الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال في "الإنصاف": تنبيه: مفهوم قوله: ويثبت بنفسه، أنه إذا كان لا يثبت إلا بشده، لا يجوز المسح عليه، وهو المذهب وتمامه فيه. فلو لبس خفا كبيرا من قدمه صغير، لم يجز المسح عليه، لأنه لا يثبت إلا بشده، قاله شيخنا.
فصل
فيما يقع للانسان: إذا أراد فعل الطاعة
، يقوم عنده شئ يحمله على تركها خوف وقوعها على وجه الرياء. والذي ينبغي عدم التفات إلى ذلك، وأن الانسان يفعل ما أمره الله به ورغبه فيه، ويستعين بالله، ويتوكل عليه في وقوع الفعل منه على الوجه الشرعي، وذكر الفضيل ابن عياض أن ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك.
ويجزيء سلام واحد من جماعة، ورد أحدهم. ويشترط أن يكونوا مجتمعين، فأما الواحد المنقطع، فلا يجزيء سلامه عن سلام آخر منقطع، كذا ذكره ابن عقيل، وظاهر كلام غيره خلافه. مر أنس بصبيان فسلم عليهم، وقال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله" متفق عليه.
قال ابن هبيرة: من سلم على رجل فقد أمنه. وإذا سلم الغائب عن البلد برسالة أو كتابة، وجبت الإجابة عند البلاغ عندنا وعند الشافعية، لأن تحية الغائب كذلك. ويستحب أن يسلم على الرسول، قيل لأحمد: فلان يقرئك السلام، فقال: عليك وعليه السلام، وقال في موضع آخر: وعليك وعليه السلام.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم: "قال له رجل: أبي يقرئك السلام، قال: عليك وعلى أبيك السلام".
قال الشافعية: يستحب بعث السلام، ويجب على الرسول تبليغه، وهذا يجب إذا تحمله لأنه مأمور بأداء الامانة، وإلا فلا يجب.
وإن دخل على جماعة فيهم علماء، سلم على الكل ثم سلم على العلماء سلاما ثانياً، ويتوجه - كما ذكر - القريب والصالح ونحوهما، لامتيازه أيضا.
ويستحب السلام أيضا على الميت في قبره ثلاث مرات، كما كرره ابن عمر. انتهى.
الظاهر فيمن سلم على جماعة أنه لا يلزمه رفع الصوت حتى يبلغ جميعهم، ولا تكراره بدليل سلام الإمام إذا دخل يوم الجمعة للخطبة، لم يقولوا: يسلم على كل صف، ولا يرفع صوته ليبلغ جميعهم، بخلاف المجالس المتفرقة، فكل مجلس وحده، وأما السوق الذي يروج بعضهم في بعض، فالظاهر يسلم على كل من لقي ولو مرارا كلما لقيه بعد مفارقة. ولا يلزمه رفع الصوت في السلام على المقابر، يسلم على جميعهم، ولا يكرر السلام في نواحي المقبرة، بل يكفي سلام واحد، قاله شيخنا.
قوله: بنخالة خالصة، ظاهره المنع من كل مطعوم.
ويسن دهن شعر اللحية كالرأس.
والتيمم بتراب المسجد لا كراهة فيه.
ولبس الأحمر والمعصفر لا يكره في بلادنا، لانتفاء العلة وهي التشبه باليهود، من تقرير شيخنا.
من "جمع الجوامع": التسبيح بالسبحة مستحب مستحسن، وما زال أكابر المشايخ من أهل التصوف والعلم يفعلون ذلك. انتهى.
قوله: فإن جاوز النفاس الأربعين وصادف عادة إلى آخره. الظاهر إذا
هجرها الحيض مدة، ثم أتاها في عادتها، فهو حيض لأنه لا حد لأكثر الطهر.
وإذا عصر على النبيذ أترجاً أو خلا، منعه من الغليان، وكذا اللبن الحامض جداً فيما يظهر.
وإذا دهن الجلد بدهن متنجس طهر الجلد بالغسل ولو لم يذهب الدهن كله، لأن الباقي عرض، من تقرير شيخنا.
قال في المفردات:
وبدخول الوقت طهر يبطل
…
... لمن بها استحاضة قد نقلوا
لا بالخروج منه لو تطهرت
…
... للفجر لم يبطل لشمس ظهرت
قال في "شرحها": لا تبطل الطهارة بخروج الوقت، إذا لم يدخل وقت صلاة أخرى من الخمس، فمن تطهرت لصلاة الصبح، لم يبطل وضوؤها بطلوع الشمس، لأنه لم يدخل وقت صلاة أخرى.
قال المجد في "شرح الهداية": ظاهر كلام أحمد أن طهارة المستحاضة تبطل بدخول الوقت دون خروجه. وقال أبو يعلى: تبطل بكل واحد منهما، ثم قال: والأول أولى. ومشى على الثاني في "الاقناع".
انتهى. وعلى الثاني: تبطل طهارتها بدخول وقت الجمعة إذا أرادت صلاتها ولو قبل انتهاء الزوال.
وكذا من به سلس البول، فإن ظهر الوقت وهو في الصلاة، لم يبطل وضؤوه، وهل يبطل بعدها أم لا؟ الظاهر بطلانه بعده، لزوال العذر، من تقرير شيخنا.
قال في "الفروع": وإذا حاضت المرأة في يوم فقال أحمد: تمسك كمسافر قدم. وجعلها القاضي كعكسها تغليبا للوجوب. وذكر في "الفصول": فيما إذا طرأ المانع روايتان. وذكره صاحب "المحرر" وتمامه فيه، وجزم به في "الانصاف".
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وأما الدم الحاصل للمرأة بسبب علة في الحمل، فليس كدم الحيض، بل كدم شجة. انتهى.
ومن جواب للشيخ أبي سهل بن ملا على الواعظ: الثالثة: فالدخول في بيت أمراء الزمان، والبيتوتة عندهم، والصلاة في تلك الأماكن التي لم تستوعب بإرثها الورثة، فحيث دعت ضرورة إلى ذلك، جاز. ولم يزل العلماء سلفاً وخلفاً يدخلون على الملوك مع ثبوت ظلمهم وجورهم، وذلك عند مسيس الحاجة إلى ذلك، إما لشفاعة أو نصيحة، أو أمر بمعروف، أو دفع ظلم عن نفسه، أو من يتعلق به، أو استدعاء الأمير له.
وقد قال سهل بن عبد الله التستري: من لم ير إمامة السلطان حقاً، فهو زنديق، ومن دعاه فلم يجب، فهو مبتدع، ومن أتاه من غير دعوى، فهو جاهل. وقد علم من الشرع وجوب طاعتهم في غير معصية الله.
قال بعض أئمتنا الماضين: كنت أفتي بالمنع من ثلاثة أشياء ثم رجعت، وذكر منها إتيان العالم السلطان، فحيث ترتب على دخوله عليه فائدة دينية، فلا بأس، بل قد يتعين هذا، والسلامة في البعد عنهم. وامتناع كثير من السلف عن الدخول عليهم ورؤيتهم، إما لعلمهم بقيام واجب نصحهم بغيرهم، فلا يتعرض لخطر الفتنة مع عدم الحاجة، وإما لعلمهم بعدم قبولهم منهم. وواجب الأمر منهم بالمعروف. ومحل النهي عن المنكر الوارد فيه الأحاديث، حيث لا يكون ذلك لغرض ديني، أو مخصوص ممن لا يأمن على نفسه الفتنة والوقوع في المحذور، أو يكون قصد الاستكثار من دنياهم، والاستطالة بالجاه عندهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأما الصلاة فيها، فعندنا تصح الصلاة في المغصوبة مع الكراهة.
والصلاة في أرض الغير بلا إذنه، قيل فيها بالكراهة، وقيل: إن كانت
لمسلم ولم تكن مكروبة أي محروثة، فلا تكره، إذ الغالب عدم إباء المسلم لذلك. انتهى.
ومن "جمع الجوامع": واختار أبو العباس كراهة الذكر قبله، مثل قول بعض المؤذنين:"وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا" 17/ 110 ويتوجه ما يفعله بعض المؤذنين قبل الإقامة من التسبيح، والتحميد، والتكبير كذلك، ويتوجه لا بأس به لينهض للصلاة. وليوجز من هو في تطوع. ولم يذكر أصحابنا الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان، كما يفعل في زماننا، وهو بدعة محدثة. ويتوجه أن يخرج كراهيته على وجهين بناء على كراهة الذكر بعده. ويتقوى عندي استحباب ذلك، إذ هو زيادة فضيلة لا تعلق لها بالدعاء إلى الصلاة، وإنما كره غيره، لأن فاعله لا يكتفي بما شرعه صلى الله عليه وسلم من الدعاء لها، وهذا ليس من هذا القبيل، ولإجماع الأمة على ذلك بعد إحداثه، وقد قال صلى الله عليه وسلم:" لا تجتمع أمتي على ضلالة".
وقال ابن رجب: في قوله صلى الله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالا يؤذن بليل، ليرجع قائمكم، وليتنبه نائمكم" تنبيه على استحباب إيقاظ النوام في آخر الليل بالأذان ونحوه من الذكر
…
إلى أن قال: وفيما ذكر دليل على أنه ليس بدعة، وظاهر كلامه الميل إلى ذلك، وهو متجه أظهر من كراهته. قلت: ومثل ذلك الذكر يوم الجمعة قبل النداء.
فرع: لا يؤذن بهذا الأذان لشئ من النوافل وفروض الكفايات غير الصلوات الخمس، وأما بغير هذا، فيسن أن ينادي لصلاة الكسوف، اختاره الأكثر. ولا ينادى لصلاة الجنازة، أختاره الأكثر.
ولا ينادى لصلاة التراويح، اختاره الأكثر، منهم أبو العباس، وعنه:
بلى، اختاره القاضي وغيره، وهو المختار لإجماع الأمة عليه، وقد أثبتها صاحب "الفروع" وغيره رواية، ولم يذكروا صفة النداء لها، ويتوجه كقول الناس اليوم: التراويح رحمكم الله. وظاهر كلام بعضهم: لا ينادى للوتر بعد التراويح، ومعناه اختيار الأكثر في التراويح، ويتوجه: بلى لإجماع الأمة عليه. وليعرف انتهاء التراويح ليفارق من له تهجد ونحوه، فيقول فيه كالتراويح: الوتر يرحمكم الله. انتهى.
قوله في "شرح الإقناع" في عدة المتوفى عنها: لأنهما عبادتان استوتا في الوجوب وضيق الوقت، فوجب تقديم الأسبق منهما إلى آخره، مثله إذا أخذ المؤذن في الأذان وهو في ذكر مشروع يفوت محله، كورد، ودخول مسجد، وفراغ وضوء ونحوهما، فالظاهر تقديمه على الأذان، ثم يقضي الأذان، قاله شيخنا.
ومن جواب لشيخ الإسلام ابن تيمية، بعد ما سئل عن مؤذن يقول عند دخول الخطيب يوم الجمعة إلى الجامع: إن الله وملائكته يصلون على النبي، فأجاب: جهر المؤذن بذلك كجهره بالصلاة، والترضي عند رقي الخطيب المنبر، أو جهره بالدعاء للخطيب والإمام ونحو ذلك، لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، ولا استحبه أحد من الأئمة، وأشد من ذلك الجهر بنحو ذلك في الخطبة، وكل ذلك بدعة.
وله أيضاً بعد كلام له سبق في المعنى: فإنه لم يستحب أحد من أهل العلم رفع الصوت بذلك، فقائل مخطيء مخالف لما عليه علماء المسلمين. وأما رفع الصوت بالصلاة، والترضي الذي يفعله بعض المؤذنين قدام بعض الخطباء في الجمع، فهذا مكروه، أو محرم باتفاق الأمة، لكن منهم من يقول: يصلي عليه سراً، ومنهم من يقول: ليسكت. انتهى.
قوله: "الإقامة إلى الإمام، والأذان إلى المؤذن الخ. لكن لو أقام بلا إذن الإمام، صح إن لم ينهه الإمام، وصرح به بعض الشافعية، قاله شيخنا.
قال الشيخ الإمام الحافظ برهان الدين البقاعي في مصنف له سماه "القول المعروف في مسألة يا دائم المعروف" بعد كلام له سبق:
وبعد، فإن بعض أتباع الشياطين قد أحدثوا في القاهرة، عقب أذان الصبح الذي مع الفجر، يا دائم المعروف، وأخذوا ذلك من مكة المشرفة، لأن سخفاء تقول ذلك على البناء الذي على زمزم بعد الأذان.
وأول ما ابتدع فيها، قام بعض أهل الخير في إبطاله فعارضه من الفقهاء من زل عن الصراط الأقوم، كما قال صلى الله عليه وسلم في رواية الطبراني:"إني أخاف على أمتي من ثلاث: من زلة عالم، وهوى متبع، وحكم جائر". فزاد هؤلاء الذين بالقاهرة أن جعلوه على موضع الأذان من المؤذن نفسه، فعمت بذلك البلوى في سنة 871، فتألمت من ذلك، وأبطلته من كل مؤذن، فقام أهل ذلك، فداروا على المفتين بالقاهرة، وحرفوا في السؤال بعض التحريف، فأفتوهم بجوازه، وأنه بدعة حسنة، فقلت لمن كلمني: يكفيهم أنهم مقرون بأنها بدعة، وأما كونها حسنة، فمن أين لهم إثباته؟ فأجبت ذاكرا مستندي في ذلك إعلاما بالحق لمن أراد، وخروجاً عن عهدته بين يدي الله، وذلك بعد تحرير محل النزاع بأنه مخالف للسنة، لئلا يظن من لا علم له بالدين أن ذلك من الأذان، فيكون فاعله شارعاً في الدين ما ليس منه. ولم ينقل ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا من القرون الثلاثة مثله "أم لهم شركاء شرعوا لهم من
الدين ما لم يأذن به الله" إذا حرر ذلك وحفظ، فقد ثبت من حديث العرباض بن سارية: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور. فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".
وذكر القاضي الطرطوشي عن حذيفة: كل عباده لم يتعبدها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تتعبدوها، فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً. ومن الأمر المبين لذلك أن يقال لمن أمر به: ما تقول في مؤذن قال هذا عقب أذانه. وآخر سكت، أيهما أفضل؟ فإن قال الذي قاله، لزمه أن يقول: إنه أفضل آذاناً من بلال، ولا شك أن من قال هذا، فقد أذن بحرب من الله ورسوله، وإن قال: بل الساكت أفضل، قيل: فأي غرض بعدول الإنسان إلى ما هو أطول؟ وغير ذلك. إن التحسين والتقبيح من غير استناد إلى نص في خصوص المسألة، وظيفة المجتهد، وهم مقلدون، فإن كان عندهم نص في هذا عن إمامتهم، أو
أحد من أصحابه، فليأتوا به، وإلا فلا عبرة بما يقوله غير الأئمة المقبولين. انتهى.
وإذا أذن مؤذن فأكثر دفعة واحدة، ولم يكن لحاجة كصغر البلد، لم يسن إلا إجابة واحدة، وما يزيد عليه، بقدر الحاجة.
قوله: يحصل العلم لجميعهم. أي يحصل الخبر لهم بالتسامع بعضهم من بعض بالأخبار فيما بينهم، لإسماعهم كلهم، لعدم تصوره، قاله شيخنا.
من "حاشية التنقيح" قوله: يقف على كل جملة، فيكون التكبير في أوله أربع جمل، والتكبير في آخره جملتين، فيقول: الله أكبر،
ويقف. وكذلك التكبيرات الباقية، وهو خلاف عادة الناس الآن. انتهى.
إذا أخذ المؤذن في الأذان وأنت في الصلاة، وفرغت قبل تمامه، هل يبدأ من أوله ولو أدى إلى كونه قضاء، أو يتابعه ثم يقضي ما فاته؟ الظاهر أنه يبدأ من أوله ولو أدى إلى كونه قضاء، حذرا من تنكيسه الأذان، مع الثقل، من تقرير شيخنا.
لا يجوز وصل الرأس بشعر ولو منه قد انفصل كمشاقته، ويجوز ربطه، والخرق أولى، قاله شيخنا.
قال ابن عطوة: وسألته عن شعر الآدمي، هل يصح بيعه واستعماله؟ فتوقف، فوجدت الصحيح تحريم ذلك، ولم أستحضر الآن ما وجدته فيه، وقال: الذي يغلب على الظن أن القرامل شئ يربط به، يجمع أطراف القرون. انتهى.
وقال أيضا: لا يجزيء الأذان عمن لم يصل مع المؤذن مطلقاً، وإذا لم يحصل سماع، لم يحصل المقصود، فلم يكن مسنوناً، وقال أبو المعالي: بحيث يسمع من تقوم به الجماعة ركن. انتهى.
من "الانصاف" قوله: فأما التي عرفت ما رفع الحيض
…
إلى أن قال بعد ذكره المذهب، وعنه: تنتظر زواله، ثم إن حاضت، اعتدت به، وإلا اعتدت سنة، ذكره محمد بن نصر المروزي عن مالك، ومن تابعه منهم محمد وهو ظاهر "عيون المسائل" و "الكافي" قلت: وهو الصواب. ونقل ابن هانيء أنها تعتد سنة. انتهى ملخصاً.
قال في الحيض: وتبطل طهارتها بخروج الوقت، وفي الثانية إن خرج، فالظاهر أن المطلق يحمل على المقيد، فلا يبطل وضوؤها إلا إن خرج منها شئ، قاله شيخنا.
من "حاشية المحرر لابن قندس" بعد كلام له سبق: ظاهره أنه لو أجاب، ثم سمع أذاناً آخر، أنه يجيب ثانيا، وينبغي أن يقيد الثاني بكونه مشروعا. انتهى.
ومن جواب لأبي العباس ابن تيمية: الإسرار بالذكر، والدعاء، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرها، هو الأفضل مطلقا، إلا لعارض راجح. وفي الحديث: خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي". انتهى.
قال في "المغني" بعد كلام له سبق: ولنا ما روى وائل بن حجر، قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا سجد، وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه" رواه النسائي والأثرم. انتهى.
ومن عبارة "الشرح الكبير" مثله، وعبارة "شرح المنتهى" لمؤلفه كذلك، وزاد: رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، والترمذي، وقال: حسن غريب. وأخرجه ابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم في "مستدركه". قال الخطابي: هذا أصح من حديث أبي هريرة
…
إلى أن قال: ثم يرفع رأسه من السجدة الثانية حال كونه مكبراً، قائما على صدر قدميه، معتمدا على ركبتيه، وفاقا لأبي حنيفة، نص أحمد على ذلك، لا على يديه، خلافاً لمالك والشافعي، وتمامه فيه.
الظاهر أن لجلسة الاستراحة ثلاث صفات على ثلاثة أقوال: أحدها:
ما ذكره في "الاقناع" وهي المذهب، أنها كالجلوس بين السجدتين.
الثاني: أن يكون على قدميه وإليتيه. الثالث: على قدميه فقط، والمذهب أنها لا تسن، قاله شيخنا.
من الغزنوي: دخل حاتم على عاصم بن يوسف، فقال:
يا حاتم، كيف يصلي؟ قال: إذا دخل وقت الصلاة، أسبغت الوضوء، ثم استوى قائما حتى تستقر أعضائي في مكاني، وأرى الكعبة بين حاجبي، والمقام بين صدري، والله فوقي، ثم أكبر بإحسان، واقرأ بتفكر، وأركع بتواضع. قال عاصم: يا حاتم، كذا صلاتك؟ قال: نعم. فبكى عاصم، وقال: ما صليت مثل هذا. (قال) يا أخي: إذا دخلت على أمير أو سلطان، ترتعد أعضاؤك من خوفه وهيبته، وتقف بين يديه بالخوف والأدب، وتتعاهد أقوالك وأفعالك كيلا يحصل شئ لا يرضاه منك الأمير، فتستوجب عقابه وعتابه، وهو مثلك محتاج مخلوق، فهل وقفت يوماً بين يدي الله مثل ما وقفت بين يدي الأمير، وهو عبد والله خالق الخلق أجمعين؟ !
ومنه أيضا: وإن كان عليه فوائت شهر أو سنة، إن كان يصلي على الترتيب من أول الشهر أو السنة، يقول: أصلي فرض آخر فجر علي قضاء، وهكذا يقول في سائر الفرائض. واعلم بأن مراعاة الترتيب في الصلاة شرط، وإنما يسقط الترتيب بإحدى ثلاث: إما النسيان، أو ضيق الوقت، أو وقوعه في حد التكرار وهو أن تزيد الفوائت على ست صلوات، فالصلاة السابعة جائزة عند أبي حنيفة، وأبي يوسف. وعند محمد، إذا زادت على خمس صلوات، فالصلاة السادسة جائزة. انتهى.
من الزركشي: وقد حكي عن الخليل بن أحمد وغيره أنهم قالوا: إن البياض لا يغيب إلا عند عند طلوع الفجر. وحكي عن أحمد أن المراد بالشفق هنا هو البياض، لما روى النعمان بن بشير قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة، يعني العشاء. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر ليلة ثالثة، رواه أحمد والنسائي والترمذي، ولا
دليل فيه، إذ ليس فيه أن ذلك أول وقتها، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخر العشاء، بل هو دليل لنا، إذ سقوط القمر ليلة ثالثة يكون عند تمكن البياض على ما قيل. انتهى.
ومن "الانصاف" قوله: إلى اصفرار الشمس. هذا إحدى الروايتين عن أحمد، اختارها المصنف، والشارح، والمجد في "شرحه"، وابن تميم، وابن عبدوس، وابن رزين، قال في "الفروع": هي أظهر، وجزم بها في "الوجيز"و "المنتخب". وعنه: إلى أن يصير ظل كل شئ مثليه، وهو المذهب، وعليه الجمهور
…
إلى أن قال: وفي "التلخيص" و "البلغة" وقت الاختيار إلى أن يصير ظل كل شئ مثليه، وبعده وقت جواز إلى الاصفرار، وبعده وقت كراهة إلى الغروب، وقال في "الكافي": يبقى وقت الجواز إلى الغروب.
قوله: مرتبا قلت الفوائت أو كثرت. هذا المذهب مطلقا، وعليه جمهور الأصحاب، وهو من المفردات، وعنه: لا يجب الترتيب. قال في "المبهج": الترتيب مستحب، واختاره في الفائت. قال ابن رجب في "شرح البخاري": وجزم بها بعض الأصحاب ومال إلى ذلك، وكان أحمد لشدة ورعه يأخذ من هذه المسائل المختلف فيها بالاحتياط، وإلا فإيجاب سنين عديدة ببقاء صلاة واحدة فائتة في الذمة، لا يكاد يقوم عليه دليل. وقد أخبرني بعض أعيان علماء الشيوخ الحنبليين أنه رأى رسول الله صللى الله عليه وسلم في النوم، وسأله عما يقول الشافعي وأحمد في هذه المسائل، أيهما أرجح؟ قال: ففهمت منه أنه أشار إلى رجحان ما يقول الشافعي. انتهى.
من "المغني": وإن ترك الواجب بعد السلام لم تبطل صلاته، لأنه جبر للعبادة خارج عنها، فلم تبطل بتركه كجبرانات الحج، وسواء كان محله بعد السلام، أو كان قبله فنسيه، فصار بعد السلام. انتهى.
يكاد يفهم منه أنه إن ترك ما محله قبل السلام ليسجد بعده، فتركه عمداً، أنها تبطل فيما يظهر، قاله شيخنا.
قال سفيان: من تعظيم الصلاة دخول المسجد قبل الإقامة، انتهى.
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وأما من تمادى في التشهد لوسوسة، أو ضعف جسم غير مانع للقيام، فلما قرأ الإمام الفاتحة وبعض السورة وقام وركع معه، كما يفعله بعض الجهال، فصلاته باطلة بلا شك لأن غير المسبوق ركن في حقه قيامه بقدر تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة، والله أعلم.
ومن "المغني": ولا بأس بالعمل اليسير للحاجة. قال أحمد: لا بأس أن يحمل الرجل ولده في الصلاة المفروضة، لحديث أبي قتادة، وحديث عائشة:"انها استفتحت الباب، فمشى إليه في الصلاة، حتى فتح لها". ولحديث: "أنه التحف بإزاره وهو في الصلاة، وقال: من فعل كفعل أبي برزة حين مشى إلى الدابة وقد افلتت منه، فصلاته جائزة". ولما روى سهل بن سعد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على منبره، فإذا أراد أن يسجد، نزل عن المنبر فسجد بالأرض، ثم رجع إلى المنبر كذلك حتى قضى صلاته". وحديث جابر في صلاة الكسوف، قال:"ثم تأخر وتأخرت الصفوف خلفه، حتى انتهينا إلى النساء، ثم تقدم وتقدم الناس معه، حتى قام في مقامه". متفق عليه.
وعن أبي بكرة: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، فكان الحسن بن علي يجيء وهو صغير، فكان كلما سجد، وثب على ظهره، ويرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه رفعاً رفيقاً، حتى يضعه بالأرض".
رواه الأثرم. وحديث: "لم يزل يدرأ البهيمة، حتى لصق بالجدار".
وحديث: " الأمر بدفع المار بين يدي المصلي، ومقاتلته إن أبى الرجوع".
فكل هذا وأشباهه، لا بأس به في الصلاة، ولا يبطلها، ولو فعل هذا لغير حاجة، كره، ولا يبطلها أيضا. انتهى.
قوله: وأعطان الإبل، ذكر شيخنا عن شيخه أحمد بن ناصر بن محمد ابن عبد القادر بن راشد ب بريد، أنه لا يسمى بذلك إلا أن تأوى إليه أكثر من الحول. ونقل عن شيخه محمد بن أحمد بن اسماعيل: ولو شهرا أو أقل، بل بما يسمى، وميله إليه. لكن نثائل القلبان وما حولها من مواضع الحياض عن الشراب، والربوة التي لا تنزل لارتفاعها، أنه يجوز الصلاة فيه. وإذا كان المراح في بيت، فالممنوع من الصلاة فيه مقرها منه، وإلا فما تمر فيه، أو تكون تقف فيه لأكل علفها ثم تسير لغيره، أنه لا يسمى عطنا، وكذلك الدكة المرتفعة في البيت، وتصح الصلاة فيه، والله أعلم، من تقرير شيخنا.
ومن "الانصاف" فائدة: قال المجد في شرحه وصاحب "مجمع البحرين" و " الحاوي الكبير" وغيرهم: ينبغي أن يكون تكبير الخفض، والرفع، والنهوض، ابتداؤه مع ابتداء الانتقال، وانتهاؤه مع انتهائه، فإن كمله في جزء منه، أجزأه، لأنه لم يخرج عن محله بلا نزاع.
وإن شرع فيه قبله، أو كمله بعده، فوقع (بعضه) خارجاً منه، فهو كتركه، لأنه لم يكمله في محله، فاشبه من تمم قراءته راكعاً، أو أخذ في التشهد قبل قعوده، وقالوا: هذا قياس المذهب، وجزم به في المذهب كما يأتي، بتكبير ركوع أو سجود ذكره القاضي وغيره وفاقا.
ويحتمل أن يعفى عن ذلك، لأن التحرز منه يعسر، والسهو به يكثر، ففي الإبطال به والسجود له مشقة. قال ابن تميم: فيه وجهان، أظهرهما الصحة، وتابعه ابن مفلح في "الحواشي" قلت: وهو الصواب، وأطلقهما في "الفروع"، ذكره في واجبات الصلاة.
وحكم التسميع والتحميد، حكم التكبير، ذكره في "الفروع" انتهى.
ومنه أيضا قوله: وإن علم بعد السلام فهو كترك ركعة كاملة.
الصحيح من المذهب أنه إذا لم يعلم بترك الركن إلا بعد سلامه، أن صلاته صحيحه، وأنه كترك ركعة
…
إلى أن قال: فعلى القول بالصحة إذا أتى بذلك، سجد للسهو قبل السلام على الصحيح من المذهب، نص عليه في رواية حرب، لأن السجود لترك الركن، والسلام تبع، وقيل: يسجد بعد السلام، لأنه سلم عن نقص. انتهى.
ظاهر هذا فيمن ترك ركناً فقط، فأما إن ترك أكثر كمن ترك الركوع، فإنه قد ترك ركنين، الركوع والرفع منه فيسجد بعد السلام، كما لو ترك ركعة فأكثر، قاله شيخنا.
قوله: يسقط الترتيب بالنسيان، أي إذا صلى الحاضرة ناسياً، أن عليه صلاة فائتة لعدم الإثم، قاله شيخنا.
الذي تحرر لنا أن وضع العباءة على كتفيه من غير أن يدخل يديه في كميها، أنه لا يكره على كلا القولين كالقباء.
وقوله: لا يزيد على ما يجزئ فيقول: ربنا لك الحمد بلا واو، من تقرير شيخنا.
قوله فيما يكره: ولف عمامة ونحوه، فإن كثر متوالياً، بطلت.
الظاهر أن التوالي هو الذي لا تفريق بينه، فلو فرق بين العمل، لم تبطل.
ويكفي قراءة نحو آية بين العملين، أو نحو ركوع.
يكفي من المصلي نفسه.
وقوله: ألقى شيئاً ومر. ظاهره: لا يكفي الخط من المار، مع أنه يكفي من المصلي نفسه.
وقوله: ستر أحد عاتقيه في فرض، لابد من ستر جميع العاتق، لا بعضه، من تقرير شيخنا.
قوله: وكذا شعر أو عقصه، قال الحجاوي على "هامش الاقناع" بخط يده: العقص: ضرب من اللي. وقال ابن الأثير: وأصل العقص اللي، وإدخال أطراف الشعر في أصوله. انتهى.
من "حاشية المحرر لابن قندس" فائدة: جاء رجل إلى فقيه فسأله: أنه صلى الخمس بوضوء لكل صلاة، قال: فلما صليت العشاء، تيقنت أن وضوءاً منها لم يصح. فأمره بالوضوء وإعادة الصلوات كلها.
فلما أعاد الصلوات، قال له: إن الوضوء الذي أعدت به لم يصح أولاز
فأمره بإعادة الوضوء، وإعادة العشاء فقط. ووجهه أن وضوء العشاء أولا لا يخلو: إما أن يصح أو لا، فإن صح، فقد صحت الصلوات الخمس التي قضاها به، وإن لم يصح فقد صحت الأربعة قبله، فلهذا ألزمناه على الأول، إعادة العشاء احتياطا، وعلى الثاني كذلك. انتهى.
قال ابن عبد القوي: فإن غلط التالي بغير تلاوة، فيعفى كلفظ النائم المتهجد. انتهى.
قوله: ولا تبطل إن أبى أن يرجع لجبران نقص. الذي ظهر مع الإشكال، أنه إذا نبه الامام قبل أن يعتدل، فلم يرجع عالما ذاكرا، أنها تبطل صلاته، لقوله في "شرحه": ولأنه أخل بواجب، وذكره قبل الشروع في ركن، ملزمة الاتيان به، كما لو لم تفارق ركبتاه الارض. انتهى.
ولقوله في "حاشية المنتهى" عن "شرحه": والحاصل أن المصلي متى مضى في موضع يلزمه الرجوع، أو رجع في موضع يلزمه المضي، عالماً بتحريمه، بطلت صلاته، كترك الواجب عمدا، وإن فعله معتقدا جوازه، لم تبطل لأنه تركه غير متعمد. انتهى.
وفيها كلام لابن النجار في "شرحه" مضطرب. وظاهر كلام الشيخ
منصور استشكالها فيما إذا أبى الإمام الرجوع إلى قول المنبهين، عالما ذاكرا، وفارقه المأموم، هل تبطل صلاته ببطلان صلاة إمامه أم لا، لأنه فارقه؟ ومفهوم "المنتهى" في ذلك ظاهر مخالف لمنطوق "الاقناع" من تقرير شيخنا.
قال ابن عطوة: سألت شيخنا عن بطحاء الدرعية - وهي معروفة عندنا بعد أن عرفته بكيفيتها - هل تصح الصلاة فيها أم لا؟ فأجاب:
لا يصلي فيها لأنها سر. انتهى.
والذي تحرر لنا كذلك لكن الزوايا التي لا يكثر سلوكها، الظاهر لنا صحة الصلاة فيها، وجواز التخلي فيها، لأنه علل بكونها ممراً، فكل ما ليس بطريق، معدومة العلة فيها، والله أعلم، قاله شيخنا.
قوله: أو لحن لحناً يحيل المعنى سهواً فيسجد له. الظاهر ولو أعاده صحيحاً، لأن السجود لما يبطل عمده واجب، ولو تعمد ذلك اللحن، بطلت صلاته، قاله شيخنا.
قوله: يفرق بين الفرض وسنته بقيام أو كلام إلى آخره. إذا انتقل من مكان إلى غيره من المسجد كفى، ولا يشترط خروجه من المسجد.
قال في "الشرح": ويستحب لمن أراد الركوع بعد الجمعة أن يفصل بينها وبينه بكلام، أو انتقال من مكانه، من تقرير شيخنا.
قوله: يكره استقبال وجه آدمي، الظاهر جميع الوجه، لا خد واحد، قاله شيخنا.
ومن جواب لمعين الدين محمد بن صفي الدين عبد الرحمن الشافعي: وأما الفرق بين المسنون، والمستحب، والمندوب، فقيل: المسنون من الأعمال: ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، أو فعله مرة، والمستحب: ما واظب عليه. والمندوب أعم. وقيل: ما علم من القول، والمستحب من المواظبة، وقيل غير ذلك، وهو اصطلاح بين الفقهاء. انتهى.
وظاهر كلام الشيخ منصور في باب الوضوء، أنهما سواء لا فرق.
الصلاة في سطح الركية أو في ما يسمى باسمها، ويقال لها: المسقاة، صحيحة فلا يقال: إنها كالحمام أو الشارع، بل هي كالمسجد، ولم يزل يصلي فيها عند الحاجة إليها قديما وحديثا من غير نكير ممن عرفنا، قاله شيخنا.
من "جمع الجوامع": قال ابن رجب بعد قوله: يستحب رفع يديه، للرفع خمس صفات:
1 -
رفعهما، وبسطهما، وجعل باطنهما إلى السماء، قال: وهذا هو المتبادر إلى الفهم.
2 -
وعكسه وهو رفعهما، وجعل ظهرهما مما يلي السماء، وبطنهما مما يلي الأرض.
3 -
ورفعهما وجعل ظهرهما إلى القبلة، أو إلى جهة المستقبل لها، وبطونهما مما يلي وجهه، قلت: هذا هو المتبادر إلى الفهم.
4 -
وعكسه وهو رفعهما وجعل ظهرهما مما يلي وجهه، وبطنهما مما يلي جهة استقباله.
5 -
الإشارة بالأصبع. انتهى.
الصلاة على السطح المغصوب، أو الذي جريده، أو خشبه غصب، أو سواريه الحاملة له، أو جدرانه غصب، لا تصح، قاله شيخنا.
لا يحل ماء آبار ثمود، غير بئر الناقة، وكذا ما كان فيها من مياه الأمطار.
ومن حمل يسير نجاسة مما لا يعفى عنه في الصلاة، كبعر الفأر، بطلت صلاته ولو جاهلا أو ناسيا، قاله شيخنا.
قال في "المغني": وقال مالك: إذا فارقت إليتاه الأرض، مضى.
وقال حسان بن عطية: إذا تجافت ركبتاه، مضى. انتهى. فإذا فارقت إليتاه الأرض، أو فارقت عقبه ناهضا للقيام ساهيا، وجب عليه السجود ولو رجع، لأنه يعد منتقلا، قاله شيخنا.
من "رسالة الإمام أحمد" بعد كلام له سبق: واعلموا لو أن رجلاً أحسن الصلاة، فأتمها وأحكمها، ثم نظر إلى من أساء في صلاته وضيعها، وسبق الإمام فيها، فسكت عنه، ولم يعلمه في إساءته في صلاته، ومسابقة الإمام فيها، ولم ينهه عن ذلك، ولم ينصحه، شاركه في وزرها وعارها، فالمحسن في صلاته، شريك المسيء في إساءته إذا لم ينهه ولم ينصحه. وجاء في الحديث عن بلال بن سعد: الخطيئة إذا خفيت، لم تضر إلا صاحبها، وإذا ظهرت فلم تغير، ضرت العامة، لتركهم ما لزمهم، وما وجب عليهم من التغيير، والإنكار على من ظهرت منه الخطيئة.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ويل للعالم من الجاهل حيث لا يعلمه". فلولا أن تعليم الجاهل واجب على العالم، لازم له فريضة، وليس تطوع ما كان له الويل في السكوت عنه، فاتقوا الله في أموركم عامة، وفي صلاتكم خاصة، واتقوا الله في تعليم الجاهل، فإن تعليمه فريضة لازمة، والتارك لذلك مخطئ آثم. وجاء في الحديث:"إذا أم القوم رجل، وخلفه من هو أفضل منه، لم يزالوا في سفال" وقد جاء في الحديث: "اجعلوا أمر دينكم إلى فقهائكم، وأئمتكم قراؤكم". انتهى.
ومن "شرح مختصر التحرير": والفعل الواحد بالشخص من جهتين، كصلاة في مغصوب، لا يستحيل كونه واجباً حراماً، ولا تصح، ولا يسقط الطلب بها، أي بالصلاة في المغصوب، من بقعة أو سترة، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد وأكثر أصحابه، والظاهرية، والزيدية، والجبائية، وقاله أبو شمر الحنفي، وحكاه المارودي عن أصبغ المالكي،
وهو رواية عن مالك، ووجه لأصحاب الشافعي، وكذا لا يسقط الطلب عندها، أي عند فعلها، وقال القاضي أبو بكر بن الباقلاني، والفخر الرازي: يسقط الطلب عندها، لا بها. قال في "المحصول": لأن السلف أجمعوا على أن الظلمة لا يؤمرون بقضاء الصلاة المؤداة في الدار المغصوبة، ولا طريق إلى التوفيق بينهما إلا بما ذكرنا. قال: وهو مذهب القاضي أبي بكر، ثم قال: وقد منع الإجماع أبو المعالي، وابن السمعاني، وغيرهما، وقد رد الطوفي ما قاله الباقلاني، فقال: لأنه لما قام الدليل عند الباقلاني على عدم الصحة، ثم ألزمه الخصم بإجماع السلف على أنهم لم يأمروا الظلمة بإعادة الصلوات، مع كثرة وقوعها منهم في أماكن الغصب، فأشكل عليه، فحاول الخلاص بهذا التوسط، فقال: يسقط الفرض عند هذه الصلاة للاجماع المذكور، لا بها، لقيام الدليل على عدم صحتها، ثم قال: لا إجماع في ذلك لعدم ذكره ونقله، كيف وقد خالف الإمام أحمد ومن معه، وهو إمام النقل وأعلم بأحوال السلف؟ ! وعن أحمد رواية: أن فعل الصلاة يحرم وتصح، وهو قول مالك، والشافعي، واختاره من أصحابنا الخلال، وابن عقيل، والطوفي. وعن الإمام أحمد رواية ثالثة: أن المصلي إن علم التحريم، لم تصح، وإلا صحت. ووجه المذهب، الأول وهو عدم الصحة مطلقاً. انتهى.
وإذا كان عليه سجود سهو محله بعد السلام، فتأخير الدعاء بعده أفضل، ليكون الدعاء آخر صلاته.
والصلاة إلى نحو لهوج لا تكره، بدليل صلاة المأموم خلف الإمام وبينهما شباك بلا كراهة، لأنهم لم ينصتوا إلا على الباب المفتوح، من تقرير شيخنا.
قوله: ومن صلى على وجه مكروه، سن له إعادتها على وجه غير