الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومساحته بقدر عرض كف في الرقيق، ولعاب البغل لا ينجس طاهر، أو بول منتضح منه مثل رؤوس الإبر، ليس بشئ. انتهى. أي ليس بشئ يجب غسله، ولا يمنع جواز الصلاة، لأنه لا يمكن الامتناع منه. انتهى من "حاشيته".
ومن "قواعد ابن نجيم الحنفي" من القاعدة السابقة، فقال:
السادس: العسر وعموم البلوى، كالصلاة مع النجاسة المعفو عنها، كما دون ربع الثوب من المخففة، وقدر الدرهم من المغلظة، ونجاسة المعذور التي تصيب ثيابه، وكان كلما غسلها خرجت، وطين الشوارع، وأثر نجاسة عسر زواله، وبول سنور في غير أواني الماء، وعليه الفتوى، وغبار السرجين، وقليل الدخان النجس.
ومن ذلك قولنا: إن النار مطهرة للروث والعذرة، فقلنا بطهارة رمادهما تيسيرا، وإلا لزمت نجاسة الخبز في سائر الأمصار.
ومن ذلك طهارة بول الخفاش وخرؤه، والبعر الذي يقع في المحلب إذا رمي قبل التفتت، وما يصيب الجلد والثوب من بخارات النجاسة على الصحيح، وما يصيبه مما سال من الكنيف مما لم يكن أكثر رأيه النجاسة. انتهى.
مسألة مهمة عند الحنفية:
الدم إذا اختلط بالبزاق لا يخلو: إما أن يكون غالبا، أو مغلوبا، أو مساويا، فإن احمر البزاق بسبب الدم، صار غالبا أو مساويا، وكلاهما معتبران في نقض الطهارة وفساد الصوم، لأنه حينئذ يكون سائلا بقوة نفسه، فيعتبر. وإن اصفر بالبزاق صار مغلوبا فلا يعتبر في نقض الطهارة وفساد الصوم، لأنه حينئذ يكون سائلا بابتلاعه فهل هو طاهر أو لا؟ قال في "الهداية": ثم ما لا يكون حدثا، لا يكون نجسا. يروى ذلك عن أبي يوسف، وهو
الصحيح، لأنه ليس بنجس حكما، حيث لم تنتقض الطهارة به.
وحد ملء الفم من القيء، أن لا يمكن الكلام معه، وقيل: أن لا يمكن ضبطه إلا بتكلف ومشقة، وهو الصحيح. انتهى.
الظاهر أنه لا يجوز أخذ ماء من ملك الغير إلا بإذنه، كالذي بحياض النخل، والسيل الراكد في العقار لملك ربه له، فإن فعل فكمغصوب، إلا على قول الشيخ ابن تيمية ومن تبعه. وأما الوضوء منه، فإن كان العقار غير محوط ولا ضرر فيه على المالك، جاز الوضوء لا الأخذ منه، قاله شيخنا.
الظاهر أن نجاسة الذئب لا يشترط لها تراب، قاله شيخنا.
الجلد إذا دبغ بنجس، أو دهن بدهن متنجس، طهر بالغسل، لأن الذي يبقى عرض، قاله شيخنا.
قوله: الفأرة تقع في السن وكان مائعا، فهو نجس. قال بعضهم: حد المائع بحيث يسيل لو فتح فم الزق. وقال غيره: بحيث لا تسري فيه وهو الأولى. وإن كل ما لا يمكن عصره كجلد البعير، أو يضره العصر كثوب الحرير، يكفي رفعه سبع مرات من الماء ما امرار يده عليه، قاله شيخنا.
الحمنانة إذا وقعت في ماء قليل، وخرجت حية، فهو طاهر.
وإن ماتت فهل هو ينجس بنجاستها، أم لا لأن لها قميصا يمنع وصول الدم إلى الماء؟ الظاهر، مع الثقل والتردد أنه لا ينجس. وأما القراد، فلا ينجسه ولو مات، قاله شيخنا.
ومن "حاشية ابن قندس" قوله: والمنزوح طهور بشرط. ظاهر كلامهم أن ذلك آخر دلو نزحت. وكلام شارح "المنتهى" اشتراط أن تسع قلتين.
وقوله: يحسب مثل نقل الماء من ركية حولها. يدل عليه كلامه في آخر الإيمان، فنقله قليلا قليلا على العادة مع قولهم: ولو لم يتصل الصب. وقول الشيخ مرعي: لا يعتبر كثرة في إضافة ونزح. لعل فيها سقطا، وإلا ففيها تناقض، قاله شيخنا.
ظاهر عبارة "التلخيص" و "الرعاية": إذا كان الماء الجاري لا يمكن رجوع أسفله إلى أعلاه، ولو حبس، فوقعت نجاسة في أسفله، إن الأعلى لا ينجس، قاله شيخنا.
قال في "الانصاف": تنبيهات: ظاهر قوله: وإن اشتبه طاهر بطهور منفرد يتوضأ من كل واحد منهما. وضوءين كاملين من هذا وضوءا كاملا منفردا ومن هذا وضوءا كاملا منفردا، وهو أحد الوجهين، وصرح بذلك وجزم به في "المغني" و"الكافي" و "الهادي"و "الوجيز" و"ابن رزين" و" الحاوي الكبير" وابن عبدرس " في تذكرته" و "المنتخب" و"المنور" و "الافادات" وغيرهم وقدمه في "الرعايتين" و "الحاوي الصغير" و "النظم" وهو ظاهر كلامه في "الهداية" و"المذهب" و "المستوعب" و "التلخيص" و "الشرح" و "المذهب الأحمد" و " المحرر" و "الخلاصة" وابن منجا في "شرحه" و " الفائق" و "ابن عبيدان" وغيرهم. قال في مجمع "البحرين": هذا قول أكثر الأصحاب.
والوجه الثاني: أنه يتوضأ وضوءا واحدا، من هذا غرفة، ومن هذا غرفة، وهو المذهب.
قوله: يتوضأ من ذا غرفة، ومن ذا غرفة. هذا مع تقاربهما،
وإلا فات التوالي. فإذا خاف فوات التوالي فالعمل بقول "المغني" أولى، بأن يتوضأ من كل منهما وضوءا كاملا. قاله شيخنا.
قال ابن تميم: هذا أصح الوجهين. قال في "تجريد العناية": هذا الأظهر. قال في "القواعد": مذهبنا يتوضأ وضوءا واحدا، وقدمه في "الفروع" و "مجمع البحرين"، وأطلقهما في "القواعد الأصولية" في موضع. وفائدة الخلاف: إذا كان عنده طهور بيقين، فمن يقول: يتوضأ وضوءين لا يصحح الوضوء منهما، ومن يقول: وضوءا واحدا من هذا غرفة ومن هذا غرفة يصحح الوضوء كذلك مع الطهور المتيقن.
الثاني: أنه لا يتحرى. وهو المذهب، انتهى.
قال في "جمع الجوامع": ولا بأس بماء سقايات الأسواق، والأحواض التي بنى بها الناس في الطرقات، ثم قال: وإن أخبره عدل بنجاسة الماء وعين السبب، قبل، وقيل: مطلقا، وفي قبول قول المميز ومستور الحال وجهان. انتهى. فقول الشيخ مرعي: وعين السبب. مخالف على قول. وكذا قوله: أولا واعتقد صدقه، لكن يعمل بهما في بعض الأحوال، مع أن الشيخ منصور جزم بضده.
ومن وطيء رطوبة بليل فلم يلزمه غسلها ولا شمها، صرح به ابن القيم، قاله شيخنا.
قال في "الانصاف": ومنها البيضة إذا صارت دما، فهي طاهرة على الصحيح، قاله ابن تميم. وقيل: نجسة. قال المجد: حكمها حكم العلقة، وأطلقهما في "الفروع". وذكر أبو المعالي وصاحب "التلخيص" نجاسة بيض مذر، واقتصر عليه في "الفروع". انتهى. وعبارة "الاقناع" بخط مؤلفه بيده: والبيضة المذرة التي كانت دما. وفي غيرها كالتي شرح عليها الشارح، والبيضة المذرة التي كانت دما، ساقط منها حرف، أو مشى على القولين فيها، قاله شيخنا.
إذا تنجس ماء كثير بالتغير، ثم زال تغيره، وقد حسر الماء عن حده الأول، فالظاهر أن جوانب الحوض التي أصابها الماء في نجاسته، أنها نجسة تحتاج لغسل، بخلاف دن الخمرة للمشقة، قاله شيخنا. قوله: يعفى عن يسير دم، ولو دم حائض ونفساء، الظاهر أنه إن لم يتعقب بولا، وإلا نجسه مخرج البول.
وولد البهيمة إذا لم يكن معه دم، فهو طاهر، فإن جهل الحال فهو طاهر، لأن الغالب خروجه بلا دم، وإنما يكون الدم بعده، ولعاب الطفل طاهر، ولو تعقب قيئا. والظاهر أن ما حول الفم كالأنف، والشفتين مثله، قاله شيخنا، قوله: سؤر ما دون الهر طاهر. الظاهر نجاسة سؤر الغراب، لأنه أكبر من الهر، وظاهر كلام منصور في "شرحه للمنتهى" أن الغراب أكبر من الهر، لأنه عد ما فوق الهر خلقة، ثم مثل بالعقاب، والصقر، والحدأة، والبومة، وغراب البين، والأبقع، وكذلك نقل عن الخزرجي نجاسة سؤر الغراب، قاله شيخنا.
إذا وطئ نجس، كحمار في ماء كثير، وطار منه رشاش، فطاهر بخلاف ما علقه ثم نفضه، كالذي بذنبه إذا نفضه، قاله شيخنا.
ما قولكم إذا تغير ماء بئر بسبب رج الآدمي لها بالدلو، هل يكون الماء طهورا، أم لا؟ وإذا كانت بئر موقوفة لنفع المسلمين، وغالبها للمصلين، فأخرج منها شخص دلواً مملوءة ماء، والحال أن الدلو وقف كذلك، أو شرع في إخراجها، ثم أتى آخر فأخذها منه، هل يكون ذلك الماء مغصوبا أم لا؟
الجواب: ماء البئر المغربة التي هي المسقاة لا بعطن، يرفع الحدث، ويزيل النجس ماؤها ولو تغير بصفرة أو كدرة، ونحو ذلك.
الثانية: إذا أخرج إنسان دلوا مملوءة، أو شرع في إخراجها وفصلها عن الماء، ملك ما فيها والحالة هذه، كتبه عبد الله بن محمد بن ذهلان
ومن خطه نقلت. إذا أمر غير مكلف بزعب ولو من بئر فهو كالغاصب، فإن أصابه شئ بسبب الزعب، ضمنه. وأما إن زعب بلا أمر، وأفرغها في القرو، فالظاهر إباحته، لعدم تموله، وكذا نقل عن البلباني مثله، وأقل ما فيه الكراهة مع الأمر، إلا بإذن وليه العدل، قاله شيخنا. وأجاب الشيخ سليمان: بأنه لا يملكها إلا بوضعها في إنائه، لأن الماء بني على الإباحة، فالفعل محرم والماء طهور. انتهى. مع أني راجعت فيها شيخنا، فجزم بمثل ما تقدم وزاد: أن ذلك الماء محرم على غير من أخرجها إلا بإذنه، وأنه يملكه بذلك الاخراج، والله أعلم. (ومنه: أنه لو تغير الماء بروث فيها على طول المدة حتى صار الماء أسود كالزفت، متغير اللون والطعم والرائحة، فإنه لا يسلبه الطهورية، لأنه يشق صون الماء عنه خصوصا الآبار التي في الموارد والله أعلم).
ومن "الآداب الكبرى" قال الخلال: أخبرني محمد بن يزيد الواسطي عن أيوب قال: سألت أباقاسم عن الغلام يسلمه أبوه إلى الكتاب، فيبعثه المعلم في غير الكتابة، فمات في ذلك العمل. قال: هو ضامن. وهذا متجه على أصل مسألتنا، كما ذكره أحمد فيمن استقضى غلام الغير في حاجة أنه يضمن. انتهى.
ما قولكم فيما إذا تغير ماء البئر بسبب حفرها، هل يسلبه الطهورية، أم لا؟ الجواب: إذا كان تغير الماء المذكور بطاهر من نزح لا يشق صونه عنه، انسلب الطهورية سواء كان بسبب الحفر أو غيره، كتبه محمد النبلي، ومن كتبه نقلت.
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: الجدار الذي فيه التمر إذا غسل وجهه غسلة واحدة وزالت النجاسة طهر، ولا يشترط زوال التمر. والودك الجامد إذا تنجس لا يطهر إلا بقلع وجهه لا بغسله، إلا عند القاضي أبي يعلي. وظاهر العجين إذا تنجس، لا يطهر بغسله.
والباب المنصوب إذا تنجس يطهر بواحدة لأنه متصل بالأرض. والتمرة إذا تنجست تطهر بالغسل. وكذلك رب التمر، والله أعلم، ومن خطه نقلت.
قوله: ولم يكن مجتمعا من متنجس يسير. مثله ساقي يجري منه الماء إلى بركة وفيه خرء غراب، أو كلب، والساقي لا يجيء قلتين، فما اجتمع في البركة فهو نجس ولو بلغ فلا لا كثيرة، بخلاف ما إذا كانت النجاسة في البركة فإنه ما دام الماء قليلا فنجس، ، وإذا كثر فطهور، قاله شيخنا. قال الشيخ أبو العباس: إذا وقعت نجاسة في ماء ولم يتغير، لم ينجس في أظهر قولي العلماء. انتهى.
من "حاشية ابن قندس" قوله: ولا تزول طهورية ماء يكفي طهره، بمائع طاهر يغيره في الأصح، وإن لم يكف فروايتان. هذه العبارة بمائع طاهر يغيره في الأصح، وإن لم يكف فروايتان. هذه العبارة ظاهرها مشكل من جهة المعنى والنقل. أما جهة المعنى فلأن ظاهرها الطهورية تزول في الصورة الأولى على قول، لقوله: في الأصح وإنها تزول في الثانية في إحدى الروايتين، وهذا مخالف لما قد عرف من قاعدة المذهب، من أن الماء إذا خالطه شئ من الطاهرات التي لها تأثير في زوال طهورية الماء إذا غيرته، وإن لم تغيره لم تسلبه الطهورية، لما قدمه ويأتي. وظاهر ذكره في المسألة المتقدمة لا يوافق ما ذكره في هذه في قاعدة المذهب، ولأن القول بزوال الطهورية في هذه المسألة على ظاهر ما ذكره، لا يوافق بعضه بعضا، لأن كلامه دل
على أنه إذا كان يكفيه لطهارته، أنه لا تزول طهوريته في الأصح. وإذا كان جنبا، وعنده ما لا يكفيه لطهارته أنه تزول طهوريته في إحدى الروايتين من غير ترجيح. ودل كلامه على أنه لا تزول طهوريته، إذا كان يكفيه لطهارة الحدث الأصغر
…
إلى أن قال:
وأما النقل فالذي عليه كلام الأشياخ المحققين أن الكلام إنما هو في جواز الطهارة منه، وعدم الجواز، وأن الظاهر يصير طهورا لما استهلك في الطهور، وأنه محكوم عليه بأنه طاهر على ما كان عليه، فما غسل به لم تحصل طهارته، لكونه بغير طهور. وأما كون الطهور يكون طاهرا لكونه لا يكفي الطهارة فليس هذا من كلامهم بل كلامهم صريح أو قريب من الصريح بأنه طهور على ما كان عليه إلا أن يكون الطاهر، بحيث لو خالفه في الصفة غيره، وأن يكون أكثر من الطهور، أو يقدر بالخل على الخلاف فيه، ثم ذكر كلام الأشياخ ثم قال:
فالحاصل أن كلام الجماعة المحققين يدل على أن الطاهر، هل يصير تبعا للطهور ويصير حكمه حكم الطهور أم هو باق على ما كان عليه؟ وأما الطهور فلم يقل أحد منهم: أنه تزول طهوريته. والمصنف ساق الخلاف في الطهور، هل تزول طهوريته أم لا؟ فما ذكروه وجهة ظاهر، وما ذكروه مخالف لما قاله المحققون وهو مشكل.
نسأل الله التوفيق للصواب. انتهى. هذا ملخص كلامه.
إذا بني جدار من طين متنجس، فما دام الجدار قائما، فظاهره طاهر بعد (مرور) المطر عليه، بخلاف باطنه. وإن دق وصار ترابا، وصب عليه ماء طهر، أشار إليه في "الانصاف". فإن وقع في بئر فصفت فظاهره. وقبل صفوها، إن كان فيه عويدات مجبولة مع
الطين فنجس. أو كان متغيرا فكذلك مع ثقلها من تقرير شيخنا.
إذا وقعت فأرة في دهن مائع، ولم يتغير بها ألقيت وما قرب منها، ويؤكل (الباقي) ويباع في أظهر قولي العلماء، قاله أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه، والمذهب خلافه.
ومن جواب له أيضا بعد كلام سبق: وأما ما عفي عنه في الجملة، كدم الجروح والدماميل، وما يعلق بالسكين من دم الشاة ونحو ذلك، فهذا إذا وقع في ماء أو مائع، فقيل: ينجسه، وبه يقول بعض أصحاب الشافعي وأحمد. والصحيح: أن هذا يعفى عنه في المائعات كما تقدم، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل أحدهم يده في خيشومه فيلوث أصابعه بالدم، فيمضي في صلاته، وكذلك كانت أيديهم تصيبها الدماميل والجراح، ولم ينقل عنهم أنهم كانوا يتحرجون من مباشرة المائعات حتى يغسلوا أيديهم. وثبت أنهم يضعون اللحم في القدر، فيبقى الدم خطوطاً، وهذا لا أعلم بين العلماء خلافاً في العفو عنه، وأنه لا ينجس باتفاقهم. انتهى.
قوله في "الانصاف": أو بنزح يبقى بعده كثير. (مفهومه) أنه لو بقى بعده قليل، أنه لا يطهر وهو المذهب، وقيل: يطهر. قال في "مجمع البحرين" قلت: تطهير الماء بالنزح لا يزيد على تحريكه، لأن التنقيص والتقليل ينافي ما اعتبره الشرع في دفع النجاسة من الكثرة، وفيه: على أنه إذا حركه فزال تغيره طهر لو كان به قليل، لكنه يدل على أنه إذا زال التغير بماء يسير أو غيره من تراب ونحوه، طهر بطريق الأولى، لا تصافه بأصل التطهير، انتهى. فظهر منه أن المقدم لا تكفي الخضخضة، لكن يكفي نزح منه ولو يسيراً مع الخضخضة.
وإن زال بها فقط، فهل يكون نجسا كالخمرة إذا خللت، أم يطهر إذا مضى زمن يصفى فيه؟ فيها ثقل، وميله (إلى) أنه لا يطهر، من تقرير شيخنا.
لا إشكال في نجاسة الماء الذي سقي فيه حمار، لأنه لا ينفك غالبا من روثه، ونقل عن البلباني مثله، وقال: هذا من باب اليقين لا الشك. وقد أشار في "شرح الاقناع" في الماء المسخن بنجس ما يعضده، قاله شيخنا.
الإمغار نجس ولو يسيرا لأنه لا يعفى عن يسير النجاسة في المطعوم ونحوه. وظاهر كلام ابن عطوة نحوه طهارته، والأول أقوى، قاله شيخنا. وميل الشيخ عبد الوهاب لكلام ابن عطوة: إذا كان يسيرا.
ومن جواب أمين الدين بن صفي الدين الشافعي: وأما تطهير الأرض من البول بالماء، فإنها تطهر إذا صب عليها ما يغيره، أي يغير صفة البول، ويجري عليها لا في الأرض الرخوة، فإنه لا يطهر إلا بقلع ترابها، كذا قاله المحاملي ووافقه المتأخرون. انتهى.
من "بدائع الفوائد" لابن القيم: كم قدر التراب المعتبر في الولوغ؟ أجاب أبو الخطاب: ليس له حد، وإنما هو بحيث تمر أجزاء التراب مع الماء على جميع الاناء. وأجاب ابن عقيل: بأن يكون بحيث تظهر صفته، ويغير الماء. وأجاب ابن الزاغوني فقال: النجاسات على ضربين:
نجاسة لا تزول عن محلها إلا بالحت والقرض والتراب الذي يظهر أثره، فذلك واجب.
الثاني: ما يكفي فيه إفراغ الماء، ففي وجوب التراب فيها
لأصحابنا وجهان: أحدهما: وجوبه عينا. والثاني ك مستحب. والقائلون بوجوبه: إذا كان المغسول مما لا يضره التراب، كالثوب ونحوه، فهل يجزئه ما يقع عليه اسم التراب وإن لم يظهر أثره؟ فيه عن أصحابنا وجهان: أحدهما: لا يجزئه إلا ما يظهر أثره. والثاني: يجزئه ما يقع عليه الاسم، وإن لم يظهر أثره. انتهى.
والظاهر أن السيل الكدر، إذا غسل به نجاسة الكلب ونحوه. أجزأ، قاله شيخنا.
إذا نزح البئر فتكدر الماء من النزح فطهور، لأن كدره في مقر الماء ولو كان في حمأة، بخلاف العطن الحادث، فإنه يسلبه الطهورية، قاله شيخنا.
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وأما الماء الذي في الأحواض، فهو في حكم الغصب، إلا عند ابن القيم ومن تبعه، والشافعي إذا علمت رضى صاحبه، أو كان عرفا. انتهى.
ومن "روض الطالب" لاسماعيل المقرئ الشافعي و "شرحه للقاضي زكريا الانصاري": وإن سقيت سكين، أو طبخ لحم بماء نجس، كفى غسلهما، ولا يحتاج إلى سقي السكين، وعلى اللحم مع عصر اللحم.
وقوله "كالروضة" على ضعيف، وهو اشتراط العصر. انتهى.
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وأما قولهم: من تيقن نجاسة شئ، أو طهارته بنى على اليقين فهذا في الأماكن والأواني والبهائم وغير المكلفين سيما المصلين، فإنهم لا يدخلون في هذا التعبير بالكلية.
ولا يخفاك أن طهارة الأشياء النجسة فيها ثلاث روايات: احداها: يطهر بواحدة، وهي مذهب مالك، ومن خطه نقلت.
ومن "الفروع" بعد كلام سبق: وفي النجاسات سبعا، نقله واختاره الاكثر وعنه: ثلاثا اختارها في "العمدة" وعنه: المعتبر زوال العين بمكاثرتها، اختاره في "المغني" و " الطريق الاقرب" وفاقا، وعنه: لا عدد. انتهى.
وإذا أفرغ إنسان دلوا في حمام ليغتسل بها، لم يجز الآخر أن يسبقه إلا بإذنه، فإن فعل فكغصب، ولأنه للأفراد وضعه، وأما إذا أفرغها في الحمام الذي جعل للوضوء، فلكل الوضوء بلا إذنه، لأنه وضع للعامة شرعا، فلا يختص به أحد، قاله شيخنا.
إذا سقي حمار في منحاة ولو مع غيره، فروث فيها ولم يلقط، أو بال في أثنائها، فظاهر نجاسة الماء الذي في اللزا، أو يخرج منه ما لم يكن يسع قلتين ولا ينقص عنهما، وليس مجتمعا من ذلك، بل قبله.
وللشريك منع شريكه من السقي على حمار في المنحاة المشتركة، لملازمة النجاسة بذلك قطعا لا شكا. كما نقل عن البلباني أن نجاسة هذا الماء لما وصف له الحال، من باب اليقين لا الشك، ولأن السريح يمر على المنحاة المختلط فيها عطن الحمار وغيره، ثم على اللزا، والدراجة، ويقع ما عليه في اللزا، ويمر على الدراجة وهو رطب، ثم المنحاة، فيعلقه العطن فيرده على الدراجة التي هي ملازمة لصب كل غرب، مع أن النجاسة في ذلك لا تعفى، ولو لم يدركها الطرف، ولقولهم: وإن وقع هو ونحوه في مائع فمات، ألقي الذائب فإن اختلطا ألقي الجميع.
وقولهم: وإن احتمل تغير الماء بشئ فيه من طاهر وغيره الخ، وقولهم: يكره الدياس على الحمير، ونقل أبو طالب: لا ينبغي. فأقل الأحوال الكراهة في ذلك، مع أن الظاهر لنا النجاسة، والمرء يحتاط لدينه، قاله شيخنا.
ومن "المدخل" لابن الحاج المالكي: الخامسة والخمسون: إذا قام المستبرئ من البول فلا يخرج بين الناس وذكره بيده، وإن كان تحته ثوب، فإن ذلك شوهة ومثله، وكثير من الناس ينقده، وقد نهي عنه. فإن كان ضرورة بالاجتماع بالناس، فيجعل عن فرجه خرقة
يشدها عليه، ثم يخرج فإذا فرغ استبرأ. انتهى.
قال في "الرعاية": ويجزئ الاستجمار بكل طاهر، جامد خشن، منق، حلال، وإن كان أرضا، أو جدارا، أو خشبا، أو خزفا ثمينا ونحو ذلك. ولا يجزئ ماله حرمة، كطعام آدمي، أو بهيمة، حتى التبن، وفي الحشيش وجهان. انتهى.
ومن "جمع الجوامع": والمستحب في الاستنجاء بالوسطى تحت البنصر. انتهى.
قال في "الإنصاف": قوله: وإن توضأ قبله، فهل يصح وضوؤه؟ على روايتين، أطلقهما في "الهداية" و "الفصول" و "الإيضاح" و "المذهب" و "المستوعب" و "الكافي" و "الهادي" و "التلخيص" و "البلغة" وابن منجا في "شرحه" وابن تميم و "تجريد العناية" وغيرهم، احداهما: لا يصح، وهو المذهب. ثم قال: الثانية: يصح، جزم به في "الوجيز" و "نهاية ابن رزين" و "المنور" و "المنتخب" وصححه في "النظم" و "التصحيح" قال في "مجمع البحرين": هذا أقوى الروايتين، واختارها المصنف، والشارح، والمجد، وابن عبدوس في "تذكرته"، والقاضي، وابن عقيل، وقدمها في "المحرر". انتهى.
ومن كتاب "المدخل" لابن الحاج المالكي: يكره له أن يستجمر في حائط يمكله، لأنه قد ينزل عليه المطر، أو يصيبه بلل من الماء، ويلصق في أحد أو غيره فتصيبه النجاسة. ولا يستجمر في حائط مملوك، أو حائط مسجد، لأنه تصرف في ملك الغير، ولا في حائط وقف، وذلك لا يجوز بل حرام بالاتفاق. انتهى.
وإذا أراد الاستجمار بالأرض، فظاهر كلام ابن عطوة أنه يكون
في ثلاثة مواضع فأكثر، لأن المكان الواحد إذا كرره فيه لوثه، قاله شيخنا.
قوله: موضع العادة. حده أبو العباس في "شرح العمدة" بأن ينتشر الغائط إلى نصف باطن الالية فأكثر، والبول إلى نصف الحشفة فأكثر، من "هامش الاقناع" بخط مؤلفه.
ومن "مختصر الغزنوي" الحنفي: ويستحب أن يستاك بعد الاستنجاء بالماء قبل الوضوء، وحالة الاستبراء. فإذا أراد التسوك، ينبغي أن يأخذ بيده اليمنى، ويبدأ بالاسنان العليا، من الجانب الأيمن، ثم الأيسر، ثم بالسفلى من الجانب الأيمن، ثم الأيسر، ثم يستاك عرضا وطولا، إلى أن يطمئن قلبه بزوال الخلوف، والمستحب ثلاث مرات بثلاث مياه، ويستاك بالمداراة خارج الاسنان وداخلها، وأعلاها وأسفلها، ورؤوس الأضراس، وبين كل سنين، ويكون رأس السواك ليناً ومحرفاً، فإن لم يكن له سواك فبأصبعه، وبالسبابة أولى.
ويدعو عند ذلك: اللهم طيب نكهتي، ونور قلبي، وطهر أعضائي، ومحص ذوبي، وأدخلني برحمتك في عبادتك الصالحين. انتهى.
ويستحب أن يتسوك ثلاثا، وفي كل مرة الماء بفيه، قاله شيخنا.
فال الشيخ ابن عطوة: سألت شيخنا عن قوله: يباح استعمال كل اناء طاهر مباح. فقال: المراد بيباح الأول أحد الاقسام الخمسة، وهي:
الواجب، والمندوب، والمباح، والمحظور، والمكروه، وبالثاني: ضد الحرام. واستشكل هذا الكلام ابن قندس، قال: لأنه جعل المباح قيدا لتعريف ما يباح، فكأنه قال: يباح المباح، ومعنى قول الفقهاء:
أو غلب على أجزائه أن تكون أجزاء المخالط للماء أكثر من أجزاء الماء. انتهى.
الظاهر لنا في غسل السطح، طهارة ما مر عليه من الماء، سواء بدأ من
أعلى السطح أو أسفله، إذا كان السطح مستويا، وإن كان فيه نجس فانفصل منه إلى طاهر، فالماء طاهر، لانفصاله عن محل طهر، وكذا لو كان في بدنه، فما دام متصلا، طهر ما أصابه فإن انفصل ثم رده، فمسلوب الطهورية، قاله شيخنا.
قوله: وإن وقع هر ونحوه ينضم دبره في مائع الخ. الظاهر أن الضفدع مثله، وكذا السحيلة، والسعودة، والأبرص، وفيما أظن أني وقفت على عبارة تعضد ذلك، وكذلك الضب ينضم دبره، وهذا الذي قرره لنا الشيخ محمد، قاله شيخنا.
قوله: يكره سؤر الفأر الخ. هل السؤر ما أكل منه ولو يسيرا من كثير أم لا؟ الظاهر أنه لا يكون سؤرا حتى يأكل نصفه، أو يكون الأكل من فرد كتمرة ونحوها، فإنه يصدق عليها أنها سؤر، والاحتياط ترك الجميع، قاله شيخنا.
قوله: يحرم بوله في طريق
…
إلى أن قال: وتحت شجرة مثمرة الخ. الظاهر أن ذلك خوف النجاسة، فإذا دفنها دفنا جيدا، أو بال بعيدا منها، بحيث لو هبت الريح لم يقع عليه من ثمرها شئ، ولم يكن في طريق المار إليها قاصدا، لم يحرم، قاله شيخنا.
والظاهر عدم جواز البول والغائط في كل مجتمع للناس، كحوش، وموسم، لأنه يحتاج له لمرور، وجلوس، ووقوف في بعض الزمن. وإذا كان في حائط كوة تفضي إلى عقار، فأراد البول فيها، فإن كان غير محوط، أي العقار، جاز ذلك، كالبول في وسطه، وإن كان محوطا ففيه شئ، لكنه أسهل من السوق، والله أعلم، قاله شيخنا.
قال الشيخ أبو بكر الجراعي الحنبلي في فوائد السواك ومنافعه (شعرا):
الحمد لله الذي هدانا
…
... فكم له من نعمة حبانا
ثم الصلاة والسلام أبدا
…
... على النبي المصطفى محمدا
وآله وصحبه الكرام
…
... القانتين في دجى الظلام
وبعد فالسواك من عرجون
…
... مندوب أو أراك أو زيتون
وشبه هذا ما عدا المضرا
…
... كفاك ربي ضرراً وشراً
كذاك عود قد غدا مفتناً
…
... عند السواك منعه لقد أتى
فظاهر القول تساوت فضلا
…
وفي احتمال الأراك أولى
بأصبع هل يحصل المراد
…
... أو خرقة إن عدم الأعواد
أو يحصلان مطلقا قد قالوا
…
أو لا تسمع إنها أقوال
وتحصل السنة إذ ذاك إذا
…
... بقدر ما أزاله من الأذى
وهو مؤكد لدى انتباه
…
... ثم القراءة في كتاب الله
كذا الصلاة مع تغير الفم
…
... ثم الوضوء والدخول فاعلم
أعني إلى المنزل يا إمامي
…
... واجعله شبراً واستمع كلامي
وباليمين اقبض أو اليسار
…
فعندنا فيه الخلاف جار
وفوقه ثلاثة قد حرروا
…
... وتحته الإبهام ثم الخنصر
ابدأ به بالجانب اليمين
…
... عرضا على الأسنان للتبيين
كذا على اللثة واللسان
…
... عليه طولا يا أخا البيان
مسنونة في سائر الأحوال
…
إلا الصيام بعد ما زوال
فإن فيه الخلف في الكراهة
…
مع الإباحة يا أخا النباهة
وجاء الاستحباب عن إمام
…
... وهو اختيار العالم الهمام
وجوبه نفي عن الإنسان
…
إلا النبي المصطفى العدنان
فإن فيه الخلف في الوجوب
…
... هذا كذاك سائر الشعوب
البيهقي قد روى مرفوعا
…
يكون خلف إذنه موضوعا
أما أبو داود حقا قد وقف
…
... هذا على زيد بن خالد وقف
فاحرص عليه كي تنال أجراً
…
... مع رضى مولاك فهو أحرى
فوائد السواك يا إخواني
…
به تزول صفرة الأسنان
يطهر الأفواه يرضي الربا
…
يسهل النزع ويبطي الشيبا
يحسن الصوت يذكي الفطنة
…
... يزيد في العقل يصيب السنة
به تقوى لثة الأسنان
…
... يزيد في فصاحة اللسان
يحد أبصاراً يزيد أجراً
…
يطيب النكهة ينفي الفقرا
يزيل أيضا حفرة الأسنان
…
...
…
ويقطع السوداء في الأبدان
ينقي الدماغ يا أخا الإحسان
…
وتحصل القوة للأبدان
صلبا قويا يذكر الشهادة
…
...
…
عند الممات لامرئ اعتاده
ينفي عذاب القبر والصداعا
…
... رطوبة الأجساد والأوجاع
ملائك الله له مصافحة
…
... حين ترى الأنوار فيه لائحة
يقطع البلغم يطرد المنام
…
... يحصل العون به على الدوام
أيضاً يكون يا أخي مصححا
…
لمعدة الآكل ذاك واضحا
به الصلاة فضلت سبعينا
…
... رواه أحمد لنا يقينا
ويهزم العدو في الضراب
…
... وفقك الرحمن للصواب
وذكروا في لفظه المنافع
…
... ترك السواك ينبغي يا سامع
لرمد أو عطش أو تخمة
…
...
…
أو خفقان قد أتى أو لقوة
أو لسعال قد عرض أو قيء
…
وقاك ربي ضرر كل شئ
هي ثلاثون من الفوائد
…
... مع خمسة لقد أتت زوائد
فاسمع هداك الله ذي المقالة
…
... لناظمها من ربه الإقالة
يسأل مولاه مجيب الداعي
…
... هو نجل زيد نسبه جراعي
يدعى أبا بكر خويدم السنن
…
وقاه مولاه مضلات الفتن
مع جملة الأصحاب والإخوان
…
السالكين لمنهج الايمان
والحمد لله على التمام
…
... ثم صلاة الله مع سلام
على النبي سيد الأنام
…
...
…
والآل والصحب لها ختام
ما ناحت الورق على الأفنان
…
وحن مشتاق إلى الأوطان
قوله في الوضوء: ثلاث. أي تعم كل مرة جميع العضو.
وغسل اليدين عن نوم الليل، إذا تركه سهوا أو جهلا، سقط بشروعه في الوضوء، قاله شيخنا.
قال في "الفروع": قال ابن الجوزي: المحرم من الدم، المسفوح. قال القاضي: فأما الدم الذي يبقى في خلل اللحم بعد الذبح، وما يبقى في العروق، فمباح، ولم يذكر جماعة إلا دم العروق. قال شيخنا: لا أعلم خلافا في العفو عنه، وأنه لا ينجس المرقة، بل يؤكل معها
…
إلى أن قال: ولا يعفى عن يسير بول خفاش، ونبيذ مختلف فيه، وودي، وقيء، وبول بغل، وحمار وعرقه وسؤره، وجلالة قبل حبسها، وعنه: بلى، وفاقا لأبي حنيفة. وكذا في رواية: أن نجس بول مأكول وروثه، وذكرها الشيخ في بول فأر، وعنه: سؤر بغل وحمار.
مشكوك فيه، فيتيمم معه. انتهى من "الانصاف". وفي رواية: لا يشترط لغسل نجاسة، ما عدى كلب وخنزير، إلا غسلة واحدة، وقال في "الوجيز":(بل) يشترط ثلاثا. انتهى.
ومن كلام أبي العباس ابن تيمية، بعد كلام له سبق: وذلك أن ما حرم الله عليهم، الدم المسفوح المصبوب المهراق، فأما ما يبقى في العروق، فلم يحرمه الله ولكن حرم عليهم أن يتتبعوا العروق كما يفعل اليهود، ثم قال: والسكين، أي سكين القصاب، يذبح بها،
ويسلخ بها، ولا يحتاج إلى غسل فإن غسل سكين القصاب بدعة، وقد ثبت أنهم كانوا يضعون اللحم في القدر، فيبقى الدم في الماء خطوطا، وهذا لا أعلم فيه بين العلماء خلافا في العفو عنه، وأنه لا ينجس باتفاقهم، وحينئذ فأي فرق بين أن يكون الدم في مرق القدر أو مائع آخر، أو كونه في سكين أو غيرها؟ ! انتهى.
قال في "الانصاف": قوله: وما أصابه فم الكلب، هل يجب غسله؟ على وجهين، وهما روايتان، وأطلقهما في "الهداية" و "المذهب" و "المستوعب" و "المغني" و "المحرر" و "الشرح" و "الفروع" وغيرهم، احداهما: يجب غسله، وهو المذهب، صححه في "النظم" وقدمه في "الكافي" و "الرعايتين" و "الحاويين" و"الخلاصة".
والوجه الثاني: لا يجب غسله بل يعفى عنه، صححه في "التصحيح" و "تصحيح المحرر"، وجزم به في "الوجيز". قلت: فيعايا بها. انتهى.
قوله: ولو استعمل الماء ولم يدخل يده في الإناء الخ بأن صب على يديه من الإناء مع الذكر للنوم ووجوب الغسل، ولم ينو غسلهما، فما حصل فيهما، فطاهر، بخلاف ما إذا كان ناسيا في الوضوء والغسل. وإن غمس يده من عليه نوم ليل بغير غسل ولا وضوء في ماء قليل، سلبه الطهورية مطلقا، سواء كان ناسيا أو عالما، أو ضدهما، (أو أحدهما) قاله شيخنا.
ومن خط الفومني: فلو استاك في طول الاسنان، أي من أطراف أسنانه، إلى عمورها، كره له على ما صرح به ابن منجا في "شرحه". انتهى.
من "الفروع"، وعنه: تطهر سكين من دم الذبيحة فقط
…
إلى أن قال: وفي دم يسير من حيض، أو خارج من السبيل، وحيوان طاهر لا يؤكل وجهان. وفي دم حيوان نجس، احتمال. وعنه: طهارة قيح ومدة، وصديد، ولا يعفى عن يسير بول خفاش. وعنه: بلى، وفاقا لأبي حنيفة. انتهى.
يسقط غسل اليدين من نوم الليل سهوا أو جهلا بشروعه في الوضوء، فلا يرجع لغسلهما، قاله شيخنا.
فائدة: قال ابن قندس: الدم الذي يبقى في خلل اللحم بعد الذبح، وما يبقى في العروق، فمباح. ثم قال في "شرح الهداية": وكذا ما يبقى على اللحم بعد السفح، حتى لو مسه بيده فظهر عليها، أو مسه بقطنة لم ينجس. نص عليه. انتهى.
فعلى هذا: النجس من الدم المحرم وهو الدم المسفوح أولا فقط، لكن إن علق السكين لكونها غير حادة، ثم أعادها في المنحر، نجسته، لأن عليها نجاسة، وأما إذا كانت حادة، فذبح بها ثم رفعها ولا دم عليها، فالظاهر أن الدم النجس هو الذي انسفح أولا، بخلاف الباقي ولا يشترط غسل المذبح والحالة هذه، والله أعلم، من تقرير شيخنا مرارا.
ومن "الفروع" قال ابن الجوزي: المحرم من الدم، المسفوح.
قال القاضي: فأما الدم الذي يبقى في خلل اللحم بعد الذبح، وما يبقى في العروق، فمباح. ولم يذكر جماعة إلا دم العروق، قال فيه شيخنا: لا أعلم خلافا في العفو عنه. انتهى.
ومن جواب للشيخ ابن تيمية بعد كلام له سبق: وأما ما عفي عنه في الجملة، كدم الجروح والدماميل، وما يعلق بالسكين من دم الشاة ونحو ذلك، فهذا إذا وقع في مائع أو ماء، فقيل: ينجسه، وبه يقول
بعض أصحاب الشافعي وأحمد، والصحيح أن هذا يعفى عنه في المائعات كما تقدم.
وقال في "عوارف المعارف" للسهروردي: كيفية الاستجمار: أن يأخذ الحجر بيساره، ويضعه على مقدم المخرج قبل ملاقاة النجاسة، ويمده بالمسح ويدير الحجر في مده حتى لا تنتقل النجاسة من موضع إلى موضع، يفعل ذلك إلى أن ينتهي إلى مؤخر المخرج، ويأخذ الثاني ويضعه على المؤخر كذلك، ويمسح إلى المقدمة، ويأخذ الثالث ويديره حول المسربة. انتهى.
ومن "روض الطالب": وأن يقول عند أول السواك: اللهم بيض به أسناني، واشدد به لثاتي، وثبت به لهاتي، وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين. انتهى.
سئل ابن تيمية عمن بيده جراحة وتوضأ وغسل وجهه، فهل يلزمه أن يتيمم عند غسل اليدين، أم يكمل وضوءه إلى آخره، ثم بعد ذلك يتيمم؟
الجواب: المسألة فيها نزاع، وهما قولان في مذهب أحمد وغيره، والصواب: أنه يؤخر التيمم حتى يفرغ من وضوئه، بل هذا هو الذي ينبغي أن يفعله إذا قيل: أنه يجمع بين الوضوء والتيمم، فإن مذهب أبي حنيفة ومالك: لا يحتاج إلى تيمم، ولكن مذهب الشافعي وأحمد أنه يجمع بينهما.
وقال في الجبيرة: وإذا جبر، مسح عليها، سواء جبرها على وضوء، أو غير وضوء و (ذلك) إذا شد عليها عصابة، ولا يحتاج إلى تيمم في ذلك، بل هذا أصح أقوال العلماء. انتهى.
قال شيخنا: لا يسع العامة العمل بغير قول الشيخ، هذا في التيمم، بأن يؤخره إلى فراغ وضوئه، وهو الذي إليه ميل الشيخ محمد،
وربما إذا قيل: لابد من الموالاة، بطل وضوؤه لعدمها، إلا من فقيه أو حاذق، من تقرير شيخنا.
ومن أجوبة شيخ الإسلام ابن تيمية: عادم الماء إذا لم يجد ترابا وعنده رمل، فإنه يتيمم ويصلي، ولا إعادة عليه عند جمهور العلماء، كمالك وأبي حنيفة وأحمد في احدى الروايتين عنه. انتهى.
ومن " الفروق": إذا نوى بتيممه الجنابة والحدث، ثم أحدث الحدث الأصغر، بطل تيممه للحدث الأصغر، ولم يبطل تيممه للجنابة. ولو قدر على استعمال الماء، ودخل عليه وقت الصلاة بطل تيممه لهما جميعا. انتهى.
قوله في بول الغلام: نضحه إلى آخره. لكن لو وقع ما تنجس به قبل غسله المعتبر له، وهو النضح في مائع، ينجسه، ولم يعف عن يسيره، ولابد من غسل ما تنجس به سبعا، قاله شيخنا.
وقال ابن الأثير: بالحاء المهملة: الرش، وبالمعجمة: أكثر. انتهى.
قال ابن قندس في "حاشيته على الفروع": وإذا حمل في صلاته مستجمرا، لم تبطل، وبه قال أبو حنيفة والشافعية، وفي وجه لهم: تبطل، لأنه لما عفي عن أثر النجاسة في محل النجو، في حق المصلي للحاجة، ولا حاجة إلى الحمل. ولنا أنه قد صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يحمل أمامة بنت بنته زينب في الصلاة، وكونها مستنجية بماء بعيد جدا في حق الأطفال، خصوصا أطفال الصحابة لغلبة الاستجمار على رجالهم. وكذا جاء عنه إذا سجد صلى الله عليه وسلم، وثب الحسن والحسين على ظهره، والظاهر كونه مستجمرا كما سبق، ولأنه صلى مع نجاسة معفو عنها، فأشبه صلاة صاحبها، انتهى ملخصا.
من "المغني" فصل: وعن أحمد رواية أخرى في السبخة والرمل،