الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالأَعْمَشِ سَمِعَا سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ فِي جِنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَاّ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ» . قَالُوا أَلَا نَتَّكِلُ. قَالَ «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى)» . الآيَةَ. طرفه 1362
55 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ)(وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ)
.
قَالَ قَتَادَةُ مَكْتُوبٌ، يَسْطُرُونَ يَخُطُّونَ فِي (أُمِّ الْكِتَابِ) جُمْلَةِ الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ (مَا يَلْفِظُ) مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَىْءٍ إِلَاّ كُتِبَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُكْتَبُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، (يُحَرِّفُونَ) يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عز وجل، وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، دِرَاسَتُهُمْ تِلَاوَتُهُمْ، (وَاعِيَةٌ) حَافِظَةٌ (وَتَعِيَهَا) تَحْفَظُهَا. (وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ) يَعْنِى أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ بَلَغَ هَذَا الْقُرْآنُ فَهْوَ لَهُ نَذِيرٌ.
ــ
(جَنَازَة) -بفتح الجيم وكسرها- يطلق على الميت والنعش. وقيل: بالفتح في الميت، والكسر في النعش، وقيل: بالعكس و (ينكت في الأرض) -بالياء المثناة فوق- أي يضرب فيه بحيث يؤثر فيه.
باب قوله: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)} [البروج: 21، 22]
غرضه من هذه الآيات الاستدلال على أن القرآن يطلق على ما في اللوح والمسطور في المصاحف، والمتلو في الصلاة وغيرها (ما يلفظ من شيء إلا كتب عليه) استدل به على أن المكتوب عين الملفوظ، والتغاير إنما هو في الكتابة والتلفظ ({يُحَرِّفوُنَ} [النساء: 46] يزيلون، وليس أحد يزيل لفظ كتاب، ولكنهم يحرفونه يتأولون على غير تأويله) قيل: هذا من كلام ابن عباس، ولا يصح فإنه تقدم من كلامه في باب قوله تعالى:{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] ما يخالفه فإنه صرح بأن أهل الكتاب حرفوا الكلم وبدلوها، قيل: هذا قول طائفة العلماء ولا يصح {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ} [الأنعام: 19]) استدل به على أنه ما نزل عليه قرآن.
7553 -
وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا عِنْدَهُ غَلَبَتْ - أَوْ قَالَ سَبَقَتْ - رَحْمَتِى غَضَبِى. فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ» . طرفه 3194
7554 -
حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى غَالِبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى. فَهْوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ» . طرفه 3194
ــ
7553 -
7554 - حديث أبي هريرة لما قضى الله الخلق أي: قدر في الأزل على الإجمال وجودهم فلا يخالفه. قوله: (إن الله قد كتب كتابًا قبل أن يخلق الخلق) فإن هذا إشارة إلى أن وجودهم بالفعل على هذا النمط المشاهد فهو عائد إلى الأول، ولا مخالفة إلا في العبارة. قال بعض الشارحين: لما قضى الله الخلق أتمه فأشكل عليه كتب قبل أن يخلق الخلق، فأجاب بأن المراد في الأول التعليق [420/ ب] الحادث بعد الخلق، وهذا الذي قاله فاسد، فإن الكتاب واحد بالاتفاق فيه إشارة إلى أن التقدير أزلي، وأما الذي يكتب بعد الخلق: هو الذي يكتبه الملك من الكلمات الأربع: الرزق والأجل والشقاوة والسعادة. وهذا الكتاب: الجمهور على أنه اللوح وهو فوق العرش، والظاهر أنه كتاب آخر مفرد لهذا الحكم خاصة. وقد سلف أن معنى قوله:(أن رحمتي سبقت غضبي) وفى الرواية الأخرى: "غلبت" هو زيادة كثرة المرحومين أما في الدنيا فظاهر، وأما في العقبى فإن أحدًا لا يدخل الجنة إلا بفضل رحمته، وكفاك دليلًا أنه يجازي السيئة بمثلها إن لم يغفرها، والحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف لا يعلمها غيره تعالى (فهو مكتوب عنده فوق العرش) العندية المكانية محال، تعالى عن ذلك، فهو كناية عن كمال ثبوت ما فيه ثبوتًا لازمًا لأنه في حفظ من لا يفوته شيء. ولذلك لم يودعه ملكًا.
56 -
باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)(إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)
وَيُقَالُ لِلْمُصَوِّرِينَ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ. (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ بَيَّنَ اللَّهُ الْخَلْقَ مِنَ الأَمْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ).
ــ
باب قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96]
غرضه في هذا الباب: إثبات أن كل شيء يطلق عليه اسم الموجود فهو مخلوق سوى ذاته وصفاته، وإن أطلق عليها اسم الشيء ولكن خارج عن هذا العموم بسائر الدلائل القائمة على العدم من الحوادث. أما غير القرآن فظاهر لامتناع قيام الحوادث بذاته تعالى، وأما القرآن القائم بذاته تعالى سواء قيل: هو المعنى أو اللفظ القديم القائم به تعالى على ما نقلنا قبل من المذهبين لأهل الحق فلا إشكال أيضًا، وإنما الخطأ فيما يقرأ زيد وعمرو، وقد أشرنا أيضًا أن الحق أن المعرف قديم والقراءة حادثة. وأكثر المتأخرين على أن الكلمات الملفوظة حادثة وإن كانت قرآنًا قطعًا وكلامًا لله تعالى، واستدل على ذلك بقوله:({وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96]). والاستدلال تام سواء جعلت ما مصدرية أو موصولة، لأن المراد من المصدر: الحاصل بالمصدر فإنه شيء لا نفس المصدر المعبر عنه بالإيقاع فإنه أمر اعتباري صرح به المحققون ({إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]) بتقدير فعل: أي: خلقنا كل شيء من الأشياء بقدر تقتضيه الحكمة، ولا يجوز أن يكون خلقناه صفة كل شيء لفساد مفهومه، لأن معناه: كل شيء موصوف بأنه مخلوق لنا بقدر.
فإن قلت: فعلى هذا ما معنى قوله للمصورين أحيوا ما خلقتم؟ قلت: الخلق بمعنى التصوير، وإنما عبر عنه بلفظ الخلق تهكمًا، أو باعتبار الصورة على زعمهم. ألا ترى إلى قوله من آخر الباب (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذَرّةً) كيف نفى عنهم الخلق على أبلغ وجه، وذلك أن الخلق عبارة عن الإيجاد من العدم.
{ألَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الاعراف: 54]) أي لا لغيره تعالى وتقدس. قيل: الخلق: المخلوقات، والأمر: الكلام وقيل: لفظ كن الذي به يوجد الأشياء. {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل:40]. وقال صاحب "الكشاف" في معنى قوله: {ألَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] له خلق الأشياء والتصرف فيها.
وَسَمَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم الإِيمَانَ عَمَلاً. قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ سُئِلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ. وَقَالَ (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)» . وَقَالَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مُرْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ إِنْ عَمِلْنَا بِهَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ. فَأَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ وَالشَّهَادَةِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَمَلاً.
7555 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلَابَةَ وَالْقَاسِمِ التَّمِيمِىِّ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جُرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإِخَاءٌ، فَكُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِى، فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لَا آكُلُهُ. فَقَالَ هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكَ عَنْ ذَاكَ، إِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ قَالَ «وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ» . فَأُتِىَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ «أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ» . فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، ثُمَّ انْطَلَقْنَا
ــ
(وقال أبو ذر وأبو هريرة: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله) استدل به على أن الإيمان عمل، وإذا كان عملًا فهو مخلوق لله لقوله:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات: 96](وقال: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]) ولا شك أن الجزاء إنما هو على فعل الجوارح والقلب فهي كلها مخلوقة لله.
7555 -
(أبو قلابة) بكسر القاف عبد الله الجرمي (زهدم) بفتح الزاي المعجمة وسكون الهاء، روى حديث أبي موسى الأشعري وقد سلف في المغازي، وموضع الدلالة هنا قوله:(لست أنا أحملكم، ولكن الله حملكم) فإن الحامل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الفعل يستند إلى فاعله، وإنما أسند الفعل إليه لكونه خالقًا له، وليس هذا مثل قوله:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] فإن المراد هناك أن ذلك كان خارقًا للعادة معجزة لك، والمعجزة فعل الله تعالى حقيقة بخلاف العمل فإنه وإن كان فعلًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه بخلق الله (ودٌ واخاء) بكسر الهمزة أي: مؤاخاة (رجل من بني تيْم الله) -بفتح التاء وسكون التحتانية-. قال الجوهري: تيم الله حيٌ من بكر بن وائل. ومعنى تيم الله: عبد الله (فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى) -بالذال المعجمة- أي البيض السنام، والذود ما بين الإثنين إلى
قُلْنَا مَا صَنَعْنَا حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَحْمِلُنَا، وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا، ثُمَّ حَمَلَنَا، تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمِينَهُ، وَاللَّهِ لَا نُفْلِحُ أَبَدًا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ فَقَالَ «لَسْتُ أَنَا أَحْمِلُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، إِنِّى وَاللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَاّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَتَحَلَّلْتُهَا» . طرفه 3133
7556 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِىُّ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّا لَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَاّ فِي أَشْهُرٍ حُرُمٍ، فَمُرْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ، إِنْ عَمِلْنَا بِهِ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، وَنَدْعُو إِلَيْهَا مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، آمُرُكُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَتُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ
ــ
التسع من الإبل خاصة، وغر الذُّرى أي: بيض الأسنمة فـ (قلنا: ما صنعنا) يجوز أن يكون هنا أي لم نصنع خيرًا، أو استفهام إنكاري أي: بئس ما فعلنا (تغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه) وفي رواية "أغفلنا" قال ابن الأثير: أي صرنا سببًا لغفلته عن يمينه، وليس معناه: طلبنا غفلته لأنهم لم يقصدوا ذلك، ولا هو معنى الصيغة.
7556 -
(أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (قُرّة) بضم القاف وتشديد الراء (أبو جمرة الضبعي) بالجيم وضم الضاد وفتح الموحدة نصر بن عمران، روى عن ابن عباس حديث وفد عبد القيس، وقد مرّ غيْر مرة. وموضع الدلالة قولهم:(مرنا بجمل من الأمر إن عملنا به دخلنا الجنة) فأمرهم بالإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فدل على أن هذه الأشياء مخلوقة لله تعالى، ومنها الإيمان.
فإن قلت: قول أبي جمرة (قلت لابن عباس قال: قدم وفد عبد القيس) أين مقول القول؟ قلت: قيل: المقول مقدر أي حدثنا إما مطلقًا أو بحديث وفد القيس، وليس كذلك فإنه مختصر، وأصله أنه قال: قلت لابن عباس: إن لي جرة أنتبذ فيها فأشربه حلوًا، ولو أكثر منه خشيت أن أفتضح. قال ابن عباس: قدم وفد عبد القيس إلى آخره فإن قلت: تقدم هناك ذكر الصوم. قلت: الاختصار من الراوي فإنه رواه هناك بغير هذا الطريق. وقال بعض
أَرْبَعٍ لَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالظُّرُوفِ الْمُزَفَّتَةِ، وَالْحَنْتَمَةِ». طرفه 53
7557 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» . طرفه 2105
7558 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» . طرفه 5951
ــ
الشارحين: لعله أمرهم بالواجبات الحالية ولم يكن ذلك الأمر في رمضان، وفيه خبط:
الأول: أن هذه القضية متحدة باتفاق العلماء، فالذين رووا الصوم يكون كذبًا.
الثاني: أنهم سألوه عن جملة الأعمال الواجبة كما صرح به لفظ الحديث.
الثالث: يرد الزكاة فإنها ليست من الواجبات الحالية لتوقفها على حولان الحول.
و (الدباء) القرع و (النقير) الجذع المقور (والظروف المزفتة) المطلية بالزفت.
و (الحنتمة) الجرة الخضراء، وقد سلف بيان علة النهي عن هذه الأشياء بأن الريح لا ينفذ فيها فيسرع عليه الإسكار، وقد أشير هناك أيضًا إلى أن الحديث منسوخ.
7557 -
7558 - 7559 - (يقال لهم: أحيوا ما خلقتم) أمر تعجيز، ونسبة الخلق إليهم
-مع أنه لا خالق سوى الله- تهكم بهم.
قال بعض الشارحين: في قوله: (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي): فإن قلت: الكافر أظلم منه. قلت: الذي يصور الصنم للعبادة كافر. هذا كلامه وهو فاسد:
أما أولًا: فلأن النهي عن مطلق صورة الحيوان لا الصنم.
وأما ثانيًا: فلأن ما قاله مخالف لغرض الشارع فإنه بصدد التحذير فيه، فإن هذا الفعل فيه مضاهاة للفاعل الحقيقي. والجواب أن الأظلمية في صفه لا توجب الأظلمية مطلقًا كما قالوا في الجواب عن أفضلية علي في العلم على الصديق والفاروق.