الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».
3 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِيهِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى (لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).
7289 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَىْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» .
ــ
تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: 101](إنما أهلك من قبلكم سؤالهم) ويروى: "هلك من قبلكم بسؤالهم"(فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها فلا دليل فيه لمن يقول إن أمر الشارع يكون للندب.
باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه
أي ما لا يكون مهمًا له.
7289 -
(عن عبد الله بن يزيد المقرئ) بضم الميم من الإقراء (عقيل) بضم العين مصغر (إن أعظم المسلمين جرمًا) بضم الجيم، أي: إثمًا (من سأل عن شيء لم يحرم فحرم لأجل مسألته) لأن ضرره لحق كل مسلم إلى آخر الدهر.
فإن قلت: أليس قد قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هلا سألوا إذا لم يعلموا"؟ قلت: الكلام هنا في أمر لا يتعلق به أمر ديني، ولا تدعو إليه ضرورة، وهؤلاء كانوا من هذه الطائفة كان إذا ضلت ناقته يقول أين ناقتي، وقد أشار إليه في الترجمة بقوله: وتكلف ما لا يعنيه.
قال بعض الشارحين: فإن قلت: هذا فيه دلالة على أن أفعاله تعالى معللة؟ قلت: الأشعرية لا ينكرون جواز تعليل فعله، بل ينكرون الوجوب، وهذا غلط فإنهم استدلوا على عدم الجواز بأنه يوجب الاستكمال. والمسألة معروفة. قال شيخ الإسلام: وكقولهم: اجعل
7290 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا لَيَالِىَ، حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ «مَا زَالَ بِكُمُ الَّذِى رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ، وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلَاّ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ» .
ــ
لنا الصفا ذهبًا، وفيه نظر؛ لأن الذين نزلت فيهم الآية يؤمنون غاية الأمر كانوا جفاة لا يعرفون الآداب بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] والذين سألوا أن يجعلوا الصفا ذهبًا مشركوا مكة.
7290 -
(إسحاق) كذا وقع غير منسوب، قال الغساني: لعله ابن منصور، وابن راهويه قال شيخ الإسلام: هو ابن منصور لقوله: حدثنا عفان وابن راهويه إنما يقول: (أخبرنا وهيب) بضم الواو مصغر (أبو النضر) بضاد معجمة اسمه سالم (بُسر بن سعيد) بضم الموحدة وسين مهملة (اتخذ حُجْرة في المسجد من حصير) كان حصيرًا يبسط بالنهار، ويجعله حجرة بالليل، والحديث سلف في أبواب الصلاة، وموضع الدلالة إنكاره عليهم في حرصهم على الاجتماع من غير أن يأمرهم به، وهذا يتعلق بالشق الثاني وهو تكلف ما لا يعنيه (فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة).
قال بعض الشارحين: فإن قلت: تحية المسجد وركعة الطواف ليس البيت منها أفضل من المسجد، قلت: العام قد يخصص، وما من عام إلا وخص منه البعض إلا قوله تعالى:{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282]. وفيه خبط، أما أولًا: فلأن الكلام في صلاة يصلح لها المسجد والبيت، وتحية المسجد لا تمكن في غير المسجد، فلا تدخل تحت العموم، كعدم دخول الصبي في {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: 43]، وأما ثانيًا فلأن العام الثاني على عمومه لا ينحصر في قوله:{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282] أما في قوله تعالى فكقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] و {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7)} [الجاثية: 7]
7291 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ غَضِبَ وَقَالَ «سَلُونِى» . فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ» . ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِى فَقَالَ «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ» . فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَضَبِ قَالَ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عز وجل. طرفه 92
7292 -
حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ اكْتُبْ إِلَىَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ «لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» . وَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّهُ كَانَ
ــ
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ} [البقرة: 285]، وأما في الحديث "كلكم راع" و"من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة".
7291 -
(أبو أسامة) بضم الهمزة (بريد) بضم الموحدة، مصغر برد (أبو بردة) بضم الموحدة، روى عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أشياء كرهها وفي كتاب العلم في غضب الإنسان في الموعظة (فغضب فقال سلوني) وفي الرواية الأخرى "لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا" كشف الله له عالم الملك والملكوت كما كشف له بيت المقدس صباح ليلة المعراج لما سأله المشركون كما سلف في البخاري.
7292 -
(أبو عَوانة) بفتح العين الوضاح (عن وراد) بفتح الواو والراء (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) أي: جده، اللام عوض عن المضاف إليه، ومن هنا قالوا لها بدلية، أي الجد وهو الحظ لا ينفع صاحبه بذلك، أي: بدل رحمتك وإنما الذي ينفعه رحمتك إشارة
يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ وَوَأْدِ الْبَنَاتِ وَمَنْعٍ وَهَاتِ. طرفه 844
7293 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ.
7294 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَحَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه. أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلَاّ أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ، مَا دُمْتُ فِي مَقَامِى هَذَا» . قَالَ
ــ
إلى أن حظ الدنيا لا يقاس به الآخرة (ونهى عن قيل وقال) بالتنوين مصدرا قال، ورويا معرفين وبغير تنوين على أنهما فعلان أجريا مجرى المصدرين، وقد سلف الحديث، وأحسن ما قيل في معناهما النهي عن كثرة الرواية من غير تثبت كما يقول واحد من هؤلاء: قال فلان كذا وقيل كذا في المجادلة من غير طلب الصواب وإظهار الحق (وإضاعة المال) إتلافه من غير رعاية كتركه حفظ الدواب وعمارة العقار (ومنع وهات) على لفظ الماضي في الأول، والمصدر [وأما الثاني] فاسم فعل بمعنى أعط، قيل: معناهما منع ما عليه وأخذ ما ليس له، والأحسن أن يقال: كناية عن عدم المبالاة في أمور الدين وأخذها بالتشهي ومقتضى هداى النفس، وهذا يعم ما قالوه فهو أحسن، (وعقوق الأمهات).
فإن قلت: عقوق الآباء أيضًا محرم لقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [لقمان: 14]؟ قلت: إفرادها بالذكر لزيادة حقها ولضعف جانبها، وإليه أشار في قوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: 14].
7293 -
(عن أنس قال: كنا عند عمر فقال: نهينا عن التكلف) قد سلف أن الصحابي إذا قال: نهينا وأمرنا الآمر والناهي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثله في حكم المرفوع، قال ابن الأثير: التكليف تحمل الكلفة، أي: المشقة على خلاف العادة.
7294 -
(فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا) قد أشرنا
أَنَسٌ فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْبُكَاءَ، وَأَكْثَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى» . فَقَالَ أَنَسٌ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَيْنَ مَدْخَلِى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «النَّارُ» . فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ مَنْ أَبِى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ» . قَالَ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى سَلُونِى» . فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولاً. قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ وَأَنَا أُصَلِّى، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» . طرفه 93
7295 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَنْ أَبِى قَالَ «أَبُوكَ فُلَانٌ» . وَنَزَلَتْ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ) الآيَةَ. طرفه 93
7296 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يَقُولُوا هَذَا اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ» .
ــ
آنفًا إلى أنه تعالى كشف له عالم الملك والملكوت (فبرك عمر على ركبتيه) لما رأى غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم خاف من نزول عذاب الله، وفي رواية عن الزهري "فقام فقبل رجله وقال: فاعف عنا عفا الله عنك" (والذي نفسي بيده لقد عرضت عليّ الجنة والنار في عُرض هذا الحائط) بضم العين بمعنى الجانب (فما رأيت كاليوم في الخير والشر) إذ لا أعظم من الجنة والنار، وهما جزاء الخير والشر.
7295 -
7296 - (لن يبرح الناس يتساءلون هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله) يتساءلون فيما لا يعنيهم حتى تؤويهم وسوسة الشيطان إلى هذا كما تقدم في بدء الخلق "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا حتى يقول من خلق ربك" وفي رواية
7297 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ، وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَسْأَلُوهُ لَا يُسْمِعْكُمْ مَا تَكْرَهُونَ. فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِمِ حَدِّثْنَا عَنِ الرُّوحِ. فَقَامَ سَاعَةً يَنْظُرُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعِدَ الْوَحْىُ، ثُمَّ قَالَ (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى). طرفه 125
ــ
لمسلم "يقول الله تعالى: إن أمتك لا تزال تقول: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ فمن بلغه فليستعذ بالله" وفي رواية: "فليقرأ آمنت بالله" وظاهر الجواب عن هذه الوسوسة أن يقول: لا يجوز أن لا يكون الله مخلوقًا لبطلان التسلسل، فلا بد للممكنات من واجب يكون وجوده مقتضى ذاته. ولما كان هذا غير ظاهر لكل أحد وفيه شكوك وشبه يحتاج إلى دفعها نهى الحكم صلى الله عليه وسلم عن الخوض فيه، وأمر بالانتهاء والاستعاذة من شر الشيطان.
7297 -
وحديث ابن مسعود، وسؤال اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح سلف في سورة الإسراء (في حرث) بالحاء المهملة آخره ثاء مثلثة، وفي رواية بالخاء المعجمة آخره باء موحدة (يتوكأ على عسيب) جريد النخل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]) أي: كائن بأمره مخلوق كسائر المخلوقات.
فإن قلت: ما وجه دلالته على الترجمة؟ قلت: من حيث إن سؤال اليهود عن الروح من قبيل ما لا يعني، ومن أراد تحقيق هذه الآية الكريمة فعليه بتفسيرنا "غاية الأماني" والله الموفق والمعين.