمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. انتهى.
يكره أن يعطي القبلة ظهره، إلا ما خص بدليل كالخطيب، قاله شيخنا.
من "الفروع": ويتوجه احتمال أن بعد يمينه ليس أفضل من قرب يساره ولعله مرادهم.
قال القاضي أبو الحسن في الطبقات في ترجمة جرمي ابن يونس: قال إمامنا لجرمي: يا جرمي، كم فضل الصلاة عند الناس من انفراد إلى الجماعة؟ فقال جرمي: خمسة وعشرون. فقال أحمد:
سمعت عبد الرزاق يقول: إنها مائة. من أجاب الداعي فهي خمسة وعشرون، ومن صلى في الصف الأول فهي خمسون ومن صلى يمين الإمام فهي خمسة وسبعون، ومن صلى في نقرة الإمام فهي مائة صلاة. انتهى.
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: يسن أربع ركعات قبل الظهره وهن قبل الراتبة، فتكون ستاً. وأما من قرب من الإمام من أيسر الصف، فالأيسر نحو ثلاثة أفضل من الأيمن نحو عشرة. انتهى.
قال في "الفروع": ويستحب أربع قبل الظهر، وأربع بعدها، وأربع قبل العصر، وأربع بعد المغرب، وقال الشيخ وهو الموفق: ست وأربع بعد العشاء غير السنن. قال جماعة: يحافظ عليها. انتهى.
ومن "شرح المنتهى لمؤلفه": أو شغل يبيح ترك الجمعة والجماعة.
لو كان ترك الجمع يعوقه عن معيشة يحتاجها فإنه يباح له الجمع في هذه الحالة. انتهى. الظاهر أن العذر والشغل المبيح لترك الجمعة والجماعة من الأعذار المذكورة أنه لا يبيح له الجمع بلا ضرر في معيشة يحتاجها، أو ضرر على نفسه أو ماله أي بأن لم يكن له في الجمع زيادة دفع ضرر، ولا جلب نفع يبيح له ترك الجمعة والجماعة، فإنه لا يجمع، من تقرير شيخنا.
قال في "الإنصاف": تنبيه: مفهوم كلام المصنف أنه إذا لم يعلم
حدثه بل جهل، وجهله مصافه أيضا، أنه لا يكون فذاً، وهو صحيح، وهو المذهب، نص عليه، وجزم به في "الفائق" وابن تميم، وقدمه في "الفروع". قال القاضي وغيره، حكمه حكم جهل المأموم حدث الإمام على ما سبق. انتهى. فظهر أن كلام القاضي مقابل للمذهب.
فإذا تصاف اثنان، وصليا ركعة أو أكثر، ثم أتى ثالث فوقف معهما، ثم بعد وقوفه ذكر أحدهما أنه محدث أو نجس، وفارقهما، فالظاهر مع الإشكال صحة صلاة الاثنين، لأنه لم يعلم حدثه حتى وقف معهما آخر، ولم يعلم صاحبه أيضا، والجهل عذر، ولا يكون كالفذ، فلا تصح صلاته، لأنه صلى ركعة كاملة مع حدث.
وإذا أتى إنسان والصف مرصوص، والإمام في التشهد الأخير، فوقف وحده، ثم بعد سلام الإمام قام لقضاء ما فاته، صحت صلاته، لأنه لم يصل ركعة كاملة فذاً.
قوله: وإن صف الأمي عن يساره الخ. ثم ذكر كلام الشرح وقوله فيه، أي شرحه على إلغاء نية الإمامة، يعني تبينا إلغاء الإمامة ببطلان صلاة المأموم، لا إلغاء نية الإمامة من الإمام، بأن ينوي الانفراد، فلا يشترط كما صرح به في باب النية والفصل قبله، من تقرير شيخنا.
من "الفروع": ولا تصح إمامة فاسق مطلقاً، وفاقا لمالك، وعنه: يكره وفاقاً لأبي حنيفة، والشافعي كما تصح مع فسق المأموم.
وفي "المغني" و "الشرح": صحة إمامة فاسق غير ظاهر الفسق، وفاقا للشافعي، واستدل بأحاديث، منها:"صل خلف من يقول: لا إله إلا الله". انتهى.
قال في "الفروع": ولو أدركها جالسين أحرم ولا يتأخر إذا للمشقة. انتهى.
قال ابن قندس في "حاشيته": ولا تأخير إذا للمشقة أي الحاصلة
بتأخير الجالس، لأن الجالس يشق تأخره، بخلاف القائم. انتهى.
وقال أيضا: وقد ذكر المصنف فيما إذا سلم الإمام، وبقي على المأموم شئ من الدعاء، أنه يتبعه، إلا أن يكون يسيراً. انتهى.
والظاهر أن المسبوق يلزمه القيام فوراً بعد سلام إمامه، لتدارك ما فاته، قاله شيخنا.
من "المغني": وإذا أم رجلين أحدهما غير طاهر، أتم الطاهر معه، وهذا يحتمل أنه أراد إذا علم المحدث بحدثه فخرج، أتم الآخر إن كان عن يمين الإمام، وإن لم يكن عن يمينه، صلى عن يمينه، كما ذكرنا.
فأما إن كانا خلفه وأتما الصلاة، لم تصح. انتهى.
وزاد في "الشرح": فأما إن كانا خلفه، وأتما الصلاة مع المحدث مع علمه بحدثه، لم تصح، وإن لم يعلمه، صح، لأنه لو كان إماماً، صح الائتمام به، فصحة مصافته أولى. انتهى. يكاد يظهر من هذا زوال الاشكال الذي في الصف المقابل، من صحة صلاة من صافه محدث يجهل ذلك، حتى وقف معهما آخر، فذكره وانصرف، قاله شيخنا.
من "الزركشي" قال: ومن صلى خلف من يعلن ببدعة، أو يسكر، أعاد.
ش: لا إشكال في فسق المعلن ومن يسكر، وإذا في صحة إمامتهما روايتان: إحداهما: تصح إمامته، قال أحمد في رواية حرب: يصلي خلف كل بر وفاجر. وسئل: هل تصح خلف من يغتاب الناس؟ فقال: لو كان من عصى لا يصلي خلفه، من يؤم الناس؟ وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"الصلاة واجبة عليكم، خلف كل مسلم، براً كان أو فاجراً، وإن عمل الكبائر". انتهى.
ومن "الفروع": وحديث أبي هريرة: "من توضأ وراح، فوجدهم قد صلوا، أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها، ولا ينقص
من أجورهم شيئاً" رواه أحمد وأبو داود. والمراد مثل أجر واحد منهم، أي ممن صلاها. انتهى.
من "الانصاف": الفائدة الخامسة: قنوت الوتر إذا أدركه المسبوق مع من يصلي الوتر بسلام واحد، فإنه يقع في محله، ولا يعيده إن قلنا: ما يدركه آخر صلاته، وإن قلنا: أولها، أعاده في الآخر ركعة يقضيها. انتهى. والمذهب، الأول.
سئل الشيخ تقي الدين عن رجل أدرك آخر جماعة وبعدها أخرى:
هل يستحب له متابعة هؤلاء في آخرها، أو ينتظر الجماعة الأخرى؟
الجواب: إذا كان المدرك أقل من ركعة، وكان بعدها جماعة أخرى، فصلى معهم في جماعة تامة، فإن هذا أفضل، لأنه يكون مصلياً في جماعة. وإن كان المدرك ركعة أو أقل من ركعة، وقلنا: إنه يكون به مدركا للجماعة، فإدراك الجماعة من أولها أفضل. فإن كانت الجماعتان سواء، فالثانية أفضل. وإن تميزت الأولى بكمال الفضيلة، أو كثرة الجمع، أو فضل الإمام، أو كونها الراتبة، فهذه من هذه الجهة أفضل، وتلك من جهة إدراكها بحدها أفضل، وقد يترجح هذا تارة وهذا تارة.
وأما إن قدر أن الثانية أكمل أفعالا وإماما أو جماعة، فهنا قد ترجحت من جهة أخرى أيضا.
وسجود التلاوة قائما، أفضل منه قاعداً، كما ذكر ذلك من ذكره من العلماء من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما. ونقل عن عائشة:
وكذا سجود الشكر. انتهى.
لا يجوز لإمام راتب بمسجد تركه وصلاة في مسجد آخر مستناب فيه، إلا إن استناب بمكانه آخر، وينعزل عن إمامة المسجد الأول رأسا، قاله شيخنا.
قوله: قيد رمح. نقل شيخنا عن شيخه أحمد بن ناصر أنه رمح
الهذيلي، وأنه طول ست أذرع باليد.
ومن جواب لأبي العباس: وأما الصلاة خلف من يعلم أنه مبتدع أو فاسق مع إمكان الصلاة خلف غيره، فأكثر أهل العلم يصححون صلاة المأموم، وهذا مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد. وإذا لم يمكن الصلاة إلا خلف المبتدع أو الفاجر، كالجمعة التي إمامها مبتدع أو فاجر، وليس هناك جمعة أخرى، فهذه تصلى خلف المبتدع والفاجر عند عامة أهل السنة والجماعة، وهو مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد، وغيرهم من أئمة الإسلام بلا خلاف. ومن قال: إن الصلاة محرمة أو باطلة خلف من لا يعرف حاله، فقد خالف إجماع أئمة أهل السنة والجماعة، وقد كان الصحابة يصلون خلف من يعرفون فجوره، كما صلى ابن مسعود وغيره من الصحابة خلف الوليد ابن عقبة بن أبي معيط، وقد كان شرب الخمر، وصلى مرة الفجر أربعاً، وجلده عثمان على ذلك. وكان ابن عمر وغيره من الصحابة يصلون خلف المختار بن أبي عبيد، وكان متهما بالإلحاد داعيا للضلال. انتهى
من "الشرح الكبير": يستحب أن يقوم إلى الصلاة إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة. قال ابن عبد البر: أجمع على هذا أهل الحرمين. وقال الشافعي: يقوم إذا فرغ من الإقامة. وقال أبو حنيفة: يقوم إذا قال: حي على الصلاة، فإذا قال: قد قامت الصلاة كبر، وكان أصحاب عبد الله يكبرون كذلك، وبه قال النخعي، واحتجوا بقوله لبلال:"لا تسبقني بآمين". فدل على أنه كان يكبر قبل فراغه. وعندنا: لا يستحب أن يكبر إلا بعد فراغه من الإقامة، وهو قول الحسن، وأبي يوسف، والشافعي، واسحاق، وعليه جل الأئمة من الأمصار. وإنما قلنا: إنه لا يكبر حتى يفرغ المؤذن، لأن النبي صلى الله
عليه وسلم إنما كان يكبر بعد فراغه. انتهى ملخصا.
ومن "جمع الجوامع" للشيخ يوسف بن حسن بن عبد الهادي:
ولأبي العباس ابن تيمية جزء سماه "المسألة الخلافية في الصلاة خلف المالكية". وصورته أنه سئل عن رجل يزعم أنه فقيه على مذهب الشافعي، قال للعامة: لا تجوز الصلاة خلف أئمة المالكية، ومن صلى خلف مالكي، لم تصح صلاته، ويلزمه إعادة ما صلى خلفه. فلما سمع العامة كلامه، امتنعوا من الصلاة خلفهم، فإذا لم يصح قوله، فما يجب عليه؟ وهل على ولي الأمر زجره وردعه ومنعه من ذلك؟
فأجاب: إطلاق هذا الكلام، من أنكر المنكرات، وأشنع المقالات، يستحق مطلقه التعزير البليغ، فإن فيه من إظهار الاستخفاف بحرمة هؤلاء الأئمة السادة، وما يوجب تغليظ العقوبة، ويدخل صاحبه في أهل البدع المضلة، فإن مذهب الإمام الأعظم مالك، إمام دار الهجرة، ودار السنة، المدينة النبوية التي سنت بها السنن، وشرعت فيها الشريعة، وخرج منها العلم والإيمان، هو من أعظم المذاهب قدراً، وأجلها مرتبة. ثم ذكر ما يرجح مذهب مالك، ثم قال: وكان له من جلالة القدر عند جميع الأمة، أمرائها وعلمائها ومشايخها وملوكها وعامتها، ما لم يكن لغيره من نظرائه، ولم يكن في وقته مثله. ومن جاء بعده من الأئمة، مثل الشافعي، وأحمد، وغيرهما، فهم أشد الناس تعظيما لأصوله وقواعده، ومتابعته فيها. وكيف يستجيز مسلم يطلق هذه العبارة الخبيثة، وقد اتفق سلف الأمة من الصحابة والتابعين على صلاة بعضهم خلف بعض، مع تنازعهم في بعض فروع الفقه، وفي بعض واجبات الصلاة ومبطلاتها. ومن نهى بعض الأمة عن الصلاة خلف بعض لأجل ما يتنازعون فيه من موارد الاجتهاد فهو من جنس أهل البدع
والضلالة. ثم احتج لذلك من الكتاب والسنة، ثم قال: وشبه هذا
المتفقه وأمثاله، ممن قد سمع بعض غلطات بعض الفقهاء، فيما إذا ترك الإمام ما يعتقد المأموم وجوبه، أو فعل ما يعتقد فسادها به، فإن من الناس من يطلق القول ببطلان صلاة المأموم مطلقاً، ومنهم من لا يصحح الصلاة خلف من لا يأتي بالواجبات حتى يعتقد وجوبها.
قال: وهذه الاطلاقات خطأ مخالف الإجماع القديم، ونصوص الأئمة المتبوعين، ثم قال: مثال ذلك أن يصلي المأموم خلف من ترك الوضوء من خروج النجاسات من غير السبيلين كالدم، أو خلف من ترك الوضوء من مس الذكر، أو ترك الوضوء من القهقهة، ويكون المأموم يرى وجوب الوضوء من ذلك، أو يكون الإمام قد ترك قراءة البسملة، أو ترك الاستعاذة، أو ترك الاستفتاح، أو ترك التكبيرات التي في الانتقال أو تسبيحات الركوع والسجود، ويكون المأموم يرى وجوب ذلك، . فالصواب المقطوع به صحة صلاة هؤلاء بعضهم خلف بعض. قال: وهذه مذاهب الأئمة وإن كان قد يحكى عن بعضهم خلاف في بعض ذلك. فهذا الشافعي كان يصلي دائما خلف أئمة المدينة ومصر، وكانوا إذاك مالكية لا يقرؤن البسملة سراً وجهراً، ولو سمع الشافعي من يطعن في صلاته خلف مشايخه، مالك وأقرانه، وهو دائما يفعل ذلك، لحكم عليه بالضلال، وعده وسائر الأمة بعد ذلك خلاف الاجماع. والإمام أحمد يرى الوضوء من الدم الكثير، فقيل له: فإن كان الإمام لا يتوضأ من ذلك، أصلي خلفه؟ فقال: سبحان الله! أنقول: إنه لا يصلي خلف سعيد بن المسيب، وخلف مالك بن أنس، أو كما قال. يعني إن هؤلاء الأئمة الذين أجمعت الأمة على الصلاة خلفهم، كانوا لا يتوضؤون من الدم من غير السبيلين، قال: وكذلك أبو يوسف، فيما أظن لما حج مع هارون الرشيد، فاحتج الخليفة، فأفتاه مالك أنه لا يتوضأ، وصلى بالناس، فقيل لأبي يوسف: أصليت
خلفه؟ فقال: سبحان الله! أمير المؤمنين! ؟ يريد بذلك أن ترك الصلاة خلف ولاة الأمور من فعل أهل البدع، كالرافضة، والمعتزلة، والخوارج، فهذه النصوص وأمثالها عن هؤلاء الأئمة تخالف من يطلق من الحنفية، والشافعية، والحنبلية، أن الامام إذا ترك ما يعتقد المأموم وجوبه، لم يصح اقتداؤه به.
قال: ومما يوضح ذلك أن مذهب عامة أئمة الإسلام، مثل مالك، والشافعي، وأحمد، أن الإمام إذا ترك الطهارة ناسياً مثل أن يصلي وهو جنب، أو محدث ناسياً لحدثه، ثم يذكر بعد صلاته، فإن صلاة المأموم صحيحة، ولا قضاء عليهم، ثم ذكر حجتهم في ذلك، ثم قال:
فإذا كانت صلاة المأموم تصح خلف إمام يجب عليه الإعادة، فخلف إمام لا يجب عليه الاعادة أولى، وذلك أن صلاة المأموم إن لم تكن مرتبطة بصلاة الإمام، وكل منهم يصلي لنفسه، فلا محذور. وإن كانت مرتبطة، فالامام معفو عنه في موارد الاجتهاد، فصلاته أيضا باجتهاد صحيحة عند المأموم. قال: وإنما غلط الغالط في هذا الأصل بحيث توهم أن المأموم يعتقد بطلان صلاة الإمام، وليس كذلك، فإنه إذا صلى باجتهاد السائغ، لم يكن في هذا الحال محكوماً ببطلان عبادته، بل بصحتها، كما يحكم بصحة حكمه في موارد الاجتهاد حتى يمتنع نقضه.
فأما فعل المحظورات ناسياً فأسهل، وإن كان أكثر الأئمة، مثل مالك، والشافعي، وأحمد في إحدى روايتيه، لا يرون الكلام في الصلاة ناسياً يبطل الصلاة، ولا يوجب الإعادة، فأما الإمام إذا فعل محظوراً متأولا، فالمخطئ كالناسي. وإذا لم تجب الإعادة عليه، فكيف لا يصح الائتمام به؟ ! ثم احتج لذلك بالسنة الصحيحة، والاجماع القديم.
ومن قال من المتفقهة أتباع المذاهب: إنه لا يصح لمن يخالفه إذا فعل
أو ترك شيئا يقدح في الصلاة عند المأموم تعود مقالته توقعه في مذاهب أهل الفرقة والبدعة، من الروافض، والمعتزلة، والخوارج، الذين فارقوا السنة، ودخلوا في الفرقة والبدعة، قال: ولهذا آل الأمر ببعض الضالين إلى أنه لا يصلي خلف من لا يرى الصلاة خلف من ترك الرفع أول مرة، وآخر لا يصلي خلف من يتوضأ من المياه القليلة، وآخر لا يصلي خلف من لا يتحرز من يسير النجاسة المعفو عنها، إلى أمثال هذه الضلالات التي توجب أيضا أن لا يصلي أهل المذهب الواحد بعضهم خلف بعض، ولا يصلي التلميذ خلف أستاذه، ولا يصلي أبو بكر خلف عمر، ولا على خلف عثمان، ولا يصلي الأنصار والمهاجرون بعضهم خلف بعض. قال: ولا يخفى على مسلم أن هذه من مذاهب أهل الضلال، وإن غلط فيها بعض الناس.
قال: فهذه الفتوى لا تحتمل بسط هذا الأصل العظيم، الذي هو جماع الدين. والواجب على ولاة الأمور، المنع من هذه البدع المضلة، وتأديب من يظهر شيئا من هذه المقالات المنكرة، وإن غلط فيها غالطون، فموارد النزاع إذا كان في إظهارها فساد عام، عوقب من يظهرها كما يعاقب من يشرب النبيذ متأولا، وكما يعاقب البغاة المتأولون.
ثم قال: وهذه الأصول الثلاثة التي يشتمل عليها هذا الواجب:
أولا - إن موارد الاجتهاد معفو فيها عن الأمة.
ثانيا - إن الاجتماع والائتلاف مما تجب رعايته.
ثالثا - أن عقوبة المعتدين متعينة، هي من أجل أصول الاسلام.
ثم ذكر ما في "الصحيحين": "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعب على طائفة منهم، وأقرهم على اجتهادهم في حياته، فبعد وفاته أولى.
ثم ذكر كلام ابن الجوزي في كتاب "السر المصون" نقلا عن ابن
عقيل: رأيت الناس لا يعصمهم من الظلم إلا العجز، ولا أقول: العوام، بل العلماء. كانت أيدي الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يوسف، وكانوا يستطيلون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع، حتى لا يمكنوهم من الجهر والقنوت، وهي مسألة اجتهادية. فلما جاءت أيام النظام، ومات ابن يوسف، وزالت شوكة الحنابلة، استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظلمة، فاستعدوا بالسجن، وآذوا العوام بالسعايات، والفقهاء بالنبذ بالتجسيم، قال: فتدبرت أمر الفريقين، فإذا بهم لم تعمل فيهم آداب العلم، وهل هذا إلا فعل الأجناد يصولون في دولتهم، ويلزمون المساجد في بطالتهم. ثم قال: نقل محمد بن سليمان ابن جعفر المنقري عن الإمام أحمد: كان المسلمون يصلون خلف من يقنت ومن لايقنت، فإن زاد فيه حرفاً، فلا تصل خلفه، أو جهر بأنا نستعينك، وعذابك الجد، فإن كنت في صلاة فاقطعها. قال صاحب "الفروع": كذا قال.
قلت: مثل هذا الكلام مع الإمام أحمد لا يقال، وإن كان في كلام أحمد إشكال، فإن صاحب "الفروع" وغيره مقلدون له، وعليه أن يسلم لكل ما ورد عنه، ولا يرد عليه، إذ ليس هو في مقام اجتهاده. انتهى ملخصا.
ومن جواب لشيخنا بعد كلام له سبق: والمقصود معرفة الحكم في نسيان الإمام لحدثه، هل هو كالجهل، أم لا؟ والظاهر أن حكم النجس كالحدث. وقول الشيخ منصور في "حاشية المنتهى": وظاهره ولو نسي بعد علمه به. ظاهره لا إن نسي الخ. ويقول أخي عبد الرحمن: إن الشيخ محمد الخزرجي قال: لا نسلم لمنصور في هذه. والشيخ مرعي جعل نسيان الحدث والنجس واحداً في بحثه، فتصح صلاة المأموم وحده. وهذا كلام الشيخ أبي العباس يذكر أن مذهب أئمة الاسلام:
إذا صلى وهو محدث، أو جنب، ناسياً، فصلاة المأموم صحيحة، فمسألتنا كذلك، والله أعلم، ومن خطه نقلت بعد المفاوضة.
من "الانصاف" قوله: إلا أن جمع المطر يختص بالعشاءين في أصح الوجهين، ثم قال: الوجه الثاني: يجوز الجمع كالعشاءين، اختاره القاضي، وأبوالخطاب، وابن تيمية، ولم يذكر ابن هبيرة عن أحمد غيره، وجزم به في "نهاية ابن رزين ونظمها" و "التسهيل" وصححه في المذهب، وقدمه في "الخلاصة" و "إدراك الغاية" و "مسبوك الذهب" و "المستوعب" و "التلخيص" و "البلغة" و "خصال ابن البنا" و "الطوفي في شرح الخرقي" و "الحاويين"، وتمامه فيه.
قال ابن عبد القوي:
وإن تركعن فذا وتصفف راكعاً
…
... تصح إذا أدركتهم غير سجد
ومن جمع الجوامع: وإن خاف فوت الركعة، فركع وحده، ثم دخل الصف، أو ركع معه آخر قبل رفعه، ورفع الإمام صحت صلاته، اختاره الأكثرون. وإن دخل في الصف أو وقف معه آخر بعد رفعه، أي الإمام من الركوع، لم تصح، اختاره الأكثر، وعنه: ما لم يسجد. انتهى.
قال في "الانصاف": قوله: وإن ركع فذاً، ثم دخل الصف، أو وقف معه آخر قبل رفع الإمام، وصحت صلاته، هذا المذهب نص عليه
…
إلى أن قال: وإن رفع ولم يسجد، صحت، يعني إذا ركع المأموم فذاً، ثم دخل في الصف راكعاً، والإمام قد رفع رأسه من الركوع ولم يسجد، فالصحة مطلقاً إحدى الروايات، وهي المذهب، جزم به في "الوجيز" ثم قال:
تنبيه: مفهوم قوله: وإن رفع ولم يسجد صحت، أنه لو رفع
وسجد إمامه قبل دخوله في الصف، أو قبل وقوف آخر معه، أن صلاته لا تصح، وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه الجمهور. انتهى.
من "المغني": إن من ركع دون الصف، ثم دخل فيه، لا يخلو من ثلاثة أحوال: الأول: إما أن يصلي ركعة كاملة، فلا تصح.
والثاني: أن يدب راكعاً حتى يدخل الصف قبل رفع الإمام رأسه من الركوع، فإن صلاته تصح، الثالث: إذا رفع رأسه من الركوع ثم دخل في الصف، أو جاء آخر فوقف معه قبل إتمام الركعة، فهذه الحال التي يحمل عليها كلام الخرقي في نص أحمد. فمتى كان جاهلاً بتحريم ذلك، صحت، وإن علم لم تصح، وعن أحمد أنه يصح، ولم يفرق وجزم به في "المنتهى" وغيره، وهذا مذهب مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، لأن أبا بكرة فعل ذلك. ولم يفرق القاضي بين من رفع رأسه من الركوع ثم دخل، وبين من دخل فيه راكعاً، وكذلك كلام أحمد والخرقي، لا تفريق فيه، والدليل يقتضي التفريق، فيحمل كلامهم عليه. انتهى.
ومن "الزركشي": إذا أدرك الإمام راكعاً، فخشي إن دخل مع الإمام في الصف أن تفوته الركعة، فركع دون الصف، أو لم يجد فرجة في الصف، فأحرم دونه ونحو ذلك، ثم دخل الصف قبل رفع الإمام من الركوع، أو وقف معه آخر، فإن صلاته تصح. وكان ابن مسعود إذا أعجل، دب إلى الصف راكعاً، وزيد بن ثابت مثله، أخرجه مالك في الموطأ.
وإن لم يدخل مع الإمام في الصف حتى رفع الإمام من الركوع، ففيه ثلاث روايات:
إحداها: يصح مطلقا، وهو الذي جزم به في "المنتهى" و "الاقناع" وغيرهما، لأنه زمن يسير، فعفي عن الفذوذية فيه، كما قبل الركوع.
وروى سعيد في سننه عن زيد بن ثابت: أنه يركع قبل أن يدخل في الصف، ثم يمشي راكعاً، ويعتد بها، وصل الصف أو لم يصل.
والثانية: إن علم بالنهي عن ذلك، لم تصح. انتهى.
قوله: أو لم ينو القصر عند دخوله في الصلاة، لزمه أن يتم كما لو نوى الصلاة، وأطلق ثم قال: فلو قال: إن أتم الإمام أتممت، وإن قصر قصرت، لم يضر ذلك في صحة صلاته. انتهى. في الفرق بينهما ثقل، إلا أن يقال: إنه نوى القصر أولاً، ثم قال: إن قصر الإمام قصرت، وإن أتم أتممت، قاله شيخنا.
قوله: استقبال نار، نقل عن البلباني: إذا كانت بينه وبين قبلته، لا إن كانت إلى جانبها، ونقل عنه أيضا: في قولهم: قطع الصف إذا كان قدر ثلاثة من أيسر الصف. قال: هذا إذا كان الإمام وسطهم، وأما إذا كان الانقطاع خلفه، فلو أكثر.
قال في "الانصاف": يجوز الجمع للمرضع للمشقة بكثرة النجاسة، على الصحيح من المذهب، نص عليه.
وقال أبو المعالي: هي كالمريض، انتهى. الذي يظهر لنا أن المرضعة تجمع، ولو لم ينجسها غالباً لكون لها خادم أو أثواب كثيرة، للنص، ولأن الحكم للغالب، فغالب المرضعات ينجسها، وقول أبي المعالي: هي كمريض. إن وجدت مشقة أو ضرراً جمعت، وإلا فلا. فتبين أن المقدم خلافه، لأنه مقابل لما قدمه، قاله شيخنا.
تجوز صلاة الجمعة في الموضع الغصب، ولو بلا ضرورة، بخلاف الطريق، فلابد من الضرورة، قاله شيخنا.
قوله: وإن أوترت بثلاث، قرأ بسبح في الأولى الخ. هل مثله من أوتر بسبع، أو خمس، أو إحدى عشرة؟ الظاهر اختصاصه بالثلاث، لكن له ثواب القراءة إن قرأ فيها، لا ثواب كثواب ذلك فيما إذا أوتر بثلاث، قاله شيخنا.
الظاهر: إعادة الصلاة في الحرمين مكروهة، لأن تعدد الأئمة فيهما مكروه، فإذا كرهت للامام، فكذلك من ائتم به، لكن من فاتته الجماعة لعذر، فأقام الصلاة ليصليها جماعة، لم تكره إعادته لأنها واجبة عليه إذا كان يصلح إماما، وكذا مأمومه الذي فاتته، تجب عليه في جماعة إذا وجدها، ويحمل قول أبي المواهب على ذلك، قاله شيخنا.
إذا قام المأموم بعد سلام إمامه لإتمام الصلاة، فذكر أنه دخل مع إمامه في أول الصلاة، لزمه سجود السهو، لأنه في حكم المنفرد، قاله البلباني.
وقال شيخنا: لا يلزمه سجود.
وإذا سلم المأموم قبل إتمام التشهد سهواً مع إمامه، فعلى قول البلباني: يسجد، وعلى قول شيخنا: لا يلزمه سجود.
ومن "جمع الجوامع": ولا بأس بقطع الصف عن يمينه أو خلفه.
وإن كان عن يساره فقال ابن حامد: إن كان بعد مقام ثلاثة رجال، بطلت صلاتهم، وهذا في صف خلفه منقطع عن يساره، وعداه بعض أصحابنا في عصرنا فجعله في صف منقطع عن اليسار خلف الصفوف، وربما كان شيخنا يميل إلى ذلك. والمختار الصحة في ذلك، وأنه لا يدخل في كلام ابن حامد، وإنما كلامه فيما يلي الإمام، لا فيما خلف الصفوف، ولهذا ميل شيخنا أبي الحسن. وقد وضع الناس المساجد بالأواوين الشرقية، يصلون فيها بصلاة الإمام قديما وحديثا.
فإن قيل: فما الفرق بين ما يلي الإمام وما خلف الصفوف؟ قيل: ما يلي الإمام حيث ما كان على اليسار لا يقال: خلفه. وما خلف الصفوف، يقال: خلفه ولو كان منقطعاً عن اليسار. انتهى.
والظاهر أن المراد إذا كان الإمام وسط الصف، بخلاف ما لو كان