الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)
وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِى وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ).
7403 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ» . طرفه 4634
7404 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
ــ
باب قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]
أي عقابه، والتعبير بالنفس مبالغة في الإنذار. قال الراغب: نفسه ذاته، وهذا وإن كان مغايرًا بحسب الظاهر لكونه مضافًا إليه إلا أنه ليس سوى، الواحد تعالى. قلت: تحقيقه أن المغايرة الاعتبارية كافية في صحة الإضافة. قال المرتضى المحقق السيد الجرجاني في قوله تعالى: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: 9]-بعد قول "الكشاف" يكذبون مع أنفسهم وأنفسهم أيضًا تمنيهم- إن المغايرة الاعتبارية كافية في مثله، ألا ترى إلى قولك فلان يؤامر نفسه إذا كان مترددًا بين فعل الشيء وعدمه.
7403 -
(غياث) بكسر المعجمة آخره ثاء مثلثة (ما أحد أَغُيَرُ من الله) الغيرة: الأنفة والحمية (وما أحد أحب إليه المدح من الله) الأحب اسم تفضيل بمعنى المفعول، أي أشد محبوبيةً.
قال بعض الشارحين: فإن قلت: ليس في الحديث ذكر النفس، قلت: لعله اعتبر: أحد، مكان النفس فإنهما متلازمان، وهذا غلط منه؛ لأن الكلام مسوق لجواز إطلاق لفظ النفس عليه ردًّا على من يقول بعدم جوازه، فأي فائدة في هذا؟ أو كيف يصح الاكتفاء به؟ والجواب أنا أشرنا كم مرة على أن دأب البخاري الاستدلال بما فيه خفاء واختصار يفحص على طرق الحديث ليوقف عليه زيادةً للفائدة وقد روى في سورة الأعراف:"ولا أحد أحب إليه المدح من الله" ولذلك مدح نفسه فهذا يدل على ما ترجم.
7404 -
(عبدان) على وزن شعبان (أبو حمزة) محمد بن ميمون روى عن أبي هريرة
7405 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِى، فَإِنْ ذَكَرَنِى فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِى، وَإِنْ ذَكَرَنِى فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ
ــ
حديث (لما خلق الله الخلق كتب في كتابه وهو يكتب على نفسه وهو وضع عنده) فيه مبالغات: الأول: إسناد الكتابة إلى نفسه. الثاني: إضافة الكتاب إليه، فإنه يدل على كمال الاختصاص. الثالث: قوله: "وهو يكتب" جملة حالية تفيد أن تلك الكتابة كانت على نفسه. الرابع: لفظ على الدال على اللزوم. الخامس: لفظ: "وَضْعٌ" بصيغة المصدر على رواية الأكثر. السادس: القيد بقوله: "عنده" وإنه منزه عن المكان دلالة على القرب المعنوي.
(إن رحمتي تغلب غضبي) قد أشرنا إلى أن رحمته عبارة عن إرادة الإنعام، والغضب عن إرادة الانتقام، فهي من الصفات الذاتية، أو عن الإنعام والانتقام فصفة فعل.
7405 -
(أنا عند ظن عبدي بي) أي بالعلم والجزاء، فإن ظن أني أغفر ذنوبه بي، أنا أفعل ذلك، وإن ظن خلافه فكذا، وهذا إشارة منه تعالى إلى حسن الظن إذ لا يمكن أن يسمع عاقل هذا ويسيء الظن به تعالى، وقد صرح به في رواية مسلم:"لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" قال بعض العلماء: هذا إنما يكون عند حضور الموت، وأما في حال الصحة يغلب جانب الخوف. وقال بعض المشايخ: لفظ الحديث عام في الأوقات، والموت لا يعلمه أحد متى يكون إلا الله، فالواجب حسن الظن في الأوقات كلها، ويدل عليه في الحديث الآخر "ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة".
(وأنا معه إن ذكرني) إذ لا يعزب عني ما عمله (فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) هذا موضع الدلالة (وإن ذكرني في ملأ) الملأ: أشرف الناس (ذكرته في ملأٍ خير منهم) وهم
، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِى يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». طرفه 7505، 7537
16 -
باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلَاّ وَجْهَهُ)
7406 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ) قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ» . فَقَالَ (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ» . قَالَ (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا) فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «هَذَا أَيْسَرُ» . طرفه 4628
ــ
الكروبيون والملائكة المقربون، ولا يلزم منه تفضيل الملائكة على الأنبياء لخروجهم عن ذلك بسائر الدلائل، على أن لا دلالة فإن الذاكر هو النبي إذ يبعد أن يكون بحضرته من يذكر الله إلا على سبيل التبعية له (وإن تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) الهرولة: السير بين المشي والعدو، ظواهر هذه الأشياء محال عليه تعالى، والمراد تصوير المعقول في صورة المحسوس، ومحصله سرعة إجابة الدعاء، وقبول العمل القليل، وإفاضة الثواب الجزيل. هذا على طريق الخَلَف الذين يؤولون ما تشابه، والسلف ساكتون عن الخوض في أمثاله.
باب قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]
الوجه هو العضو المعلوم، وذاك معلوم محال في حقه تعالى. فذهب الشيخ الأشعري في أحد قوليه، وأبو إسحاق الإسفراييني إلى أنه صفة حقيقية كالعلم والقدرة، وقال في قوله الآخر: الوجه هو الوجود. قال القاضي في "المواقف": لا قاطع فيه، فالواجب أن يكون مجازًا عن الذات. قلت: وجه كل شيء ظاهره، والوجه في الإنسان أشرف الأعضاء حتى أطلق الأعراب الوجه على كل شريف، يقولون في معرض المدح: بأوجه العرب فلذلك عبر به عن الذات المقدسة. وسواء قلنا كما قال الأشعري: إنه صفة قديمة، أو عبارة عن الوجود أو الذات لا إشكال في الآية والحديث، وعند بعض المشايخ أنه إشارة إلى أن العمل الذي يكون خالصًا لله هو الباقي لانحباط غيره.