المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فائدة: الودي الخارج من أصل النخلة الموقوفة لا يصح بيعه - الفواكه العديدة في المسائل المفيدة - جـ ١

[أحمد المنقور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[طريقة المصنف في النقل عن شيخه ابن ذهلان]

- ‌من كتاب الطهارة وكتاب الصلاة

- ‌فائدة من كلام الشافعية:

- ‌ومن كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية:

- ‌فصل: وأما الماء إذا تغير بالنجاسة فإنه ينجس بالاتفاق

- ‌مسألة مهمة عند الحنفية:

- ‌ فصل

- ‌فائدة:

- ‌فصلفيما يقع للانسان: إذا أراد فعل الطاعة

- ‌ فوائد:

- ‌فائدة

- ‌فائدة: خير صفوف الرجال أولها

- ‌فصل: وإن قدم الجمعة فصلاها في وقت العيد

- ‌ فائدة:

- ‌ فائدتان:

- ‌من كتاب الجنائز:

- ‌من كتاب الزكاة

- ‌فصل: ومن زكى ما سبق في هذا الباب من المعشرات مرة، فلا زكاة فيه بعد

- ‌ فصل: وإن رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم

- ‌من كتاب الحج

- ‌من كتاب البيع

- ‌فصل: وإذا وكل شخصاً في بيع عبده

- ‌ فصل: فإن باعه بثمن حال نقده

- ‌ فصل: في العينة وبيع إلى أجل:

- ‌فصل: منه: ولا خير في العينة

- ‌فائدة: إذا دفع إليه شيئاً بعوض ولم يذكر الثمن

- ‌فائدة: في "فتاوى القاضي حسين": لو وكله في بيع شئ فباعه

- ‌فائدة: الذي يظهر لي أن مرادهم في الخشب الذي شرط قطعه

- ‌ فائدة: لو اشترى بمال نفسه سلعة لغيره، ففيه طريقان:

- ‌فائدة: وكذا حكم المساقاة والمزارعة في المسألتين

- ‌ فصل: وإن انتفع بها وردها على صفتها فلا شئ عليه

- ‌بحث في الإجارة

- ‌ فصل: وإذا وكل واحداً في بيع عبده، ووكله آخر في شرائه

- ‌فصل: ويجوز بيع الجوز، واللوز، والفستق، والباقلاء، الرطب في قشرية مقطوعا

- ‌فائدة: في القهوة:

- ‌فائدة: ظهر في هذا القرن أو قبله بيسير شراب يتخذ من قشر البن يسمى قهوة

- ‌من كتاب الوقف

- ‌فائدة:

- ‌فائدة: الودي الخارج من أصل النخلة الموقوفة لا يصح بيعه

- ‌فصل: قال تقي الدين: وإن وكله، أو أوصى إليه أن يقف عنه شيئا

- ‌فائدة: قال ابن رجب في "الطبقات": رأيت في "الفتاوى المنسوبة على تاج الدين الفزاري" الحنبلي واقعة، وهي: وقف وقفه رجل عند الحاكم أنه وقفه في صحة من بدنه وعقله

- ‌فصل: لفظ الرجال والرهط لا يعم النساء ولا العكس

الفصل: ‌فائدة: الودي الخارج من أصل النخلة الموقوفة لا يصح بيعه

قال في "الخلاصة": ولا يشترط في صحة الوقف إخراجه عن يده. انتهى.

قال الدميري في "شرح المنهاج": قال السبكي: قال لي ابن الرفعة: أفتيت ببطلان وقف خزانة كتب وقفها واقف لتكون في مكان معين في مدرسة الصاحبية بمصر. انتهى.

ومن جواب لمحمد بن ملا على الواعظ: الثالثة: إن الغراس المذكور، إن استغنى الوقف عن غرسه فيه، وكان إبقاؤه ربما يضر بالأمات، أو لا مصلحة في تركه، صح للناظر بيعه وصرف ثمنه في مصلحة الوقف، ولا يعطى الموقوف عليه منه شيئاً إذ لا حق له إلا في الغلة وليس ذا منها. انتهى.

‌فائدة:

قال ابن حجر الهيثمي في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج":

وأفتى جمع المتأخرين في نخل وقف مع أرضه ثم حدث منها ودي، بأن تلك الودي الخارجة من أصل النخلة جزء منها فلها حكمها كأغصانها.

قال شيخنا المحقق عمر بن عبد الرحيم الحسيني في "حاشيته" عليها: قوله ك كأغصانها. يؤخذ منه أنه يجوز قلعها حيث اعتيد أو شرطه الواقف. ومثله فيما يظهر ما لو أضرت بأصلها. وحيث قلعت، فهي ملك للموقوف عليه كأغصانها حيث جاز قطعها. انتهى. فعليه هي كالريع يتصرف فيها المالك بنفسه وبغيره كالثمرة، والله أعلم. انتهى.

‌فائدة: الودي الخارج من أصل النخلة الموقوفة لا يصح بيعه

، لأنه جزء منها كأغصانها. نعم! لو قلعها نحو ريح وتعذر الانتفاع بها، انقطع الوقف عنها، وملكها الموقوف عليه حينئذ. وإن أمكن الانتفاع بها جذعا بإجارة، فلا، أفتى به شيخ الإسلام محمد بن محمد بن عبد المنعم الشافعي. انتهى.

ص: 430

الظاهر جواز بيعه، لكن يجعل ثمنه في وقف، لأنه بأصوله اشبه منه بالثمرة، وكذا أجاب الخزرجي، ونقل عن الشيخ منصور، قاله شيخنا.

ومن جواب للشيخ عبد الله، وأما جذع النخلة الوقف إذا انكسر، أو فنى وهو باق، فإنه يباع ويشري بثمنه مثله. فإن لم يبلغ مثله ولا بعض مثله، اشترى به ما ينتفع به الموقوف عليه ولو من غير جنسه، نحو قدح، أو ماعون غيره. انتهى.

ومن جواب للشيخ سليمان: وأما فراخة النخل الوقف، فيشري بثمنها نخلة أو بعضها، وإلا صرفت في مصالح النخل. انتهى.

ومن جواب للشيخ محمد بن عثمان الشافعي رحمه الله: وأما الودي الذي ينبت في أصول النخل الموقوف، هل يكون حكمه حكم النخل، أم يكون كالثمرة؟

فأفتى جمع متأخرون بأن الودي الخارج من أصل النخلة جزء منها، فله حكمها كأغصانها، وسبقهم بنحو ذلك السبكي، فإنه أفتى في أرض وقف وقف فيها شجر موز، فزالت بعد أن نبت في أصولها فراخ، ثم كذلك في الثانية وهكذا، بأن الوقف ينسحب على كل ما ينبت من تلك الفراخ المتكررة من غير احتياج إلى إنشائه. وأفتى آخرون بأنها للموقوف عليه، لأنها من الفوائد الحادثة، فتلحق بالثمرة ونحوها. وكفى بكل من القائلين أسوة.

وأما جريد النخل الموقوف إذا كان رطبا، هل يجوز لمستحقه قطعه، أم لا إلا بعد يبسه؟

فالجواب: إنه لا يجوز للموقوف عليه أن يقطع من أغصان الموقوف إلا ما اعتيد قطعه من الجريد اليابس الذي هو من جمل فوائد الموقوف التي يملكها الموقوف عليه، كالثمرة ونحوها، والله أعلم. انتهى.

ص: 431

ووجدت بخط الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين الشافعي ما صورته:

ما تحت النخلة الموقوفة، إن كان في جذعها: دخل في وقفها، وإن كان نابتا في حوضها لم يدخل، لاستقلاله فلا يشمله لفظها. انتهى.

ومن فتاوى الشهاب ابن حجر: إذا شرط الواقف أن يفرق كذا يوم عاشوراء. فهل يلزم - وإذا تعذر التفريق فيه يؤخر إلى عاشوراء الثاني - أو لا؟

فأجاب: يجب أن يفرق يوم عاشوراء. فإن اتفق تأخيره عنه فرق عند الإمكان، ولا يؤخر إلى عاشوراء الثاني.

وسئل أيضا عمن وقف نخلة ولها أولاد وبعضها يضر بفاؤه، فهل يجوز قطع المضر، وما يفعل به إذا قطع؟

فأجاب: يجوز قطع المضر. ثم ما حدث بعد الوقفية، أفتى جمع بأن حكمه حكم الأصل فيكون وقفا. ويشهد له ما قاله السبكي في شجر الموز. وأفتى آخرون بأنه للموقوف عليه، واختلفوا في الموجود حال الوقفية، قال بعضهم: والذي تحرر لي بعد التثبت أياما، أنه إن أمكن نقله إلى مكان آخر، فعل وإلا بيع ويشتري بثمنه نخلة، أو يشارك به في نخل يقوم مقام الأصل، وتجري عليه أحكامه، وتصرف غلته في مصارفه، ولذلك شاهد من كلامهم، وهو متجه. انتهى.

الظاهر أن هذا موافق لمذهبنا، والعمل عليه، قاله شيخنا.

ومن جواب للشيخ أبي المواهب بن عبد الباقي: وأما ودي النخل الحادث بعده فهو كالأصل. انتهى.

ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: وأما فراخة الوقف، فإن كان أخذها أصلح، جاز، ويشتري بثمنها نخلة أو بعضها تصرف مصرف الوقف، وإلا صرفت في مصالح الوقف. انتهى.

ص: 432

ومن جواب للشيخ سليمان بن علي أيضا: الظاهر أن فسيل النخل الذي لا يترجى كونه نخلا صالحا، حكمه كالأغصان اليابسة. انتهى.

وهذا مخالف لما تقدم عنه.

قال في "شرح الوجيز": وإن وقف عقاره وسكت، بأن قال: هذا العقار وقف، ولم يذكر مصرفا صحيحا، بطل الوقف على الأصح، ورجع إلى ملك واقفه لعدم انتقاله على هذه الصورة.

وكذا لو وقف عقاره على يد زيد أو عمرو ولم يذكر له مصرفا صحيحا، فإنه لا يقف على الأصح من الروايتين، لأن الواقف أراد باليد نظارة لزيد لا تمليكا له، ولم يبين المصرف بل سكت عنه، فكان مجهولا، وجهالة المصرف مبطلة للوقف، فعدم ذكره أولى بالبطلان، ورجع العقار إلى ملك واقفه طلقا لعدم انتقاله عن ملكه، كالتي قبلها.

وعنه: يصح الوقف في الجميع، هذه والتي قبلها، لأن مقتضى الوقف التأبيد، فيحمل على مقتضاه ولا يضر ترك ذكر مصرفه، لأن الإطلاق إذا كان له عرف، صح وحمل عليه، وعرف المصرف هنا أولى الجهات به، وهم ورثته وهم أحق الناس ببره، فكأنه عينهم لصرفه، بخلاف ما إذا عين جهة باطلة. واختار هذه الرواية الثانية في المسألتين جمع من الأصحاب، ورجحوها على التي قبلها. انتهى. والله أعلم.

الذي تقرر لنا في فراخة النخل الوقف أنها تباع وتصرف في مصالح الوقف، لأنها بأصولها أشبه، كما نقل عن الشيخ منصور، وهو الذي عليه الشيخ محمد، قاله شيخنا.

إذا قال مالك: قادم في غلة الأرض الفلانية عشرة آصع لجهة كذا فقط، سواء كان وقفا أو مشترطا ذلك فيه أو طلقا، وهذا فيه وصية، فالظاهر أنها تكون برا. فإن قال: حب، فلا إشكال، لأنه لغته. وإن كان ذلك القول من نخل، فإنها تكون تمرا من غلة النخل، لأنه الذي

ص: 433

يتبادر له الفهم، والظاهر أنها تخرج منه. فلو أراد الورثة إخراجها من غيره، لم يلزم الموصى له قبولها، وهل إذا رضي بها من غيرها يجوز، أم لا؟ فيها تردد، قاله شيخنا.

ومن "جمع الجوامع": شخص أوصى أن يشتري منه ثلثه مكان يوقف على جهة معينة، فاشترى الوصي دارا ثم أراد بيعها ويشتري غيرها، هل يجوز للمصلحة؟ وهل توقف بمجرد الشراء؟

الجواب: لا تصير وقفا بمجرد الشراء ولا بد من وقفها، وقد صرح به الموصي بقوله: يوقف. وأما بيعها، فإن كان شراها بعين المال، فلا. وإن كان شراها في الذمة ولم يقع الشراء لجملة الوصية، فله بيعها، وما ذكر من المصلحة لا يقتضي جواز البيع حيث وقع الشراء صحيحا لجهة الوصية، والله أعلم. انتهى.

ومنه: الثاني والثمانون بعد المائتين من أجوبة البلقيني: فيمن أوصى بشراء أرض ووقفها، فاشتريت ولم توقف إلا بعد ما حصل منها ريع، هل هو للجهة، أو للورثة؟

أجاب: يصرف في جهة الوقف، لأن الأرض مستحقة الوقفية من حين شرائها، لا حق فيها للورثة، وهي مسألة نفيسة.

وأما الذي قال: إن لم يساور هذا العقار ألفاً فهو وقف، فلا يوقف، لأنه لا يصح تعليقه على غير الموت، قاله شيخنا.

قال في "جمع الجوامع": السادس: يشتري به زيادة في وقفه، قال أبو العباس: لا يرصد بلا فائدة. انتهى.

ومنه، الثاني والثلاثون: إذا شرط الواقف في وقفه قراءة قرآن، أو قراءة حديث، أو تدريس فقه بمسجد، أو بيت، أو مدرسة، أو رباط، أو مكان، أو بلد، تعين القرآن، أو التدريس في العلم الذي عينه. وهل يتعين المكان؟ يتوجه احتمالات: أحدها: يتعين، وهو

ص: 434

ظاهر كلام بعض أصحابنا. والثاني: لا. والثالث: إن كان للواقف قصد في وقوعه في المكان، أو علم ذلك بقرينة، كمن بنى مدرسة وجعل فيها درسا ونحو ذلك لقيام شعائر مدرسته، تعين المكان. انتهى.

مسألة: رجل يملك بيتا وعليه دين لولده، فأوقف البيت المذكور على أجنبي والحال أن الواقف لا يقدر على وفاء الدين بعد الوقف، هل يصح، أم لا؟

أجاب بما لفظه: لا يصح الوقف المذكور، وعبارة القاضي الطيب الناشري في "إيضاحه": قال ابن الرفعة في باب صدقة التطوع: من الكفاية إذا كان محتاجا لما يتصدق به لنفسه، أو لنفقة عياله، أو لقضاء دين عليه - أي لا يرجو وفاءه - فتصدق بالمال، أو وهبه، أو وقفه، أو أعتقه، ففي صحة ذلك الوجهان في هبة الماء في الوقت، والصحيح عدم الصحة، فإنه يريد أن يتحيل على أهل الديون، وأن يضيع من يعول، وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول، كما ورد في الحديث. انتهى.

وعبارة الزركشي في "قواعده": التصرفات المالية، كالعتق، والوقف، والصدقة، والهبة، إذا فعلها من عليه دين - أي لا يرجو وفاءه - أو له من تلزمه نفقته مما لا يفضل عن حاجته، يحرم عليه في الأصح، لأنه حق واجب، فلا يحل تركه لسنة، وعلى هذا فهل يملكه المتصدق عليه؟

قال ابن الرفعة: ينبغي أن يكون كهبة الماء بعد دخول الوقت، وقضيته أنه لا يملكه على المرجح. انتهى. وجرى على ذلك جمهور المتأخرين إلا من شذ، وممن أفتى به الجمال بن الخياط، والشيخ تقي الدين العيني، والفقيه العلامة يحيى العامري، وشيخنا، شيخ المذهب

ص: 435

والإسلام - الشهاب البكري وغيرهم من المحققين المعتمدين. ومن نسب الصحة إلى "شرح المهذب" فقد أخطأ. بقي من الفتيا أسطر ضاق عنها الطرس، وحاصلها تأكيد لما قدمه، ورد على من فهم عبارة "المهذب" خلاف ذلك من فتيا الشيخ العلامة المحقق الفهامة، قطب الدين اقليم اليمن، شيخ الإسلام عبد الرحمن بن زياد، نقلته من خط الشيخ أحمد بن موسى الباهلي الشافعي حرفا بحرف.

ومن قال: ثلث مالي يشري به نخل ويوقف على ولدي.

الذي يظهر أن مراده من غير بيع نخله، بل يشتري بثمن العروض من غير العقار، والنخل يوقف ثلثه - ووقع مثل هذه في الدرعية - فباع ثلث العقار على أجنبي، ثم اشتراه الوصي للوقف احتياطا، وإلا ففيها إشكال من كونه يباع. ولو قال له: يباع عقارك ويشري به، لم يرض به، قاله شيخنا.

وذكر أنه وقف على ورقة بخط الشيخ ناصر بن محمد - ولم ينسبها -.

إذا قال: ثلث مالي وقف على زيد، يوقف منه العقار ونحوه.

بخلاف الدراهم والعروض، فيبطل، وهذا بعيد من فهم العامةو وعملنا على غيره، قاله شيخنا.

وأما من قال: ثلث مالي يوقفه فلان على ما أراد ونحو ذلك.

فالذي يظهر جوازه على ورثة الوصي، ولأن الوقف ليس كالطلق.

وإن كان قال: يفعل به ما أراد، ورأى وقفه عليهم، فالظاهر جوازه، قاله شيخنا.

ومن "جمع الجوامع" القاعدة الثانية والستون: إذا وقف على أضحية، فإن عينها لطائفة من الفقراء، أو فقراء مكان، فرقت عليهم، وللناظر أن يأكل منها بالمعروف. وإن أطلق الأضحية، فهل للناظر أن يأكل ثلها، ويهدي ثلثها، ويتصدق بثلثها؟

ص: 436

الظاهر: لا، وإنما يكون الفقراء، وإنه يأكل كأحدهم فقط. انتهى.

ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: إذا أوصى بوقف ثلث ماله، بيع الأثاث ونحوه وأضيف إلى الأثمان ويشتري به، لأنه مراد الواقف، والعقار يترك على حاله يوقف ثلثه. وإذا وقف على جهة باسم مشارك ولا قرينة، فالظاهر عدم الصحة كالمبهم. انتهى.

وإذا أوصى بأضحية في غلة عقاره. سواء كان طلقا أو اشترطه في وفقه، عينه - أي الوقف - فقسم الورثة العقار وامتنع أحدهم من نصيبه من الأضحية، أو تعطل نصيبه، فكان لا غلة له إذاً، فالظاهر لا يلزم الآخر إلا نصيبه، ولأنه العرف بخلاف ما إذا لم يقسم، فإنها تكون من رأس بينهما ولو كانت جميع الغلة، قاله شيخنا.

قال في "طبقات زين الدين بن رجب": قال ابن عقيل: أنا أخالف صاحبي في هذه، لدليل عرض لي، وهو أن الباقي بعد التعطل والدروس صالح لوقوع البيع وابتداء الوقف، فإنه يصح وقف هذه الأرض العاطلة ابتداء، والدوام أولى. ثم قال: قلت: هذا ليس بجواب لما قال المخرمي من منع صحة إنشاء وقفها، فإن أكثر ما يفيد هذا أن وقفيتها لم تزل بالخراب، والمخرمي موافق على ذلك، ولكنه يقول: يجوز، أو يجب بيعها وصرف ثمنها إلى مثلها، وهذا شئ آخر

إلى أن قال: ثم يقال: إذا وقفها ابتداء وهي متعطلة. فإن كان يمكن الانتفاع بها لما وقفت له، كوقف أرض سباخ مسجداً، صح وقفها

إلى أن قال: وإن سلمنا صحة إنشاء وقفها، وأنها تباع ويصرف ثمنها فيما ينتفع به، كما هو ظاهر كلام أحمد في مسألة السرج الفضية

إلى أن قال: قلت: الإمام أحمد يراعي المعاني في مسائل الأيمان ومسألة الوقف، فإن الواقف إنما قصد بوقفه دوام الانتفاع بما وقفه، فإذا تعذر حصول

ص: 437

ذلك النفع من تلك العين، أبدلناها بغيرها مما يحصل منه ذلك النفع مراعاة لحصول النفع الموقوف ودوامه به

إلى أن قال: والتحقيق في ذلك ما تقدم، وهو أن العين المعطلة إن كان يمكن الانتفاع بها على وجه ما، صح وقفها ابتداء ودواما. لكن في الدوام تبدل وإن لم تبدل في الابتداء، لما سبق في الفرق، وفي الموضعين الوقف صحيح، لكن جواز الإبدال أو وجوبه أمر زائد على صحة الوقف، وتمامه فيه.

الظاهر: لا يصح وقف مغصوب إلا على غاصبه كالبيع، أو على قادر على أخذه منه، وربما لا يصح الوقف أصلا بخلاف البيع، والأول أظهر، قاله شيخنا.

قال الغزالي ونقله النووي على قوله في الوقف على جماعة يمكن حصرهم: قال: إن قلت: كل عدد فهو محصور في علم الله، ولو أراد إنسان حصر أهل بلد، قدر عليه إن تمكن منهم. فاعلم أن تحديد أمثال هذه الأمور غير ممكن، وإنما يضبط بالتقريب، فنقول: كل عدد لو اجتمع في صعيد واحد لعسر على الناظر عده بمجرد النظر، كالألف وغيره، فهو غير محصورو وبين الطرفين أوساط متشابهة تلحق بأحد الطرفين، وما وقع الشك فيه استفتي فيه القلب. انتهى.

ومنه، العاشر في "فتاوى ابن فركاح": لو وقف مخبزا، أو فأسا، أو شيئا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه على عامة المسلمين، فأخذه واحد من المسلمين لينتفع به فهلك في يده من غير تعد منه، فلا ضمان عليه، وما قاله صحيح لا يبعد من قاعدة مذهبنا.

ومنه أيضا سؤال: وقف إنسان على جهة بر وأراد آخر أن يوقف عليه، فهل يجوز للثاني؟ وهل ينقص من أجر الأول؟ وهل يحتاج إلى إذن من الأول أم لا؟

فأجاب صدر الدين الخابوري: كل واحد من الواقفين مثاب على

ص: 438

وقفه، ولا يأخذ واحد منهما من أجر الآخر شيئا بسبب وقفه، ولا ينقص من أجر الأول شيئا بوجود الوقف الثاني، وليس لواحد منهما منع الآخر من الوقف بغير طريق شرعي، ولا يحتاج الواقف الثاني في إنشاء وقفه إلى إذن الأول، وما قاله صحيح، والله أعلم. انتهى.

من "جمع الجوامع": الثامن: قال الحارثي: يصح وقف الفحل للإطراق لا لإجارته، وقد حث الشارع على إعارته، ويصح وقف صغار الرقيق، والجحش الصغير، والزمن المرجو زوال علته ز انتهى.

والذي تحرر لنا صحة وقف الغراس الصغار وإن كان لا يحمل إلا بعد مدة بلا تردد، قاله شيخنا.

ومنه أيضا بعد كلام له سبق عن ابن الصلاح: وهذا لا يتأتى على قاعدة مذهبنا، فإن عندنا يحصل الوقف بالقول أو الفعل، وقاعدة مذهبنا:

يحصل الوقف بمجرد الشراء. وإذا قتل العبد الموقوف وأخذت قيمته، واشترى بها مكانه صار وقفا بمجرد الشراء. وإذا دفع الوقف أو غيره مالا إلى الناظر أو غيره، وقال: اشتر به وقفا لهذه الجهة، فاشترى بالمال بنفسه أو بوكيله شيئا، صار وقفا بمجرد الشراء، ولا يحتاج في ذلك إلى تجديد وقف، لا من الواقف ولا من الناظر ولا من الحاكم، على قاعدة مذهبنا. انتهى.

فظهر لنا أن الوثيقة التي عرضت علينا بخط موسى بن عامر على صواب وأمضيناها، وهي:

إن إنسانا أوصى أن يشتري فلان بثلث ماله نخلا يوقف على ولده - أي الموصي - فشرى الوصي كما أمر ولم يوقفه، إنه يكون وقفا بمجرد الشراء، والله أعلم، قاله شيخنا.

وظهر لنا أنه إن مات الوصي، أو امتنع، يقوم الوارث مقامه.

ص: 439