المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من كتاب الوقف - الفواكه العديدة في المسائل المفيدة - جـ ١

[أحمد المنقور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[طريقة المصنف في النقل عن شيخه ابن ذهلان]

- ‌من كتاب الطهارة وكتاب الصلاة

- ‌فائدة من كلام الشافعية:

- ‌ومن كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية:

- ‌فصل: وأما الماء إذا تغير بالنجاسة فإنه ينجس بالاتفاق

- ‌مسألة مهمة عند الحنفية:

- ‌ فصل

- ‌فائدة:

- ‌فصلفيما يقع للانسان: إذا أراد فعل الطاعة

- ‌ فوائد:

- ‌فائدة

- ‌فائدة: خير صفوف الرجال أولها

- ‌فصل: وإن قدم الجمعة فصلاها في وقت العيد

- ‌ فائدة:

- ‌ فائدتان:

- ‌من كتاب الجنائز:

- ‌من كتاب الزكاة

- ‌فصل: ومن زكى ما سبق في هذا الباب من المعشرات مرة، فلا زكاة فيه بعد

- ‌ فصل: وإن رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم

- ‌من كتاب الحج

- ‌من كتاب البيع

- ‌فصل: وإذا وكل شخصاً في بيع عبده

- ‌ فصل: فإن باعه بثمن حال نقده

- ‌ فصل: في العينة وبيع إلى أجل:

- ‌فصل: منه: ولا خير في العينة

- ‌فائدة: إذا دفع إليه شيئاً بعوض ولم يذكر الثمن

- ‌فائدة: في "فتاوى القاضي حسين": لو وكله في بيع شئ فباعه

- ‌فائدة: الذي يظهر لي أن مرادهم في الخشب الذي شرط قطعه

- ‌ فائدة: لو اشترى بمال نفسه سلعة لغيره، ففيه طريقان:

- ‌فائدة: وكذا حكم المساقاة والمزارعة في المسألتين

- ‌ فصل: وإن انتفع بها وردها على صفتها فلا شئ عليه

- ‌بحث في الإجارة

- ‌ فصل: وإذا وكل واحداً في بيع عبده، ووكله آخر في شرائه

- ‌فصل: ويجوز بيع الجوز، واللوز، والفستق، والباقلاء، الرطب في قشرية مقطوعا

- ‌فائدة: في القهوة:

- ‌فائدة: ظهر في هذا القرن أو قبله بيسير شراب يتخذ من قشر البن يسمى قهوة

- ‌من كتاب الوقف

- ‌فائدة:

- ‌فائدة: الودي الخارج من أصل النخلة الموقوفة لا يصح بيعه

- ‌فصل: قال تقي الدين: وإن وكله، أو أوصى إليه أن يقف عنه شيئا

- ‌فائدة: قال ابن رجب في "الطبقات": رأيت في "الفتاوى المنسوبة على تاج الدين الفزاري" الحنبلي واقعة، وهي: وقف وقفه رجل عند الحاكم أنه وقفه في صحة من بدنه وعقله

- ‌فصل: لفظ الرجال والرهط لا يعم النساء ولا العكس

الفصل: ‌من كتاب الوقف

لأنهن يتعاطين بيعها كثيرا، وبالاختلاط بالمرد، لملازمتهم لمواضعها، ولسماع الغيبة والكلام الفاحش، والكذب الكثير من الأراذل الذين يجتمعون لشربها ما يسقط المروءة بالمواظبة عليها. ومنها أنهم يتلهون عن صلاة الجماعة بها، ولوجود ما يلهي من شطرنج ونحوه في مواضعها.

ومنها ما يرجع لذات الشارب، أخبرني والدي حفظه الله عن العارف بالله أحمد زروق أنه سئل عنها في ابتدائها أول أمرها، فقال: أما الإسكار فليست مسكرة، ولكن من كان طبعه السوداء والصفراء، يحرم عليه شربها، لأنها تضر به في بدنه وعقله. ومن كان طبعه البلغم، فإنها توافقه.

وقد كثر في هذه الأيام فيها الجدال، وانتشر فيها القيل والقال، وحدث بسببها فتن وشرور، واختلف فيها متأخروا العلماء وتصانيفهم، ونظمت في ذمها ومدحها القصائد، فالذي يتعين على العاقل أن يتجنبها بالكلية إلا لضرورة شرعية. ومن سلم من هذه العوارض كلها الموجبة للحرمة، فإنها ترجع في حقه إلى أصل الإباحة. وقد عرضت هذا الكلام على سيدي الشيخ العارف بالله محمد بن عراق، وعلى سيدي الوالد أعاد الله علينا من بركتهما، فاستحسناه وأمرا بكتابته. وإنما قلت هذا الكلام لأني لم أر من استوعب في ذلك. انتهى كلام الخطاب. وقد نقله بتمامه الإمام العلامة إبراهيم اللقاني، وأقره في رسالته المسماة "بنصيحة الاخوان باجتناب الدخان" والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

ولأبي مسعود المفتي في الروم:

أقول لإخواني عن القهوة انتهوا

... ولا تجلسوا في مجلس هي فيه

وما ذاك عن بعض ولا عن ملالة

ولكن غدت مشروب كل سفيه

‌من كتاب الوقف

ومن الوقف، قال في "شرح الإقناع" بعد كلام له سبق: ووقف الهازل، ووقف التلجئة، إن غلب على الوقف جهة التحرير من جهة أنه

ص: 413

لا يقبل الفسخ، فينبغي أن يصح، كالعتق والإتلاف. وإن غلب عليه شبه التمليك، فيشبه الهبة والتمليك، وذلك لا يصح من الهازل على الصحيح، قاله في "الاختيارات". انتهى.

ومن "جمع الجوامع" بعد كلام له سبق: وأصل الاختلاف أن الوقف أخذ شبها من التمليك، وشبها من التحرير. كما لا يخفى

إلى أن قال: وقال الحارثي: منشأ الخلاف تردد الوقف بين التحرير والتمليك. انتهى.

ومنه أيضا: هل يصح توقيته بغاية مجهولة أو غير مجهولة؟

على قول من قال: لا يزال وقفا، لا يصح توقيته. ومن قال: يعود ملكا، يصح توقيته. فإن غلب جانب التحرير، فالتحرير لا يتوقت.

وإن غلب جانب التمليك، فتوقيت جميعه قريب من توقيته على بعض البطون، كما لو قال: هذا وقف على زيد سنة ثم على عمرو سنة. انتهى.

ومنه أيضا: القاعدة الثانية والستون: ذكر في القواعد المجهولة: أظنها لجمال الدين الإمام، وقيل: لابن شيخ السلامية. ويقوى عندي أنها لابن قاضي الجبل، لقربها من خطه، ويحتمل أن يكون ابن مفلح والد نظام الدين.

الوقف اغتفر في استدامته من الجهالة أشياء لأنه يشبه العتق، من جهة ثانية القربة، ولذلك يصح تعليقه بالشرط على أحد الوجهين.

ويشبه الهبة إذ هو تبرع في الحياة. ويشبه الوصية من جهة القربة أيضا. انتهى كلامه.

قلت: ويشبه البيع من جهة أنه يشترط فيه إيجاب وقبول في أحد الوجهين، وانتقاله عن ملكه على الخلاف فيه. ويشبه الصدقة من جهة إطلاق اسمها عليه وأنه ربما كان على الفقراء وأهم ماله. ويشبه الإجارة

ص: 414

من جهة ملك المنفعة دون العين. ويشبه الفرس الجيس من جهة تجيس أصله وجواز الانتفاع به. انتهى.

ومن جواب لشيخنا: الصحيح من المذهب أن كل ما لا يصح بيعه، لا يصح وقفه. ومن ذلك وقف ما لم يره، أو كون الواقف أعمى أو لم يره في زمن يتغير فيه. انتهى.

ومن "جمع الجوامع" فرع: تقدم قول: إن الوقف كالعتق. قال في "الفائق": وهل الوقف كالعتق أو البيع؟ فيه وجهان. وفي "الرعاية": الوقف كالعتق، وقيل: كالبيع. انتهى.

ومنه أيضا من "مسائل البقليني": ذكر الرافعي في آخر الركن الأول أنه لو وقف ماله في يد الغاصب، جاز، ولم يذكر التفصيل الذي ذكره في بيع المغصوب من أن يكون قادرا على الانتزاع أم لا.

ويقتضي هذا الإطلاق أن يكون المغلب في الوقف مشابهته للعتق، وتصحيح بطلان وقف أحد العبدين يقتضي مشابهته للبيع، فالوقف فرع يتردد بين أصلين، وقاعدة الشافعي في مثله الحاق الفرع بأكثر الأصلين شبها في الحكم.

فأجاب: الوقف لا يتردد بين البيع والعتق، وإنما يتردد بين التمليك وشبه العتق، ولا توقف في أنه من حيث تمليك المنافع للموقوف عليه يشبه التمليك، ومن حيث زوال الملك في الرقبة عن اختصاص الآدميين يشبه العتق. فإذا وقف ماله في يد الغاصب فمن حيث أن الوقف إنما ورد على الرقبة وذلك تحرير، غلب شبه العتق وصح مطلقا

إلى أن قال: والظاهر والله أعلم أنه أكثر شبها بالتمليكات باعتبار التفريعات المقتضية لذلك، والله أعلم. انتهى.

والذي تحرر لنا أن وقف المغصوب لا يصح، لأنه لا يصح وقف

ص: 415

ما لا يصح بيعه، وهذا مما يعضد أنه أقرب إلى التمليكات، كما إليه ميل الشيخ عبد الله مع الإشكال.

ومن أيضا الثاني: أن يكون يجوز بيعها كما قدمناه.

الخامس: لا يصح وقف ما يقدر على تسليمه.

السادس: تقدم في ضبط الموقوف أنه ما يصح بيعه، قاله الحارثي.

السابع: يصح وقف المغصوب وفاقا للشافعي، لجواز بيعه في الجملة.

ومن "الرعاية": وقيل: لا يصح وقف ما ليس قربة، سواء أثم فيه أم لا. ومن له دار يريد التنزه عنها، فالأولى وقفها على الفقراء، ولا يصح وقف مجهول، ولا عليه. انتهى.

ومنه أيضا: قال أبو العباس: إذا وقف على الفقراء، فأقارب الواقف الفقراء أحق من الفقراء الأجانب مع التساوي في الحاجة. انتهى.

ومنه أيضا: إن من الأشياء ما لا يحتاج إلى ذكر المصرف كالمسجد فإنه إذا قال: وقفت هذه الدار مسجدا، صح، ولا يحتاج إلى ذكر المصرف، لأنه معلوم بالضرورة أن المسجد للصلاة. وكذلك إذا قال: وقفت هذا المصحف أو الكتاب، فإنه معلوم بالضرورة أنه موقوف للقراءة فيه وإن لم يذكر قارئاً أو يخصه بمكان. وكذلك إذا قال:

وقفت هذه البئر، فإنه معلوم بالضرورة أنها لمن يشرب منها وإن لم يخص بها قوما من الناس. انتهى.

ومنه: قال الحارثي: ونقل الأثرم: قلت لأبي عبد الله: رجل بينه وبين رجل أرض، فأوقف أحدهما نصيبه فقال: هم يقولون: البيع جائز، فالصدقة والوقف والهبة مثله. إلا أنه إذا وقف أرضا بينه وبين آخر، احتاج إلى أن يحد الأرض كلها، وكذلك في البيع والصدقة، فهو عندي واحد وفاقا لمالك والشافعي.

ص: 416

ونقل جماعة فيمن وقف دارا وإن لم يحدها، قال: وإن لم يحدها إذا كانت معروفة.

وأما الذهب والفضة، فإن كانت دراهم فلا يصح وقفها مطلقا في الأصح. انتهى.

من شرع مسجداً بأن أذن فيه وأقام، وقف ولو لم ينو الوقف، قاله شيخنا.

ومن "جمع الجوامع" الرابع: إذا كان الوقف على درس، أو حضور في مكان القراءة أو غيرها على طائفة مخصوصة، فمن حضر ذلك استحق، سواء كان من أهل البلد أو غيرهم إذا لم يخص أهل البلد. انتهى.

ومنه أيضا: فإن كان الوقف على مدرسة من قرية من قراها أو فيها على حضور في المدرسة، فكل من حضر المدرسة من أهل تلك القرية وغيرها دخل في الوقف، ومن لم يحضر، لم يدخل في الوقف، من أهلها ومن غير أهلها، وتمامه فيه.

ومنه: قال الأثرم في كتابه: قيل لأبي عبد الله: يشترط فيه - يعني الوقف - أن ينفق على نفسه منه. قال: إذا اشترط هذا، فنعم. وذكر الحارثي: إذا وقف على الغير واستثنى الأكل منه، أو الانتفاع مدة معينة أو مدة حياته، جاز. انتهى.

ومنه: وقد بان لك مما قدمناه في هذا الركن أنه يشترط فيه شروط الأول: أن يكون الموقوف عينا. وأن يكون يجوز بيعها. وأن يكون الوقف على بر أو قربة. انتهى.

ومنه أيضا: ولا يشترط لصحة الوقف ولا لزومه إخراجه عن يده في أصح الروايتين، اختاره الأكثر.

وفي "التلخيص" الشرط الخامس من شروط الوقف: إخراجه عن

ص: 417

يده في إحدى الروايتين. فإن مات قبل إخراجه وحيازته، بطل وكان ميراثا، اختارها ابن أبي موسى، لأنه عقد تبرع، فلم يزل بمجرده كالهبة والوصية.

قال الحارثي: الشرط الثاني: إخراجه عن يده، وليس شرطا للصحة بل للزوم، والمذهب عند أبي بكر وابن أبي موسى اعتباره ولم يوردا في كتابيهما خلافه. قال أحمد: الوقف المعروف، أن يخرجه عن يده إلى غيره يوكل فيه ويقوم فيه. وفي رواية حنبل: الوقف يخرجه عن يده إلى من يقوم به، وعلى هذه قال الأصحاب، ابن أبي موسى، والسامري، وصاحب " التلخيص": إن مات قبل إخراجه وحيازته، بطل وكان ميراثا، والقياس يقتضي التسليم إلى المعين الموقوف عليه إذا قيل بالانتقال إليه، وإلا فإلى الناظر أو الحاكم. انتهى.

من "الانصاف" قوله: ولا يشترط إخراج الوقف عن يده في إحدى الروايتين، هذا المذهب وعليه الجمهور. قال المصنف وغيره:

هذا ظاهر المذهب، وقدمه في "المحرر" و "الفروع" و "الرعايتين" و "الحاوي الصغير" و "الفائق" وغيرهم، قال في "التخليص": وهو الأشبه، واختيار أكثر الأصحاب والمنصوص عندهم في الخلاف.

وقال الزركشي: هو المشهور، والمختار المعمول به في الروايتين، وعنه:

يشترط أن يخرجه عن يده، قطع به أبو بكر، وابن أبي موسى في كتابيهما، وقدمه الحارثي في "شرحه" واختاره، وأطلقهما في "الهداية" و "المذهب" و "المستوعب" و "القواعد الفقهية"، ويأتي التنبيه على هذا أيضا عند قول المصنف: عقد لازم.

وقال في "الفروع": ورأيت بعضهم قال: القاضي في خلافه لا يختلف مذهبه أنه إذا لم يكن يصرفه في مصارفه، ولم يخرجه عن يده، أنه يقع باطلا. انتهى.

ص: 418

فائدة: إذا قلنا بالاشتراط، فهل هو شرط لصحة العقد أو للزومه؟

ظاهر كلام جماعة، منهم صاحب "الكافي" و "المحرر" و "الفروع" وغيرهم: إنه شرط للزوم لا شرط للصحة، ويحتمله كلام المصنف، وصرح به الحارثي فقال: وليس شرطاً في الصحة، بل شرط في اللزوم. وجزم به في "المغني" و "الشرح"، وصرح به أبو الخطاب في "انتصاره"، فصاحب "التلخيص" و "الفائق" وغيرهم.

إن مات قبل إخراجه وحيازته، بطل وكان ميراثا، قاله الحارثي.

قلت: وفيه نظر، بل الأولى هنا اللزوم بعد الموت. وظاهر كلام المصنف هنا أن الخلاف في صحة الوقف، وصرح به في "الهداية" و "المذهب" و "مسبوك الذهب" و "المستوعب" وغيرهم، فقال:

هل يشترط في صحة الوقف إخراجه عن يد الواقف؟ على روايتين:

قال في "الخلاصة": لا يشترط في صحة الوقف إخراجه عن يده. انتهى.

وإذا قال: في حقي من العقار الفلاني نخلة وقف على كذا، لا يصح، لأنها مجهولة. وكذا لو قال: من عقاري. وإن أوصى بوقفها - أي النخلة - وأبي الشركاء القسمة، فالذي يظهر أنه إذا كان له ثلث العقار مثلا، جعلت ثلث ثلاث، فلا يفوت الغرض، وأقل ما فيه قول السبكي في "جمع الجوامع": ولابد من تعيين المصرف، فلا يصح على مسجد غير معين، سواء كانت وصية بوقف أو وقف منجز، قاله شيخنا.

من "جمع الجوامع": وكان إن عين وقف كتاب بمكان، فهل يجوز نقله منه؟

ظاهر كلام جماعة: لا يجوز، وقاعدة الفقه على ذلك، ويتوجه جوازه إن انتفع به في المكان المنقول أكثر، وهو المختار. ويتوجه:

إن كان قصد الواقف المكان وعلم بقرينة، لم يجز. وإن كان قصده

ص: 419

النفع دون المكان، جاز. انتهى.

ومنه أيضا قوله: الرابع: أن يقف ناجزا، فإن علقه على شرط غير الموت، لم يصح، هذا المذهب، وتمامه فيه.

ومنه أيضا في جواب للسبكي: قلت: الصحة عندنا: إن وقف الإنسان على نفسه باطل، وإنما يفتي به إذا حكم به حاكم مجتهد يرى صحته فلا ينقض، أو حاكم مقلد لإمام يرى صحته فلا ينقض أيضا إذا كان قد ولي القضاء مطلقا، أو على المذهب ذلك الإمام. وصحة وقف الإنسان على نفسه عند الحنفية إنما يتأتى على قول أبي يوسف، وعند الحنابلة فيها روايتان متكافئتان، وعند مالك باطل، وعند الشافعية وجه ضعيف. انتهى.

ومنه أيضا: وإذا دفع الواقف أو غيره مالاً لناظر أو غيره، وقال اشتر به وقفا لهذه الجهة، فاشترى بالمال بنفسه أو بوكيله شيئا، صار وقفا بمجرد الشراء، ولا يحتاج في ذلك إلى تجديد وقف، لا من الواقف ولا من الناظر ولا من الحاكم على قاعدة مذهبنا. انتهى.

ومنه ذكر في "الاختيارات" أن العادة المستمرة والعرف المستقر في الوقف يدل على شرط الواقف أكثر مما يدل لفظ الاستفاضة، وهو يدل على ثلاثة أشياء:

الأول: إن العادة المستمرة تدل على شرط الواقف، يعني لو استمر الوقف على أمر من تفرقة، أو تفاضل، أو تسوية، أو عمل بشئ، ولم يعلم شرط الواقف، دل على أن ذلك في شرط الواقف، أو هو شرط الواقف. وقد يكون المراد بالعادة المستمرة العادة الواقعة بين الناس إذا كانوا اعتادوا وضع شئ بشئ واستمر الأمر في ذلك عليها، ووجد ذلك في لفظ واقف، حمل على تلك العادة المستمرة.

الثاني: العرف يدل على شرط الواقف، يعني لو كان في عرف أهل

ص: 420

البلد - أي البلد الواقف - شئ من لفظ مستعمل لشئ، فوجد في لفظ واقف من أهل ذلك البلد، دل العرف على أنه مراد الواقف، وأنه الشرط الذي شرطه.

الثالث: الاستفاضة تدل على شرط الواقف، وأنها دون العادة والعرف. انتهى.

ومنه أيضا: لو سبل ماء للشرب، ففي كراهة الوضوء منه وتحريمه وجهان: في "فتاوى ابن الزاغوني" وغيرها:

قال شيخنا أبو الحسن في تصحيح "الفروع": ظاهر كلام الأصحاب في الوقف التحريم. انتهى.

ومنه القاعدة التاسعة والثمانون: إذا وقف عليه كتابا أو مصحفا، جاز له أن يقرأ فيه ويعيره ويؤجره.

القاعدة الخامسة والتسعون: إذا وقفه عليه عليه ليقرأ فيه، فهل له أن يؤجره لمن يقرأ فيه؟

إن قلنا: يملكه، جاز، وإلا فلا. فإن شرط أن يقرأ فيه ولا يؤجره لم يجز له إجارته.

ومن "جمع الجوامع": القاعدة السادسة والثلاثون بعد المئة: في "فتاوى السبكي": وصى قرابغا أن يوقف عنه ما ذكر أنه في ملكه، وهو حصته من ضيعة معينة، وأن يشتري من ثلث ماله حصة معلومة من ضيعة أخرى عينها، وتوقف على تربته ومسجده. فتبين أن الضيعة الأولى ليست ملكه، ولا يمكن تملكها، لأنها وقف.

والثانية: تعذر شراؤها، وأراد أوصياؤه أن يشتروا طاحونا ويوقفوها بدلا عن ذلك، وكانت الطاحون لأيتام، قصد المتكلم للأيتام بيعها عليهم في وفاء دين أبيهم، فقيل: إن الطاحون ورثها الأيتام من أمهم ولا دين عليها، لكن لهم أملاك من جهة أبيهم، دينه متعلق بها،

ص: 421

وبيع الطاحون وتبقية غيرها من الأملاك، أصلح لهم من بيع غيرها، فعرض هنا مسألتان:

فأما الضيعة التي ظن أنها ملكه وتبين وقفيتها، فلا تصح الوصية بوقف عينها، ولكن هل يوقف غيرها مكانها؟ يحتمل أن يقال بذلك، ويحتمل أن يقال: الوصية تبطل بالكلية، ولم أر في مذهبنا نقلا، ولا عند الحنفية ولا المالكية. لكن في "المغني" في الوصية: لو قال:

أوصيت لك بعيد من عبيدي ولا عبيد له، لم تصح الوصية، لأنه أوصى له بلا شئ.

وقد روي عن أحمد في رجل قال في مرضه: أعطوا فلانا من كيسي مائة درهم ولم يكن فيه شئ، يعطى مائة درهم، فلا تبطل الوصية، لأنه قصد إعطاء مائة درهم وصفها في الكيس. فإذا لم تكن في الكيس، أعطي من غيره، فكذلك يخرج الوصية بعبد من عبيده إذا لم يكن له عبد، أن يشترى من تركته عبد ويعطى إياه. انتهى كلام "المغني".

قال: وما نقله ابن منصور عن أحمد، وذلك لأن وراء مسألة العبيد أن يقول: أعطوه ألفا من دراهمي التي في الكيس، والمنقول عن أحمد ليس كذلك، وإنما قال: أعطوه ألفا من الكيس. والإعطاء من الكيس ليس مقصودا، فنظيره أن يقول: أعطوه عبدا من الدار أو من المسجد.

فهذا يقارب مسألة العبيد ومسألتنا. وقال: ونعلم أنه لا تعلق بنص أحمد لا في هذه ولا في هذه، والمعنى في الفرق أن وجود الدراهم في تركته يقتضي صحة الوصية، فإن الموصى به جزء منها، وإنما جعل الكيس على ابتداء إتمام الإعطاء، فالموصى به شئ موجود. ولو قال: بألف درهم من دراهمي التي في الكيس ولم يكن فيه دراهم، كان ذلك نظير مسألة العبيد، لأن الموصى به غير موجود.

قال: وأما أصحابنا فقد جزموا بالقول: إنه إذا قال: أعطوه رأسا

ص: 422

من رقيقي ولم يكن له رقيق يوم الوصية ولا يوم الموت، إن الوصية باطلة.

قال: والذي أقول: إن ذلك يخالف الوصية بالوقف، فإن الوصية بالوقف، المقصود منها منفعة الموقوف عليه لاسيما ما يجب، لأن الموصي المذكور شرع في بناء المسجد والتربة، وتحصيل وقفه لهما، وأنفق منه إيقاف الضيعة المذكورة عليها، بعد أن أخرج من ماله مبلغا وأرصده لجهة الوقف ليشتري به ما يوقفه، فلا شك أن غرضه الأعظم تحصيل وقف، أي وقف كان، ونص على الضيعة المذكورة بظنه أنها له.

وأما من يقول: أعطوه داري الفلانية وتبين أنها ليست له، أو أعطوه عبدا من عبيدي وتبين أنه لا عبد له، فالغرض الأعظم فيه وفيما اشترى من الوصايا إخراج جزء من المال صدقة بعد الموت. وتعين المصرف من ذلك أو من غيره يقصد، وقصد دون قصد الأول، فبان الفرق بين الآخرين، الأعظم في الموضعين وهما: الوقف المؤبد، والوصية المعجلة.

والوصية بالوقف المؤبد أيضا تنقسم إلى ما يظهر غرضه في إخراج شئ من التركة صدقة ويجعل وقفا، والقسم الأول أقوى في غرض البقاء.

والنظر إلى المالية لا على عين المنصوص عليه، وهو الذي يتكلم فيه ليقوى قوة قوية أنه متى تعذر وقف الضيعة المذكورة، يشتري من التركة ما يقوم مقامها، ولا يفرق تردد ذلك إلى الورثة أيضا لا إلى الوصية، بل يشري محافظة على قصده. وكذا ينبغي أن يشترلا ما يكون مثل المنصوص عليه أو أجود من العقار، ولا يشرى من العقار ما دون المنصوص عليه، محافظة على غرضه بقدر الإمكان.

واعلم يا أخي أن كثيرا من المسائل - ترد الفتاوى عن المتقدمين -

ص: 423

منصوصة في الكتب، ويكون المأخذ فيها يختلف باعتبار قصد المتكلم وغرضه، وتحصيل الأجوبة فيها في الغالب على مقتضى اللفظ، وفي بعض الأوقات يحصل الجواب على ما يفهم من القصد، كما اتفق فيما حكيناه في هذه المسألة عن أحمد، ووقائع جزئية في الأحكام والفتاوى في زمننا يظهر فيها من القرائن الدالة على ما لا يمكن التعبير عنه ووضعه في كتب الفقه، كمسألتنا هذه، فإن القرائن الدالة على قصد وافقها وقفا دائما لتربته ومسجده كثيرة يكاد يقطع بها، ولا تحصرها العبارة، فإبطال الوصية معها ورد ذلك على الورثة يكاد يقطع ببطلانه. هذا ما يتعلق بالضيعة التي أوصى بوقفها ظنا منه أنها له.

قلت: وكلامه هذا فيها محض الفقه. قال: وأما الضيعة التي أوصى بأن تشتري وتوقف وتعذر ذلك، فقد رأيت في كتب الحنفية في "الفتاوى الظهيرية" قال: ولو أن رجلا أوصى بأن يشتري بهذه الالف ضيعة في موضع كذا وتوقف على المساكين، فلم يوجد هناك ضيعة، لا يجوز للقاضي أن يشتري ضيعة في موضع آخر.

قال أبو نصر: ليس للوصي أن يصرف ذلك إلى مؤونة المساجد.

وإن لم يجد الضيعة في ذلك الموضع، يشتري ضيعة في أقرب المواضع التي سمى، ويجعلها وقفا على ما سمى. انتهى كلام "الفتاوى الظهيرية".

قال: وأنا أختار ما قاله أبو نصر من كونه يشتري ضيعة في أقرب المواضع التي سمى، إذا نص على الموضع. وقواعد الشافعية تقتضيه ولا تأباه. قلت: وأظن أنه قد ورد عن أحمد نص في ذلك، لكن لم يحضرني الآن موضعه. لكن عندنا مسألة مثل هذه المسألة وهي:

إذا أوصى أن يشتري عبد فلان، فلم يبعه، أو أعتقه، أو مات، قلت: مضاهاة القول في المسألة أن الضيعة التي أوصى بوقفها فبانت

ص: 424

موقوفة، أو ليست له، أو مستحقة ونحو ذلك، أن يشتري مثلها ويوقفها.

وأما الثانية التي أوصى أن تشتري قتوقف، فلم يبعها مالكها، أو بانت موقوفة، أن يشتري مثلها أيضا. كل ذلك إذا خرجتا من الثلث، أو جاز الورثة

إلى أن قال: وكل ما وقع مثل الموصى إليه فيه، له أن يأخذه ويشتري به ذلك. ثم هل يصير وقفا بمجرد الشراء، أو يحتاج إلى وقف من الموصى إليه؟ يتوجه وجهان: المختار: يصير وقفاً بمجرد الشراء، وله أن يقفه على نفسه إذا أوصى إليه بذلك. فإن أوصى أن يقفه على جار أو فقير ونحوه، وكان كذلك، فهل له أن يقفه على نفسه؟ يخرج على وجهين: في الوكيل، هل له أن يبيع من نفسه؟ وهل له أن يقف على ولده أو قريبه؟ انتهى.

ومنه أيضا: ذكر أبو الحسن "في الاختيارات": إن من وقف وقفا مستقلا ثم ظهر عليه دين، ولم يمكن وفاء الدين إلا ببيع شئ من الوقف وهو في مرض الموت، بيع بالاتفاق. وإن كان الوقف في الصحة، فهل يباع لوفاء الدين؟ فيه خلاف في مذهب أحمد وغيره.

قال أبو العباس: وبيعه قوي. قال أبو الحسن: وظاهر كلام أبي العباس: ولو كان الدين حادثا بعد الوقف، قال: وليس هذا بأبلغ من التدبير، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه باع المدبر في الدين. انتهى.

ثم كتب على هامش الجواب بخطه: لعل هذا هو المراد بالحكم،

ص: 425

لأنه في مدة الإجارة لا نزاع في بقائه، وإنما النزاع بعد انقضائها، فالمراد بالحكم هو ما بعد انقضائها، ولهذا يقول الحاكم: مع العلم بالخلاف. هذا إن حكم قبل انقضاء المدة، وإن حكم بعد انقضائها، فلا يقلع مجانا بلا نزاع، لأن حكم الحاكم بالمختلف فيه يرفع النزاع. انتهى كلام ابن اللحام.

ومن "القواعد" الثاني: التصرفات المالية، كالعتق، والوقف، والصدقة، والهبة، إذا تصرف بها وعليه دين ولم يكن حجر عليه، فالمذهب صحة تصرفه وإن استغرق ماله في ذلك. واختار الشيخ: لا ينفذ شئ من ذلك مع مطالبة الغرماء، وحكاه قولا في المذهب. انتهى.

لا يصح بيع الوقف إلا أن تعطلت مصالحه. فإن لم تتعطل، لم يصح ولو مصلحة إلا على قول، والمذهب خلافه، فليس كالأضحية، قاله شيخنا.

ومن "المغني": وجملته أن الواقف إذا اشترط في الوقف أن ينفق منه على نفسه، صح الوقف والشرط، نص عليه أحمد، وبذلك قال ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وأبو يوسف، والزبيري، وابن شريح.

وقال مالك، والشافعي، ومحمد بن الحسن: لا يصح الوقف، لأنه إزالة الملك، فلم يجز اشتراط نفعه لنفسه، كالبيع والهبة. انتهى.

ومن "الشرح الكبير" وعنه: لا يلزم الوقف إلا بالقبض وإخراج الوقف عن يده، اختاره ابن أبي موسى، كالهبة، والصحيح الأول.

وذهب أبو حنيفة إلى أن الوقف لا يلزم بمجرده، وللواقف الرجوع فيه، إلا ان يوصي به بعد موته، فيلزم أو يحكم بلزومه حاكم. انتهى.

قال ابن قندس: قال القاضي في خلافه: ولا يختلف مذهبه أنه إذا لم يكن يصرفه في مصارفه، ولم يخرجه عن يده، أنه يقع باطلا. ظاهره

ص: 426

أن المراد مذهب أحمد، وظاهر ما قاله الشيخ تقي الدين: إن المراد مذهب مالك، فإنه قال: اختلفوا هل يشترط لصحة الوقف إخراج الأعيان عن يده؟ على قولين:

أحدهما: عدم الاشتراط، وهو ظاهر المذهب، وقول أبي حنيفة والشافعي.

والثاني: اشتراطه كقول مالك، وإحدى الروايتين عن أحمد، وعن مالك: إنه إن كان الواقف يصرفه في مصارفه المشترطة، لم يشترط إخراجه عن يده.

قال القاضي: في خلافه لا يختلف مذهبه إلى آخره.

ولعل المصنف نقل كلامه من كلام ابن قاضي الجبل، قال في بعض الأصحاب: إن كلامه يفهم ما نقله المصنف. انتهى.

ومن "جمع الجوامع": الشرط الخامس من شروط الوقف إخراجه عن يده في إحدى الروايتين. فإن مات قبل إخراجه وحيازته، وكان ميراثا، اختارها ابن أبي موسى، لأنه عقد تبرع، فلم يلزم بمجرده، كالهبة، والوصية، والمذهب عند أبي بكر، وابن أبي موسى: اعتباره، ولم يوردا في كتابيهما خلافه. وفي رواية حنبل: يخرجه عن يده إلى من يقوم به. قال الأصحاب: ابن أبي موسى، والسامري، وصاحب "التلخيص": وإن مات قبل خروجه، بطل وكان ميراثا. انتهى.

إذا وقف ولم يخرجه عن يده، لزم على المذهب، وعلى مقابله أنه غير لازم، أو غير صحيح، فهل بيعه يكون رجوعا؟

الظاهر أن رجوع، لا خروجه إلى الموقوف عليه أو الناظر. لكن إن كان شرط النظر لنفسه، دفعه لغيره ثم قبضه منه ثانيا عن الخلاف، قاله شيخنا،

ص: 427

من "الانصاف" قوله: ولا يشترط القبول إلا أن يكون على آدمي معين.

ففيه وجهان: إذا وقف وقفا، فلا يخلو: إما أن يكون على آدمي معين أو غيره. فإن كان على غير معين، فقطع المصنف هنا أنه لا يشترط القبول، وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه الأصحاب.

وذكر الناظم احتمالا يقبله نائب الامام.

وإن كان الموقوف عليه آدميا معينا - زاد في "الرعايتين": أو جمعا محصورا - فهل يشترط قبوله، أم لا يشترط؟

فيه وجهان

إلى أن قال: الوجه يشترط. قال في "المذهب" و "الخلاصة": يشترط في الأصح. قال الناظم: هذا أقوى، وقدمه في "الهداية" و "المستوعب" و "الرعاية الصغرى" و "الحاوي الصغير"، وأطلقهما في "مسبوك الذهب" و "التلخيص" و "شرح ابن منجا" و "الرعاية الكبرى" و "الزركشي" و "تجريد العناية".

قال الشيخ تقي الدين: وأخذ الريع قبول

إلى أن قال: فعلى المذهب لا يبطل برده، فرده وقبوله وعدمهما واحد كالعتق، جزم به في "المغني" و "الشرح". وقال أبو المعالي في "الهداية": يرتد برده، كالوكيل إذا رد الوكالة وإن لم يشترط لها القبول، قال الحارثي:

وهذا أصح. وعلى القول بالاشتراط، قال الحارثي: يشترط اتصال القبول بالايجاب. فإن تراخى عنه، بطل كما يبطل في البيع والهبة، وعلله ثم قال: قوله: فإن لم يقبله، أو رده، بطل في حقه دون من يعده، هذا مفرع على القول باشتراط القبول.

قوله: ولا يشترط إخراج الوقف عن يده.

في إحدى الروايتين - وهو المذهب، وعليه الجمهور - وعنه:

يشترط أنه يخرجه عن يده، قطع به أبو بكر، وابن أبي موسى، وقدمه

ص: 428

الحارثي واختاره، وأطلقهما في "الهداية" و "المذهب" و "المستوعب" و "القواعد الفقهية". قال القاضي: لا يختلف مذهبه أنه إذا لم يكن يصرفه في مصارفه ولم يخرجه عن يده، أنه يقع باطلا. انتهى.

فعلى القول بالاشتراط، فالمعتبر عن أحمد إلى ناظر يقوم به، قاله الحارثي. والقياس يقتضي التسليم إلى المعين الموقوف عليه إذا قيل بالانتقال إليه، وإلا فإلى الناظر والحاكم. انتهى.

وعلى القول بالاشتراط أيضا: لو شرط نظره لنفسه، سلمه لغيره ثم ارتجعه منه، قاله في "الفروع".

قال الحارثي: وأما التسليم على من ينصبه هو، فالمنصوب إما غير ناظر، فوكيل محض يده كيده، وإما ناظر، فالنظر لا يجب شرطه لآخر، فالتسليم إلى الغير غير واجب. انتهى. قلت: وهو الصواب.

وإذا قلنا بالاشتراط، فهل هو شرط للزوم أو للصحة؟

ظاهر كلام جماعة، منهم صاحب "الكافي" و "المحرر" و "الفروع" وغيرهم، أنه شرط للزوم، لا شرط للصحة، ويحتمله كلام المصنف، وصرح به الحارثي فقال: وليس للصحة، بل شرط للزوم. وجزم به في "المغني" وصرح به أبو الخطاب، وصاحب "التلخيص" وغيرهم، قاله في القاعدة التاسعة والأربعين.

فعلى هذا، قال ابن أبي موسى، والسامري، وصاحب "التلخيص" و "الفائق" وغيرهم: إن مات قبل إخراجه وحيازته، بطل وكان ميراثا، قاله الحارثي وغيره.

قلت: وفيه هنا نظر، بل الأولى هنا اللزوم بعد الموت. وظاهر كلام المصنف هنا أن الخلاف في صحة الوقف، وصرح به في "الهداية" و "المذهب" و "مسبوك الذهب" و "المستوعب" وغيرهم، فقالوا: هل يشترط في صحة الوقف إخراجه عن يد الواقف؟ على روايتين:

ص: 429