المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ فصل: وإذا وكل واحدا في بيع عبده، ووكله آخر في شرائه - الفواكه العديدة في المسائل المفيدة - جـ ١

[أحمد المنقور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[طريقة المصنف في النقل عن شيخه ابن ذهلان]

- ‌من كتاب الطهارة وكتاب الصلاة

- ‌فائدة من كلام الشافعية:

- ‌ومن كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية:

- ‌فصل: وأما الماء إذا تغير بالنجاسة فإنه ينجس بالاتفاق

- ‌مسألة مهمة عند الحنفية:

- ‌ فصل

- ‌فائدة:

- ‌فصلفيما يقع للانسان: إذا أراد فعل الطاعة

- ‌ فوائد:

- ‌فائدة

- ‌فائدة: خير صفوف الرجال أولها

- ‌فصل: وإن قدم الجمعة فصلاها في وقت العيد

- ‌ فائدة:

- ‌ فائدتان:

- ‌من كتاب الجنائز:

- ‌من كتاب الزكاة

- ‌فصل: ومن زكى ما سبق في هذا الباب من المعشرات مرة، فلا زكاة فيه بعد

- ‌ فصل: وإن رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم

- ‌من كتاب الحج

- ‌من كتاب البيع

- ‌فصل: وإذا وكل شخصاً في بيع عبده

- ‌ فصل: فإن باعه بثمن حال نقده

- ‌ فصل: في العينة وبيع إلى أجل:

- ‌فصل: منه: ولا خير في العينة

- ‌فائدة: إذا دفع إليه شيئاً بعوض ولم يذكر الثمن

- ‌فائدة: في "فتاوى القاضي حسين": لو وكله في بيع شئ فباعه

- ‌فائدة: الذي يظهر لي أن مرادهم في الخشب الذي شرط قطعه

- ‌ فائدة: لو اشترى بمال نفسه سلعة لغيره، ففيه طريقان:

- ‌فائدة: وكذا حكم المساقاة والمزارعة في المسألتين

- ‌ فصل: وإن انتفع بها وردها على صفتها فلا شئ عليه

- ‌بحث في الإجارة

- ‌ فصل: وإذا وكل واحداً في بيع عبده، ووكله آخر في شرائه

- ‌فصل: ويجوز بيع الجوز، واللوز، والفستق، والباقلاء، الرطب في قشرية مقطوعا

- ‌فائدة: في القهوة:

- ‌فائدة: ظهر في هذا القرن أو قبله بيسير شراب يتخذ من قشر البن يسمى قهوة

- ‌من كتاب الوقف

- ‌فائدة:

- ‌فائدة: الودي الخارج من أصل النخلة الموقوفة لا يصح بيعه

- ‌فصل: قال تقي الدين: وإن وكله، أو أوصى إليه أن يقف عنه شيئا

- ‌فائدة: قال ابن رجب في "الطبقات": رأيت في "الفتاوى المنسوبة على تاج الدين الفزاري" الحنبلي واقعة، وهي: وقف وقفه رجل عند الحاكم أنه وقفه في صحة من بدنه وعقله

- ‌فصل: لفظ الرجال والرهط لا يعم النساء ولا العكس

الفصل: ‌ فصل: وإذا وكل واحدا في بيع عبده، ووكله آخر في شرائه

ويكون على العامل تمام العمل ولو انفسخت إلى أن يبيد النخل إلا أن يرضى أحدهما بغير ذلك، ولم يتشاحا، فعلى هذا - أي على المغارسة الصحيحة التي يلزم العامل تمام العمل إلى أن يبيد النخل - وإن كان وقع من المالك والعامل تقاسم ورضى ولو كان النخل أو بعضه لم يحمل، صح ذلك، ولزم ما رضيا به، ولم يكن لأحدهما النقض بعد الرضى، والله أعلم، ومن خطه نقلت.

ما قولكم في أرض استأجرها شخص وهي وقف على معين، والإجارة مدة معلومة، وحكم بموجبها حاكم، فمات المؤجر وانتقل الوقف إلى غيره إلى آخره؟

الجواب: إذا مات المؤجر المزبور، انفسخت الإجارة المزبورة، سواء حكم بموجبها أم لا. لكن لو حكم بعد موت المؤجر المزبور حاكم بعدم انفساخها وهو يرى ذلك عن علم، صح حكمه وارتفع الخلاف، فليس لحنبلي ولا لغيره الحكم بانفساخها، كتبه محمد البلباني ومن خطه نقلت.

ومن جواب لشيخنا: وأما مسألة الوكالة، فالظاهر أن كلام ابن قندس على قول مقتضى إطلاقهم وتعليلهم، عدم احتياج الوكيل إذا تولى طرفي العقد إلى إذن من وكله. وعبارة "المغني" وغيره التي استدل بها في "الإنصاف" في ذلك على المذهب، كالصريح.

وهي‌

‌ فصل: وإذا وكل واحداً في بيع عبده، ووكله آخر في شرائه

فالمذهب أنه يجوز أن يشتريه له من نفسه، لأنه إذن له في تولي طرفي العقد، فجاز أن يليهما إذا كان غير متهم، كالأب يشتري من مال ولده لنفسه. انتهى. فقوله: إذا كان غير متهم، وتشبيهه بالأب، كالصريح فيه، وكان في هذه عندنا بعض شئ، هل يحتاج لإذن، أم لا، ويقول أخي عبد الرحمن: إنه سأل شيخه الخزرجي عن ذلك، وقال: لا يحتاج لإذن.

ص: 351

وأم بيع الوكيل على والده وولده ونحوهم حال كونهم وكلاء لغيرهم، فالظاهر صحته جزما، لأنه - أي الولد ونحوه - إنما هو وكيل لغيره فقط، وحقوق العقد متعلقة بالموكل دون وكيله. انتهى.

ما قولكم فيمن له على آخر مطبقة، هل يجوز يأخذ عنها طويلة؟

وهل يجوز كسر الأحمر، أو المطبقة للصياغة؟ وهل يجوز بيع التمر المعجون بنحو وعاء بآصع حب في الذمة؟ وهل يجوز أكل جوزة الطيب، أم لا؟ وهل هي طاهرة، أم نجسة، أو تختص النجاسة بعد سحقها وإمتاعها؟

الجواب عن الأولى: إذا لم يكن بلفظ البيع أو التعويض، فهو جائز، لأنه استيفاء لا معارضة فيه ولو بلفظ الصلح.

والثانية: إذا أراد بكسره حلياً مباحاً، جاز، لأنه يتصرف في ملكه بما يشاء.

والثالثة: لا يجوز بيع التمر بما ذكره لعدم القبض المشترط في الربوي.

والرابعة: أنه لا يحرم من الجوزة إلا أكل القدر المسكر، أما القليل الذي لا يسكر عادة، فلا، وهذا ينبغي إخفاؤه عن العوام، وهي طاهرة لعدم انطباق حد النجاسة عليها وإن أميعت، ما لم يصر في ذاتها شدة مطر به، كتبه عبد الرحمن بن عبد الله الشافعي.

ما قولكم فيمن قال: يجمع زيد مالي، ثم يشتري به نخلا فيسبله ويصرف غلته لجهة كذا؟

الجواب: ما حصل من ثمرة النخل قبل بيع الوصي للورثة، والحالة ما ذكروا.

وإذا شرى بثمن الثلث فوقفه على ما أمر به، فله ما شرط.

وقوله في "الإقناع": وإن شرط لناظر أجرة، فكلفته عليه حتى

ص: 352

يبقى أجرة مثله الخ. وهي بطولها في "المستوعب" وذلك مقيد بما إذا لم يصرح الواقف بالزيادة للناظر، فإن صرح، عمل به مطلقا، والله أعلم نقلته من جواب شيخنا بخطه.

وسئل أيضا: إذا ادعى زيد على ورثة ميت أوصى بثلث ماله لجهة بدين. وأقام به بينة، فأقام الورثة شاهدا بإبرائه منه وحلفوا معه، هل يكفي عن جميع الدعوى وإن كان موصياً بثلث ماله؟

الجواب: إذا حلف الورثة مع شاهد البراءة، اندرجت البراءة على الجميع، لأنها تركة، فتندرج الوصية بالثلث معها.

والثانية: إذا أوصى بثلث ماله لجهة مطلقا، وأقام الورثة شاهدا على حق وحلفوا معه، هل يثبت جميعه، أم لا؟

الجواب: إذا حلف الورثة بالدين مع الشاهد، فهي تركة يندرج فيها الثلث للوصية لأن الوارث يقوم مقام الميت في ميراثه والديون التي له وعليه. انتهى. ونقلته من خطه.

قال الزركشي: والقبض فيه وجهان: فإن كان مما ينقل، فقبض المرتهن له، أخذه من راهنه منقولا. وإن كان مما لا ينقل، كالدور والأرضين، فقبضه تخلية راهن بينه وبين مرتهنه لا حائل دونه بشئ، فقبض كل شئ بحبسه على ما جرت العادة فيه

غلى أن قال: وما عدا ذلك، كالدور، والعقار، والثمرة على الشجر ونحو ذلك، التخلية بينه وبين مرتهنه من غير حائل، بأن يفتح له باب الدار، أو يسلم إليه مفتاحها ونحو ذلك. وإن كان فيها قماش للراهن ونحو ذلك في الدكان ونحوها، بأن يمشي إليها ويشاهد المرهون ليتحقق التمكين فيكون كالقبض. انتهى.

قال ابن قندس في "حاشيته على الفروع": والأصح لا يثبت

ص: 353

فيما تولى واحد كأب، يعني إذا اشترى الأب لنفسه من مال ولده الذي تحت حجره. انتهى.

ومنه أيضا: وليس له البيع من نفسه، ويجوز بإذنه - وتوليه طرفيه - في الأصح فيهما.

قال في "الرعاية": ومن وكل في بيع شئ، لم يبعه لنفسه، ولا لمن ترد شهادته له، كولده ووالده ومكاتبه ولا لوكيله، وعنه: له شراؤه إن زاد على ثمنه المذكور، وكذا الخلاف والتفصيل لو وكله في شرائه فاشتراه لموكله من نفسه أو ممن ترد شهادته له، فإن أذن له موكله في ذلك، أو بعضه، أو وكله رجل في بيع شئ ووكله آخر في شرائه، فتولى طرفي العقد، صح على الأقيس، كالوالد إذا اشترى من مال ولده الصغير شيئا، أو باعه شيئا وتولى في العقدين. إن مراده في تولي طرفي العقد على الأقيس، إذا أذن له البائع في البيع من نفسه، أو وكل وكيله في الشراء، بدليل قوله أول الفصل: ولا لوكيله فمسألة البيع لوكيله تعرف من أول الفصل، ومن هنا يعرف تولي طرفي العقد.

قوله: وآخر في شرائه مرفوع عطفا على فاعل المصدر وهو توكيل، والمعنى: لو وكله شخص في بيعه، ووكله آخر بشرائه، وكان شراه لمن وكله في الشراء وتولي طرفي العقد، كما لو اشترى لنفسه على ما مر من الخلاف والتفصيل. انتهى.

من "الانصاف" قوله: وكذلك الوديعة، يعني أنها تكون دينا في تركته إذا مات ولم يعينها، هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. انتهى.

هل يصح بيع الأرز في قشره والسلم فيه كذلك؟

أجاب محي الدين النووي الشافعي: الجواب الصحيح جوازهما. انتهى.

ص: 354

إذا اشترى شيئا فرأى فيه شيئا، ثم بعد مدة ظهر أن ذلك عيب، فقال المشتري: أنا ظننت أنه أثر ليس بعيب!

أجاب النووي: إن كان ذلك مما قد يخفى على مثله، صدق المشتري بيمينه.

وسئل أيضا: ما الصيغة فيمن أراد أن يسلم في حنطة أو شعير؟

فأجاب: مثاله أن يقول: أسلمت أو أسلفت إليك هذه الدراهم في غرارة قمح من قمح الجولان الجديد الجيد الأصفر تسلمها إلي في الموضع الفلاني. انتهى.

من "إعلام الموقعين" لابن القيم: ومن الحيل المحرمة الباطلة أن يكون له على رجل مال وقد أفلس غريمه وأيس من أخذه منه، وأراد أن يحسبه من الزكاة، فالحيلة أن يعطيه من الزكاة بقدر ما عليه، فيصير مالكا للوفاء فيطالبه بالوفاء. فإذا أوفاه برئ وسقطت الزكاة عن الدافع. وهذه حيلة باطلة، سواء شرط عليه الوفاء، أو منعه من التصرف فيما دفعه إليه، أو ملكه إياه بنية أن يستوفيه من دينه، فكل هذا لا يسقط عنه الزكاة، ولا يعد مخرجا لها، لا شرعا ولا عرفا

إلى أن قال: فتحصل من مذهبه: إن دفع الزكاة إلى الغريم جائز، سواء دفعها ابتداء، أو استوفى حقه ثم دفع ما استوفاه إليه، إلا أنه متى قصد بالدفع إحياء ماله، أو استيفاء دينه، لم يجز، لأن الزكاة حق لله تعالى وللمستحق، فلا يجوز صرفها إلى الدافع ويفوز بدفعها العاجل

إلى أن قال: والمقصود أنه متى فعل ذلك حيلة، لم تسقط عنه الزكاة، فإنه لا يحل مطالبة المعسر وقد أسقط الله عنه المطالبة، فإذا توصل إلى وجوبها بما يدفعه إليه، فقد دفع إليه شيئا ثم أخذه، فلم يخرج منه شئ. فإنه لو أراد الآخذ التصرف في المأخوذ وسد خلته منه، لم أمكنه، وهذا هو الذي لا يسقط عنه الزكاة. فأما لو أعطاه عطاء قطع طمعه من

ص: 355

عوده إليه، وملكه ظاهرا وباطنا، ثم دفع إليه الآخذ دينه من الزكاة، فهذا جائز، كما لو أخذ الزكاة من غيره ثم دفعها إليه.

وإذا طلق امرأته ثلاثا جملة، فهذا مما يحتج لها، لا يحتج بها، وللناس فيه أربعة أقوال:

أحدها: الإلزام. والثاني: الغاؤها، وإن كان هذا إنما يعرف عن فقعاء الشيعة.

والثالث: إنها واحدة، وهذا قول أبي بكر وجميع الصحابة في زمانه، وإحدى الروايتين عن ابن عباس، واختيار أعلم الناس بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن اسحاق، والحارث العكلي وغيرهما، وهو أحد القولين في مذهب مالك، حكاه التلمساني في "شرح تفريع ابن الجلاب"، وأحد القولين في مذهب أحمد اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.

والرابع: إنها واحدة في حق التي لم يدخل بها، ثلاث في حق المدخول بها، وهذا مذهب إمام أهل خراسان في وقته اسحاق بن راهويه نظير الإمام أحمد والشافعي، ومذهب جماعة من السلف، وفيها مذهب خامس، وهو: إن كانت منجزة، وقعت. وإن كانت معلقة، لم تقع، وهو مذهب حافظ الغرب، وإمام أهل الظاهر في وقته أبي محمد ابن حزم. ومنها أيضا: ولا يختلف المسلمون أن تعليم هذه الحيلة حرام، والافتاء بها حرام، والشهادة على مضمونها حرام، والحكم بها مع العلم بحالها حرام.

ومنه أيضا: فإن عبد الله بن عمر باع زيد بن ثابت عبدا بشرط البراءة بثمانمائة درهم، فأصاب به زيد عيبا فأراد رده على ابن عمر، فلم يقبله، فترافعا على عثمان، فقال عثمان لابن عمر: تحلف أنك لم

ص: 356

تعلم بهذا العيب؟ ! فقال: لا، فرده عليه، فباعه ابن عمر بألف درهم، ذكرها الإمام أحمد وغيره، وهذا اتفاق منهم على صحة البيع وجواز شرط البراءة، واتفاق من عثمان وزيد على أن البائع إذا علم بالعيب، لم ينفعه شرط البراءة، وأن المدعى عليه متى نكل عن اليمين، قضى عليه بالنكول، ولم ترد اليمين على المدعي.

ومنها أيضا: ويصح أن يعلق الضمان بالشرط فيقول: إن نوى المال على الأصيل، فأنا ضامن له. فإن خاف من قاصر في الفقه غير راسخ في حقائقه، فليقل: ضمنت لك هذا الدين عند تعذر استيفائه ممن هو عليه، وهذا ضمان مخصوص بحالة مخصوصة، فلا يجوز الزامه به في غيرها، كما لو ضمن الحال مؤجلا، أو ضمنه في مكان دون مكان. انتهى ملخصا.

قال في "التحفة" للشافعية: لو غفل عن نحو كتاب فأكلته الأرضة، أو جعله في محل هو مظنتها، ضمنه لتفريطه. انتهى.

ومن جواب للشيخ محمد بن اسماعيل: وأما إذا كانت الأرض معلوماً إحياؤها وإنه معصوم لكنها تركت حتى خربت عمارتها، ودثرت حتى صارت مواتا فأحياها هذا المحيي، فكذلك حكمه في مذهب أحمد، وقال مالك: يملكها المحيي.

وإن جهل محييها الأول وجهل عقبه، ففيه عن أحمد روايتان:

المذهب أنها تملك بالإحياء، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك.

والثانية: لا تملك به، وعلى كل حال تجوز الصلاة فيها مع العذر، وكذا سائر العبادات. انتهى.

قال أبو العباس: إذا صالح على بعض الحق خوفا على ذهاب جميعه، فهو مكروه لا يصح صلحه، وله أن يطالبه بالحق بعد ذلك إن

ص: 357

أقر به، أو ثبت ببينة. انتهى. هذا موافق لكلام ابن قندس، والمذهب:

لا ينقض الصلح، لكن لو أقر المنكر بأنه أنكره لطلب الصلح من ربه، فالصلح يكون باطلا في حقه، لعلمه بكذب نفسه، قاله شيخنا.

ومن جواب للشيخ محمد بن اسماعيل: والصلح عن المجهول، فإن كان من أحد الورثة لبقيتهم، صح. وإن كان من غير الشركاء، فلا أدري. انتهى.

يجوز لولي اليتيم أن يأذن له في الصدقة بيسير، أشار إليه في "شرح المنتهى" قاله شيخنا.

قوله: ومن وجد مسيل مائه إلى آخره.

الذي تحرر لنا عند الشيخ محمد: إن كان الذي هو بيده يدعى عليه أنه قد أحدثه، فيمينه أنه له بحق. وإن كانت الدعوى أن مورثه، أو الذي انتقل إليه منه العقار قد أحدثه، فيمينه على النفي أنه ما علم أنه وضع بغير حق، وإن أجمل المدعي دعواه لتكون اليمين على البت، فهذا محل الاشكال. والظاهر أن صاحب الد إذا أقام بينة تشهد بتقدمه على ملكه، أفادت أن الذي أحدثه غيره وتسمع، ثم يحلف على النفي للعلم، من تقرير شيخنا.

قوله في الحجر: ولم يكن صيد والبائع محرم إلى آخره.

الظاهر: يوقف للبائع حتى يحل من إحرامه، ثم هو بالخيار، ونفقته حال إيقافه من مال المفلس، لأنه ملكه، لكن يتعلق به حق البائع، كما في الرهن نفقته على راهنه وثمنه للمرتهن، قاله شيخنا.

سئل البلباني عن قولهم في الوكالة: يحلف الوكيل في المال مع الشاهد، فإذا مات الوكيل قبل حلفه وقد تصرف بأن باع أو شرى، هل يحلف العاقد مع الوكيل، أو يحلف ورثة الموكل على ثبوت الوكالة، أو تبطل الوكالة؟

ص: 358

فأجاب: وتصرف الوكيل المذكور قبل ثبوت وكالته موقوف على ثبوتها، فعلى العاقد اثباتها، فإن عجز، فالقول قول ورثة الموكل، والله أعلم.

إذا كان لشخص على آخر دينار مثلا، فأراد دفعه له، فامتنع من قبضه له ولا حاكم يجبر أو يقبض، وعلى المدين ضرر، كطلاق أو خيار، أشهد عدلين على عدها ووزنها ونقدها، ثم وضع ذلك بحجره، وقال:

هذا حقك ويبرأ ويفسخ الخيار إن كان. ولقد فعل مثل ذلك ابن بسام في عقار شراه بالخيار لبائعه، قاله شيخنا.

وأما تلف المغصوب فهو خروجه من يده إلى من لا يقر بالغصب ولا بينة، ولا يشترط استهلاكه، كما قيل: لا يكون تالفا إلا مع عدم عينه، ولأن الاتلاف الحكمي كالحسي، وقد نصوا أن هبته ووقفه كتلفه مع بقاء عينه، قاله شيخنا.

إذا تجلد للبلد سور غير الأول، واستهدم الأول ولم يعرف له مالك، هل يباح الأخذ منه للبناء، أم يبيعه عدل ويصرف ثمنه في المصالح، الأحوط الثاني، قاله شيخنا.

إذا أقر بعد الصلح أنه جحده لطلب أن يصلح له ببعض الحق، فالصلح باطل، قاله شيخنا.

ليس للمستأجر أن يحفر في الأرض المستأجرة بئراً بلا إذن المستحق، فإن فعل وفي بقائه مصلحة للأرض وبقيت، وإلا دفنت. فإذا كانت وقفاً ومات المؤجر، وقلنا بالانفساخ لانتقال الأرض، وأريد تقدير أجرة المثل على المستأجر للمستحق الثاني، فهل تقدر على وجود البئر لأنه يزيد في الأجرة، لأن المستأجر لا يملك دفنها إذا منعه المستحق، أم لا بلا بئر كأول مرة، لأنها عمل مستأجر؟

فيها ثقل، والأول أقرب للفهم، وتقدر في الصورتين على كونها

ص: 359

خالية من النخل الآن، لأن النخل عروقه تنجب الأرض، لا على أنها موات مستريحة. ولا يجوز للمستأجر إخراج ماء البئر إلى أرض أخرى، لإضرار ذلك بالوقف حالا أو مآلا ولا مصلحة فيه، بل ربما مع طول المدة يدعي أنه له بحق، قاله شيخنا.

قال ابن عطوة: سألت شيخنا: إذا عاوض الراعي ببعضه خوفا من ذهاب الجميع ضرورة؟

فأجاب: إنه جائز، لأنه يجب عليه الحفظ حسب الطاقة والامكان، وانقاذه وحمايته من كل رديء بكل وجه. فإذا لم يمكن حمايته إلا به، وجب، وجاز دفع أعلى الضررين بأدناهما، ولما فيه من المصلحة شرعا وعرفا وعقلا، ويرشح ذلك أن المالك لو كان حاضرا لم يفعل إلا ذلك، وإلا عد سفيها لإضاعته إنقاذ ماله مع القدرة عليه، وذلك قبيح شرعا وعقلا، يوضحه إصلاح الوقف ببيع بعضه، ويؤيده من عمل لغيره عملا له فيه مصلحة، كحصار زرعه، والاستخراج من معدنه، أن يستحق الأجرة. فإذا جاز التصرف في المال بغير الإذن للمصلحة فيما لا يخشى ضياعه، فجوازه فيما يخشى عليه التلف أحرى وأولى، والشرع لم يرد بتحريم مصلحة لا ضرر فيها، ويعضده ما قاله الطوفي من جواز التمسك بالمصلحة المسترسلة إذا دعت الضرورة إلى ذلك. انتهى.

ووجدت بخط الشيخ عبد الوهاب بن موسى جد عبد الوهاب ابن عبد الله من المساقاة: ولا تصح بجزء من الشجر، ولا بجزء من ودي يغرسه ويعمل عليه حتى يحمل ولا بجزء مما لا يثمر كصفصاف. انتهى. وأظنها من "الرعاية".

ما قولكم في منحاة قاصرة، هل يجوز حفر أسفلها وجعل دباب - ولو وصل السوق - بأن يغرز الحفر ولا يحصل ضرر على المار؟

ص: 360

وإذا احتاج إنسان لسقي أرض له من بئر أخرى وبينهما سوق، هل يجوز أن يحدث فيه ساقياً ويطم بأحجار بحيث يظن أن لا ضرر يترتب على ذلط؟

الجواب: الظاهر: حيث لا ضرر في المنحاة، أنه إذا أذن فيه الإمام أو نائبه في الشارع، أو أذن أهله في غيره، أنه بمنزلة الساباط ونحوه أسبه، وكذا الطريق لسقي الأرض كذلك، والله أعلم، كتبه عبد الله ابن محمد بن ذهلان، ومن خطه نقلت.

ومن جواب لسليمان بن علي: وإذا صالح المساقي، أو أخذ أجرة، أو أبرأ المالك على سقيه، أو باعه، صح ذلك كله. ولو كان له غرماء، لم يكن لهم عليه اعتراض ولو كان دينه أكثر من ماله، لصحة تصرف المفلس قبل الحجر عليه. لكن إن كانت الثمرة مرهونة رهنا صحيحا، لم ينقذ تصرف المساقي بغير إذن الراهن. انتهى.

ومن "جمع الجوامع": وما فضل من شجره بعد جذاذه، أو قطافه، أو في أرضه من بصل أو فجل أو نحوه بعد قلمه، أو في مقثاته بعد قطفها ونحو ذلك، يجوز أخذه، وهو من باب ما تركه أهله رغبة عنه، لأنه في منزلة ساقط لا تتبعه الهمة، لكن لابد من تحقق الرغبة عنه، ويتوجه الاكتفاء بغلبة الظن في ذلك. انتهى.

قوله في الإحداد: وتخرج لأذاها إلى آخره.

مثله لو أراد مالك دار يؤجرها على رجل سوء، فللجار منعه إذا كان فاسقا (أو سارقا) أو بائقا أو بذيء اللسان، وقد أفتينا بذلك، قاله شيخنا.

وفي الملتقط: أهل قرية غرمهم السلطان، إن كانت الغرامة لتحصين أموالهم، فعلى قدر أملاكهم. وإن كانت لتحصين الرؤوس، فعلى عدد

ص: 361

الرؤوس، ولا يدخل الصبيان والنساء. انتهى. وهذا ملخص من جواب لسيف بن غراز، وذلك أنه ذاكر الشيخ أحمد وجماعته، وكذلك أحمد بن شبانه، وعبد الرحمن بن عبيد في مسألة المساقاة بمكتوب، فراجعوه برده وعدم التسليم، فكتب هذا، ولخصنا منه ما تيسر:

بعد، فوصل المكتوب وهو مشعر بشدة تمضغكم بذلك المكتوب وليس فيه ما يوجب ذلك، لأني مبالغ في التلطف في الخطاب.

وقابلتموه بهذه الغلظة الشديدة، ونسبتم أنه جمع الغث والسمين، والصواب وضده، ولم يظهر لكم ذلك بصريح من النقل. وقد عن لي ألا أجيب مكتوبكم لما فيه الإيحاش، ثم بدا لي بالإجابة بما لا إيحاش فيه، سواء قابلتم ذلك بالقبول أو الرد. قال ابن رجب:

التفاسخ في العقود الجائزة متى تضمن ضررا على أحد المتعاقدين، لم يجز ولم ينفذ، إلا أن يمكن استدراك الضرر بضمان أو نحوه، فيجوز على ذلك. ثم ذكر منها فسخ المالك بعد ظهور الثمرة، أن نصيب العامل فيها ثابت، وكذلك لو فسخ العامل بعد ظهور، فهذا مع عبارة الأصحاب: إن العامل إذا فسخ بعد ظهور الثمرة عليه تمام العمل، يفيد أن عليه من العمل بعد الفسخ ما كان عليه منه من قبل الفسخ. وقد صرحوا بصحة المساقاة على ودي النخل بجزء من ثمرته إذا أثمر مع كونه لا ثمرة فيه مدة طويلة

إلى أن قال: والحاصل أن المفهوم من هذه العبارات وأمثالها، أن الفسخ لايستفيد به الفاسخ شيئا، لأنه إذا كان المالك، فالعامل ملك حصته بالظهور، وإن كان العامل فكذلك، لأن عليه من العمل بعد الفسخ ما كان عليه قبله، وموجب ذلك ظهور الثمرة، ولا عبرة بتلفها بعد ذلك أو بعضها، وهذا ظاهر لمن أنصف.

وبالجملة فالقائل بعدم وجوب العمل على العامل إلا فيما فيه ثمرة

ص: 362