المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من كتاب البيع - الفواكه العديدة في المسائل المفيدة - جـ ١

[أحمد المنقور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[طريقة المصنف في النقل عن شيخه ابن ذهلان]

- ‌من كتاب الطهارة وكتاب الصلاة

- ‌فائدة من كلام الشافعية:

- ‌ومن كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية:

- ‌فصل: وأما الماء إذا تغير بالنجاسة فإنه ينجس بالاتفاق

- ‌مسألة مهمة عند الحنفية:

- ‌ فصل

- ‌فائدة:

- ‌فصلفيما يقع للانسان: إذا أراد فعل الطاعة

- ‌ فوائد:

- ‌فائدة

- ‌فائدة: خير صفوف الرجال أولها

- ‌فصل: وإن قدم الجمعة فصلاها في وقت العيد

- ‌ فائدة:

- ‌ فائدتان:

- ‌من كتاب الجنائز:

- ‌من كتاب الزكاة

- ‌فصل: ومن زكى ما سبق في هذا الباب من المعشرات مرة، فلا زكاة فيه بعد

- ‌ فصل: وإن رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم

- ‌من كتاب الحج

- ‌من كتاب البيع

- ‌فصل: وإذا وكل شخصاً في بيع عبده

- ‌ فصل: فإن باعه بثمن حال نقده

- ‌ فصل: في العينة وبيع إلى أجل:

- ‌فصل: منه: ولا خير في العينة

- ‌فائدة: إذا دفع إليه شيئاً بعوض ولم يذكر الثمن

- ‌فائدة: في "فتاوى القاضي حسين": لو وكله في بيع شئ فباعه

- ‌فائدة: الذي يظهر لي أن مرادهم في الخشب الذي شرط قطعه

- ‌ فائدة: لو اشترى بمال نفسه سلعة لغيره، ففيه طريقان:

- ‌فائدة: وكذا حكم المساقاة والمزارعة في المسألتين

- ‌ فصل: وإن انتفع بها وردها على صفتها فلا شئ عليه

- ‌بحث في الإجارة

- ‌ فصل: وإذا وكل واحداً في بيع عبده، ووكله آخر في شرائه

- ‌فصل: ويجوز بيع الجوز، واللوز، والفستق، والباقلاء، الرطب في قشرية مقطوعا

- ‌فائدة: في القهوة:

- ‌فائدة: ظهر في هذا القرن أو قبله بيسير شراب يتخذ من قشر البن يسمى قهوة

- ‌من كتاب الوقف

- ‌فائدة:

- ‌فائدة: الودي الخارج من أصل النخلة الموقوفة لا يصح بيعه

- ‌فصل: قال تقي الدين: وإن وكله، أو أوصى إليه أن يقف عنه شيئا

- ‌فائدة: قال ابن رجب في "الطبقات": رأيت في "الفتاوى المنسوبة على تاج الدين الفزاري" الحنبلي واقعة، وهي: وقف وقفه رجل عند الحاكم أنه وقفه في صحة من بدنه وعقله

- ‌فصل: لفظ الرجال والرهط لا يعم النساء ولا العكس

الفصل: ‌من كتاب البيع

‌من كتاب البيع

ذكر الأصحاب أن الثمن تشترط معرفته ولو بمشاهدة، فيصح بوزن صنجة لا يعلمان وزنها، وبصبرة لا يعلمان عدتها، وبما يسع هذا الكيل. ونص أحمد على أنه يصح بموضع فيه كيل معروف، وبنفقة عبده شهراً. وإن كان الثمن في الذمة، اعتبر ذكر صفاته، كالسلم، صرح به مشايخ المذهب. فلو كان الثمن مثلاً في الذمة مؤجلاً، فلابد لصحة البيع من ذكر قدره، وجنسه، ونوعه، وحداثته، وقدمه، وجودته، ورداءته، وصغر أو كبر، وكل ما يختلف به الثمن.

والعبرة في الثمن بحالة العقد، فلو حصل العلم والجهالة بعده، لم يكن كل منهما مؤثراً في صحة العقد ومبطلاً له. فلو تسلم الثمن المؤجل المعلوم حالة العقد ليلاً، أو مستوراً بوعاء، مصدقا للمشتري في صفته، أو كان به عادة مطردة، فوجده على خلاف ذلك، لم يكن مؤثراً في صحة العقد، بل له الرجوع بما عقد عليه، بخلاف المثمن، فإنه لا يصح تسلمه ولا تسليمه إلا معلوماً، إلا ما استثنى من ذلك.

وذكروا أن من اشترى مكيلاً، أو موزوناً، لم يصح له التصرف قبل كيله أو وزنه مطلقاً.

قال ابن نصر الله في "حاشيته": حتى بأكل، وأجاز شيخنا العسكري الأكل فقط، لأنه ليس بتصرف، فطلبت منه الدليل على ذلك، فلم يقمه. انتهى. كلام شهاب الدين ابن عطوة في "روضته".

وله أيضا: ما لا يصح السلم فيه، لا يصح بيعه بالصفة، لأنه لا يمكن ضبطه بها، وحدوث الجهل لا يوجب الجهالة حالة العقد، والجائز بعد أن يلزم، لا يعود إلى الجواز بشرط سابق. انتهى.

ص: 185

إذا رأى المشتري بيتاً من دار، ثم اشتراها، صح البيع فيما رأى فقط، فيكون كتفريق الصفقة، وأما إن رأى بعض الدار فقط، لم يصح، لأن الذي رأى غير محدود، بخلاف البيت.

ويصح بيع الدار المرئية، وإن كان في أرضها عطن ساتر بعض الأرض، لصحة رهنها وبها قماش للراهن، وبيعها وفيها متاع للبائع، ومعلوم أنه ساتر ما تحته بالضرورة.

وقولهم: شمل البيع بناءها، إلا المنهدم ومعلوم أن المنهدم ساتر بعض الأرض، من تقرير شيخنا.

ومن جواب للشيخ محمد بن اسماعيل: وأما أن السواقط الأمعاء، فليس الذي رجحه في نفسي قول ابن عضيب، بل قول صاحب "المغني" حيث قال: يجوز استثناء الجلد، والرأس، والأطراف، والسواقط.

فظهر من هذا أن السواقط غير الجلد، والرأس، والأطراف، والعلة المعلل بها جواز استثناء الجلد والرأس والأطراف، موجودة في الأمعاء، بل فيها أمكن، فاعلم أن ذلك صواب إن شاء الله، ومن خطه نقلت.

إذا وكل من يشتري له عقاراً، فشرى الأرض دون الشجر، أو عكسه، أو بعض العقار كنصفه، لم يلزم الموكل. وإذا ادعى العاقد السفه، أو عدم البلوغ، فإن كان الآن مجهول الحال، لزمه بينة بدعواه، وإن علم أنه الآن كذلك، سمع قوله، لتحقق قوله كذلك، ما لم يكن سفه طارئ بعد رشد، من تقرير شيخنا.

من "جمع الجوامع": وإن اشتغلا بقاطع من كلام أجنبي، أو سكوت طويل، أو أكل، قالوا: عرفاً لم يصح.

وفي كتاب ابن أبي المجد: يحرم بيع ما يعين على معصية من كل

ص: 186

شيء. ولا يجوز بيع المغصوب إلا لغاصبه. والمراد إذا باعه راضياً ولم يمنعه حتى باعه. وظاهر كلامهم: لا يشترط فيمن باع بالصفة أن يكون قد رأى العين المباعة، فلو وصفها على وصف غيره، أو غلبة ظنه، صح.

وإذا باعه موصوفاً في ملكه، يصح ولو لم يكن قد رآه، حتى ولو لم يكن يعرف صفته. انتهى.

ومنه: والصحيح: يجوز بيع المقاتي بعروقها جملة، سواء كان قد بدا صلاحها أم لا، فهو كبيع الشجر بثمره قبل بدو صلاحه. انتهى.

ومنه: ما تساوت أجزاؤه من مكيل إذا لم يكن صبرة، بل في حاصل أو وعاء، حكمه حكم الصبرة.

ولا يجوز بيع مأكول ومشروب لم يشرب عليها المسكر. قلت:

وكذا مأكول ومشروب لمن يزني عليه. وبيع المآكل والمشارب في أماكن النزه التي تكثر فيها المناكير، ولا تسلم غالباً من شراء ذلك لمنكر، يحرم بيع ذلك فيها، وأقل ما فيها الكراهة. انتهى.

ومنه أيضا: تحرم الزيادة لمن لا يريد الشراء، وهو ناجش، سواء كان باتفاق له مع رب السلعة أو لا. وصبرة بقال القرية - هو البائع لأهل البلد من بقال وغيره - يبيع بالقمح وغيره، فيأخذ من هذا ومن هذا فتحتوي صبرته على أشياء مختلفة من جنس واحد. انتهى.

قال في "المستوعب": البيوع على ضربين: بيع موصوف في الذمة، وهو المسلم فيه. والثاني: بيع الأعيان، فيصح بيعها إما برؤيتها أو بالصفة، سواء كانت العين غائبة، أو حاضرة مستورة، كالجارية المنتقبة، والأمتعة في ظروفها، والثوب في الكم، لم يرها المتبايعان أو أحدهما، فيتبايعانها بالصفة، وهذا يسمى بيع البارتامج.

وإذا وجدها المشتري على تلك الصفة، لم يكن له الفسخ. انتهى.

وبعد، فمسألة تولي طرفي العقد في البيع، كثر البحث فيها من زمن

ص: 187

الشيخ محمد وعبد الله بن عبد الوهاب، وابن بسام، والحاصل أن الذي فهمنا وحفظنا عن الشيخ محمد، أنه لابد من الإيجاب والقبول، لأنهم ذكروا: لو تراخى أحدهما عن الآخر، صح ما داما في المجلس.

فإن تشاغلا بما يقطعه عرفاً، بطل.

قال في "الغاية": ويتجه، وكذا متولي طرفيه، فهذا صريح في ذلك. وذكر لنا محمد بن موسى بن حبيش أنه وقف على عبارة عن "الانتصار" أنه قال: ذكر أصحابنا: لابد من الإيجاب والقبول من متولي طرفي العقد. انتهى.

وما ذكروه في النكاح عند تولي طرفيه من ذكر البيع، فمن تأمله، عرف أنه عائد إلى صحة تولي طرفي العقد، لا إلى أنه يكتفي فيه كما في النكاح. انتهى. ومن خطه نقلت بعد المفاوضة بمثل ذلك مراراً. هذا دليل للمخالف، قال في "شرح المنتهى" لمؤلفه في النكاح، بعد كلام له سبق:

كما لو وكل البائع والمشتري واحداً، والمؤجر والمستأجر واحداً، ولا يشترط أن يأتي بالإيجاب والقبول في الأصح. انتهى. وعبارة "شرح الإقناع": ويكفي في عقد النكاح ممن يتولى طرفيه: زوجت إلى آخره.

فيمكن حمل كلام "المنتهى وشرحه" المتقدم أنه يصح تولي طرفيه، كما يصح تولي طرفي البيع والإجارة، لأنه يكفي أحدهما في البيع، قاله شيخنا.

ومن "جمع الجوامع": الثاني والعشرون: هل الأفضل طلب السلع الجيدة، أو الرخيصة؟ قال بعضهم: الجيد إن غبن في ثمنه، لم يعبن في ذاته، والرديء إن غبن في ثمنه، غبن في ذاته. وبلغنا عن بعض شيوخنا أنه رأى بعض أصحابه يشتري سلعة رديئة فقال: لا تفعل، أما علمت أن الله نزع البركة من كل رديء.

ص: 188

التاسع والعشرون: يحرم وكس السلعة ويكون ذلك بأمرين:

أحدهما: أن يذمها ويصغر أمرها، ويحقرها بما يكره صاحبها فيها ويمنع غيره من شرائها وفي نفسه أن يشتريها.

والثاني: أن يسومه فيها ثمناً، أو بزيادة يسيرة، فيدفع فيها شيئاً قليلاً تساوي قدره مراراً، كمن عنده سلعة تساوي تسعين، فقال:

بكم؟ فقال: بمائة. فقال: بل بعشرة أو خمسة، أو نحو هذا، فهذا لا يجوز. فأما إن شط البائع في السوم، فهل يجوز له أم لا؟ احتمالان:

أحدهما: نعم، كمن عنده سلعة تساوي مائة فقال: بألف. فقال: بل بعشرة. والثاني: لا. انتهى.

قال في "الرعاية": قبض الحيوان، أن يأخذه بزمامه، أو مقوده، أو مشيه من مكانه. انتهى.

من " الرعاية": من اشترى سلعة بنصف دينار، لزمه عند الإطلاق نصف الصحيح، لا صحيح بوزن النصف ولا مكسور. انتهى.

من "جمع الجوامع": وإن قال أحد المتبايعين: تفرقنا قبل القبض المعتبر، صدق مدعي الصحة. وإن قام أحدهما بما قال بينة قبلت.

وإن قام كل منهما بينة، قدمت بينة المدعي في ذلك، وقيل: تسقط البينتان.

ومنه: قال ابن أبي المجد: المثلثة الدائرة بين ثلاثة، غير جائزة.

قلت: هي من أنواع العينة، وهي أن يبيع لواحد، ثم يشتري آخر من المشتري لقصد أن لا يأخذ السلعة، وهو إذا كان عن اتفاق ومواطأة.

وأما إن أراد الشراء حقيقة، وأخذ السلعة وهو غير وكيل للبائع، أو من ماله كماله، جاز. انتهى. ومنه قلت.

فأما إن اشترى منه بدراهم، فقبض عنها دنانيراً أو عكسه، فهو صرف فيه شروط الصرف. انتهى.

ص: 189

إذا قال شخص لآخر قد اشترى سلعة: خلها لي بثمنها، صح إذا خلاها له بذلك، فلو باعها بعد قبضها على زيد أو عمرو بثمن مؤجل، ثم باعها المشتري لها أخيراً على المشتري الأول بلا مواطأة، صح ذلك.

ومن المواطأة قوله: خلها لنا نصحح بها، أو أبيعها على فلان بغائب، فهو يبيعها عليك بهذا الثمن، قاله شيخنا. قال ابن عطوة: اقتضاء ما لم يره، فيعطى حكمه، قاله شيخنا.

إذا رأى تمراً في منشر، ثم جعل في خصف، فالظاهر لابد من رؤيته ثانياً إن أراده شراءه، لإمكان تغيره بعجن ونحوه. وما شك أنه يتغير، لا يصح بيعه بالرؤية السابقة.

وإذا أراد شراء حشيش صبرة من مالكه، وهو الذي حاشه، فوكله أن يشتري له من نفسه لكونه عالماً له أولاً، هل يصح ذلك أم لأنه تغير بعد يبسه وجمعه له؟ فيها ثقل، والأول هو الذي نعمل به للحاجة لذلك من تقرير شيخنا بل الله ثراه.

قوله: برؤية متقدمة إلى آخره. الذي تقرر لنا أن كل شئ بحبسه، فمنه ما يمكن تغيره في يوم كبطيخ، ومنه ما لا يتغير في أعوام كالأرض البيضاء، ونصفه كدار، وشهر كنخل وشجر، وأسبوع كبهائم. وذلك على عادته، لا يقال: إنه محمي عن الطعام والشراب، بل كعادته. والبعير في زمن الربيع يمكن تغيره في الأسبوع. والنخل ونحوه في الشتاء لا يتغير في شهرين. قاله شيخنا.

قال الشيخ أبو العباس: إذا باعه معيناً مسمى، ولقدره أو وصفه عرف مطرد، فبان دونه، مثل أن يقول: بعتك هذا الثوب الهروي، وعادته أن يكون عشرة أذرع، فبان أنقص من ذلك، فإن هذا بمنزلة العيب، أي النقص الذي لا يقتضيه الاطراد العرفي. فإن قال: بعتك هذا الثوب لا أضمن لك قدره، فإن كان لنقصه عرف متقارب صح،

ص: 190

فمتى وجده أنقص منه، فله الفسخ، وإن كان متبايناً، فهي مسألة البراءة من العيوب. انتهى. وهكذا في "الإرشاد" لابن أبي موسى.

ما قولكم إذا ادعى شخص أنه باع على الآخر ديناراً بذرة في ذمته موصوفة، وقال المدعي عليه: بل بعتك ذرة معلومة القدر من صبرة معينة وصفتها لك، ثم ظهر لي أنها مخلوطة بنوع آخر بغير علم مني، فالعقد غير صحيح، لكونه على صبرة غير متساوية الأجزاء؟

الجواب: الذي نجسر عليه: إذا لم تكن بينة لواحد منهما، حلف المشتري لإنكاره بيع الذمة، والبائع منكر الشراء المعين، فلا وجه لتحليفه، لأن المشتري إن صدقه، فقد أقر بما يفسد البيع، وليس هذا من باب الاتفاق على عقد يدعي أحدهما صحته والآخر فساده، بل كل منهما يدعي عقداً ينكره الآخر. فإن نازع منازع بأن القول قول من يدعي الصحة، بل نقل صريح، فجوابه كما قال ابن عطوة: المسألة فيها إشكال يوجب التوقف والعمل بالمرجوح، فالأشبه على تقدير منازع أنه جزم في "المختصر": إذا اختلفا في عين المبيع، تحالفا وفسخ البيع.

وهذا الذي يعمل به المتورع في مثل هذه كتبه عبد الله بن محمد بن ذهلان. ومن خطه نقلت.

ومن "جمع الجوامع": وإذا باعه معيناً، ولقدره أو وصفه عرف مطرد، فبان دونه، مثل أن يقول: بعتك هذا الثوب الهروي، وعادته أن يكون عشرة أذرع، فبان أقل، فإن هذا بمنزلة العيب، فله الفسخ.

وإذا كان في التمر حثوة حشف، أو غبير، أو هضاب، فلابد من رؤية جميعه، ولا يكفي رؤية شئ منه، لكونه مختلف الأجزاء، قاله شيخنا.

ومن "جمع الجوامع": قال أبو العباس: يحرم تغرير مشتر، بأن يسومه كثيراً ليبذل ما يقارب ذلك

إلى أن قال: ويتوجه: إن

ص: 191

كان من عادة المبتاع الكسر وبخس الثمن، لم يحرم ذلك، وإلا حرم.

تنبيه: ما يفعله السماسرة من قوله أولاً ما يزيد على (ثمن) المثل ثم ينزل بها عن ثمن المثل، من جملة التغرير، فيحرم. انتهى.

الظاهر إذا قال: كم الثمن، أو كم تبيع؟ قال: بعشرة. مع أن الثمن خمسة، أو نحو ذلك، قال شيخنا: هذا حرام والله أعلم.

إذا كان لعدد دار، فوكلوا شخصاً يبيعها، فباعها بثمن واحد، صح، وإن لم يعرف نصيب كل واحد من الآخر، لأنه وكيل الجميع، قاله شيخنا.

إذا اشترى خرزة بثمن كثير يظنها جوهرة، فبانت خلاف ظنه، بطل البيع إن عينت وقت العقد جوهرة. وإن اشتراها كذلك لظنه أنها كذلك، أو عباءة يظنها شمالية بثمن الشمالية، فبانت أردأ فله الرد.

وأقل ما يقال في ذلك: الغبن، لأنه والحالة هذه جاهل بها، فكذلك ثمنها، قاله شيخنا.

وأجاب الشيخ سليمان بن علي: (أنه) لا رد بدعوى أنوثية السكين، وكون العباءة غير شرقية، حيث لا شرط مقارن للعقد ولا عيب، ومن خطه نقلت.

ومن جواب له أيضا: ولابد من رؤية المبيع، إلا ما ذكر التسامح فيه، فيكفي رؤية غالب الدار المعتمد عليه، الذي يزيد به الثمن وينقص، ولا يشترط رؤية غيره، مثل داخل الحش ونحوه.

وكتاب التفسير والفقه والحديث، حكمه حكم المصحف إذا كان من قطاع الطريق.

وإذا قال شخص لآخر: حقي من هذا العقار لك بحقك من هذا العقار الآخر. فقال: هو لك، صح لأن العين مبادلة. وكذا لو قال أحدهما: هذا لك بهذا. فقال: نعم، أو هي لي، أو قبلت. صح ذلك. ومن خطه نقلت.

ص: 192

يجوز بيع السلاح على نحو أهل نجد في غير زمن الفتن.

ولا يصح استثناء بعض الجلد، ولا بيعه قبل الذبح، ويصح بعده قبل الفسخ. وإن كان بعد السلخ، فلابد من رؤية جميعه ظهراً وبطناً.

وبيع الحب المتنجس يصح، لامكان تطهيره، وإطعامه الدواب، من تقرير شيخنا.

قال ابن عطوة: ما يباع في الأسواق مما يغلب على الظن أنه حرام، يشبه بيع العصير لمتخذه خمراً، فلا يحرم إلا أن يعلم ذلك، قاله شيخنا.

وله أيضا: قال الشيخ أبو العباس في "شرح المحرر": لبن الرجل لا يجوز بيعه. ذكره القاضي محتجا به محل وفاق، واعتذر للمخالف، وأنه وإن كان طاهراً، فإن شربه حرام، لأن الأصل أن اللبن تابع للحم، واستثنى لبن المرأة للحاجة. انتهى.

لا يجوز بيع الأعمى وشراؤه إلا بالصفة، أو بما يعلم بغير حاسة البصر، فلو أكل من نحو خصفة تمرات، ثم شراها لم يصح لأن هذا بيع الأنموذج، لأنه لم يعلم إلا ما ذاق بخلاف الباقي، كمن رأى في إناء يسيراً من تمر أو عيش، فلا يكفي، قاله شيخنا.

إذا اشترى زيد من خالد تمراً بدراهم في ذمته، ثم باع عليه خالد دراهم بتمر في ذمته، فأوفاه بها، جاز بلا مواطأة، بخلاف عكسه، وهو ما إذا باعه الدراهم أولاً بتمر في ذمته، ثم اشترى بتلك الدراهم من البائع تمراً أقل من ثمن الدراهم أولاً، لا أكثر بخلاف غيرها من جنسها، فيجوز، من تقرير شيخنا.

قال في "المغني": فصل: وإن وكله في بيع عبد، أو حيوان، أو عقار ونحوه، أو شرائه، لم يملك العقد على بعضه، لأن التوكيل

ص: 193

تناول جميعه، وفي التبعيض إضرار بالموكل وتشقيص لملكه، ولم يأذن فيه. وإن وكله في بيع عبيد أو شرائهم، ملك العقد عليهم جملة واحدة، وواحداً واحداً، لأن الإذن تناول العقد عليهم جملة. والعرف في بيعهم وشرائهم، العقد على كل واحد، ولا ضرر في جمعهم ولا إفرادهم. انتهى.

قال في "جمع الجوامع": ومن باع بيتاً من دار، وقال بحقوقه، لم يصح، لأن البيت تابع للدار، وكذا طريقه، وليس باتصال إذ ليس للتابع تابع، وإن سمى الطريق وعينه، صح، وإلا فلا. وقيل: وإن أطلق الطريق ولم يعينه، صح، وتمامه فيه.

بيع الأرض التي فيها صبرة معلومة، صحيح لا بطلان فيه، ولا فرق في ذلك عن الخراج على القول بصحة بيع الخراجية.

وبيع النخل إذا كان فيه صبرة، صحيح على ما اعتاده كثير من أهل الوشم وغيرهم. يوصي أحدهم في عقار بمثل هذه، ويصير الموصي به في العقار مقدماً في الغلة على المشتري، وبذلك يعمل فقهاؤهم، منهم الشيخ محمد، كتبه الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان. ولقد فاوضته فيها، فأجابني بمثل ذلك، وزاد بأنه فاوض الشيخ محمد، وأجاز ذلك بلا تردد عنده ولا عندنا، هكذا قرر شيخنا الحمد لله.

ما قولكم فيمن باع ثلث عقاره ونصف البئر التي فيه، وحرمها، وحد الحرم، ثم بعد ذلك شرى المشتري باقي العقار، ولم يحد حرم البئر في هذا الشراء الثاني وقت البيع، والحد الأول اندرس، فما يكون في ذلك؟ وإن فسد، فهل يرجع بالنفقة على البائع أم لا؟

الجواب: البيع الأول صحيح على ما ذكروا. والثاني: فإن عرف المتعاقدان الحد وقت البيع، فكذلك، وإن لم يعلماه، فالظاهر عدم الصحة.

ص: 194

وأما النفقة، فالذي نعمل به في هذه الأزمنة - وأظن الشيخ محمد بعد المفاوضة على ما نقله ابن عطوة عن شيخه العسكري - أن المشتري يرجع بما أنفقه إذا كان جاهلاً بالفساد ومثله يجهله. ومعلوم أنه إذا اختلف البائع والمشتري في الصحة والفساد، فالقول قول مدعي الصحة بيمينه إن لم تقم بينة، كتبه عبد الله بن محمد بن ذهلان، ومن خطه نقلت. وفاوضته في المسألة مراراً فأجابني بمثل ذلك.

قال ابن عطوة: للقبوض بعقد فاسد، يرجع قابضه بما غرم إذا كان جاهلاً، قاله شيخنا. انتهى.

عقار بيع أرضه ونخله، وفي الأرض قطعة للغير فيها شرك ولم تحد وقت البيع، وإلى الآن لا نعلم إلا بطريق التحري والصلح، لذهاب رسومها مع ثبوتها، فهل يفسد البيع والحالة هذه في الكلام في الأرض فقط؟

الذي تحرر لنا أن البيع يفسد في الكل، لأنه لا طريق إلى معرفة الأرض التي فيها قطعة خارجة، فكيف تقوم مجهولة، سواء قل المخالط أو كثر، فيكون كمن باع فرساً وحمل أخرى؟ فيفسد البيع في الكل بلا إشكال، مع أنهما عالمان وقت البيع أن في الأرض قطعة خارجاً منها سهم، فزال الاشكال، لأن العقد وقع على مجهول والحالة هذه.

ولو كانا جاهلين، فتبينت الأرض للغير، صح البيع في النخل فقط بقسطه، بخلاف ما إذا كان جزء مجهول لا يمكن معرفته الآن. وإذا قيل بصحة العقد في النخل، فصفة التقويم أن تقوم الأرض على صفتها، وعلى بقاء النخل فيها على زواله، ويسقيه مالكه ويتعهده، كما لو كان بأجرة، ثم يقوم النخل والأرض معه، أو تقوم الأرض خالية، ثم مغروسة، قما بينهما قيمة الأرض، كما في الشفعة، والأول أقرب، من تقرير شيخنا.

ص: 195

من "القواعد الفقهية": الصفقة الواحدة، هل تتفرق فيصح في بعضها دون بعض؟ فيها روايتان، أشهرهما أنها تتفرق. ولها صور أحدها:

أن يجمع العقد بين ما يجوز العقد عليه وما لا يجوز، إما مطلقا أو في تلك الحال، فيبطل العقد فيما لا يجوز العقد عليه بانفراده، والباقي على روايتين. ولا فرق في ذلك بين عقود المعاوضات وغيرها، كالرهن، والهبة، والوقف، ولا بين ما يبطل لجهالة عوض، كالبيع، ولا ما لا يبطل، كالنكاح

إلى أن قال: ثم إنه اختار أن المتبايعين إن علما أن بعض الصفقة غير قابل للبيع، لم يصح، رواية واحدة، لأنهما دخلا على جهالة الثمن، وتمامه فيه.

إذا اشترى عقاراً من آخر فظهر وقفاً، فإن كان الوقف على البائع، فالظاهر لا غلة له يرجع بها على المشتري فيما مضى، فتكون للمشتري عن كلفته وسقيه، إلا إن كان جاهلاً وأقام بينة بالجهل، فله الرجوع وعليه السقي لأنه الغار. وإن كان على غيره وانتزعه مستحقه، وغرم المشتري الثمار، فالمشتري يرجع على البائع بما غرم من ثمرة تلفت، وأجرة سكنى بيت، وأجرة سقي عقار، وأقل ما فيه كلام ابن عطوة، من تقرير شيخنا.

من "الفروع" بعد كلام له سبق: فيتوجه منه بيع نجاسة يجوز الانتفاع بها، ولا فرق ولا إجماع كما قيل.

قال ابن القاسم المالكي: لا بأس ببيع الزبل، قال اللخمي: هذا يدل على بيع العذرة، وقال الماجشون: لا بأس ببيع العذرة، لأنه من منافع الناس. فعلى المنع، هما في الإثم سواء. قال أشهب: المشتري أعذر من البائع. قال ابن الحكم: هما سيان في الحكم لم يعذر الله واحداً منهما، ثم قال: وفيه ما يدل على أن التراب الملقى، إذا خالطه زبل ونجاسة، لم يحرم استعماله تحت الشجرة والنخل والمزارع. انتهى.

المذهب خلافه، قاله شيخنا.

ص: 196

من "المنتقى" للمجد: وعن عبادة ابن الصامت: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين أهل المدينة في النخل أن لا يمنع نفع بئر.

وقضى بين أهل البادية أن لا يمنع فضل مائه، ليمنع به الكلأ". رواه عبد الله بن أحمد في المسند. انتهى.

قال في "القواعد": لو اشترى شجرا عليه ثمر، أو أرضا فيها زرع، أو داراً فيها طعام كثير، صح، ووقع بقاء الثمر والزرع والطعام مستثنى إلى أوان تفريغه على ما جرت به العادة، وذلك مجهول. ولو استثنى بلفظه مثل هذه المدة، لم يصح. انتهى.

من جواب شيخنا: العباءة إذا شراها يظنها شرقية، أو السيف يظنه ذكراً، فالعقد صحيح، وله الرد إن بان أردأ، كما لو كان أعلى إذا كان البائع جاهلاً به، نقلته من خطه.

ما قولكم فيمن باع على آخر دراهم اقترضها من آخر، وقبضها بتمر موصوف، واشترى - مع أنه يرجو أن المشتري يقرضها - إلى أجل، لأن قبل البيع بأيام وقع مهالجة بيع تمر وصدقه، ثم أقبل يلتمس الفساد؟ الجواب: لم يظهر إلا الصحة للعقد والحالة ما ذكرنا، لأن الاعتبار في مثل ذلك بما في نفس الأمر، لا بما في ظن المكلف، كتبه عبد الله ابن محمد بن ذهلان، ومن خطه نقلت.

وأجاب عبد الوهاب بن عبد الله: إذا باعه الدراهم بتمر موصوف من غير مواطأة قبل البيع، صح البيع، كتبه عبد الوهاب بن عبد الله، ومن خطه نقلت ملخصاً.

سئل أبو العباس عن بيع الكلأ؟ فأجاب: أما النبات الذي ينبت بغير فعل العبد، كالذي ينبته الله في ملك الانسان، أو فيما استأجره ونحو ذلك، فلا يجوز بيعه في مذهب أبي حنيفة، وأحمد في المشهور'

ص: 197

وهو قول أصحاب مالك والشافعي. والمشهور من مذهب الشافعي، جواز بيع ذلك، وهو المشهور من مذهب مالك في الأرض التي جرت عادة صاحبها بالانتفاع بها، وفيها نزاع: جوز ذلك ابن القاسم ومنعه غيره. واما إذا كان صاحبها ترك زرعها لينبت فيها الكلأ، فبيع هذا أسهل من بيع غيره، لأن هذا بمنزلة استنباته. انتهى.

الحب المختلط بغيره كشعير، لا يكفي رؤية بعضه، ولا ظاهر صبرته، وهو مثل صبرة البقال المنصوص عليه. وإن أتلفه متلف، فقيمته يوم تلفه لأنه ليس مثلياً. وإذا قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى كذا، وإلا فلا بيع بيننا، صح. فإن قال ذلك في بعض، وبعض قد قبضه وقت العقد، صح أيضا. وهل يتصرف فيما قبضه، أم لا حتى يمضي الأجل؟ الظاهر جواز تصرفه فيما قبض، لأنه ملكه.

وإن كان قوله: فلي الفسخ، فلا إشكال في جواز التصرف، من تقرير شيخنا.

قال ابن عطوة: سألت شيخنا عن رجل باع ناقة على آخر، وللشيخ عليها رسم، وهو متعين للقصاب، والبائع والمشتري يعلمان ذلك، فخلاه الشيخ لراعي الناقة، فقال: والناقة إذا خلى رسمها لصاحبها، جاز لأنه مظلوم. انتهى.

يصح جمع بين الرهن والضمين: لأنهما من مقتضى العقد ومصلحته، فيقول: رهنتك هذا في كذا وأقبضتك إياه، فيقبل، ويقبض، ويضمن الدين الذي به الرهن ضميناً، لأنه إلى الآن في ذمته، وكذا عكسه، من تقرير شيخنا.

وإذا باعه ديناراً بكر حنطة، فلما قبضه أقرضه البائع، ثم باعه إياه ثانياً، صح ذلك بلا شرط، قاله شيخنا.

وأما المشتري للعقار الذي أظهر أن السيل الذي قصده من وبل

ص: 198

السوق أنه للغير، مع أنه لا ينقص قيمته، فلا فسخ له، قاله شيخنا.

قال ابن عطوة: إذا اشتريت دابة ونحوها من ظالم وهو غاصبها، ثم عرفها ربها فنزعها بحجة شرعية، رجع المشتري عليه بالثمن. صرح بذلك أبو العباس فيمن خلص مال غيره من التلف، إذا لم يقدر على تخليصه إلا بما أدى عنه، رجع به في أصح قولي العلماء، لأنه ما خلص الدابة من الظالم إلا دراهم المغرور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا ضرار ولا ضرار". ولا يزال ضرر صاحب الدابة بضرر المبتاع، فيرد عليه الذي خلصها به، وهو الثمن الذي سلم للظالم على الصحيح.

وقد قال في "القواعد": المغرور كالمأذون له. انتهى.

والذي تقرر لنا: إن شراها بنية الرجوع على ربها ولو لم يعرفه، إذا كان يمكن معرفته، رجع عليه بالثمن ولو تلفت بغير تفريط منه، وكذلك يرجع بما أنفق عليها.

وأما إن شراها، فبانت مغصوبة، فلا رجوع له، وينزعها ربها، صرح به في الغصب. وكلام ابن عطوة مثل كلام ابن نصر الله في "الحاشية"، قاله شيخنا.

ومن "روضة ابن عطوة ": قال ابن فرحون في "التبصرة": إذا اشترى، رجل من السمسار سلعة، فاستحقت من يد المشتري، أو ظهر بها عيب، فلا عهدة على السمسار، والتبعة على ربها، فإن لم يعرف، كانت مصيبته على المشتري. فإن سأل السمسار عنه، فقال: لا أعرفه، حلف. قال: كذا رأيت كثيراً من أشياخنا فعله. وينبني على أصولهم:

إن نكل السمسار عن اليمين، أن يعاقبه السلطان على ما يراه. انتهى.

قوله: وإن اشترى منه شيئاً بنصف دينار، لزمه شقه إلى آخره.

يعني نصف دينار إن كان له نصف معلوم لأن كسره حرام، أو يباع دينار كامل، ويقسم ثمنه بينهما، من تقرير شيخنا.

ص: 199

قوله: ولا يصح استثناء ما لا يصح بيعه مفرداً إلا في هذه الخ. أي في مسألة السواقط، فلا يصح استثناء - من البهيمية - ما لا يصح بيعه.

وليست الثمرة كهي، بل هي أصل، قاله شيخنا.

من "القواعد": من نبت في أرضه كلأ أو نحوه من المباحات، فهل يملكه بذلك؟ فيها روايتان: وأكثر النصوص تدل على الملك.

وعلى الرواية الأخرى، إنما يثبت له حق التملك، وهو مقدم على غيره بذلك إذ لا يلزمه أن يبذل من الماء أو الكلأ إلا الفاضل عن حوائجه. انتهى.

قال ابن عطوة: إذا اشترى شيئا، وشرط على البائع أن يبقل الثمن عند غيره، واشترى بما عند الغير من غير أن يجعل الثمن في ذمته، فالظاهر صحة الأولى دون الثانية، قاله شيخنا.

لكن هنا سؤال: إذا اشترى بأكثر من قيمته بشرط أن يقبل الثمن عند فلان المفلس، ورضي به، ثم فسخ البيع بعيب ونحوه، فهل يرجع المشتري على البائع بالثمن إذا لم يرض بالمحال عليه، أو بقيمته المبيع؟ انتهى.

إذا باع على آخر عيناً غائبة بالصفة التامة، ولم يكن رآها أحد فيما قرب، فالظاهر صحة ذلك، وهو صريح كلام ابن عبد الهادي. قاله شيخنا.

في "جمع الجوامع": التاسع: هل يشترط فيمن باع بالصفة أن يكون قد رأى العين المباعة؟ ظاهر كلامهم: لا يشترط ذلك. فلو وصفها على وصف غيره، أو غلبة ظنه، صح في ظاهر كلامهم، وأنه إذا باع موصوفاً في ملكه، يصح ولو لم يكن قد رآه، حتى ولو لم يكن يعرف صفته. وأنه إذا باعه بالصفة إن ظهر على ما وصف، وإلا كان له الفسخ.

وبيع الصفة قريب من السلم. والسلم يصح فيه وصف عين غير

ص: 200

معروفة، حتى ووصفه عيناً معدومة، فكذا هنا. انتهى.

ومن "بدائع الفوائد" لابن القيم: ومن مسائل الفضل بن زياد القطان، قال: سألت أبا عبد الله عن القطن نبيعه فيرفع طرف العدل خمسة منا. قلت: وربما زاد فنحسبه؟ فرخص فيه ولم ينكره على طريق الصلح. قلت: فإنا نبيع بيعاً آخر، نبيع القطن في الكساء؟ فقال: هذا أحب إلي من ذلك، لأنه يكون بمنزلة التمر في جلاله وقواصره، ما زال هذا يباع في الإسلام، قلت: فإنهم يحملون على أن نكشفه، فقال: هذا ضرورة، وليس عليكم هذا. قال القاضي: إنما يشترط كشفه على الرواية التي جاز بها بيع الجراب قبل حله. وقوله: بيعه بظرفه أحب إلى من أن يحتسب بوزن الظرف، لأنهم ربما اختلفوا في وزن الظرف. انتهى.

قلت: قول أحمد بيع القطن في الكساء أحب إلي. وقوله: لأنه بمنزلة التمر في جلاله وقواصره، وما زال هذا يباع في الإسلام. يؤخذ منه بيع المغيبات في الأرض، كالجزر والقلقاس، والسلجم ونحوها، بل أولى. وما زال هذا يباع في الإسلام، ويتعذر عليهم بيع المزارع إلا هكذا، وعلمهم بما في الأرض أتم من علم المشتري بما في الجراب والأعدال، لأنهم يعرفونه بورقه، ولا يكاد تختلف معرفتهم به، بل ربما كان اختلاف مافي الجرب والأعدال أكثر من اختلاف المغيب في الأرض. انتهى ملخصاً.

قال في "النهر الفائق شرح كنز الدقائق" للحنفية: لو باعه جميع ما في هذا البيت، أو الصندوق، أو الجوالق، فإنه يصح، لأن الجهالة يسيرة، وشراؤه ما لم يره جائز، لما روى ابن أبي سعيد وغيره مرسلاً

ص: 201

عن مكحول مرفوعا ً: "من اشترى ما لم يره فله الخيار إذا رآه، إن شاء تركه وإن شاء أخذه". ولا خيار لمن باع ما لم يره. انتهى.

ومن جواب لأبي العباس ابن تيمية: وأما إذا تواطأ على أن يعطيه دراهم بدراهم إلى أجل، وتحيلا على جواز ذلك بعض الطرق، كالعينة وغيرها من الطرق المكروهة، لم يبارك الله لهذا ولا هذا، مثل أن يبيعه بعض ملكه بيع أمانة على أن يشتريه منه فيما بعد أكثر من الثمن، فهذا من الربا الذي حرمه الله ورسوله. انتهى.

ومنه: أهل الفقه والأصول جعلوا حكم الفاسد أنه يفيد الملك بالقبض، بخلاف الباطل.

وقال في كتاب البيع: وإنما ملكه لوجود ركن البيع من الأهل والمحل. انتهى.

وقال في "الدرر": إنه يملك برضى البائع صريحاً أو دلالة، بأن قبضه في مجلس العقد ولم ينهه البائع.

وقال في "مختصر القدوري": وإذا تغيرت العين المغصوبة بفعل الغاصب حتى زال اسمها وعظمت منافعها، زال ملك المغصوب منه عنها، وملكها الغاصب وضمنها، ولم يحل له الانتفاع بها حتى يؤدي بدلها.

وهذا كمن غصب شاة وشواها أو طبخها، وحنطة فطحنها، وحديداً فاتخذه سيفاً، أو صفراً فعمله آنية. فإن غصب فضة فضربها دراهم، وذهباً فضربه دنانير أو آنية، لم يزل ملك مالكها عنها عن أبي حنيفة.

ومن غصب ساجة فبنى عليها، زال ملك مالكها، ولزم ضمان قيمتها، انتهى. وعلى الهامش: على بدلها.

هذا استحسان، والقياس أنه يحل له الانتفاع بها قبل الأداء، لأن الضمان وجب في ذمته كما في الشراء. انتهى.

من "البدرية": "من مختصر خليل المالكي وشرحه لبهرام"، قوله: وإنما ينتقل ضمان الفاسد بقبضه. يريد أن ضمان الفاسد لا ينتقل

ص: 202

في الفاسد إلا بقبضه، وهو مذهب ابن قاسم، وقال أشهب: يضمنه المشتري بالقبض، وبالتمكين منه. ويدفع إلى البائع.

قوله: فإن فات مضى المختلف فيه. أي وإن فات المبيع بيعاً فاسداً، مضى بالثمن إن كان مختلفاً فيه. انتهى.

الجذام: قراح في طرف الأنف والأصابع، قاله شيخنا.

قال ابن عطوة: المبيع بعقد فاسد، والمردود بعيب، يرده المشتري في المكان الذي قبضه فيه. ومن قال لرجل: بع على آخر، فأنا لا أستوفي حقي إلا بعدك، تحاصا، ولا عبرة بالوعد. انتهى.

ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وأما شرط التمر في الخصف، فلم أظفر فيه ينص. وقوله: لاستخراج ذلك بالحساب. فالمراد به في الثمن لا في المبيع، لأن المبيع لابد من معرفته حال العقد. لكن لو باع سهماً من ألف سهم، صح. انتهى.

يجوز بيع الوقف المتحقق تلفه. والمجهول أيضا يصح بيعه للحاكم، ويصرفه في المصالح، قاله شيخنا.

عرض عليه ورقة بخط شيخه أحمد بن ناصر، حاصلها أن فلاناً اشترى من فلان نصف نخلات معلومات بثمن معلوم، ثم إنه آجره البائع على سقي نصفها الباقي بالثمن المذكور في القيظ دور ثلاث، وفي الشتاء دور عشر. انتهى. هكذا مثبتة، ونقلها غير متعرض لها، فراجعته، فقال: إذا كان حياض النخل معلومة بالمشاهدة، صح، مع أنه عنده فيها ثقل.

قال في "جمع الجوامع": أو يشترط المشتري أن لا خسارة عليه، وإن خسر رجع بالخسارة، أو رده، أو إن نفق وإلا رده، أو إن غصب، أو سرق، أو نهب، رجع بثمنه، وتمامه فيه. يعني فيصح البيع ويفسد الشرط، ولمن فات غرضه، الفسخ، أو أرش فقد الشرط، فلو سرق

ص: 203

أو غصب، جاز له الفسخ لأنه فات غرضه، وهو ضمانه عن الغصب، قاله شيخنا.

قوله: كاتبه أو راسله إلى آخره. المذهب خلافها. وإذا رأى العقار بالمشاهدة، صح شراؤه ولو لم يعرف دقله من خضريه. كما تصح المساقاة عليه كذلك، قاله شيخنا.

قال ابن عطوة في "روضته": قليل البصر إذا ادعى أنه لم ير المبيع، وأمكنه صدقه، قبل قوله: والبيع باطل فيما يظهر. انتهى.

وهذا موافق للمذهب، قاله شيخنا.

قوله: وغن باعه شيئاً، أو وهبه، ثم أقر به لغيره الخ. إن كان إقراره في خيار المجلس، بطل البيع. وإن كان في خيار شرط، فإن كان في حالة يجوز له فيها الفسخ بلا رد ثمن، سمع إقراره وبطل البيع، وإلا لم يقبل على المشتري إلا بدر الثمن، لأن إقراره كفسخه الخيار.

ويحتمل أنه يقبل، فيبطل البيع، لأن الإقرار أقوى، لتعلق حق الغير به.

وأما إذا صدقه المقر له، وقلنا: إنه لا يقبل إقراره على المشتري، فإنه يأخذ منه قيمته أو ثمنه، من تقرير شيخنا.

قولهم: في العرايا خمسة أوسق فأقل الخ. فإن اشترى ذلك فأكله، هل يجوز له شراء غيره، لأنه عقد آخر، وربما أن له عيالاً كثيرة، أم لا؟ الظاهر جوازه، ووافق عليه عبد الوهاب بن عبد الله، وخالفهما عبد الله بن أحمد.

قال ابن عطوة: أطلق الأصحاب جواز بيع المغصوب من غاصبه.

وظاهر إطلاقهم سواء كان بثمن المثل أو دونه، ولم أقف لأحد من الأصحاب على تقييده بأن صحة ذلك كونه بثمن أمثاله، وثمن المثل ليس بشرط لصحة البيع ممن يصح بيعه، إذ هذا تصرف صدر من أهله في محله فصح، ولا فرق بين المغصوب وغيره على ما صرح به الأصحاب.

ص: 204

غاية ما يقال فيه: إن بيع مضطر صدر منه ضرورة، ولولاه ما باع، وتمامه فيه.

والظاهر: إن كان الغاصب يقول: بعه علي بكذا، وإلا منعتك منه، فلا يشك في عدم الصحة، لأنه ملجأ بغير حق، وإن كان قال: أنا اشتري منك بكذا إن أردت، توجه قول الشيخ ابن عطوة، مع أنا لا نجسر أن نجزم بالصحة حتى يملكه ربه، أو يرفع يده عنه له، أو يشتريه بثمن المثل، قاله شيخنا.

وإذا شرى ألف تمر موصوف في ذمة صاحبه بمائة محمدية معجلة، صح. وهذا هو السلم، فلا يجوز فيه خيار. وإذا قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث، أو تضمن لي فلاناً، أو ترهن عندي كذا، وإلا فلي الفسخ. فإن أراد لزوم البيع، صح لتركه بعض حقه، بخلاف قوله: وإلا فلا بيع بيننا، فإنه ينفسخ بمضي الأجل قبل الإتيان بما شرط، من تقرير شيخنا.

إذا باعه بشرط أن يرهنه المبيع أو غيره في الثمن، فله الفسخ إن ام يرهنه، ولو بعد بيع المبيع أو رهنه، ولو متراخياً، قاله البلباني، ووافقه شيخنا، وزاد: لسبق حق البائع على المشتري الثاني. انتهى.

ومن كلام ابن عطوة: قال شيخنا في رجل وقف وقفاً وأشهد عليه، ثم باعه على رجل لم يعلم بالحال: إن الوقف والحالة هذه باطل غير لازم، بل يحكم الحاكم ببطلان الوقف مراعاة وحفظاً لمال المغرور.

ولو فتح هذا الباب لتسلط كل مكار وظالم على أموال المسلمين، واتسع بذلك فتق لا يرقع، وفتح فاها لذلك كل شيطان لا يشبع، ويأبى الله ورسوله أن يجمع لهذا الخادع ولأولاده ماله المباع، ودراهم المخدوع، وقد أكذب نفسه، وأكذب شهوده ببيعه، فإذا شهدوا بالوقف أنه وقفه، وإذا هو قد باعه، فكما قال الموفق: فهي تكذبه

ص: 205