الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من جنسه لأنه إذا اشترى بجنس ما عنده، فهو يؤدي مما في يده، فلا يفضي إلى الزيادة في الشركة. وإن لم يكن في يده نقد، ولا مثلي من جنس ما اشترى به، أو كان عنده عرض واستدان، فإن الشراء له خاصة، وربحه له، وضمانه عليه. قال في "المغني": والأولى أنه متى كان عنده من مال الشركة ما يمكنه أن يوفيه ببيعه، أنه يجوز، لأنه أمكنه أداء الثمن من مال الشركة، فأشبه ما لو كان عنده نقد، لأن هذا عادة التجار ولا يمكن التحرز منه. انتهى.
من "الانصاف" في المضاربة: وإن شرط عمل غلامه، فعلى وجهين:
أحدهما: يصح، كما يصح أن يضم إليه بهيمة يحمل عليها، وهو المذهب
…
إلى أن قال: فعلى المذهب في المسألتين، قال المصنف:
يشترط علم عمله، وأن يكون دون النصف.
فائدة: وكذا حكم المساقاة والمزارعة في المسألتين
. انتهى.
الظاهر أنه يجوز لولي اليتيم مساقاة شخص على عقاره بأقل مما يعطيه غيره للمصلحة من كونه أكثر سقياً للنخل أو أمينا، قاله شيخنا.
أخوان في مال شركة وأحدهما يستدين، فأنكر الآخر وقال: لم آمرك بالاستدانة، فقوله، أي المنكر، بيمينه، ولا يلزمه شئ. وإن أقر بالإذن وأنكر شيئا مما ذكر أخوه أنه استدانه، قبل قول الأخ، لأنه وكيل والوكيل يقبل قوله. والأحوط في مثل ذلك قول أحدهما للآخر: وكلتك تبيع وتشري وتستدين وأنا ضامن ما لزمك أو بعضه.
ولم نزل نحكم بذلك وغيرنا، والقرائن في ذلك دالة على الصدق وعدمه، من تقرير شيخنا.
قوله في "شرح المنتهى" و "الاقناع": يقبل قول المضارب المشترط النفقة: إنه أنفق من ماله، ولو بعد انفساخ المضاربة، كوصي اليتيم إذا ادعى النفقة عليه إلى آخره.
الظاهر أن جواب الشيخ سليمان بن علي صواب من أن استدانة الولي على موليه لحاجة، ككون عقاره رخيصا ويرجو غلاءه، أو ماله غائب يرجو قدومه، إن ذلك جائز مقبول قوله فيه، بخلاف ما إذا لم يكن لحاجة، كدينه عليه مع وجود ماله الحاضر، لعدم المصلحة للقاصر في ذلك. لكن إن كان الولي جاهلا، وقال: أنفقت عليه من مالي حتى أسأل أهل العلم ما يجوز لي، فله الرجوع للعذر. وأما من فهم من ذلك جواز الاستدانة مع وجود ماله الحاضر، ففهم غير مصيب، لأن المعنى أنه يقبل قول المضارب ولو بعد انفساخ المضاربة، كما يقبل قول الولي ولو بعد العزل، لأن الكل منهما أمين يقبل قوله، من تقرير شيخنا.
ومن "الانصاف": فائدة: يقبل قول الأب، والوصي، والحاكم وأمينه، وحاضن الطفل وقيمه، حال الحجر وبعده، في النفقة وقدرها وجوازها، ووجود الضرورة، والغبط، والمصلحة في البيع، والتلف.
ويحتمل أن لا يقبل قوله في الأحظية في البيع إلا ببينة. انتهى.
وإذا لم يكن وصي ولا حاكم فقام أمين بمصالح قاصر وأنفق عليه، فهو ولي له كغيره من الأولياء الذين من قبل الأب أو الحاكم، للعذر.
قوله مقبول في النفقة وقدرها وغير ذلك، وإذا تصرف ولي مطلقا بعقد بيع ونحوه، فقامت بينة عالمة بالمصلحة وعدمها أن هذا العقد لا مصلحة فيه للقاصر، فسد العقد ولو مع شهادة بينة أخرى أنه مصلحة لأن مع الأولى زيادة علم كما تقدم بينة الفساد، ويحتمل تساقطهما، قاله شيخنا.
قوله: وأمير جهاد، وناظر وقف إلى آخره.
الظاهر: وكذا ولي اليتيم يقبل قوله - ولو بعد بلوغ اليتيم بأنه باع عقاره ونحوه - إذا كان معلوما أنه ولي له. وقد حكمنا بها في الدرعية
في شخص ادعى عقاراً له وأقر وليه أنه باعه حال ولايته عليه لمصلحة. قاله شيخنا.
ومن "شرح الروض" للشافعية: ولو كان ليتيم مال غائب عن محل ولاية قاضي بلده، تولى قاضي بلد المال حفظه وتعهده، ولا يتصرف فيه للتجارة والاستنماء، ولا ينصب قيما لهما، بل ذلك لقاضي بلد اليتيم، لأن الولاية عليه ترتبط بماله، ولأنه وليه في النكاح، فكذا في المال، نقله في الأصل عن الغزالي، وأقره وجزم به البغوي والخوارزمي وغيرهما، ورجحه ابن الرفعة وغيره. قال الأوزاعي: وعليه، فلقاضي بلده العدل الأمين أن يطلب من قاضي بلد ماله إحضاره إليه عند أمن الطريق وظهور المصلحة له فيه، فيتجر له فيه ثم، أو يشتري له به عقاراً.
ويجب على قاضي بلد المال إسعافه بذلك. وكاليتيم، والمجنون، والمحجور عليه لسفه. ومال من يرجى معرفته، له، أي القاضي بيعه وصرف ثمنه في المصالح، وله حفظه. قال الأذرعي: الأحوط في هذه الأعصار صرفه في المصالح لا حفظه، لأنه يعرضه للنهب ومد أيدي الظلمة إليه. انتهى.
قال ابن قندس: قوله: ورشدا بلا حكم، فك حجرهما بلا حاكم.
ذكر المصنف في الصداق في قبض الأب صداق ابنته: هل يملك صداق البكر البالغة خلافا له؟ ثم قال: أصله، هل ينفك الحجر بالبلوغ من غير ثبوت الرشد؟ ونقله عن "الترغيب". وظاهر هذا: أنه وقع خلاف في فك الحجر بالبلوغ من غير ثبوت الرشد وهو مشكل، إلا أن يقال: معنى فك الحجر بالبلوغ أن البلوغ مظنة الرشد، فإذا بلغ، عمل بتلك المظنة وحكم بالرشد، إلا أن يعلم السفه. وظاهر كلام جماعة أنه لابد من حصول الرشد حقيقة، وأنه لا يكتفى بالبلوغ. وقد ذكر المصنف في آخر الفصل قول أحمد: إذا أنس منه رشدا إلى آخره.
وقد ذكروا في الإقرار ما ظاهره صحة إقرار البالغ وإن لم يثبت رشده ما لم يثبت سفهه، فليحرر.
وفي "الاختيارات" في الإقرار إذا قال: بعتك قبل البلوغ وقال المشتري: بعده إن القول قول المشتري، وأطال عليه. فظاهره صحة التصرف بعد البلوغ ما لم يعلم السفه، فليحرر أيضا، وتمامه فيه.
الذي تحرر لنا أنه إذا باع ثم أنكر البيع، وأقام به المشتري بينة، فلابد أن تشهد بجميع الشروط ومنها الرشد. وإن أقر بالبيع وادعى السفه، فإن كان الآن سفيها وإنه كذلك وقت البيع، أو قامت به بينة، لم يصح إلا ببينة أنه رشيد وقت البيع، وأما الرشيد الآن، فلابد من بينة تشهد بدعواه، لإقراره بالبيع ودعواه بطلانه، من تقرير شيخنا.
إذا ولى الحاكم على قاصر وليا، ثم ولى آخر، صح ذلك، ولكل منهما التصرف مفرداً والبيع على الآخر، لأنه معه كالأجنبي، قاله شيخنا.
إذا كان لغائب جزء من عقار ولا يعلم قدر نصيب الغائب، وللحاكم الكلام على مال الغائب كما في اللقطة، فرأى المصلحة في بيعه، أو دفع المضرة في البيع، أو طلبه الشريك، فولى الحاكم عدلا على بيعه ووكله الحاضر، صح ذلك، والتولية على بيع ماله لا على الغائب نفسه، من تقرير شيخنا.
قوله: ولو مطل رب الدين حتى شكاه، فما غرمه، فعلى مماطل.
مثله: إذا غصب غاصب مالا ولم يقدر مالكه على فكه إلا بحسيب كأخ، وحليف يأخذ بعضه في العادة، فإنه يرجع بما أخذ منه على الغاصب، لتسببه في ظلمه بغير حق، قاله شيخنا.
وإذا مات ميت وعليه ديون وماله لا يفي بها، فاشترى بعض الغرماء سلعة بأكثر من ثمنها أو بقدره، هل يعتد به من دينه، أم يوزع على الدين؟
الظاهر توزيعه على الغرماء ولو زاد في الثمن، لتفريطه، من تقرير شيخنا.
وإذا كان على زيد لخالد دينار، ولبكر دينار، فمات بكر وتولى خالد على أولاده، وطلب من الغريم الدينارين فدفع إليه واحدا ولم يبينه، هل هو من دينه، أو موليه؟ فإن له صرفه إلى ما شاء منهما ولو بعد موت القابض إن كان باقيا. وإن تلف الدينار في يد قابض، فالمقاصة بشرطها، قاله شيخنا. وإن دفع إليه دينارا وفاء عما له عليه إن كان، وإلا فعن خالد مما له عليه، لم يصح، لعدم الجزم بأحدهما، قاله شيخنا.
قال في "الانصاف": اعلم أنه إذا كان عليه دين أكثر من ماله وتصرف، فلا يخلو: إما أن يكون تصرفه قبل الفجر عليه أو بعده. فإن كان قبل الحجر عليه، صح تصرفه على الصحيح من المذهب ولو استغرق جميع ماله، وتمامه فيه.
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: المساقاة جائزة، لكن إذا ساقاه قبل ظهور الثمرة ثم ظهرت، ملك الجزء المشروط. فلو فسخ العامل، صح الفسخ لكونها جائزة، وعليه تمام العمل. وأما الذي ساقاه على ثمرة ظهرت، فلا إشكال أنه جائز غير لازم. فلو فسخ عامل، لا شئ له، ومالك، فعليه أجرة مثله. انتهى. وظاهر قول شيخنا خلافه فيهما.
الثمرة المكمومة لا يصح المساقاة عليها. وإذا ساقى على ثمرة بعد ظهورها، لزم العقد بمجرد الزيادة بعمل عامل. ولو ظهرت ثمرة شجرة، فهو ظهور لجميع ما في البستان ولو كان أنواعا، قاله شيخنا.
ومن جواب له أيضا: الذي استقر عندنا لزوم المساقاة، ويلزم سقي النخل الحائل كالحامل حيث صح العقد، والله أعلم، ومن خطه نقلت.
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وأما بيع العامل نصيبه في المناصبة، فجائز، لكن بشرط من يقوم مقامه، وله أن يكفل بكفيل يعمل كلما قصر عنه، لا إشكال في ذلك، والله أعلم.
ومن جواب له أيضا: وأما المغارس إذا قاسم رب الأرض، فأراد رب الأرض منع المغارس من السقي والسيل، يقول: مالك في البئر والسيل حق، فلا يمنعه، بل لصاحب الغرس أن يسقي ما دام غرسه باقيا، والغرم موزع على قدر الغنم، ومن خطه نقلت.
ومن جواب له أيضا: وإذا تصرف الصبي بعد البلوغ. ثم ادعى هو أو وليه عدم الرشد، فمع عدم بينة السفه القول قول المشتري لإدعائه الصحة، ولا يعارضه ما في الحجر، لأنه منازع في رشده ابتداء من غير تصرف تقدم ذلك، ولا ما في الإقرار، لأنه مراهق، والمراهق من قارب البلوغ ولم يبلغ، والله أعلم.
ومن جواب له أيضا: والجثجاث تحصيله على المالك، وصعود به على العامل، كما أن على المالك تحصيل طلع الفحال، وعلى العامل العمل به. وإذا عجز العامل أو هرب عن العمل بعد ظهور الثمرة فقد ملكها، ولا يجوز للمالك المساقاة عليها بجزء منها، بل الواجب أن يستأجر من يسقي ما كان على العامل من العمل، ويدفع أجرة ذلك دراهم، ويأخذ ما غرم من نصيبه من الثمرة، فإن لم يف نصيبه، أخذه من مال العامل.
والمرهون تشترط رؤيته، فلا يصح رهن الثمرة المكمومة بما يستر عن المتعاقدين، والله أعلم. انتهى من خطه.
ومن "الانصاف": قوله: أو كان الاشتراك في الغراس والأرض، فسد، وجها واحداً. وقال الشيخ تقي الدين: قياس المذهب صحته.
قال في "الفائق": قلت: وصحح المالكيون المغارسة في الأرض الملك لا الوقف، بشرط استحقاق العامل جزءاً من الأرض مع القسط
من الشجر. انتهى.
قال في "الكافي": ويتولى الأب مال الصبي والمجنون، ثم وصيه، ثم الحاكم. ومن شرط ثبوت الولاية، العدالة، كذا بلا خلاف. انتهى.
الذي تقرر لنا أن الفاسق لا ولاية له على ابنه كغيره مطلقا، قاله شيخنا.
الحاكم وأمينه إذا باعا مال مفلس أو تركة ميت وظهر فيها عين مستحقة، فلا ضمان عليهما، كوكيل الرهن إذا علم أنه وكيل، قاله شيخنا.
قوله: وطلب، أي المدين، أن يرسم عليه الحاكم، بأن يطلب منه رهناً أو ضامناً، فقال: رسموا على حتى أقترض، لزم الحاكم إجابته.
قوله: لا يملك غير المدين وفاء عنه مع امتناعه إلى آخره.
أي إذا أراد غير المدين وفاء عن المدين من مال المدين، لأن ذلك إلى الحاكم، فلو أدى عنه من ماله بنية الرجوع، رجع.
قوله: قال الشيخ في قلب الدين على المعسر إلى آخره.
هذا إن خاف الحبس، وأما الكلام ونحوه فليس عذراً، فيصح القلب والحالة هذه، وطلبه مع علمه بعسرته محرم.
قوله: فسخ العقد إلى آخره.
فلو وقف الورثة، لم ينفذ، وكذا المشتري بخلاف العتق، فإنه ينفذ. ورشد الأنثى حفظ ما بيدها وما في بيتها عن البهائم غالبا، والاستيفاء على خادمها فيما دفعته لها، وأن لا تنفق مالها فيما لا نفع فيه، أو تغبن غبنا فاحشا، وعن شراء المحرمات لذاتها كالخمر، بخلاف المحرم لحق الغير كالمغصوب، فإنه يوجب الفسق لا السفه، من تقرير شيخنا.
قوله: أب عدل.
فإن لم يكن، ولا حاكم، جاز من يحفظ ماله عادة، لأن المعتبر في كل زمان بحسبه.
قوله: لا يبيع نساء.
إذا لم يكن فيه مصلحة لليتيم، مع أنه لو طلب قبض الثمن في المجلس، تعطلت أحكام ماله، لكن لا يبيع إلا على مليء لا يخاف منه غرر، وكذا إجارته ولو كان فاسقا. والعادة جارية بذلك قديما وحديثا، قاله شيخنا.
قال ابن عطوة: الولي إذا قدر على فعل الأصلح ولم يفعل، كان متعديا. وإذا نكل الوكيل عن اليمين مع شاهده، لزمه الضمان إن كان مليئا. وإن كان عديما، حلف الموكل مع شاهد الوكيل، قاله البرزلي. انتهى.
ما قولكم في رجل استأجر أرضا وأشرك فيها آخر، وبذر فيها المستأجر بعض البذر، وعمل هو وشريكه فيها بعض العمل، ثم أراد الشريك فسخ الشركة، فقال الذي أشركه: ما نفسخها، فطلق عن شركتك، فإن كان لي أجرة في عملي فادفعه إلي، وإلا فأنت بريء. هل تجوز القسمة أم إعطاؤه أجرة مثله، أم يكونا شريكين ويستأجر مكانه إذا لم يعمل، أم هو مثل عامل المساقاة إذا فسخها قبل ظهور الثمرة؟
أجاب الشيخ ابن عطوة من خطه: الذي يظهر لي أن هذه الزراعة تشتمل على أنواع من الشركة.
فمن حيث أن كلا منهما يعمل ببدنه مباشرة أو استنابة هي شركة أبدان.
ومن حيث أن كلا يدفع مالا معلوما، هي شركة عنان، لكن لا يتمشى هذا إلا على القول بجوازها بالعروض وهو المرجوح في المذهب.
ومن حيث أن كلا منهما يستأجر ويستدين بوجهه، هي شركة وجوه. ولا مانع من اجتماع الأنواع، فقد صرح الأصحاب بجوازه.
وإن لم ينتفع، رجع مجانا.
وأفتى أبو العباس فيمن له في الأرض فلاحة لم ينتفع بها، أن له قيمتها بعد الفسخ حتى يحكم بلزومها أو عدمه، وليس كعامل المساقاة لعدم الجامع بينهما. والفرق أن المعقود عليه في المساقاة الثمرة، وهي عدومة لا العمل. فإذا أعرض عن المعقود عليه قبل وجوده، لم يستحق منه شيئا، وبهذا صرح الأصحاب بأنه بعد وجود الثمرة، على استحقاق نصيبه فيها، ويلزمه تمام العمل. وفي الشركة، المعقود عليه المال أو العمل، فالمال لابد من وجوده، والعمل إن وجد بعضه، استحق مع الفساد أو الفسخ مؤجر أجرة عمله، هذا آخر ما وجدته من كلامه.
ومن "شرح المنتهى" لمؤلفه: وكذلك نص في رواية أبي طالب فيمن عليه دين لرجل، وقد مات وعليه ديون للناس، فقضى عنه دينه بالدين الذي عليه، أنه يبرأ به في الباطن. وإن أراد من بيده عين جهل مالكها، أن يتملكها ويتصدق بقيمتها عن مالك، جاز، وتمامه فيه.
ومن كلام تقي الدين: المال المشترك إذا تعذرت معرفة قدر نصيب كل شريك، وعدم الصلح، إما لتعذره بان يكونا يتيمين، أو وقفين، أو وقفا ويتيما، أو غائبين، وإما لامتناع أحدهما من الصلح، فكيف يجعل بينهما؟ وهذا يقع كثيرا في مثل ناظر يتيم أو وقف يقبض ويخلط بماله، ويموت قبل البيان. ومثل وقفين خلط النظار أحدهما بالآخر بحيث تعذرت معرفة أصول الأموال التي لكل منهما. ثم الاختلاط يكون تارة معصية، وتارة لا ذنب لأحد فيه، بأن يعتقد الوكيل لهما
أنهما أذنا في الخلط، أو ينخسف سقف فيه حنطة على آخر ونحو ذلك. وذد ذكر في "الدعاوى" أنهما لو تداعيا عينا ليست بيد أحد، فهل تقسم، أو يقرع؟ على وجهين: فإن جعلنا الدعوى كاليد قسمنا وإن لم نجعلهما كاليد، توجهت القرعة، لكن لا يدعي كل من الشريكين إلا بعض المشترك، فيتوجه أن يقال: إذا لم يعرف هل نصيب كا منهما مثل الآخر، أو أقل أو أكثر، قسم بينهما على السواء، كما لو أقر أن هذه العين بينه وبين زيد ولم يفسر، فإنا نحمله على التسوية ولا نقبل تفسيره بغير ذلك، بخلاف الإنشاء. وكذلك ينبغي لو شهد شاهدان، فإذا كنا نعلم مطلق الشركة ببينة أو إقرار، فنحمله على التسوية كذلك إذا علمناه بالمشاهدة أو الاستفاضة، بخلاف ما لو أعطينا كلا منهما اليقين واقرعنا في المشكوك فيه، فإنا لم نعلم أن المشكوك فيه لأحدهما، بل يجوز أن يكون لهما أيضا. أما إذا علمنا أن بعض الأعيان لأحدهما وشككنا في عينه فهنا القرعه هي المعينة، ولا وجه للقسمة. وإن علمنا أن نصيب أحدهما أكثر، دفعنا إليه اليقين، وقسمنا المشكوك فيه. انتهى.
من "الرعاية": وتصح المزارعة على زرع نابت يحتاج إلى عمل ينمو به أو يكمل به نموه. انتهى.
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وأما العامل فلا يجوز له أن يزرع شيئا من أنواع الزراعات إلا بإذن المالك، فإن فعل فغاصب. انتهى.
من "روضة ابن عطوة": إذا زرع بعض الورثة في الأرض الموروثة بقدر حقه، فلا رجوع عليه بذلك، قال البرزالي. انتهى. المذهب خلافه، قاله شيخنا.
وإذا تعذر الماء في المساقاة: فتكميل نصيب العامل له مع عدم سقيه،
إضرار بالمالك مع عدم التفريط من المالك. وإيجاب العمل عليه مع عدم الماء، إضرار به، ففيها ثقل. وقد نقل عن الشيخ منصور أنه قال:
كأنه لم يحصل من العامل تفريط، وقول القائل: إنه كالإجارة إذا تلفت العين بفعل الله فيكون كل شئ بقدره، قريب، قريب من الصواب، لكن الجزم به يحتاج إلى دليل، قاله شيخنا.
شخص عنده دين لميت، فطلب أحد الورثة نصيبه، فلما جاء به قال: أقرضني هذا ففعل، صح، وتقع المقاصة، قاله شيخنا.
إذا اختلف المالك والعامل في قدر السقي في المساقاة، فقول عامل لأنه أمين سواء كان مشروطاً عليه أدوار أم لا. وإن كان جعالة على أدوار واختلفا في سقيها، فمع حضور المالك وحسابه، فقوله، ومع غيبته فقول عامل إن صدقه الحس فيهما، قاله شيخنا.
قال في "الانصاف": وقيل: إن المساقاة عقد لازم، قاله القاضي وغيره. قال في "الفروع": والمنصوص: وعلى شجر يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر. قال الشيخ: وإن لحاكم الحكم بلزومها في محل النزاع فقط. انتهى.
ومن كلام ابن تيمية: وإذا ترك العامل العمل حتى فسدت الثمرة، فينبغي أن يجب عليه ضمان نصيب المالك، وينظر كم يجيء لو عمل بطريق الاجتهاد، كما يضمن لو يبس الشجر، وهذا لأن ترك العمل من غير فسخ العقد حرام وغرور، وهو سبب في عدم هذا الثمر، فيكون كما لو تلفت الثمرة تحت اليد العادية، كالضمان بالتسبب بالاتلاف، لاسيما إذا انضم إليه اليد العادية. واستيلاء على الشجر مع عدم الوفاء بما شرطه، هل هو يد عادية؟ فيه نظر، لكن تسبب في الإتلاف. هذا في الفوائد نظير المنافع، فإن المنافع لم توجد، وإنما الغاصب منع من استيفائها، وحاصله أن الإتلاف نوعان: إعدام موجود،
وتفويت معدوم انعقد سبب وجوده، وهذا تفويت. وعلى هذا:
فالعامل في المزارعة إذا ترك العمل، فقد استولى على الأرض وفوت نفعها، فينبغي أن يضمن أيضا ضمان إتلاف، أو ضمان إتلاف ويد، لكن هل يضمن أجرة المثل، أو يضمن ما جرت به العادة في مثل تلك الأرض، مثل أن يكون الزرع في مثلها معروفا فيقاس به بمثلها؟
أما على ما ذكر أصحابنا، فينبغي أن يضمنها بأجرة المثل، والأصوب الأقيس بالمذهب أن يضمن بمثل ما نبت، وعلى هذا فلا يكون ضمان يد، وإنما هو ضمان تغرير. والمزارعة أحل من الإجارة، لاشتراكهما في الغنم والمغرم. انتهى.
قوله: الكلف السلطانية ما لم يكن شرط إلى آخره.
الذي ظهر لنا: أنه إذا ساقاه ببعض الثمرة للعامل والبعض للمالك بارداً من الخسائر، صح ذلك، ويكون الغرم على عامل وعكسه بعكسه. فإذا جاء خسر غير معتاد، هل يلزمه كله أو المعتاد فقط؟
الأقرب لا يلزمه إلا المعتاد، وقاله شيخنا.
المساقاة تشتمل الفحال إذا كان في العقار، إلا إن كان في مكان لا ينتفع بماء العامل. وإذا تشقق بعض الثمرة، لزمت المساقاة في جميع البستان، والظاهر ولو فحالا، لشمول المساقاة له. والعشب الذي يكون في حياض النخل، ككلأ، لا يمنع منه من أخذه، إلا على قول الشيخ ابن تيمية: إنه لمن نما بعمله.
وإذا كمل ماء البئر، لزم المالك الحفر، ولا يلزم العامل جذب الماء الكدر. وإن حصله له في بئر أخرى كالأولى في الأمان والستر، وزين الجبء، لزم عاملاً السقي منها، وله تفاوت ما بين البئرين. وإن شرط مالك على العامل السقي من البئر الفلاني إن كمل ماء بئر العقار ولا تفاوت له، فسد العقد، لأنه لا يعلم متى يكمل، قاله شيخنا.
قوله: وإن ساقاه على أرض خراجية، فالخراج على رب المال إلى آخره.
المراد أرض بها شجر كما يفهمه كلام "المغني" و "الشرح"، وأرض مدفوعة مع شجر لمن يغرسه منه، وإلا أشكل تصويره، قاله شيخنا.
قوله: ما زرعت من شئ فلي نصفه إلى آخره.
لعل البذر معلوم، أو مقابل للمقدم، قاله شيخنا.
إذا دفع إليه محمدية عن اثنتين من الغرم، إن كان يواسى الغرم على البلد، لم يجز ذلك، وإلا جاز، قاله شيخنا.
قال في "الانصاف": وقد نص أحمد في رواية جماعة فيمن قال:
أجرتك الأرض بثلث ما يخرج منها، أنه يصح
…
إلى أن قال: فعلى المذهب يشترط لها شروط إجارة، من تعيين المدة وغيره. انتهى.
الظاهر: لابد من علم جنس البذر، وقدره، ومعرفة الأرض، وتعيين المدة، قاله شيخنا.
في "الغاية": ويتجه ولو شجرة نوع. انتهى. أي فتلزم المساقاة بتشقق ثمرة شجرة.
وإذا ساقاه على عقار واحد، فحال بعضه وحمل بعض، لزم سقي الجميع، وهو الذي تقرر لنا عند مشايخنا. وإذا ساقاه على عقار فيه خيس صغار يعلم أنه لا يحمل، فإن أطلق العقد، صح، ولو سقاه، فمتبرع. وإن شرطه عليه، فسد العقد. وإن ساقاه على الجميع مدة يعلم أن الصغار يحمل فيها غالبا، صح ولزمه سقيه، ومتى أراد الفسخ، فله في الجميع. وإذا صرم بعض العقار، سقى الكل حتى يجذه كله. وإن جذه قبل أوان جذه لعذر أو غيره، لزمه سقيه إلى أوان جذه في العادة، قاله شيخنا.
قوله: ولو ساقاه على ما يتكرر حمله إلى آخره.
قال في "شرحه": يصح مزارعة. والظاهر أنه يجوز دفع القت مع الأرض لمن يزرعه بجزء منه.
وقوله: على زرع نابت الخ. كذلك ألقت النابت في الأرض، لنموه بالعمل.
وإذا ساقاه على عقارين دفعة واحدة، فعقد واحد ليس له فسخ في أحدهما إذا كان السهم واحداً. وإن كان لكل واحد منهما سهم، فعقدان. وإن قال: الدقل بكذا، والخضري بكذا، فكذلك.
وإذا بقي على عامل شئ من السقي بعد الجذاذ، فلمالك قدر الأجرة لذلك دراهم يأخذها من العامل أو نصيبه.
وإذا كثرت السيول فأغنت عن العمل، لم ينقص نصيب عامل، إلا إن كان مشروطا عليه أدوار معلومة، لزمه سقيها، من تقرير شيخنا.
قال في "الشرح الكبير": وإن كان في البستان شجر من أجناس، فشرط للعامل من كل جنس قدراً، أو كان فيه أنواع من جنس، فشرط من كل نوع قدراً وهما يعلمان قدر كل نوع، صح. انتهى.
قال في "الرعاية": وإن ساقاه على بساتين أو نوعين في بستان بنصف الكل، صح مطلقا. وإن جعل له من كل بستان أو نوع جزءاً معلوما مشاعا، صح إن علما نخل كل بستان وشجر كل نوع، وإلا فلا. انتهى.
وتكفي معرفة ذلك بالمشاهدة، قاله شيخنا.
ومن "الرعاية" أيضا: وإن جعل له جزءاً معلوما من كل الثمرة فتلفت بآفة سماوية، لم يبطل العقد. انتهى.
ويلزمه العمل، سواء كان التلف بآفة سماوية كبرد وحر وجراد وصاعقة، أو آدمي، وله مطالبة الآدمي بالضمان، فيسقيه إلى أوان
جذاذه عادة، للزوم الهقد بالتشقق، قاله شيخنا.
قال في "الرعاية": ولا يشترط تفصيل ما يلزم العامل من عمله، بل يحمل المطلق في كل مكان على عرفه الغالب. وليس مساقاة بما له من الثمرة أو بعضه. قلت: وإن كان ذلك جعالة جاز. الظاهر إذا كان في وقت يصح كونه عوضا فيها لبدو صلاحه، قاله شيخنا.
قال في "الانصاف": تصح المساقاة بلفظها، وبلفظ مفالحة، قال في "الرعاية": وقوله: تعهد نخلي، أو أبره، أو أسقه ولك كذا، أو سلمته إليك لتعهده بكذا من ثمره. انتهى.
الظاهر أن الأنباع والدوامغ فيها العرف.
وإذا ساقا مستحق عقار وقف عليه آخر، فتشقق منه ثمر شجرة، ومات المستحق قبل تشقق باقيه، هل تلزم المساقاة فيه كالطلق، أو في الشجرة فقط لأن الميت لا يستحق غيرها؟
فيها ثقل. وإن كان قبل ذلك، رجع العامل على تركة الميت بأجرة عمله، قاله شيخنا.
وإن ساقا العامل بلا إذن إلى أجرة.
علم منه الصحة مع إذنه، ويكون نائب العامل. فإن تعدى أو قصر، فلمالك طلبه وطلب مستنيبه، كالضامن والمضمون عنه، قاله شيخنا.
قوله: وما سقط من حب إلى آخره.
لا يجوز لمالك المنع منه، ويملكه ملتقطه إن نواه لنفسه عند اللقط.
ويجوز شرط مالك على العامل سقي أحواض النخل وأرضه، ولا يزرعها إلا بإذن، لإضراره بالأرض. وإن ساقاه على النخل وزارعه على الأرض، صح فيهما، قاله شيخنا.
قال في "الإنصاف": وإن عمل في المساقاة رب المال بإذن حاكم أو إشهاد، رجع به، وإلا فلا، قولا واحدا، وجزم المصنف أنه يرجع
إذا أشهد، وذكر الأصحاب في الرجوع إذا نواه ولم يستأذن الحاكم الروايتين اللتين فيمن فقضى عن غيره دينا واجبا بنية الرجوع على ما تقدم، والصحيح الرجوع. أما إذا لم يستأذن الحاكم، فلا يخلو: إما أن يتركه عجزا عنه أو لا. فإن تركه عجزا، فإن نوى الرجوع، رجع، جزم به في "الفروع". وإن لم ينو، لم يرجع. وإن قدر على الاستئذان ولم يستأذن ونوى الرجوع، ففي رجوعه الروايتان اللتان فيمن قضى عن غيره دينا واجبا، والصحيح الرجوع، قاله في "القواعد". انتهى.
قوله: اللقاط على العامل إلى آخره. أي لقاط نحو باذنجان، قاله شيخنا.
ظاهر ما تقدم في النفقة على مال الغير كوديعة ونحوها من كل ما يجوز عليه الإنفاق، أن القول قول منفق إن لم يكذبه الحس، قاله شيخنا.
قال ابن عطوة: وسألت شيخنا عن المساقاة على بستان فيه أنواع نخل مختلفة، بجزء معلوم من جملة الأنواع، مجهول بالنسبة إلى كل نوع منها، هل تصح أم لا؟ وهل يجوز الأخذ لكل منهما من نوع واحد مع التراضي، أو يلزم إذا كان المتعارف الإعطاء من نوع معين؟ وهل يكون التعيين مفسدا للمساقاة أم لا؟
فأجاب بأنه يكفي القدر المشروط، ويتعين من كل نوع بحسابه، إلا أن يرضيا بنوع منها. انتهى.
إذا غارس آخر وماتت الأمات وتحتها فسيل، فهو محترم لا يقلع بلا ضمان نقص. وإذا ساقى على عقاره ما خلا نخلة معلومة يمر الماء عليها، فالظاهر فساد العقد، لأن هذا كاستثنائها، والقصد أنها طلاع،
وللوسائل حكم المقاصد. وإن شرط للعامل منها جزءاً ولو يسيرا، صح، قاله شيخنا.
قال في "القواعد": وأما المساقي إذا ظهر الشجر مستحقا بعد تكملة العمل، فللعامل أجرة المثل لعمله على الغاصب. انتهى.
إذا طلب الشريك من شريكه السقي معه وتمادى بقوله: نعم مرارا، فامتناع حقيقة.
قوله: وإن أنفق الشريك بنية الرجوع، رجع وعليه تثبيت المدة كولي اليتيم، وإلا فقول غارم. ولولي اليتيم وناظر الوقف الأقل من أجرة مثله أو النفقة. وإن ساقاه على عقار موليه ومات، وصار إلى غيره بعد عمل عامل، وقبل ظهور الثمرة، فلعامل أجرة مثله على الولي، ويرجع بها الولي على تركة القاصر، قاله شيخنا.
قال ابن عطوة: إذا اختلف العامل ورب المال في قدر السقي، يعمل بالعرف في ذلك. فإن اختلف فبغالب كالثمن في المبيع، قاله شيخنا. انتهى.
الظاهر أن شرط المالك على العامل شغل السيل غير صحيح، لكن هل يفسد عقد المساقاة أم لا؟ فيه ثقل، وفساد العقد أقرب، قاله شيخنا.
وإذا كان عقار بين ثلاثة أحدهم غائب، فسقاه شريكاه بنية الرجوع، رجعا. وإن أبى أحدهما إلا بحقه، لم يجبر، قاله شيخنا.
قال الشيخ ابن عطوة: قوله: وإذا شرط في البيع شرطا فاسدا، بطل الشرط وصح البيع، وللذي فات غرضه الفسخ، أو أرش ما نقص من الثمن بالغاية. والذي يظهر أن المساقاة كذلك، أي أن المساقاة إذا انفسخت على القول بأنها عقد جائز. فإذا حصل زيادة للعامل لأجل مصلحة مقصودة للمساقي سببها العقد، ولولا رجاء المساقي لزوم
العقد، ما بذل طزيادة اللحم، وهدايا القضاة والعمال.
والمساقاة نوع من البيع، ومن اشترى عقارا يظن أن الثمرة له بعد التأبير، فله الخيار، والظاهر: أو الأرش، بخلاف ما لو ظن صنعة في المبيع.
وفي البيع إذا قيل: بالشرط يساوي ثلاثين، وبلا شرط عشرين، فالشرط إذا ألغي سقط عن المشتري عشرة، فيلزمه عشرون. وكذا المساقاة إذا كانت بالثلث مثلا رجاء لزوم مدة شرطاها، فإذا انفسخت، فسد ما يقابلها مما ترك لأجلها قليلا كان أو كثيراً، كالبيع، إذا أقل أحوال ذلك، شبهة مانع للمقلد من التمسك بالرواية الصحيحة في المسألة، وهي رواية الجواز. وإن كان لابد من الفتيا، فالعمل بالرواية المرجوحة وهي رواية اللزوم، لخلوها عن معارض، وهي اختيار القاضي، وابن تيمية وطريق السلامة السكوت، وتمامه فيه.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن ناصر الشافعي: إذا كمل الماء في المساقاة، فقال العامل للمالك: حصل لي ماء أسقي به، فلم يقدر المالك، إما لعدم، أو لمنع ظالم، أو بعد مفرط، هل يستحق العامل نصيبه كله والحالة هذه من الثمرة أم لايستحق إلا قدر ما سقى؟
وإذا ساقاه على عقار واحد بجزء معلوم من ثمره، فلما ظهرت الثمرة إذا فيه شئ لم يحمل، هل لعامل فسخ فيما لم يحمل، أو يلزمه سقي الجميع لأن العقد واحد؟
الجواب: حيث ظهرت الثمرة فهي لهما لا يختص بها المالك وحده، لكنهم قالوا: لو ترك العامل بعض ما عليه، نقص من حصته بقدره، فلعل محله حيث لا عذر كما هنا وهو الأقرب. والثانية: ليس للعامل الفسخ، وله مما ظهر ما يخصه منه على وفق ما اشترطاه في الجميع، والله أعلم، ومن خطه نقلت.
إذا ساقاه على ثمرة موجودة، لزم العقد بمجرد الزيادة بعد العقد كالمزارعة.
وقوله: يصح توقيتها.
الظاهر جواز التوقيت في المناصبة، لاشتمال اسم المساقاة على المناصبة، ولا محذور فيه، وقد نقل كذلك عن البلباني بخلاف ما قال الشيخ عبد الباقي: إنه لا يجوز فيها التوقيت، قاله شيخنا.
ومن "شرح الزبد": تصح المساقاة على أشجار يتعهدها، وهي من جائز التصرف على أشجار النخل والعنب، وسواقي النخل فحولها وإناثها. انتهى.
الظاهر أن شغل الوضائم للسيل، على المالك.
قوله: يلزم العامل إصلاح الحفر إلى آخره.
الظاهر أن ذلك المعتاد فمثل مقطع. أو محفر سيل، لا يلزمه لندرته، ولا يلزم العامل السقي فوق الرمل لو طلبه المالك، لشدة شربه، قاله شيخنا.
قال في "الشرح الكبير": البقر التي تدير الدولاب، على رب المال، لأنها ليست من العمل أشبه ما يلقح به، وتمامه فيه.
قال في "الرعاية الكبرى": العامل في المساقاة أمين، القول قوله مع يمينه فيما يدعيه من سقي، ومن دفع حصة رب الشجر من الثمر إلى مالك الأصل ووكيله. انتهى.
قال في "الشرح الكبير" فإن كان في الأرض شجر، فزارعه على الأرض وساقاه على الشجر، صح، قل بياض الأرض أو كثر، نص عليه. وإن قال: زارعتك على الأرض بالنصف، وساقيتك على الشجر بالربع، جاز، كما يجوز أن يساقيه على أنواع من الشجر ويجعل له في كل نوع قدراً. انتهى.
قال البلباني: إذا كان عقار بين اثنين ساقيا عليه آخر بنصف ثمرته، لا يصح شراء أحدهما حصة العامل، ولا يصح شراؤه نصفها قبل بدو صلاحه، إلا إن اشترياه معا. انتهى. وله أيضا: ومسألة المغارسة نصيب مستحق الأرض الوقف إذا غارس عليها طلق له، إلا إذا غرسه من الوقف. انتهى.
قوله: قال المقح: يؤخذ منه إلى آخره.
سواء كانت المدة مجهولة أو معلومة، قاله البلباني وقال عبد الباقي: لا يصح توقيت المناصبة، بخلاف المساقاة. انتهى.
وإذا رهن العامل نصيبه من الثمرة وأراد جذها وعليه بقية سقي، فإن كان موسرا، فهي أجرة المثل تكون بذمته، وإلا فلمالك أخذ قدرها من الثمرة ولو مرهونة، لأن العامل لا يستحقها كاملة إلا بتمام العمل.
وإن جذت وأوفى بها، فلا رجوع للمالك على قابض. وإذا اختلف المالك والعامل في السقي، فقول عامل، فلو أقر وكذبه المرتهن، فالظاهر قبول قوله، لأنه أمين، قاله شيخنا.
ومن "شرح تنقيح تحرير اللباب" للشافعية لزكريا الأنصاري:
المساقاة: أن يعقد على نخل أو شجر عنب مالكهما لمن يتعهدهما، ويحمل المطلق في كل ناحية على العرف الغالب، وشمل كلامهم ذكور النخل، وبه صرح صاحب "الخصال". انتهى. الظاهر أن عندنا كذلك، قاله شيخنا.
وجد على هامش "شرح ابن البنا للمقنع": إذا ساقيت رجلا على نخل، وحال بعضه بأن لم يحمل لزم المساقي سقيه. انتهى. وهذا موافق لقول الشيخ محمد وشيخنا.
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن رجل استدان دينا على أن يؤديه، فتلف المال من يده، وأصابه بعض حوادث الدنيا فصار معدما
لا شيء له، فهل يرجى له بذلك عند الله عذر وخلاص من دينه وإن مات على عدمه، ولم يقبض دينه؟
فقال: إن هذا عندي أسهل من الذي اختان وإن مات على عدمه، فهذا واجب عليه. انتهى. من "الآداب".
قال في "شرح المنتهى" لمؤلفه: نقل أحمد بن سعيد عن أحمد فيمن دفع عبده إلى رجل ليكسب عليه ويكون له ثلث ذلك أو ربعه، فجائز.
ونقل أبو داود عن أحمد فيمن دفع فرسه على النصف من الغنيمة، أرجو أن لا يكون به بأس، قال إسحاق بن إبراهيم: قال أحمد: إذا كان على النصف أو الربع، فهو جائز. انتهى
قوله: وآجر عبدي أو دابتي ولك نصف أجرته ونحوه، لا يصح، لأنها وكالة بعوض مجهول. فلو دفع إليه العبد أو الدابة يحترف عليه بجزء من أجرته، صح، والنفقة على مالكه. وإن شرطها أو بعضها على المحترف، فسد العقد، قاله شيخنا.
قوله: أب عدل، فوصيه العدل.
لكن إن لم يحصل جاز من يحفظ ماله عادة، والمعتبر في كل زمان بحسبه، قاله شيخنا.
قوله: ولا يبيع نساء.
هذا إن لم يكن مصلحة لليتيم، وإنه لو طلب قبض الثمن عند العقد، لتعطلت أحكام ماله، لكن لا يبيع إلا على مليء لا يخاف الولي فواته عنده. وكذا إجارة ماله، وقد جرت العادة بإجارته قديما وحديثا على المليء ولو فاسقا، ولم يتعرضه أحد من الفقهاء، قاله شيخنا.
قال ابن عطوة: إذا قدر الولي على فعل الأصلح ولم يفعل، كان متعديا. انتهى.
قوله: وله، أي الشريك، إن ردت عليه السلعة بعيب
…
إلى قوله: أو يؤخر الثمن على المشتري، لأنه عادة التجار إلى آخره.
المالك الأولى، يجوز له تأخير الثمن إلى أجل على بائع لأجل عيب وجده، ويكون ذلك مسقطاً أرش العيب، قاله شيخنا.
وذكر أن الشيخ سليمان بن علي وافق عليه.
قوله: وشجر له ثمر، أي ماله إلى أن يثمر له ثمر يؤكل.
من خط الحجاوي: وإذا زارع آخر على أرضه مزارعة صحيحة، فكمل الماء من البئر واحتاجت لحفر، لزمه، أي المالك. وإن كانت فاسدة، فلا. وإن كانت إجارة، فله الفسخ لأنه عيب، أو الإمساك مجانا. وإن كانت فاسدة فلا حق له أيضا، قاله شيخنا.
قول "المنقح": يؤخذ منه دوام العمل إلى آخره. سواء كانت معلومة أو مجهولة، قاله البلباني.
وقال عبد الباقي: لا يصح توقيت المناصبة، بخلاف المساقاة. انتهى.
من "المغني": إذا كان لرجلين دين بسبب واحد، إما عقد، أو ميراث، أو استهلاك أو غيره، فقبض أحدهما منه شيئا، فللآخر مشاركته فيه. هذا ظاهر المذهب، وقد روي عن أحمد ما يدل على أن لأحدهما أن يأخذ حقه دون صاحبه، ولا يشاركه الآخر فيما أخذه، وهو قول أبي العالية، وأبي قلابة، وابن سيرين، وأبي عبيد
…
إلى أن قال:
وإن اشترى بنصيبه، صح، ولم يكن لشريكه إبطال الشراء. انتهى.
إذا اشترى من المدين شيئا ببعض الدين كنصفه، فهو بينهما. وإن اشترى في ذمته، سقط من حاله مثل ما عليه، قاله شيخنا.
ومن جواب للشيخ محمد: العامل المذكور يلزمه سقي الجميع الحامل والذي لم يحمل، وليس له أن يفسخ في بعض دون بعض، إلا
يرضى المالك إذا كانت المساقاة عليه موضعا واحدا والعقد واحدا، كتبه محمد بن أحمد بن اسماعيل. قال شيخنا: وقررها لنا هكذا، وهو الذي نعمل به.
ومن جواب لشيخنا: الدارهم المغشوشة، صرح أئمتنا أنه لا يصح السلم فيها، ولا كونها رأس مال سلم، وصرحوا أن من شرط الحوالة كون الدين مما يصح السلم فيه. وما ذكر في "الاقناع" في الغصب من كون الدراهم الرائجة مثلية، فأشكل علينا توجييه، إلا أن يكون بلنسبة إلى الغصب إذا أتلفها الغاصب، يرد بدلها مثلها. انتهى.
ومن "جمع الجوامع":
قال أبو العباس: سئلت عن قوم أخذت لهم غنم أو غيرها من المال، ثم ردت عليهم أو بعضها وقد اشتبه ملك بعضهم ببعض، قال: فأجبتهم أنه إن عرف قدر المال تحقيقا، قسم الموجود بينهم على قدره. وإن لم يعرف إلا عدده، قسم على قدر العدد لأن المالين إذا اختلطا، قسما بينهم وإن كان يدفع لكل منهم عن ماله ما كان للآخر، لأن الاختلاط جعلهم شركاء، لاسيما على أصلنا: إن الشركة تصح بالعقد مع امتياز المالين.
لكن الاشتباه في الغنم ونحوها يقوم مقام الاختلاط في المائعات. وعلى هذا فينبغي أنه إذا اشتركا فيما يتشابه من الحيوان والثياب، أنه يصح، كما لو كان رأس المال دراهم إذا صححناها بالعروض. وإذا كانوا شركاء بالاختلاط والاشتباه، فعند القسمة يقسم على قدر المالين.
فإن كان المردود جميع ما لهم، فظاهر. وإن كان بعضه، فذلك البعض هو بعض المشترك، كما لو رد بعض الدراهم المختلطة. يبقى إن كان حيوانا، يجب قسمته أحياناً عند طلب بعضهم قولا واحدا، ويخرج على القولين في الحيوان المشترك، قال: الأشبه خروجه على الخلاف، لأنه إذا كان لأحدهما عشرة رؤوس وللآخر عشرون، فما وجد،
فلأحدهما ثلثه، وللآخر ثلثاه، كما لو ورثاه كذلك. لكن المحذور في هذه المسألة أن مال كل منهما إن عرف قيمته، فظاهر. وإن لم يعرف إلا عدده مع أن أحدهما قد يكون خيراً من غنم الآخر، لأن الضرورة تلجيء إلى التسوية. وعلى هذا فسواء اختلط غنم أحدهما بالآخر عمدا أو خطأ، يقسم المالان على العدد إن لم يعرف الرجحان. وإن عرف وجهل قدره، أثبت منه القدر المتيقن وأسقط الزائد المشكوك فيه، لأن الأصل عدمه، انتهى. الظاهر أن العمل على هذا، قاله شيخنا.
قال ابن عطوة فيما وجدته بخطه على كلام أبي العباس: قال شيخنا العسكري: فإن جهل قدر المالين أو أحدهما اصطلحا، ويمنعان من التصرف في ذلك حتى يصطلحا. انتهى.
ومن كلام أبي العباس في آية الربا وهي قوله تعالى: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ".
قال في قوله: "فله ما سلف". أي ما كان قبضه من الربا، جعله له.
وأمره إلى الله، قد قيل الضمير يعود على الشخص، وبكل حال فالآية تقتضي أن أمره إلى الله لا إلى الغريم الذي عليه الدين، بخلاف الباقي، فإن للغريم أن يطلب إسقاطه، لقوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ".
أي ذروا ما بقي من الزيادة أمر بترك الزيادة وهي الربا، فتسقط عن ذمة الغريم ولا يطالب بها، وهذه للغريم فيها حق الامتناع من أدائها، والمخاصمة على ذلك، وإبطال الحجة المكتسبة. وأما ما كان قبضه، فقد قال الله تعالى:" فله ما سلف وأمره إلى الله". وليس للغريم فيه أمر، وذلك أنه لما جاءه موعظة من ربه فانتهى، كان مغفرة لذلك الذنب، والعقوبة عليه إلى الله، وهذا قد انتهى في الظاهر فله ما سلف، وأمره إلى الله، إن علم منه صحة التوبة، غفر له، وإلا عاقبة إن شاء.
وقوله تعالى: "وذروا ما بقي من الربا". أمر بترك الباقي، ولم يأمر برد المقبوض
…
إلى أن قال: فالمسلم له ثلاثة أحوال: تارة يعتقد حل بعض الأنواع باجتهاد أو تقليد، وتارة يعامل بجهل ولا يعتقد أن ذلك ربا محرم، وتارة يقبض مع علمه أنه ربا محرم. فأما الأول والثاني، ففيه قولان:
إذا تبين له فيما بعد أن ذلك ربا محرم، قيل: يرد ما قبض، كالغاصب والسارق، وقيل: لا يرده، وهو الأصح، لأنه كان معتقدا حله. والكلام إذا كان مختلفا فيه كالحيل الربوية، فإذا كان الكافر يغفر له ما استحله، ويباح له ما يقبض، فالمسلم المتأول إذا تاب أولى بذلك، لأن المسلم إذا كان قد أخذ بأحد قولي العلماء في كل ذلك، فهو في تأويله، والمسلم الجاهل أبعد، لكنه ينبغي أن يكون كذلك، فليس هو شراً من الكافر، واستشهد له بأمثلة، ثم قال: ثم المقبوض من هذا الوجه قد يكون أكله، وقد يكون باقيا وقد اتجر فيه وتقلب. فإن كان ذهب وجعل دينا عليه، كان في ذلك ضرر عظسم وتنفير له عن التوبة، وهذا الغريم يكفيه إحسانا إليه، إسقاط ما بقي في ذمته، وهو برضاه أعطاه. فلو فرض أن رجلا أمر رجلا بإتلاف ماله، وأتلفه، لم يضمنه وإن كانا ظالمين، هذا هو الصحيح
المنصوص عن أحمد وغيره، فكذلك هو سلط ذاك على هذا المال برضاه، فلا وجه لتضمينه وإن كانا آثمين. وإن كان عين المال باقيا، فهو لم يقبضه بغير اختيار صاحبه، كالسارق والغاصب، بل قبضه باتفاقهما ورضاهما بعقد من العقود. وقد لا يكون لواحد منهما، كما لو كان ثمن خمر، أو مهر بغي، أو حلوان كاهن، فإن هذا إذا تاب لا يرده إلى صاحبه، بل يتصدق به في أظهر قولي العلماء.
ثم قال: والذي لا ريب فيه عندي أن ما قبضه بتأويل أو جهل، فله فيه ما سلف، كما دل عليه الكتاب والسنة. وأما مع العلم بالتحريم، فيحتاج إلى نظر، فقد قال: اطرد هذا إن من كسب مالا حراما برضى الدافع ثم تاب، ويلزم مثل ذلك في مهر البغي وحلوان الكاهن، فهذا ليس ببعيد عن أصول الشريعة، فإنها تفرق بين التائب وغيره، واستشهد له بالكافر إذا أسلم، فإنه لا يجب عليه قضاء ما ترك من عبادة، ولا يحرم عليه ما اكتسبه من مال يعتقد حله. والمسلم إذا تاب، ففي قضاء الصلاة والصيام نزاع
…
إلى أن قال: ولا ريب إن كان هذا التائب فقيرا، فهو أحق به من غيره من الفقراء، وبهذا أفتيت غير مرة.
وأما الربا فإنه قبضه بإذن صاحبه، والله يقول:"فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف". وتمامه فيه.
ومن كلامه أيضا: لو غصب مالا وبني به قنطرة أو نحوها، هل ينفعه، أو يكون الثواب للمغصوب منه؟
قال ابن عقيل: ولا ثواب على ذلك لواحد منهما. انتهى.
قال ابن القيم: إذا غصبه وبنى به رباطا ونحوه، فقد عمل خيرا:
"فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره".
وأما صاحب المال، فله ثواب لتولد خير من ماله، فإن المصائب
يثاب عليها وإن لم يقصدها. انتهى.
وأجاب أبو العباس: إن كل مال جهل مستحقه، يصرف في مصالح المسلمين عن جمهور العلماء، وهذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد وغيرهم. وكسب الانسان ليقوم بالنفقة الواجبة على نفسه وعياله، واجب عليه. انتهى.
ومن "جمع الجوامع": وإذا أراد من معه حلال وحرام أن يخرج من إثم الحرام، أو يتصرف، فنقل جماعة: الترحيم، إلا أن يكثر الحلال، واحتج أحمد بخبر عدي بن حاتم في الصيد. قال صاحب "الفروع":
كذا قال، مع أنه لا فرق عنده في الصيد بين القلة والكثرة، قلت:
بل هو كذا. قال: وليس ينبغي له أن يقول في كلام إمامه والمقتدي به:
هكذا قال، فإن ذلك من قلة الأدب، وكل من الأصحاب يغتفر كلامه معه، وإن كان لا ينبغي له ذلك إلا الإمام، فإن قوله هذا يقبح ولا يغتفر له، مع أن كلام أحمد واحتجاجه صحيح، واستدلاله بالحديث ليس هو استدلالا لجميع المسألة، وإنما هو لبعضها وهو المنع مع الاختلاط، فهو حجة لأصل المنع. انتهى.
من "القواعد": السادسة والسبعون منها: القابض بعقد فاسد من المالك، إذا غرس أو بنى، فللمالك تملكه بالقيمة كغرس المستعير، ولا يقلع إلا مضمونا، لاستناده إلى الإذن، ذكره القاضي وابن عقيل.
ومن القاعدة التاسعة والسبعين:
الثالث: أن يزرع بعقد فاسد ممن له ولاية العقد، كالمالك، والوكيل، والناظر، إما بمزارعة فاسدة، أو بإجارة فاسدة، فقال الأصحاب: الزرع لمن زرعه، وعليه لرب الأرض أجرة مثله. وذكر القاضي في خلافه أن أحمد نص عليه في رواية حرب في البيع الفاسد، وإنما رواية حرب في الغرس، وذكره الخرقي أيضا في المزارعة الفاسدة، لأن الزرع هنا استند إلى إذن من له الإذن، فلا يكون عدوانا.
الرابع: أن يزرع في أرض غيره بعقد من يظن أن له ولاية العقد، ثم يتبين أن الأرض مستحقة للغير، فالمنصوص أن لمالك الأرض تملكه بالنفقة أيضا، وهذا متوجه. وعلى قول القاضي ومن وافقه: إن غرسه وبناءه، كغرس الغاصب وبنائه. فأما على المنصوص هناك أن بناءه وغرسه محترم كغرس المستعير والمستأجر وبنائهما، فيتوجه على هذا أن يكون الزرع لمالكه وعليه الأجرة، ويرجع بها على الغاصب لتغريره. انتهى.
ومن كلام أبي العباس: وأما معاملة التتار، فيجوز فيها ما يجوز في معاملة أمثالهم، ويجرم منها ما يحرم في معاملة أمثالهم، فيجوز أن يبتاع الرجل من مواشيهم ونحوها، كما يبتاع من مواشي التركمان والأكراد والأعراب، ويجوز أن يبيعهم من الطعام والثياب ونحو ذلك ما يبيعه لأمثالهم. فأما إن باعهم أو باع غيرهم ما يعينهم على المحرمات، كبيع الخيل والسلاح لمن يقاتل به قتالا محرما، فهذا لا يجوز، قال الله تعالى:"ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب".
وإذا كان الذي معهم أو مع غيرهم أموال يعرف أنهم غصبوها من معصوم، لم يجز شراؤها لمن يتملكها، لكن إن شريت على طريق الاستنقاذ لتصرف في مصارفها الشرعية فتعاد إلى أصحابها إن أمكن، وإلا صرفت في مصالح المسلمين، جاز هذا. وإن علم أن في أموالهم شيئا محرما لا يعرف عينه فيها، لم تحرم معاملتهم، كما إذا علم أن في الأسواق ما هو مسروق أو مغصوب ولم يعلم عينه. انتهى.
ومن خط القاضي أبي يعلى: وإذا دخل خارجي، أو قاطع طريق إلى بلد وقد غصب الأموال، هل تجوز معاملته؟
نظرت، فإن لم يكن معهم إلا ما أخذوه من الناس، لم تجز معاملتهم. وإن كان معهم حرام وحلال، لم تجز أيضا إلا أن يبينوه، كرجل عنده أربع إماء فأعتق واحدة منهن بعينها، وعرض واحدة منهن للبيع وهو مدع لرقهن، لم يجز الشراء منه حتى يبين التي أعتقها، وكذلك إذا كانت عنده ميتة ومذكاة. فأما الأموال التي في أيدي هؤلاء الغصبة الخوارج واللصوص الذين لا يعرف لهم صناعة غير هذه الأموال المحرمة، فالعلم قد أحاط أن جميع ما معهم حرام، فلا يجوز البيع والشراء منهم، ولكن يجوز للفقير أن يأخذ منهم ما أعطوه من جهة النفس، لأن المسلمين لو ظفر بهذا الفاسق بما معه من الأموال المغصوبة، لوجب أن يصرف هذه الأموال في الفقراء. انتهى.
ومن كلام أبي العباس: أموال بيت المال بهذه الأزمنة أصناف:
منها ما هو الفيء، والصدقات، والخمس، فقد عرف حكم هذا. ومنها ما هو متفق عليه.
وصنف قبض بغير حق، أو بتأويل، ويجب رده إلى مستحقه إذا أمكن وقد تعذر ذلك، مثل ما يؤخذ من مصادرات العمال وغيرهم الذين أخذوا الهدية، وأخذوا من أموال ما لا يستحقونه، فاسترجعه ولي الأمر منهم أو من تركاتهم ولم يعرف مستحقه، وما قبض من الوظائف المحرمة، فهذه الأموال التي تعذر ردها لعدم العلم مثلا هي مما يصرف في مصالح المسلمين عند أكثر العلماء، كالغاصب، والخائن التائب، والمرابي ونحوهم ممن صار بيده مالا لا يملكه ولا يعرف صاحبه، فإنه يصرف إلى ذوي الحاجات
…
إلى أن قال: ومن له حق في بيت المال فأحيل على بعض المظالم فقلت له: أنت لا تستخرج هذا، ولا تعن على استخراجه، لأنه ظلم، لكن اطلب حقك من المال المحصل عندهم. وإن كان مجموعا من هذه الجهة وغيرها، فإنما اجتمع
في بيت المال ولم يرد إلى أصحابه، فصرفه في مصالح المسلمين أولى من صرفه فيما لا ينتفع به أصحابه، وأيضا فإنه يصير مختلطا فلا يبقى محكوما بتحريمه بعينه، مع كون هذا الصرف إلى مثل هذا واجبا على المسلمين، فإن الولاة يظلمون تارة في الاستخراج، وتارة في صرفها، فلا يحل إعانتهم على الظلم في الاستخراج، ولا أخذ الانسان مالا يستحقه. وأما ما شرع فيه الاجتهاد من الاستخراج والصرف، فكمسائل الاجتهاد، وما لا يسوغ فيه اجتهاد من الأخذ والإعطاء، فلا
يعاونون عليه. لكن إذا كان المصروف إليه مستحقا لمقدار المأخوذ، جاز أخذه من كل مال يجوز صرفه، كالمال المجهول مالكه، فإن امتنعوا من إعادته إلى مستحقه، فهل الأولى إقراره بأيدي الظلمة، أو السعي في صرفه في مصالح المسلمين إذا كان الساعي في ذلك ممن يكره أصل أخذه، ولم يعن على أخذه بل سعى في منع أخذه؟
فهذه مسألة حسنة ينبغي التفطن لها، وإلا دخل الإنسان في فعل المحرمات. وإذا لم يمكن من الواجبات إلا بالصرف المذكور، كان تركه من ترك الواجبات. وإذا لم يمكن إلا إقراره بيد الظالم، أو صرفه في المصالح، كان النهي عن صرفه في المصالح إعانة على زيادة الظلم التي هي إقراره بيد الظالم، فكما يجب إزالة الظلم يجب تقليله عند العجز عن إزالته فهذا أصل عظيم.
وأصل آخر، وهو أن اشبهات ينبغي صرفها في الأبعد عن المنفعة فالأبعد. فالأقرب ما دخل الباطن من الطعام والشراب، ثم ما ولي الظاهر من اللباس.
وله أيضاً إذا دخل المال إلى بيت المال، هل يجوز تناوله مع وجود علمه أن فيه مكسا وغيره؟ ويقال: إذا دخل بيت المال، حل، وكيف يحل المكس إذا دخل بيت المال؟
فأجاب أبو العباس: إن كل ما جهل مستحقه، فإنه يصرف في مصالح المسلمين عند جمهور العلما، وهذا مذهب مالك، وأحمد، وأبي حنيفة وغيرهم، مثل من عنده مظالم، كأموال مسروقة أو مغصوبة لا يعرف أربابها، إذا جهل مستحقه، صرف في مصالح المسلمين، فإن المجهول كالمعدوم وهذا فيما قبض بالظلم المحض.
وأما ما جمع من الوظائف التي قررها الملوك في الأموال، فقد كان طائفة من أصحاب أبي حنيفة، والشافعي كأبي المعالي الجويني افتوا بعض ولاة الأمر بأن يوظف من الوظائف ما يجمعه ليقيم له جيشا للجهاد. انتهى.
ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وأما لغة العامة فلا تصرف الأشياء عن حقيقتها الشرعية، صرح به ابن القيم. فإن كان العمل معلوما، أو مدة معلومة، انصرفت إجارة، ولا تتحول عن موضوعها الشرعي باللفظ. وإن كانت مجهولة كقوله: استأجرتك تحج، أو استقمتك تحج، أو تؤذن فهذه جعالة. انتهى. وفيه نظر، وظاهر ميل شيخنا خلافه.
إذا أراد مستأجر أرض أن يؤجرها آخر بأجرتها، فيقول: وليتك على الأرض الفلانية بكذا، أو أجرتكما بكذا ونحو ذلك، قاله شيخنا.
من "جمع الجوامع": قال أبو العباس: من استنقذ مال غيره من الهلكة، ورده، استحق أجرة المثل ولو بغير شرط في أصح القولين، وهو منصوص أحمد. وكذا لو انكسرت السفينة فخلص قوم الأموال من البحر، فإنه يجب لهم الأجرة على الملاك، ذكره في "المغني" لأن فيه حثا وترغيبا في إنقاذ الأموال من الهلكة، فإن الغواص إذا علم أنه يستحق الأجرة غرر بنفسه وبادر إلى التخليص، بخلاف ما إذا علم أنه لا شئ له. وقد يكون الآدمي صغيرا أو عاجزاً، فتخليصه أهم وأولى
من المتاع، وليس في كلام أحمد تفرقة. انتهى.
قوله في العارية: يصلح للبناء والغراس والارتباط إلى آخره.
أي ربط الدواب ونحوها لا الرباطات المشهورة، لأنها يشملها لفظ البناء. ونفقة العارية على مالكها، فإن أطعمها المستعير بلا نية الرجوع، فمتبرع. وهل إن لم يطعمها حتى هزلت أو نقصت يضمن، لأنه من غير الانتفاع، أم لا لأن التقصير من المالك؟ فيها ثقل، قاله شيخنا.
قال في "جمع الجوامع": قال شيخنا في حواشيه على "المحرر":
قال الشيخ في "المقنع" في آخر باب الإجارة: وإذا انقضت الإجارة وفي الأرض غراس أو بناء ولم يشترط قلعه، خير المالك بين أخذه بالقيمة، أو تركه بالأجرة، أو قلعه وضمان نقصه، ثم قال: ولم يتعرض لغير المالك مثل ناظر الوقف. قال: والذي يظهر فيه أنه إن كان بطريق الأمانة لغيره، يجب عليه أن يختار الأصلح كما هو معروف في تصرف الأمناء
…
إلى أن قال: وهذا معروف في الأمناء، وهو فعل الأصلح كالوكيل والمضارب والشريك، ولأن الأمين متى قدر على فعل الأصلح ولم يفعل، كان متعديا بلا شك ولا ريب. انتهى.
ومنه أيضا: تصح العارية بكل قول أو فعل يدل عليها، ويكفي قول أحدهما وفعل الآخر بدفع أو أخذ نحو أن يقول له: أعرتك دابتي أو داري أو ثوبي، فيقول: قبلت هذه العارية، أو يقول له: أعرتني، فيقول: أعرتك، أو يقول: أعرتك دابتي، فيأخذها، أو ثوبي فيلبسه، أو داري فيسكنها. وعكسه أن يقول: أعرني دابتك، فيأتيه بها.
وكذا إن كتب في كتاب يطلب منه العارية فأرسلها له، أو أتاه بها.
ويمكن أن تكون بغير لفظ من واحد منهما، كمن رأى رجلا يطلب دابة فأرسل له دابته، أو ثوبا فأرسل له ثوبه. وقد تقع بلفظ من أجنبي كمن قال لشخص: قصدك فلان يستعير منك دابة أو ثوبا أو غير ذلك فيرسله إليه.