الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِى وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَىَّ وَلَا تُنْظِرُونِ * فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلَاّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) غُمَّةٌ هَمٌّ وَضِيقٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ (اقْضُوا إِلَىَّ) مَا فِي أَنْفُسِكُمْ، يُقَالُ افْرُقِ اقْضِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ) إِنْسَانٌ يَأْتِيهِ فَيَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَهْوَ آمِنٌ حَتَّى يَأْتِيَهُ فَيَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ، وَحَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ حَيْثُ جَاءَهُ. النَّبَأُ الْعَظِيمُ الْقُرْآنُ (صَوَابًا) حَقًّا فِي الدُّنْيَا وَعَمَلٌ بِهِ.
40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى
(فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا) وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ
ــ
وأحكامه التي أوحاها إلى الرسل، إلا أن في استدلاله بقوله:{فَاذْكُرُونِي} [البقرة: 152] خفاء لأن ذكر الله في الآية عبادة ليس معناه الأمر بالعبادة بل ما تقدم من قوله: "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم"، ولذلك لم يورد هذا الحديث في الباب لأنه لا يطابق ما ترجم، فكأنه أشار إلى أن الأنبياء بلّغوا ما أمروا بتبليغه ذكرهم الله بكل جميل، فعلى من بلغوه الدعاء والتضرع بالعبادة ليذكرهم الله بغفرانه ورحمته (قال مجاهد: اقضوا إليَّ ما في أنفسكم) أي من القتل وغيره، قاله في معنى قول نوح {اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ} [يونس: 71] (النبأ العظيم: القرآن) يشير إلى معنى قوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: 2،1] وقال غيره: هو الحشر والمعاد، وهو الظاهر من السياق.
باب قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22]
إذ في هذا الباب نفي الشريك عن ذاته تعالى وصفاته، ونفي الشريك في خلق شيء من الأشياء، وإن أفعال العباد مخلوقة لله لقوله:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2] وجه الدلالة أن أفعال العباد بمعنى الحاصل من المصدر لا نفس الإيقاع فإنه أمر اعتباري كما
رَبُّ الْعَالَمِينَ) وَقَوْلِهِ (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ)(وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) وَقَالَ عِكْرِمَةُ (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَاّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ وَمَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ. فَذَلِكَ إِيمَانُهُمْ وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَمَا ذُكِرَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَكْسَابِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) وَقَالَ مُجَاهِدٌ مَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ إِلَاّ بِالْحَقِّ بِالرِّسَالَةِ وَالْعَذَابِ (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) الْمُبَلِّغِينَ الْمُؤَدِّينَ مِنَ الرُّسُلِ وَإِنَّا لَهُ حَافِظُونَ عِنْدَنَا (وَالَّذِى جَاءَ بِالصِّدْقِ) الْقُرْآنُ، (وَصَدَّقَ بِهِ) الْمُؤْمِنُ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا الَّذِى أَعْطَيْتَنِى عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ.
ــ
صرح به المحققون: يقع عليه اسم الشيء فدخلت في عموم كل شيء، وأما الند فهو المثل المناوئ.
فإن قلت: نفي الأنداد لا يستلزم نفي الند مطلقًا وهذا هو المطلوب. قلت: إنما أتى بصيغة الجمع نعتًا عليهم حيث جعلوا لمن لا يجوز أن يكون له ند واحد أندادًا.
(وما يؤمن أكثرهم إلا وهم مشركون) فسره عكرمة: بأنهم إن يُسألوا (من خلق السماوات والأرض؟ يقولون: خلقهن الله) ومع هذا (يعبدون غيره).
فإن قلت: هب هذا يرد قول أهل الاعتزال لدخول أفعال العباد تحت قوله (كل شيء) ولكن يلزم منه الجبر المحض، قلت: الجبر المحض لا يلزم لأن الخالق وإن كان هو الله إلا أن للعبد فيه كسبًا واختيارًا هو مناط الثواب والعقاب للفرق الواضح بين حركة المرتعش والسالم. ({مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الحجر: 8]) دل على أن لهم كسبًا، وأنهم تحت أمره ردًّا على من عبد الملائكة، وفسر الحق بالرسالة والعذاب دلالة على أن للعباد كسبًا، وإلا لم تكن فائدة في إرسال الرسل، ولا جائز تعذيب أحد لكونه مجبورًا على الفعل لا قدرة له كالجماد ({وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]) دليل على توحده، ولو كان هناك شريك لم يمكن حفظه منه.