الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
46 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهِ)
وَقَالَ الزُّهْرِىُّ مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ. وَقَالَ (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ) وَقَالَ (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّى). وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ إِذَا أَعْجَبَكَ حُسْنُ عَمَلِ امْرِئٍ فَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ أَحَدٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ (ذَلِكَ الْكِتَابُ) هَذَا الْقُرْآنُ (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) بَيَانٌ
ــ
باب قول الله: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]
غرضه من هذا الباب إثبات إسناد الفعل إلى العبد تارة حقيقة، وتارة مجازًا.
فإن قلت: قوله: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} مع كون الشرط والجزاء متحدين، معلوم عند كل أحد أنه إن لم يفعل فما بلغ رسالته؟ قلت: لفظ ما عام، أي: بلغ كل شيء أنزل إليك، وانتفاء ذلك يكون بانتفاء فرد ما لما تسمع من الناس إن انتفاء الجزء يوجب انتفاء الكل، وإن كان الحق أن انتفاء الجزء عين انتفاء الكل، وقيل معناه: بلغ ولا تخشَ أحدًا، وهذا وإن كان صحيحًا إلا أنه لا يدفع الإشكال إلا بجعل ما عامة كما شرحناه ولنا بتوفيق الله تحرير وافر في معناه في تفسيرنا "غاية الأماني".
(وقالت عائشة: إذا أعجبك حسن عمل امرئ فقل: {اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة: 105] ولا يستخفنك أحد) قال شيخ الإسلام: معناه لا يغرنك أحد بعمله فتظن منه الخير إلا إذا رأيته واقفًا عند حدود الشرع، قلت: إذا لم يقف مع حدود الشرع فلا يكون له حسن عمل، فما معنى قوله: إذا أعجبك عمل امرئ والحق أن غرض عائشة من الأمر بقراءة هذه الآية عند رؤية من يكون ظاهر عمله حسنًا الإيقاظ والتنبيه على أن الحسن الإخلاص في ذلك العمل باطنًا؛ لأن الآية نازلة في المنافقين، أو اقرها أنت في نفسك حذرًا من الوقوع فيما يشبه فعل المنافقين.
(وقال معمر: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2]) يريد أن ذلك وقع في موضع هذا، أشير بلفظ ذلك الموضوع للبعيد إلى بعد منزلته، ورفعة محله على سائر الكتب السماوية وموضع الدلالة قوله:({هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]) فإنه أسند الهداية إلى القرآن مجازًا
وَدِلَالَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ) هَذَا حُكْمُ اللَّهِ (لَا رَيْبَ) لَا شَكَّ، (تِلْكَ آيَاتُ) يَعْنِى هَذِهِ أَعْلَامُ الْقُرْآنِ وَمِثْلُهُ (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) يَعْنِى بِكُمْ. وَقَالَ أَنَسٌ بَعَثَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم خَالَهُ حَرَامًا إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ أَتُؤْمِنُونِى أُبَلِّغُ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ.
7530 -
حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّىُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِىُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ
ــ
({ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة:10] هذا حكم الله) أي وقع ذلك موضع هذا لأنه إشارة إلى الحكم المذكور قبله ({لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] لا شك) أشار إلى أن إطلاق الريب على الشك مجاز، لأن الريب لغة: القلق واضطراب النفس، والشك: يوجب القلق، فأطلق لفظ السبب على المسبب ({تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 2]) أي هذه مثل ذلك الكتاب في وضع البعيد موضع القريب، ومثل قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22] يعني بكم، وجه الشبه أن هذا أيضًا مصروف عن ظاهره من الخطاب إلى الغيبة. قال صاحب "الكشاف": وجه الصرف والنكتة فيه كأنه تعجب غيرهم من فعلهم، ويدعوهم إلى الإنكار عليهم، والأحسن أن يقال: وجه الصرف الدلالة على أن الجري إنما هو بإرادة الله وقدرته، ليس لمن فيها تأثير كأن المخاطبين عبث.
(وقال أنس: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خاله حرامًا إلى قومه) هذا الذي علقه هنا طرف من حديث طويل تقدم في المغازي، كانوا سبعين راكبًا ذهبوا إلى ابن عامر فغدروا بهم، كما تقدم هناك مفصلًا، وموضع الدلالة قوله:(أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم) فإنه يدل على أن قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67] يكفيه أن يبلغه إلى طائفة ثم هم يبلغونه إلى غيرهم.
7530 -
(الفضل بن يعقوب) ضد النقص (عبد الله بن جعفر الرُّقّي) بضم الراء وتشديد القاف نسبة إلى بلد بالعراق (المعتمر بن سليمان) قال الزركشي: هو معمر بضم الميم الأولى وتشديد الثانية لأن عبد الله بن جعفر لم يرو عن معتمر بن سليمان، وقال شيخ الإسلام: معمر بالتشديد ابن سليمان ليس له في البخاري حديث (سعيد بن عبيد الله) مصغر، وفي رواية
وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ الْمُغِيرَةُ أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا «أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ» . طرفه 3159
7531 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم كَتَمَ شَيْئًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْىِ، فَلَا تُصَدِّقْهُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) طرفه 3234
7532 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ «أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا، وَهْوَ خَلَقَكَ» . قَالَ ثُمَّ أَىّ قَالَ «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ، أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» . قَالَ ثُمَّ أَىّ قَالَ «أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» . فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَاّ بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) الآيَةَ. طرفه 4477
ــ
أبي زيد: عبد مكبر، والأول أصح (زياد) بكسر الزاء بعده ياء مثناة من تحت (حية) بفتح الحاء وياء مثناة تحت مشددة.
7531 -
(أبو عامر العقدي) بفتح العين والقاف عبد الملك حديث عائشة: من حدثك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئًا من الوحي فلا تصدقه، استدلت على ذلك بعموم لفظة ما، وقد سلف في سورة المائدة شرحه.
7532 -
وحديث ابن مسعود أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر، سلف مرارًا. وموضع الدلالة على الترجمة أن ما أنزل إليه أعم من القرآن وغيره، وما يقال: يحتمل أن تكون الآية نازلة حين أضاف فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما استنبط من معناه، فلا يعول عليه لأن قول ابن مسعود (فأنزل الله تصديقها) بالفاء، ولفظ التصديق يرده، والحمل