المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بحث في الإجارة - الفواكه العديدة في المسائل المفيدة - جـ ١

[أحمد المنقور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[طريقة المصنف في النقل عن شيخه ابن ذهلان]

- ‌من كتاب الطهارة وكتاب الصلاة

- ‌فائدة من كلام الشافعية:

- ‌ومن كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية:

- ‌فصل: وأما الماء إذا تغير بالنجاسة فإنه ينجس بالاتفاق

- ‌مسألة مهمة عند الحنفية:

- ‌ فصل

- ‌فائدة:

- ‌فصلفيما يقع للانسان: إذا أراد فعل الطاعة

- ‌ فوائد:

- ‌فائدة

- ‌فائدة: خير صفوف الرجال أولها

- ‌فصل: وإن قدم الجمعة فصلاها في وقت العيد

- ‌ فائدة:

- ‌ فائدتان:

- ‌من كتاب الجنائز:

- ‌من كتاب الزكاة

- ‌فصل: ومن زكى ما سبق في هذا الباب من المعشرات مرة، فلا زكاة فيه بعد

- ‌ فصل: وإن رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم

- ‌من كتاب الحج

- ‌من كتاب البيع

- ‌فصل: وإذا وكل شخصاً في بيع عبده

- ‌ فصل: فإن باعه بثمن حال نقده

- ‌ فصل: في العينة وبيع إلى أجل:

- ‌فصل: منه: ولا خير في العينة

- ‌فائدة: إذا دفع إليه شيئاً بعوض ولم يذكر الثمن

- ‌فائدة: في "فتاوى القاضي حسين": لو وكله في بيع شئ فباعه

- ‌فائدة: الذي يظهر لي أن مرادهم في الخشب الذي شرط قطعه

- ‌ فائدة: لو اشترى بمال نفسه سلعة لغيره، ففيه طريقان:

- ‌فائدة: وكذا حكم المساقاة والمزارعة في المسألتين

- ‌ فصل: وإن انتفع بها وردها على صفتها فلا شئ عليه

- ‌بحث في الإجارة

- ‌ فصل: وإذا وكل واحداً في بيع عبده، ووكله آخر في شرائه

- ‌فصل: ويجوز بيع الجوز، واللوز، والفستق، والباقلاء، الرطب في قشرية مقطوعا

- ‌فائدة: في القهوة:

- ‌فائدة: ظهر في هذا القرن أو قبله بيسير شراب يتخذ من قشر البن يسمى قهوة

- ‌من كتاب الوقف

- ‌فائدة:

- ‌فائدة: الودي الخارج من أصل النخلة الموقوفة لا يصح بيعه

- ‌فصل: قال تقي الدين: وإن وكله، أو أوصى إليه أن يقف عنه شيئا

- ‌فائدة: قال ابن رجب في "الطبقات": رأيت في "الفتاوى المنسوبة على تاج الدين الفزاري" الحنبلي واقعة، وهي: وقف وقفه رجل عند الحاكم أنه وقفه في صحة من بدنه وعقله

- ‌فصل: لفظ الرجال والرهط لا يعم النساء ولا العكس

الفصل: ‌بحث في الإجارة

‌بحث في الإجارة

قال في "مغني ذوي الأفهام": وإن غصب أرضا وزرع فيها وأخذ الزرع، يؤديها وأجرتها. وإن أدرك ربها الزرع خير بين أخذه بالقيمة أو تركه بالأجرة ز انتهى.

الإجارة الفاسدة كالمغارسة الفاسدة في أنه لا يقلع بدون ضمان نقص، كما صرح بع في "القواعد". قاله شيخنا.

ومن "جمع الجوامع" بعد كلام له سبق: إذا آجره أن العمارة عليه، لم تصح الإجارة.

الثاني: إذا جعل جزءاً من الأجرة للعمارة يرصد مع المستأجر يعمر به، صح وعمر به، فإن لم يكلف العمارة، عمر المؤجر.

الثالث: إذا أجره بمبلغ وأرصده تحت يده يعمر به، صح. وهل القول قول المستأجر في نفاذه وصرفه، أو قول المؤجر على ما تقدم؟

والمختار قول المستأجر.

الرابع: إذا أجره الدار ونحوها مدة بعمارتها - ويفعل هذا كثيراً في الأوقاف - فالقياس وقاعدة المذهب أنه لا يصح، لأن الأجرة غير معلومة، والعمارة قد تزيد وقد تنقص، وقد يقول المؤجر: أردت عمارة أحسن وأكثر من هذه.

الخامس: إذا أجره بأجرة وأنه يعمر بها وما احتاجت يكون على المستأجر، أو يتبرع به للوقف ويكون من ماله، فالقياس أنه لا يصح أيضا، ويتوجه: بلى ولا يلزمه غيره. وإن فعل شيئاً، كان له أجره ولا يملكه ويكون لجهة الوقف، لأنه قد شرط لهم عند الإجارة أن ما زاد على الأجرة يكون وقفا.

السادس: إذا استأجر الأرض الموقوفة ونحوها واحتاجت إلى

ص: 334

عمارة، لزم المؤجر أن يعمر له. فإن لم يفعل، استأذنه في العمارة من الأجرة. فإن أذن له فعمر، حسب له من الأجرة. فإن لم يأذن له، رفعه على الحاكم. فإن عمر بغير استئذان المؤجر ولا الحكم، فقال بعضهم: لا يحسب له ذلك من الأجرة، وقال بعضهم: بلى إن كان ضروريا، وكان ذلك منه بنية الرجوع، والمختار مع إمكان الاستئذان لا يحسب له، ومع عدمه يحسب له. انتهى.

قال ابن عطوة: وسألت شيخنا عمن عمل في مال غيره عملا للغير فيه مصلحة مع غيبته ربه، كالاستئجار على حفظ ماله، فهل له الرجوع بشئ أم لا؟

فأجاب: له الرجوع بأقل ما يمكن فعله. انتهى.

من "جمع الجوامع" فروع: الأول: ذكر الشيخ أن من غصب أرضاً، كان حكمها في جواز دخول غيره إليها حكمها قبل الغصب.

فإن كانت محوطة كالدار والبستان المحوط، لم يجز لغير مالكها دخولها، لأن ملك مالكها لم يزل عنها، فلم يجز دخولها بغير إذنه كما لو كانت في يده. انتهى.

إذا مات المؤجر فلمن بعده الأجرة على قول الشيخ الذي في "الإقناع" وهو حسن لا يسع الناس غيره في الأوقاف والعمل عليه.

وإن اختلفا في قدرها، فقول صاحب الغرس، لأنه الغارم، وما غرس مستحق الوقف فيه، فهو له إن لم يكن نواه للوقف، وكذا لو غارس عليه غيره، فالذي صار له في مقابلة منفعة الأرض ملك له يفعل به ما أراد. والتوجيهان عن "الفروع" خلاف المذهب. فإن كانت الأرض على جهة بر كالفقراء، فالظاهر لا أجرة لهم على عامل، والجزء لهم، لأن سهمهم في مقابلة منفعة الأرض، وإن كان المستحق معيناً وملك الجزء من الغراس، فباع أو خلفه تركة فيعد انتقال الوقف عنه

ص: 335

لمستحقه أجرة الأرض. ولو باع عامل نصيبه فللمستحقين الأجرة على مشتر من وقت وضع يده على الأرض فلو خلفه المغارس لوالديه وزوجته، فلهم عليها قدر أجرة نصيبها، لأنها ليست من أهل الوقف، وحقها من الغرس المخلف، قاله شيخنا.

قال أبو العباس: إذا تاب الغاصب الفقير، فله الأكل مما لا يعرف ربه. انتهى.

قال ابن عطوة: قال البرزلي: من أودع شيئا بعلم أنه صار لمن أودعه بالتعدي، أو أن من أودعه إياه مستغرق الذمة، فعليه أن يرده إلى ربه إن قدر، وإلا فعليه قيمته لأهله إن عرفهم، أو يتصدق بها إذا لم يعرفهم، وإن رده إلى من دفعه إليه، ضمن. وله أيضا: هل يجوز لأحد أن يمنع نفسه من الأذى - إذا خلص له - بجاه أو غيره؟

لا ينبغي له ذلك إلا أن يحاسبهم السلطان به، وقيل: يجوز، وإلى هذا ذهب مالك. ولا يلزم أحد أن يدخل نفسه في الظلم مخافة أن يضاعف الظلم على غيره، وظاهره مخالف لما قاله شيخنا. انتهى من "روضته".

ومن كلامه أيضا: يسأل عن الغنم إذا عزب بها الراعي بنفسه أو بأمر ولي البلد، وتضررت بحبس ضروعها، فهل يجوز له أو لغيره - والحالة هذه - حلبها ويكون مجانا أم لا؟

الجواب: ليس للراعي أن يعزب إلا بإذن أربابها. وأما إذا أكره عليه، فيحرم على المكره اللبن، ويجب على الراعي فعل الأصلح لربها. انتهى.

ومن "جمع الجوامع": الرابع عشر: ضرر الجن من صرع وغيره،

ص: 336

من الرجم والتخويف. فإذا قدر على دفع ذلك أورده، جاز أخذ الأجرة عليه.

الخامس عشر: غلبة اللصوص والحرامية وقطاع الطريق بالليل والنهار، فإذا قدر أحد على درهم، أو دفعهم بجاه أو مقاومة أو مصاحبة، جاز له أخذ الأجرة على ذلك.

السابع عشر: غلبة العدو والرجال من أهل الحرب وغيرهم، فمن قدر على ردهم أو دفعهم، جاز له أخذ الأجرة على ذلك.

وما يقع الناس فيه من العلل، من حمى أو عارف، أو زكام وقيام، إذا عرف الإنسان وجه رده، أو دفعه، أو إصلاحه والبرء منه، جاز له أخذ الأجرة عليه.

والشرور الواقعة بين الناس، وفساد ذات البين، والعشرانات، والأهوية ونحوه، إذا قدر أحد على دفع ذلك أو رده أو إصلاحه، جاز أخذ الأجرة عليه. انتهى.

الظاهر صحة ذلك، بخلاف قول الغزو: إن لم تعطوني كذا أخذتكم، فلا يحل له لو أعطوه إياه، قاله شيخنا.

إذا استأجر أرضا وغرسها، ثم انفسخت الإجارة والأرض وقف، فلمستحقها إيجارها لمن يغرسها بلا ضرر يلحق نخل المستأجر الأول، فيغرس في خلال النخل الفسيح فقط. وعند الإيجار تخط أحياض النخل الأول وسواقيه، لأن الإجارة (الثانية) لا تشمله، ولرب الأرض

ص: 337

أجرة ذلك على صاحب النخل، ولرب النخل الدخول لسقي نخله ولغيره على عادته أو لا، قاله شيخنا.

قوله: ومن اشترى قنا إلى آخره.

مثله من أقر بوقف ما باع، ثم رجع إليه بعقد أو فسخ، حكم عليه بإقراره الأول، فلا يصح بيعه ثانيا.

ومن أقر بملك في يد زيد أنه لخالد غصبه منه، ثم اشتراه المقر من زيد، نزعه منه خالد ولو أكذب نفسه. ومن قال: هذا غصب أو حرام ولم يعين مالكا معينا، لم يكن إقراراً لأنه لا يصح لمجهول، قاله شيخنا. وفيه شئ لقولهم: وإن أقر بها لمجهول الخ.

قوله: وإن باعها، أي العين المؤجرة لآخر، فالأجرة للمشتري إلى آخره. ثم قال: وفي "المغني": للبائع. وظاهر المذهب، الأول، للنص، ولو أن الشيخ منصور فرع على الثاني، قاله شيخنا.

قوله في "المنتهى": وإن انقطع ماء بئر الدار، فلا فسخ الخ.

أي فلا تنفسخ بالانقطاع، وله الفسخ بخلاف الأرض، ويكون موافقا "للإقناع" قاله شيخنا.

قال في "الإنصاف" قوله: وقد نص الإمام في رواية جماعة فيمن قال: أجرتك هذه الأرض بثلث ما يخرج منها، أنه يصح، وهذه مزارعة بلفظ الإجارة، ذكره أبو الخطاب. فعلى المذهب يشترط لها شروط إجارة من تعيين المدة وغيره. انتهى.

ص: 338

قال في "الفروع" بعد كلام له سبق عن الشيخ: فيمن تغيب أو امتنع، فأخذ من غيره حصته، رجع من أدى عنه في الأظهر إن لم ينو تبرعا، ولا شبهة على الآخذ، كسائر الواجبات، كعامل الزكاة، وناظر الوقف، والوصي، والمضارب، والشريك، والوكيل، وسائر من تصرف لغيره بولاية أو وكالة.

إذا طلب ما ينوب ذلك المال من الكلف، فإن لهم أن يؤدوا ذلك من المال، بل إن كان إن لم يؤده أخذ الظلمة أكثر، وجب، لأنه من حفظ المال. ولو قدر غيبته المال فاقترضوا عليه، أو أدوا من مالهم، رجعوا به، وعلى هذا العمل، ومن لم يقل به لزم من الفساد ما لا يعلمه إلا رب العباد.

ومن صودر على أداء مال فأكره أقاربه أو جيرانه أو أصدقاءه أو شركاءه على أن يؤدوا عنه، فلهم الرجوع عليه، لأنهم ظلموا لأجله ولأجل ماله، والغالب مقصوده ماله لا مالهم. واحتج بقضية ابن اللتبية، ثم قال: وكذا من لم يخلص مال غيره من التلف إلا بما أدى عنه، رجع به في أظهر قولي العلماء. انتهى.

قوله: ولا يجعل فيها حدادة ونحوها إلى آخره.

إلا إن كان قرينة، كما لو كان المستأجر حداداً، قاله شيخنا.

من "جمع الجوامع": الثالث: لو استأجره على حفر قبر، يلزمه رد ترابه. والثاني: لا. والثالث: يرجع إلى عادة البلد وهي عندنا عدم الإعادة.

وقال في "الرعاية": ومن استؤجر على حفر قبر، لم يلزمه رد ترابه على الميت بلا شرط، واختار هو: بلى.

ص: 339

ومنه أيضا: يجوز الاستئجار على الدباغة مشارطة، ومقاطعة، وباليوم، والشهر، والسنة، وبالجلد

إلى أن قال: وإن استأجره على الدباغ، فما يدبغ به عليه. فإن شرطه أحدهما على الآخر، صح شرطه عليه. انتهى.

وإذا غرم المالك الغاصب، فهو مخير بين قيمته المغصوب، أو مثله، أو ثمنه الذي بيع به، كما صرح به ابن رجب وليس هنا ما يخالفه، قاله شيخنا.

قال ابن عطوة: إذا أخذ مغصوبا ليحفظه لربه، لم يضمن. انتهى.

قال في "جمع الجوامع": ويتوجه أن يقال: إن نوى بذلك الرجوع عليه، فهي على من أنقذه، وإلا فعلى المنقذ إذا لم ينو الرجوع بها، كمن أدى حقا عن غيره، أو في خلاص غيره على قاعدة المذهب في ذلك:

أن من نوى الرجوع، رجع، وإلا فلا. انتهى.

فهل إذا حبس إنسانا ظالم فافتداه آخر بمال، فهل يرجع به عليه، أم لا؟

إن أمره ودفعه، رجع به، وإلا ففيها إشكال.

وإن اشترى نفسه وضمن عليه بها ثم أدى، فعدم رجوعه عليه أولى، لأن الضمان لا يكون إلا فيما وجب أو يجب، وهو منتف.

ومن قتل صائلا عليه ولو آدميا، فدمه هدر، ويجوز الحلف متأولا، قاله شيخنا.

قوله: وكذا ما يلقى من سفينة الخ.

هل مثله من ألقى متاعه هربا من عدو أم لا؟ الظاهر لا يملكه آخذه، لكن إن أخذه ونقله، فله الأجرة على ربه لتخليصه من التلف

ص: 340

إن نوى الرجوع. وإن أخذه لنفسه فلا شئ له.

قوله في الغصب: قلت: لأنه نماء لا يفيد في أولاد النخلة الموقوفة شيئا. وقد نقل عنه أنه بأصوله أشبه، قاله شيخنا.

ومن جواب للشيخ محمد بن بسام: وما ذكرته من صحة عقد الإجارة على ملء بركة معلومة ماء، أو أحواض معلومة، وعلى لزوم العقد على ذلك، فصواب حيث كان ملء البركة والأحواض معلوماً ليس فيه زود ولا نقص من سبب زود شرب الأرض ونقصه. انتهى.

قوله: تنفسخ الإجارة إذا بلغ الصبي، قال "الموضح": إن بلغ رشيدا. انتهى.

وتصح إجارتها مدة طويلة لمصلحة، فإن بلغ رشيدا، انفسخت، والغائب يؤجر عليه مدة ولو طويلة، والطويلة الأولى لأن الغراس إذا وضع بحق لم يقلع، وإن علم قدومه قريبا، فإجارتها للزراعة أولى إن لم يكن له شريكا، فإن كان أجبره، قاله شيخنا.

قال ابن عطوة: مشتري الأسير يرجع عليه بما اشتراه به، سواء أذن له أو لم يأذن. وقال القاضي رواية: يتوقف الرجوع على الإذن، وهل يعتبر هنا نية، أم يكفي إطلاقه؟ على وجهين. انتهى.

ومن القواعد: التاسعة والسبعون: ولو اشترى أسيرا حرا مسلما من أهل دار الحرب، ثم أطلقه وأخرجه إلى دار الإسلام، فله الرجوع عليه بما اشتراه به، سواء أذن له أو لم يأذن، لأن الأسير يجب عليه فاتداء نفسه. وأكثر الأصحاب لم يحكوا في الرجوع خلافا، وحكى القاضي أنه يتوقف على الإذن. انتهى.

قال في "المبدع": وهذا حيث تعذر رد المغصوب إلى مالكه، ورد الثمن إلى المشتري، وحيث تعين جعل الربح للغاصب بأن لم يمكن

ص: 341

رد المغصوب إلى مالكه ورد الثمن إلى المشتري وجب تعيين جعل الربح للغاصب أو المغصوب منه، فجعله للمالك أولى، لأنه في مقابلة ماله الذي فاته لمنعه، ولم يجعل للغاصب شئ منعا للغصب.

وقال ابن قندس في "حاشيته": المراد حيث تعذر رد المغصوب إلى مالكه، والثمن إلى المشتري، وكذا إذا جهل المشتري فلم يقدر على أخذ المبيع منه ورد الثمن إليه لكونه لا يعرف مكانه، أو سافر المشتري وتعذر الوصول إليه، أو لم يعترف المشتري بأنه للمغصوب منه، ولم يقم به بينة، فجعل الربح للمالك أولى من جعله للغاصب، سواء قلنا بصحة الشراء أو لا، وسواء اشترى بعين المال أو في الذمة، وسواء نقدها من مال الغصب أو لا. بل المراد: إذا جعل للغاصب أو المغصوب منه، فجعله للمالك أولى، وتمامه فيه.

القبيلة الممتنعة من البدو: إذا كان على إنسان منهم حق ولم يمكنه الوصول إليه، فحبس مال آخر ليخلصه منه، فالظاهر جوازه للحديث، وقد نقل عن البلباني مثله، وأقل ما فيه أبي العباس.

وأما وسق أهل البلدان، فلا أرى جوازه، وفيه ثقل عنده، قاله شيخنا.

ومن جواب لشيخنا: اعلم أن الغراس النابت في الأرض المأجورة أو الموقوفة لم أظفر فيه بنص، وتعبنا من زمن وجاءنا فيه جواب للبلباني أظنه غير محرر، وأرسلنا من زمن طويل للشيخ عبد الرحمن ابن عبد الله المفتي الشافعي بالأحساء، فيمن استأجر أرضا مدة طويلة فنبت فيها غراس - الظاهر سقوطه في مدة الإجارة - ونما بعمل مستأجر، ما حكمه؟

فأجاب بحروفه: إذا استأجر شخص أرضا مدة طويلة، ووقع منه نوى في الأرض المذكورة ولم يعرض عنه، كان النابت ملكا للمستأجر

ص: 342

إن تحقق النوى أنه ملكه. وإن لم يتحقق أنه ملكه، أو أعرض عنه وهو ممن يصح إعراضه، فهو ملك لصاحب الأرض وإن نما بعمل المستأجر، هذا جوابه.

قال في "المغني" في الرهن: وإن رهن أرضا فنبت فيها شجر، فهو رهن، لأنه من نماء الأرض، سواء نبت بفعل الراهن أو بغيره، وكذا مثله في "الشرح" وما نقله الشيخ منصور عن "الكافي" إلا أن عبارتهما: سواء نبت نفسه أو بفعل الراهن، لأنه من نمائها. انتهى.

فتعليلهم أن النابت من نماء الأرض، ربما يلخص منه شئ. وعبارة "المستوعب": ولو أعاره أرضا بيضاء ليجعل فيها شوكا أو دوابا، فتناثر فيها حب أو نوى للمستعير، ويجبر على قلعه. هذا معنى كلامه، فيؤخذ منه عدم وقفيته إذا نبت بعد الوقف أو الإجارة في الأرض الوقف، وأنه للمستأجر إذا نبت ونما بعمله. انتهى.

وإن دفع غاصب إلى غير مكلف مغصوبا فأتلفه، ضمنه، لأن الدافع له غير ربه، ويرجع على غاصب، وعليه قرار الضمان، وسواء كان الدافع له وليه أو أجنبياً، قاله شيخنا.

قوله: وإن دفعها إلى الحاكم برئ من ضمانها.

ظاهره: ويتصدق بها الحاكم ولا ضمان عليه لو عرف ربه فيما يأتي، لقولهم في الوصي: وإن لم يعلم لمن الوصية، فتصدق بها الوصي أو الحاكم، ثم أتى ربها لم يضمنها، فكذا هنا. وإن اشترى به عقارا وجعل نماءه للمساكين، صح، فإذا أتى ربه، لم يبطل المعاوضة، فيكون له العقار، وفيها ثقل.

إن قيل: إنه يقف بنفس الشراء. وإن كان الحاكم وقفه بعد الشراء على المساكين، لم ينقض الوقف، كما لو تصدق به، قاله شيخنا.

ص: 343

وإذا كان بيد شخص مال غصب لا يعرف ربه، فأعطى منه فقيرا، أبيح له، لأن الغصب المجهول ربه، للفقراء صرح به الشيخ، وابن القيم، والقاضي وغيرهم، قاله شيخنا.

إذا فتح سيل آخر وأذهبه عن عقاره، ضمنه بقيمته، فيقال: كم يساوي؟ والقول قول الغارم إن لم تقم بينة، قاله شيخنا.

قوله: ودق يهز الحيطان إلى آخره.

ما لم يخالف ذلك قرينة أو عادة، كمن استأجر دارا وهو صائغ، أو صانع، أو كداد وله دواب، أو تاجر وله طعام، لأن هذا معلوم بالضرورة أنه يجعله فيها، قاله شيخنا.

قال في "جمع الجوامع": السابع: إذا استأجر الحانوت ليسكنه، لم يجز أن يصنع فيه الحدادة، ولا يجوز إلا أن يستأجره لذلك، أو يكون معدا لذلك في سوقه، فإنه يعلم بالضرورة أن الحداد إذا استأجره لا يستأجره إلا بذلك، بخلاف ما إذا استأجر الحداد دكانا في سوق البزازين ولم يذكر الحدادة، فإن العادة جارية بأن لا يستأجر الحداد دكانا في هذا السوق.

ثم قال: التاسع: إذا اكتري للركوب أو الحمل عليه، لم يملك الآخر. ثم قال: ومن فعل ما ليس له فعله، كان ضامنا وعليه الأجرة. انتهى.

قوله: لم يستعلمه يصلح للنساء. أي يتخذه على صفة تصلح بأن تتحلى به النساء، هكذا وجدت بخط زامل بن سلطان على هامش "المنتهى".

ومن جواب لشيخنا: إذا كان الدينار ناقصا نحو ربعه، فأوفاه به عن ثلاثة أرباع، ثم بقي له ربع فعاوضه عنه، فالأظهر جوازه.

وله أيضا: وقد سئلت عن راهن أقر قبل فكه الرهن أنه وقفه قبل

ص: 344

رهنه، فقلت: إن ثبت إقراره، قبل على نفسه، فإذا انفك الرهن، أخذ بذلك الإقرار. وإذا اعترف الانسان بشئ في يد غيره أنه ليس لمن هو بيده وإنما هو لفلان، لم يقبل على من هو بيده، وإن انتقل إلى المقر، ارتبط به حكم إقراره، ونزع من يده حيث صدقه المقر له، هذا ما ظهر لنا من كلامهم. انتهى.

دفع ديناراً لزيد وفاء عماله عليه إن كان، وإلا فهو وفاء عن خالد مما له عليه. الظاهر عدم صحة ذلك، قاله شيخنا.

ذكر لورثة ميت أن مورثه أعطاه سيفا ليرهنه بدينار، وفعلت.

ثم أنكر وقال: لم يعطني شيئا، ولم أرهن فقامت بينة بإقراره الأول فأراد أن يدعيه أخيرا، فالظاهر لا يقبل، لإنكاره سبب الحق، قاله شيخنا.

إذا قال القصار: إنه متبرع بعمله بعد تلف الثوب لنفي الضمان عنه، هل ينفيه، أم لا؟

الظاهر: إن كان معد لأخذ الأجرة، لم يقبل، لمخالفة ظاهر الحال.

والأصل في قابض مال غيره الضمان، وإن لم يكن معدا، قبل. وفي "الاختيارات" ما يشعر بقبول قوله، لكن لم يفصل بين من هو معد لذلك أم لا، قاله شيخنا.

ومن جواب لعبد الوهاب بن عبد الله: ليس للوكيل أن يعقد مع فقير، ولا كل من يتعذر الاستيفاء منه لغلبته إلا بإذن الموكل. فإن باع على من لم يعلم قدرته على الوفاء، ضمن الوكيل، لتفريطه، ولا يقبل قول الوكيل: إنه لم يعلم حال المشتري، لأنه لا يصح البيع إلا على من يعلم قدرته على الوفاء. انتهى.

مسألة: فإن لم يجد واتجر الوصي فيها لنفسه، أو الذي يستودعها القاضي إياه، فلا بأس بذلك إذا كان له ملاءة ووفاء، والتنزه عنه أفضل.

ص: 345

وقال ابن الماجشون: من تعدى في مال في يده بوديعة أو نحوها، فاتجر فيها وهو مليء أو مفلس، فالربح له، وهو ضامن للمال في ماله وفي ذمته، وتمامه في "التبصرة" لابن فرحون.

إذا كان بين دارين جدار، حكم به لهما. فلو كان لأحدهما عليه خشب، فأراد الآخر أن يضع عليه مثله وخشب الأول سابق، لم يجز له الوضع إلا أن يكون لا ضرر ولا يمكنه التسقيف إلا به، قاله شيخنا.

قال في "الإنصاف": إذا كان الربا غير مقصود بالأصالة، وإنما هو تابع لغيره، فهو أنواع:

أحدها: ما لا يقصد عادة، ولا يباع مفردا، كتزويق الدار ونحوه.

قال في "الرعاية": وكذا ثوب طرازه ذهب، فلا يمنع البيع بجنسه بالاتفاق.

الثاني: ما يقصد تبعا لغيره وليس أصلا لمال الربا، كبيع العبد ذي المال بمال من جنسه، فله حكم يأتي.

الثالث: ما لا يقصد وهو تابع لغيره، وهو ضربان:

الضرب الأول: أن يمكن إفراد التابع بالبيع كبيع نخلة عليها رطب برطب، ففيه طريقان:

أحدهما: المنع، وهي طريقة القاضي في "المجرد".

والثاني: الجواز، وهي طريقة أبي بكر، والخرقي.

الضرب الثاني: أن يكون التابع مما لا يجوز إفراده بالبيع كبيعه شاة لبون بلبن، أو ذات صوف بصوف، وبيع التمر بالوى، وهو قول المصنف في بيع النوى بتمر فيه نوى، روايتان: إحداهما: يجوز وهو المذهب. انتهى.

وبيع الأثل بأصوله للإبقاء في الأرض، صحيح، من جواب شيخنا.

قال ابن عطوة: للغني شرب الماء من السبيل، ويجوز سؤاله.

ص: 346

والمرأة الصالحة عند ذوي الغصوبات في الأموال تسأله طلاق نفسها، فإن أبى أكلت والإثم بعنقه. وكذلك المملوك، وعن بعضهم: بيع مملوك لقوم عاصين يتسامحون في الفساد وعدم الغيرة، وهم أكالون للحرام ويطعمون منه، لا يجوز، قاله البرزلي.

وقال: المرور في البساتين يحمل على ما رأى العادة في ذلك. فإن شك في العادة، منع المرور. ورأس جيش الظلمة، ولولا لم يكن ما كان، فعليه غرم الجميع، وإن كان لا رأي له ولا وجه، فعليه غرم ما أخذ خاصة. قلت: هذا بخلاف المحاربين فإن بعضهم يحمل عن بعض، وكل واحد مأخوذ بالجميع لأن الجيش فيه الحق والباطل، والمحاربون جميعهم على الباطل.

ومستغرق الذمة بالغصوب ماله مستحق عليه، إما لأربابه، وإما لبيت المال، يصرفه مصرف الزكاة أو الفيء فلا تمضي تبرعاته فيه، قاله البرزلي.

ولا تقبل صدقة مستغرق الذمة ولو كان سليم المكسب، قاله البرزلي.

وله: إذا استعار موقوفا، ككتب علم ونحوها ولم يفرط، لم يضمن، وكذا مستعير من مستأجر. انتهى.

وله أيضا: قال ابن رجب في "شرح الأربعين": من باع شيئا ممن تكره معاملته لشبهة ماله، قال أحمد: يتصدق بالربح، وكذا قال فيمن ورث مالا من أبيه وكان أبوه ممن تكره معاملته لشبهة ماله، قال: يتصدق منه بقدر الربح، ويأخذ الباقي. قلت: ولعل هذا يرجع إلى مذهب المالكية في معاملة مستغرق الذمة، فإنهم أجازوه بثمن المثل على أحد القولين عندهم في ذلك. انتهى.

قال في "جمع الجوامع": يحرم الأكل من مال المرابي إذا تحقق

ص: 347

رباه، وعلم أن مال الربا ليس متميزا من غيره. وإذا شك في رباه أو لم يتحقق جاز الأكل، والورع عنه أولى. انتهى.

يصح قبض الرهن بكل ما دل على الإذن من الراهن، كقوله:

أذنت لك في قبضه، أو خليت بينك وبينه، أو وكلتك تقبضه، قاله شيخنا.

ومن "شرح مختصر التحرير للمنقح وشرحه لابن النجار":

الواجب، وما لا يتم الواجب إلا به - سواء قدر عليه المكلف، كاكتساب المال للحج، والكفارات ونحوهما، أو لم يقدر عليه المكلف، كحضور الإمام الجمعة، وحضور العدد المشترط فيها لأنه من صنع غيره - فإنه ليس بواجب مطلقا، وحكي إجماعا. وما لا يتم الواجب المطلق إيجابه إلا به، وهو - أي الذي لا يتم الواجب المطلق إلا به - مقدور المكلف، فواجب يعاقب المكلف بتركه، ويثاب بفعله، كالواجب الأصلي.

ثم قال: فبصحة عقد يترتب أثره من التمكن من التصرف فيما هو له، كالبيع إذا صح العقد، ترتب أثره من ملك جواز التصرف فيه، من هبة، ووقف، وأكل، ولبس، وانتفاع وغير ذلك. وكذا إذا صح عقد النكاح، والإجارة، والوقف وغيرها من العقود، ترتب عليها أثرها مما أباحه الشرع له، فينشأ ذلك عن العقد، وترتب العقد على الكتابة الفاسدة، لوجود الإذن في التصرف، لا من جهة العقد في الثلاث، وتمامه فيه.

ومن جواب للشيخ عبد الوهاب: يصح الضمان والهبة على ما ذكره الشيخ مرعي، لعدم ما يخالفه، فإن الضمان والحالة هذه توصل إلى تصحيح ما لا يصح بدونه. انتهى.

من كلام الشهاب ابن عطوة: إذا عرف أهل مكان وجهل عددهم، ولم يدر من غاب منهم، ولا من كان له فيها شئ، ولا من لم يكن له

ص: 348

فيها شئ، ولم تعلم قلة أملاكهم من كثرتها، ولا عينوها ولا عرفوها، ولا عرفوا كيف جرت المواريث لطول ومن ذلك، فهي كحال تركة رجل لا يعلم له وارث ولا يرجى علم ذلك، فهو لمصالح المسلمين، ومجراه مجرى الفيء على الصحيح. انتهى.

ومن أثناء جواب لابن تيمية: مثل الأعراب الذين يقطعون الطريق وغيرهم من الطرقات، والجبلية الذين يعتصمون برؤوس الجبال والمغارات لقطع الطريق، وكالأخلاف الذين يخالفون لقطع الطريق بين الشام والعراق ويسمون ذلك النهيضة، فإنهم يقاتلون كما ذكرنا.

لكن ليس قتالهم بمنزلة قتال الكفار، إذ لم يكونوا كفارا، فلا تؤخذ أموالهم إلا أن يكونوا أخذوا أموال الناس بغير حق فإن عليهم ضمانها فيؤخذ منهم بقدر ما أخذوا وإن لم يعلم عين الأخذ، وكذلك لو علم، فالردء والمباشر سواء كما قلناه، لكن إذا عرف عينه، كان قرار الضمان عليه، ويرد ما يؤخذ منهم على أبواب الأموال. فإن تعذر الرد عليهم، كان مصالح المسلمين، من رزق طائفة المقاتلة لهم، وغير ذلك. انتهى.

ما قولكم في شرط التمر في الخصف، هل هو صحيح أم لا؟

ورجل له بستان فيه مديريج يلزم عليه السيل، فباعه بعد ما طاح وأقام مدة، فهل للمشتري رده أم لا؟

أجاب الشيخ محمد بن اسماعيل: التمر في الخصف جائز. ولو كانت الجروم مجهولة، صح شرطها، كأساسات الحيطان، وكشرط البذر المدفون في الأرض إذابيعت مع جهالته، وكشرط التمر في بيع الأصل، وكشرط مال العبد في بيعه مع جهله. وقد صرح أهل الفقه وأهل اللغة بأنه يصح تبعا ما لا يصح استقلالا. وأما المديريج، فلصاحبه إعادته، إلا أن تقوم بينة أنه وضع بسبب يصح فيه الرجوع، والله أعلم، ونقلته من خطه.

ص: 349

ومن جواب له أيضا: وأما ذكرك عني أن تقدير العمل في المساقاة بما لا يعد إتمام الثمرة، لا يغير عن حكمها شيئاً، فصحيح، وأنا عليه الآن. لكن قصدي في ذلك صحة عقدها، أو فساده، أو جوازها، أو لزومه، ولا على بالي ولا يبين عيني من معنى استغناء الشجر عن العمل شئ.

وأما المقدر من الثمرة لما بقي من العمل، فليس على عدد الأدوار، بل على قدر السهولة والشدة في العمل. وأما المساقي إذا كمل ماء بئر البستان وبقي عليه من العمل شئ، فالله أعلم أنه إن كان يوم يدخل عمل المساقاة عالماً أن البئر يكمل ماؤه قبل تمام العمل فإنه يلزمه العمل من غير بئره ولو شق عليه، وإلا فلا، ويسقط من نصيبه من الثمرة قدر الباقي من العمل. وإن كان العمل

الباقي زائداً عن عام المساقاة وتامة الثمرة قبله، وصار الإتيان به في العام الآخر، فلمن أراد تركه ونقص حصته من نصيب العامل من صاحب النخل أو العامل، تركه وإسقاطه حصته من نصيب العامل، سواء كان في البئر ماء أو لم يكن.

وإذا رهن العامل نصيبه من الثمرة بعد ظهورها فهرب، فبقية العمل في حقه من الثمرة مقدم على المرتهن.

وخلط البر بالشعير، فلا يجوز إلا أن يخبر بقدر كل جنس، مثل أن يقول: هذه عشرة أصواع بر مخلوطة بعشرة أصواع شعير، والله أعلم، ومن خطه نقلت.

ومن جواب للشيخ سليمان بن علي: إذا كان الغراس من العامل، فالمغارسة فاسدة، وكذلك إن كان الغرس ثابتا في الأرض قبل المغارسة.

ولو باعه ثم غارسه على سقيه بجزء منه، فهذا فاسد في الصورتين، ويكون الغرس كله لمالكه الذي غرسه. وإن كان المالك دفع الغرس - والأرض بيضاء - إلى العامل بجزء من الغرس معلوم، فهذه هي المغارسة الصحيحة،

ص: 350